عبد الرحمن بن الفرفور عبد الرحمن بن محمد بن أحمد أقضى القضاة زين الدين الحنفي ابن قاضي قضاتها شهاب الدين بن الفرفور. قرأ الفقه على الشيخ نجم الدين البهنسي، والشيخ عبد الوهاب الإمام، والنحو، والمعاني، والبيان على الشيخ أبي الفتح السبستري، وعلى الشيخ علاء الدين بن عماد الدين، وفي العروض على الشيخ شهاب الدين الغزي أخي، وتولى خطابة السليمانية أول ما عمرت، ثم أعرض عنها، وسافر إلى الروم، فولي قضاء حوران، ثم انفصل عنه، ولزم بيته لا يخرج إلا لصلاة الجمعة والجماعة ملازما على الصلوات الخمس في الجامع الأموي، وربما خرج لتهنئة أقرانه، وفي الجنائز، وكان فيه كرم وسخاء وحشمة زائدة، ولطف في العشرة له تواضع وتودد غير أنه كان مغرما بالتعمير في بيت أبيه، وربما غير ما يحسنه منه مرارا لأدنى شيء ينتقده بعض الداخلين إليه، أو يستحسنه بعض الواردين عليه، وكان له معرفة تامة بالتاريخ والأدب ومن شعره:
ناهزت خمسين ولم أتعظ | وشاب فودي مؤذنا بالرحيل |
ولم أقدم عملا صالحا | فحسبنا الله، ونعم الوكيل |
أترك الدنيا لناس زعموا | إن فيها مرهم القلب الجريح |
ذاك طن منهم بل غلط | آه منها ما عليها مستريح |
سفينة وافتك يا سيدي | مشحونة بالنظم والنثر |
قد ملئت بالدر أرجاؤها | من أجل ذا جاءت إلى البحر |
بلغت العلى بالأصل في الأب والجد | ونلت المنى بالفضل في الجود والجد |
وقفت على الأقران فضلا وسؤددا | وحزت جميل الذكر بالفخر والمجد |
ولا سيما من آل فرفور التي | فضائلهم في الكون جلت عن الحد |
فوالدك المولى الذي شاع ذكره | وفي عصره قد كان كالعلم الفرد |
وقاضي قضاة الدولتين وبابه | ولا فخر لكن ليس في ذاك من رد |
وأنت الذي أحييت ذكراه في الورى | لهمتك العلياء في الزمن الجعد |
أخذت نصيبا من تراث فضائل | يقصر عن تعريفها القول بالحد |
فضائل شتى للفواضل جانست | لذلك شعري جانس المدح بالحمد |
ولكنني قصرت فاعف تكرما | وقدرة مثلي لا تعيد ولا تبدي |
وإن سمحت بالفضل منك شمائل | فمختصر التلخيص عارية عندي |
دعت لي إليه حاجة الحاجة فلك البقا | فهذا مرادي ليس إلا و ذا قصدي |
فلا زلت في عز ورفعة منزل | وترقى لأعلى منزل العز والسعد |
بعثت لك التلخيص في شرحه على | يدي صالح قد فاق بالفضل والزهد |
فلا زلت شمس الدين تبدي فضائلا | تفوق الورى بالفضل والمجد والجد |
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1977) , ج: 3- ص: 146