أبو الدرداء ومنهم العارف المتفكر، العالم المتذكر، عرف المنعم والنعماء، وتفكر في صنائعه السراء والضراء، وامق العبادة، وفارق التجارة، داوم على العمل استباقا، وأحب اللقاء اشتياقا، تفرغ من الهموم، ففتح له الفهوم. أبو الدرداء صاحب الحكم والعلوم. وقد قيل: " إن التصوف مكابدة الشوق إلى من جذب إلى الفوق.
حدثنا سليمان بن أحمد، إملاء، ثنا أبو زرعة الدمشقي، ثنا أبو نعيم، ثنا مالك بن مغول، قال: سمعت عون بن عبد الله بن عتبة، يقول: " سألت أم الدرداء: ما كان أفضل عمل أبي الدرداء؟ قالت: التفكر والاعتبار " رواه وكيع، عن مالك مثله
حدثنا حبيب بن الحسن، وسليمان بن أحمد، إملاء، قالا: ثنا يوسف القاضي، ثنا عمرو بن مرزوق، ثنا المسعودي، عن عون بن عبد الله بن عتبة، قال: قيل لأم الدرداء: ما كان أكثر عمل أبي الدرداء؟ قالت: «الاعتبار» رواه وكيع، عن المسعودي
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، قال: قيل لأم الدرداء: ما كان أفضل عمل أبي الدرداء؟ فقالت: «التفكر»
حدثنا سعيد بن محمد بن إبراهيم، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا [ص:209] إبراهيم بن إسحاق، ثنا قيس بن عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان، عن أبي الدرداء، أنه قال: «تفكر ساعة خير من قيام ليلة»
حدثنا ابن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا أبو المغيرة، ثنا جرير، قال: حدثنا حبيب بن عبد الله، أن رجلا، أتى أبا الدرداء وهو يريد الغزو فقال: يا أبا الدرداء، أوصني، فقال: «اذكر الله في السراء يذكرك في الضراء، وإذا أشرفت على شيء من الدنيا فانظر إلى ما يصير»
حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشام، ثنا سفيان الثوري، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، قال: مر ثوران على أبي الدرداء وهما يعملان فقام أحدهما ووقف الآخر، فقال أبو الدرداء: «إن في هذا لمعتبرا»
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا أحمد بن إبراهيم بن عبد الله، ثنا عمرو بن زرارة، ثنا المحاربي، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، قال: قال أبو الدرداء: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم وأنا تاجر، فأردت أن تجتمع لي العبادة والتجارة، فلم يجتمعا، فرفضت التجارة وأقبلت على العبادة، والذي نفس أبي الدرداء بيده ما أحب أن لي اليوم حانوتا على باب المسجد لا يخطئني فيه صلاة أربح فيه كل يوم أربعين دينارا وأتصدق بها كلها في سبيل الله». قيل له: يا أبا الدرداء، وما تكره من ذلك؟ قال: «شدة الحساب» رواه محمد بن جنيد التمار، عن المحاربي، فقال: عن عمرو بن مرة، عن أبيه ورواه خيثمة، عن أبي الدرداء، نحوه
حدثناه عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن أبي سهل، ثنا عبد الله بن محمد العبسي، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: قال أبو الدرداء «كنت تاجرا قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم، فلما بعث محمد زاولت العبادة والتجارة فلم يجتمعا، فأخذت في العبادة وتركت التجارة»
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، ثنا عبد الصمد، ثنا عبد الله بن بجير، قال: ثنا أبو عبد رب، قال: قال أبو الدرداء: " ما يسرني أن أقوم على الدرج من باب المسجد فأبيع وأشتري فأصيب كل يوم ثلاثمائة دينار، أشهد الصلاة كلها في المسجد، ما أقول: إن الله عز وجل لم يحل البيع ويحرم الربا، ولكن أحب أن أكون من الذين لا تلهيهم [ص:210] تجارة ولا بيع عن ذكر الله "
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: قرأت على أبي هذا الحديث: حدثكم أبو العلاء الحسن بن سوار، ثنا ليث يعني ابن سعد عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن عوف بن مالك، أنه رأى في المنام قبة من أدم ومرجا أخضر، وحول القبة غنم ربوض تجتر وتبعر العجوة، قال: قلت: لمن هذه القبة؟ قيل: لعبد الرحمن بن عوف، قال: فانتظرنا حتى خرج، قال: فقال: يا عوف، هذا الذي أعطانا الله بالقرآن، ولو أشرفت على هذه الثنية لرأيت ما لم تر عينك، ولم تسمع أذنك، ولم يخطر على قلبك، أعده الله سبحانه وتعالى لأبي الدرداء، لأنه كان يدفع الدنيا بالراحتين والنحر "
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، قال: قال أبو الدرداء: «من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قل عمله وحضر عذابه، ومن لم يكن غنيا عن الدنيا فلا دنيا له»
حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن علي بن الجارود، ثنا أبو سعيد الأشج، ثنا أبو خالد، عن بعض البصريين، عن الحسن، عن أبي الدرداء، قال: «كم من نعمة لله تعالى في عرق ساكن»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن المعلى، ثنا محمود بن خالد، ثنا عمرو بن عبد الواحد، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، أن أبا الدرداء، كان يقول: «لا تزالون بخير ما أحببتم خياركم، وما قيل فيكم بالحق فعرفتموه، فإن عارف الحق كعامله» رواه ابن المبارك عن الأوزاعي مثله
حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي، ثنا محمد بن الصباح، ثنا سفيان، عن مسعر، قال: سمعت القاسم بن محمد، يقول: «كان أبو الدرداء من الذين أوتوا العلم»
