أديب التقي اديب محمد سعيد التقي: مدرس فاضل، من اعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق. مولده ووفاته فيها. تعلم في المدارس التركية السلطانية واحترف التعليم. له كتب مدرسية، منها (التاريخ العام - ط) جزآن، و (مناهج التربية والتعليم - ط) رسالة، و (سير التاريخ الاسلامي - ط) و (اغاريد التلاميذ - ط) و (سير العظماء - ط) و (نهضة اليابان السياسية والاجتماعية - ط) و (مصطفى كمال باشا في الاناضول - ط) و (غرائب العادات - ط) و (المسيح الهندي - ط) و (ديوان شعر - ط).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 286

أديب التقي ولد سنة 1313 في قرية شبعا التابعة لقضاء حاصبيا خلال انتقال والده إليها في وظيفته الحكومية بدائرة الأحراج وتوفي ودفن بدمشق في مقبرة ’’الباب الصغير’’ سنة 1365.
أسرته
أصل أسرته من بغداد وأول من انتقل منها إلى دمشق جده سلمان حيث كان تاجرا يتنقل في تجارته حتى وصل مرة إلى دمشق فتزوج فيها وأقام ورزق ولده سعيد والد المترجم لذلك عرفت أسرته بال التقي البغدادي. وكان والده من الأتقياء الورعين وكان شبه أمي، وبحكم عمله في دائرة الأحراج الحكومية كان كثير التنقل في البلاد إلى أن أحيل علي التقاعد فاستقر في بلده دمشق.
دراسته
بدأ دراسته الابتدائية في مدرسة الأرثوذكس في عجلون ثم أكملها في دمشق وتابع دراسته الثانوية فنال شهادة البكالوريا. وبعد انقطاع عشر سنين عاد فتابع تحصيله العالي فنال إجازة الحقوق من جامعة دمشق، ثم بعد ما يقرب من عشر سنين أخرى تقدم لشهادة الدكتوراه في الأدب من جامعة القاهرة.
ومما يذكر هنا أنه زار القاهرة قبيل الحرب العالمية الثانية وفي نيته التحضير للدكتوراه فالتقى بالدكتور طه حسين وكان عميدا لكلية الآداب وبعد أن تحادثا مليا، سأله المترجم عن شروط القبول لقسم الدكتوراه في الكلية دون أن يفصح له عن رغبته هو، فأفاض الدكتور في الشروط كالحصول على ليسانس الآداب والماجستير بعد اجتياز سنوات محددة، فعند ذلك أبدى المترجم أسفه لأنه لا يستطيع الانتماء لقسم الدكتوراه، ولما علم الدكتور طه بان المترجم هو طالب الانتساب وكان قد أدرك من لقائهما نضوجه وعمقه وثقافته وتفتح ذهنه فأعجب به كل الإعجاب قال الدكتور: هذه الشروط لغيرك، أما لك فإنه لشرف لقسم الدكتوراه أن تنتمي إليه، ولا يطلب منك إلا أن تقدم الأطروحة وعاد إلى دمشق فلم تلبث الحرب العالمية الثانية أن أعلنت فشغلته متاعبها وعكف على دراسة الشريف الرضي ليكون موضوع أطروحته، وكان من المعجبين بالشريف، وفيه يقول معللا اختياره له:
’’أنقذتني في مواقف الحصر، وسددتني في حيرة الفطن، وأعطيتني نفسك ونفسك شعرا وشعورا وحسا وضميرا، فوقفت من الناس والسلطان موقفك، ورمقت الدنيا ومتاعها بمقلتك، وأصغيت إلى غنائها وبكائها بأذنك، وتحسست في بأسائها ونعمائها بإحساسك. ثم إني جالدت كما جالدت وناضلت كما ناضلت’’.
وما من قول ينطبق على أديب التقي كهذا القول فقد كان فيه من الشريف مشابه أي مشابه.
