الزجاج إبراهيم بن السري بن سهل، أبو اسحاق الزجاج: عالم بالنحو واللغة. ولد ومات في بغداد. كان في فتوته يخرط الزجاج ومال إلى النحو فعلمه المبرد. وطلب عبيد الله بن سليمان (وزير المعتضد العباسي)مؤدبا لابنه القاسم، فدله المبرد على زجاج، فطلبه الوزير، فأدب له ابنه إلى ان ولي الوزارة مكان ابيه، فجعله القاسم من كتابه، فأصاب في أيامه ثروة كبيرة. وكانت للزجاج مناقشات مع ثعلب وغيره. من كتبه (معاني القرآن - خ) و (الأمالي) في الأدب واللغة، و (فعلت وأفعلت - ط) في تصريف الألفاظ.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 40

الزجاج النحوي إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق الزجاج النحوي، قال الخطيب: كان من أهل الدين والفضل حسن الاعتقاد جميل المذهب وله مصنفات حسان في الأدب، توفي سنة إحدى عشرة وثلاث مائة وهو أستاذ أبي علي الفارسي، قال: كنت أخرط الزجاج فاشتهيت النحو فلزمت المبرد وكان لا يعلم إلا بأجرة فقال لي: أي شيء صناعتك؟ قلت: أخرط الزجاج وكسبي كل يوم درهم ودانقان -أو درهم ونصف- وأريد أن تبالغ في تعليمي وأنا أعطيك كل يوم درهما وألتزم بذلك أبدا إلى أن يفرق الموت بيننا استغنيت عن التعليم أو احتجت إليه، فكان ينصحني في التعليم حتى استقللت وأنا أعطيه الدرهم كل يوم، فجاءه كتاب من بعض بني مارقة من الصراة يلتمسون نحويا لأولادهم فقلت له: أسمني لهم، فأسماني فخرجت فكنت أعلمهم وأنفذ إليه كل شهر ثلاثين درهما وأزيده ما أقدر عليه، ومضت مدة فطلب منه عبيد الله بن سليمان مؤدبا لابنه القاسم فقال: لا أعرف إلا رجلا زجاجا بالصراة مع بني مارقة، فكتب إليهم فأحضرني وأسلم إلي القاسم فكان ذلك سبب غنائي، فكنت أعطي المبرد ذلك الدرهم إلى أن مات ولا أخليه من التفقد بحسب طاقتي، فكنت أقول للقاسم بن عبيد الله: إن بلغك الله الوزارة ماذا تصنع بي؟ فيقول: ما أحببت، فأقول له: تعطيني عشرين ألف دينار، وكانت غاية أمنيتي، فلما ولي القاسم الوزارة وأنا نديمه وملازمه هبته أن أذكره، فلما كان اليوم الثالث من وزارته قال لي: يا أبا إسحاق لم أرك تذكرني بالنذر، فقلت: عولت على رعاية الوزير، فقال لي: إنه المعتضد ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك في مكان واحد ولكني أخاف أن يصير لي معه حديث في ذلك فاسمح بأخذه متفرقا، فقلت: يا سيدي أفعل، فقال: اجلس للناس وخذ رقاعهم في الحوائج الكبار واستعجل عليها ولا تمتنع من مسألتي شيئا تخاطب فيه صحيحا كان أو محالا إلى أن تحصل لك مال النذر، فكنت أعرض عليه كل يوم رقاعا فيوقع لي فيها وربما قال: كم ضمن لك على هذا؟ فأقول: كذا وكذا، فيقول: غبنت هذا يساوي كذا وكذا، ارجع فاستزد، فأراجع القوم ولا أزال أماكسهم حتى أبلغ الحد الذي رسمه، فحصل عندي عشرون ألف دينار وأكثر في مديدة، فقال لي بعد شهور: يا أبا إسحاق حصل مال الذر؟ فقلت: لا، فسكت، وكنت أعرض عليه ويسألني في كل شهر ونحوه: حصل المال؟ فأقول: لا، خوفا من انقطاع الكسب، إلى أن حصل لي ضعف ذلك، فسألني يوما فاستحييت من الكذب المتصل فقلت: قد حصل ذلك ببركة الوزير، فقال: فرجت والله عني وقد كنت مشغول القلب إلى أن يحصل لك، ثم وقع لي إلى خازنه بثلاثة آلاف دينار صلة فأخذتها، وامتنعت عن أن أعرض عليه شيئا، فلما كان من الغد جئت وجلست على رسمي فأومأ إلي أن هات ما معك! فقلت: ما أخذت من أحد شيئا لأن النذر حصل، فقال: يا سبحان الله أتراني أقطع عنك شيئا قد صار لك عادة وعلمه الناس وصارت لك به وجاهة ومنزلة وللناس غدو ورواح إلى بابك ولا يعلم السبب فيظن ذلك لضعف جاهك عندي، اعرض علي على رسمك وخذ بلا حساب، فقبلت يده وباكرت إليه بالرقاع ولم أزل كذلك إلى أن مات.
ومن تصانيف الزجاج: المؤاخذات على الفصيح لثعلب كتاب الاشتقاق كتاب القوافي كتاب العروض كتاب الفرق كتاب خلق الإنسان كتاب خلق الفرس كتاب مختصر في النحو كتاب فعلت وأفعلت كتاب ما ينصرف وما لا ينصرف كتاب شرح أبيات سيبويه كتاب النوادر كتاب معاني القرآن وكتاب ما فسر من جامع المنطق كتاب الأنواء، وقال ياقوت الحموي: قال ابن بشران: كان أبو إسحاق الزجاج ينزل بالجانب الغربي من بغداذ بالموضع المعروف بالدويرة وأنشدت له:

