حامد العمادي المفتي حامد بن علي بن إبراهيم بن عبد الرحيم بن عماد الدين بن محب الدين الحنفي الدمشقي المعروف كأسلافه بالعمادي مفتي الحنفية بدمشق وابن مفتيها وصدرها وابن صدرها الصدر المهاب المحتشم الأجل المبجل العالم الفقيه الفاضل الفرضي كان عالما محققا أديبا عارفا نبيها كاملا مهذبا ولد بدمشق في يوم الأربعاء عاشر جمادي الثانية سنة ثلاث ومائة وألف ونشأ بها وقرأ القرأن واشتغل بطلب العلم على جماعة وأخذ عنهم وبرع وساد ونما ذكره وعلا فضله وازدان به وجه الزمان وأخذ عن مشايخ منهم الشيخ أبو المواهب مفتي الحنابلة وحضر دروسه في الأموي والياغوشية وأجازه وكذلك الشيخ محمد بن علي الكاملي حضر وعظه في الأموي ودرسه في السنانية وأجازه وأخذ عنه وكذلك الشيخ الياس الكردي نزيل دمشق والشيخ الاستاذ عبد الغني النابلسي حضر دروسه في السليمية ودرسه في الفتوحات وأخذ عنه ومنهم الشيخ يونس المصري نزيل دمشق حضر دروسه وكذلك الشيخ عبد الرحيم الكابلي الهندي نزيل دمشق قرأ عليه كذلك علوما شتى وأخذ عنه وأجازه الشيخ عبد الجليل المواهبي الحنبلي ومنهم الشيخ أحمد الغزي مفتي الشافعية بدمشق والشيخ محمد الخليلي والشيخ علي التدمري وأخذ عن عمه المولى محمد بن إبراهيم العمادي ولما حج في سنة ثمان وعشرين أخذ عن جماعة في الحرمين وأجازوه منهم الشيخ عبد الله بن سالم البصري المكي والشيخ أحمد النخلي المكي والشيخ محمد الاسكندري ثم المكي وأوهبه تفسيره الذي ألفه النظم بعشرة مجلدات ومنهم الشيخ عبد الكريم الهندي نزيل مكة والشيخ تاج الدين القلعي المكي وأخذ عنه حديث الأولية وكذلك الشيخ محمد الوليدي المكي والشيخ محمد عقيلة المكي والشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخليفتي العباسي المدني والشيخ محمد أبو الطاهر لكوراني المدني وغيرهم ومن علماء الروم أخذ عن المولى أحمد المعروف بعلمي قاضي العساكر في دار السلطنة العلية ومهر المترجم ودرس أولا بالجامع الأموي ثم صار مفتيا في أواسط رمضان سنة سبع وثلاثين ومائة وألف وصار يدرس في السليمانية بالميدان الأخضر واستفتح في دروسه خطبا من انشائه وجمعها فبلغت مجلدا كبيرا وله تأليف رسايل منها شرح الايضاح مجلد كبير ومنها فتأويه مجلدين كبار وبها أنتفع الناس ومنها الحواشي التي جمعها على دلائل الخيرات ومن رسائله الدر المستطاب في موافقات سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومنها الحوقلة في الزلزلة ومنها في قوله تعالى بيدك الخير ومنها نقول القوم في جواز نكاح الأخت بعد موت اختها بيوم ومنها مسائل منثوره ومنها الأتحاف لشرح خطبة الكشاف ومنها تشنيف الاسماع في افادة لو للامتناع ومنها في الأفيون ومنها في القهوة ومنها القول الأقوى في تعريف الدعوى ومنها زهر الربيع في مساعدة الشفيع ومنها اختلاف أراء المحققين في رجوع الناظر على المستحقين ومنها التفصيل في الفرق بين التفسير والتأويل ومنها الرجعة في بيان الضجعة ومنها ضوء الصباح في ترجمة سيدنا أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه ومنها في دفع الطاعون ومنها مصباح الفلاح في دعاء الاستفتاح ومنها اتحاد القمرين في بيتي الرقتين ومنها اللمعة في تحريم المتعة ومنها في بحث من أبحاثها ومنها تقعقع الشن في نكاح الجن ومنها الصلوات الفاخرة في الأحاديث المتواترة ومنها الخلاص من ضمان الأجير المشترك والخاص