السيد عباس بن علي بن نور الدين علي أخي صاحب المدارك ابن علي بن الحسين أبي
الحسيني الموسوي العاملي المكي صاحب نزهة الجليس
ولد في مكة المكرمة سنة1110 وتوفي في جبشيت في جبل عامل في حدود سنة 1179 وقد قارب السبعين وكان جده نور الدين هاجر إلى مكة فولد أبوه فيها وولد هو فيها أيضا. ذكره صاحب حديقة الأفراح فقال: فصيح ألبسه الله حلة الكمال وبليغ نسج القريض على أبدع منوال.
وذكره الشيخ علي السبيتي في المحكي عن كتابه في شرح قصيدة علي بك الأسعد فقال: ومنهم (أي علماء ذلك العصر) كعبة أهل الأدب وجهبذ الجهابذة في لغة العرب العباس بن علي بن نور الدين علي بن علي بن الحسين الموسوي الرحالة صاحب نزهة الجليس وغيرها من المصنفات النفسية ولد هو وأبوه في مكة حماها الله تعالى وكان له ولوع بالسياحة وقد استمرت به نحوا من أربعة عشر عاما استفاد بها فوائد جمة وكان يسترفد الملوك والوزراء وينتجع جوائزهم وسكن (المخا) في اليمن مدة شكر فيها أيادي الوزير أحمد الخزندار وولده عبد الله وله فيهما مدائح كثيرة ورجع في آخر أيامه إلى مسقط رأسه مكة فلبث فيها إلى موسم الحج تلك السنة ثم جاء مع الحاج الشامي إلى بلادنا فقطن جبشيت وتوفي هو وولده زين العبدين في سنة واحدة وله سبعون سنة تقريبا أما ولده فلم يتجاوز العشرين وعقبهما في بلادنا من السيد عبد السلام بن زين العابدين بن عباس المذكور، ولد عبد السلام هذا قبل وفاة أبيه بأيام قلائل وكان من الفقهاء والمحدثين شافهني بذلك كله حفيده المؤرخ الثقة السيد عباس بن عيسى بن عبد السلام عن أبيه السيد عيسى المشهور وذريتهم ميمونة صالحة تعرف ببيب عباس وفيهم الفقهاء والأدباء وهم بطن من بيت أبي الحسن وهو من بيوتاب العلم واشتهر منهم في هذا القرن صدر الدين بن صالح كان في أصفهان علم أعلامها ومرجع خواصها وعواملها أدركنا أيامه ولم نلقه وله في أصفهان ذرية نابغة. (انتهى) له أشعار كثيرة بالفارسية والعربية وكان يحن الفارسية والهندية وعرب كثيرا من شعر سورداس الشاعر الأعمى الهندي الشهير وله كتاب تاريخ اسمه أزهار الناظرين في أخبار الأولين والآخرين ذكره في عدة مواضع في نزهته وله كتاب نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس طبع في مصر في مجلدين عام 1293 صنفه في (المخا) باسم الوزير أحمد بن يحيى الخزندار، موضوعه وصف رحلته ولكنه ينتقل في أثنائها إلى ذكر تراجم وفوائد لمناسبة وغير مناسبة ووصف البلدان التي شاهدها فهي رحلة وكشكول معا.
ومن شعره الذي أورده صاحب حديقة الأفراح قوله في صدر كتاب أرسله إلى الأمير ناصر في (المخا) شاكيا إليه صاحب السبار:
قل للأمير أدام الله دولته | ما هكذا شرط جار الجنب بالجار |
قد استجرت بكم من كافر دنس | فظ غليظ لئيم نسل كفار |
يعطي السبار إلى من يشتهي وأنا | يعطي سباري بإقتار وإعسار |
في مثل ذا الشهر شهر الله ليس لنا | قوت لأجل سحور أو لإفطار |
والغير يعطيه ما يهواه خاطره | من الطعام ومن بر ودينار |
ولم يفد معه تأكيدكم أبدا | في حق جاركم يا عالي الدار |
لو أن لي غير هذا الرزق ما نظرت | عيني له قط في سري واجهاري |
لكن مولاي يدري مالنا أبدا | سوى السبار الذي يأتي بمقدار |
لا تحوجني لبيت قيل من قدم | حتى غدا مثلا بين الورى جاري |
المستجير بعمرو عند كربته | كالمستجير من الرمضاء بالنار |
وكيف لا أشكو من الدهر وذا | كيسي حكي فؤاد أم موسى |
قد كنت فردا آمنا منعا | ومن معاناة النسا محروسا |
لما تزوجت رأيت الهم قد | أتى لنا مبرطما عبوسا |
وصار ما بيني وبين راحتي | حرب حكي صفين والبسوسا |
حث الركاب عن المخا إذا أصبحت | بلدا تذل بها الكرام وتخضع |
مابين ساحلها وباب الشاذلي | نغل يغيب وألف نغل يطلع |
طوبى لمن أمسى وأصبح نازحا | عنهم ولا يدري بهم أو يسمع |
ما ذقت طعم العيش إلا بعد أن | فارقتهم وقنعت فيمن يقنع |
ولزمت بيتي راضيا بقضائه | وإلى الإله المشتكي والمفزع |
صحبت كتبي لست أبغي غيرها | خلا جليسا فهي منهم أنفع |
حتى أفوز بما أريد فمطلبي | أني إلى وطني وأهلي أرجع |
بلد به صحبي الكرام ومولدي | بلد به البيت العتيق الأرفع |
فعساك تنجدني بصالح دعوة | فالله ربي يستجيب ويسمع |
دموع عيني بما تخفي الجوانح وشن | وعلي غار الهوى من كل جانب وشن |
وأنت يا من شحذ أسياف لحظة وسن | تروم قتلي بها بالله بين لي |
من جوز القتل في شرع المحبة وسن | وأرسل للسيد نصر الله الحائري |
أيا عباس السباق | بالأعذار للجاني |
ويا من جود راحته | جني جناته داني |
بعثت لنا بعاجي | وأصفر ما له ثاني |
كجبهة فاتن غنج | وجبهة مغرم عاني |
هلالا أفق كل دجى | ولكن لا يغيبان |
لكفي معهما أبدا | علاقة قلب ولهان |
فإمساك بمعروف | وتسريح بإحسان |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 7- ص: 428