أسامة بن زيد اسامة بن زيد بن حارثة، من كنانة عوف، أبو محمد: صحابي جليل. ولد بمكة، ونشأ على الاسلام (لان اباه كان من اول الناس اسلاما) وكان رسول الله (ص) يحبه حبا جما وينظر اليه نظره إلى سبطيه الحسن والحسين. وهاجر مع النبي (ص) إلى المدينة، وامره رسول الله (ص)، قبل ان يبلغ العشرين من عمره، فكان مظفرا موفقا. ولما توفي رسول الله رحل اسامة إلى وادي القرى فسكنه، ثم انتقل إلى دمشق في ايام معاوية، فسكن المزة، وعاد بعد إلى المدينة فاقام إلى ان مات بالجرف، في اواخر خلافة معاوية. له في كتب الحديث 128 حديثا. وفي تاريخ ابن عساكر ان رسول الله استعمل اسامة على جيش فيه أبو بكر وعمر.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 291

أسامة بن زيد بن حارثة بن شرحبيل ابن كعب بن عبد العزى بن زيد بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة مولى رسول الله(ص).
وفاته
في الاستيعاب: توفي سنة 58 أو 59 في خلافة معاوية وقيل توفي سنة 54 قال وهو عندي أصح أن شاء الله تعالى وقال ابن سعد ولد أسامة في الإسلام ومات النبي(ص) وله عشرون سنة وقال ابن أبي خيثمة ثماني عشرة انتهى وفي الإصابة كان قد سكن المزة من عمل دمشق ثم رجع فسكن وادي القرى ثم نزل إلى المدينة فمات بها بالجرف. وفي أسد الغابة مات بالجرف وحمل إلى المدينة. أمه أم أيمن مولاة رسول الله(ص) وحاضنته اسمها بركة الحبشية ورثها النبي(ص) من أبيه كانت وصيفة لعبد المطلب وقيل كانت لآمنة أم رسول الله(ص) وكانت تحضنه حتى كبر فاعتقها حين تزوج خديجة وتزوجها عبيدة بن زيد بن الحارث الحبشي فولدت له أم أيمن وكنيت به ثم تزوجها زيد فولدت له أسامة فأسامة وأيمن أخوان لام. كنيته في أسد الغابة يكنى أبا محمد وقيل أبو زيد وقيل أبو يزيد وقيل أبو خارجة. لقبه في الاستيعاب: كان يقال له الحب بن الحب، وفي أسد الغابة كان يسمى حب رسول الله(ص) روى ابن عمر أن النبي(ص) قال أن أسامة بن زيد لأحب الناس إلي أو من أحب الناس إلي وأنا أرجو أن يكون من صالحيهم فاستوصوا به خيرا انتهى وفي الدرجات الرفيعة: أن رسول الله(ص) مر بأسامة بين الصبيان في قفوله من بدر فنزل إليه وقبله واحتمله وقال مرحبا بحبي وابن حبي انتهى.
ولاؤه
في أسد الغابة: هو مولى رسول الله(ص) من أبويه، وقال في ترجمة أبيه زيد أن أم زيد من بني معن من طئ خرجت به في الجاهلية تزور قومها بني معن فأغارت عليهم خيل لبني القين فأخذوا زيدا فقدموا به سوق عكاظ فاشتراه حسيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد فوهبته خديجة للنبي(ص) وقيل بل اشتراه رسول الله(ص) بمكة من مال خديجة فوهبته له فاعتقه وتبناه وكان أبوه قد وجد لفقده وجدا شديدا فقال فيه:

يعني جبلة بن حارثة أخا زيد ويزيد بن كعب بن شراحيل أخو زيد لامه ثم أن أناسا حوجا فرأوا زيدا فعرفهم فقال لهم أبلغوا أهلي هذه الأبيات فاني أعلم أنهم جزعوا علي فقال:
فانطلقوا واعلموا أباه ووصفوا له موضعه وعند من هو فخرج أبوه حارثة وعمه كعب ابنا شراحيل لفدائه فقدما مكة ودخلا على النبي(ص) فقالا يا ابن عبد المطلب يا ابن هاشم يا ابن سيد قومه جئناك في ابننا عندك فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه. فقال: من هو؟ قالوا: زيد بن حارثة، فقال رسول الله(ص) فهلا غير هذا؟ قالوا ما هو. قال: ادعوه وخيروه فان اختاركم فهو لكم وان اختارني فوالله ما أنا بالذي اختار على من اختارني أحدا. قالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت، فدعاه رسول الله (ص) فقال: هلى تعرف هؤلاء قال: نعم هذا أبي وهذا عمي، قال: فانا من قد عرفت ورأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما؟ قال: ما أريدهما وما أنا بالذي اختار عليك أحدا أنت منى مكان الأب والعم. فقالا: ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وأهل بيتك قال: نعم إني قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي اختار عليه أحدا أبدا فلما رأى رسول الله(ص) ذلك أخرجه إلى الحجر فقال: يا من حضر اشهدوا أن زيدا ابني يرثني وارثه، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما وانصرفا انتهى، وروى علي بن إبراهيم في تفسيره في تفسير قوله تعالى وما جعل أدعياءكم أبناءكم بسنده عن الصادق عليه السلام أن رسول الله(ص) لما تزوج خديجة بنت خويلد خرج إلى سوق عكاظ في تجارة ورأى زيدا غلاما كيسا حصيفا فاشتراه فلما نبئ رسول الله دعاه إلى الإسلام فاسلم وكان يدعى زيد مولى محمد فلما بلغ حارثة بن شراحيل الكلبي خبر زيد قدم مكة وكان رجلا جليلا فأتى أبا طالب فقال: أن ابني وقع عليه السبي وبلغني أن صار لابن أخيك فأسأله أما أن يبيعه وأما أن يفاديه وأما أن يعتقه. فكلم أبو طالب رسول الله (ص) فقال: هو حر فليذهب حيث شاء فقام حارثة فأخذ بيد زيد فقال له: يا بني الحق شرفك وحسبك فقال زيد لست أفارق رسول الله (ص). فقال له أبوه: فتدع حسبك ونسبك وتكون عبدا لقريش فقال زيد: لست أفارق رسول الله (ص) ما دمت حيا، فغضب أبوه وقال: يا معشر قريش اشهدوا إني قد بريءت منه وليس هو ولدي، فقال رسول الله(ص): اشهدوا أن زيدا ابني أرثه ويرثني انتهى وقد مر أن أمه كانت مولاة رسول الله (ص) فاعتقها فهذا معنى أن أسامة مولى رسول الله (ص) من أبويه.
صفته
في أسد الغابة: كان أسامة اسود أفطس. وفي الدرجات الرفيعة: كان أسامة أبيض اللون شديد البياض وأبوه زيد أسود شديد السواد أو بالعكس على خلاف في الرواية فمر بهما محرز المدلجي وهما في قطيفة قد غطيا وجهيهما وبدت أقدامهما فقال: أن هذه الأقدام بعضها من بعض ’’انتهى’’.