ومنها الاظهار ليمين الاستظهار ومنها المطالب السنية للفتأوي العلية ومنها الحامدية في الفرق بين الخاصة والخاصية ومنها النقحة الغيبية في التسليمة الآلهية ومنها قرة عين الخط الأوفر في ترجمة الشيخ محيي الدين الأكبر قدس سره ومنها منحة المناح في شرح بديع مصباح الفلاح ومنها صلاح العالم بافتاء العالم ومنها عقيلة المغاني في تعدد الغواني ومنها جمال الصورة واللحية في ترجمة سيدي دحية رضي الله عنه ومنها العقد الثمين في ترجمة صاحب الهداية برهان الدين وديوان شعر ومكاتبات وغير ذلك وترجمه السمان في كتابه فقال عماد الفتوي وحامل لوائها ومستخلصها من ربقة لأوانها اهتصر من الفضل غصنه الفينان وقرت من الهداية بتقريره العينان فدأنت لمعلومات النقول وتدلت وعلى ما حواه ظواهره دلت فهو من لباب المجد تصور وناهيك بمن لم يخط الاصابة إذا تصور جري طلق العنان في ميدان الكمال فأدرك الحصلة التي تقطع دونها الآمال بفكر جائل ما بين التهذيب والتحرير وتنقيح فتأوي يذعن لها الجهبذ التحرير وله السجايا التي تزدهي بها العصور والمزايا التي حسنها عليه مقصور فان كان للمعالي افق فهو بدره أو للمارم مستقر فهو صدره لا تستفزه داعيه ولا يلقى لما لا يعني اذنا واعيه مشتغلا بالرياسة الحرية بالاشتغال سالكا في مسلكها مسرى الايغال يحنو عليها حنو الوالدات على الفطيم ويشفق ان يمر بها النسيم على أنه من بيت اشتهرت بالعلم أوائله وأواخره وأشرقت من سماء العلياء فضائله ومفاخره وحسبك من بيت اسمه عماد الدين ومنتداه مأوى السراة المهتدين لم تبرح نوافح أهليه نركية الشميم ومحاسنها آخذة من الأفئدة بالصميم يعقب كل آن منهم بدر بدرا ويجدد من مآثرهم كذرا وقدرا وهاك منهم هذا الرئيس والمدير على الباب ما يفعل ولا فعل الخندريس حواشيه رقيقه وخلقه كالروضة الأنيقة تنحساه الآذان قبل الاستماع وتتخذه الأخصاء سمرا عند الاجتماع وله شعر رقراق توشحت بجواهره الأوراق أنتهى مقاله وتصدر بدمشق ورأس واشتهر وامتدح بالقصائد الطنانة من دمشق وغيرها وكأنت الحكام تهابه ويحترمون ذاته وتكاتبه أعيان الدولة العلية وأعطى رتبة السليمانية المتعارفة بين الموالي وتملك من التوالي والوظائف والعقارات شيأ كثيرا وكلما وقعت وظيفة يتخذها لولديه حسن وعبد الحميد مع كثرة الأموال واتساع الدائرة وحين توفي ذهبت جميع متروكاته وولداه المذكوران توفيا بعده بقليل وعزل عن الأفتاء مدة عشرة أشهر وعادت إليه وكان الآخذ لها المولى محمد العمادي وكان ابن أخيه المذكور المولى عبد الرحمن ذهب إلى الروم إلى دار الخلافة قسطنطينية لأجل ذلك لكونهم كأنت البغضاء بينهم موجودة ولم يأتلفا وحين عزل استقام درس السليمانية عليه ولم يزل المترجم عند الناس مبجلا مكرما إلى أن مات وبالجملة فقد كان من الصدور العلماء الأفاضل وله شعر ونثر فمن ذلك قوله من قصيدة ممتدحا بها أجناب الرفيع ومعار ضابها قصيدة لسان الدين ابن الخطيب التي مطلعها تألق نجد يا فاذكرنا نجدا ومطلعها
لطيف نسيم الروض اذكرني حمدا | وفوق عبير الشوق هيجني وجدا |
غوادي رياء حين أهدت أزاهرا | إلى كل عطف من معاطفه كما |
أقامت خطيب الدوح بالشوق حاديا | لقلب كثير الوجد انضاؤه تحدى |
فخفق وميض منه غادر مهجتي | حليف جوى صارت حشاشتها غمدا |
سحاب هموم مع غموم تراكمت | بقلبي وأبدت من جوانحه رعدا |
وأجرت به من وابل الشوق أبحرا | در أريه من جفني نظمت الخدا |
