عمر بن بكير: كان صاحب الحسن بن سهل خصيصا به ومكينا عنده يسائله عن مشكلات الأدب، وكان راوية ناسبا اخباريا نحويا، وله عمل الفراء «كتاب معاني القرآن» وذكر ذلك في أخبار الفراء.
قال محمد بن إسحاق: وله من الكتب كتاب الأيام يتضمن يوم الغول. يوم الظهر. يوم أرمام. يوم الكوفة. غزوة بني سعد بن زيد مناة. يوم مبايض.
حدث ميمون بن هارون قال حدثني أبو الحسن محمد بن عمر بن بكير قال:
كان أبي بين يدي المنتصر وهو أمير وأحمد بن الخصيب كاتب المنتصر فدخل الحاجب فقال: أيها الأمير، هذا الحسن بن سهل بالباب، فالتفت إليه أحمد فقال: دعنا من الرسوم الداثرة والعظام البالية، فوثب عمر بن بكير فقال:
أيها الأمير إن للحسن بن سهل علي نعما عظاما وله في عنقي منن جمة، فقال: ما هي يا عمر؟ قال: ملأ يا أيها الأمير منزلي ذهبا وفضة، وأدنى مجلسي حتى زال عن مجلسه، وخلع علي فألحقني برؤساء أهل العلم كأبي عبيدة والأصمعي ووهب بن جرير وغيرهم، وقد أقدرني الله بالأمير على مكافاته، وهذا من أوقاته، فإن رأى الأمير أن يسهل إذنه ويجعل ذلك على يدي وحبوة لي وذريعة إلى مكافاة الحسن، فعل.
فقال يا أبا حفص بارك الله عليك فمثلك يستودع المعروف، وعندك يتم البر، ومثلك يرغب الأشراف في اتخاذ الصنائع، وقد جعلت إذن الحسن إليك فأدخله في أي وقت حضر من ليل أو نهار، ولا سبيل لأحد من الحجاب عليه. فقبل أبي البساط، ووثب إلى الباب فأدخل الحسن وأتكأه على يده، فلما سلم على المنتصر أمره بالجلوس فجلس وقال له: قد صيرت إذنك إلى أبي حفص، ورفعت يد الحاجب عنك، فاحضر إذا شئت من غدو أو رواح، وارفع حوائجك، وتكلم بكل ما في صدرك؛ فقال الحسن: أيها الأمير والله ما أحضر طلبا للدنيا ولا رغبة فيها ولا حصرا عليها، ولكن عبد يشتاق إلى سادته، وبلقائهم يشتد ظهره وينبسط أمله وتتجدد نعم الله عنده، وما أحضر لغير ذلك، وأحمد بن الخصيب يتقد غيظا، فقال له المنتصر:
فاحضر الآن أي وقت شئت، فأكب الحسن على البساط فقبله شكرا ونهض. قال أبي: ونهضت معه، فلما بعدنا عن عين المنتصر بلغني أن المنتصر قال: هكذا فليكن الشاكرون، وعلى أمثال هذا فلينعم المنعمون. وقال الحسن لعمر: يا أبا حفص، والله ما أدري بأي لسان أثني عليك، فقال: سبحان الله وأنا أولى بالشكر والثناء عليك والدعاء لك، خولتني الغنى، وألبستني النعمى في الزمان الصعب وفي الحال التي كان يجفوني فيها الحميم، فجزاك الله عني وعن ولدي أفضل الجزاء؛
فقال الحسن: والهفتا ألا يكون ذلك المعروف أضعاف ما كان، لا در در الفوت، وتعسا للندم وأحواله، ولله در الخريمي حيث يقول:
ودون الندى في كل قلب ثنية | لها مصعد حزن ومنحدر سهل |
وود الفتى في كل نيل ينيله | إذا ما انقضى لو أن نائله جزل |
قربوا جمالهم للرحيل | غدوة أحبتك الأقربوك |
خلفوك ثم مضوا مدلجين | منفردا بهمك ما ودعوك |
من مبلغ الأمير أخي المكرمات | مدحة محبرة في ألوك |
تزدهي كواسطة في النظام | فوق نحر جارية تستبيك |
يا ابن سادة زهر كالنجوم | أفلح الذين هم أنجبوك |
إذ نعشت مدحهم بالفعال | محييا سيادة ما أولوك |
ذو الرئاستين أخوك النجيب | فيه كل مكرمة وفيك |
ذو الرئاستين وأنت اللذان | يحييان سنة غازي تبوك |
لم تزالا حيا للبلاد | والعباد ما لكما من شريك |
أنتما إن أقحط العالمون | منتهى الغياث ومأوى الضريك |
يا ابن سهل الحسن المستغاث | وفي الوغى إذا اضطرب الفكيك |
ما لمن ألح عليه الزمان | مفزع لغيرك يا ابن الملوك |
لا ولا وراءك للراغبين | مطلب سواك حاشا أخيك |
فما كان بيني لو لقيتك سالما | وبين الغنى إلا ليال قلائل |
الأبيات | فبلغت الأبيات علقمة فأوصى له بمثل نصيب ابن له، ولكن هل لهذا الشاعر وارث؟ قلت: نعم بنية، قال: تعرف مكانها؟ قلت: نعم، قال: |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 5- ص: 2064