أقوال العلماء فيه
في الوجيزة: أنه مختلف فيه وذكره في الخلاصة في القسم الأول المعد للثقات ثم قال الأولى التوقف في روايته وذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الرسول(ص) فقال: أسامة بن زيد بن شراحيل الكلبي مولى رسول الله(ص) أمه أم أيمن اسمها بركة مولاة رسول الله(ص) كنيته أبو محمد ويقال أبو زيد وذكره في أصحاب علي عليه السلام فقال: أسامة بن زيد بن حارثة مولى رسول الله(ص) وقال الكشي: أسامة بن زيد، حدثنا محمد بن مسعود حدثني علي بن محمد حدثني محمد بن أحمد عن سهل بن زاذويه عن أيوب بن نوح عمن رواه عن أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر عليه السلام قال: أن الحسن بن علي عليه السلام كفن أسامة بن زيد في برد أحمر حبرة. قال الميرزا في رجاله: ينافيه ما ذكره جماعة كالذهبي وابن حجر أن أسامة مات سنة 54 والحسن عليه السلام توفي سنة 49 أو 50 والظاهر على هذا أن يكون المكفن له الحسين عليه السلام على أن الرواية لم تصح وان تكررت في الكتب والله أعلم انتهى وفي الدرجات الرفيعة: مات أسامة سنة 54 بلا خلاف في ذلك فتعين أن يكون المكفن له الحسين عليه السلام ’’انتهى’’ ويؤيد كون المكفن له الحسين عليه السلام على أسامة بن زيد وهو مريض وهو يقول: واغماه، فقال له: وما غمك يا أسامة؟ قال: ديني وهو ستون ألف درهم، فقال: هو علي، قال: إني أخشى أن أموت، قال: لن تموت حتى أقضيها عنك فقضاها قبل موته. ثم قال الكشي: محمد بن مسعود حدثني أحمد بن منصور عن أحمد بن المفضل عن محمد بن زياد عن سلمة بن محرز عن أبي جعفر عليه السلام قال: إلا أخبركم بأهل الوقوف؟ قلنا بلي، قال: أسامة بن زيد وقد رجع فلا تقولوا إلا خيرا، ومحمد بن سلمة وابن عمر مات منكوبا. قال العلامة في الخلاصة: في طريقه ضعف ذكرناه في كتابنا الكبير والأقوى عندي التوقف في روايته. قال أبو عمرو الكشي: وجدت في كتاب أبي عبد الله الشاذاني قال: حدثني جعفر بن محمد المدائني عن موسى بن القاسم العجلي أو البجلي عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليه السلام قال كتب علي عليه السلام إلى والي المدينة لا تعطين سعدا ولا ابن عمر من الفيء شيئا فأما أسامة بن زيد فإني قد عذرته في اليمين التي كانت عليه انتهى. وفي أسد الغابة: لم يبايع أسامة عليا ولا شهد معه شيئا من حروبه وقال له لو أدخلت يدك في فم تنين لأدخلت يدي معها ولكنك قد سمعت ما قال لي رسول الله (ص) حين قتلت ذلك الرجل الذي شهد أن لا إله إلا الله وأشار بذلك إلى ما رواه ابن إسحاق عن محمد بن أسامة بن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه عن جده أسامة بن زيد قال: أدركت هذا الرجل يعني كافرا كان قد قتل في المسلمين في غزوة لهم قال أدركته أنا ورجل من الأنصار فلما شهرنا عليه السلاح قال: أشهد أن لا إله إلا الله فلم ننزع عنه حتى قتلناه، فلما قدمنا على رسول الله (ص) أخبرناه خبره فقال: يا أسامة من لك بلا إله إلا الله فوالذي بعثه بالحق ما زال يرددها علي حتى لوددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن وإني كنت أسلمت يومئذ ولم أقتله فقلت أعطي الله عهدا أن لا اقتل رجلا يقول لا إله إلا الله أبدا قال تقول بعدي يا أسامة قلت بعدك انتهى وفي الدرجات الرفيعة: لم يشهد أسامة شيئا من مشاهد أمير المؤمنين عليه السلام واعتذر عن ذلك باليمين التي كانت عليه أنه لا يقتل رجلا يقول لا إله إلا الله وذلك أن النبي (ص) بعث سرية فيها أسامة فقتل رجلا يقال له مرداس بن نهيك من بني مرة بن عوف وكان من أهل فدك وكان مسلما لم يسلم من قومه غيره فسمعوا بسرية رسول الله (ص) تريدهم وكان على السرية رجل يقال له غالب بن فضالة الليثي فهربوا وأقام الرجل لأنه كان مسلما فلما رأى الخيل خاف أن يكونوا من غير أصحاب رسول الله(ص) فألجأ غنمه إلى عاقول من الجبل وصعد هو إلى الجبل فلما تلاحقت الخيل سمعهم يكبرون فلما سمع التكبير عرف أنهم مسلمون فكبر ونزل وهو يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم فتغشاه أسامة بن زيد فقتله واستاق غنمه ثم رجعوا إلى رسول الله(ص) فأخبروه فوجد رسول الله(ص) من ذلك وجدا شديدا وقد كان سبقهم قبل ذلك الخبر فقال رسول الله(ص) قتلتموه إرادة ما معه ثم قرأ(ص): {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا} فقال أسامة: يا رسول الله استغفر لي فقال كيف بلا إله إلا الله فقالها رسول الله (ص) ثلاث مرات قال أسامة فما زال رسول الله (ص) يعيدها حتى وددت إني لم أكن أسلمت إلا يومئذ ثم أن رسول الله (ص) استغفر لي بعد ذلك ثلاث مرات وقال اعتق رقبة ثم حلف أسامة أن لا يقتل بعد ذلك رجلا يقول لا إله إلا الله ’’انتهى’’.
وفي تفسير علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا} قال: فإنها نزلت لما رجع رسول الله (ص) من غزوة خيبر بعث أسامة في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك ليدعوهم إلى الإسلام وكان رجل من اليهود يقال له مرداس بن نهيك الفدكي في بعض القرى فلما أحس بخيل رسول الله(ص) جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل فاقبل يقول أشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله فمر به أسامة بن زيد فطعنه فقتله فلما رجع إلى رسول الله (ص) أخبره بذلك فقال الرسول(ص) قتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله واني رسول الله. فقال: يا رسول الله إنما قالها تعوذا من القتل فقال رسول الله(ص) أفلا شققت الغطاء عن قلبه لا ما قال بلسانه قبلت ولا ما كان في لسانه علمت فحلف أسامة بعد ذلك أن لا يقتل أحدا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فتخلف عن أمير المؤمنين عليه السلام في حروبه وانزل الله تعالى في ذلك هذه الآية ’’انتهى’’.