كأن انسكاب الدمع من غرب ناظري | ركام غمام قارنت شهبا رصداه |
يؤجج نارا وهو ماء مصعد | تقاطر فانظر كيف مازحه ضدا |
عسى ينجلي من فجرها فرج الرجا | فينسج من وشي الرضاء لنا بردا |
فننشق عرف الطيب من نحو رامة | ونجني بوادي المنحني الشيخ والرندا |
ونسعى على الأقدام والوجد والحشا | وتذري به دمعا نهيم به وجدا |
ندأوي كلوما من ثرى ذلك الحمى | وقلبا كثير الوجد والأعين الرمدا |
أشيم به وادي العقيق وطيبة | وطيبا لذات الستر أذكرني العهدا |
به حجر من عهد آدم شاهد | لمستلميه ما أنا خوا له وفدا |
صفا لي صفاها بالمقام وزمزم | يزم للداعي سرور الما أدى |
معاهد فيها الدين والنور والهدى | رسول الرضي حقا تبوأها مهدا |
أقام شراع الشرع فوق منارها | وألبسها من نور هيبته بردا |
إذا ما عرانا في الملمات حادث | لجأنا إليه اذ وجدنا به رفدا |
فأحمد خير الخلق أفضل كائن | وأحمد داع للرشاد ومن أهدى |
نتيجة هذا الكون أنت وكل ما | أعاد فأنت القصد منه وما أبدى |
وأثنى عليك الله في الذكر مادحا | ولم يبق جبريل لنا مدحة تهدى |
أبى الله أن ألقاك الا منعما | وحبل رجانا بالأماني قد امتدا |
اليك التجأنا يا مغيث فكن لنا | مغيثا إذا ما الهم فينا قد اشتدا |
عسى لمحة من نور هديك نستقي | بها كوثرا يوم الزحام غدا وردا |
عليك صلاة الله يا من به ضياء | إذا ما الليل للهم قد مدا |
كذاك على أصحابك الغرر التي | فضائلهم لا تقبل الحصر والعدا |
خصوصا أبا بكر خليفتك الذي | حباك بما يحوي وبالنفس قد قدى |
وأفضل خلق الله بعد تبيه | من الأنس ثاني اثنين في الغار قد عدا |
كذا عمر الفاروق من فرق العدى | وسل حسام الحق بالحق فامتدا |
كذلك ذي النور بن عثمان بعده | على أبو السبطين من بذل الجهدا |
وآلك أصحاب لمعارف والهدى | فكم أوضحوا الآيات والشرع والرشدا |
كذاك على النعماك ذخري ومالك | وأحمد تلو الشافعي له تهدى |
وأيضا لعبد القادر العلم الذي | توطن بغدادا وشرفها لحدا |
كذاك جميع الأنبياء لأنهم | عمادي واني حامد لهم حمدا |
وسرى سرى بالسرور لأنه | تالق تجديا فاذكرنا نجدا |
خليلي هل من نظرة لمتيم | حليف جوى وسط الفؤاد وقيده |
لك الله من صب لبعدك طرفه | فديتك مسلوب الرقاد فقيده |
يرقرق دمعا تحت حاشية الدجى | ظوامي الكرى من مقلتي تستزيده |
ليالي اشتياق كما نهنه الدجا | هواي بدا يأسى وجد جديده |
بحيث فؤادي فيك ما زال وامقا | إذا رام أصلا فالغرام يزيده |
يلاقي تلافي الهجر قد صار ديدنا | لمن هو دون العالمين عميده |
كريم كريم ان جفا وإذا وفا | له الفضل اذ كل الحسا عبيده |
ومشربش ملك القلوب بحسنه | يفتر عن شنب الحياة رضابه |
ويروق ماء الحسن في وجناته | فيريك في مرآتها أهدابه |
لا تحسبوا هذا العذار بوجهه | خطا خفيا لاح في صفحاته |
هو ظل أنفاس لرقة خده | يبدو لناظره على مراته |
لاح الصباح كزرقة الألماس | فلنصطبح ياقوت در الكاس |
من كف أهيف صان ورد خدوده | بسياج خط قد بدا كالاس |
فكان مرآه البديع صحيفة | للحسن جدولها من الأنفاس |
أعذ نظرا فما في الخد نبت | حماه الله من ريب المنون |
ولكن رق ماء الحسن حتى | أراك خيال أهداب الجفون |
كأن فوارة قامت لناظرها | ذوائب لفتاة نظمت غررا |
قد أطربتها الغواني وهي ناشرة | من شدة الرقص في أطرافها دررا |
ورب فوارة فاضت أناملها | ماء يكاد صفاه يدهش النظرا |