وقد ذكر ياقوت في تاريخ الأدباء له سبب اتصال الزجاج فيما بعد المعتضد.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 5- ص: 0

الزجاج النحوي اسمه إبراهيم بن السري.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0

إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق النحوي قال الخطيب: كان من أهل الدين والفضل حسن الاعتقاد جميل المذهب، وله مصنفات حسان في الأدب مات في جمادى الآخرة سنة أحدى عشرة وثلاثمائة. وحكى ابن مهذب في تاريخه حدثني الشيخ أبو العلاء المعري أنه سمع عنه ببغداد أنه لما حضرته الوفاة سئل عن سنه فعقد لهم سبعين، وآخر ما سمع منه: اللهم احشرني على مذهب أحمد بن حنبل.
وأبو إسحاق هو أستاذ أبي علي الفارسي، قال الخطيب باسناده قال أبو محمد عبد الله بن درستويه النحوي، حدثني الزجاج قال: كنت أخرط الزجاج، فاشتهيت النحو فلزمت المبرد لتعلمه، وكان لا يعلم مجانا ولا يعلم بأجرة إلا على قدرها، فقال لي: أي شيء صناعتك، قلت: أخرط الزجاج وكسبي في كل يوم درهم ودانقان، أو درهم ونصف، وأريد أن تبالغ في تعليمي، وأنا أعطيك في كل يوم درهما، وأشرط لك أن أعطيك إياه أبدا إلى أن يفرق الموت بيننا، استغنيت عن التعليم أو احتجت إليه. قال: فلزمته وكنت أخدمه في أموره مع ذلك وأعطيه الدرهم، فينصحني في العلم حتى استقللت، فجاءه كتاب بعض بني مارمة من الصراة يلتمسون معلما نحويا لأولادهم، فقلت له: أسمني لهم فأسماني، فخرجت فكنت أعلمهم وأنفذ إليه في كل شهر ثلاثين درهما وأتفقده بعد ذلك بما أقدر عليه. ومضت مدة على ذلك، فطلب منه عبيد الله بن سليمان مؤدبا لابنه القاسم، فقال له: لا أعرف لك إلا رجلا زجاجا بالصراة مع بني مارمة، قال: فكتب إليهم عبيد الله فاستنزلهم عني فنزلوا له، فأحضرني وأسلم القاسم إلي، فكان ذلك سبب غناي. وكنت أعطي المبرد ذلك الدرهم في كل يوم إلى أن مات ولا أخليه من التفقد بحسب طاقتي، قال: فكنت أقول للقاسم بن عبيد الله إن بلغك الله مبلغ أبيك ووليت الوزارة ماذا تصنع بي؟ فيقول: ما أحببت، فأقول له: تعطيني عشرين ألف دينار، وكانت غاية أمنيتي. فما مضت إلا سنون حتى ولي القاسم الوزارة وأنا على ملازمتي له وصرت نديمه، فدعتني نفسي إلى إذكاره بالوعد ثم هبته، فلما كان في اليوم الثالث من وزارته قال لي: يا أبا إسحاق لم أرك أذكرتني بالنذر، فقلت: عولت على رعاية الوزير أيده الله وأنه لا يحتاج إلى إذكار بنذر عليه في أمر خادم واجب الحق، فقال لي: إنه المعتضد ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك في مكان واحد، ولكني أخاف أن يصير لي معه حديث فاسمح بأخذه متفرقا، فقلت: يا سيدي أفعل، فقال: اجلس للناس وخذ رقاعهم في الحوائج الكبار واستجعل عليها ولا تمتنع من مسألتي شيئا تخاطب فيه، صحيحا كان أو محالا، إلى أن يحصل لك مال النذر، قال: ففعلت ذلك، وكنت أعرض عليه كل يوم رقاعا فيوقع لي فيها، وربما قال لي: كم ضمن لك على هذا؟ فأقول: كذا وكذا، فيقول لي غبنت، هذا يساوي كذا وكذا، ارجع فاستزد، فأراجع القوم، فلا أزال أماكسهم ويزيدوني حتى أبلغ الحد الذي رسمه. قال وعرضت عليه شيئا عظيما فحصلت عندي عشرون ألف دينار وأكثر منها في مديدة، فقال لي بعد شهور: يا أبا إسحاق حصل مال النذر؟ فقلت: لا، فسكت، وكنت أعرض عليه فيسألني في كل شهر أو نحوه حصل المال؟ فأقول: لا، خوفا من انقطاع الكسب، إلى أن حصل لي ضعف ذلك المال، وسألني يوما فاستحييت من الكذب المتصل فقلت: قد حصل ذلك ببركة الوزير، فقال: فرجت والله عني فقد كنت مشغول القلب إلى أن يحصل لك، قال: ثم أخذ الدواة فوقع إلى خازنه بثلاثة آلاف دينار صلة لي فأخذتها وامتنعت أن أعرض عليه شيئا ولم أدر كيف أقع منه، فلما كان من الغد جئته وجلست على رسمي، فأومأ إلي أن هات ما معك- يستدعي مني الرقاع على الرسم- فقلت: ما أخذت من أحد رقعة لأن النذر وقع الوفاء به ولم أدر كيف أقع من الوزير، فقال: يا سبحان الله أتراني أقطع عنك شيئا قد صار لك عادة وعلم به الناس وصارت لك به منزلة عندهم وجاه وغدو ورواح إلى بابك ولا يعلم سبب انقطاعه فيظن ذلك لضعف جاهك عندي أو تغير رتبتك عندي، أعرض علي رسمك وخذ بلا حساب، فقبلت يده وباكرته من غد بالرقاع، فكنت أعرض عليه كل يوم شيئا إلى أن مات وقد تأثلت حالي هذه.
وحدث أبو علي الفارسي النحوي قال: دخلت مع شيخنا أبي إسحاق الزجاج على القاسم بن عبيد الله الوزير، فورد عليه خادم وساره بشيء استبشر له، ثم تقدم إلى شيخنا أبي إسحاق بالملازمة إلى أن يعود ثم نهض فلم يكن بأسرع من أن عاد وفي وجهه أثر الوجوم، فسأله شيخنا عن ذلك لأنس كان بينه وبينه، فقال له: كانت تختلف إلينا جارية لإحدى المغنيات فسمتها أن تبيعني إياها فامتنعت من ذلك، ثم أشار عليها أحد من ينصحها أن تهديها إلي رجاء أن أضاعف لها ثمنها، فلما وردت أعلمني الخادم بذلك فنهضت مستبشرا لافتضاضها فوجدتها قد حاضت فكان مني ما ترى، فأخذ شيخنا الدواة من بين يديه وكتب:

وحدث أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي النحوي، قال: قال أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج: أتيت أبا العباس ابن يزيد المبرد حين دخل بغداد لأقرأ عليه الكتاب- يعني كتاب سيبويه- فقال لي: ما صنعتك؟ فقلت: زجاج، فقال لي: كم تكسب في كل يوم؟ قلت: عشرة فما دونها، قال: جئ كل يوم بنصف ما تعمل فتطرحه في هذا الصندوق، وكان عنده صندوق معمول لهذا، قال: فبدأت بقراءة الكتاب، وكلما جئت بشيء طرحته في الصندوق، ولما فرغت من الكتاب وختمته رمى بمفتاح الصندوق إلي وقال لي: افتح وخذ ما تركت فيه، ففتحت وأخذت جميع ما فيه وكان قد اجتمع شيئا كثيرا كبيرا، فرحم الله أبا العباس، فلقد آساني وأغناني وعلمني.
قال: وجرى بين الزجاج وبين المعروف بمسينة، وكان من أهل العلم، شر فاتصل ونسجه إبليس وأحكمه حتى خرج إبراهيم بن السري إلى حد الشتم فكتب إليه مسينة:
فلما اتصل هذا الشعر بالزجاج قصده راجلا حتى اعتذر إليه وسأله الصفح؛ كل هذا من تاريخ الخطيب. أنبأنا زيد بن الحسين الكندي عن أبي منصور الجواليقي عن المبارك الصيرفي عن علي بن أحمد بن الدهان عن عبد السلام بن حسين البصري قال: كتب إلينا أبو الحسن علي بن محمد الشمشاطي من الموصل قال: قال أبو إسحاق ابن السري الزجاج رحمه الله: دخلت على أبي العباس ثعلب رحمه الله في أيام أبي العباس محمد بن يزيد المبرد وقد أملى شيئا من «المقتضب» فسلمت عليه وعنده أبو موسى الحامض وكان يحسدني شديدا ويجاهرني بالعداوة، وكنت ألين له وأحتمله لموضع الشيخوخة، فقال لي أبو العباس: قد حمل إلي بعض ما أملاه هذا الخلدي يعني المبرد فرأيته لا يطوع لسانه بعبارة فقلت له: إنه لا يشك في حسن عبارته اثنان، ولكن سوء رأيك فيه يعيبه عندك، فقال: ما رأيته إلا ألكن متغلقا، فقال أبو موسى: والله إن صاحبكم ألكن- يعني سيبويه- فأحفظني ذلك. ثم قال: بلغني عن الفراء أنه قال: دخلت البصرة فلقيت يونس وأصحابه فسمعتهم يذكرونه بالحفظ والدراية وحسن الفطنة فأتيته فإذا هو أعجم لا يفصح، سمعته يقول لجارية له هات ذيك الماء من ذاك الجرة، فخرجت من عنده ولم أعد إليه. فقلت له: هذا لا يصح عن الفراء، وأنت غير مأمون في هذه الحكاية، ولا يعرف أصحاب سيبويه من هذا شيئا، وكيف تقول هذا لمن يقول في أول كتابه: هذا باب علم ما الكلم من العربية، وهذا يعجز عن إدراك فهمه كثير من الفصحاء فضلا عن النطق به؟ فقال ثعلب: قد وجدت في كتابه نحوا من هذا، قلت: ما هو؟ قال يقول في كتابه، في غير نسخة: «حاشا» حرف يخفض ما بعده كما تخفض حتى وفيها معنى الاستثناء، فقلت له: هذا كذا في كتابه وهو صحيح، ذهب في التذكير إلى الحرف وفي التأنيث إلى الكلمة، قال: والأجود أن يحمل الكلام على وجه واحد، قلت: كل جيد، قال الله تعالى: {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا} وقرئ وتعمل صالحا وقال عز وجل: {ومنهم من يستمعون إليك} ذهب إلى المعنى ثم قال {ومنهم من ينظر إليك} إلى اللفظ.
وليس لقائل أن يقول: لو حمل الكلام على وجه واحد في الاثنين كان أجود، لأن كلا جيد، فأما نحن فلا نذكر «حدود» الفراء لأن خطأه فيه أكثر من أن يعد، ولكن هذا أنت عملت «كتاب الفصيح» للمبتدئ المتعلم وهو عشرون ورقة، أخطأت في عشرة مواضع منه، قال لي: اذكرها، قلت له: نعم، قلت وهو عرق النسا ولا يقال عرق النسا كما لا يقال عرق الأبهر ولا عرق الأكحل، قال امرؤ القيس .
وقلت حلمت في النوم أحلم حلما وحلم ليس بمصدر وإنما هو اسم، قال الله تعالى: {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} وإذا كان للشيء مصدر واسم لم يوضع الاسم موضع المصدر، ألا ترى أنك تقول حسبت الشيء أحسبه حسبا وحسبانا والحسب المصدر والحساب الاسم، ولو قلت ما بلغ الحسب إليك ورفعت الحسب إليك لم يجز وأنت تريد ورفعت الحساب إليك وقلت: رجل عزب وامرأة عزبة: وهذا خطأ إنما يقال رجل عزب وامرأة عزب لأنه مصدر وصف به فلا يجمع ولا يثنى ولا يؤنث، كما يقال رجل خصم وامرأة خصم. وقد أتيت بباب من هذا النوع في الكتاب وأفردت هذا منه قال الشاعر:
#يا من يدل عزبا على عزب وقلت كسرى بكسر الكاف وهذا خطأ إنما هو كسرى، والدليل على ذلك أنا وإياكم لا نختلف في النسب إلى كسرى يقال كسروي، بفتح الكاف، وليس هذا مما يغير بالنسب لبعده منها ألا ترى أنك لو نسبت إلى معزى لقلت معزوي وإلى درهم قلت درهمي ولا يقال معزوي ولا درهمي. وقلت وعدت الرجل خيرا أو شرا فإذا لم تذكر الشر قلت أوعدته بكذا نقضا لما أصلت لأنك قلت بكذا، وقولك بكذا كناية عن الشر، والصواب أن تقول إذا لم تذكر الشر قلت أوعدته. وقلت: وهم المطوعة وإنما هم المطوعة بتشديد الطاء كما قال الله تعالى: {يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات} فقال: ما قلت إلا المطوعة، فقلت: هكذا قرأته عليك وقرأه غيري وأنا حاضر أسمع مرارا. وقلت: هو لرشدة وزنية كما قلت هو لغية الباب فيها واحد، لأنه إنما يريد المرة الواحدة، ومصادر الثلاثي إذا أردت المرة الواحدة لم تختلف، تقول ضربته ضربة وجلست جلسة وركبت ركبة، لا اختلاف في ذلك بين أحد من النحويين، وإنما تكسر من ذلك ما كان هيئة حال فتصفها بالحسن والقبح وغيرهما فتقول: هو حسن الجلسة والسيرة والركبة وليس هذا من ذلك. وقلت أسنمة للبلدة ورواه الأصمعي بضم الهمزة أسنمة، فقال: ما روى ابن الأعرابي وأصحابنا إلا أسمنة، فقلت: قد علمت أنت أن الأصمعي أضبط لما يحكي وأوثق فيما يروي.
