ابن صصرى أحمد بن محمد بن سالم، أبو المواهب، نجم الدين ابن صصري: قاض، من الكتاب، له نظم. وكان من العلماء بالحديث. من أهل دمشق. عمل في دار الإنشاء، وولى قضاء القضاة سنة 702 هـ ، إلى أن مات بحماة. ولشعراء عصره مدائح فيه كثيرة. ورثاه بعد موته شهاب الدين محمود وآخرون. وأورد ابن شاكر أبياتا منسوبة إليه، فيها رقة. وخرج له العلائي (مشيخة).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 222
أحمد بن محمد بن سالم بن أبي المواهب الحافظ الشيخ الإمام العالم قاضي القضاة نجم الدين أبو العباس بن صصرى الربعي التغلبي الدمشقي الشافعي.
حضر على الرشيد العطار سنة تسع، والنجيب عبد اللطيف. وسمع بدمشق من ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، وجده لأمه المسلم بن علان. وتفقه على الشيخ تاج الدين.
ودخل ديوان الإنشاء في ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وست مئة هو وشهاب الدين أحمد بن غانم، ونظم ونثر، وكتب المنسوب وبهر فيه لما مهر، وكان قلمه أسرع من رجع الطرف، ومن الذين يعبدون الله في الشرعة على حرف.
قيل: إنه كتب خمس كراريس في يوم، وهذا أمر قل أن يعهد من قوم. شارك الناس في فنون، وكان عنده من المسائل عيون، له عبارة فصحى، وحافظة لا تقبل رد السرد نصحا. يحفظ أربعة دروس لمدارسه، ويلقيها من فمه ويطلع في آفاقها بدور سطور كأنما يكتبها بقلمه، ولا يكاد أحد يسبقه بسلام، ولا يسمع في العفو وبالصفح عمن يؤذيه كبير عذل أو صغير ملام. اشتهر بذلك وعرف، وسار ذكره بذاك واسمه أحمد وصرف.
وله أموال ضخمة ومماليك وخدم وحشم وحشمة، وينطوي على تعبد وديانة وعفة في الأحكام وأمانة، وكان بصيرا بالأحكام مسعودا فيها، قل أن أتى إليه زور إلا وعرفه بديها، وعرفه بذلك فلم يسلك معه أحد هذه المسالك، وكان يخدم القادمين ويزورهم ويتردد إليهم وغيرهم، وهداياه في أقطار الأرض إلى أعيان الدولة ومن دونهم من أرباب الصون أو الصولة، ولذلك طالت مدته وعلى كنفه كبار المذهب وأشياخه، ومحذلقوه وأشراره وفراخه، وعصره ملآن الجوانح بالأنداد والأضراب، وفي وقته من يقول: لو أنصف لرآه وهو على بابه بواب، ومع ذلك فلم يتكدر عليه شرب ولا تنفر له بما لا تشتهيه سرب، وله أصحاب وأتراب منحدون، وعشراء وخلطاء لبلاغه أخبار الناس متصدون، يواصلونه في كل يوم ولا يصدون، ويجتمع الناس عنده في بستانه اجتماعا عاما، ويمد لهم خوانا قد نوع فيه طعاما يرون فضله تاما، إلى غير ذلك من أنواع الحلوى، والمأكل التي لا من فيها ولا سلوى. يقصده الشعراء في المواسم، ويرون ثغور جوده وهي بواسم، لا يخشون مع ذلك بوابه ولا عينه ولا حجابه، ويعتد هو أن تلك الجائزة واجبة.
وكان قد اشتغل بمصر على الأصبهاني في أصول الفقه، ودرس بالعادلية الصغرى، وبالأمينية، ثم بالغزالية، مع قضاء العسكر ومشيخة الشيوخ، وولي القضاء سنة اثنتين وسبع مئة، وأذن لجماعة في الإفتاء، وخرج له الشيخ صلاح الدين العلائي مشيخة فأجاره عليها بجملة.
ولم يول على القضاء إلى أن نزل به القضا، وقضى نحبه، فأدى حق العدم وقضى.
وتوفي رحمه الله تعالى فجاءة في نصف شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبع مئة.