(أقول) في هذه الآية دلالة على أنه إنما قتل الرجل طمعا في غنمه وأما اعتذاره عن عدم الجهاد مع أمير المؤمنين عليه السلام بالعهد الذي عاهده فعذر غير مقبول لأن العهد لا ينعقد على ترك واجب وأما ما كتبه أمير المؤمنين عليه السلام إلى والي المدينة مما تقدم بأنه عذر فهو عليه السلام أعرف بوجه المصلحة في إظهار أنه عذره أن صح الحديث وإلا فظاهر الحال يوجب عدم عذره ولو عذرنا في ترك الجهاد مع علي عليه السلام وهو غير معذور فبما نلتمس له العذر في تأخره عن إنفاذ أمر رسول الله(ص) يوم أمره على الجيش كما ستعرف وبما ذا نعذره بعدم بيعته لعلي عليه السلام هو وسعد وابن عمر إلا أن يكون قد تاب كما مر. ونقل الزمخشري في ربيع الأبرار أن أسامة بن زيد بعث إلى علي عليه السلام أن ابعث إلي بعطائي فوالله انك لتعلم انك لو كنت في فم أسد لدخلت معك فكتب إليه أن هذا المال لمن جاهد عليه ولكن لي مالا بالمدينة فأصب منه ما شئت انتهى وهذه تدل على مكارم أخلاق من أمير المؤمنين عليه السلام وثبات قدم في الدين والتقوى وسياسة عظيمة فلم يعطه من مال الفيء لأنه لم يجاهد وأعطاه من ماله. وأسامة هو الذي أنفذه رسول الله(ص) بجيش إلى بلاد الروم حيث قتل أبوه وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة في وقعة مؤتة وذلك في مرض رسول الله(ص) الذي توفي فيه وأمره على رؤساء المهاجرين والأنصار وعمره يومئذ18 أو 20 سنة وأمره أن يعسكر بالجرف وحث على الخروج معه وذم من تخلف عن جيشه وكان يقول مكررا أنفذوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عن جيش أسامة فبقي معسكرا بالجرف ولم يتوجه والناس يترددون بين المعسكر والمدينة حتى توفي النبي (ص). وروى ابن سعد في الطبقات: عن محمد بن عمر عن محمد بن عبد الله عن الزهري عن عروة بن الزبير قال: كان رسول الله(ص) قد بعث أسامة وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء حيث قتل أبوه وجعفر فجعل أسامة وأصحابه يتجهزون وقد عسكر بالجرف فاشتكى رسول الله(ص) وهو على ذلك وقد وجد من نفسه راحة فخرج عاصبا رأسه فقال أيها الناس أنفذوا بعث أسامة ثلاث مرات الحديث. وروى ابن سعد أيضا عدة أحاديث، في بعضها أن رسول الله(ص) بلغه قول الناس استعمل أسامة بن زيد على المهاجرين والأنصار، وفي بعضها أن الناس طعنوا في إمارته وفي بعضها عابوه وطعنوا في إمارته فخرج رسول الله(ص) حتى جلس على المنبر وقال أيها الناس أنفذوا بعث أسامة فلعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله وانه لخليق بالإمارة وان كان أبوه لخليقا بها الحديث أو قال نحو ذلك. وفي الدرجات الرفيعة: روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز في كتاب السقيفة قال حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح عن أحمد بن سيار عن سعد بن كثير الأنصاري عن رجاله عن عبد الله بن عبد الرحمن أن رسول الله (ص) أمر في مرض موته أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جل المهاجرين والأنصار منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وأمره أن يغير على مؤتة حيث قتل أبوه زيد وان يغزو وادي فلسطين فتثاقل أسامة وتثاقل الجيش بتثاقله وجعل رسول الله (ص) في مرضه يثقل ويخف ويؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث حتى قال له أسامة بأبي أنت وأمي أتأذن لي أن امكث أياما حتى يشفيك الله تعالى فقال: اخرج وسر على بركة الله تعالى، فقال: يا رسول الله إني أن خرجت وأنت على هذه الحال خرجت وفي قلبي قرحة منك. فقال سر على النصر والعافية فقال يا رسول الله إني اكره أن أسأل عنك الركبان، فقال أنفذ لما أمرتك به ثم أغمي على رسول الله (ص) وقام أسامة فتجهز للخروج فلما أفاق رسول الله (ص) سال عن أسامة والبعث فأخبر أنهم يتجهزون فجعل يقول أنفذوا بعث أسامة لعن الله من تخلف عنه ويكرر ذلك، فخرج أسامة واللواء على رأسه والصحابة بين يديه حتى إذا كان بالجرف نزل ومعه أبو بكر وعمر وأكثر المهاجرين والأنصار وأسيد بن حضير وبشر بن سعد وغيرهم فجاء رسول أم أيمن يقول له ادخل فان رسول الله(ص) يموت فقام من فوره فدخل المدينة و اللواء معه فجاء به حتى ركزه بباب رسول الله(ص) ورسول الله قد مات في تلك الساعة قال فما كان أبو بكر وعمر يخاطبان أسامة إلى أن ماتا إلا بالأمير ’’انتهى’’. وروى أهل السير أن أبا بكر بعد ما بويع بالخلافة بعض أسامة على مقتضى أمر رسول الله(ص) إلى حرب الشام فخرج وسار إلى أهل ابني بضم الهمزة وسكون الباء الموحدة وفتح النون بوزن فعلى فأغار عليهم وقتل من أشرف وسبى من قدر عليه وقتل من قاتل أباه ورجع إلى المدينة بالغلبة والظفر وكانت مدة غيبته في تلك السفرة أربعين يوما فخرج أبو بكر في المهاجرين وأهل المدينة يتلقونهم سرورا لقدومهم وسلامتهم.
وروى الطبرسي في الاحتجاج ما يدل على أن أسامة لم يرجع إلى المدينة إلا بعد أن بويع أبو بكر بالخلافة وكتب إليه بالرجوع وانه جرى بينه وبينه في ذلك حوار وحجاج وأنه أنكر عليه أمره.
وفي أسد الغابة بسنده عن أسامة بن زيد أن رسول الله (ص) ركب على حمار عليه قطيفة وأردف وراءه أسامة وهو يعود سعد بن عبادة قبل وقعة بدر قال ولما فرض عمر بن الخطاب فرض لأسامة بن زيد خمسة آلاف وفرض لابنه عبد الله بن عمر ألفين، فقال ابن عمر: فضلت علي أسامة وقد شهدت ما لم يشهد؟ فقال: أن أسامة كان أحب إلى رسول الله منك وأبوه أحب إلى رسول الله من أبيك، قال: وروى محمد بن إسحاق عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن عبد الله قال: رأيت أسامة بن زيد يصلي عند قبر النبي(ص) فدعي مروان إلى جنازة ليصلي عليها فصلى عليها ثم رجع وأسامة يصلي عند باب بيت النبي(ص) فقال له مروان إنما أردت أن يرى مكانك فعل الله بك وقال قولا قبيحا ثم أدبر فانصرف أسامة وقال يا مروان انك آذيتني وانك فاحش متفحش وإني سمعت رسول الله(ص) يقول: أن الله يبغض الفاحش المتفحش ’’انتهى’’.
وحكى المسعودي في مروج الذهب قال تنازع أسامة بن زيد وعمرو بن عثمان بن عفان إلى معاوية في أرض فقام مروان بن الحكم فجلس إلى جانب عمرو وقام الحسن بن علي فجلس إلى جانب أسامة وقام سعيد بن العاص فجلس إلى جانب مروان فقام الحسين بن علي وجلس إلى جانب أخيه وقام عبد الله بن عامر فجلس إلى جانب سعيد بن العاص فقام عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فجلس إلى جانب الحسين فقام عبد الرحمن بن الحكم فجلس إلى جانب عبد الله بن عامر فقام عبد الله بن العباس فجلس إلى جانب عبد الله بن جعفر فلما رأى ذلك معاوية قال: لا تعجلوا أنا كنت شاهدا إذ اقطعها رسول الله(ص) أسامة فقام الهاشميون فخرجوا واقبل الأمويون وقالوا إلا كنت أصلحت بينهما فقال دعوني فوالله ما ذكرت عيونهم تحت المغافر بصفين إلا لبس علي عقلي انتهى ومن هذا الخبر وغيره يظهر ميل الهاشميين إلى أسامة خصوصا خبر وفاء الحسين عليه السلام دينه وتكفينه إياه وذلك وفاء منهم لأنه مولى جدهم (ص) لكن النفس لا تميل إلى أسامة لتركه بيعة علي عليه السلام أن صح وتركه القتال معه وعدم تنفيذه ما أمر به رسول الله (ص). فبعد هذه الأمور لا تميل النفس إليه مهما كانت حالته.