وقلت إذا عز أخوك فهن، والكلام فهن، وهو من هان يهين إذا لان، ومنه قيل هين لين، لأن هن من هان يهون من الهوان، والعرب لا تأمر بذلك، ولا معنى لهذا الكلام يصح لو قالته العرب، ومعنى عز ليس من العزة التي هي المنعة والقدرة وإنما هو من قولك عز الشيء إذا اشتد، ومعنى الكلام: اذا صعب أخوك واشتد فذل من الذل له ولا معنى للذل هاهنا كما تقول اذا صعب أخوك فلن له. قال فما قرئ عليه «كتاب الفصيح» بعد ذلك علمي. ثم بلغني أنه سئم ذلك فأنكر كتاب الفصيح أن يكون له.
قال المؤلف: وهذه المآخذ التي أخذها الزجاج على ثعلب لم يسلم إليه العلماء باللغة فيها، وقد ألفوا تآليف في الانتصار لثعلب يضيق هذا المختصر عن ذكرها.
وحدث الزجاج قال: أنشدنا أبو العباس المبرد:
قال عبيد الله الفقير: وهذان البيتان يرويان لمحمد بن كناسة، وقد رواهما آخرون لأبي نواس.
قال الزجاج: فقلت له: أليس يقول الأصمعي الحشمة الغضب فقال:
الحشمة: الغضب، والحشمة الاستحياء، لأن الغضب والاستحياء جميعا نقصان في النفس وانحطاط عن الكمال فلذلك كان مخرجهما واحدا، قال فقلت له: أليس الحياء محمودا والغضب مذموما، وقد روي أن الحياء شعبة من الايمان، وقد قيل إذا لم تستح فاصنع ما شئت، فقال: الحياء محمود في الدين وفي اجتناب المحارم وفي الإفضال، وأما في ترك الحقوق والنكوص عن الخصوم عند الحجاج فهو نقصان في النفس.
قال أبو العباس وسمعت المازني يقول: معنى قولهم إذا لم تستح فاصنع ما شئت، أي إذا صنعت ما لا تستحي من مثله فاصنع منه ما شئت، وليس على ما يذهب إليه العوام، وهذا تأويل حسن.
قال حمزة بن الحسن الأصبهاني في «كتاب الموازنة»: كان الزجاج يزعم أن كل لفظتين اتفقتا ببعض الحروف، وإن نقص حروف إحداهما عن حروف الأخرى، فإن إحداهما مشتقة من الأخرى، فيقول: الرجل مشتق من الرجل، والثور إنما يسمى ثورا لأنه يثير الأرض، والثوب إنما سمي ثوبا لأنه ثاب لباسا بعد أن كان غزلا، حسيبه الله كذا قال. قال: وزعم أن القرنان إنما سمي قرنانا لأنه مطيق لفجور امرأته كالثور القرنان أي المطيق لحمل قرنه، وفي القرآن {وما كنا له مقرنين} أي مطيقين. قال: وحكى يحيى بن علي بن يحيى المنجم أنه سأله بحضرة عبد الله بن أحمد بن حمدون النديم: من أي شيء اشتق الجرجير؟
قال: لأن الريح تجرجره، قال: وما معنى تجرجره؟ قال: تجرره، قال: ومن هذا قيل للحبل الجرير لأنه يجر على الأرض، قال: والجرة لم سميت جرة؟ قال: لأنها تجر على الأرض، فقال: لو جرت على الأرض لانكسرت، قال: فالمجرة لم سميت مجرة؟ قال: لأن الله جرها في السماء جرا، قال: فالجرجور الذي هو اسم المائة من الابل لم سميت به؟ قال: لأنها تجر بالأزمة وتقاد، قال: فالفصيل المجر الذي يشق طرف لسانه لئلا يرتضع أمه ما قولك فيه؟ قال: لأنهم جروا لسانه حتى قطعوه، قال: فان جروا أذنيه فقطعوه تسميه مجرا؟ قال: لا يجوز ذلك، فقال يحيى بن علي: قد نقضت العلة التي أتيت بها على نفسك، ومن لم يدر أن هذا مناقضة فلا حس له.
قال خيرة: وشهدت ابن العلاف الشاعر وعنده من يحكي عن كتاب الزجاج أشياء من شنيع الاشتقاق الذي فيه، ثم قال: إني حضرته وقد سئل عن اشتقاق القصعة، قال: لأنها تقصع الجوع أي تكسره، قال ابن العلاف: يلزمه أن يقول الخضض مشتق من الخضيض، والعصفر مشتق من العصفور، والدب مشتق من الدب، والعذب من الشراب مشتق من العذاب، والخريف من الخروف، والعقل مشتق من العاقول، والحلم مشتق من الحلمة، والاقليم مشتق من القلم، والخنفساء من الفساء، والخنثى من الأنثى، والمخنث من المؤنث، ضرط إبليس على ذا من أدب!! وقال ابن بشران: كان أبو إسحاق الزجاج ينزل بالجانب الغربي من بغداد في الموضع المعروف بالدويرة وأنشدت له:
حكي أن عبيد الله بن سليمان الوزير وجه أبا إسحاق الزجاج إلى أبي خازم عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد المجيد وأبي عمر محمد بن يوسف يسألهما في رجل محبوس بدين ثابت عندهما، فبدأ الزجاج بأبي خازم، فجاء إليه وقد علا النهار ودخل داره فقال أبو إسحاق للبواب: استأذن لإبراهيم الزجاج، فقال: إن القاضي الآن دخل الدار، وليست العادة بعد أن يقوم من مجلسه ويدخل الدار أن يستأذن عليه حتى تصلى العصر، فقال أبو إسحاق: تعلمه أن الزجاج بالباب، فقال: لو جاء الوزير الساعة لم أستأذن عليه، فانصرف أبو إسحاق وقعد في المسجد مغتاظا مما جرى، غير أنه لا يشتهي الانصراف إلى الوزير إلا بعد قضاء الحاجة، وقعد إلى وقت العصر، فخرج البواب وكنس الباب ورش الماء وقال للزجاج: القاضي قد جلس فإن كان لك رأي في الدخول إليه فقم. فقام أبو إسحاق فدخل على أبي خازم فسلم عليه وتعرف كل واحد منهما خبر صاحبه، غير أنه لم يكن منه من الإقبال ما كان أبو إسحاق يعتقد منه، فأدى أبو إسحاق رسالة الوزير، فقال أبو خازم: تقرأ على الوزير- أعزه الله- السلام وتقول له: إن هذا الرجل محبوس لخصمه في دينه وليس بمحبوس لي، فإن أراد الوزير إطلاقه فإما أن يسأل خصمه إطلاقه أو يقضي دينه، فإن الوزير لا يعجزه ذلك. قال أبو إسحاق: جئت إلى هاهنا قبل الظهر فامتنع البواب من الاستئذان على القاضي، فجلست إلى الآن للدخول عليك. (وهو يقصد بهذا أن ينكر القاضي على البواب). فقال له: نعم، هكذا عادتي، إذا قمت من مجلسي ودخلت داري اشتغلت ببعض الحوائج التي تخصني، فإن القاضي لا بد له من خلوة وتودع. فاغتاظ أبو إسحاق من ذلك أكثر وقال له: كنت بحضرة الوزير في بعض الليالي، فأنشد بين يديه:
فسأل عن ذلك فقيل: إنها للقاضي- أعزه الله- فقال القاضي أبو خازم: نعم، هذه أبيات قلتها في والدة هذا الصبي- لغلام قاعد بين يديه، في يده كتاب من الفقه يقرأ عليه وهو ابنه- فإني كنت ضعيف الحال أول ما عرفتها، وكنت مائلا إليها، ولم يمكن إرضاؤها بالمال، فكنت أطيب قلبها بالبيت والبيتين. فقام أبو إسحاق وودعه ومضى إلى أبي عمر، فاستقبله حجابه من باب الدار، وأدخلوه إلى الدار، فاستقبله القاضي من مجلسه خطوات وأجلسه في موضعه وأكرمه كما يكرم من يكون خصيصا بوزير إذا جاء إلى ناظر من قبله، فقال له: في أي معنى وأي شيء ترسم؟ فأدى إليه رسالة الوزير في باب الرجل المحبوس، فقال أبو عمر: السمع والطاعة لأمر الوزير، أنا أسأل صاحب الحق حتى يفرج عنه، فإن فعل وإلا وزنت الدين من مالي إجابة لمسألة الوزير- أعزه الله- فقام أبو إسحاق وودعه وانصرف إلى الوزير ضيق الصدر من أبي خازم مسرورا بصنيع أبي عمر، فاستبطأه الوزير، فحكى ما جرى من كل واحد منهما، فقال له الوزير: فأي الرجلين أفضل عندك يا أبا إسحاق؟ فقال: أبو عمر في عقله وسداده وحسن عشرته ومعرفته بحقوق الوزير (يغري بأبي خازم) فقال الوزير: دع هذا عنك، أبو خازم دين كله، وأبو عمر عقل كله.
حدث أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي البصري قال: لما مات أبو العباس أحمد بن يحيى بكى أبو إسحاق الزجاج، فقلت: ما بكاؤك؟ فقال لي: أين يذهب بك؟ أليس كان يقال أحمد بن يحيى جالس وإبراهيم الزجاج اليوم، فقال الزجاج ونفطويه وابن الأنباري: مات الناقد ونفقت البهارج.
وحدث المرزباني في كتابه المقتبس ولم يذكر من خبره غير هذه القصة وذكرها ابن النديم في فهرسته قالا جميعا: كان السبب في اتصال أبي إسحاق الزجاج بالمعتضد أن بعض الندماء وصف للمعتضد «كتاب جامع النطق» الذي عمله محبرة النديم، (قال محمد بن إسحاق خاصة: واسم محبرة محمد بن يحيى بن أبي عباد ويكنى أبا جعفر، واسم أبي عباد: جابر بن زيد بن الصباح العسكري، وكان حسن الأدب ونادم المعتضد وجعل كتابه جداول) .
رجع الكلام إلى اتفاقهما: فأمر المعتضد القاسم بن عبيد الله أن يطلب من يفسر تلك الجداول، فبعث إلى ثعلب وعرضه عليه، فلم يتوجه إلى حساب الجداول وقال: لست أعرف هذا، وإن أردتم كتاب العين فموجود ولا رواية له. فكتب ابن عبيد الله إلى المبرد أن يفسرها فأجابهم إنه كتاب طويل يحتاج إلى تعب وشغل، وإنه قد كبر وضعف عن ذلك، وإن دفعتموه إلى صاحبي إبراهيم بن السري رجوت أن يفي بذلك. فتغافل القاسم عن مذاكرة المعتضد بالزجاج حتى ألح عليه المعتضد، فأخبره بقول ثعلب والمبرد وأنه أحال على الزجاج، فتقدم إليه بالتقدم إلى الزجاج بذلك، ففعل القاسم، فقال الزجاج: أنا أعمل ذلك على غير نسخة ولا نظر في جدول، فأمره بعمل الثنائي، فاستعار الزجاج كتب اللغة من ثعلب والعسكري وغيرهما لأنه كان ضعيف العلم باللغة، ففسر الثنائي كله وكتبه بخط الترمذي الصغير أبي الحسن وجلده وحمله إلى الوزير، وحمله الوزير إلى المعتضد فاستحسنه وأمر له بثلاثمائة دينار وتقدم إليه بتفسيره كله، ولم يخرج لما عمله الزجاج نسخة إلى أحد إلا إلى خزانة المعتضد ووزيره. (وقال ابن النديم: ثم ظهر في كتاب السلطان هذا التفسير منقطعا ورأيناه في طلحي لطيف). وصار للزجاج بهذا السبب منزلة عظيمة وجعل له رزق في الندماء ورزق في الفقهاء ورزق في العلماء نحو ثلاثمائة دينار.
قال ابن النديم: وللزجاج من الكتب: كتاب ما فسره من جامع النطق. كتاب معاني القرآن (قرأت على ظهر كتاب المعاني: ابتدأ أبو إسحاق بإملاء كتابه الموسوم بمعاني القرآن في صفر سنة خمس وثمانين ومائتين وأتمه في شهر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثمائة). كتاب الاشتقاق. كتاب القوافي. كتاب العروض. كتاب الفرق.
كتاب خلق الإنسان. كتاب خلق الفرس. كتاب مختصر النحو. كتاب فعلت وأفعلت. كتاب ما ينصرف وما لا ينصرف. كتاب شرح أبيات سيبويه. كتاب النوادر.

  • دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 1- ص: 51

الزجاج الإمام، نحوي زمانه، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن السري الزجاج، البغدادي، مصنف كتاب ’’معاني القرآن’’، وله تآليف جمة.
لزم المبرد، فكان يعطيه من عمل الزجاج كل يوم درهما، فنصحه وعلمه، ثم أدب القاسم بن عبيد الله الوزير، فكان سبب غناه، ثم كان من ندماء المعتضد.
مات سنة إحدى عشرة وثلاث مائة.
وقيل: مات في تاسع عشر جمادى الآخرة، سنة عشرة.
وله كتاب: ’’الإنسان وأعضائه’’، وكتاب ’’الفرس’’، وكتاب ’’العروض’’، وكتاب ’’الاشتقاق’’، وكتاب ’’النوادر’’، وكتاب ’’فعلت وأفعلت’’.
وكان عزيزا على المعتضد، له رزق في الفقهاء، ورزق في العلماء، ورزق في الندماء، نحو ثلاث مائة دينار.
ويقال: توفي سنة ست عشرة.
أخذ عنه العربية أبو علي الفارسي، وجماعة.
ابن اليزيدي والضبي وأبو طالب المفضل بن سلمة:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 11- ص: 222

إبراهيم بن السري سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى يقول: سمعت إبراهيم بن السري السقطي، يقول: سمعت أبي يقول: «عجبت لمن غدا أو راح في طلب الأرباح وهو مثل نفسه نواح لا يربح أبدا»
سمعت إبراهيم بن محمد، يقول: سمعت أبا العباس، يقول: سمعت إبراهيم بن السري، يقول: سمعت أبي يقول: «لو أشفقت هذه النفوس على أبدانها شفقتها على أولادها للاقت السرور في معادها»

  • دار الكتاب العربي - بيروت-ط 0( 1985) , ج: 10- ص: 305

  • السعادة -ط 1( 1974) , ج: 10- ص: 305

إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق الزجاج.