حدثنا محمد بن علي، ثنا الحسين بن محمد بن حماد، ثنا عبد الوهاب الحوطي، ثنا إسماعيل بن عياش، ثنا ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، أن رجلا، قال لأبي الدرداء: يا معشر القراء، ما بالكم أجبن منا وأبخل إذا سئلتم، وأعظم لقما إذا أكلتم؟ فأعرض عنه أبو الدرداء ولم يرد عليه شيئا، فأخبر بذلك عمر بن الخطاب فسأل أبا الدرداء [ص:211] عن ذلك، فقال أبو الدرداء: «اللهم غفرا، وكل ما سمعنا منهم نأخذهم به» فانطلق عمر إلى الرجل الذي قال لأبي الدرداء ما قال، فأخذ عمر بثوبه وخنقه وقاده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل: إنما كنا نخوض ونلعب، فأوحى الله تعالى إلى نبيه: {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب} [التوبة: 65] "
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، ثنا سفيان، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، قال: قال أبو الدرداء: «ويل لمن لا يعلم، ولو شاء الله لعلمه، وويل لمن يعلم ولا يعمل»، سبع مرات
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا إسماعيل ابن علية، ثنا أيوب السختياني، عن أبي قلابة، قال: قال أبو الدرداء: «إنك لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها»
«وإنك لا تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في جنب الله ثم ترجع إلى نفسك فتكون لها أشد مقتا منك للناس»
حدثنا إبراهيم بن عبيد الله، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الفرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي الدرداء، قال: «من فقه الرجل رفقه في معيشته»
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا داود بن عمرو، ثنا إسماعيل بن عياش، حدثني شرحبيل بن مسلم، عن شريك بن نهيك، عن أبي الدرداء، قال: «من فقه الرجل ممشاه ومدخله ومخرجه ومجلسه مع أهل العلم»
حدثنا أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، ثنا يزيد، أخبرنا أبو سعيد الكندي، عمن أخبره، عن أبي الدرداء، أنه قال: «يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم كيف يعيبون سهر الحمقى وصيامهم؟ ومثقال ذرة من بر صاحب تقوى ويقين أعظم وأفضل وأرجح من أمثال الجبال من عبادة المغترين»
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، ثنا المسعودي، عن أبي الهيثم، قال: قال أبو الدرداء: «لا تكلفوا الناس ما لم يكلفوا، ولا تحاسبوا الناس دون ربهم، ابن آدم عليك نفسك، فإنه من تتبع ما يرى في الناس يطل حزنه ولا يشف غيظه»
حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة [ص:212]، قال: قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: «اعبدوا الله كأنكم ترونه، وعدوا أنفسكم من الموتى، واعلموا أن قليلا يغنيكم خير من كثير يلهيكم، واعلموا أن البر لا يبلى، وأن الإثم لا ينسى»
حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن أبي سهل، ثنا عبد الله بن محمد العبسي، ثنا أبو أسامة، عن خالد بن دينار، عن معاوية بن قرة، قال: قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: «ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يعظم حلمك ويكثر علمك، وأن تباري الناس في عبادة الله عز وجل، فإن أحسنت حمدت الله تعالى، وإن أسأت استغفرت الله عز وجل»
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، ثنا سعيد بن أبي أيوب، عن عبد الله بن الوليد، عن عباس بن جليد الحجري، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه، أنه قال: «لولا ثلاث خلال لأحببت أن لا أبقى في الدنيا»، فقلت: وما هن؟ فقال: «لولا وضوع وجهي للسجود لخالقي في اختلاف الليل والنهار يكون تقدمه لحياتي، وظمأ الهواجر، ومقاعدة أقوام ينتقون الكلام كما تنتقى الفاكهة»
" وتمام التقوى أن يتقي الله عز وجل العبد حتى يتقيه في مثل مثقال ذرة، حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما، يكون حاجزا بينه وبين الحرام، إن الله تعالى قد بين لعباده الذي هو يصيرهم إليه، قال تعالى: {من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}، فلا تحقرن شيئا من الشر أن تتقيه، ولا شيئا من الخير أن تفعله "
حدثنا محمد بن بدر، ثنا حماد بن مدرك، ثنا عمرو بن مرزوق، ثنا زائدة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه قال: «ما لي أرى علماءكم يذهبون، وجهالكم لا يتعلمون، فإن معلم الخير والمتعلم في الأجر سواء، ولا خير في سائر الناس بعدهما»
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا يحيى بن إسحاق، ثنا فرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه، أنه قال: " الناس ثلاثة: عالم، ومتعلم، والثالث همج لا خير فيه "
حدثنا مخلد بن جعفر، ثنا الحسن بن علويه، ثنا علي بن الجعد، ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي [ص:213] الجعد، قال: قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: «تعلموا؛ فإن العالم والمتعلم في الأجر سواء، ولا خير في سائر الناس بعدهما»
وحدثنا أبي، حدثنا محمد بن إبراهيم بن يحيى، ثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا يزيد بن هارون، أخبرنا جويبر، عن الضحاك، قال: قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: يا أهل دمشق، أنتم الإخوان في الدين، والجيران في الدار، والأنصار على الأعداء، ما يمنعكم من مودتي؟ وإنما مؤنتي على غيركم، مالي أرى علماءكم يذهبون، وجهالكم لا يتعلمون، وأراكم قد أقبلتم على ما تكفل لكم به، وتركتم ما أمرتم به؟ ألا إن قوما بنوا شديدا، وجمعوا كثيرا، وأملوا بعيدا، فأصبح بنيانهم قبورا، وأملهم غرورا، وجمعهم بورا، ألا فتعلموا وعلموا؛ فإن العالم والمتعلم في الأجر سواء، ولا خير في الناس بعدهما "