وكان مولده سنة خمس وخمسين وستمئة.
ورثاه شيخنا العلامة شهاب الدين محمود وغيره.
ولشعراء زمانه فيه أمداح كثيرة. وكان العلامة شهاب الدين محمود قد كتب إلى الأمير علم الدين سنجر الدواداري يهنيه بفتح طرابلس، ويصف جراحة أصابته بقصيدة أولها:
ما الحرب إلا الذي تدمى بد اللمم | والفخر إلا إذا زان الوجوه دم |
ولا ثبات لمن لو تلق جبهته | حد السيوف ولا تثنى له قدم |
وافى كتابك فيه الفضل والكرم | فجل قدرا وجلت عندي النعم |
وجاء من بحر قد سما وطمى | در المعاني في الألفاظ تنتظم |
وصفت حالي حتى خلت أنك قد | شاهدتها ولهيب الحرب تضطرم |
وما جرى في سبيل الله محتسب | فهو الذي لم يزل تسمو له الهمم |
وجاءنا النصر والفتح المبين فلو | شاهدت نور الظبى تجلى به الظلم |
غدا العدو ذليلا بعد عزته | حلي أجيادهم بعد العقود دم |
قد فرق الجمع منهم عزم طائفة | لم يثن همتها يوم الوغى سأم |
ترك إذا ما انتضوا عزما لهم تركوا | أمامهم كل جمع وهو منهزم |
لما بقتل العدى خاضت سيوفهم | صلت فقبلها يوم الوغى القمم |
حازوا الثواب الذي راموا وبعضهم | فازوا بما كسبوا منها وما غنموا |
وكنت مشتغلا في يوم كسبهم | عنه بما كسبه عندي هو النعم |
فكيف يطلب مني الأرفغان وقد | شهدت لي ولهذا بيننا حكم |
ألست أنت الذي قد قال مبتدئا | وذاك قول بحكم الحق ملتزم |
هجمته وسيوف الهند مصلتة | وعدت والسبي والأموال تقتسم |
وكان همك في الأرواح تكسبها | وهم غيرك فيها المال والنعم |
أترى درى داعي المنية من دعا | أم أي ركن للشريعة ضعضعا |
أم أي طود حجى ترفع في العلا | عصفت به ريح الصبا فتصدعا |
أم أي نجم هدى هوى من بعدما | رد الكواكب عن مداه طلعا |
أم هل درى ناعيه أن الدين والـ | ـتقوى ونشر العدل أول ما نعى |
أصمى فؤاد الحكم سهم فجيعة | لم يبق في قوس النكاية منزعا |
وأعاد شرح الشرع أضيع سائم | لما رماه بقصد أفضل من رعى |
لله أي زرية أضحى بها | قلب الهدي حين السكون مروعا |
طرقت جنابا بالفضائل آهلا | فثنته من رب الفضائل بلقعا |
وردت معين ندى ففاض وقد طمى | ورنت إلى نوء النوال فأتلعا |
ما خص ما طرقت به خلصاءه | بل عم فادحها البرية أجمعا |
قاضي القضاة ومن حوى رتبا سمت | عن أن تسام وبزت من سعى |
شيخ الشيوخ العارفين ومن رقا | رتب السلوك تعبدا وتورعا |
يأتم منه السالكون بعارف | بلغ العناء به المقام الأرفعا |
وجرت له عين اليقين ففجرت | في حالتيه لكل ظام منبعا |
حاوي العلوم فما تفرق في الورى | إلا الذي منها لديه تجمعا |
بهرت خلال كماله فسيادة | لا ترتقى ومكارم لا تدعى |
وخلائق كالروض دبجه الحيا | أصلا فوشى حلتيه ووشعا |
تواضع أمسى سناه كنعته | يدنو وقد سكن السماء ترفعا |
ورياسة مذ كان لم نعرف لها | إلا إلى رتب الكمال تطلعا |
ووفور حلن إن يضق عن مذنب | عذر أقام العذر عنه ووسعا |
وكتابة يكسو السجل جلالها | تاجا يزين النيرات مرصعا |
وبلاغة لا قلب إلا ود أن | تملى وتنشر لو تحول مسمعا |
وفصاحة في القول أتقن علمها | نظما ونثرا حين حازهما معا |
