يُعد كتاب "الكامل في ضعفاء الرجال" للحافظ أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني من أهم كتب علم الرجال والجرح والتعديل عند أهل السنة والجماعة، ومن أوسع ما أُلّف في الرواة المتكلم فيهم. سعى ابن عدي في هذا الكتاب إلى جمع أسماء كل من وُصف بالضعف أو وُجه له نقد، ولو كان من رجال الصحيحين، وذكر في ترجمة كل راوٍ الأحاديث التي أُنكرت عليه أو عدّها العلماء منكرة أو غريبة.

منهج ابن عدي يتسم بالإنصاف، فكان ينتصر للراوي متى ما وجد لذلك سبيلاً، ويعتمد في أحكامه على أقوال الأئمة النقاد المتقدمين. وهو لا يذكر الصحابة في كتابه إلا نادراً، لاعتقاده بعدالتهم المطلقة. كما يبرز في كتابه النزعة التعليمية، إذ يورد الأحاديث ليُبيّن مواضع النكارة.

وقد فاق الكامل غيره من كتب الضعفاء مثل المجروحين لابن حبان والضعفاء الكبير للعقيلي، سواء في الكم أو في التوثيق والتوسع في التراجم، مما يجعله مرجعًا لا غنى عنه للباحثين في علم الحديث.

يعتمد هذا الكتاب على استخراج أسماء شيوخ الإمام البخاري الذين روى عنهم في الجامع الصحيح، مرتكزًا على نسخة خطية من المكتبة الظاهرية بدمشق، تمت مقارنتها بنسخة أخرى محفوظة في المكتبة الوطنية بتونس. قام المحقق بجمع المتنين، وضبط النص ضبطًا تامًّا، مع ترقيم التراجم، وتوثيق الصفحات المعتمدة في التحقيق.
شملت منهجيته شرحًا للأحاديث والأقوال، وتفسيرًا للأنساب والألقاب والأماكن، مع تحديد مواقعها المعاصرة، بالإضافة إلى شرح المصطلحات العلمية المختلفة.
كما قدّم تراجم شاملة لشيوخ البخاري مع بيان مراتبهم، وأقوال النقاد فيهم، وعدد الأحاديث المروية عنهم. وفي حال كان الشيخ ممن طُعن فيه، أورد المتابعات والشواهد التي تؤيد صحة الرواية.
واختُتم العمل بفهارس علمية دقيقة، تنوّعت بين فهارس الأعلام، والأنساب، والأماكن، والفوائد، والمصادر، والموضوعات.