حدثنا علي بن أحمد بن محمد، ثنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا سلم بن جنادة، ثنا عبد الله بن نمير، عن الحجاج بن دينار، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه قال: " تعلموا قبل أن يرفع العلم، إن رفع العلم ذهاب العلماء، إن العالم والمتعلم في الأجر سواء، وإنما الناس رجلان: عالم، ومتعلم، ولا خير فيما بين ذلك "
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا محمد بن جعفر الوركاني، ثنا شريك، عن منصور، عن أبي وائل، عن أبي الدرداء، قال: «إني لآمركم بالأمر وما أفعله، ولكني أرجو أن أؤجر عليه»
حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا محمد بن أحمد بن سليمان الهروي، ثنا أحمد بن سعيد، ثنا ابن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن ضمرة بن حبيب، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه، أنه قال: «لا يكون تقيا حتى يكون عالما، ولن يكون بالعلم جميلا حتى يكون به عاملا»
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، ثنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، قال: كان أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه يقول: " إن أخوف ما أخاف إذا وقفت على الحساب أن يقال لي: قد علمت، فما عملت فيما علمت؟ "
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا سريج بن يونس، ثنا الوليد بن مسلم، عن علي بن حوشب، عن أبيه، عن أبي الدرداء، رضي [ص:214] الله تعالى عنه قال: " أخوف ما أخاف أن يقال، لي يوم القيامة: يا عويمر، أعلمت أم جهلت؟ فإن قلت: علمت، لا تبقى آية آمرة أو زاجرة إلا أخذت بفريضتها، الآمرة هل ائتمرت؟ والزاجرة هل ازدجرت؟ وأعوذ بالله من علم لا ينفع، ونفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع "
حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الفرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه قال: " إنما أخشى على نفسي أن يقال لي على رؤوس الخلائق: يا عويمر، هل علمت؟ فأقول: نعم، فيقال: ماذا عملت فيما علمت؟ "
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا عبد الرزاق، وحدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا بشر بن الحكم، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن صاحب، له، أن أبا الدرداء، كتب إلى سلمان رضي الله تعالى عنهما: «ويا أخي اغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا يستطيع العباد رده، واغتنم دعوة المبتلى»
ويا أخي ليكن المسجد بيتك؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن المساجد بيت كل تقي»، وقد ضمن الله عز وجل لمن كانت المساجد بيوتهم بالروح والراحة والجواز على الصراط إلى رضوان الرب عز وجل "
" ويا أخي ارحم اليتيم، وأدنه منك وأطعمه من طعامك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - وأتاه رجل يشتكي قسوة قلبه - فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتحب أن يلين قلبك؟» فقال: نعم، قال: «أدن اليتيم منك، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك؛ فإن ذلك يلين قلبك، وتقدر على حاجتك»
ويا أخي لا تجمع ما لا تستطيع شكره؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يجاء بصاحب الدنيا يوم القيامة الذي أطاع الله تعالى فيها وهو بين يدي ماله وماله خلفه، كلما تكفأ به الصراط قال له ماله: امض فقد أديت الحق الذي عليك "، قال: " ويجاء بالذي لم يطع الله فيه وماله بين كتفيه فيعثره ماله ويقول له: ويلك هلا عملت بطاعة الله عز وجل في، فلا يزال كذلك حتى يدعو بالويل "
ويا أخي إني حدثت أنك اشتريت خادما؛ وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول [ص:215]: «لا يزال العبد من الله وهو منه ما لم يخدم، فإذا خدم وجب عليه الحساب»، وأن أم الدرداء سألتني خادما - وأنا يومئذ موسر - فكرهت ذلك لما سمعت من الحساب "
«ويا أخي من لي ولك بأن نوافي يوم القيامة ولا نخاف حسابا»
«ويا أخي لا تغترن بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنا قد عشنا بعده دهرا طويلا، والله أعلم بالذي أصبناه بعده» رواه ابن جابر والمطعم بن المقدام، عن محمد بن واسع، أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان مثله
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا سيار، ثنا جعفر بن سليمان، ثنا ثابت البناني، قال: " خطب يزيد بن معاوية إلى أبي الدرداء ابنته الدرداء فرده، فقال رجل من جلساء يزيد: أصلحك الله، تأذن لي أن أتزوجها؟ قال: «أغرب ويلك» قال: فائذن لي أصلحك الله، قال: «نعم»، قال: فخطبها فأنكحها أبو الدرداء الرجل، قال: فسار ذلك في الناس: أن يزيد خطب إلى أبي الدرداء فرده، وخطب إليه رجل من ضعفاء المسلمين فأنكحه، قال: فقال أبو الدرداء: «إني نظرت للدرداء، ما ظنكم بالدرداء إذا قامت على رأسها الخصيان؟ ونظرت في بيوت يلتمع فيها بصرها، أين دينها منها يومئذ؟»
حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سليمان، ثنا عبد الله بن محمد المخزومي، ثنا أبو عوف عبد الرحمن بن مرزوق، ثنا داود بن مهران، قال: " وقفت على فضيل بن عياض، وأنا غلام، فسلمت عليه، وعيناه مفتوحتان، وأنا أظن، أنه ينظر إلي، فمكث طويلا ثم أطرق فقال: منذ كم أنت ههنا يا بني؟ قلت: منذ طويل، قال: أنت في شيء، ونحن في شيء، ثم قال: حدثنا سليمان بن مهران - وكان لا يقول: الأعمش - عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: «حذر امرؤ أن تبغضه قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر»، ثم قال: «أتدري ما هذا؟» قلت: لا، قال: «العبد يخلو بمعاصي الله عز وجل فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر»
حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الفرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه قال: «معاتبة الأخ خير لك من فقده، ومن لك بأخيك كله [ص:216]، أعط أخاك ولن له، ولا تطع فيه حاسدا فتكون مثله غدا، يأتيك الموت فيكفيك فقده، كيف تبكيه بعد الموت وفي حياته ما قد كنت تركت وصله؟» رواه معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن أبي الدرداء، نحوه
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا داود بن عمر، ثنا عبثر، ثنا برد، عن حزام بن حكيم، قال: قال أبو الدرداء: «لو تعلمون ما أنتم راءون بعد الموت لما أكلتم طعاما على شهوة، ولا شربتم شرابا على شهوة، ولا دخلتم بيتا تستظلون فيه، ولخرجتم إلى الصعدات تضربون صدوركم، وتبكون على أنفسكم، ولوددتم أنكم شجرة تعضد ثم تؤكل»
حدثنا محمد بن علي بن حبيش، ثنا موسى بن هارون الحافظ، ثنا أبو الربيع، وداود بن رشيد، قالا: ثنا بقية، ثنا بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، حدثني يزيد بن مرثد الهمداني أبو عثمان، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه، أنه كان يقول: «ذروة الإيمان الصبر للحكم، والرضى بالقدر، والإخلاص في التوكل، والاستسلام للرب عز وجل»
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا عبد الله بن صالح، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، قال: بلغني أن أبا الدرداء، كتب إلى أخ له: " أما بعد، فلست في شيء من أمر الدنيا إلا وقد كان له أهل قبلك، وهو صائر له أهل بعدك، وليس لك منه إلا ما قدمت لنفسك، فآثارها على المصلح من ولدك، فإنك تقدم على من لا يعذرك، وتجمع لمن لا يحمدك، وإنما تجمع لواحد من اثنين: إما عامل فيه بطاعة الله فيسعد بما شقيت به، وإما عامل فيه بمعصية الله فتشقى بما جمعت له، وليس والله واحد منهما بأهل أن تبرد له على ظهرك، ولا تؤثره على نفسك، ارج لمن مضى منهم رحمة الله، وثق لمن بقي منهم رزق الله، والسلام "
حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا صفوان بن عمرو، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، قال: الوليد: وحدثنا ثور، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، قال: لما فتحت قبرص فرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض [ص:217]، ورأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ قال: «ويحك يا جبير ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره، بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى»
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا الوليد بن جابر، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أم الدرداء، أن أبا الدرداء، لما احتضر جعل يقول: " من يعمل لمثل يومي هذا؟ من يعمل لمثل ساعتي هذه؟ من يعمل لمثل مضجعي هذا؟ ثم يقول: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة} [الأنعام: 110] "
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا معمر بن سليمان الرقي، ثنا فرات بن سليمان، أن أبا الدرداء، كان يقول: «ويل لكل جماع، فاغر فاه كأنه مجنون، يرى ما عند الناس ولا يرى ما عنده، لو يستطيع لوصل الليل بالنهار، ويله من حساب غليظ وعذاب شديد»
حدثنا عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثنا الهيثم بن خارجة، ثنا إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل، أن أبا الدرداء، كان إذا رأى جنازة قال: اغدوا فإنا رائحون، أو روحوا فإنا غادون، موعظة بليغة، وغفلة سريعة، كفى بالموت واعظا، يذهب الأول فالأول، ويبقى الآخر لا حلم له "
حدثنا عبد الرحمن بن العباس، ثنا إبراهيم الحربي، ثنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة، عن معاوية بن قرة، قال: قال أبو الدرداء: " ثلاث أحبهن ويكرههن الناس: الفقر، والمرض، والموت "
حدثنا عبد الرحمن بن العباس، ثنا إبراهيم الحربي، ثنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن شيخ، عن أبي الدرداء، قال: «أحب الموت اشتياقا إلى ربي، وأحب الفقر تواضعا لربي، وأحب المرض تكفيرا لخطيئتي»
حدثنا أبي، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا أبو الربيع الرشديني، ثنا ابن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، أن أبا الدرداء، كان يقول: «يا معشر أهل دمشق، ألا تستحيون؟ تجمعون ما لا تأكلون، وتبنون ما لا تسكنون، وتأملون ما لا تبلغون، قد كان القرون من قبلكم يجمعون فيوعون، ويأملون [ص:218] فيطيلون، ويبنون فيوثقون، فأصبح جمعهم بورا، وأملهم غرورا، وبيوتهم قبورا، هذه عاد قد ملأت ما بين عدن إلى عمان أموالا وأولادا، فمن يشتري مني تركة آل عاد بدرهمين؟»