وتثبت في حكمه ومضاؤه | تعنو له البيض القواضب خضعا |
وعبارة كالنيل نيل بيانها | مع أنها أروى وأعذب مشرعا |
وعبادة في الليل يجزيه بها | في الحشر من يجزي السعود الركعا |
من للأيامى واليتامى فارقوا | بالرغم ذاك الكافل المتبرعا |
من للجدال تضايقت طرق الهوى | فيه يبين به الطريق المهيعا |
من للقضايا العقم أصبح وجهها | إلا عن الذهن السليم مبرقعا |
ولكم له من قبل غر رسائل | أبدى بها درر البيان فأبدعا |
من كل شاردة ترفع قدرها | أن يرتقى وسبيلها أن يتبعا |
الدهر أبخل حين جاد بمثله | من أن يديم به الوجود ممتعا |
فأعاد وجه الأرض منه مجدبا | كلحا وبطن الأرض منه ممرعا |
يا من يقل له البكاء ولو غدا | ذوب القلوب أسى يمد الأدمعا |
لو سالم الدهر امرءا لكماله | لغدا لنا في خلد مثلك مطعما |
لكنه الدهر الذي ساوى الردى | فيه الأنام عصيهم والطيعا |
فلأبكينك ما حييت وما البكى | في فقد مثلك يا خليلي مقنعا |
ولألبسن عليك ثوب كآبة | مهما تمادت مدتي لن ينزعا |
ولأبعثن من الرثاء قوافيا | محزونة تبكي الحمام السجعا |
ولأمنعن عيني بعدك إن جفا | طيف الخيال جفونها أن تهجعا |
ويقل ذام فإنها جهد الأخ الـ | ـمحزون أن يبكيك أو يتفجعا |
دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 1- ص: 327
أحمد بن محمد بن سالم بن أبي المواهب أحمد بن محمد بن سالم بن أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ ابن الحسن الربعي بن صصرى نجم الدين الدمشقي ولد في ذي القعدة سنة 655 وأحضر على الرشيد العطار في سنة 57 وبدمشق على ابن عبد الدائم وعلى جده لأمه المسلم بن علان وعلي ابن أبي اليسر وتفقه على التاج ابن الفركاح وأخذ بمصر عن شمس الدين الأصبهاني وكتب في ديوان الإنشاء وكان خطه فائقا ونظمه ونثره رائقا وكان سريع الكتابة جدا حتى قيل أنه كتب خمس كراريس في يوم وكان فصيح العبارة طويل الدروس ينطوي على دين وتعبد ومكارم وولي قضاء دمشق سنة 720 بعد ابن جماعة ودام فيه إلى أن مات في ربيع الأول سنة 723 وطالت مدته فعدل وأذن في الإفتاء وكان كثير التودد والمكارم والمداراة قال ابن الزملكاني كان طلق العبارة لا يكاد يتكلم في نوع إلا ويمعن من غير وقفة ويذكر دروسا طويلة مشروحة فلم يزل في نمو وارتفاع إلى أن مات وكان قوي الحافظة وكانت وفاته فجأة ولشعراء عصره فيه غرر المدائح كالشهاب محمود والجمال بن نباتة وغيرهما وله نظم حسن وخرج له العلائي مشيخة فأجازه بجملة دراهم وأول ما درس بالعادلية سنة 82 ثم درس بالأمينية سنة 90 ثم درس بالغزالية سنة 94 وولي قضاء العسكر ومشيخة الشيوخ وكان يتفضل على كل من قدم من أمير وكبير وعالم وهداياه لا تنقطع لأهل الشام ولا لأهل مصر مع التودد والتواضع الزائد والحلم والصبر على الأذى هجاه ابن المرحل ببليقة فتحيل حتى وصلت إليه بخط الناظم فاتفق أنه دخل عليه فغمز مملوكه فوضعها أمامه مفتوحة فلما جلس ابن المرحل لمحها فعرفها فلما لحق القاضي أنه عرفها أشار برفعها ثم أحضر له بقجة قماش وصرة فضة وقال له خذ هذه جائزة البليقة فأخذها ومدحه ودخل عليه شاعر ومعه قصيدتان فيه هجو ومدح وأضمر أنه يعطيه المدح فإن أرضاه وإلا أعطاه الهجو فغلط فأعطاه الهجو فقرأها وأعطاه الجائزة وأوهم من حضر أنها المدح فلما خرج الشاعر وجد قصيدة المدح فعاد بها إليه وأظهر الاعتذار فما واخذه
