من نفائس كتب التراجم الغالية. وهو بالإضافة إلى كتاب (الورقة) كل ما وصلنا من تراث ابن الجراح: والي ديوان المشرق للمعتضد العباسي، وشريك ابن المعتز في ثورته على المقتدر سنة 296هـ. والعجب أن هذا الكتاب ألفه في ذي الحجة سنة (295) أي قبل مقتله بشهرين، وذلك تلبية لطلب يحيى بن علي المنجم (ت300هـ) الأديب الكبير، نديم الخلفاء. ومجموع من ترجم لهم فيه (206) شعراء، منهم (79) من مضر، و (51) من ربيعة و (76) من اليمن. وممن عاصره منهم (22) شاعراً عباسياً. وذكر أنه لم يذكر عمراً الجني لأنه إنما تعلم أمر الإنس!. وترجم فيه للجاحظ وأشار إلى أشعاره الجياد. وأكثر فيه النقل عن ابن أبي خيثمة (ت279هـ) وذكر أنه قدم له ديوان (عمرو بن المبارك الخزاعي) في جلدين. وممن أكثر من الرواية عنهم: ابن شبة النميري (ت262) عن كتابه (الشعر والشعراء) ، وثعلب (ت291هـ) وابن قتيبة (ت276هـ) وكانت تربطه به وبثعلب صلات متينة. لم تصلنا من الكتاب سوى نسخة يتيمة، هي التي تحتفظ بها مكتبة الفاتح في استنبول في مجموع يضم خمسة كتب، وتقع مخطوطته في (94) صفحة، وهي بخط يوسف بن لؤلؤ، نسخها من نسخة بخط علي بن الوزير جعفر بن الفضل بن الفرات سنة (614هـ) . طبع لأول مرة في ليبزج سنة 1927م بعناية المستشرق (برُوي) وقد تصرف في نشرته تصرفات تجانب العمل العلمي، فأسقط من الكتاب كل التفاصيل التي تتعلق بحياة الشعراء، مكتفياً بذكر اسم الشاعر ونسبه وشعره، كما أهمل ذكر شعر الشعراء الذين طبعت دواوينهم، أو ورد شعرهم في المفضليات والأصمعيات!! وعمد إلى ترتيب الشعراء ترتيباً أبجدياً، أفقد الكتاب ما قصد إليه مؤلفه من توزيع الشعراء حسب القبائل وحسب العصور. كل ذلك، إضافة إلى التصحيفات والتحريفات التي تعج في نشرته، جعل الكتاب في أمس الحاجة إلى إعادة طبعه. وكان المستشرق الإنجليزي (كرنكو) قد انتسخ نسخة لنفسه من الكتاب، وعلق عليها ملاحظات يسيرة، إلا أنه لم يتم عمله فيه، ولا طبعه. وكمثله فعل المرحوم محمود شاكر، إلا أنه لم يتمكن من نشر تحقيقاته، ودفع بها إلى الأستاذ عبد العزيز المانع الذي نشر الكتاب كاملاً للمرة الأولى سنة 1990م مستفيداً من المقدمة التي وضعها المرحوم حمد الجاسر للكتاب، وكان الجاسر أيضاً قد شرع في تحقيق الكتاب، ونشر منه خمس حلقات في مجلته (العرب) ثم توقف عن متابعة تحقيق الكتاب لظنه أن مستشرقاً قد قام بنشره في إحدى المجلات الاستشراقية.