ولكن المقادير أبت عليه أن يصل إلى غايته، فقد كان من قبل يعاني داء النقرس فلم يقعده عن العمل، وبينما هو يعد العدة لإنهاء رسالته والسفر إلى القاهرة في أواخر الحرب إذا بالأوجاع تنتابه فيحار لها الأطباء ثم يقررون نقله إلى بيروت لإجراء جراحة له يكشفون بها عن سر آلامه المضنية فإذا بالجراحة تكشف عن أن داءه هو السرطان، وإذا بالداء قد أخذ مأخذه، فيعاد المريض إلى دمشق لينتظر قضاء الله أياما معدودات، وبينما هو في سكرات الموت تصله الدعوة إلى القاهرة لمناقشة رسالته.
هذه هي أطوار دراسته الرسمية وهي الدراسة التي اصطلح عليها في عصره. ولكن كانت له دراسة أخرى هي ابعد أثرا في تكوينه وتوجيهه وتأدبه: هي أنه منذ تفتحت عيناه على الحياة كان يصحب والده إلى مجالس مؤلف هذا الكتاب ويصغي إلى أحاديثه ويستمع إلى ما يلقي من شعر ونثر وما تضمنه تلك المجالس من محاضرات فقهية ومطارحات أدبية ومحادثات تاريخية فينبسط لذلك ويتعلق به وهو بعد طفل فلما بدأ دراسته الثانوية درس على المؤلف علوم النحو والمنطق والمعاني والبيان والبديع ومبادئ أصول الفقه وشيئا من الفقه والتفسير والشعر، كما يقول هو نفسه في أحد مؤلفاته. ثم يعقب على ذلك بقوله عن المؤلف أنه: ’’ما زال مثابرا على ملازمته والغرف من مشرعته لليوم’’.
والواقع هو أن الأمر كما قال الأستاذ محمد هندية في رسالته الجامعية ’’أديب التقي، حياته وأدبه’’: ’’تحولت هذه التلمذة إلى صداقة قوية بين الفتى وشيخه فثابر على الغرف من معارفه طول حياته’’.
أقوال المؤلف في المترجم
لما توفي المترجم أقيمت له حفلة تأبينية تضمنت فيما تضمنته كلمة للمؤلف وجدتها بين أوراقه قال فيها: ’’كان من صفاته الظاهرة الجد والعمل وعلو الهمة وإباء النفس’’.
ثم يقول عن نظمه للشعر:
’’قرأ علي طرفا من علم البلاغة طلبا لأن يقوى على النظم وكان يعرض علي ما ينظمه في أول الأمر فأرشده إلى ما ينبغي ثم أكثر ممارسته الشعر حتى صار يعد من شعراء العصر البارزين’’.
ثم يقول عن تأليفه كتاب الشريف الرضي:
’’وأخيرا ألف كتابا في الشريف الرضي أجاد فيه كل الإجادة وعرضه علي في مرضه الذي توفي فيه فناقشته فيما اقتضى الحال مناقشته به فكتب ذلك بحضوري’’.
ثم يقول واصفا له:
’’وكان يسترشدني في كثير مما يكتبه ويعرف لي الجميل ولم يتغير عن ذلك بتغير الأزمان والأحوال فدل ذلك على طيب طينته وصفاء نفسه. ومن أظهر صفاته عقيدته الإسلامية وعدم تركه للواجبات الدينية، يصوم شهر رمضان ويصلي الفرائض الخمس، الأمر الذي صرنا نعده في هذا الزمان من صفات المدح:

وحج بيت الله الحرام رئيسا لبعثة. ولم تؤثر المعاشرة في عقيدته وأعماله الدينية كما أثرت في الكثيرين من أمثاله’’.
في الحرب العالمية الأولى
لم يكد يتم تحصيله الثانوي حتى طلب للجندية في الحرب العالمية الأولى فسيق إلى إسطنبول حيث تسلم فيها رتبته العسكرية ضابط احتياط ومن هناك أرسلت قطعته إلى القفقاس فلاقى الأهوال صابرا محتسبا، ولما تبدت نوايا الاتحاديين في القضاء على زهرة رجالات العرب رأى أنه يخدم دولة همها القضاء على قومه، وكان قد نال إجازة مرضية وعاد إلى دمشق فتوارى فيها بعد انتهاء إجازته حتى انتهاء الحرب.