خلاصة القول فيه
لا شك أنه حصل منه خطا في قتله الرجل الذي أظهر الإسلام وفي تخلفه عن إنفاذ أمر رسول الله(ص) في المسير بالجيش وفي تخلفه عن بيعة علي عليه السلام أن صح وفي عدم قتاله معه وعدم صحة العذر الذي اعتذر به عن ذلك كما أمر أما قتله من أظهر الإسلام فقد تاب منه وندم حتى أنه حلف لا يقاتل من يظهر الشهادتين طول عمره. وأما تخلفه عن علي عليه السلام فقد مر عن الباقر عليه السلام أنه رجع ونهيه عن أن يقال فيه إلا خير وعن كتاب سليم بن قيس أنه قال الناس بايعت عليا عليه السلام طائعين غير مكرهين غير ثلاثة رهط بايعوه ثم شكوا في القتال معه وقعدوا في بيوتهم محمد بن مسلمة وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأسامة بن زيد سلم بعد ذلك ورضي ودعا لعلي عليه السلام واستغفر له وبريء من عدوه وشهد أنه على الحق ومن خالفه ملعون حلال الدم انتهى ويشهد لرجوعه وحسن حاله عطف الطالبيين عليه وانتصارهم له وتعصب بني أمية عليه وانتصارهم لخصمه في مخاصمته مع عمرو بن عثمان، وتحامل مروان عليه وإساءته القول فيه حين كان يصلي ولم يحضر معه الصلاة على الجنازة، وقضاء الحسين عليه السلام دينه وتكفينه إياه وأمرأمير المؤمنين عليه السلام أن يعوض عن عطائه من ماله بالمدينة وإظهاره العذر له في ترك القتال معه ويشهد لميله إلى أمير المؤمنين عليه السلام قوله لو كنت في أسد لدخلت معك وقوله لو أدخلت يدك في فم تنين لأدخلت يدي معها كما تقدم ذلك كله فالمترجح دخوله في موضوع الكتاب والله أعلم.
مما علق على الطبعة الأولى
من هذا الكتاب وأجاب عنه المؤلف
كتب أحد الفضلاء: ذكرتم في ج10 تحت عنوان حرق كتب الشيخ الطوسي في سنة 449 بعد استيلاء طغرل السلجوقي الخ. . . وأتذكر أن ابن الأثير ذكر في حوادث سنة 443 من كامله إحراق الأضرحة الذي ذكرتموه وفيه تفاصيل أكثر مما ذكرتم، فهل يا ترى تلك حادثة غير التي ذكرتموها؟.
(ونقول) حادثة إحراق مشهد الكاظم والجواد عليه السلام ذكرها ابن الأثير في حوادث سنة 443 وقال: أن هذه الفتنة دامت من صفر إلى ثالث ربيع الأول وانه قتل فيها رجل هاشمي من السنة فدفنوه عند أحمد بن حنبل، ثم أحرقوا المشهد وقبور جعفر بن المنصور والأمين وزبيدة، ثم ذكر في حوادث سنة 449 أنه فيها نهبت دار أبي جعفر الطوسي بالكرخ، وهو فقيه الإمامية، وكان قد فارقها إلى المشهد الغروي ’’انتهى’’.
وعلى هذا فما ذكره صاحب أحسن القصص مما نقلناه عنه في ج10 هذا الجزء من أن هرب الشيخ الطوسي ونهب داره وإحراق كتبه كان سنة 449 هو صواب، أما قوله أنه هرب إلى الحائر فلعل صوابه أنه هرب إلى النجف، ويمكن أن يكون ذهب أولا إلى الحائر ثم إلى النجف. أما قوله عقيب ذلك: واستمرت هذه الفتنة من ابتداء صفر إلى منتصف ربيع الخ. المشعر بوقوع ذلك في سنة 449 فغير صواب ذلك لأن ذلك كان سنة 443 كما ذكره ابن الأثير وكذلك جعله المقتول سيدا من أهل مشهد الكاظمين غير صواب بل هو سيد هاشمي من أهل بغداد، وإذا كان من أهل المشهد فلما ذا يدفن بجانب ابن حنبل، وكذلك ما يظهر منه أن قتل هذا السيد وإحراق المشهد كان سنة 449 غير صواب بل كان سنة 443 كما مر وفي كلامه خطا آخر وهو جعل قبر المنصور من جملة القبور المحروقة بل هو قبر جعفر بن المنصور كما نبهنا عليه في الحاشية في ج10 فكلام أحسن القصص الذي نقلناه هناك قد وقع فيه خبط وخلط في عدة مواضع ظهرت مما مر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين وسلم تسليما ورضي الله عن التابعين لهم بإحسان وتابعي التابعين وعن العلماء والصالحين من سلف منهم ومن غبر إلى يوم الدين.
(وبعد) فيقول العبد الفقير إلى عفو ربه الغني محسن بن المرحوم السيد عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي نزيل دمشق الشام عامله الله بفضله ولطفه وعفوه: هذا هو الجزء الحادي عشر من كتاب أعيان الشيعة في بقية من اسمه أسامة وما بعده من الأسماء إلى إسماعيل وما استدرك على بعض الأجزاء السابقة وفقنا الله تعالى لإكمال باقي الأجزاء ومنه تعالى نستمد المعونة والهداية والتوفيق والتسديد وهو حسبنا ونعم الوكيل.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 247

أسامة بن زيد (د ب ع) أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن زيد بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود، بن عوف بن كنانة، بن بكر، بن عوف، بن عذرة، بن زيد اللات، بن رفيدة، بن ثور، بن كلب بن وبرة الكلبي.
وقد ذكر ابن منده وأبو نعيم في نسبه ابن رفيدة بن لؤي بن كلب وهو تصحيف، وإنما هو ثور ابن كلب، لا شك فيه.
أمه أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم فهو وأيمن أخوان لأم. يكنى أسامة: أبا محمد، وقيل: أبو زيد، وقيل: أبو يزيد، وقيل: أبو خارجة، وهو مولى رسول الله من أبويه، وكان يسمى: حب رسول الله.
روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أسامة بن زيد لأحب الناس إلي، أو من أحب الناس إلي، وأنا أرجو أن يكون من صالحيكم، فاستوصوا به خيرا».
واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة.
أخبرنا أبو منصور بن مكارم بن أحمد بن سعد المؤدب الموصلي، أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن صفوان، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم السراج، أخبرنا أبو طاهر هبة الله بن إبراهيم بن أنس، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن طوق، حدثنا أبو جابر يزيد بن عبد العزيز بن حيان، أخبرنا محمد بن إبراهيم ابن عمار، أخبرنا معافى بن عمران عن شريك، عن ابن عباس عن ذريح عن النهى عن عائشة قالت: «عثر أسامة بأسكفة الباب، فشج في وجهه، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أميطي عنه، فكأني تقذرته، فجعل رسول الله يمصه ثم يمجه، وقال: لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى ينقه أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد، أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن البطر القاري إجازة، إن لم يكن سماعا، أخبرنا أبو الحسن ابن رزقويه، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، أخبرنا الرمادي، أنبأنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار عليه قطيفة، وأردف وراءه أسامة، وهو يعود سعد بن عبادة، قبل وقعة بدر».
ولما فرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس فرض لأسامة بن زيد خمسة آلاف. وفرض لابنه عبد الله بن عمر ألفين، فقال ابن عمر: فضلت علي أسامة وقد شهدت ما لم يشهد؟: فقال إن أسامة كان أحب إلى رسول الله منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله من أبيك».
