أجل تآليف الصلاح الصفدي، وأوفى الكتب المؤلفة في الإسلام في تراجم الرجال، وضعه الصفدي في ثلاثين مجلدة، تفرقت في القرون الأخيرة في خزائن الكتب في العالم، حتى نهضت مؤسسة (النشرات الإسلامية لسان حال جمعية المستشرقين الألمانية) التي أسسها (هلموت ريتر) لجمع صورة عن كتاب الوافي من خزائن الكتب في العالم، فظفرت بكل أجزائه، ومنها أجزاء بخط الصفدي نفسه، عليها سماعات وإجازات بخطه، منها ما هو مؤرخ عام 748هـ وباشرت الجمعية طباعة الكتاب وأصدرت الجزء الأول منه بتحقيق (ريتر) نفسه عام 1931 وبقي مشرفاً على تحقيق وطباعة الكتاب حتى اخترمته المنية عام 1971م بعد ما أنجز الإشراف على طباعة سبعة مجلدات من الكتاب، بالإضافة إلى قيامه بنشر ثلاثين كتاباً من عيون التراث العربي، مضيفاً إلى بعضها ترجمات ألمانية، فخلفه في الإشراف على تحقيق وطباعة الكتاب المستشرق (أولرش هارمان) الذي صرف من حياته عشرين عاماً في إدراة لجان التحقيق والطباعة حتى فرغ من طباعة الجزء الأخير عام 1997. وقد ساهم في مراجعة بعض أجزاء الكتاب طائفة من نخبة الأدباء العرب، من أمثال خير الدين الزركلي وصلاح الدين المنجد، وشكري فيصل، وقام بتحقيقه أساتذة أجلاء، من عرب، وألمان، كان نصيب (س. دريدرينغ) الأجزاء (2، 3، 4، 5، 6، 14) وقد ترجم الصفدي في هذا الكتاب كما قال في مقدمته: (لكل من أثر فتحاً يسَّره، أو خيراً قرّره، أو جوداً أرسله، أو رأياً أعمله، أو حسنةً أسداها، أو سيئة أبداها، أو بدعةً سنها وزخرفها، أو مقالة حررها وعرَّفها، أو كتاباً وضعه، أو تأليفاً جمعه، أو شعراً نظمه، أو نثراً أحكمه) وصدّر الكتاب بمقدمة في علم التاريخ وما يحتاج إليه المؤرخ من العلوم والفنون والآداب، وطرق المؤرخين المختلفة في ترتيب التواريخ، وبيان ما ألف في تاريخ الأعلام والأمصار. انظر مجلة العرب 35 / 94 وفيها أن الجزء (29) صدر في بيروت بتحقيق الأستاذ ماهر جرار، من أساتيذ الجامعة الأمريكية في بيروت. ويضم حرف الياء، وأشار إلى أخطاء لحقت هذه الطبعة، منها: سقوط صفحة من ترجمة الحمداني يوسف بن زماج المهمندار ص219 وعلى كتاب الوافي ألف ابن تغري بردي كتابه (المنهل الصافي) ليكون ذيلاً للوافي، من سنة 650هـ إلى آخر أيام ابن تغري بردي سنة 874هـ.
كتاب نفيس، ترجم فيه الصلاح الصفدي لأعيان عصره، واقتصر فيه على من أدركوا سنة ولادته منهم، وهي سنة 696هـ، وشرع في تأليفه بعد الفراغ من كتابه الضخم (الوافي في الوفيات) فنقل منه معظم من ينطبق عليهم شرطه، وزاد في الكثير منها زيادات يسمح بها تخصص الكتاب. فكان مجموع من ترجم لهم فيه (2017) ترجمة، منها بضع تراجم مكررة. وبقي يعمل في تأليفه حتى آخر أيام حياته، فقد وجد فيه تراجم لأناس توفوا قبله بأيام، مثل علي بن إسماعيل بن جعفر الذي توفي قبله بعشرة أيام، وأحمد بن بلبان الذي توفي قبله بشهر واحد. وقد أودع فيه قدراً كبيراً من أشعاره ومساجلاته ومعارضاته وألغازه وموشحاته ورسائله وتوقيعاته. وصلنا الكتاب في عدة نسخ مخطوطة في مكتبات تركيا، ومعظمها غير كامل، وفي بعض هذه النسخ أجزاء بخط الصفدي نفسه، اختار الأستاذ فؤاد سزكين واحدة منها، ونشرها مصورة عام 1990م، إصدار: (معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية، جامعة فرانكفورت) فجاءت مصورتها في ثلاثة مجلدات، في (1063) صفحة، وهي في النسخة المخطوطة 12 مجلداً. وطبع الكتاب في خمسة مجلدات وآخر للفهارس في (دار الفكر بدمشق 1998م) بتحقيق طائفة من المحققين. وأفرد د. عدنان درويش ترجمة صفي الدين الحلي، من نسخة وقعت إليه، ونشرها محققة في دمشق 1995م (منشورات وزارة الثقافة) . وفي مقدمة تحقيق عبد الإله نبهان لكتاب الصفدي (غوامض الصحاح) تعريف بستين كتاباً من كتبه، وفيه صفحة (20) أماكن وجود مخطوطات (أعيان العصر) . وعلى غراره ألف البقاعي إبراهيم بن عمر (ت885هـ) كتابه: (إظهار العصر لأسرار أهل العصر) .