وأرى أن الأستاذ محمد هندية في رسالته التي تقدم ذكرها لم يوضح حقيقة تفكير المترجم في هذا الموضوع فظل الأمر مبهما في ذهن القارئ وذلك حين قال متحدثا عن تخليه عن الجيش التركي: ’’وتختمر في رأس التقي فكرة كان قد غرسها فيه أستاذه السيد محسن الأمين. . فكرة بغض الأتراك فيصمم على الهرب من صف الترك’’.
ثم يقول الأستاذ هندية متحدثا عن حياة المترجم السياسية: ’’أما البذور السياسية الأولى عند التقي فهي من غرس أستاذه وصديقه السيد محسن الأمين فهو الذي غرس فيه كره الأتراك والحقد عليهم، كما غرس إلى جانب ذلك حب العرب والتشبث بهذا الحب’’.
ومن هنا يمكن أن يفهم القارئ أن أستاذه قد غرس في نفسه كره الترك لأنهم ترك، في حين أن مثل أستاذه لا يمكن أن يفكر هذا التفكير ولا يمكن أن يكون عنصريا بهذا الشكل. فالحقيقة أن أستاذه غرس فيه الوطنية السليمة الصحيحة ومنها كره الظالمين ومكافحتهم سواء أكانوا تركا أو انكليزا أو فرنسيا. والأستاذ هندية يقصد هذا ولا شك ولكن عباراته جاءت بحاجة إلى توضيح.
وقد كان لهذه الرحلة العسكرية أكبر الأثر في أدب المترجم لا سيما في شعره كما سيأتي.
بعد الحرب
يقول الأستاذ هندية متحدثا عن المترجم فيما بعد الحرب (1918): (وترافق عودته وثبة العرب النفسية فيندفع في عمله بروح الثائر وعزيمة المناضل ويعد نفسه ليكون شاعر النهضة العربية فيلقي بصوت خطابي جهوري قصائده في المحافل والمجتمعات مشيدا بالثوار العرب من ارض الجزيرة العربية. ولكن هذه الفترة لم تنته على الأمة العربية بخير إذ ران عليها استعمار جديد، فقام التقي بالتالي يكافح مع المكافحين ويناضل بلسانه وقلمه حتى اكره على الهجرة إلى الأردن) ’’انتهى’’. وقد استمرت هجرته إلى الأردن طيلة عهد الثورة السورية الكبرى التي اندلعت عام 1925 ولما خمدت الثورة وهدأت الأحوال عاد فيمن عاد واستمر في دمشق ولم يتركها إلا إلى الاصطياف في لبنان وإلا إلى رحلة إلى العراق وأخرى إلى مصر وأخرى إلى الحج وكما كان لتغربه في الحرب اثر كبير في شعره كان لهجرته إلى الأردن نفس الأثر.
عمله في التدريس
كان أول اشتغاله في التدريس بعد نيله شهادة البكالوريا مباشرة وقبل استدعائه للتجنيد إذ تولى التدريس في المدرسة السلطانية الثانوية التي تخرج منها وظل في عمله سنة ثم ذهب مجندا. وبعد الحرب عاد للتدريس فتولى إدارة مدرسة (أنموذج البحصة) واستمر فيها بعد معركة ميسلون. وكانت السلطات الحاكمة قد أرغمت المدارس على تعليق صورة الجنرال غورو الفرنسي. وكان من عادة المترجم أن يخطب في طلابه، وفي إحدى خطبه حرك شعورهم بخطبته الحماسية فحطموا صورة الجنرال وخرجوا في مظاهرة عنيفة مما أدى إلى فصله من عمله وكاد أن يؤدي إلى أسوأ من ذلك.