مجلس دائرة المعارف العثمانية - صيدر اباد/ الهند-ط 2( 1972) , ج: 1- ص: 0
أحمد بن محمد بن سالم بن أبي المواهب بن صصرى قاضي القضاة نجم الدين أبو العباس الربعي التغلبي
حضر على الرشيد العطار والنجيب عبد اللطيف وسمع من ابن عبد الدائم وغيره وتفقه على الشيح تاج الدين ابن الفركاح
وكان ذا رياسة وسؤدد حكم بدمشق نيفا وعشرين سنة يصفح ويغضى ويمنح الجزيل ويقضي
وقد ذكره الشيخ جمال الدين بن نباتة في سجع المطوق فأحسن في وصفه وأطال ومن كلماته فيه ما الغيث وإن ثجت سحبه وأسف فويق الأرض هيديبه ورمى المحل بسهامه وتبسم ثغر برده من لعس غمامه بأسمح من الغيث الذي يخرجه لنا من ردنه وهو يده المقبلة والسحب التي يجريها بأرزاق عفاته وهي أقلامه المؤملة كلا ولا البحر وإن جاشت غواربه وهاجت عجائبه واستمدت من قطرات لجه الدائم الغزار وعلت كل موجة
إلى منال الشمس فكأنها على الحقيقة علم في رأسه نار بأمد من مواهبه وما سقت وأعجب من علومه وما وسقت
ومنها ما شهدت الدروس أسرع من نقله ولا والله النفوس أبرع من عقله وما ظفر بمثله زمان وإن حلف ليأتين بمثله
ومنها نظما
أندى البرية والأنواء ماحلة | وأسبق الناس والسادات تزدحم |
حبر تجاوز قدر المدح من شرف | كالصبح لا غرة يحكي ولا رثم |
لكنها نفحات من منائحه | تكاد تحيا بها في رمسها الرمم |
مجرد العزم للعلياء إذ عجزت | عنها السراة وقالوا إنها قسم |
تصنعوا ليحاكوا صنع سؤدده | يا شيب كم جهد ما قد يكتم الكتم |
رام الأقاصي حتى جازها ومضى | تبارك الله ماذا يبلغ الهمم |
لا يطرد المحل إلا صوب نائله | ولا يحول على أفعاله الندم |
في كل يوم ينادي جود راحته | هذا فتى الندى لا ما ادعى هرم |
يمم حماه ودافع كل معضلة | مهيبة الجرم تعلم أنه حرم |
واحسن ولاء معاليه فما سفلت | عزيمة بولاء النجم تلتزم |
لو أن للدهر جزءا من محاسنه | لم يبق في الدهر لا ظلم ولا ظلم |
قالت أياديه للحساد عن كثب | ما أقرب العز إلا أنها همم |
لما أبان به للنجم أن له | عزما يرى فرص الإحسان تغتنم |
والمجد لا تنثني يوما معالمه | إلا بنقص من الأموال تنهدم |
وللسيادة معنى ليس يدركه | من طالب الذكر إلا باحث فهم |
تستشرف الأرض ما حلت مواطئه | كأنما الوهد في آثاره أكم |
قاضي القضاة ومن حوى رتبا سمت | عن أن تسام سنا وبزت من سعا |
شيخ الشيوخ العارفين ومن رقى | رتب السلوك تعبدا وتورعا |
حاوي العلوم بما تفرق في الورى | إلا الذي منها إليه تجمعا |
دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 9- ص: 20
أحمد بن محمد بن سالم بن الحافظ أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي الدمشقي قاضي القضاة رئيس أهل دمشق نجم الدين أبو العباس الشافعي ولد سنة خمس وخمسين وست مائة.
