الريسوني أحمد بن محمد بن عبد الله الريسوني الحسني الادريسي العروسي، أبو العباس: ثائر، له زعامة، من مناوئي الاستعمار الفرنسي في المغرب الاقصى. من قرية تسمى ’’زينات’’ من بني عروس (بفتح العين وتشديد الراء المضمومة) يسميه الفرنج ’’الريسولي’’ او ’’الرسولي’’ باللام، ويدعوه رجاله ’’الشريف الريسوني’’ اخباره كثيرة، خلاصتها انه خرج في ايام المولى حسن بني عروس، ومن اخواله بني مصور، وقاتله حكومة مراكش ففشلت، واستعملت معه الحيلة فوقع في قبضة السلطان الحسن، وسجن مكبلا بالحديد في ثغر ’’الصويرة’’ ثلاث سنوات. ومات السلطان، فعفا عنه خلفه عبد العزيز ابن الحسن، واضطرب امر الدولة، وعبد العزيز صغير السن يستغويه الفرنسيون وغيرهم بالهدايا، فخرج الريسوني من عزلته ودعا إلى ثورة عامة على حكومة ’’المخزن’’ وعلى الفرنج، واستفحل امره في جبال بني عروس واستولى على ما حول طنجة من الريف الخاضع للسلطة الفرنسية (سنة 1904م) وخطب بأسمه على منابر ’’تازروت’’ وما والاها، وسعى السلطان إلى مصالحته فأنتهى الامر بتعيينه معتمدا للسلطان عبد العزيز في طنجة فاعاد الامن اليها والى ضواحيها، وكان له شبه استقلال فيها، يحكم بأسم السلطان عبد العزيز ولا سلطان لعبد العزيز عليه. وتقول المصادر الفرنسية ان الاسبان امدوه بمال وسلاح ليأمنوا تعرضه لتطوان وحامت المطامع الاجنبية حول طنجة، وطلب من عبد العزيز عزل الريسوني، فعزله فأنصرف إلى قريته ’’زينات’’ ثائرا. وحاربه السلطان، واحرقت قريته، وتتابعت المعارك مدة عامين ونشبت الفتنة بين الاخوين عبد العزيز وعبد الحفيظ، وآل امر المغرب إلى عبد الحفيظ، فذهب اليه الريسوني مهنئا واصبح من رجاله ولما توسع الاسبان في احتلال بعض الجهات الغربية ودخلوا تطوان (سنة 1331هـ) وقصدوا ناحية العرائش (ويكتبها الاسبان Arache) نهض الريسوني لقتالهم بجموع من القبائل، بقرب تطوان، وحالفه الظفر، فدخل مدينة شفشاون فاتحا، فخاطبوه بالصلح، فأنعقد في سبتمبر 1915 (1333هـ) على ان تكون الجبال للريسوني والشواطئ للاسبان. ولم يطل امد الصلح فتججدت الوقائع وامتدت إلى سنة 1921 م وقامت ثورة الامير محمد ابن عبد الكريم الخطابي في الريف، فبذل الاسبان العهود والوعود للريسوني فصالحهم. ودعاه عبد الكريم لمناصرته في الجهاد، فأمتنع وينقل عنه قوله: ’’لما كان ابن عبد الكريم صبيا طلب والده مني ان اساعده ليرسل ابنه إلى مدريد يتلقى فيها العلوم ففعلت، وهو يعاديني اليوم ويحرض القبائل علي’’ وزاد في نقمة ابن عبد الكريم على الريسوني انه لم يكتف بالقعود عن نصرته بل اخذ يدعو القبائل إلى موالاة الاسبان، فوجه اليه حملة هاجمته في ’’تازروت’’ وبعد معركة استمرت يومين اسر الريسوني، وكان مريضا وقد ناهز السبعين من عمره، وحمل مع اهله إلى بلدة ’’تماسنت’’ في الريف، فمات فيها.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 250