ولم يبايع عليا، ولا شهد معه شيئا من حروبه، وقال له: لو أدخلت يدك في فم تنين لأدخلت يدي معها، ولكنك قد سمعت ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قتلت ذلك الرجل الذي شهد أن لا إله إلا الله» وهو ما أخبرنا به أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بن علي بن السمين البغدادي، بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن أسامة بن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه عن جده أسامة بن زيد قال: أدركته، يعني، كافرا كان قتل في المسلمين في غزاة لهم، قال: «أدركته أنا ورجل من الأنصار، فلما شهرنا عليه السلاح قال: «أشهد أن لا إله إلا الله، فلم نبرح عنه حتى قتلناه، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه خبره فقال: يا أسامة، من لك بلا إله إلا الله؟ فقلت: يا رسول الله، إنما قالها تعوذا من القتل، فقال: من لك يا أسامة بلا إله إلا الله؟ فو الذي بعثه بالحق ما زال يرددها علي حتى وددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن، وأني أسلمت يومئذ، فقلت: «أعطي الله عهدا أن لا أقتل رجلا يقول لا إله إلا الله». وروى محمد بن إسحاق عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله قال: «رأيت أسامة بن زيد يصلي عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فدعي مروان إلى جنازة ليصلي عليها، فصلى عليها ثم رجع، وأسامة يصلي عند باب بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له مروان: إنما أردت أن يرى مكانك فعل الله بك وفعل، وقال قولا قبيحا، ثم أدبر، فانصرف أسامة وقال: يا مروان، إنك آذيتني، وإنك فاحش متفحش، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله يبغض الفاحش المتفحش». وكان أسامة أسود أفطس، وتوفي آخر أيام معاوية سنة ثمان أو تسع وخمسين، وقيل: توفي سنة أربع وخمسين، قال أبو عمر: وهو عندي أصح، وقيل: توفي بعد قتل عثمان بالجرف، وحمل إلى المدينة، روى عنه أبو عثمان النهدي، وعبد الله بن عبد الله بن عتبة وغيرهما.
أخرجه ثلاثتهم.
قلت: قد ذكر ابن منده أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسامة بن زيد على الجيش الذي سيره إلى مؤتة في علته التي توفي فيها. وهذا ليس بشيء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل على الجيش الذي سار إلى مؤتة أباه زيد بن حارثة، فقال: إن أصيب فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب فعبد الله بن رواحة، وأما أسامة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على جيش وأمره أن يسير إلى الشام أيضا، وفيهم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فلما اشتد المرض برسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى أن يسير جيش أسامة، فساروا بعد موته صلى الله عليه وسلم، وليست هذه غزوة مؤتة، والله أعلم.

  • دار ابن حزم - بيروت-ط 1( 2012) , ج: 1- ص: 28

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1994) , ج: 1- ص: 194

  • دار الفكر - بيروت-ط 1( 1989) , ج: 1- ص: 79

أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن زيد بن امرئ القيس ابن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة الكلبي، الحب ابن الحب، يكنى أبا محمد. ويقال أبو زيد. وأمه أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن سعد: ولد أسامة في الإسلام، ومات النبي صلى الله عليه وسلم وله عشرون سنة، وقال ابن أبي خيثمة: ثماني عشرة. وكان أمره على جيش عظيم، فمات النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتوجه، فأنفذه أبو بكر. وكان عمر يجله ويكرمه، وفضله في العطاء على ولده عبد الله بن عمر، واعتزل أسامة الفتن بعد قتل عثمان إلى أن مات في أواخر
خلافة معاوية. وكان قد سكن المزة من عمل دمشق، ثم رجع فسكن وادي القرى، ثم نزل إلى المدينة فمات بها بالجرف. وصحح ابن عبد البر أنه مات سنة أربع وخمسين. وقد روى عن أسامة من الصحابة أبو هريرة وابن عباس، ومن كبار التابعين أبو عثمان النهدي وأبو وائل، وآخرون، وفضائله كثيرة وأحاديثه شهيرة.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1995) , ج: 1- ص: 202

أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي أبو زيد، وقيل أبو محمد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه ومولاه. قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذني والحسن ويقول: اللهم إني أحبهما فأحبهما. وأمه أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته وكان أسود كالليل وكان أبوه أبيض أشقر. قال إبراهيم بن سعد، قالت عائشة رضي الله عنها: دخل مجزز المدلجي القائف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أسامة وزيدا وعليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فسر النبي صلى الله عليه وسلم وأعجبه ذلك. وتوفي سنة أربع وخمسين للهجرة على الصحيح. روى عنه الجماعة كلهم. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة في جيش فيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فطعن الناس فيه لأنه كان ابن مولى ولم يبلغ عشرين سنة وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه وصعد المنبر (الحديث). وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الومص من عينيه. وقالت عائشة رضي الله عنها: عثر أسامة على عتبة الباب أو أسكفة الباب فشج وجهه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة: أميطي عنه الدم، قالت: فتقذرته، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص شجته ويمجه ويقول: لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى أنفقه. سكن بعد النبي صلى الله عليه وسلم وادي القرى ثم رجع إلى المدينة فمات بالجرف في آخر خلافة معاوية سنة ثمان أو سنة تسع وخمسين للهجرة. حدث حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الإفاضة من عرفة من أجل أسامة بن زيد ينتظره، فجاء غلام أسود أفطس فقال أهل اليمن: إنما حبسنا من أجل هذا‍‍! ‍‌‍قال: فلذلك كفر أهل اليمن من أجل هذا. قال يزيد بن هارون: يعني ردتهم أيام أبي بكر. وفرض عمر بن الخطاب لأسامة بن زيد خمسة آلاف ولا بن عمر ألفين فقال ابن عمر:
فضلت علي أسامة وقد شهدت ما لم يشهد، فقال: إن أسامة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك وأبوه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك. وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب الناس إلي أسامة، ما حاشا فاطمة ولا غيرها. وفي حديث هشام بن عروة عن أبيه: وأنا أرجو أن يكون من صالحيكم فاستوصوا به خيرا. قال علي بن خشرم قلت لوكيع: من سلم من الفتنة؟ قال: أما المعروفون من أصحاب النبي عليه السلام فأربعة سعد بن مالك وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة وأسامة بن زيد واختلط سائرهم.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 8- ص: 0

أسامة بن زيد ابن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن امرئ القيس، المولى الأمير الكبير.
حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومولاه، وابن مولاه.
أبو زيد، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو حارثة، وقيل: أبو يزيد.
استعمله النبي -صلى الله عليه وسلم- على جيش لغزو الشام، وفي الجيش عمر والكبار، فلم يسر حتى توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فبادر الصديق ببعثهم، فأغاروا على أبنى من ناحية البلقاء، وقيل: إنه شهد يوم مؤتة مع والده، وقد سكن المزة مدة، ثم رجع إلى المدينة فمات بها، وقيل: مات بوادي القرى.
حدث عنه: أبو هريرة، وابن عباس، وأبو وائل، وأبو عثمان النهدي، وعروة بن الزبير، وأبو سلمة، وأبو سعيد المقبري، وعامر بن سعد، وأبو ظبيان، وعطاء بن أبي رباح، وعدة، وابناه: حسن ومحمد.
ثبت عن أسامة قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأخذني والحسن فيقول: ’’اللهم إني أحبهما فأحبهما’’.
قلت: هو كان أكبر من الحسن بأزيد من عشر سنين.
