قاسم البكرجي قاسم بن محمد البكرجي: أديب، من أهل حلب. له شعر حسن في (ديوان). وتآليف، منها (حلية العقد البديع -ط) شرح به بديعية من نظمه، و (شرح الخزرجية) و (شرح همزية البوصيري) و (الدر المنتخب من أمثال العرب -خ) و (شفاء العلل في نظم الزحافات والعلل) عروض.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 5- ص: 183
قاسم البكرجي ابن محمد المعروف بالبكرجي الحنفي الحلبي أحد العلماء الأفاضل الأديب الألمعي اللوذعي البارع الأريب حاوي فنون العلوم والماهر بالأدب منثور أو منظوم ولد بحلب وقرأ على معاصريه من أجلاء حلب وتفوق واشتهر وكان عالما بالحديث والفقه والفرائض وله قدم راسخ في العربية والفصاحة والبلاغة والبديع والشعر ونظمه حسن رائق وكان في وقته أحد المتفردين بالنظام والنثار ولم يصلني من آثاره شيء حتى أذكره هنا ومن تآليفه شرح على الخزرجية لم يسبق بمثله وشرح على الهمزية للبوصيري وبديعية استدرك فيها أشياء على من قبله ونظم الزحافات والعلل الشعرية وشرحها وغير ذلك ولم يزل كذلك إلى أن مات وكانت وفاته في سنة تسع وستين ومائة وألف ومن شعره قوله يمدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة مطلعها
أأحبابنا بالخيف لا ذقتم صدا | ولا كان صب عن محبتكم صدا |
أهيل الحمى تالله ما اشتقت للحمى | أيجمل بي أن أنشد الحجر الصلدا |
ولكن سكان الحمى ونزيله | هم ملكوا قلبي فصرت لهم عبدا |
أحن إليهم كلما حن عاشق | إلى ألفه وازداد أهل الوفا ودا |
هو المصطفى من خير أولاد آدم | وأشرفهم قدرا وأرفعهم مجدا |
وأطيبهم نفسا وأعلاهم يدا | وأثبتهم قلبا وأكثرهم زهدا |
وأعرقهم أصلا وفرعا ونسبة | وأكرمهم طبعا وأصدقهم وعدا |
نبي أتى الذكر الحكيم بمدحه | فأني يفي بالمدح من قد أتى بعدا |
ومذ شرفت من وطء أقدامه الثرى | فكانت لنا طهرا وكانت لنا مهدا |
وإن رامت المداح تعداد فضله | وأوصافه لم يستطيعوا لها عدا |
قصدتك يا سؤلي ومن جاء قاصدا | لباب كريم لا يخاف به ردا |
عليك صلاة الله ثم سلامه | إذا ما شد أشاد وتال تلا وردا |
كذا الآل والأصحاب ما انهل وابل | وما اخضرت الأشجار أو فتحت وردا |
دام السرور والهنا المؤبد | وزال عن وجه الأماني الكمد |
وكوكب السعد بدا في أفق الأقـ | ـبال حتى غار منه الفرقد |
وأصبح الكون لدينا مشرقا | ووجهه الطلق بذاك يشهد |
وارتاحت النفوس لما أن غدت | موقنة بالأمن مما تجد |
قطب العلا غوث الولا كهف الملا | في الأجتهاد رأيه مسدد |
قد زين الشهبا بحسن عدله | وسيره وهو الحكيم المرشد |
وقد غدا مداويا بطبه | علتها فصح منها الجسد |
عذرا إليك سيدي لمن أتى | يمدح من نعوته لا تنفد |
وكيف أحصى من علاك شيما | أو أبلغ المدح وكيف أحمد |
فأسلم ودم في صحة وعزة | أنت ومن تحبه يا أوحد |
هاك عهدي فلا أخونك عهدا | يا مليحا لديه أمسيت عبدا |
لا وحق الهوى سلوتك يوما | وكفى بالهوى ذماما وعقدا |
إن قلبي يضيق أن يسع الصبـ | ـر لأني فنيت عظما وجلدا |
وفؤادي لا يعتريه هوى الغيـ | ـر لأني ملأته بك وجدا |
يا مهاة الصريم عينا وجيدا | وأخا الورد في الطراوة خدا |
وشقيق الخنساء في الناس قلبا | وقضيب الأراك لينا وقدا |
كيفما كنت ليس لي عنك بد | فابحني ودا وإن شئت صدا |
وملكت الفؤاد مني كلا | فأتلفن ما أردت هزلا وجدا |
يا ليالي الوصال كم لك عندي | خلوات مع الغزال المفدى |
كم جنينا ثماركي وهي عندي | من يد كان شكرها لا يؤدى |
فسقتك الدموع من وابل الغيـ | ـث مديد البحار جزرا ومدا |
وبكتكي دما عيوني من دمـ | ـعي بديلا فهن أغزر وردا |
هل لماضيك عودة فلقد آ | ن جمال الحبيب أن يتبدى |
بنا ما بكم والحب احدى النوائب | فلا تطمعن في وصل بيض كواعب |
أخلاي نهي عنه دأب أولى النهى | وأين النهى من فعل سود الحواجب |
فدونك ما فعل الجفون بعاشق | بأهون من فعل الرماح الكواعب |
وما الأعين النجل الفواتك بالفتى | بأفتك منها فعل أبيض عاضب |
وما لفتة الظبي الشرود بجيده | كلفتة ظبي شارد في الكتائب |
ومن يبتلي بالغانيات فحسبه | من البين أن يرمي بعين وحاجب |
وقبلك صابرت الهوى فوجدته | كشهد به سم يطيب لراغب |
وعيش بلا صفو وحزن مؤبد | وعين بلا نوم وعبرة ساكب |
ووعد بلا وصل وعهد بلا وفا | وقول بلا فعل ومطلة كاذب |
ولوعة هجر في فؤاد مكابد | ونار فلا تضنى وحسرة خائب |
حنانيك لا تجزع وكن متجلدا | فعبء الهوى سهل على ذي التجارب |
فلولا الهوى ما كر في الحرب فارس | ولا حثت الركبان بيض النجائب |
وما اشتاق للأوطان قط مفارق | ولم يرع خل عهد خل وصاحب |
رعى الله قلبا بالصبابة عامرا | وألحى خليا في الهوى غير راغب |
وأسعد بالا بالغرام معذبا | وأنجح صبا سار نحو المطالب |
وفي الجد مجد جد فيه مكابدا | أبثك إن الجد أسنى المكاسب |
عليك طلاب العز في كل حالة | ولا ترض سفساف الأمور وجانب |
ألم تر أن الباز لو لم يكن به | قناص لما أعلوه فوق الرواجب |
حاولت رشفا من لمى ثغره | قال طلا شاربه يأثم |
قلت أما وجهك لي جنة | والخمر في الجنة لا يحرم |
مليح طري الخد جاد بقبلة | وقال اغتنم لثمى بغير تعلل |
فقبلته خد الوى الجيد قائلا | تنقل فلذات الهوى في التنقل |
دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 4- ص: 10