ابن الحلاوي أحمد بن محمد بن أبي الوفاء بن الخطاب الربعي الموصلي، أبو الطيب شرف الدين ابن الحلاوي: شاعر، من أهل الموصل، فيه ظرف ولطف، وفي شعره رقة وجزالة. رحل في البلاد ومدح الخلفاء والملوك، ودخل في خدمة الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، ولبس زي الجند، وتوجه معه إلى بلاد العجم للاجتماع بهولاكو، فمرض ومات في الطريق.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 219
ابن الحلاوي الموصلي أحمد بن محمد ابن أبي الوفاء ابن الخطاب محمد بن الهزبر الأديب الكبير شرف الدين أبو الطيب ابن الحلاوي الربعي الشاعر الموصلي الجندي. ولد سنة ثلاث وستمائة، وقال الشعر الجيد الفائق ومدح الخلفاء والملوك، وكان في خدمة بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل. روى عنه الدمياطي وغيره وكان من ملاح الموصل وفيه لطف وظرف وحسن عشرة وخفة روح وله القصائد الطنانة التي رواها الدمياطي عنه في معجمه. توفي سنة ست وخمسين وستمائة.
ومما رواه الشيخ شرف الدين الدمياطي في معجمه له:
حكاه من الغصن الرطيب وريقه | وما الخمر إلا وجنتاه وريقه |
هلال ولكن أفق قلبي محله | غزال ولكن سفح عيني عقيقه |
وأسمر يحكي الأسمر اللدن قده | غدا راشقا قلب المحب رشيقه |
على خده جمر من الحسن مضرم | يشب ولكن في فؤادي حريقه |
أقر له من كل حسن جليله | ووافقه من كل معنى دقيقه |
بديع التثني راح قلبي أسيره | على أن دمعي في الغرام طليقه |
على سالفيه للعذار جديده | وفي شفتيه للسلاف عتيقه |
يهدد منه الطرف من ليس خصمه | ويسكر منه الريق من لا يذوقه |
على مثله يستحسن الصب هتكه | وفي حبه يجفو الصديق صديقه |
من الترك لا يصبيه وجد إلى الحمى | ولا ذكر بانات الغوير يشوقه |
ولا حل في حي تلوح قبابه | ولا سار في ركب يساق وسيقه |
ولا بات صبا بالفريق وأهله | ولكن إلى خاقان يعزى فريقه |
له مبسم ينسي المدام بريقه | ويخجل نوار الأقاحي بريقه |
تداويت من حر الغرام ببرده | فأضرم من حر الحريق رحيقه |
إذا خفق الرق اليماني موهنا | تذكرته فاعتاد قلبي خفوقه |
حكى وجهه بدر السماء فلو بدا | مع البدر قال الناس هذا شقيقه |
رآني خيالا حين وافى خياله | فأطرق من فرط الحياء طروقه |
فأشبهت منه الخصر سقما فقد غدا | يحملني كالخصر ما لا أطيقه |
فما بال قلبي كل حب يهيجه | وحتام طرفي كل حسن يروقه |
فهذا ليوم البين لم تطف ناره | وهذا فبعد البعد ماجف موقه |
ولله قلبي ما أشد عفافه | وإن كان طرفي مستمرا فسوقه |
أرى الناس أضحوا جاهلية وده | فما باله عن كل صب يعوقه |
فما فاز إلا من يبيت صبوحه | شراب ثناياه ومنها غبوقه |
أألقى من خدودك في جحيم | وثغرك كالسراط المستقيم |
وأسهدني لديك رقيم خد | فوا عجبا أأسهر بالرقيم |
وحتام البكاء بكل رسم | كأن علي رسما للرسوم |
وناطقة خرساء باد شحوبها | تكنفها عشر وعنهن تخبر |
يلذ إلى الأسماع رجع حديثها | إذا جاش منها منخر سد منخر |
نهاني النهى والشيب عن وصل مثلها | وكم مثلها فارقتها وهي تصفر |
حللت من الملك العزيز براحة | غدا لثمها عندي أجل الفرائض |
وأصبحت مفتر الثنايا لأنني | حللت بكف بحرها غير غائض |
وقبلت سامي كفه بعد خده | فلم أخل في الحالين من لثم عارض |
جاء غلامي فشكا | أمر كميتي وبكى |
وقال لي لاشك بر | ذونك قد تشبكا |
قد سقته اليوم فما | مشى ولا تحركا |
فقلت من غيظي له | مجاوبا لما حكى |
تريد أن تخدعني | وأنت أصل المشتكى |
ابن الحلاوي أنا | خل الرياء والبكا |
ولا تخادعني ودع | حديثك المعلكا |
لو أنه مسير | لما غذا مشبكا |
فمذ رأى حلاوة الـ | ـألفاظ مني ضحكا |
كتبت فلولا أن هذا محرم | وهذا حلال قست خطك بالسحر |
فوالله ما أدري أزهر خميلة | بطرسك أم در يلوح على نحر |
فإن كان زهرا فهو صنع سحابة | وإن كان درا فهو من لجة البحر |
أحيا بموعده قتيل وعيده | رشأ يشوب وصاله بصدوده |
قمر يفوق على الغزالة وجهه | وعلى الغزال بمقلتيه وجيده |
يا ليته يعد الهلال فإنه | ما زال ذا لهج بخلف وعوده |