وكان شديد السواد، خفيف الروح، شاطرا شجاعا، رباه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحبه كثيرا.
وهو ابن حاضنة النبي -صلى الله عليه وسلم أم أيمن، وكان أبوه أبيض، وقد فرح له رسول الله بقول مجزز المدلجي: إن هذه الأقدام بعضها من بعض.
أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، أخبرني أسامة بن زيد، أن عليا قال: يا رسول الله، أي أهلك أحب إليك؟ قال: ’’فاطمة’’ قال: إنما أسألك عن الرجال؟ قال: ’’من أنعم الله عليه وأنعمت عليه، أسامة بن زيد’’، قال: ثم من، قال: ’’ثم أنت’’.
وروى مغيرة، عن الشعبي، أن عائشة قالت: ما ينبغي لأحد أن يبغض أسامة بعد ما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ’’من كان يحب الله ورسوله فليحب أسامة’’.
وقالت عائشة في شأن المخزومية التي سرقت فقالوا: من يجترئ على رسول الله يكلمه فيها إلا أسامة حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
موسى بن عقبة وغيره، عن سالم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’أحب الناس إلي أسامة، ما حاشا فاطمة ولا غيرها’’.
قال زيد بن أسلم، عن أبيه قال: فرض عمر لأسامة ثلاثة آلاف وخمس مائة، وفرض لابنه عبد الله ثلاثة آلاف، فقال: لم فضلته علي، فوالله ما سبقني إلى مشهد؟ قال: لأن أباه كان أحب إلى رسول الله من أبيك، وهو أحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك، فآثرت حب رسول الله على حبي. حسنه الترمذي.
قال ابن عمر: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة، فطعنوا في إمارته فقال: ’’إن يطعنوا في
إمارته، فقد طعنوا في إمارة أبيه، وايم الله، إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن ابنه هذا لمن أحب الناس إلي بعده’’.
قلت: لما أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك الجيش كان عمره ثماني عشرة سنة.
ابن سعد: حدثنا يزيد، حدثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخر الإفاضة من عرفة من أجل أسامة ينتظره، فجاء غلام أسود أفطس. فقال أهل اليمن: إنما جلسنا لهذا، فلذلك ارتدوا -يعني: أيام الردة.
قال وكيع: سلم من الفتنة من المعروفين: سعد وابن عمر وأسامة ابن زيد ومحمد بن مسلمة.
قلت: انتفع أسامة من يوم النبي -صلى الله عليه وسلم؛ إذ يقول له: ’’كيف بلا إله إلا الله يا أسامة’’ فكف يده ولزم منزله فأحسن.
عائشة قالت: أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يمسح مخاط أسامة، فقلت: دعني حتى أكون أنا التي أفعل، فقال: ’’يا عائشة، أحبيه فإني أحبه’’.
قلت: كان سنه في سنها.
مجالد، عن الشعبي، عن عائشة: أمرني رسول الله أن أغسل وجه أسامة وهو صبي، قالت: وما ولدت ولا أعرف كيف يغسل الصبيان، فآخذه، فأغسله غسلا ليس بذاك، قالت: فأخذه فجعل يغسل وجهه ويقول: ’’لقد أحسن بنا أسامة؛ إذ لم يكن جارية، ولو كنت جارية لحليتك وأعطيتك’’.
وفي ’’المسند’’ عن البهي، عن عائشة: قال رسول الله: ’’لو كان أسامة جارية لكسوته، وحليته حتى أنفقه’’.
ومن غير وجه عن عمر، أنه لم يلق أسامة قط إلا قال: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله، توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنت علي أمير.
جرير بن حازم: حدثنا ابن إسحاق، عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله قال: رأيت أسامة بن زيد مضطجعا عند باب حجرة عائشة، رافعا عقيرته يتغنى، ورأيته يصلي عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم، فمر به مروان، فقال: أتصلي عند قبر، وقال له قولا قبيحا، فقال: يا مروان، إنك فاحش متفحش، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ’’إن الله يبغض الفاحش المتفحش’’.
وقال قيس بن أبي حازم: أن رسول الله حين بلغه أن الراية صارت إلى خالد قال: ’’فهلا إلى رجل قتل أبوه’’ ؟ يعني: أسامة.
إبراهيم بن طهمان، عن عتبة بن عبد الله، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهم، قال: دخلت على فاطمة بنت قيس وقد طلقها زوجها.... الحديث. فلما حلت، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’هل ذكرك أحد’’؟ قالت: نعم، معاوية وأبو الجهم، فقال: ’’أما أبو الجهم فشديد الخلق، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، ولكن أنكحك أسامة’’. فقلت: أسامة تهاونا بأمر أسامة، ثم قلت: سمعا وطاعة لله ولرسوله، فزوجينه فكرمني الله بأبي زيد، وشرفني الله ورفعني به.
وروى معناه مالك، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي سلمة عنها.
قال عروة بن الزبير: قال أبو بكر: والله، لأن تخطفني الطير أحب إلي من أن أبدأ بشيء قبل أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فبعث أسامة واستأذنه في عمر أن يتركه عنده.
قال: فلما بلغوا الشام أصابتهم ضبابة شديدة، فسترتهم حتى أغاروا وأصابوا حاجتهم، فقدم على هرقل موت النبي -صلى الله عليه وسلم، وإغارة أسامة على أرضه في آن واحد، فقالت الروم: ما بال هؤلاء يموت صاحبهم وأن أغاروا على أرضنا!
ابن إسحاق، عن سعيد بن عبيد بن السباق، عن محمد بن أسامة، عن أبيه قال: لما ثقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم، هبطت وهبط الناس المدينة، فدخلت عليه، وقد أصمت فلا يتكلم، فجعل يضع يديه علي ثم يرفعهما، فأعرف أنه يدعو لي.
أحمد في مسنده: حدثنا حجاج، أخبرنا شريك، عن العباس بن ذريح، عن البهي، عن عائشة: أن أسامة عثر بأسكفة الباب فشج في جبهته، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يمصه ثم يمجه، وقال: ’’لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى أنفقه’’.
شريك، عن أبي إسحاق، عن جبلة قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا لم يغز أعطى سلاحه عليا أو أسامة.
الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن سلام، عن يزيد بن عياض، قال: أهدى حكيم بن حزام للنبي -صلى الله عليه وسلم- في الهدنة حلة ذي يزن، اشتراها بثلاث مائة دينار، فردها وقال: ’’لا أقبل هدية مشرك’’، فباعها حكيم، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- من اشتراها له، فلبسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فلما رآه حكيم فيها، قال:
ومن بقايا صغار الصحابة:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 4- ص: 106

أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزي الكلبي قد رفعنا في نسبه عند ذكر أبيه زيد بن حارثة، وذكرنا ما لحق أباه زيدا من السباء، وأنه صار بعد مولى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وله ولاؤه صلى الله عليه وسلم، وأو ضحنا ذلك في باب أبيه زيد بن حارثة، يكنى أسامة أبا زيد. وقبل أبا محمد، يقال له الحب بن الحب.
وقال ابن إسحاق: زيد بن حارثة بن شرحبيل، وخالفه الناس، فقالوا: شراحيل وأم أسامة أم أيمن واسمها بركة مولاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحاضنته.