قال الخطيب: كان من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد، جميل المذهب. كان يخرط الزجاج، ثم مال إلى النحو، فلزم المبرد، وكان يعلم بالأجرة، قال: فقال ما صنعتك؟ قلت: أخرط الزجاج، وكسبي كل يوم درهم ونصف، وأريد أن تبالغ في تعليمي، وأنا أعطيك كل يوم درهما وأشرط لك أن أعطيك إياه أبدا حتى يفرق الموت بيننا. قال: فلزمته، وكنت أخدمه في أموره مع ذلك، فنصحني في العلم؛ حتى استقللت، فجاءه كتاب بعض بني مارقة، يلتمسون معلما نحويا لأولادهم. فقلت له: أسمني لهم، فأسماني، فخرجت فكنت أعلمهم وأنفذ إليه في كل شهر ثلاثين درهما، وأنفله ما أقدر عليه فطلب منه عبيد الله بن سليمان مؤدبا لابنه القاسم، فقال له: لا أعرف لك إلا رجلا زجاجا عند بني فلان، فكتب إليهم عبيد الله، فاستنزلهم عني وأحضرت، وأسلم القاسم إلي، وكنت أعطى المبرد الدرهم كل يوم إلى أن مات، ولا أخليه من التفقد، وكنت أقول للقاسم: إن بلغت مبلغ أبيك ووليت الوزارة ما تصنع بي؟ فيقول لي: ما أحببت، فأقول له: تعطيني عشرين ألف دينار- وكانت غاية أمنيتي- فما مضت إلا سنون حتى ولي القاسم الوزارة، وأنا على ملازمتي له، وصرت نديمه، فدعتني نفسي إلى إذكاره بالوعد، ثم هبته، فلما كان في اليوم الثالث من وزارته، قال لي: يا أبا إسحاق لم أرك أذكرتني بالنذر! فقلت: عولت على رعاية الوزير أيده الله، وأنه لا يحتاج إلى إذكار بنذر عليه في أمر خادم واجب الحق، فقال لي: إنه المعتضد ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك دفعة، ولكني أخاف أن يصير لي معه حديث؛ فاسمح بأخذه متفرقا. فقلت: أفعل. فقال: اجلس للناس وخذ رقاعهم في الحوائج الكبار، واستجعل عليها، ولا تمتنع من مسألتي في شيء إلى أن يحصل لك القدر. قال: ففعلت ذلك، وكنت أعرض عليه كل يوم رقاعا فيوقع لي فيها، وربما قال لي: كم ضمن لك على هذا؟ فأقول: كذا وكذا،

فيقول لي: غبنت، هذا يساوي كذا وكذا، ارجع فاسترد، فأراجع القوم وأماكسهم فيزيدونني، حتى أبلغ الحد الذي رسمه، فحصلت عشرين ألف دينار وأكثر في مديدة، فقال لي بعد شهور: حصل مال النذر؟ فقلت: لا، وجعل يسألني في كل شهر: هل حصل؟ فأقول لا خوفا من انقطاع الكسب، إلى أن سألني يوما فاستحييت من الكذب المتصل، فقلت: قد حصل ببركة الوزير فقال: فرجت والله عني فقد كنت مشغول القلب؛ ثم وقع لي بثلاثة آلاف دينار صلة، فأخذتها، فلما كان من الغد جئته، ولم أعرض عليه شيئا، فقال: هات ما معك، فقلت: ما أخذت من أحد رقعة، لأن النذر وقع الوفاء به، ولم أدر كيف أقع من الوزير، فقال: سبحان الله! أتراني أقطع عنك شيئا قد صار لك عادة، وعرفك به الناس، وصال لك به عندهم علم وجاه، ولا يعلم سبب انقطاعه، فيظنوا أن ذلك لضعف جاهك عندي، أعرض علي وخذ بلا حساب. فقبلت يده، وكنت أعرض عليه الرقاع إلى أن مات.

وكان بين الزجاج ورجل من أهل العلم يسمى مسيند شر، فاتصل حتى خرج الزجاج إلى حد الشتم؛ فكتب إليه مسيند:

فلما اتصل الشعر بالزجاج قصده راجلا، واعتذر إليه، وسأله الصفح.

أخذ الزجاج عن المبرد كما تقدم، وعن ثعلب أيضا، وعنه علي بن عبد الله ابن المغيرة الجوهري وغيره.

وله من التصانيف: «معاني القرآن»، «الاشتقاق»، «خلق الإنسان» «فعلت وأفعلت»، «مختصر النحو»، «خلق الفرس»، «شرح أبيات سيبويه» «العروض»، «النوادر»، «تفسير جامع النطق»، «الفرق»، «ما ينصرف وما لا ينصرف»، وغير ذلك، مات ببغداد في جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وسئل عن سنه عند الوفاة فعقد سبعين.

