التصنيفات

بكتمر الساقي بكتمر الساقي كان من مماليك المظفر بيبرس فلما استقر الناصر في السلطنة بعد الكرك دخل في مماليكه وتنقل إلى أن صار خصيصا بالناصر ولما أمسك طغاي الكبير وكان تنكز يعتمد عليه عند الناصر أرسل إليه الناصر بكتمر يكون بدلا لك من طغاي وعظم قدر بكتمر جدا وكان الناصر لا يفارقه ليلا ولا نهارا إما أن يكون في بيت بكتمر أو بكتمر عنده وزوجه جاريته وهي أم ولده أحمد وكان لأحمد من الناصر منزلة عظيمة كما مضى في ترجمته وكان الناصر لا يأكل إلا مما تطبخه هي له وكان جميع رؤساء المماليك يهادونه ويبالغون في التقرب لخاطره بكل ممكن وكان ظريف الشكل حلو الكلام أشقر أسود اللحية لطيفا رقيقا وتمكن إلى أن صار هو العبارة عن الدولة بحيث كان إذا ركب يركب بين يديه مائتا عصابة قبب وعمر له الناصر الاصطبل على بركة الفيل في مدة عشرة أشهر فيقال أن أجر العمال بها بلغ تسعمائة ألف وكان في إصطبله مائة سائس وكان للملك به جمال وكان قصره بسرياقوس قبالة قصر الناصر بحيث أنهما كانا يتحادثان من داخل وهو صاحب الخانقاه التي بالقرافة ولم تكن له مع هذه العظمة حماية للبلاد ولا لغلمانه ذكر ويغلق باب إصطبله من المغرب وكان يتلطف بالناس ويقضي حوائجهم وكان يحجز على الناصر في كثير من المظالم وبلغ من منزلته أن الناصر كان إذا أعطى أحدا وظيفة وغيرها وباس الأرض يقول له رح إلى الأمير وبس يده وكان جيد الطباع حسن الأخلاق لين الجانب كثير الأموال جدا وحج مع السلطان في تجمل هائل وكان ثقله قريبا من ثقل السلطان وهو يزيد بالزركش وآلات الذهب وتنكر الناصر له في الطريق ومرض ابنه أحمد في العود ثم مرض أبوه بعده فلما مات أحمد عمل له الناصر تابوتا وغشاه بجلد جمل وحمله معه ثم مات بكتمر بعد ثلاثة أيام فدفنهما بنخل ثم نقلا إلى القرافة وكان الناصر قبل موته لا ينام إلا في برج خشب وقوصون على الباب والأمراء المشايخ كلهم حول البرج بسيوفهم فلما مات بكتمر ترك الناصر ذلك ففهموا أنه كان يحذر منه ويقال أنه عاده وهو ضعيف فقال له بيني وبينك الله ولما مات أحمد صرخت أمه وهجمت على الناصر فقالت أنت تقتل مملوكك فابني إيش عمل ثم لما مات أحيط على موجوده حتى بيع له من الخيل بعد ما نهبه الخاصكية وأخذ بثمن بخس بمبلغ ألف ألف ومائتي ألف وأعطى الناصر الزردخاناة والسلاح خاناة التي له بقوصون وقيمة ذلك ستمائة ألف دينار وبيع له من الكتب والمصاحف ونسخ البخاري والنفائس ما لا يدخل تحت الحصر ودام البيع في ذلك مدة شهور ويقال كان يباع ما يساوي مائة درهم بدرهم ونحو ذلك ويقال أن الناصر ندم على قتله وأظهر الحزن والكآبة وصار يقول ما بقي يجيئنا مثل بكتمر قال الذهبي كان يرجع إلى دين وسودد وخبرة بالأمور وترك من الأموال ما لا يعبر عنه ويقال كان في داره مائة خادم مات في أوائل سنة 736

  • مجلس دائرة المعارف العثمانية - صيدر اباد/ الهند-ط 2( 1972) , ج: 1- ص: 0