علي بن إسماعيل بن عماد الدين الشافعي علي بن إسماعيل بن موسى بن علي بن حسن بن محمد الشيخ الإمام العلامة، اللوذعي، والألمعي الفهامة، الشيخ علاء الدين الدمشقي، الشافعي الشهير بابن عماد الدين، وبابن الوس بكسر الواو، وتشديد السين المهملة. كان أبوه سمسارا في القماش بسوق جقمق. مولده كما رأيت بخط الشيخ يحيى بن النعيمي ليلة السبت خامس عشري رجب سنة سبع عشرة وتسعمئة. لازم في الفقه الشيخ تقي الدين القاري وغيره، وأخذ الحديث عن جماعات منهم الشيخ شهاب الدين الحمصي، ثم الدمشقي الخطيب، وعن الحافظ برهان الدين البقاعي وأخذ القراءات السبع بمضمون التيسير، والشاطبية، عن الشيخ تقي الدين القاري، عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن ابن الجزري والتفسير والعربية عنه أيضا، وعن الشيخ شمس الدين بن طولون الحنفي، وعن الشيخ كمال الدين بن شقير، وفي الأصول على المولى أمير جان الكباني التبريزي حين قدم دمشق حاجا، وفي الكلام والحكمة على منلا حبيب الله الأصفهاني، وأخذ العربية أيضا، والتفسير عن الشيخ مغوش المغربي، عن سيدي محمد السنوسي البوني الأصل، والكلام عن الشمس أحمد الشيرازي عن سيدي غياث الدين منصور، وقرأ المعاني، والبيان، والكلام على الشيخ أبي الفتح السبستري، وحج وقرأ بمكة على قاضيها ابن أبي كثير، واشتهر بدمشق أنه قرأ على شيخ الإسلام الوالد، ثم انحرف هو عن الشيخ، وصار بينهما ما هو مشهور، ثم رأيت شيخ الاسلام عدة في فهرست تلاميذه، ووصفه فيها بالشاب الفاضل، وذكر أنه قرأ عليه في الأذكار، وألفية ابن مالك وحضر دروسه كثيرا، وطالما كنت أريد أن أعرف السبب الداعي إلى نفرة الشيخ علاء الدين، عن أستاذه الوالد، فلا أرى من يخبرني به حتى حدثني الشيخ الصالح ولي الله تعالى يوسف الجيرامي، أحد جماعة الشيخ أحمد الدجاني المقدسي، أنه كان عند الشيخ الوالد، فذكر في المجلس الشيخ علاء الدين، وقلة أدبه معه مع أنه قرأ عليه، فقيل للشيخ الوالد: ما سبب الجفاء الحاصل من الشيخ علاء الدين لكم؟ فقال: سببه أنه كان مرة في مجلس درسي فضحك في المجلس، واستغرب في الضحك، فزجرته فقام، ولم يعد إلى الدرس ثم إن الشيخ علاء الدين بعد ذلك كان يؤذي الشيخ، والله يدفع عنه أذيته حتى حملته حميته، وكان جارا للشيخ على أن تعرض لماء يجري إلى دارنا، وإلى سبيل بالقرب منها فقطعه، وأجراه إلى سكنه فقيل للشيخ: ألا تتصدى يا مولانا للانتصاف منه؟ قال: بل الله ينصفنا منه، ويكفينا إياه، فلم تمض سنة حتى مات الشيخ علاء الدين، فما خرجت جنازته حتى عاد الماء إلى مجاريه وقال الشيخ أبو الفتح المالكي في ذلك:

ولي الشيخ علاء الدين نيابة القضاء بمحكمة الميدان خارج دمشق، ثم نيابة الباب مدة طويلة، وأقامه بعض قضاة القضاة مقامه، وقد زار القاضي بيت المقدس، وكان أول توليته بمحكمة الميدان عوضا عن الكمال الخضيري في يوم الجمعة، يوم دخول محمل الحاج إلى دمشق رابع عشر صفر سنة خمس وأربعين وتسعمئة، كما نقلته من تاريخ شيخه ابن طولون، ثم سافر الشيخ علاء الدين إلى الروم سنة ست وأربعين وتسعمئة، فعجب منه علماء الروم من فطانته، وفضيلته مع قصر قامته، وصغر جثته، وسموه كجك علاء الدين، ثم كانوا يضربون المثل به، وأعطي، ثم تدريس دار الحديث الأشرفية بثلاثين عثمانيا قال ابن طولون: وهو درس متجدد لم يكن بالدار المذكورة سوى مشيخة الحديث، ودخل دمشق يوم الأحد ثامن صفر سنة سبع وأربعين وتسعمئة، ودرس بدار الحديث المذكورة في قوله تعالى: {الله نور السماوات والأرض} وحضره شيخه ابن طولون، والشيخ عبد الرحمن الشويكي مفتي الحنابلة، والشيخ علاء الدين بن صدقة، ثم أعرض عن نيابة القضاء، وأقبل على التدريس، وغلبت عليه المعقولات، وبلغني أنه ألف حواشي على شرح الألفية لابن المصنف وكان يقرئ، ويدرس، ويفتي ودرس بالجامع الأموي، وبالأشرفية وبالعادلية الصغرى، وبالتقوية قال والد شيخنا: كان له سطوة، وكلمة نافذة، وسخاء للطلبة وولي تدريس المدرسة التقوية، ومشيخة الشامية البرانية، وغيرها، وأسكن فيها طلبة علم وصار يمدهم بالإكرام، والإطعام، ونبل قدره انتهى.
وبلغني أنه كان يحفظ القرآن العظيم ويكثر تلاوته، وحفظ كثيرا من الكتب، وكان الناس يهابونه قاضي القضاة فمن دونه وكان له جرأة، وعشيرة باسطا لحرمة، مقبول الشفاعة، يؤاسي الطلبة، ويحسن إليهم، وانتفع به كثيرون، وممن برع عليه الشيخ إسماعيل النابلسي، والشيخ عماد الدين، والشمس بن المنقار، والمنلا أسد، والشمس الصالحي، والشمس بن هلال،
والشيخ علاء الدين القباني، وممن أخذ عنه شيخنا، الشيخ شهاب الدين العيثاوي، وكان يحضر دروسه في المعقولات قال وأشار عليه: والدي بالأشتغال في الفقه فأقرأ في شرح الروض وقال لي: يوم ابتدائه فيه سلم على الشيخ، وقل له قبلنا أشارته، وأقرأنا في الفقه، وكان له شعر متوسط من أحسنه قوله:
ولما كانت سنة إحدى وستين وتسعمئة منع الحكام، من شرب القهوة فقال الشيخ علاء الدين بن عماد، متعرضا للشيخ أبي الفتح المالكي:
وقال:
ولما أمر قاضي القضاة ابن إسرافيل، أن يجعل لمأذنة العروس خمسة أهلة أوسطها
أكبر، وكانت بهلال واحد، ففعل ذلك جلال الدين العامل، المتكلم، يومئذ على الجامع فوضعت أهلتها يوم السبت تاسع عشري شعبان سنة ثمان وثلاثين وتسعمئة. قال الشيخ علاء الدين بن عماد الدين في ذلك:
وعليه مؤاخذة في استعمال عروس بالتاء، وهو غير مسموع وإنما يقال عروس للذكر والأنثى كما في القاموس، وغيره فلو قال هذي عروس تردت لسلم من ذلك، وكانت وفاته بعد الظهر يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين بتقديم السين وتسعمئة، وصلى عليه الوالد إماما، وحضر الصلاة عليه علي أفندي قنالي زاده، وغيره من الأكابر، ودفن بتربة باب الصغير، وقال ماماي مؤرخا وفاته:
وقال الطيبي تاريخه أعظ، وقال غيره تاريخه ظالم، وجمع الطيبي بين التواريخ الثلاثة في
هذا البيت:
واعظ مضارع، ولا يصح أن يكون أمرا، لأن الأمر عظ، وإنما سكنه في البيت لضرورة الوزن وقال الشيخ شمس الدين بن هلال يرثيه:

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1977) , ج: 3- ص: 162