أخيل الرندي أخيل بن ادريس الرندي، أبو القاسم: كاتب نابه الذكر. من أهل رندة (Ronda) بالاندلس. كان يكتب للملثمين ثم لحق ببلدته (رندة) وضبطها فأطاعه اهلها مدة قصيرة وغلبه عليها ابن غروان، فخرج واستوطن مراكش. ثم ولى قضاء قرطبة فقضاء اشبيلية وتوفي في هذه. وكان سمحا جوادا بليغا.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 278
أخيل بن إدريس الرندي الكاتب أبو القاسم
كتب في أول أمره للملثمين ثم استكتبه أبو جعفر حمدين بن محمد بن حمدين في إمارته ورعى له صحبته إياه أيام قضائه فلما دخل ابن غانية قرطبة وأخرج ابن حمدين لحق أخيل برندة بلده واستبد بضبطها مديدة فحسده أهلها وداخلوا أبا الغمر بن السائب بن غرون في التمكين منها وهو يومئذٍ قائم بدعوة ابن حمدين في شريش وأركش فتم ذلك واستولى أبو الغمر على قصبة رندة الشهيرة المنعة دون قتال ولا نزال لركون أخيل إليه وثقته به فنجا بنفسه وما كاد ونهب أبو الغمر ديار أصحابه وخلع طاعة ابن حمدين ودانت له المعاقل المتصلة به فأمن أمره وقيل بل سجن أخيل ثم سرحه فكان عند أبي الحكم بن حسون بمالقة ومنها توجه إلى مراكش فأوطها واتصل بأبي جعفر بن عطية الوزير وعلى يديه أعيد ماله ولم يزل هناك مكرماً وفي طبقته مقدما إلى أن ولى قضاء قرطبة ثم قضاء إشبيلية وكان سمحا جواداً بليغاً مدركا، وحكى لي أنه لما أراد الانفصال من مراكش لقى أبا جعفر بن عطية فأنشده
يا من يعز علينا أن نفارقهم | وجداننا كل شيء بعدكم عدم |
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا | ألا تفارقهم فالراحلون هم |
وفاؤك قد رضيت به حبيباً | ورأيك قد قنعت به نصيبا |
وودك لا أريد به بديلاً | وبرك لا أقوم به مثيبا |
مكارم منك قد عبت عبابا | على العافين وانهالت كثيبا |
وطبعك لو نفحت به هشيما | لعاد الروض مطلولا خصيبا |
وعهدك كالشباب وليس مما | يكون مآل نضرته المشيبا |
وذاك الشعر أم سحر حلال | فتنت به المساكت والمجيبا |
إليك أخذت حبال الذمام | وفيك تعلمت نظم الكلام |
فأرسلته جائلاً كالرماح | وصلت به ثائراً كالحسام |
وما كنت منه ولكنها | أياد تفجر صم السلام |
تروم الإصارة في كل يوم | فنلت الإصابة من كل رام |
وتثنى الغصون على هزة | كأن بها سكرات المدام |
وكل تهنأ إقباله | ولا كإياب الأمير الهمام |
فتى المكرمات تصدى لها | بحكم الكهول وسن الغلام |
فأغنى تعشر مضت من سنيه | وأبلغ في النائبات العقام |
وساق إلى المسلمين التي | أنارت لهم في اعتكار الظلام |
وشوق أضعاف ما اشتاقه | ولولا التصبر كان الغرام |
وقاسي ليتدع المسلمون | وأنكى ليهلك أهل اللثام |
ونافر منهم أفاعي الرجال | تبعث من ضغنها بالسمام |
وجاراهم طلق المكرمات | فكان على الرغم منهم إمام |
وأعشاهم في سماء العلا | بنور هلال كبدر التمام |
أما ذكاء فلم تصفر إذ جنحت | إلا لفرقة ذاك المنظر الحسن |
ربى تروق وقيعان مزخرفة | وسائح مد بالهطالة الهتن |
وللنسيم على أرجائه حبب | يكاد من رقة يجلى على الغصن |
دار المعارف، القاهرة - مصر-ط 2( 1985) , ج: 2- ص: 2