الشيخ مهدي الحجار ولد سنة 1322 وتوفي 1358 في النجف. هو ابن داود بن سلمان بن إسماعيل، وكان جده سلمان وهابيا ينتمي إلى فخذ الشيخان من عشيرة الجبور العشيرة العراقية الساكنة في ناحية القاسم من قضاء الهاشمية وفي الإسكندرية، وكان أجداده ممن سكن الإسكندرية ثم انتقل سلمان إلى الكوفة سنة 1319 وعمل هناك في الحقول فلاحا مع الفلاحين وفي هذه الفترة انتقل إلى المذهب الشيعي ثم توفي سلمان في الكوفة تاركا ولده داود والد المترجم فولد لداود عدة أولاد منهم عبد الرضا وكان يجيد نظم الشعر الشعبي وهادى وكان ناديا للحسين ع وكاظم ثم المترجم.
وكان داود اميا يشتغل باستخراج الأحجار من انقاض الحيرة القديمة وبيعها في الكوفة ومن هنا لقب بالحجار.
نبوغه
رأينا ان المترجم نشا فقيرا في بيئة جاهلة ولكنه كان عصاميا طموحا طموحا فسمت همته إلى الدرس والمطالعة فقرأ أول الأمر في الكوفة ثم انتقل إلى النجف حيث تابع دراسته في المقدمات ثم فيالفقهوالأصول، وكان من اساتذته الشيخ آغا ضياء العراقي والشيخ احمد كاشف الغطاء والشيخ حسين النائيني والشيخ جواد البلاغي. كما درس عليه نخبة من الطلاب برزوا بعد ذلك وتوفقوا.
أطوار حياته
لقد عاش فقيرا معوزا ولكن عفيفا مجدا، وكان كل ما حوله يثبط الهمم ولكنه صمد للزمن صمودا كريما فلم تثبط همته حتى غدا من اعلام النجف فضلا وعلما وأدبا وشعرا، ولكن ظلت حياته ضيقة إلى ان احتضنه مرجع عصره السيد أبو الحسن الاصفهاني فأرسله معتمدا من قبله إلى ناحية المعقل في البصرة.
ويصفه بعض الباحثين في هذه الفترة من حياته بقوله: لقد تجلى كرمه حين تفتحت عليه الدنيا في البصرة بما كان يغدقه على الضيوف ويصل به ذوى الحاجات من الطلاب والفقراء الذين يقصدونه هناك.
كما وصفه في موضع آخر بقوله: بدأت قريحته تتفتح عن أشعاره الأولى ولما يبلغ الحلم واستهوته النوادي الادبية والحفلات العلمية والشعرية في النجف الأشرف، ويمكننا ان نعتبر تلك النوادي مدرسته الأولى.
وشاعت جوانب ثقافته فاخذ يشترك في مطارحات الشعراء وأحاديث الأدباء وقد لمع نجمه وأخصبت شاعريته.
وقال يصف إقامته في البصرة: حين انتقل إلى البصرة أصبح مطمح الأنظار ومثار إعجاب مختلف الطبقات، فكان ديوانه دكة القضاء وندوة الأدب ومدرسة التوجيه الإسلامي الصحيح ومعهد الخير ومأوى البؤساء والفقراء. وقد ظل في البصرة خمس عشرة سنة داعية صلاح ونصير إصلاح وفيها توفي ونقل جثمانه إلى النجف الأشرف حيث دفن في وادي السلام بعد ان صلى عليه السيد أبو الحسن الاصفهاني.
ووصفه في كتاب شعراء الغري قائلا: عالم فقيه أديب شاعر اصولي ضليع، وهو بحق مكون جيل خاص.
شعره
من شعره قوله من قصيدة:
يا حر رأيك لا تحفل بمنتقد | ان الحقيقة لا تخفى على أحد |
ان تلق ذما على رأى تجد مدحا | وأنت في البين لم تنقص ولم تزد |
وهل على الشمس بأس حين لم ترها | عين أصيبت بداء الجهل لا الرمد |
يا أيها الوطن المحبوب رحلتنا | وقفا عليك غدا أو لا فبعد غد |
آسي على ضيعة الأخلاق منك وذا | قلبي لأجلك مطوي على الكمد |
هذى بنوك صواد عن معارفها | وكيف يمكث ذوري بجنب صدى |
ليس المقام على الإرغام من شيمي | أقصى البلاد أدنى الابا بلدي |
اني أقول ونظم الشهب من كلمي | كما أصول ونصر الله من مددي |
عن كل شائنة في معطسي شمم | لكن على بيعة الرضوان هاك يدي |
عندي من المتنبي خير عاطفة | روح الحماسة حلت منه في جسدي |
ومصلح فاه بالتنزيه ليس له | غير الحقيقة اي والله من صدد |
تاس يا محسن فيما لقيت بما | لاقاه جدك من بغي ومن حسد |
انا على عامل تاسى لان بها | من لا يفرق بين الزبد والزبد |
سيروا شبيبتنا لكن على خطط | قد سنها الدين في منهاجه الجدد |
لا تجعلوا لسقيم الذوق منتقدا | عليكم واحذروا من أعين الرصد |
انا لنامل فيكم ان شعبكم | يعود ملتئما في شمله البدد |
أ مقلدا حكم الشريعة فالورى | تبع لرأيك إذ رأيك مقلدا |
رأت الشريعة منك أكبر قائد | فرمت إليك زمامها والمقودا |
والعلم مثل البحر هذا غائص | فيه وهذا منه ما بل الصدا |
حيتك طالعة بحسن المطلع | ومن اللطافة خلتها لم تطلع |
هبطت تمثل في بدائع صنعها | في عالم الأكوان صنع المبدع |
ان لم تشاهدها بعينك فهي في | عين البصيرة بالمحل الأرفع |
ما العالم الموجود غير صحيفة | رقمت بأتقن صورة وبابدع |
ابدى بها قلم القدير يراعه | رتع البيان بها بأخصب مرتع |
آياتها تتلى وكم من سامع | مستكبرا ولى كان لم يسمع |
يا احمد الفضل الذي أخلصته | ودى فاسعدني على حاجاتي |
انا قد غرقت ببحر علمك والندى | فابعث إلي سفينة لنجاتي |
يا أيها المولى الذي لم تزل | أخلاقه تزري بنشر العبير |
اني أخلصت لكم بالولا | مذ كنت شيعيا بحب (الأمير) |
لكن من ودكم مخلصا | فأكله الملح وخبز الشعير |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 147