راجح الحلي راجح بن إسماعيل الأسدي الحلي، أبو الوفاء: شاعر، من أهل الحلة. تردد إلى بغداد واتصل بولاتها. وهاجر إلى حلب. وحظي عند الأيوبيين في دمشق، فاستقر فيها إلى أن توفي.
قال الحافظ المنذري: ينعت بالشرف (شرف الدين) مدح جماعة من الملوك وغيرهم بمصر والشام والجزيرة، وحدث بشئ من شعره بحلب وحران وغيرهما.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 3- ص: 10
راجح الحلي الشاعر راجح بن إسماعيل بن أبي القاسم الأسدي أبو الوفاء الشاعر الحلي. دخل الشام وجال في بلادها ومدح ملوكها ونادمهم. وكان فاضلا جيد النظم عذب الألفاظ حسن المعاني. وتوفي بدمشق سنة سبع وعشرين وست مائة ومولده سنة سبعين وخمس مائة. ومن شعره:
يا سعد تلك رسوم سعدى | فاحبس فما للعيس مغدا |
قف لي أرجع أنة | بعراصها وأبث وجدا |
دمن بها ماء الجفو | ن يزيد نار القلب وقدا |
سقيا لها حيث الظبا | ء يصدن باللحاظ أسدا |
وبكاء عين سحابها | يستضحك الزهر المندى |
أيام أجني لهوها | غضا وأجني العيش رغدا |
والطل ينظم درة | في جيد غصن البان عقدا |
يا معهدا ضيعت فيـ | ـه حشاشتي وحفظت عهدا |
ما بال أثلك ضوعت | نفحاته بانا ورندا |
وأراك قفرا من مها | ك فكيف حال ثراك ندا |
قل لي أجرت فوقه | سعدى غداة البين بردا؟ |
أم حملت ريح الصبا | نشرا ألم به فأعدى |
واها لقلب مثلت | خفقاته للقلب نجدا |
ولزور طيف هاج لي | مسراه وجدا مستجدا |
إني لأعجب، والمدى | متقاذف، أنى تهدى |
وأغن يمزج عجبه | ودلاله بالوصل صدا |
كالحقف ردفا والقضيـ | ـب تأودا والورد خدا |
وسنان ما طرف السنا | ن كطرفه طرفا وحدا |
ساجي اللواحظ كم رنا | متعطفا لو كان أجدى |
يا من يحل عزائمي | إن شد فوق الخصر بندا |
ته كيف شئت فما أرى | لي عنك مهما عشت بدا |
أيا الله يوم صح فيه | سروي وهو معتل النسيم |
وصبح الكأس يطلع شمس راح | تنير على ندامى كالنجوم |
نقبلها ويسترنا أبوها | فكم للكرم من فعل كريم |
وذي هيف في البان منه وفي النقا | مشابه جلت أن تضم وتهصرا |
تأود غصنا فاجتنيت صبابة | وصدت غراما إذ تلفت جؤذرا |
وأرخى على ديباجة الخد صدغه | فسبحان كاسيه الجمال مشهرا |
وليلة صحت لي مواعيد وصله | وقد كان منها جانب الزور أزورا |
خلوت به أشكو جوى خامر الحشا | ومورد حب لم أجد عنه مصدرا |
وعاطيته عذراء لم يك عطفه | وقد أخذت من عطفه متعذرا |
شمولا تمشت في شمائله فلم | تدع جانبا من خلقه متوعرا |
فيا منة للسكر أصفيت شكرها | وقد رنقت في عينه سنة الكرى |
فجاد بلفت الجيد كالظبي عاطيا | وقد سكنت منه الحميا منفرا |
أقبل برق الثغر يفتر أبيضا | وأتبعه غيثا من الدمع أحمرا |
فيا حبذا من وجهه لي جنة | وردت بها من ريقه العذب كوثرا |
فذاك رضاب سوف ينقع برده | غليل إذا يوم من الهجر هجرا |
أقطب حين أرمقه | كأني لست أعشقه |
