ابن الغماز أحمد بن محمد بن الحسن، ابن الغماز الأنصاري، أبو العباس: قاض، فقيه، حازم، من أهل بلنسية. استوطن بجاية، وولى قضاءها، فقضاء تونس. ووثق به المستنصر بالله الحفصي (صاحب تونس) فكان ينتدبه للمهمات، ثم انقطع للعلم وتوفي بتونس. له نظم حسن.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 221
ابن الغماز أحمد ابن الشيخ محمد بن حسن بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي الأنصاري الخزرجي ابن الغماز البلنسي، نزيل تونس، العلامة المقرئ المحدث، الفقيه، الكاتب الأديب، له شعر قليل.
ولد ببلنسية عام واقعة العقاب، وهي الواقعة التي انهزم فيها الموحدون أمام القوات الإسبانية المسيحية.
قرأ ببلنسية القرآن برواية نافع عن طريق الشاطبية جمعا على محمد بن أحمد بن مسعود الأزدي ابن صاحب الصلاة، وأخذ القراءات السبع افرادا وجمعا برواية يعقوب عن سعيد بن علي بن زاهر بسنده. وقرأ ختمات على صهره القاضي محمد بن ابراهيم بن روبيل وهو آخر الرواة عنه، وأجازه كل واحد منهما بما يرويه. ومن أشياخه جمع كثير أخذ عنهم بالقراءة والسماع كالحافظ الكبير سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي، وهو عمدته وأكثر عنه، وأبي الحسن علي بن أحمد بن خيرة البلنسي وهو آخر من روى عنه، ومحمد بن علي بن الزبير، ولقي ابن قطرال المراكشي، ومحمد بن محمد بن أبي السداد. وأجاز له اسماعيل المنبشي، وكتب له مجيزا من أهل المغرب الأقصى أحمد بن محمد العزفي السبتي، ومن أهل المشرق حامد بن سليمان بن أحمد المرجاني الإسكندري، وحامد بن عبد الباري بن عبد الرحمن بن الصواف، وحامد بن عبد الله بن علوان الأسدي، وعلي بن يوسف الدمشقي، وأسحاق بن أبي بكر الطبري المكي، وسبط السلفي عبد الرحمن بن مكي، وعز الدين بن عبد السلام والحافظ زكي الدين المنذري، وغيرهم. ولما نزل بجاية لقي بها المشايخ، وروى عنهم كأبي بكر محمد بن
عبد الرحمن بن محرز وأبي المطرف بن عميرة، وأبي الحسن بن أبي نصر، وأبي الحسين أحمد السراج.
تولى قضاء بلنسية نائبا عن غيره، ولما احتل الإسبان بلنسية في 17 صفر /636 سبتمبر 1238 هاجر إلى بجاية ، وباشر خطة التوثيق، ثم انتقل إلى تونس، وباشر نفس الخطة، فاشتهر أمره، ونبل قدره ثم ولي قضاء بجاية والإمامة بجامعها فأظهر العدل، والقدرة في فصل القضايا، والصلابة في الحق، مع سياسة وكياسة، يعرف كيف يلين في مواطن اللين، ويشتد في المواطن الموجبة لذلك، وهو ممن يصدق عليه أنه كان عارفا بزمانه مقبلا على شأنه. وله شقوف نظر في معالجة المشاكل فإنه لما خرج جيش بجاية مع جيش تونس لحصار مليانة، وخلت بجاية من الحامية، عاث في خارجها المفسدون، واختلت حالة الأمن، فأمر بحفر خندق خارج السور، ورمم الأسوار، ونجح في مهمته. وبعد رجوع الجيش قدرت له الدولة الحفصية هذا الموقف فاستدعته ليتولى قضاء الجماعة بتونس، فظهرت خلاله الحسنة في القضاء أضعاف ما ظهرت ببجاية، وفصل كثيرا من القضايا المشكلة التي كانت موقوفة، وأخر عن القضاء مرات لا لجرحة أو غضب، ثم لا يلبث طويلا حتى يعود إليه، قال الغبريني في عنوان الدراية: «ولم يزل يخلع ولاية القضاء بحاضرة إفريقية، ويلبسها خلعا أحسن من لبس، ولبس أحسن من خلع لأنه كان لا يخلعها إلا لمثلها وما هو أسمى منها، ولم يكن يخلع لشيء أصلا».
تولى كتابة العلامة للسلطان ابراهيم بن يحيى الحفصي.
ويبدو أنه قبل توليته قضاء بجاية تولى - على ما قاله تلميذه الوادي آشي قضاء قسنطينة والخطابة بجامعها.