وهنا فات الأستاذ هندية في رسالته أن يشير إلى مرحلة من مراحل حياة المترجم إذ أنه بعد فصله من عمله الحكومي بقي بدون عمل فاحتضنه أستاذه (المؤلف) وعينه مديرا لمدرسته في دمشق (المدرسة العلوية). فكان له في إدارة هذه المدرسة دور من أعظم أدواره في تخريج طلابها وتوجيههم. وقد كان من حسن حظ كاتب هذه الكلمات وناشر هذا الكتاب حسن الأمين أن كان من بين تلاميذه في المدرسة العلوية، فلم يكن اسمى من المترجم في توجيه التلاميذ أفضل الوجهات وأنبلها وهو يتولى بنفسه تدريسهم دروس التاريخ والإنشاء والمحفوظات وله في ذلك أساليب تجل عن الوصف.
ولما اضطرمت الثورة السورية الكبرى سنة 1925 ترك دمشق إلى الأردن حيث تولى فيها التدريس. ثم عاد بعد الثورة - كما مر- وظل يتولى التدريس في معاهد دمشق لا سيما في دار المعلمات. ثم انتخب عضوا بالمجمع العلمي ومحررا لمجلته وكان يحاضر في دار المعلمين العليا في الجامعة السورية. وظل كذلك حتى وفاته.
تدينه وأخلاقه
كان كما وصفه أستاذه - فيما تقدم- مسلما مؤمنا لا يهمل واجبا دينيا ولا يرتكب محرما. ولكن تدينه كان تدين المثقف الكيس الذي يفهم الدين على حقيقته تسامحا وتعاطفا لا تعصبا ذميما وجمودا وكزازة.
وقد أخطأ الأستاذ هندية في إدراك حقيقة ما أراده في البيتين الذين استشهد الأستاذ هندية بهما وزعم أن التناحرات الدينية التي يؤجج نارها الاستعمار قد أدت به إلى أن يهجو المذهب السني وأهله:
فالألسنة التي سبت علي بن أبي طالب ليست ألسنة المذهب السني وأهله، والمذهب السني ينكر على من يسبون عليا مثل ما ينكره التقي. والذين سبوا عليا وقصدهم التقي معروفون وقد عينهم هو حين قال: أبناء أكلة الأكباد، ولا أدري كيف انزلق قلم الأستاذ هندية هذا الانزلاق. وأديب التقي أكرم وأنبل من أن يهجو دينا أو مذهبا وان يهجو أهل ذاك الدين أو المذهب.
وكذلك قوله: (وتفتر هذه النعرة الدينية عنده نسبيا بعد عودته من الأردن). فأديب التقي لم يكن ممن تغيرهم الأحداث والأزمان، فنحن الذين تتلمذنا عليه وخالطناه طيلة حياته عرفناه مسلما غيورا على الإسلام وعقائده متسامحا سهلا لا يكره أحدا لدين ومذهب وظل كذلك منذ عرفناه حتى افتقدناه لم يتغير ولم يتبدل. أما عن أخلاقه فكما قال الأستاذ هندية: (كان يجنح في طبعه إلى الجد جلودا على العمل، صبورا على المكاره، يؤثر الفكاهة الأدبية الرفيعة ذات المغزى النبيل، محافظا على ما تحدر من الأجداد).
ويمكن أن نضيف إلى ذلك أنه كان صارما في مثاليته الأخلاقية جهورا بالحق صادقا كل الصدق لا يداجي ولا يحابي ولا ينحرف قيد شعره عن الطريق القويم والصراط المستقيم. كان تلميذا من تلاميذ مدرسة علي بن أبي طالب وخريجا من أنجب خريجيها، ومن هنا كان اكباره لعلي وحبه له ذاك الحب.
