أبو يزيد بن محمد آل عثمان أبو يزيد بن محمد آل عثمان: أبو يزيد بن محمد السلطان المفخم، والخاقان المعظم، بايزيد خان ابن السلطان محمد خان فاتح القسطنطينية العظمى ابن السلطان مراد خان ابن السلطان محمد خان ابن السلطان بايزيد خان ابن السلطان مراد خان ابن السلطان أورخان ابن السلطان عثمان خان الغازي ابن أرطغرل بن سليمان شاه سلطان الروم - رحمه الله تعالى -. مولده سنة ست وخمسين وثمانمئة، وجلس على تخت السلطنة بعد وفاة أبيه في ثامن ربيع الأول سنة ست وثمانين وثمانمئة، وعمره إذ ذاك ثلاثون سنة، وكان من أعيان الملوك الأكابر، وممن ورث السلطنة عن آبائه كابرا عن كابر، وتزينت باسمه رؤوس المنائر، وصدور المنابر، فتح الفتوحات، وغزا في سبيل الله الغزوات، مما افتتحه قلعة ملوان وقلعة كوكلك وقلعة أق كرمان وقلعة متون وقلعة قرون وغير ذلك وكان محبا للخيرات، مثابرا على البر والصدقات، يميل إلى العلماء والصلحاء، ويعرف حقوق الفضلاء والنبلاء، ودخل الخلوة عند بعض المشايخ، وبنى الجوامع والمدارس والتكايا والزوايا، ورتب للمفتي الأعظم ومن ببيته من العلماء في زمانه كل عام عشرة آلاف عثماني، ولكل واحد من مدرسي المدرسة العثمانية سبعة آلاف عثماني، ولمدرسي شرح المفتاح لكل واحد أربعة آلاف عثماني، ولكل واحد من مدرسي شرح التجريد ألفي عثماني، وكذلك رتب لمشايخ الصوفية ومريديهم وأهل الزوايا ما يليق بهم. عين لهؤلاء من الكسوة من الفراء والحوائج على قدر مراتبهم، وصار ذلك قانونا جاريا بعده مستمرا، وكان يحب أهل الحرمين الشريفين، ويحسن إليهم إحسانا كثيرا، ورتب لهم الصر في كل عام، وكان يجهز إلى فقراء الحرمين في كل سنة أربعة عشر ألف دينار ذهبا يصرف نصفها على فقراء مكة، ونصفها على فقراء المدينة، وكان يكرم الواردين عليه من أهل الحرمين الشريفين أو من غيرهم، ويصلهم ويحسن إليهم حتى ألف الشيخ جمال الدين المبرد الحنبلي الصالحي الدمشقي في مدحه، ونشر مناقبه مؤلفا مستقلا، وصنف الشيخ شهاب الدين أحمد بن. الحسين العليف شاعر مكة باسمه تاريخا سماه ’’الدر المنظوم، في مناقب السلطان بايزيد ملك الروم’’، لا يخلو من فوائد لطيفة، وكتب في مدحه قصيدة رائية طنانة مطلعها:

ومنها:
إلى أن قال:
وهي طويلة. ويحكى أنها لما وصلت إلى السلطان أبي يزيد خان سر بها، وأمر لقائلها أحمد العليف بألف دينار جائزة، ورتب له في الصر في كل عام مئة دينار ذهبا كانت تصل إليه في كل عام، وصارت بعده لأولاده، وكان قد استولى على المرحوم السلطان أبي يزيد خان في آخر عمره مرض النقرس، وضعف عن الحركة، وترك الحروب والسفر سنين متعددة، فصارت عساكره يتطلبون سلطانا شابا قوي الحركة، كثير الأسفار ليغازي بهم، ويغنموا الغنائم، فرأوا أن السلطان سليم خان من أولاد السلطان أبي يزيد أقوى أخوته وأجلدهم، فمالوا إليه، وعطف عليهم، فخرج إليه أبوه محاربا، فقاتله وهزمه أبوه، ثم عطف على أبيه ثانيا لما رأى من ميل العساكر إليه واجتماعهم عليه، فلما رأى السلطان أبو يزيد توجه أركان الدولة إلى السلطان سليم، استشار وزراءه وأخصاءه في أمره، فأشاروا إليه أن يفرغ له عن السلطنة، ويختار التقاعد بعزه في أدرنة، وأبرموا عليه في ذلك، فأجابهم حين لم ير بدا من إجابتهم، وطلب السلطان سليم إلى حضرته، وعهد إليه بسلطنته، ثم توجه مع بعض خواص خدامه إلى أدرنة، فلما وصل إلى قرب جورلو كان فيها حضور أجله. فتوفي بها في سنة ثمان عشرة وتسعمئة، ووصل خبر موته هو وسلطان مكة قايتباي بن محمد بن بركات الشريف، وسلطان اليمن الشيخ عامر بن محمد إلى دمشق في يوم واحد، وهو يوم الأحد ثاني عشري ربيع الأول من السنة المذكورة. رحمهم الله تعالى رحمة واسعة. آمين.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1977) , ج: 1- ص: 123