حدثنا أبي رحمه الله، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا أبو الربيع الرشديني، ثنا ابن وهب، ثنا يحيى بن أيوب، عن عمرو بن عياش، عن صفوان بن عمرو، أن أبا الدرداء، كان يقول: يا معشر أهل الأموال، بردوا على جلودكم من أموالكم قبل أن نكون وإياكم فيها سواء، ليس إلا أن تنظروا فيها وننظر فيها معكم "
وقال أبو الدرداء: «وإني أخاف عليكم شهوة خفية في نعمة ملهية، وذلك حين تشبعون من الطعام، وتجوعون من العلم»
وقال أبو الدرداء: " إن خيركم الذي يقول لصاحبه: اذهب بنا نصوم قبل أن نموت، وإن شراركم الذي يقول لصاحبه: اذهب بنا نأكل ونشرب ونلهو قبل أن نموت "
ومر أبو الدرداء على قوم وهم يبنون، فقال أبو الدرداء: «تجددون الدنيا، والله يريد خرابها، والله غالب على ما أراد»
حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أبو يحيى الرازي، ثنا هناد بن السري، ثنا وكيع، عن أسامة بن زيد، عن مكحول، قال: كان أبو الدرداء يتتبع الخرب ويقول: «يا خرب الخربين، أين أهلك الأولون؟»
حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا عمر بن حفص السدوسي، ثنا عاصم بن علي، ثنا أبو هلال، ثنا معاوية بن قرة، أن أبا الدرداء، اشتكى فدخل عليه أصحابه فقالوا: ما تشتكي يا أبا الدرداء؟ قال: «أشتكي ذنوبي» قالوا: فما تشتهي؟ قال: «أشتهي الجنة» قالوا: أفلا ندعو لك طبيبا؟ قال: «هو الذي أضجعني»
حدثنا عبد الله بن محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا محمد بن بشر، ثنا مسعر، عن عون بن عبد الله، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه قال: «من يتفقد يفقد، ومن لا يعد الصبر لفواجع الأمور يعجز، إن قارضت الناس قارضوك، وإن تركتهم لم يتركوك»، قال: فما تأمرني؟ قال: «أقرض من يوم عرضك ليوم فقرك»
حدثنا محمد بن علي بن حبيش، ثنا إسماعيل بن إسحاق السراج، ثنا داود بن رشيد، ثنا الوليد، عن سعيد بن عبد العزيز، قال: قيل لأبي الدرداء: " ادع الله لنا، قال [ص:219]: «لا أحسن السباحة، وأخاف الغرق»
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن عبد الله بن رسته، ثنا شيبان بن فروخ، ثنا أبو الأشهب، عن الحسن، قال: كان أبو الدرداء يقول: «إن مما أخشى عليكم زلة العالم، وجدال منافق بالقرآن، والقرآن حق، وعلى القرآن منار كمنار الطريق، ومن لم يكن غنيا من الدنيا فلا دنيا له»
حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، ثنا محمود بن خالد، ثنا عمرو بن عبد الواحد، عن الأوزاعي، عن بلال بن سعد، أنه سمعه يقول: كان أبو الدرداء يقول: «اللهم إني أعوذ بك من تفرقة القلب» قيل: وما تفرقة القلب؟ قال: «أن يوضع لي في كل واد مال»
حدثنا محمد بن علي بن حبيش، ثنا إسحاق بن سلمة، ثنا أبو هشام الرفاعي، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه قال: «إن الذين ألسنتهم رطبة بذكر الله عز وجل يدخل أحدهم الجنة وهو يضحك»
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، قال: قيل لأبي الدرداء: إن أبا سعد بن منبه أعتق مائة محرر فقال: «إن مائة محرر من مال رجل لكثير، وإن شئت أنبأتك بما هو أفضل من ذلك، إيمان ملزوم بالليل والنهار، ولا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل»
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا شعبة، عن عمران القصير، قال: سمعت أبا رجاء، يقول: قال أبو الدرداء: «لأن أكبر الله مائة مرة أحب إلي من أن أتصدق بمائة دينار»
حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن أبي سهل، ثنا عبد الله بن محمد العبسي، ثنا أبو أسامة، عن عبد الحميد بن جعفر، حدثني صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة الحضرمي، قال: سمعت أبا الدرداء، يقول: «ألا أخبركم بخير، أعمالكم، وأحبها إلى مليككم، وأنماها في درجاتكم، خير من أن تغزوا عدوكم فيضربوا رقابكم وتضربوا رقابهم، خير من إعطاء الدراهم والدنانير»؟ قالوا: وما هو يا أبا الدرداء؟ قال: ذكر الله، وذكر الله أكبر "
حدثنا أبو بكر [ص:220] بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا أبو عبد الله محمد بن سالم الطائفي من كتابه، ثنا فرج بن فضالة، عن أسد بن وداعة، عن أبي الدرداء، قال: «ما في المؤمن بضعة أحب إلى الله عز وجل من لسانه به يدخله الجنة، وما في الكافر بضعة أبغض إلى الله عز وجل من لسانه به يدخله النار»
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، في جماعة، قالوا: ثنا محمد بن نصير، ثنا إسماعيل بن عمرو، ثنا مالك بن مغول، أراه عن عبد الملك بن عمير، قال: قال أبو الدرداء: «من أكثر ذكر الموت قل فرحه، وقل حسده»
حدثنا عبد الرحمن بن العباس، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثنا عبد الله بن عمر، حدثنا ابن خراش، عن العوام، عن إبراهيم التيمي، عن أبي الدرداء، رضي الله عنه قال: «من أكثر ذكر الموت قل فرحه، وقل حسده»
حدثنا عبد الرحمن بن العباس، ثنا إبراهيم الحربي، ثنا عبد الله بن عمر أبو أسامة، عن عبد الرحمن بن يزيد، حدثني إسماعيل بن عبيد الله، أن أبا الدرداء، كان يقول: اللهم توفني مع الأبرار، ولا تبقني مع الأشرار "
حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الفرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول: «اللهم لا تبتلني بعمل سوء، فأدعى به رجل سوء»
حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يزيد بن هارون، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد، أن أبا عون، أخبره، أن أبا الدرداء كان يقول: «ما بت ليلة فأصبحت لم يرمني الناس فيها بداهية إلا رأيت أن علي من الله تعالى فيه نعمة»
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن عمار، قال: سمعت أبا بكر بن محمد، يحدث يحيى بن سعيد، عن خلاد بن السائب، أو السائب بن خلاد، قال: قال أبو الدرداء: «ما بت ليلة سلمت فيها لم أرم فيها بداهية، ولا أصبحت يوما سلمت فيه لم أرم فيه بداهية [ص:221] إلا عوفيت عافية عظيمة»
حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن أبي سهل، ثنا عبد الله بن محمد العبسي، ثنا محمد بن فضيل، عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه قال: «ما لي أراكم تحرصون على ما تكفل لكم به، وتضيعون ما وكلتم به؟ لأنا أعلم بشراركم من البيطار بالخيل، هم الذين لا يأتون الصلاة إلا دبرا، ولا يسمعون القرآن إلا هجرا، ولا يعتق محرروهم»
حدثنا أبي رحمه الله، ثنا أحمد بن محمد بن الحسن، ثنا الربيع بن ثعلب، ثنا فرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: «إياكم ودعوة المظلوم ودعوة اليتيم؛ فإنهما تسريان بالليل والناس نيام»
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل، قال: قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: «إن أبغض الناس إلي أن أظلمه من لا يستعين علي إلا بالله عز وجل»
حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا بكر بن مضر، عن عبيد الله بن زحر، عن الهيثم بن خالد، عن سليم بن عتر، قال: لقينا كريب بن أبرهة راكبا، ووراءه غلام له، فقال: سمعت أبا الدرداء، يقول: «لا يزال العبد يزداد من الله تعالى بعدا كلما مشى خلفه»
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، " أن أبا الدرداء، كان إذا سمع المتهجدين، بالقرآن يقول: بأبي النواحون على أنفسهم قبل يوم القيامة، وتندى قلوبهم بذكر الله - أو لذكر الله عز وجل " رواه الهيثم بن خارجة، عن الوليد، عن ابن جابر، عن عطاء بن مرة، عن أبي الدرداء، مثله
حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا محمد بن بشر، ثنا شيخ، منا يقال له: الحكم بن فضيل، عن زيد بن أسلم، قال: قال أبو الدرداء: «التمسوا الخير دهركم كله، وتعرضوا لنفحات رحمة الله؛ فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم»
حدثنا أبي، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا أحمد بن سعيد، ثنا ابن وهب، أخبرني [ص:222] عمرو بن الحارث، أن أباه، حدثه، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، أن رجلا، قال لأبي الدرداء: علمني كلمة ينفعني الله عز وجل بها؟ قال: «وثنتين وثلاثا وأربعا وخمسا من عمل بهن كان ثوابه على الله عز وجل الدرجات العلا»، قال: «لا تأكل إلا طيبا، ولا تكسب إلا طيبا، ولا تدخل بيتك إلا طيبا وسل الله عز وجل يرزقك يوما بيوم»
«وإذا أصبحت فاعدد نفسك من الأموات فكأنك قد لحقت بهم»
«وهب عرضك لله عز وجل، فمن سبك أو شتمك أو قاتلك فدعه لله عز وجل، وإذا أسأت فاستغفر الله عز وجل»
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا عبد الجبار بن العلاء، ثنا سفيان، عن خلف بن حوشب، قال: قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: «إنا لنكشر في وجوه أقوام، وإن قلوبنا لتلعنهم»
حدثنا أبي، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا أحمد بن سعيد، ثنا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن خالد بن حدير الأسلمي، " أنه دخل على أبي الدرداء وتحته فراش من جلد أو صوف، وعليه كساء صوف وسبتية صوف وهو وجع وقد عرق، فقال: لو شئت كسيت فراشك بورق وكساء مرعزي مما يبعث به أمير المؤمنين، قال: «إن لنا دارا، وإنا لنظعن إليها ولها نعمل»
حدثنا محمد بن معمر، ثنا أبو شعيب الحراني، ثنا يحيى بن عبد الله، ثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، أن أصحابا، لأبي الدرداء رضي الله تعالى عنه تضيفوه فضيفهم، فمنهم من بات على لبدة، ومنهم من بات على ثيابه كما هو. فلما أصبح غدا عليهم فعرف ذلك منهم فقال: «إن لنا دارا لها نجمع، وإليها نرجع»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن مسعود، ثنا محمد بن كثير، ثنا الأوزاعي، عن حسان، قال: قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه لأهل دمشق: «أرضيتم بأن شبعتم من خبز البر عاما فعاما، لا يذكر الله تعالى في ناديكم، ما بال علمائكم يذهبون وجهالكم لا يتعلمون؟ لو شاء علماؤكم لازدادوا، ولو التمسه جهالكم لوجدوه، خذوا الذي لكم بالذي عليكم، فوالذي نفسي بيده ما هلكت أمة إلا باتباعها هواها وتزكيتها أنفسها»
حدثنا أحمد بن بندار، ثنا أبو بكر بن أبي داود، ثنا علي بن خشرم، ثنا [ص:223] عيسى بن يونس، ثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، قال: أبصر أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه رجلا قد زوق ابنه فقال: «زوقوهم بما شئتم، فذاك أغوى لهم»