ووجهه المستنصر الحفصي سفيرا في مهمة سياسية إلى بعض ملوك
المغرب، فأظهر من علو الهمة، وحسن السياسة ما ازداد به قيمة. قال الغبريني: «وكان محبوبا من الناس لقربه منهم» أي أنه كان متواضعا حسن الأخلاق، وهذه الصفات جعلته محبوبا من سائر الطبقات. ولم تلحقه نكبة أو إهانة من السلط طول حياته بخلاف معاصره بلدية ابن الابار فقد كان سليط اللسان، لا يمسك عن الإيذاء والتفوه بما لا يليق في بعض كبار رجال الدولة، مع فضول وغرور شديد، وميل إلى احتقار أبناء البلاد مما دفع ثمنه غاليا في آخر الأمر، وإذن ليس صحيحا ما رآه بعض الباحثين أن تولي الأندلسيين كبار المناصب كان مثيرا لحسد ودسائس أبناء البلاد.
والقائلون بهذا الرأي لا يستطيعون أن يظفروا إلا بما وقع لابن الأبار، وهو قد ذهب ضحية إيذائه وقلة تحفظه وغروره وسوء أخلاقه، أما غيره فقد عاش في أمان واطمئنان كالمترجم، وأبي المطرف بن عميرة وغيرهما كثير.
ووصفه ابن الأحمر في «مستودع العلامة» بأوصاف موجزة بأسلوب مسجوع لا تخرج عامة عما سبق وصفه به فقال: « .. المتميز عن القضاة بالعدل في قضاء الجماعة، والمصغي إلى أخبار الطاعة بإذن سماعة».
وكان المترجم مواظبا على التدريس والإسماع حتى بعد علو سنه وضعف قواه فكان مواظبا على الإسماع بداره غدوة وعشية وممن سمع منه محمد بن جابر الوادي آشي، وهو عمدته وأكثر عنه، وعلي التجاني، والرحالة العبدري المغربي عند رجوعه من الحج، وأحمد البطرقي، وابن راشد القفصي، وروى عنه محمد بن عبد الملك المراكشي، وخلف بن عبد العزيز الغافقي القبتوري.
توفي بتونس في 10 محرم وكان لموته رنة أسى في الأوساط العلمية والأدبية، ورثي بمراث شعرية كثيرة جمع بعض هذه المراثي تلميذه علي التجاني أحد الناظمين لبعض المراثي في تأليف سماه «تسلية القلب الحزين في مراثي قاضي قضاة المسلمين» رتب، فيه الشعر على حروف المعجم، وجمع المراثي أيضا في تأليف آخر اسمه «رائق الوشي وعالي الطراز في
مراثي القاضي الأجل أبي العباس بن الغماز» ورتب فيه الشعر حسب قيمته الذاتية.
مؤلفاته:
1) أربعون حديثا تساعية الإسناد.
2) فهرسة حافلة تضمنت أسماء مشايخه بالتلقي والإجازة من أندلسيين ومغاربة وشرقيين وهم كثيرون ومروياته عنهم، وممن ذكرها وسمعها التجيبي كما في «برنامجه» ص 248 تحقيق عبد الحفيظ منصور (تونس 1981).
المصادر والمراجع:
- الأعلام 1/ 231 (ط 5/)، برنامج الوادي آشي ص 38 - 40، تبصير المنتبه بتحرير المشتبه لابن حجر العسقلاني 3/ 969، 1509، تاريخ الدولتين 38، 45، 53، الحلل السندسية 3/ 661/1، درة الحجال 1/ 79 - 80، الديباج 76 - 79، الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي 1/ 409/1 - 13، رحلة العبدري 240 - 3، شجرة النور الزكية 199، عنوان الأريب 1/ 67 - 8، عنوان الدراية (ط 2/) 129 - 31، غاية النهاية 1/ 110، الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية 138، 141، 151، فهرس الفهارس 2/ 258، مستودع العلامة ومستبدع العلامة لابن الأحمر 132، المشتبه للذهبي 2/ 471 - 3، المرقية العليا للنباهي 122 - 3، ذكر له في نفح الطيب شعرا 6/ 51، 6/ 55 - 72، 7/ 158، نيل الابتهاج 64، الوافي بالوفيات للصفدي 7/ 82، الوفيات لابن قنفذ 52، محمد العنابي بين العالم والآثار، مجلة «الفكر» ع 8 س 19، ماي 1974، ص 91 - 5.
دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان-ط 2( 1994) , ج: 3- ص: 464
ابن الغماز قاضي تونس أحمد بن محمد بن الحسن بن الغماز قاضي الجماعة بتونس، كان إماما محدثا فقيها مقرئا كبير القدر يكنى أبا العباس، كان والده من زهاد بلنسية وفقهائها، ولد سنة تسع وست مائة وسمع الكثير من أبي الربيع بن سالم وطال عمره وأكثر عن أهل تونس، منهم الإمام أبو عبد الله بن جابر الوادي آشي، وكان أعلى أهل المغرب إسنادا في القرآن، وله معرفة بالفقه والحديث وله شعر. توفي سنة ثلاث وتسعين وست مائة. ومن شعره..
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 7- ص: 0