ابن خلكان أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان البرمكي الإربلي، أبو العباس: المؤرخ الحجة، والأديب الماهر، صاحب (وفيات الأعيان وأنباء الزمان - ط) وهو أشهر كتب التراجم ومن أحسنها ضبطا وإحكاما. ولد في إربل (بالقرب من الموصل على شاطئ دجلة الشرقي) واتقل إلى مصر فأقام فيها مدة، وتولى نيابة قضائها. وسافر إلى دمشق، فولاه الملك الظاهر قضاء الشام. وعزل بعد عشر سنين. فعاد إلى مصر فأقام سبع سنين، ورد إلى قضاء الشام، ثم عزل عنه بعد مدة. وولى التدريس في كثير من مدارس دمشق، وتوفي فيها فدفن في سفح قاسيون. يتصل نسبه بالبرامكة.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 220

قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان أحمد بن محمد بن إبراهيم بن خلكان قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس البرمكي الإربلي الشافعي، ولد بإربل سنة ثمان وست مائة وسمع بها ’’صحيح البخاري’’ من أبي محمد بن هبة الله بن مكرم الصوفي وأجاز له المؤيد الطوسي وعبد المعز الهروي وزينب الشعرية. روى عنه المزي والبرزالي والطبقة، وكان فاضلا بارعا متفننا عارفا بالمذهب حسن الفتاوي جيد القريحة بصيرا بالعربية علامة في الأدب والشعر وأيام الناس، كثير الاطلاع حلو المذاكرة وافر الحرمة، فيه رياسة كبيرة، له كتاب ’’وفيات الأعيان’’ وقد اشتهر كثيرا وله مجاميع أدبية. قد الشام في شبيبته وقد تفقه بالموصل على كمال الدين بن يونس وأخذ بحلب عن القاضي بهاء الدين ابن شداد وغيرهما. ودخل مصر وسكنها مدة وتأهل بها وناب بها في القضاء عن القاضي بدر الدين السنجاري ثم قدم الشام على القضاء في ذي الحجة سنة تسع وخمسين منفردا بالأمر ثم أقيم معه في القضاء ثلاثة سنة أربع وستين وكان ذلك في جمادى الأولى، جاء من مصر ثلاثة تقاليد لشمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء الحنفي ولزين الدين عبد السلام الزواوي المالكي ولشمس الدين عبد الرحمن ابن الشيخ أبي عمر الحنبلي فلم يقبل المالكي ووافق الحنفي والحنبلي، وكان الحنفي قبل ذلك نائبا للشافعي، ثم إن الأمر من مصر ورد بإلزام المالكي وامتنع المالكي والحنبلي من أخذ الجامكية وقالا: نحن في كفاية. قال شهاب الدين أبو شامة: ومن العجيب اجتماع ثلاثة من قضاة القضاة لقب كل واحد منهم شمس الدين في زمن واحد. واتفق أن الشافعي استناب نائبا لقبه شمس الدين فقال بعض الأدباء الظرفاء:

وقال أيضا:
ثم عزل عن القضاء سنة تسع وستين بالقاضي عز الدين ابن الصايغ، ثم عزل ابن الصايغ بعد سبع سنين به، وقدم من مصر فدخل دخولا لم يدخل غيره مثله من الاحتفال والزحمة وأصحاب البغال والشهود وكان يوما مشهودا وجلس في منصب حكمه وتكلم الشعراء. ولما قدم ابن خلكان إلى دمشق ثانيا وكان لثامن سنة قال رشيد الدين الفارقي في ذلك:
وقال سعد الدين الفارقي:
وقال ابن جعوان:
وقال نور الدين ابن مصعب:
قلت: بيتا رشيد الدين الفارقي خير هذه المقاطيع.
وكان كريما جوادا ممدوحا فيه ستر وحلم وعفو، وحكاياته في ذلك مشهورة. ثم عزل بابن الصايغ ودرس بالأمينية إلى أن مات عشية نهار السبت سادس عشرين شهر رجب سنة إحدى وثمانين وست مائة بالنجيبية جوار النورية وشيعه الخلائق.
أنشدني من لفظه لنفسه شهاب الدين أحمد بن غانم كاتب الإنشاء يرثي قاضي القضاة شمس الدين:
وكان وجيه الدين محمد بن سويد صاحبه وكان يسومه قضاء أشغال كثيرة ويقضيها، فحضر في بعض الأيام ورام منه أمرا متعذرا فاعتذر، فقال: ما يكون الصاحب صاحبا حتى يعرق جبينه مع صاحبه في جهنم، فقال القاضي: بلى يا وجيه الدين، صرنا معك قشلمشا وما ترضى. ويقال إنه عمل تاريخا للملك الظاهر ووصل نسبه بجنكزخان، فلما وقف عليه قال: هذا يصلح أن يكون وزيرا، اطلبوه، فطلب وبلغ الخبر الصاحب بهاء الدين ابن حنا فسعى في القضية إلى أن أبطل ذلك، وناسى السلطان عليه، فبقي في القاهرة يركب كل يوم ويقف في باب القرافة ويمشي قدام الصاحب إلى أن يوصله بيته وافتقر حتى لم يكن له غير البغلة لركوبه، وكان له عبد يعمل بابا ويطعمه، والشيخ بهاء الدين ابن النحاس يؤثره، ومع ذلك فلا يحنو عليه الصاحب ولا يحن إلى الإحسان إليه، حتى فاوضه الدوادار وقال له: إلى متى يبقى هذا على هذه الحالة؟ فجهز إلى مكانه بدمشق على القضاء. وحضر إليه وهو بالقاهرة عز الدين محمد بن شداد بكتب فقارس من الغور وانتقالها إلى الظاهر وقد ثبتت عليه بالشام وطلب منه الإشهاد عليه بما فيها لتثبت بمصر، قال: كيف أشهد علي؟ قال: يأذن لك قاضي القضاة ابن رزين. فقال: لو كنت موليا ما كنت آذن له، أفأكون مولى من جهته، هذا لا يكون أبدا. واطلع الظاهر على ذلك فعظم عنده وتحقق شرف نفسه. وأمر له بدر الدين بيليك الخزندار تلك الأيام بألفي درهم ومائة إردب قمح فأبى من قبولها وتلطف معه مع القاصد، فقال: تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها، ولم يقبل وأصر على الامتناع مع الفاقة الشديدة. وكان له ميل إلى بعض أولاد الملوك وله فيه الأشعار الرائقة، يقال إنه أول يوم جاء إليه بسط له الطرحة وقال: ما عندي أعز من هذه، طأ عليها، ولما فشا أمرهما وعلم به أهله منعوه الركوب فقال:
أخبرني من لفظه القاضي جمال الدين عبد القاهر التبريزي -وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى- قال: كان الذي يهواه القاضي شمس الدين هو الملك المسعود وكان قد تيمه حبه فكنت أنام عنده في العادلية فتحدثنا في بعض الليالي إلى أن راح الناس من عنده فقال لي: نم أنت، وألقى علي فروة، وقام يدور حول البركة في العادلية، ويكرر هذين البيتين إلى أن أصبح وتوضأ وصلينا. والبيتان المذكوران:
ويقال إنه سأل بعض أصحابه عما يقوله أهل دمشق عنه فاستعفاه فألح عليه فقال: يقولون إنك تكذب في نسبك وتأكل الحشيشة وتحب الغلمان. فقال: أما النسب والكذب فيه فإذا كان ولا بد منه فكنت أنتسب إلى العباس أو إلى علي بن أبي طالب أو إلى أحد الصحابة، وأما النسب إلى قوم لم يبق لهم بقية وأصلهم فرس مجوس فما فيه فائدة. وأما الحشيشة فالكل ارتكاب محرم وإذا كان ولا بد فكنت أشرب الخمر لأنه ألذ. وأما محبة اللغلمان فإلى غد أجيبك عن هذه المسألة. قال قطب الدين اليونيني: سمعت من يذكر إنما خرج له النسب إلى البرامكة أبو شامة، وليس كذلك. ووقفت على مجلدة من ’’تاريخ إربل’’ لوزيرها شرف الدين وقد ذكر وفاة ابن عم قاضي القضاة وقد نسبه إلى البرامكة ولعل ذلك قبل خروجه من إربل. وذكره الصاحب كمال الدين في ’’تاريخ حلب’’ ونسبه إلى البرامكة.
ومن شعره:
ومنه مضمنا:
ومنه:
ومنه على ما قيل:
ومنه:
ومنه:
ومنه:
ومنه:
وقال في ملاح أربعة يلقب أحدهم بالسيف:
ومنه:
ومن ذلك:
وله في الدوبيت شيء كثير من أحسنه قوله:
وقوله:
وقوله:
وكتب إليه السراج الوراق لغزا‌ في مئذنة:
فأجاب:..
قال ناصر الدين أحمد بن المنير في قاضي القضاة المذكور:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 7- ص: 0

أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان البرمكي قاضي القضاة شمس الدين ابن شهاب الدين تفقه على والده بمدينة إربل ثم انتقل بعد موت أبيه إلى الموصل وحضر دروس الإمام كمال الدين بن يونس ثم انتقل إلى حلب وأقام عند الشيخ بهاء الدين أبي المحاسن يوسف بن شداد وتفقه عليه وقرأ النحو على أبي البقاء يعيش بن علي النحوي ثم قدم دمشق واشتغل على ابن الصلاح ثم انتقل إلى القاهرة وناب في الحكم عن قاضي القضاة بدر الدين السنجاري ثم ولي قضاء المحلة ثم ولي قضاء القضاة بالشام ثم عزل ثم وليها ثانيا ثم عزل
ومن مصنفاته كتاب وفيات الأعيان وهو كتاب جليل
توفي بدمشق في سنة إحدى وثمانين وستمائة في شهر رجب
وله في الأدب اليد الطولى وشعره أرق من أعطاف ذي الشمائل لعبت به الشمول وأعذب في الثغور لعسا من ارتشاف الضرب وإنه لفوق ما نقول
فمنه

  • دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 8- ص: 32

أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان القاضي بدمشق، صاحب وفيات الأعيان التاريخ الذي لم يسبق لمثله، وشهرته تغني عن تعريفه وله نظم فائق، ونثر رائق.
ومولده يوم الخميس بعد صلاة العصر حادي عشر ربيع الآخر سنة 608 بمدينة أربل بمدرسة سلطانها الملك المعظم المظفر أحمد بن زيري رحمه الله كما ذكر ذلك في كتابه في حرف الزاي في ترجمة زينب بنت عبد الرحمن الشعرية توفي سنة 681.

  • دار التراث العربي - القاهرة-ط 1( 1972) , ج: 1- ص: 0

أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان.
قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس الإربلى، ولد بإربل سنة ثمان وستمائة، وسمع وأسْمعَ وإرتحل واشتغل على الكمال بن يونس وابن شداد وغيرهما، وناب في الحكم بالقاهرة عن القاضي بدر الدين السنجارى، ثم المحلة ثم قدم الشام قاضياً فمكث بها عشر سنين سواء، ثم عزل بالقاضي عز الدين بن الصائغ ثم عُزل ثم أعيد إلى القضاء بعد سبع سنين، وصنف ’’وفيات الأعيان’’، ثم أعيد ثم عزل وبيده الأمينية والنجيبية إلى أن مات في رجب سنة إحدى وثمانين وستمائة، روى عنه المزي وغيره، ومن شعره من قصيدته المشهورة به:-

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1