حدثنا أحمد بن بندار، ثنا أبو بكر بن أبي داود، ثنا محمود بن خالد، ثنا عمر بن عبد الواحد، عن الأوزاعي، قال: سمعت حسان بن عطية، يقول: " شكى رجل إلى أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه أخاه، فقال: سينصرك الله عز وجل عليه. فوفد إلى معاوية فأجازه بمائة دينار، فقال له أبو الدرداء: هل علمت أن الله قد نصرك على أخيك، وفد على معاوية فأجازه بمائة دينار، وولد له غلام "
حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا علي بن إسحاق، ثنا حسين المروزي، ثنا ابن المبارك، أخبرنا رجل، من الأنصار، عن يونس بن سيف، ثنا أبو كبشة السلولي، قال: سمعت أبا الدرداء، رضي الله تعالى عنه يقول: «إن من شر الناس عند الله عز وجل منزلة يوم القيامة عالما لا ينتفع بعلمه»
حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، ثنا علي بن خشرم، ثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، أن أبا الدرداء، كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك أن تلعنني قلوب العلماء» قيل: وكيف تلعنك قلوبهم؟ قال: «تكرهني»
حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا علي بن إسحاق، ثنا حسين المروزي، ثنا ابن المبارك، ثنا خلف الأنصاري، عن يونس بن سيف، قال: حدثني أبو كبشة السلولي، قال: سمعت أبا الدرداء، يقول: إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة عالما لا ينتفع بعلمه "
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا الحسن بن عبد العزيز المصري، ثنا أيوب بن سويد، عن ابن جابر، حدثني عمير بن هانئ، أن أبا الدرداء، رضي الله تعالى عنه كان يقول: «ويل لمن كذب وعق ونقض العهد الموثق، فما بر ولا صدق»
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا علي بن إسحاق أبو الحسن ويقال أبو الحسين، ثنا عبد الله بن المبارك، ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني أبو عبد الله، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه قال: «لا تزال نفس أحدكم شابة في حب الشيء ولو التقت ترقوتاه من الكبر، إلا الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، وقليل ما هم»
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله [ص:224] بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، ثنا كهمس، عن عوف، عن رجل، قال: قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: " ثلاث من ملاك أمر ابن آدم: لا تشك مصيبتك، ولا تحدث بوجعك، ولا تزك عن نفسك بلسانك "
حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا أحمد بن يحيى الحلواني، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا حفص، عن بيان، عن قيس، قال: كان أبو الدرداء إذا كتب إلى سلمان، أو سلمان كتب إلى أبي الدرداء، كتب إليه يذكره بآية الصحفة، قال: وكنا نتحدث أنه «بينما هما يأكلان من الصحفة فسبحت الصحفة وما فيها»
حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن أبي سهل، ثنا عبد الله بن محمد العبسي، حدثني أبو أسامة، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، قال: بينا أبو الدرداء يوقد تحت قدر له، وسلمان رضي الله تعالى عنهما عنده، إذ سمع أبو الدرداء في القدر صوتا، ثم ارتفع الصوت بتسبيح كهيئة صوت الصبي، قال: ثم ندرت فانكفأت ثم رجعت إلى مكانها لم ينصب منها شيء، فجعل أبو الدرداء ينادي: يا سلمان انظر إلى العجب انظر إلى ما لم تنظر إلى مثله أنت ولا أبوك، فقال سلمان: «أما إنك لو سكت لسمعت من آيات الله الكبرى»
حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن شبل، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا محمد بن فضيل، عن محمد بن سعد الأنصاري، حدثني عبد الله بن يزيد بن ربيعة الدمشقي، قال: قال أبو الدرداء: أدلجت ذات ليلة إلى المسجد، فلما دخلت مررت على رجل ساجد وهو يقول: «اللهم إني خائف مستجير فأجرني من عذابك، وسائل فقير فارزقني من فضلك، لا مذنب فأعتذر، ولا ذو قوة فأنتصر، ولكن مذنب مستغفر» قال: فأصبح أبو الدرداء يعلمهن أصحابه إعجابا بهن "
حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الفرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أم الدرداء، أنها قالت: «اللهم إن أبا الدرداء خطبني فتزوجني في الدنيا، اللهم فأنا أخطبه، إليك وأسألك أن تزوجنيه، في الجنة» فقال لها أبو الدرداء: فإن أردت ذلك فكنت أنا الأول فلا تتزوجي بعدي [ص:225]. قال: فمات أبو الدرداء - وكان لها جمال وحسن - فخطبها معاوية، فقالت: «لا والله لا أتزوج زوجا في الدنيا حتى أتزوج أبا الدرداء إن شاء الله في الجنة»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، أن أبا الدرداء، رضي الله تعالى عنه مر على رجل قد أصاب ذنبا، فكانوا يسبونه، فقال: «أرأيتم لو وجدتموه في قليب، ألم تكونوا مستخرجيه؟» قالوا: نعم، قال: «فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم»، قالوا: أفلا تبغضه؟، قال: «إنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي»
وقال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: «ادع الله تعالى في يوم سرائك لعله أن يستجيب لك يوم ضرائك» قال الشيخ رحمه الله: وكان أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه حكيما لبيبا، ونحريرا طبيبا. كلامه يكثر، ومواعظه تغزر، حكمه وعلومه لذوي الأدواء شفاء، وللمتجردين والمتجبرين دفاء، كان إذا نظر سبر، وإذا ذكر جبر، لمفاخر الدنيا دافع، ولمراتب العقبى جامع