اختلف في سنه يوم مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقيل: ابن عشرين سنة. وقيل: ابن تسع عشرة. وقيل: ابن ثماني عشرة، سكن بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وادي القرى، ثم عاد إلى المدينة، فمات بالجرف في آخر خلافة معاوية. ذكر محمد بن سعد قال حدثنا يزيد بن هارون، قال حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخر الإفاضة من عرفة من أجل أسامة بن زيد ينتظره، فجاء غلام أسود أفطس، فقال أهل اليمن: إنما حبسنا من أجل هذا؟ قال: فلذلك كفر أهل اليمن من أجل هذا. قال يزيد بن هارون: يعنى ردتهم أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه. ولما فرض عمر بن الخطاب للناس فرض لأسامة بن زيد خمسة آلاف، ولابن عمر ألفين، فقال ابن عمر: فضلت علي أسامة، وقد شهدت ما لم يشهد؟ فقال: إن أسامة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أبيك.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد بن زهير، قال حدثنا موسى بن إسماعيل، قال حدثنا حماد بن سلمة، قال حدثنا موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: أحب الناس إلي أسامة ما خلا فاطمة ولا غيرها. وبه عن حماد بن سلمة، قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن أسامة بن زيد لأحب الناس إلي، أو من أحب الناس إلي، وأنا أرجو أن يكون من صالحيكم فاستوصوا به خيرا. وروى محمد بن إسحاق عن صالح بن كيسان عن عبيد الله، قال: رأيت أسامة بن زيد يصلي عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فدعي مروان بن الحكم إلى جنازة ليصلي عليها فصلى عليها ثم رجع، وأسامة يصلي عند باب بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له مروان: إنما أردت أن يرى مكانك، فقد رأينا مكانك، فعل الله بك وفعل، قولا قبيحا، ثم أدبر. فانصرف أسامة، وقال: يا مروان، إنك آذيتني، وإنك فاحش متفحش، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الله يبغض الفاحش المتفحش. أخبرنا خلف بن قاسم، حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد، حدثنا أحمد ابن محمد بن البشيري. حدثنا علي بن خشرم قال قلت لوكيع: من سلم من الفتنة؟ قال: أما المعروفون من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأربعة: سعد بن مالك، وعبد لله بن عمر، ومحمد بن مسلمة، وأسامة بن زيد، واختلط سائرهم. قال: ولم يشهد أمرهم من التابعين أربعة: الربيع بن خثيم، ومسروق بن الأجدع، والأسود بن يزيد، وأبو عبد الرحمن السلمي.
قال أبو عمر: أما أبو عبد الرحمن السلمي فالصحيح عنه أنه كان مع علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه، وأما مسروق فذكر عنه إبراهيم النخعي أنه ما مات حتى تاب إلى الله تعالى من تخلفه عن علي كرم الله وجهه، وصح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من وجوه أنه قال: ما آسى على شيء كما آسى أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي رضي الله عنه.
وتوفي أسامة بن زيد بن حارثة في خلافة معاوية سنة ثمان أو تسع وخمسين. وقيل: بل توفي سنة أربع وخمسين، وهو عندي أصح إن شاء الله تعالى.
وروى عنه أبو عثمان النهدي، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة وجماعة.

  • دار الجيل - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 75

أسامة الحب ابن زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب. وهو حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويكنى أبا محمد. وأمه أم أيمن واسمها بركة حاضنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومولاته. وكان زيد بن حارثة في رواية بعض أهل العلم أول الناس إسلاما ولم يفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وولد له أسامة بمكة ونشأ حتى أدرك ولم يعرف إلا الإسلام لله تعالى ولم يدن بغيره. وهاجر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة. وكان رسول الله يحبه حبا شديدا. وكان عنده كبعض أهله.
قال: أخبرنا عفان بن مسلم وهاشم بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي ويحيى بن عباد قالوا: أخبرنا شريك عن العباس بن ذريح. يعني عن البهي. عن عائشة قالت: عثر أسامة على عتبة الباب أو أسكفة الباب فشج جبهته فقال: يا عائشة أميطي عنه الدم. فتقذرته. قالت فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمص شجته ويمجه ويقول: [لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى أنفقه].
قال: أخبرنا يحيى بن عباد قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال: حدثنا أبو السفر قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس هو وعائشة وأسامة عندهم إذ نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجه أسامة فضحك ثم [قال رسول الله. ص: لو أن أسامة جارية لحليتها وزينتها حتى أنفقها].
قال: أخبرنا هوذة بن خليفة قال: حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن أسامة بن زيد قال: [كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذني والحسن يقول: اللهم إني أحبهما فأحبهما].
[قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي عثمان عن أسامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذني والحسن بن علي ثم يقول: اللهم أحبهما فإني أحبهما].
قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدثني معتمر بن سليمان عن أبيه قال:
سمعت أبا تميمة يحدث عن أبي عثمان النهدي يحدثه أبو عثمان عن أسامة بن زيد قال: [كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذني فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن بن علي على فخذه الأخرى ثم يضمنا ثم يقول: اللهم ارحمهما فإني أرحمهما].
قال: أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميري قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين بلغه أن الراية صارت إلى خالد بن الوليد قال [النبي. ص: فهلا إلى رجل قتل أبوه. يعني أسامة بن زيد].
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن
أبي حازم قال: قام أسامة بن زيد بعد قتل أبيه بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدمعت عيناه ثم جاء من الغد فقام مقامه بالأمس [فقال له النبي. ص: ألاقي منك اليوم ما لاقيت منك أمس].
قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: دخل مجزز المدلجي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى أسامة وزيدا عليهما قطيفة قد غطيا رءوسهما وبدت أقدامهما فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض. قالت فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسرورا. قال سفيان: وحدثونا عن الزهري أنه قال: تبرق أسارير وجهه.
قال: أخبرنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال: ألم تري أن مجززا أبصر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال إن بعض هذه الأقدام لمن بعض؟ قال محمد بن سعد: قال غير هشام أبي الوليد: فسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشبه أسامة زيدا.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخر الإفاضة من عرفة من أجل أسامة بن زيد ينتظره. فجاء غلام أفطس أسود فقال أهل اليمن: إنما حبسنا من أجل هذا. قال فلذلك كفر أهل اليمن من أجل ذا. قال محمد بن سعد: قلت ليزيد بن هارون ما يعني بقوله كفر أهل اليمن من أجل هذا؟ فقال: ردتهم حين ارتدوا في زمن أبي بكر إنما كانت لاستخفافهم بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء عن ابن عباس عن أسامة بن زيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفاض من عرفة وهو رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يكبح راحلته حتى إن ذفراها ليكاد يصيب قادمة الرحل. وربما قال حماد: ليمس قادمة الرحل. و [يقول: يا أيها الناس عليكم السكينة والوقار فإن البر ليس في إيضاع الإبل].
قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: [جاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورديفه
أسامة بن زيد فسقيناه من هذا النبيذ فشرب ثم قال: أحسنتم فهكذا فاصنعوا].
قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا همام بن يحيى قال: حدثنا قتادة قال:
حدثني عروة أن عامرا الشعبي حدثه أن أسامة قال: إنه كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - عشية عرفة فلما أفاض لم ترفع راحلته رجلها عادية حتى بلغ جمعا.
قال: أخبرنا يحيى بن عباد قال: حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة يوم الفتح ورديفه أسامة بن زيد فأناخ في ظل الكعبة.
قال ابن عمر: فسبقت الناس فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وبلال وأسامة الكعبة فقلت لبلال وهو وراء الباب: أين صلى رسول الله. ص؟ قال: بحيالك بين الساريتين.
