أجل كتب ابن الأبار وأعظمها فائدة، والسيراء: بكسر السين وفتح الياء، وفي الحديث: أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي (ص) حلة سيراء، قال ابن الأثير: هو نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور. ألف ابن الأبار كتابه هذا أثناء عمله في خدمة السلطان أبي زكريا الحفصي صاحب تونس، وهو في فاتحته يتحدث عن أبي زكريا وولي عهده: أبي يحيى المتوفى في حياة أبيه سنة 646هـ وفي الكتاب إشارة إلى أنه كان لا يزال مشتغلاً بتأليف هذا الكتاب في تلك السنة، وقد صنفه تمجيداً لشاعرية السلطان أبي زكريا وولي عهده، وتدليلاً على أن قول الشعر من خصال كبار الخلفاء والسلاطين والأمراء، وترجم فيه لمن عرف بقرض الشعر من رجالات المغرب والأندلس، ورتبه على القرون، مبتدئاً بالقرن الأول الهجري، وحتى منتصف القرن السابع. ولعله أتمه قبل وفاة أبي زكريا، ولكن العجلة التي تبدو في الباب الأخير من الكتاب تدل أنه أتمه بعد ذلك بمدة قصيرة، وفي الغالب أيام إقامته الثانية في بجاية، فنجى من الدمار الذي ناله ونال كتبه بسبب غضب المستنصر ابن أبي زكريا عليه بعد وشاية الوزير الغساني بما عثر عليه في كتاب (التاريخ) لابن الأبار، من الإساءة للمستنصر، فأمر بقتله قعصاً بالرماح، وأن يحرق بعد قتله هو وكتبه ودواوينه، ونفذ الحكم يوم الثلاثاء 21 / المحرم / 685هـ قال د. حسين مؤنس في مقدمته لتحقيق الكتاب: (ولا أذكر أني قرأت لغير ابن الأبار في الأندلس شيئاً يدل على سعة العلم على هذه الصورة، فهو ليس غزير المادة فحسب بل ناقد يقظ، لا يمر بخطأ في تاريخ أو اسم إلا استدرك عليه) لم تبق الأيام من الحلة السيراء إلا نسخة وحيدة هي نسخة الأسكوريال، وعنها نقلت كافة النسخ الموجودة في مكتبات العالم، وهي ناقصة من أولها ورقتان، أو ثلاث، كتبت بخط مغربي جميل، وعدد أوراقها 197 ورقة. وكان أول من نبه إلى وجود النسخة في الأسكوريال الراهب اللبناني ميخائيل الغزيري المتوفى سنة 1779م، وأول من نشر قسماً من الكتاب المستشرق الهولندي الكبير (دوزي) في ليدن سنة 1847م.
[التعريف بالكتاب، نقلا عن موقع الوراق]
من نوادر تراجم شعراء الأندلس، ترجم فيه ابن الأبار لمن عاصرهم من الشعراء، أو لمن ماتوا قبل ولادته بسنوات، ويغطي الفترة الواقعة بين (519 - 637هـ) اشترط فيه ألا يترجم لمن تضمنته تصانيف من سبقه، وحاكى به كتاب (الإنموذج) لابن رشيق، في اقتصاره على ذكر شعراء بلده القيروان، وعارض به كتاب (زاد المسافر) لأبي بحر صفوان بن إدريس، في عنوانه وموضوعه. ورتبه بحسب الوفيات. وباستثناء ما ينقله ابن الأبار من كتاب (الأنوار الجلية) لابن الصيرفي، فإن سائر معلوماته استقاها من مروياته عن شيوخه. يحتوي الكتاب على ترجمة مائة شاعر، أتبعهم بترجمة أربع شواعر، هن: حمدة ونزهون وهند وحفصة. وأضاف د. إحسان عباس (8) تراجم من كتاب (الوافي) للصفدي. لم تصلنا نسخة من كتاب تحفة القادم، وإنما المطبوع هو ما اختاره منه معاصره ابن الحاج البلفيقي وسماه (المقتضب من تحفة القادم) وبمقارنة نصوص المقتضب مع نصوص تحفة القادم، التي وصلتنا عبر نقولات الصفدي والمقري، يظهر التفاوت الهائل بين الأصل والمقتضب، انظر كمثال على ذلك ترجمة ابن عميرة في نفح الطيب والمقتضب. طبع كتاب المقتضب لأول مرة في مجلة المشرق (المجلد 41) بعناية الفريد البستاني، وباعتماد النسخة المخطوطة الفريدة للكتاب، والتي تحتفظ بها مكتبة الأسكوريال، ضمن مجلد يضم أيضاً (زاد المسافر) قال د. إحسان عباس في مقدمة نشرته للكتاب (بيروت 1986م) : والظاهر أن ابن الحاج هو الذي تحكم في جعل عدد شعراء الكتاب مائة شاعر، وأنهم كانوا في الأصل أكثر عدداً. أما معارضة الكتاب في عنوانه لزاد المسافر، فذاك لأن معنى التحفة: الطعام الذي يقدم للزائر، انظر في هذا البرنامج كتاب (فص الخواتم) وفيه قائمة بأسماء الولائم، منها النقيعة: طعام القادم من السفر، والتحفة: ما يقدم للزائر.
[التعريف بالكتاب، نقلا عن موقع الوراق]