كأنه ذائب الألماس مزقه | كف الصبا فكسا أعطافها دررا |
لله ما أبصرت فوارة | أعيذها من نظرة صائبه |
كانها في الروض لما جرت | سبيكة من فضة ذائبة |
الأرب فوارة تنثني | لها عين ناظرها شاخصه |
غدا الماء ثوب لها أبيضا | وتلك كجارية راقصة |
ولا تبغ الا الأوج أرفع منزل | وان ملت نحو الدون انك سافل |
فما المرء الا حيث يجعل نفسه | واني لها فوق السماكين جاعل |
سفر به نشر الفضائل قد غدت | زهر الدراري في علاه تنظم |
أجرى يراع الحسن في تاريخه | بيتا به يرد الأجادة معلم |
دأبي مديح محمد نور الهدى | صلوا عليه يا كرام وسلموا |
سألت عن الشحرور هل كان معكم | فقال لي المولى مجيبا أما تدري |
فقلت باذني شدوه وغنؤه | لذلك لم أفقده اذ هو في فكري |
صحائف علم ضمنهن تقول | فمن ذا الذي غير الثناء يقول |
يسير على نهج الشريعة ركبها | إلى نحو عرفان الكتاب تؤولي |
تبلج فيها الحق شمس منيرة | وليس لها في الخافقين أفول |
إلى الأوحد العلمي يعزي نظامها | لها منه فخر بالثناء كفيل |
كمى علوم في يديه حسامها | يصول على الأبطال حيث يصول |
فلله قد أبدى نظام بيانها | فزال بها قال يقول وقيل |
فلا زال بحاثا يفيد مسائلا | لها غرر قد أوضحت وحجول |
يطوق أعناق الأنام قلائدا | لها منه در بالثناء جميل |
مدى الدهر ما لدى بمدحك حامد | نظام معان ليس عنه عدول |
نظرت اليها فاستحلت بنظرة | نجيع فؤادي حين كابده الكرب |
وأجرته دمعا من جفوني وأنه | دمي ودمي غال فأرخصه الحب |
وغاليت في حبي لها ورأت دمي | يسيح وقلبي بالغرام لها يصب |
فمالت إلى قتلي وقد كان عندها | رخيصا فمن هذين داخلها العجب |
نظرت اليها فاستحلت بنظرة | على البعد شتمي ثم منها بدا السب |
وقالت ستدري ما أريد وقصدها | دمي ودمي غال فأرخصه الحب |
وغاليت في حبي لها ورأت دمي | يجود به حبي فقالت هو الذنب |
خرقت حجأبي مذ نظرت تظنني | رخيصا فمن هذين داخلها العجب |
نظرت اليها فاستحلت بنظرة | معاقد صبري حين بان بها الركب |
وأجرت شئون العين في موقف النوى | دمي ودمي غال فأرخصه الحب |
وغاليت في حبي لها ورأت دمي | غداة استقل الركب غص به الترب |
وظنت جنوني في تباريح عشقها | رخيصا فمن هذين داخلها العجب |
نظرت اليها فاستحلت بنظرة | محارم سر قد تضمنها القلب |
وفاض بقلبي من شئون مدامعي | دمي ودمي غال فأرخصه الحب |
وغاليت في حبي لها ورأت دمي | بتقطير أنفاسي بوادره سكب |
وحال عقيق الدمع درا وقد غدا | رخيصا فمن هذين داخلها العجب |
نظرت اليها فاستحلت بنظرة | خلودي بنار الصد يصلي بها القلب |
وأجرت من الآماق بالهجر والنوى | دمي ودمي غال فأرخصه الحب |
وغاليت في حبي لها ورأت دمي | فما هالها منه انسياب ولا صب |
وقد سلبت عقلي وقلبي تملكت | رخيصا فمن هذين داخلها العجب |
نظرت اليها فاستحلت بنظرة | قتالي ولم يخطر بخاطرها رعب |
وصالت بألحاظ لها ومرادها | دمي ودمي غال فأرخصه الحب |
وغاليت في حبي لها ورأت دمي | يسيل على خدي فقالت كفى تصبو |
وقلت لها يا دعد لا تحسبي دمي | رخيصا فمن هذين داخلها العجب |
نظرت اليها فاستحلت بنظرة | محارم في قتلي بها رضى الصب |
وحين رأت ذلي أباحت بشرعها | دمي ودمي غال فأرخصه الحب |
وغاليت في حبي لها ورأت دمي | إذا سفكته لا يطالبها الصحب |
وقد عاينت وجدي وسفك دمي غدا | رخيصا فمن هذين داخلها العجب |
دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 2- ص: 11