كذا حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا أبو معمر، ثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة، قال: سمعت يزيد بن معاوية، يقول: «كان والله أبو الدرداء من العلماء الحكماء، والذين يشفون من الداء»
حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا داود بن رشيد، ثنا سعيد بن يعقوب، ثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن يزيد الرحبي، قال: قيل لأبي الدرداء رضي الله تعالى عنه: ما لك لا تشعر؟ فإنه ليس رجل له بيت من الأنصار إلا وقد قال شعرا، قال: " وأنا قد قلت فاسمعوا:
[البحر الوافر]
يريد المرء أن يعطى مناه ... ويأبى الله إلا ما أراد
يقول المرء: فائدتي ومالي ... وتقوى الله أفضل ما استفادا "
حدثنا محمد بن محمد بن سوار القصري، ثنا محمد بن جعفر بن رميس، ثنا محمد بن خلف، ثنا إبراهيم بن هراسة، ثنا سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن نافع بن جبير، قال: قيل لأبي الدرداء: ما لك لا تشعر، فذكر مثله
حدثنا محمد بن عبد الله الكاتب، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا عبد الحميد بن صالح، ثنا أبو معاوية، عن موسى الصغير، عن هلال بن يساف، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه، قال: قلت له: ما لك لا تطلب لأضيافك كما يطلب غيرك لأضيافهم؟ فقال: لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أمامكم عقبة كؤودا، لا يجوزها المثقلون»، فأنا أحب أن أتخفف لتلك العقبة
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا عباس بن الوليد بن صبح الدمشقي، ثنا مروان يعني ابن محمد الطاطري، ثنا مسلمة المعدل، عن عمير بن هانئ، عن أبي العذراء، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجلوا الله يغفر لكم»، قال مروان: معنى قوله: أجلوا الله، أي أسلموا له تفرد به مسلمة، وهو من أهل داريا، عن عمير مجودا ورواه ابن ثوبان، عن عمير مثله من دون أم الدرداء وهذا الحديث شبيه ما ثبت عنه، ما رواه الأعمش وعبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي الدرداء، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة»، فقال أبو الدرداء حين سبر: " وإن زنى، وإن سرق؟ فقال: «نعم، وإن زنى وإن سرق، رغم أنف أبي الدرداء»
حدثنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا هشام، عن قتادة، عن خليد بن عبد الله العصري، عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما طلعت شمس إلا وبجنبتيها ملكان يناديان، يسمعان الخلائق غير الثقلين: يا أيها الناس، هلموا إلى ربكم عز وجل، ما قل وكفى خير مما كثر وألهى " رواه عدة عن قتادة، منهم سليمان التيمي، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي، وأبو عوانة، وسلام بن مسكين وغيرهم
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أبو كريب، ثنا محمد بن فضيل، ثنا محمد بن سعد، عن عبد الله بن ربيعة بن يزيد، ثنا عائذ الله أبو إدريس، عن أبي الدرداء، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم إني أسألك [ص:227] حبك، وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك، اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي والماء البارد»
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا أحمد بن يوسف بن الضحاك، ثنا يوسف بن مصرف، ثنا زيد بن الحباب، عن جنيد بن العلاء بن أبي وهرة، عن محمد بن سعيد، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإنه من كانت الدنيا أكبر همه أفشى الله عليه ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ومن كانت الآخرة أكبر همه جمع الله تعالى له أموره، وجعل غناه في قلبه، وما أقبل عبد بقلبه إلى الله تعالى إلا جعل الله عز وجل قلوب المؤمنين تفد عليه بالود والرحمة، وكان الله إليه بكل خير أسرع» كذا حدثناه عن زيد بن الحباب، وهو عن محمد بن بشر العبدي، عن الجنيد أشهر
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا مطالب بن شعيب، وبكر بن سهل، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، حدثنا معاوية بن صالح، عن أبي حليس يزيد بن ميسرة قال: سمعت أم الدرداء، تقول: سمعت أبا الدرداء، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله تعالى قال: يا عيسى إني باعث من بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا، ولا حلم ولا علم، قال: يا رب، كيف يكون هذا ولا حلم ولا علم؟ قال: أعطيهم من حلمي وعلمي " قال الشيخ رحمه الله: تفرد بالأحاديث الستة المسانيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين الصحابة أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: فحديث العقبة تفرد به موسى الصغير عن هلال، وحديث الإجلال تفرد به عمير عن أبي العذراء، وحديث المناديين تفرد به قتادة عن خليد، وحديث الحب والمحبة تفرد به محمد بن سعد الأنصاري عن عبد الله، وحديث التفرغ والتخلي تفرد به جنيد بن العلاء عن محمد بن سعيد، وحديث الحلم والعلم تفرد به معاوية بن صالح عن أبي حليس، ولأبي الدرداء غير حديث مما يليق بحاله اقتصرنا منه على ما ذكرنا
دار الكتاب العربي - بيروت-ط 0( 1985) , ج: 1- ص: 208
السعادة -ط 1( 1974) , ج: 1- ص: 208