وآخر ما سمع منه: اللهم احشرني على مذهب أحمد بن حنبل.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 1- ص: 9

إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق الزجاج وكان من أهل الفضل والدين وجميل المذهب والاعتقاد ومن تصانيفه معاني القرآن في التفسير وخلق الإنسان وتفسير جامع المنطق وكانت وفاته سنة إحدى عشرة وثلاثمائة في جمادي الآخر وقد يسأل عنه سنه حين وفاته قال عقد في السبعين ويسمع في آخر نفسه هذا الكلام اللهم احشرني على مذهب أحمد بن حنبل
هكذا ذكر في موضوعات العلوم لطاش كوبري زاده وكذا في تاريخ مرآة الجنان

  • مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 52

الزجاج
وأما أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج؛ فإنه كان من أكابر أهل العربية، وكان حسن العقيدة، جميل الطريقة.
وصنف مصنفات كثيرة؛ منها كتاب المعاني في القرآن، وكتاب الفرق بين المؤنث والمذكر، وكتاب فعلت وأفعلت، والرد على ثعلب في الفصيح؛ إلى غير ذلك.
وكان صاحب اختيار علمي النحو والعروض.
وقال أبو محمد بن درستويه: حدثني أبو إسحاق الزجاج، قال: كنت أخرط الزجاج، فاشتهيت النحو، فلزمت أبا العباس المبرد، وكان لا يعلِّم مجاناً، وكان لا يعلم بأجرة إلاّ على قدرها، فقال: أي شيء صناعتك؟ فقلت: أخرط الزجاج، وكسبي كل يوم درهم ونصف، وأريد أن تبالغ في تعليمي، وأنا أشرط أن أعطيك كل يوم درهماً أبداً إلى أن يفرق الموت بيننا، استغنيت عن التعليم أو احتجت إليه. قال: فلزمته، وكنت أخدمه في أموره، ومع ذلك أعطيه الدرهم؛ فنصحني في العلم حتى استقللت، فجاءه كتاب من بعض الأكابر من الصراة يلتمسون معلماً نحوياً لأولادهم، فقلت له: أسمني له، فأسماني فخرجت، فكنت أعلمهم وأنفذ إليه في كل شهر ثلاثين درهماً، وأتفقده بعد ذلك بما أقدر عليه، وبقيت مدة على ذلك، فطلب عبيد الله بن سليمان مؤدباً لابنه قاسم، فقال: لا أعرف لك إلاّ رجلاً زجاجاً عند قوم بالصراة، قال: فكتب إليهم عبيد الله، فاستنزلهم عني، وأحضرني، وأسلم إلي القاسم، فكان ذلك سبب غناي، وكنت أعطي أبا العباس المبرد بعد ذلك في كل يوم؛ إلى أن مات إلى رحمة الله تعالى.
وعن علي بن عبد العزيز الطاهري، قال: أخبرنا أبو محمد الوراق - جار لنا - قال: كنت بشارع الأنبار وأنا صبي يوم نيروز، فعبر رجل راكب، فبادر بعض الصبيان، فقلب عليه ماء، فأنشأ يقول وهو ينفض رداءه:

فلما عبر قيل لنا: هذا أبو إسحاق الزجاج.
قال الطاهري: شارع الأنبار هو النافذ إلى الكبش والأسد.
وقال أبو الفتح عبيد الله بن أحمد النحوي: توفي أبو إسحاق الزجاج في جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وثلثمائة.
وقال غيره: توفي يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من الشهر، في خلافة المقتدر بالله تعالى.

  • مكتبة المنار، الزرقاء - الأردن-ط 3( 1985) , ج: 1- ص: 183

  • دار الفكر العربي-ط 1( 1998) , ج: 1- ص: 216

  • مطبعة المعارف - بغداد-ط 1( 1959) , ج: 1- ص: 167

أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج
له كتاب ’’ معاني القرآن وشرح إعرابه ’’، وله كتاب ’’ الاشتقاق ’’،
وكتاب ’’ فعلت وأفعلت ’’، ومصنفات، منها: كتاب ’’ الأنواء ’’.
توفي سنة ست عشرة وثلاثمائة.
وقد روي أن وفاته تقدمت قبل السنة التي ذكرناها. والله أعلم.
وروى ابن خالويه أنه توفي سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وقال: دخلت بغداد سنة أربع عشرة وثلاثمائة، بعد موت الزجاج بسنتين.

  • هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، القاهرة - مصر-ط 2( 1992) , ج: 1- ص: 38

إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج
أخذ عن ثعلب والمبرد له ’’معاني القرآن’’، و’’فعل وأفعل’’ وغير ذلك. توفي سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. بلغ الثمانين.

  • جمعية إحياء التراث الإسلامي - الكويت-ط 1( 1986) , ج: 1- ص: 2

  • دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع-ط 1( 2000) , ج: 1- ص: 59

إبراهيم بن السّريّ بن سهل الزّجاج، أبو إسحاق النّحويّ.
ذكره الخطيب قال: كان من أهل الفضل والدّين، حسن الاعتقاد.
مات في جمادى الآخرة من سنة إحدى عشرة وثلاث مائة، عن سبعين سنة. وقد روى عنه أبو العلاء المعريّ، وهو أستاذ أبي عليّ الفارسيّ، وقد قرأ هو على المبرّد، وكان يعطيه في كلّ يوم درهما من خرط الزّجاج كما شرط له. وطلب الوزير عبيد الله بن سليمان من يعلّم أولاده، فعيّن عليه المبرّد، فكان ذلك سبب غناه؛ لأنه كان يقضي عدة حوائج، وتعرض عليه الرقائع ويأخذ من ذلك الفوائد.
وقد ذكره النّديم صاحب الفهرست، وقال: للزجّاج من الكتب:
كتاب ما فسّره من جامع المنطق، وكتاب معاني القرآن، وكتاب الاشتقاق، وكتاب القوافي، وكتاب العروض، وكتاب الفرق، وكتاب خلق الإنسان، وكتاب خلق الفرس، وكتاب مختصر النّحو، وكتاب فعلت وأفعلت، وكتاب ما ينصرف وما لا ينصرف، وكتاب شرح أبيات سيبويه، وكتاب النوادر، وكتاب الأنواء.

  • دار الغرب الإسلامي - تونس-ط 1( 2009) , ج: 1- ص: 241