قمر أطاع الحسن سنة وجهه | حتى كأن الحسن بعض عبيده |
أنا في الغرام شهيده ما ضره | لو أن جنة وصله لشهيده |
يا يوسف الحسن الذي أنا في الهوى | يعقوبه بثي إلى داوده |
لحاظ عينيك فاتنات | جفونها الوطف فاترات |
فرق بيني وبين صبري | منك ثنايا مفرقات |
يا حسنا صده قبيح | فجمع شملي به شتات |
قد كنت لي واصلا ولكن | عداك عن وصلي العداة |
إن لم يكن منك لي وفاء | دنت بهجرانك الوفاة |
حيات صدغيك قاتلات | فما لملسوعها حياة |
والثغر كالثغر في امتناع | تحميه من لحظك الرماة |
يا بدر تم له عذار | بحسنه تمت الصفات |
منمنم الوشي في هواه | يا طالما نمت الوشاة |
نبات صدغ حلاك حسنا | والحلو في السكر النبات |
في خدها روضة إذا رعيت | باللحظ راحت بطرفها تحمى |
بقامة تلتوي وناظرها | يدمي البرايا ووجنة تدمى |
كأنما الردف خلفها أجأ | كيف استقلت بحمله سلمى |
أصبح برذوني المرقع بالـ | ـلصقات في حسرة يكابدها |
رأى حمير الشعير عابرة | عليه يوما فظل ينشدها |
قفا قليلا بها علي فلا | أقل من نظرة أزودها |
أرث صرف الزمان حالي | فما لدهري ترى وما لي |
حتى كأني له عدو | يرشقني منه بالنبال |
وطالما كنت وهو عني | وعن أخلاي في اشتغال |
ولو أتاني لصلت فيه | أمرا ونهيا ولا أبالي |
أين زماني الذي تقضى | وأين جاهي وأين مالي |
وأين خفي وطيلساني | وأين قيلي وأين قالي |
وأين عيشي وأين طيشي | وأين حسني وحسن حالي |
ونحن في فتية كرام | نجارهم في الفخار عال |
قد جعلوا اللهو رأس مال | فدته نفسي من رأس مال |
قد درسوا الفسق من قديم | فكم لهم فيه من جدال |
من أرغب الناس في الفقاح الـ | ـلذيذة المنيك الثقال |
مخنث عندهم لنيك | أحسن من زينة ومال |
فما لهم قط من حديث | فيه سوى النيك والبدال |
فقائل ناكني فلان | ونكته لا له ولا لي |
وقائل حين طاح سكرا | وراح يحبو إلى البزال |
شواربي فقحتي سبالي | مقعدتي قمتي تعالي |
ونحن في مجلس بديع | جل عن الوصف والمثال |
جمع فيه من كل شيء | فتم في غاية الكمال |
فالراح في الراح، والملاهي | في اللهو، والنقل في النقال |
وللملاهي به ضجيج | وللرواويق والمقالي |
فالدف دف دف ددف ددف دف | والزمر تلى تلل تلالي |
والجنك دن دن ددن ددن دن | تصلحه ربة الحجال |
خريدة رودة رداح | سبحلة عذبة المقال |
تفتن بالدل والتجني | والحسن والتيه والدلال |
غنت فهام الفؤاد مني | وجدا إلى سحرها الحلال |
وبيننا قهوة كتبر | رصعها المزج باللآلي |
حديدة الطعم عتقتها | ألفا فألفا يد الليالي |
صفراء كالنار بل تراها | مذ شابها الماء ذا اشتعال |
يسعى بها شادن رشيق | مهفهف القد ذو اعتدال |
مورد الوجنتين حلو | سواه في الناس ما حلا لي |
قلت له إذ أطال وعدي | ولج في العذل والمطال |
دع التجني فلست أسلو | أخ أخ أخ يا محالي |
لما بدا وهي في يديه | كالشمس في راحة الهلال |
فطب طرطب فوق رأسي | وطاق طرطاق في قذالي |
وتف تخ تف وسط وجهي | وقاع قع قاع في سبالي |
وبظر أمي ورحم أختي | ولحيتي في خرا عيالي |
ونع عمي بلا امتراء | مدحرج في قذال خالي |
إن كنت عاينت قط غصنا | مرت به نسمة الشمال |
أحسن منه إذا تثنى | تميله نشوة الدلال |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 8- ص: 0
ابن الحلاوي شاعر زمانه شرف الدين أبو الطيب أحمد بن محمد بن أبي الوفاء بن أبي الخطاب بن محمد بن الهزبر الربعين الموصلي الجندي ابن الحلاوي.
ولد سنة ثلاث وست مائة.
وكان من ملاح الموصل، وخدم جنديا، وكان ذا لطف وظرف وحسن عشرة وخفة روح. مات سنة ست وخمسين.
أنبأني الدمياطي أنه سمعه يقول لنفسه:
حكاه من الغصن الرطيب وريقه | وما الخمر إلا وجنتاه وريقه |
هلال ولكن أفق قلبي محله | غزال ولكن سفح عيني عقيقه |
حكى وجهه بدر السماء فلو بدا | مع البدر قال الناس هذا شقيقه |
وأشبه زهر الروض حسنا وقد بدا | على عارضيه أسه وشقيقه |
وأشبهت منه الخصر سقما فقد غدا | يحملني كالخصر ما لا أطيقه |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 16- ص: 457