تلخلص منهج ابن عدي في الكامل بأنه يذكر كل من تكلم فيه بأدني شيء ولو كان من رجال الصحيحين لكن ينتصر له إذا أمكن، ويروي في الترجمة حديثاً أو أحاديث مما أستنكر للرجل، وهو منصف في الرجال بحسب اجتهاده.

يزاد على ذلك أنه لم يذكر أحداً من الصحابة إلا نادراً ممن أختلف في صحبته أو وهماً منه وذلك لعدالتهم جميعاً.

وقد اعتمد ابن عدي على كلام المتقدمين من أئمة الجرح والتعديل وهذا هو الأسلوب الأمثل فهم أشد ورعاً وأكثر علماً ....

لا يعلم في تاريخ الثقافة الإسلامية الطويل أن كتاباً ما بعد كتاب الله عز وجل حظي بالاهتمام والدراسة وكان حافزاً على ظهور مؤلفات عظيمة أنبت عليه واستفادت منه -مثل صحيح أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري- لقد عكف عليه العلماء شرحاً ودراسة وبحثاً في متونه وأسانيده، وحسبنا أن نعلم أن شروحه زادت على تسعين شرحاً، وما هذا إلا دليل على أهمية هذا الكتاب وعلو شأنه، وكيف لا يكون كذلك، ومؤلفه أشهر من أن يذكر عبادته وخوفه وشدة ورعه وتقواه، وهو الذي يقولك (ما وضعت في الصحيح حديثاً إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت).
وهو أيضاً في علمه وتبحره بالحديث رواية ودراية وإحاطته بطرق الأسانيد وعللها إمام الأئمة وعمدة المحققين وأمير المؤمنين في الحديث.
وكتابه: (الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلك وسننه وأيامه) امتاز بميزات كثيرة جعلته مقدماً في بابه على سائر المؤلفات.
وخصائص هذا الكتاب تعكس في حقيقة الأمر موسوعة ثقافة صاحبه وتضلعه في علوم الشريعة، وإمامته في علم العلل، وفن نقد الرجال ومعرفة أحوال الرواة.
فهو من حيث موضوعه كان أول من اقتصر على الحديث الصحيح المجرد، ولم يسبقه أحد في هذا المنهج الحديثي في التأليف، ومن حيث المادة العلمية فإنه جمع في صحيحه آلاف الأحاديث التي غطت بأحكامها وتوجيهاتها كل جوانب الحياة، ورتبها على الأبواب الفقهية ليسهل الانتفاع بها.
أما من حيث مذهبه في نقد الرواة فإنه اشترط معاصرة الراوي الثقة لشيخه، وثبوت اللقاء بينهما.
ومن حيث رجاله فإنه كان ينتقي من كان أعرفهم بحديث شيخه وأكثرهم صحبة له، ولا يخرج عن ذلك إلا في المتابعات والشواهد بشرط أن يكون الحديث مما ضبطه الراوي.
والكتاب الذي بين يدينا انتقى من مادة الكتاب موضوع "أسامي من روى عنهم البخاري من مشايخه الذين ذكرهم في جامعة الصحيح، فقام أولاً ينسخ النسخة التي بين يديه والتي هي نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق ومقارنها بنسخة للمكتبة الوطنية بتونس، جامعاً بين متن النسختين.
ثانياً: ضبط النص بالشكل التام، بما فيه الأماكن وأسماء الرجال وكناهم وأنسابهم وألقابهم بالرجوع إلى كتب الضبط. ثالثاً: وضع أرقاماً مسلسلة لكل تراجم الكتاب. رابعاً أشار إلى بداية صفحات النسخة المعتمدة في التحقيق ، وذلك بوضع خط مائل، ثم ذكر في الحاشية رقم الصفحة فيها. خامساً: قام بشرح نصوص الكتاب على النحو التالي: تخريج الأحاديث والأقوال المذكورة في النص، التعريف بالأنساب والألقاب المشكلة، التعريف بالأماكن والبقاع، وتحديد وقوعها في يومنا هذا، شرح المصطلحات الحديثية والعقدية والفقهية واللغوية وغير ذلك.
ترجمة شيوخ البخاري الذي ذكرهم ابن عدي، وقد بين مرتبة كل شيخ وأقوال علماء الجرح والتعديل فيه، وسنة وفاته، وعدد الأحاديث التي رواها البخاري عنه في الصحيح.
إذا كان شيخ البخاري ممن تكلم فيه بعض علماء الجرح والتعديل فقد حرص على وجه إخراج البخاري عنه، ثم ذكر متابعات تشهد لصحة الحديث، خرجها من الصحيح نفسه أو من كتب السنة الأخرى.
سادساً: عمل فهارس مختلفة للكتاب، هي: فهرس شيوخ البخاري، فهرس الأنساب والألقاب في شيوخ البخاري، فهرس بقية الأعلام الواردين في النص، فهرس الأماكن، فهرس الفوائد التي ذكرتها في حاشية الكتاب، فهرس المصادر والمراجع، فهرس الموضوعات.