الشيخ حسين بن علي البصير الحلي المعروف بابن زقوم
ولد أكمه في الحلة عام 1290 كما أرخه اليعقوبي أو 96 كما وجدن في مسودة الكتاب وتوفي سنة 1329 ونقل إلى النجف الأشرف فدفن فيه.
وزقوم لقب أحد أجداده وبه تعرف أسرته اليوم. ننقل ترجمته مما ذكره الشيخ محمد علي اليعقوبي النجفي في مجلة الاعتدال النجفية ومما وجدن في مسودة الكتاب فنقول:
نشأ في الحلة بين أدبائها وتخرج بالسماع من الأدباء والفضلاء وكان متوقد الذهن قوي الحافظة شديد الذكاء حفظ القرآن الكريم في صغره وقرأ شيئا كثيرا من الفقه والتفسير على العالم المعروف السيد محمد القزويني وكان سريع البديهة نظم الشعر الجيد المطبوع حتى عبر عنه ببشار الفيحاء وقد أشار إلى ذلك في إحدى قصائده بقوله:
ولي أدب زان بين الورى | بديع القوافي بتبيانها |
فبعض دعاني بشارها | وبعض دعاني بحسانها |
بذكراها يلذ لي الهيام | فكيف إذا يلوح لي الوشام |
أسوم وصالها فتقول كبرا | أما تدري وصالي لا يسام |
ومن خلف اللثام بها فؤادي | يهيم فكيف لو كشف اللثام |
ومما زادني كلفا ملام | العذول وبالهوى يغري الملام |
يقول أما علمت هوى العذارى | حمام قلت لذ لي الحمام |
أما وفتور ألحاظ مراض | بأحشاء المحب لها سهام |
كأني والعذول على هيامي | بها العيوق والبدر التمام |
مهفهفة لها طرف سقيم | إلى جسمي سرى منه السقام |
وقال المرجفون لها ضرير | وهل عشق الضرير لها حرام |
هبوا أني ضرير العين لكن | بصير هوى ولي شهد الغرام |
يعز عليكم سهري وأنتم | أعز الله مجدكم نيام |
حيتك ترفل بالحرير | هيفاء كالقمر المنير |
بجناس مطلق حسنها | عدمت مراعاة النظير |
ما بين بارق ثغرها | وعقيقه حلب العصير |
يال حلة بابل | ظبياتكم سحرت ضميري |
ما ضرها لو أنها | جادت بوصل للضرير |
قولوا لظبية حكيم | الله في العاني الأسير |
كم في حمى الأكراد من | غيداء تهزأ بالبدور |
ريا المراشف والمعاطف | والروادف والحصور |
لم انس أياما بهن | خلعت عن نسكي ستوري |
ولبست أثواب العناق | يزرها لثم الثغور |
ومما شجاني أنني بين معشر | لهم ثروة أخفت وجوه المعائب |
يقولون ان الفقر صعب فقلت وا | أسى يلتظي بين الحشي والترائب |
أرى أصعب الأشياء في الدهر هينا | إذا لم تصب عرضي سهام المثالب |
وقالوا ترى أعلى المراتب امرة | فقلت لهم في العلم أعلى المراتب |
طلاق الرجال العزل عن كل منصب | كمثل طلاق الغانيات الكواعب |
لحى الله أقواما علي لحقدهم | قلوبهم محشوة بالعقارب |
ولو ل دهري أنصفوني لكنت في | زمانهم كالبدر بين الكواكب |
فما كل من قال القريض بتاعر | ولا كل من أجرى اليراع بكاتب |
يا نافرا عني ولست بمذنب | ما ذا جن الصب حتى تنفرا |
يا أيها الظبي الذي بخدوده | جمر على ماء الجمال تسعرا |
رضوان جنة وجنتيك أباح لي | من خمر ريقك في الهوى ان اسكرا |
أحسبت أني منك اطلب منكرا | الله يعلم لست اعرف منكرا |
قالوا أ تعشق من بشمس جماله | يسبي البدور وأنت أعمى لا ترى |
فأجبتهم ان كان عيني لا ترى | منه الجمال ففي فؤادي صورا |
ولقد أقول لمن يشبه وجهه | بالبدر كم بين الثريا والثرى |
ظهرت علي من الغرام أدلة | بهو ليس لآيها تأويل |
سقم وفيض مدامع وتأوه | كل على شوقي إليه دليل |
رشا إذا ما مال قلت لعاذلي | أرأيت غصن ألبان كيف يميل |
يا أيها الرشا الغني بحسنه | وعلى المتيم بالسلام بخيل |
وى اقبل ورد خدك مرة | فاسمح فليس يضرك التقبيل |
رق العذول لما لقيت من الهوى | ومن العجائب أن يرق عذول |
خبر الصبابة قد روته دموعي | عما أجنت من هواك ضلوعي |
وتحدثت عني العواذل في الملا | علنا بسر محبتي وولوعي |
ولقد جزعت من الفراق وأنني | لولا فراقك لم أكن بجزوع |
لله أيام الوصال فإنها | كانت بمن و زهر ربيع |
أيام أنس بالحبيب قضيتها | يا حبذا لو عاودت برجوع |
حيث الحبيب وله جار لنا | والشمل مجتمع بغير صدوع |
بانوا فلو لا حر نار تنفسي | أوشكت أغرق في بحار دموعي |
يا غائبين قضيتي بهواكم | قد أنتجت قتلي فأين شفيعي |
جرتم ولو عدل الزمان بحكمه | يوما لأنصف صبوتي وولوعي |
أشكو الزمان لأن أيسر فعله | رفع الوضيع ووضع كل رفيع |
حياك من نوء السحائب مغدق | وادي أحبتي الأولى لا الأبرق |
ناديت من خوف الرقيب وقلت هل | من شربة يا ل هذا المورد |
ما الماء من طلبي ولكن ربما | لمست إذا مدت إلى يدها يدي |
ماست فمس الترب منها المعجر | وغدا الثرى من نشره يتعطر |
تختال في حلل الجمال كأنها | بدر على غصن بدر مثمر |
وتخال منها الخال مسكا أذفرا | لا دونه المسك الذكي الأذفر |
والغصن يثنى عن تثني عطفها | والظبي من لفتاتها متحير |
حورية جنات عدن خدرها | قد أزلفت ورضاب فيها الكوثر |
يا جنة فيها أعد عذاب من | أضحى لآية حسنها يتدبر |
أتراك تصدر من منل وصلها | يا قلب اني لا أخالك تصدر |
اني بذاك وقد حما أبيض | من لحظها ومن القوام الأسمر |
ومن الحواجب أسهم ثعلية | ومن الخدود لظى تشب وتسعر |
أبو علا النظم أضحت كنيتي فلذا | أصبحت فيه معرى الكيس من نشب |
قالوا نراك فقيرا قلت ويحكم | انا الغني ولكن ثروتي أدبي |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 6- ص: 95