وسمع حضورا من الرشيد العطار، وسمع بدمشق من ابن عبد الدائم، وجماعة، وتفقه بالشيخ تاج، وخرج له أبو سعيد العلائي مشيخة.
مات في منتصف ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة، وكان بصيرا بالأحكام فصيحا دينا.
أخبرنا أحمد بن محمد القاضي، أنا ابن عبد الدائم، أنا يحيى الثقفي، نا جدي إسماعيل الحافظ، نا محمد بن إسماعيل التفليسي، أنا حمزة المهلبي، أنا محمد بن أحمد بن دلويه، نا محمد بن إسماعيل البخاري، نا بشر بن محمد، نا ابن المبارك، نا يحيى بن أيوب، نا أبو زرعة، عن أبي هريرة، قال: أتى رجل نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تأمرني؟ فقال: «بر أمك» ثم عاد فقال: «بر أمك» ثم عاد فقال: «بر أمك» ، ثم عاد الرابعة فقال: «بر أباك»
مكتبة الصديق، الطائف - المملكة العربية السعودية-ط 1( 1988) , ج: 1- ص: 91
أحمد بن محمد بن سالم بن أبي المواهب الحسن بن هبة ابن محفوظ بن الحسن بن صصري
الملقب نجم الدين الدمشقي ولد في ذي القعدة سنة 655 خمس وخمسين وستمائة وأحضر على الرشيد العطار سنة 658 وبدمشق على ابن عبد الدائم وعلى جده لأمه المسلم بن عدلان وعلى ابن أبي اليسر وتفقه على التاج ابن الفركاح وأخذ بمصر عن شمس الدين الأصبهاني وكتب في ديوان الإنشاء وكان جيد الخط فائق النظم والنثر سريع الكتابة جداً حتى قيل أنه كتب خمس كراريس في يوم وكان فصيح العبارة طويل الدروس ينطوي على دين وتعبد ومكارم وولى قضاء دمشق سنة 702 ودام فيه إلى أن مات في شهر ربيع الأول سنة 723 ثلاث وعشرين وسبعمائة وطالت مدته وكان كثير التودد والمكارم والمواددة قال ابن الزملكاني كان طلق العبارة لا يكاد يتكلم في فن إلا ويذكر دروساً طويلة ولم يزل في نمو وارتفاع إلى أن مات في التاريخ المذكور بحماه ولشعراء عصره فيه غرر المدائح كالشهاب محمود والجمال بن نباتة وغيرهما وخرج له العلائي مشيخة فأجازه بجملة دراهم وأول ما درس بالعادلية سنة 682 ثم درس بالأرمستية ثم درس بالغزالية ثم ولي قضاء العسكر ومشيخة الشيوخ ثم القضاء الأكبر بدمشق في التاريخ السابق وكان يتفضل على كل من قدم إليه من كبير وصغير وهداياه لا تنقطع عن أهل الشام ولا عن أهل مصر مع التودد والتواضع الزايد والحلم والصبر على الأذى هجاه ابن المرجل بأبيات فتحيل حتى وصلت إليه بخط الناظم فاتفق أنه دخل عليه فغمز مملوكه فوضع الأبيات أمامه مفتوحة فلما جلس ابن المرجل لمحها فعرفها فلما تحقق القاضي أنه عرفها أشار برفعها ثم أحضر له قماش وصرة فضة وقال له هذه جائزة الأبيات فأخذها ومدحه ودخل عليه شاعر ومعه قصيدتان في إحداهما هجو وفي الأخرى مدح وأضمر أن يعطيه المدح فإن أرضاه وإلا أعطاه الهجو فغلط فأعطاه الهجو فقرأه وأعطاه جائزة وأوهم من حضر أنه مدح فلما خرج الشاعر وجد قصيدة المدح فعاد ودفعها إليه وأظهر الاعتذار فما واخذه
دار المعرفة - بيروت-ط 1( 0) , ج: 1- ص: 106