الحرقة وهي هند بنت النعمان بن المنذر ترجمتها جاء في الأعلام للزر كلي أنها حرقة بنت النعمان بن المنذر بن المنذر بن امرئ
القيس, من بني لخم. شاعرة, من بيت الملك في قومها بالحيرة.
وقد فرق بينها وبين بنت أخرى للنعمان عرفت بهند (الصغرى) , وذكر أنه لما غضب كسرى على أبيها النعمان وحبسه ومات في حبسه, ترهبت ولبست المسوح.
وقد عمرت إلى ما بعد ظهور الإسلام وفتح الحيرة من قبل خالد ابن الوليد. زارها المغيرة بن شعبة والحجاج. وقدرت وفاتها عام 74 هـ.
المناسبة
طلبها كسرى من أبيها النعمان زواج, فأنف أن يزوجها من أعجمي, فجند كسرى الجنود وفتك بالنعمان, وهربت الحرقة ملتجئة إلى بوادي العرب في خفاء.. بلغها وهي في بني سنان أن كسرى أرسل جندا إلى بكر بن وائل فأرسلت تنذرهم بهذه الأبيات: (من الوافر)
ألا أبلغ بني بكر رسولا | فقد جد النفير بعنقفير |
فليت الجيش كلهم فداكم | ونفسي والسرير وذا السرير |
كأني حين جد بهم إليكم | معلقة الذوائب بالعبور |
فلو أني أطلقت لذاك دفعا | إذا لدفعته بدمي وزيري |
لم يبق في كل القبائل مطعم | لي في الجوار فقتل نفسي أعود |
ما كنت أحسب والحوادث جمة | أني أموت ولم يعدني العود |
حتى رأيت على جراية مولدي | ملكا يزول وشمله يتبدد |
فدهيت بالنعمان أعظم دهية | ورجعت من بعد السميذع أطرد |
وغشيت كل العرب حتى لم أجد | ذا مرة حسن الحفيظة يوجد |
ورجعت في إضمار نفسي كي أمت | عطشا وجوعا حره يتوقد |
موتي بعيد أبيك كيف حياتنا | والموت فهو لكل حي مرصد |
يا نفسي موتي حسرة واستغني | سيضم جسمك بعد ذاك الملحد |
خاب الرجا, ذهب العزا, قل الوفا | لا السهل سهل لا نجود أنجد |
جمدت عيون الناس من عبراتها | وقلوبهم صم صلاد جلمد |
لا يرحمون يتيمة محزنة | مقتولة الآباء نضوا تطرد |
تبغي الجور فلا تجار وقبل ذا | كان المنادي للجوار يسود |
فالموت فيه فرجة فتأيدي | ليس المفزع قلبه يتأيد |
أف لدهره لا يدوم سروره | ولخصب عيش غضة يتنكد |
ما الدهر إلا مثل ظل زائل | وبدور شمس فارقتها الأسعد |
وصروف هذا الدهر أعظم مطلبا | للأعظمين هلاكهم يتودد |
أفهل رأيتم أسفلا يفني كما | يفني الأعالي الأسمحون السؤدد |
لا ما أظن وللزمان بقية | ووضيع قوم في الدنا لا ينجد |
قومي تهيي للممات فإنه | أولى بذي حزن إذا لا يسعد |
حافظ على الحسب النفيس الأرفع | بمدججين مع الرماح الشرع |
وصوارم هندية مصقولة | بسواعد موصولة لم تمنع |
وسلاهب من خيلكم معروفة | بالسبق عادية بكل سميذع |
واليوم يوم الفصل منك ومنهم | فاصبر لكل شديدة لم تدفع |
يا عمرو يا عمرو الكفاح لدى الوغى | يا ليث غاب في اجتماع الجميع |
أظهر وفاء يا فتى وعزيمة | أتضيع مجدا كان غير مضيع |
رغمنا بعمرو أنف كسرى وجنده | وما كان مرغوما بكل القبائل |
هذا قصارى الأمر فاحمل محسرا | لكميك ما بين الظبا والذوابل |
لقد حاز عمرو مع قبائل قومه | فخارا سما فوق النجوم الثواقب |
هم قلدوا لخما وغسان منة | بسمر القنا والعاديات الشوازب |
وكل غلام بالمكرة باسل | أبي (جريء) للحروب مطالب |
يقلب عسالا ويندب صارما | ويلبس يوم الروع ثوب المحارب |
حمتني بنو شيبان والحي تغلب | بقب المذاكي وسيوف القواضب |
نجوت بعمرو من مطامع كيسر | وعدو شهاب يوم روع المقانب |
ولله مولاهم جدابة نعم ما | يدبر في كل الأمور اللوازب |
بأسمر عسال وأبيض قاطع | وأكمت وردي وعين مراقب |
وكم فرج منه علينا بغارة | وكم حملة يوم التقاء الكتائب |
المجد والشرف الجسيم الأرفع | لصفية في قومها يتوقع |
ذات الحجاب لغير يوم كريهة | ولدا الهياج يحل عنهم البرقع |
نطقاء لا لوصال خل نطقها | لا بل فصاحتها العوالي تسمح |
لا أنس ليلة إذ نزلت بسوحها | والقالب يخفق والنواظر تدمع |
والنفس في غمرات حزن فادح | ولهم الفؤاد كئيبة أتفجع |
مطرودة من قتل أبوتي | ما إن أجار ولم يسعني المضجع |
ويئست من جار يجير تكرما | فتحل عن عيسي لديه الأنسع |
وأتاني الراعي يحف قناعها | فأجرت واندملت هناك الأصلع |
وتواردوا حوض المنية دون أن | تسبى خفيرة أختم واستجمعوا |
وألح كسرى بالجنود عليهم | وطميح يردف بالسيوف ويدفع |
كم زادهم من غارة ملمومة | بالقب تعطب والأسنة تلمع |
وهم عليه واردون بطرفهم | والنصر تحت لوائهم يترعرع |
حتى غدا الفرس في أجناده | والقول جرحى والمذاكي ظلع |
فهناك أرجفت البلاد ومن بها | الأحياء من يمن ومن يتربع |
وتحيروا فشفت صفية مفخرا | ودعت قبائل شرها لا يقلع |
منها شهاب مع ظليم وشعثم | وجدابة في حرها يتلفع |
آجامها فيها الصوارم والقنا | والسابرية والوشيج الشرع |
فرأيت عند الخيل فيها شعثما | مثل الحمام إلى المورد يقلع |
وجدابة كالفحل يضرب أينقا | وشهاب يضرب بالحسام ويوجع |
فبيننا نسوس الناس والأمر أمرنا | إذا نحن فيهم سوقة نتنصف |
فأف لدنيا لا يدوم نعيمها | تقلب تارات بنا وتصرف |
صان لي ذمتي وأكرم وجهي | إنما يكرم الكريم الكريم |
المكتبة الأهلية - بيروت-ط 1( 1934) , ج: 1- ص: 21