الشيخ عبد الحسين بن عبد علي ابن الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر
ولد سنة 1282 في النجف وتوفي فيها سنة 1335 ودفن بمقبرة آبائه, كان عالما فاضلا أديبا شاعرا مشاركا في الفنون رأيناه في النجف ومن شعره قوله:
غنى عن الراح لي في ريقك الخمر | ومن محياك عن شمس وعن قمر |
يا نبعة البان لا تجني نضارتها | للعاشقين سوى الأشجان من ثمر |
لي منك لفتة ريم من هلال دجى | بغيهب من فروع الجعد مستتر |
يهتز غصن نقا يعطو بجيد رشا | يرنو بذي حور يفتر عن درر |
توقدت كفؤاد الصب وجنته | فماج ماء الصبا منها بمستعر |
زاد كرب البلا بهم فكان الـ | ـقلب فيهم مشاهد كربلاءا |
شد ما قد لقي بها آل طه | من رزايا تهون الإزراءا |
مزقتهم بها الحوادث حتى | عاد أبناء أحمد أنباءا |
جمعت شملهم ضحى فعدا الخطـ | ـب عليهم ففرقتهم مساءا |
وابوا لذة الحياة بذل | ورأوا عزة الفناء بقاءا |
يتهادون تحت ظل العوالي | كالنشاوى قد عاقروا الصهباءا |
أوجب المصطفى عليهم حقوقا | أحسنوها دون الحسين أداءا |
وقضوا تشرب القنا السمر والبيـ | ـض دماهم حول الفرات ظماءا |
يا بنفسي لهم وجوها يود الـ | ـبدر منها لو استمد السناءا |
تعسا لكم ولما ارسلتموه من التـ | ـمر المشوه لنا من بعد أيام |
قد كنت أكره أعمامي وفعلهم | فصرت أكره أخوالي وأعمامي |
أما وهواك يا غيظ الحسود | لغير علاك لا أهدي قصيدي |
رحلت ولي لبينك أي شوق | نفى عن ناظري طيب الهجود |
عفا للدهر كدر فيك صفوي | وبدل بيض أيامي بسود |
نشدتك هل يعود زمان لهوي | فيورق في نمير الوصل عودي |
وترجع فيك أوقات تقضت | وأنت بهن ريحاني وعودي |
لأنت وإن بعدت مثال عيني | فبي أفديك من دان بعيد |
لقد دب في جسمي هواك ومهجتي | فجسمي من معنى هواك مجسم |
أباحك مني موضع السر في الحشا | غرامي فما لي منك سر مكتم |
وقد ألفت روحي الغرام فها أنا | أقل صفاتي فيك أني مغرم |
أوضحت لي بهواك عذرا | لو أستطيع عليه صبرا |
وشرعت لي نهجا سلكت | من الصبابة فيه وعرا |
وأذاقني طعم الهيام | هواك فاستحليت مرا |
وجلوت لي كأس الغرام | فلن أفيق الدهر سكرا |
كم عبرة أطلقتها فغدت | بأسر الشوق أسرا |
ميل النزيف أميل من | شغف وما عاقرت خمرا |
تذكي لواعج صبوتي | ذكر الحمى والشوق ذكرا |
وزمان أنس مر ما | أمرى زمان فيه مرا |
ولياليا شق السرور على | الندامى منك فجرا |
مع كل منكسر الجفون | إليه أهدى الغنج كسرا |
قد اطلعت شمس الطلا | منه بليل الجعد بدرا |
أجامع شمل المجد لولاك لم تكن | لتجمع أشتات العلا والمفاخر |
توسمت الآمال فيك أخا ندى | به زجر الإقبال أسعد طائر |
وألقى له إقليده الفخر فاحتبى | بدست المعالي خير ناه وآمر |
لقد طبق الدنيا علا ومكارما | تشع كأمثال النجوم الزواهر |
سعيت إلى العليا لتصلح شأنها | لما كابدت من داء وجد مخامر |
بإنعام غيث عم نائل جوده | وإقدام ليث في شرى المجد خادر |
وجدت بها للمجد نفسا كريمة | تقي عند أطراف القنا المتشاجر |
ففرقت جمع القوم تفريق حازم | بعزمك لا بالمرهفات البواتر |
وحزت الذي أملته غير ناكص | وما رجعوا إلا بصفقة خاسر |
لك كم أودع البلاغة سرا | قلم في الطروس ينفظ سحرا |
ولكم فصل المعاني عقودا | ببديع البيان نظما ونثرا |
كلما مج ريقه العذب فيها | ملت سكرا به وما ذقت خمرا |
ما جرى في الطروس إلا عليها | سلسبيل الفصاحة العذب أجرى |
تتحلى منه بنظم عقود | بنظام العقد المفصل أزرى |
عبقتنا منه النوافح طيبا | منه نروي نوافح المسك نشرا |
لو رأى الصاحب بن عباد أملاه | لما صاحب الوزارة جهرا |
وبه ابن العميد عاد عميدا | ليس يستطيع عن معانيه صبرا |
أو لتحريره الحريري يرنو | لرأى أنه به منه أحرى |
فلكم زف من عرائس فكر | كان مد الخفا عليهن سترا |
كل محجوبة أليفة خدر | ليس ترضى لها سوى الغيب خدرا |
برزت بالهنا تطوق جيدا | وبدر الثنا توشح خصرا |
لست أحصي أدنى صفاتك عدا | أو أستطيع للكواكب حصرا |
لكتاب ألفته محكم الذكر | هدى للأنام فيه وذكرى |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 7- ص: 439