أحمد بن عبية أحمد بن عبية: أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن عبية، شيخ العالم الواعظ المذكور شهاب الدين قاضي القدس الشريف الشهير بابن عبية المقدسي الأثري الشافعي نزيل دمشق. ولد في ثاني عشر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمئة، واشتغل بالقدس الشريف وحصل، وولي قضاء بيت المقدس، وامتحن بسبب القمامة، ثم رحل إلى دمشق وقطن بها ووعظ وذكر الناس بالجامع الأموي، وله شعر لطيف وخط حسن، وقرأت بخطه أنه بات في بيت بعض إخوانه، وكان بقرب ناعورة على النهر تدور وتئن فقال:
وناعورة أنت فقلت لها: اقصري | أنينك هذا زاد للقلب في الحزن |
فقالت: أنيني إذ ظننتك عاشقا | ترق لحال الصب قلت لها: إني |
عزمت على الترحال من غير علمها | فقالت وزادت في الأنين وفي الحزن |
لقد حدثتني النفس أنك راحل | فزاد أنيني قلت: ما كذبت إني |
بأبي أزج حواجب وعيون | سلب بصاد للقلوب ونون |
ففؤادي المعتل منه ناقص | بمثال ذاك الأجوف المقرون |
يا نظرة قد أورثت قلبي الردى | بأبي جفون معذبي وجفوني |
نظرت غزالا ناعسا يرعى الكرى | فهي التي جلبت إلي منوني |
قال العذول: وقعت في شرك الهوى | فأجبت هذا من فعال عيوني |
يا قاتل الله العيون فإنها | حكمت علينا بالهوى والهون |
خدعوا فؤادي بالوصال وعندما | ثبت الهوى في أضلعي هجروني |
هجروا ولو ذاقوا الذي قد ذقته | تركوا الصدود وربما وصلوني |
لم يرحموني حين حان فراقهم | ما ضرهم لو أنهم رحموني |
ومن العجائب أن نسوا ودي ومن | ودي لهم كل الورى عرفوني |
ما مخلصي في الحب من شرك الهوى | إلا بمدح المصطفى المأمون |
زين الأعارب في القراع وفي القرى | ليث الكتائب لم يخف لمنون |
بدر تبدى في حنين للوغا | فسبى عداه بصارم وحنين |
في البأس ما في الناس مثل محمد | كلا، ولا في الحسن والتمكين |
هو فاتح كالحمد أول سورة | وجميع أهل القرب كالتأمين |
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1977) , ج: 1- ص: 125