وأحذر أعين الرقبا | ء ترشقني وترشقه |
حبيب صد عن جفني | كراه فليس يطرقه |
قصصت عليه ما يجني | علي فكدت أحرقه |
ويقسم أنه مثلي | ولكن من يصدقه |
أيا قمرا تحكم فـ | ـي مغربه ومشرقه |
ويا غصنا يؤرقني | إذا ما اهتز مورقه |
أهيم إلى سلاف با | ت ثغرك لي يعتقه |
فأصحو من تلألوه | ويسكرني تنشقه |
إذا لم تطف لوعاتي | به فلمن تروقه |
لمن سهم تفوقه | إلى قلبي فيرشقه |
وما حبب على خمر | رضابي تعتقه |
ومن هذا الذي أبدى | بديع السحر منطقه |
وماذا طارحت عينا | ه قلبا بات يعشقه |
فيا لله طرف لا | يرق له مؤرقه |
ولا أبقى سوى دمع | غداة البين ينفقه |
وذي هيف يزر على | قضيب البان يلمقه |
تثنى في ذوابته | فراق الطرف مؤرقه |
ألاحظه فلا رمق | لقلبي حين أرمقه |
ويعذب فيه تعذيبي | على خلق ينزقه |
وجاري أدمعي أبدا | على العادات يطلقه |
له خد يروقك منـ | ـه بهجته ورونقه |
فمن نار تلينه | ومن ماء يرقرقه |
فليت وصاله حظا | ينال فكنت أرزقه |
فيا رشاء متيمه | بنار الشوق يحرقه |
أما تحنو على دنف | سيول الدمع تغرقه |
أتظمي طرفه أبدا | وبالعبرات تشرقه |
فهب للمستهام كرى | لعل الطيف يطرقه |
رضيت بزورة زورا | فدع وعدا يصدقه |
وكم ليل مضى واللهـ | ـو يسرقني وأسرقه |
أدرت علي شمس الرا | ح حتى انجاب مغسقه |
على روض يروق العيـ | ـن أبيضه وأزرقه |
تمر رياحه نشوى | على روض تفتقه |
وإن نشر الخزامى فا | ح قمت إليه أنشقه |
بحيث حمامه غرد | له نغم يشوقه |
تظل الدوح راقصه | وجدوله مصفقه |
كأن مدائح السلطا | ن يتلوها مطوقه |
مليك يوسفي الخيـ | ـم محض الأصل معرقه |
من أطلع البدر في ديجور طرته | وأودع السحر في تكسير مقلته |
ومن أدار يواقيت الشفاه على | كأس من الدر يحمي خمر ريقته |
ومن لتبريد قلب بات يلهبه | ترديد ماء الصبي في نار وجنته |
ما لي وما لرشادي فيه أنشده | والغي يقتاد قلبي في أزمته |
يا مرسل الصدغ ما هذا الدلال وقد | بلغت عن طرفه آيات فترته |
أرشد سواي فقد مثلته صنما | ما ساءني أنني من جاهليته |
من لي بأغيد ساجي الطرف أجيد لا | يرضيه شيء سوى ذلي لعزته |
يجفو النسيم عليه من لطافته | والدهر ألين منه عند قسوته |
لم أنسه والدجى مرخى الإزار وقد | زار اختلاسا فأحياني بزورته |
ثنت شمائله كأس الشمول فما | قابلت منتها إلا بقبلته |
ودمت أكرع في عذب الرضاب فقل | في شاعر دأبه إفساد توبته |
فليت شعري وقد قبلت مبسمه | أمن ثنيته سكري أم ثنيته |
رتعت في ورد خديه ونرجس عيـ | ـنيه وآس عذاريه وخضرته |
فالشكر للسكر لولاه لما ظفرت | كفي بتسهيل صعب من عريكته |
لم أوت شيئا من الدنيا ألذ به | إلا وزاد عليه حسن صورته |
ما حرم العذل إلا في الغرام به | ولا التهتك إلا عند جفوته |
و لا أرانا يدا بيضاء من كرم | ترجى وتخشى سوى موسى وآيته |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0