مؤلفاته المطبوعة
(1) التاريخ العام
(2) مناهج التربية والتعليم
(3) الطرف، شارك في تأليفه مع آخرين
(4) الشريف الرضي
(5) سير التاريخ الإسلامي
(6) سير العظماء
(7) نهضة اليابان السياسية
(8) مصطفى كمال في الأناضول
(9) غرائب العادات
(10) المسيح الهندي. أما مؤلفاته غير المطبوعة فهي:
(11) تاريخ العصر الحاضر
(12) تاريخ العهد النبوي والخلفاء الراشدين
(13) بسمارك والاتحاد الألماني
(14) الجغرافية الاقتصادية
(15) تاريخ الختان ومحسناته
(16) سير العظماء الجزء الثاني
(17) شعر الخيام وفلسفته
(18) تعريب رواية الوجيه المتحضر لموليير
(19) الرحلة العسكرية إلى فروق والحدود القفقاسية
(20) المسائل الحسابية النظرية
(21) المعادلات الجبرية
(22) المسائل الرياضية
(23) مائتا مسالة في الحساب النظري والجبر والمثلثات والميكانيك والفيزيك (24) جواهر المعادن أو كشكول العصر العشرين
(25) محكم الصياغة في الفصاحة والبلاغة.
مناحي شعره
قال الأستاذ محمد هندية في رسالته: يمثل التقي في شعره أصدق تمثيل الشعراء الذين عاشوا في فترة الانتقال، بين عصور الإنحطاط ومشارف النهضة الحديثة، فلقد تناول الفنون الشعرية المعروفة في عصر ذلك الإنحطاط من غزل يغلب عليه الجانب العقلاني، إلى صنع شعر في تواريخ الوفاة، وغير ذلك من تشطير وتخميس ورسائل إخوانية. كما تناول بشعره أيضا حركة القومية العربية، فمدح أبطالها وأشاد بالعرب وبعنصرهم النبيل، كما رثى الفئة المجاهدة التي استشهدت في ميادين الشرف، وعرض على شكل هجاء اجتماعي بأمته عندما قصرت عن أدراك مرادها لظروف قاهرة، كما أرسل شعرا رقيقا في الحكم وشكوى الزمان. . وأرسل أشعارا في الحنين إلى وطنه، وقال في وصف طبيعة بلاده الساحرة، كما أنه افتخر بفضائل نفسه.
وهكذا يكون التقي قد أسهم في أكثر فنون الشعر العربي.
شعره
قال:
وقال يودع دمشق لما طلب للتجنيد في الحرب العالمية الأولى إلى إسطنبول من قصيدة:
وقال بعنوان ذكريات القفقاس وهي من خواطر الحرب العامة الأولى:
ومن أماليحه قوله وهي من خواطر الحرب:
وقال وهو في الأردن يحن إلى دمشق:
#أشتاق جنائنك الغناء وتربة غوطتك الفيحاء #وخرير الماء بظل الروض وصوت البلبل والدوحا #أشتاق حدائق آسك والصفصاف المائس والطلحا #أشتاق زهورك باسمه وخزامى هضبك والسفحا #والورد المطبق في الأكمام ونور الروض إذا فتح
وقال من قصيدة في الثورة السورية سنة 1925 وهو في الأردن:
وقال وقد مر في وادي الحجير في جبل عامل:
وقال من قصيدة في جبع من جبل عامل:
وقال:
وقال:
وقال:
وقال من قصيدة في مؤلف هذا الكتاب، قال في مقدمتها: وله على أمد الله في حياته أياد لا يقوم بها ما ضمنته هذه المصاريع والقوافي وما يليها من بيان:
وقال فيه أيضا من موشح:
#مذ تبدى حالكات الظلم
#فبما ذا يحسن النطق فمي
#وهوى من بك لم يعتصم
#للمعالي والهدى والكرم وقال فيه أيضا وقد أهداه باكورة مؤلفاته:
وقال فيه أيضا:
مثال من نثره
قال في مقدمة ديوانه المطبوع:
إن في تضاعيف هذه الصفحات كلما هي ذات صلة وشيجة بروحي ونفسي ووطني ثم بحوادث ربع قرن انصرم من حياتي. . . شجعني على إخراجها إلى الناس إنها تمثل ناحية من نواحي شعورهم العام الذي أشاركهم ويشاركونني فيه، وإنها صورة صادقة عني تحضر إذا غبت وتبقى إذا بليت!
