النظام إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري بن أبو اسحاق النظام: من أئمة المعتزلة، قال الجاحظ: (الأوائل يقولون في كل ألف سنة رجل لا نظير له فإن صح ذلك فأبو إسحاق من أولئك). تبحر في علوم الفلسفة واطلع على اكثر ما كتبه رجالها من طبيعيين والهيين ن وانفرد بأراء خاصة تابعتها فيها فرقة من المعتزلة سميت (النظامية) نسبة اليه. وبين هذه الفرقة ألفت كتب خاصة للرد إلى النظام وفيها تكفير له وتضليل. اما شهرته بالنظام فأشياعه يقولون إنها من إجادته نظم الكلام، وخصومه يقولون لنه كان ينظم الخرز في سوق البصرة. وفي كتاب (الفرق بين الفرق) أن النظام عاشر في زمان شبابه قوما من الثنوية وقوما من السمنية وخالط ملاحدة الفلاسفة وأخذ عن الجميع. وفي شرح الرسالة الزيدونية أن النظام لم يخل من سقطات عدت عليه لكثرة اصابته. وفي (لسان الميزان) انه (متهم بالزندقة وكان شاعرا أديبا بليغا). وذكروا ان له كتبا كثيرة في الفلسفة والاعتزال. ولمحمد عبد الهادي أبي ريدة كتاب (إبراهيم بن سيار النظام - ط).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 43

النظام المعتزلي إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري المعروف بالنظام بالظاء المعجمة المشددة، قالت المعتزلة: إنما لقب بذلك لحسن كلامه نظما ونثرا، وقال غيرهم: إنما سمي بذلك لأنه كان ينظم الخرز بسوق البصرة ويبيعها. وكان ابن أخت أبي الهذيل العلاف شيخ المعتزلة. وكان إبراهيم هذا شديد الذكاء، حكي أنه أتى أبو الهذيل العلاف إلى صالح بن عبد القدوس وقد مات له ولد وهو شديد التحرق عليه ومعه النظام وهو حدث فقال له أبو الهذيل: لا أعرف لتحرقك وجها إذ كان الناس عندك كالزرع، فقال: إنا أجزع عليه لأنه لم يقرأ كتاب الشكوك، فقال: وما هو؟ قال: كتاب وضعته من قرأه شك فيما كان حتى يتوهم فيما كان أنه لم يكن وفيما لم يكن حتى يظن أنه كان، فقال النظام: فشك أنت في موت ابنك واعمل على أنه لم يمت أو أنه عاش وقرأ هذا الكتاب ولم يمت إلا بعد ذلك، فبهت صالح وحصر. ويحكى عنه أيضا أنه أتي به إلى الخليل بن أحمد فيما أظن ليتعلم البلاغة فقال له: ذم هذه النخلة! فذمها بأحسن كلام، فقال له: امدحها! فمدحها بأحسن كلام فقال: اذهب فما لك إلى التعليم من حاجة. وقال ابن أبي الدم قاضي حماة وغيره في كتب الملل والنحل إن النظام كان في حداثته يصحب الثنوية وفي كهولته يصحب ملاحدة الفلاسفة فطالع كتب الفلاسفة وخلط كلامهم بكلام المعتزلة وصار رأسا في المعتزلة وإليه تنسب الطائفة النظامية. ووافق المعتزلة في مسائلهم وانفرد عنهم بمسائل أخرى:
منها أن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على الشر والمعاصي وقال المعتزلة: هو قادر عليها لكنه لا يفعلها لقبحها.
ومنها أن الله تعالى إنما يقدر على فعل ما علم أن فيه صلاح العباد هذا بالنظر إلى أحكام هذه الدنيا وما في الآخرة فلا يوصف بالقدرة على زيادة عذاب أهل النار ولا ينقص منه شيئا ولا يقدر على أن يخرج أحدا من الجنة.
ومنها أنه نفى إرادة الله تعالى حقيقة فإذا قيل إنه مريد لأفعال العباد فالمراد أنه أمر بها، وعنه أخذ هذا المذهب أبو القاسم الكعبي.
ومنها أنه وافق الفلاسفة على أن الإنسان حقيقة هو النفس، والبدن قالبها، ثم إنه قصر عن إدراك مذهب الفلاسفة فمال إلى قول الطبيعيين فقال: الروح جسم لطيف مشابك للبدن داخل بأجزائه فيه كالدهن في السمسم والسمن في اللبن.
ومنها أنه وافق الفلاسفة في نفي الجزء الذي لا يتجزأ، وما أحسن قول ابن سناء الملك:

ولما ألزم النظام مشي نملة على صخرة من طرف إلى طرف أنها قطعت ما لا يتناهى وهي متناهية فكيف يقطع ما يتناهى ما لا يتناهى أحدث القول بالطفرة وقال: تقطع النملة بعض الصخرة بالمشي وبعضها بالطفرة، واستدل على ذلك بأدلة كثيرة مذكورة في كتب الأصول منها أنا لو فرضنا بئرا طولها مائة ذراع وفي وسطها خشبة معترضة ثابتة وفي الخشبة حبل مشدود من الخشبة إلى الماء يكون طول الحبل خمسون ذراعا وفي رأس الحبل دلو مربوط فإذا ألقي من رأس البئر إلى الخشبة المذكورة حبل طوله خمسون ذراعا في رأسه علاق فجر به الحبل المشدود في الخشبة فإن الدلو يصعد إلى رأس البئر بالحبل الأعلى الذي فيه العلاق وطوله خمسون ذراعا ويقطع مائة ذراع في زمان واحد وليس ذلك إلا أن البعض انقطع بالطفرة، فضرب المثل بهذه المسألة فقيل: طفرة النظام، فإنها ضحكة، وقد أجاب الأصحاب عن هذه المسألة بأن الطفرة قطع مسافة قطعا ولكن الفرق بين المشي والطفرة راجع إلى بطء وسرعة.
ومنها أنه قال: إن الجوهر مؤلف من أعراض اجتمعت وإن الألوان والطعوم والروائح أجسام. ومنها أن الله تعالى خلق جميع الحيوانات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن حيوانات وإنس ونبات ومعادن ولم يتقدم خلق آدم على خلق أولاده ولكن الله أكمن بعضها في بعض فالتقدم والتأخر إنما يقع في ظهورها من مكانها لا في حدوثها، وهذه المسألة أخذها من أصحاب الكمون والظهور وأكثر ميل النظام إلى مذاهب الطبيعيين دون الإلهيين.
ومنها أن القرآن ليس إعجازه من جهة فصاحته وإنما إعجازه بالنظر إلى الإخبار عن الأمور الماضية والمستقبلة، قلت: وهذا ليس بشيء لأن الله تعالى أمره أن يتحدى العرب بسورة من مثله وغالب السور ليس فيها أخبار عن ماض ولا مستقبل فدل على أن العجز كان عن الفصاحة.
ومنها أنه قال: الإجماع ليس بحجة في الشرع وكذلك القياس ليس بحجة وإنما الحجة قول الإمام المعصوم.
ومنها ميله إلى الرفض ووقوعه في أكابر الصحابة رضي الله عنهم وقال: نص النبي صلى الله عليه وسلم على أن الإمام علي وعينه وعرفت الصحابة ذلك ولكن كتمه عمر لأجل أبي بكر رضي الله عنهما، وقال: إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت المحسن من بطنها، ووقع في جميع الصحابة فيما حكموا فيه بالاجتهاد، فقال: لا يخلو إما إن جهلوا فلا يحل لهم أو أنهم أرادوا أن يكونوا أرباب مذاهب فهو نفاق، وعنده الجاهل بأحكام الدين كافر والمنافق فاسق أو كافر وكلاهما يوجب الخلود في النار.
ومنها أنه قال: من سرق مائة درهم وتسعة وتسعين درهما أو ظلمها لم يفسق حتى يبلغ النصاب في الزكاة وهو مائتان. نعوذ بالله من هوى مضل وعقل يؤدي إلى التدين بهذه العقائد الفاسدة.
وقد ذهب جماعة من العلماء إلى أن النظام كان في الباطن على مذهب البراهمة الذين ينكرون النبوة وأنه لم يظهر ذلك خوفا من السيف، فكفره معظم العلماء وكفره جماعة من المعتزلة حتى أبو الهذيل والإسكافي وجعفر بن حرب كل منهم صنف كتابا في تكفيره، وكان مع ذلك فاسقا مدمنا على الخمور وكان آخر كلامه أن القدح كان في يده وهو سكران، فقال وهو في علية له يشرب فيها.
فلما فرغ من كلامه سقط من العلية فمات من ساعته في سنة ثلاثين ومائتين تقريبا. وشعره في غاية الجودة لكنه يبالغ في مقاصده حتى يخرج كلامه إلى المحال، من ذلك قوله:
يقال: إن الجاحظ فيما أظن لما بلغه ذلك قال: هذا ينبغي أن لا يناك إلا بأير من الوهم أيضا. ومنه قوله في نصراني:
ومنه قوله أيضا:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 6- ص: 0

النظام المعتزلي إبراهيم بن سيار.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 27- ص: 0

النظام شيخ المعتزلة صاحب التصانيف أبو إسحاق إبراهيم بن سيار مولى آل الحارث بن عباد الضبعي البصري المتكلم.
تكلم في القدر وانفرد بمسائل، وهو شيخ الجاحظ.
وكان يقول: إن الله لا يقدر على الظلم، ولا الشر ولو كان قادرا لكنا لا نأمن وقع ذلك وإن الناس يقدرون على الظلم وصرح بأن الله لا يقدر على إخراج أحد من جهنم، وأنه ليس يقدر على أصلح مما خلق.
قلت: القرآن والعقل الصحيح يكذبان هؤلاء، ويزجرانهم عن القول بلا علم، ولم يكن النظام ممن نفعه العلم، والفهم وقد كفره جماعة.
وقال بعضهم: كان النظام على دين البراهمة المنكرين للنبوة والبعث ويخفي ذلك.
وله نظم رائق وترسل فائق وتصانيف جمة منها: كتاب الطفرة، وكتاب الجواهر والأعراض، وكتاب حركات أهل الجنة وكتاب الوعيد وكتاب النبوة، وأشياء كثيرة لا توجد.
ورد أنه سقط من غرفة وهو سكران فمات في خلافة المعتصم، أو الواثق سنة بضع وعشرين ومائتين.
وكان في هذا الوقت: العلامة المتكلم أحد مشايخ الجهمية إبراهيم ابن الحافظ إسماعيل بن علية البصري.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 8- ص: 528