وإذا كان من أصحاب الدواوين من يرمون من وراء نشرهم شعرهم إلى اقتناص الثناء والتقريظ فما أنا بالمستهدف لذلك في إخراجي هذا الديوان، وحسبي في ما كتبت وفقت أن لا أكون مترجما عن غير عاطفتي وخوالج نفسي. . . ولم أفكر، والناس متفرقون طرائق قددا في كل شيء، أن أرضي الأذواق المتضاربة أو أتقرب من الميول المتعارضة. . . ولم يؤت الناس الوحدة في أذواقهم وميولهم كما لم يؤتوها في شعورهم وتفكيرهم.
وإذا صاح الشاعر الشرقي في القرن السادس: هل غادر الشعراء من متردم! ونادى الأديب الغربي الكبير في القرن العشرين: من الخطل في الرأي الإيمان بامكان تجدد الأفكار والعواطف، فقد مضى زمن طويل قيل فيه كل شيء وشعر بكل شيء، وكل ما نفكر به اليوم قد سبقنا إليه!، فما ذا بعد نستطيع أن نقول لهؤلاء الذين يريدون الجدة حتى في الشمس والقمر، وحتى في الصبح والمساء والخريف والربيع أن هؤلاء الذين يريدون مسخ اللغة بإخراجها عن قوالبها وأصولها والصدوف بها عن أساليبها ومناحيها لن يرضيهم شيء في الحياة ولن يرضوا عن أحد. . . وهم معاول تخريب في اللغة وآدابها، ليس لهم مزية غير مزية الهدم والنقض، ولا ينفكون مقلدين محاكين في كل ما يقولون ويكتبون، وجميع ما يعتقدون ويشعرون. . . وهم بعد ذلك كالبوم والغربان ينعقون وينعبون على الخرائب والأطلال، ولا يخجلون أن يسموا نعيقهم فنا ونعيبهم موسيقى!.
أن بين حضارات الأمم ونتاج قرائح أبنائها وعقولهم صلات وشيجة، والأدب صورة الاجتماع، وليس بالمستطاع أن يكون ابن الزوراء مثلا، العربي الطباع والعرق والمغرس كابن نيورك، الأمريكي النزعات والأسلة والمنبت، في عواطفه وميوله وأفكاره وشعوره. . . والأدب لا يمكن أن يكون كالإنسانية والدين متاعا واحدا لجميع الشعوب فيتفق فيهم أسلوبا وفكرا وتركيبا! وكما تتميز الأقوام بسجاياها العرقية الموروثة فكذلك تتميز بأدابها وطوابع تلك الآداب وسماتها. . . وان صح ما قاله الأستاذ ’’إميل ده شانيل’’ من أن الشعر كالدين يحمل إلى النفوس المتألمة حاجتها من التعزية والانبساط، فهذه الأوراق عسى أن يكون ما فيها من قواف مضطلعا بالذي حملناه إياه من عبء نقل التأسية والتسلية إلى القلوب المتأججة والنفوس المتهيجة. . . وفي ذلك لذة لنا أية لذة.
بين نثره وشعره
قال الأستاذ هندية:
وإذا ألقينا نظرة أخيرة على شعر التقي ونثره بصورة عامة، نراه قد وفق في نثره أكثر مما وفق في شعره، ونسمح لأنفسنا بان نظن بان الشاعر قد أدرك شيئا من هذا الفارق بين شعره وبين نثره فرأيناه يترك الشعر نهائيا في السنوات الأخيرة لينصرف إلى النثر ويؤلف أهم مؤلف له وهو كتاب (الشريف الرضي) ’’انتهى’’. وفي كلمة الأستاذ هندية هذه الكثير من الحق وإن كنا نعرف أن المترجم لم ينقطع نهائيا عن الشعر بل ظل يعود إليه بين الحين والحين. وفي يقيننا أن المترجم كان في الطليعة من كتاب العرب في عصره وان مقالاته وبحوثه لو جمعت ونشرت لأبرزته كاتبا عربيا مجليا.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 233