قال: أخبرنا عبد الملك بن عمرو وأبو عامر العقدي وموسى بن مسعود أبو حذيفة النهدي قالوا: حدثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن أسامة بن زيد عن أسامة بن زيد قال: كساني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبطية كثيفة كانت مما أهدى دحية الكلبي فكسوتها امرأتي [فقال لي رسول الله. ص: ما لك لم تلبس القبطية؟ قال: قلت يا رسول الله كسوتها امرأتي. قال فقال النبي. ص: مرها فلتجعل تحتها غلالة. إني أخاف أن تصف حجم عظامها].
قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن ابن عقيل عن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله.
قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا ليث بن سعد قال: حدثني عبيد الله بن المغيرة أن حكيم بن حزام أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة كانت لذي يزن. وهو يومئذ مشرك. اشتراها بخمسين دينارا. [فقال رسول الله: إنا لا نقبل من مشرك ولكن إذ بعثت بها فنحن نأخذها بالثمن. بكم أخذتها؟] قال: بخمسين دينارا.
قال فقبضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم لبسها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلس على المنبر للجمعة.
ثم نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكسا الحلة أسامة بن زيد.
قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: أخبرنا مالك بن أنس قال: وأخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس وخالد بن مخلد قال: حدثنا سليمان بن بلال قال: وأخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم جميعا عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد
فطعن بعض الناس في إمارته [فقال رسول الله. ص: إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل. وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده].
قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا وهيب بن خالد قال: وأخبرنا المعلى بن أسد قال: حدثنا عبد العزيز بن المختار قال: حدثنا موسى بن عقبة قال:
حدثني سالم عن أبيه أنه كان يسمعه يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أمر أسامة فبلغه أن الناس عابوا أسامة وطعنوا في إمارته. [فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فقال كما حدثني سالم: ألا إنكم تعيبون أسامة وتطعنون في إمارته وقد فعلتم ذلك بأبيه من قبل وإن كان لخليقا للإمارة وإن كان لأحب الناس كلهم إلي. وإن ابنه هذا من بعده لأحب الناس إلي فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم]. قال سالم: ما سمعت عبد الله يحدث هذا الحديث قط إلا قال: ما حاشا فاطمة.
قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني صالح بن أبي الأخضر قال: حدثنا الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجهه وجها فقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يتوجه في ذلك الوجه واستخلف أبو بكر. قال فقال أبو بكر لأسامة: ما الذي عهد إليك رسول الله؟ قال: [عهد إلي أن أغير على أبنى صباحا ثم أخرق].
قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا العمري عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية فيهم أبو بكر وعمر فاستعمل عليهم أسامة بن زيد. وكان الناس طعنوا فيه. أي في صغره. فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن الناس قد طعنوا في إمارة أسامة بن زيد وقد كانوا طعنوا في إمارة أبيه من قبله. وإنهما لخليقان لها. أو كانا خليقين لذلك. فإنه لمن أحب الناس إلي وكان أبوه من أحب الناس إلي إلا فاطمة. فأوصيكم بأسامة خيرا.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا حنش قال: سمعت أبي يقول:
استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد وهو ابن ثماني عشرة سنة.
قال: أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة قال: حدثنا هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد وأمره أن يغير على أبنى من ساحل البحر.
قال هشام: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر الرجل أعلمه وندب الناس معه. قال فخرج معه سروات الناس وخيارهم ومعه عمر. قال فطعن الناس في تأمير أسامة. قال فخطب رسول الله. ع. فقال: إن ناسا طعنوا في تأميري أسامة كما طعنوا في تأميري أباه. وإنه لخليق للإمارة وإن كان لأحب الناس إلي من بعد أبيه. وإني لأرجو أن يكون من صالحيكم فاستوصوا به خيرا.
[قال: ومرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يقول في مرضه: أنفذوا جيش أسامة.
أنفذوا جيش أسامة]. قال فسار حتى بلغ الجرف فأرسلت إليه امرأته فاطمة بنت قيس فقالت: لا تعجل فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثقيل. فلم يبرح حتى قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فلما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجع إلى أبي بكر فقال: إن رسول الله بعثني وأنا على غير حالكم هذه وأنا أتخوف أن تكفر العرب فإن كفرت كانوا أول من يقاتل وإن لم تكفر مضيت فإن معي سروات الناس وخيارهم. قال فخطب أبو بكر الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: والله لأن تخطفني الطير أحب إلي من أن أبدأ بشيء قبل أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فبعثه أبو بكر إلى آبل واستأذن لعمر أن يتركه عنده. قال فأذن أسامة لعمر. قال فأمره أبو بكر أن يجزر في القوم. قال هشام بقطع الأيدي والأرجل والأوساط في القتال حتى يفزع القوم. قال فمضى حتى أغار عليهم ثم أمرهم أن يعظموا الجراحة حتى يرهبوهم. قال ثم رجعوا وقد سلموا وقد غنموا. قال وكان عمر يقول: ما كنت لأجيء أحدا بالإمارة غير أسامة لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبض وهو أمير.
قال فساروا فلما دنوا من الشام أصابتهم ضبابة شديدة فسترهم الله بها حتى أغاروا وأصابوا حاجتهم. قال فقدم بنعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هرقل وإغارة أسامة في ناحية أرضه خبرا واحدا فقالت الروم ما بالي هؤلاء بموت صاحبهم أن أغاروا على أرضنا.
قال عروة: فما رئي جيش كان أسلم من ذلك الجيش.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه بنحو حديث أبي أسامة عن هشام وزاد في الجيش الذي استعمله عليهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح.
قال: وكتبت إليه فاطمة بنت قيس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ثقل وإني لا أدري ما يحدث فإن رأيت أن تقيم فأقم. فدوم أسامة بالجرف حتى مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال وأمر أن يعظم فيهم الجراح يجزل الرجل منهم جزلا فكفرت العرب.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن يزيد بن قسيط عن أبيه عن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه قال: بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - قول الناس استعمل أسامة بن زيد على المهاجرين والأنصار. فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: [أيها الناس أنفذوا بعث أسامة فلعمري إن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله. وإنه لخليق للإمارة وإن كان أبوه لخليقا لها].
قال فخرج جيش أسامة حتى عسكروا بالجرف وتتام الناس إليه فخرجوا. وثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقام أسامة والناس لينظروا ما الله قاض في رسوله. قال أسامة: فلما ثقل هبطت من عسكري وهبط الناس معي وغمي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يتكلم.
فجعل يرفع يده إلى السماء ثم نصبها إلي فأعرف أنه يدعو لي.
قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: أخبرنا جعفر بن برقان قال: حدثنا الحضرمي رجل من أهل اليمامة قال: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أسامة بن زيد. وكان يحبه ويحب أباه قبله. بعثه على جيش وكان ذلك من أول ما جرب أسامة في قتال فلقي فقاتل فذكر منه بأس. قال أسامة: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أتاه البشير بالفتح فإذا هو متهلهل وجهه فأدناني منه ثم قال: حدثني. فجعلت أحدثه فقلت: فلما انهزم القوم أدركت رجلا وأهويت إليه بالرمح فقال لا إله إلا الله فطعنته فقتلته. فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: [ويحك يا أسامة. فكيف لك بلا إله إلا الله؟ ويحك يا أسامة. فكيف لك بلا إله إلا الله؟] فلم يزل يرددها علي حتى لوددت أني انسلخت من كل عمل عملته واستقبلت الإسلام يومئذ جديدا. فلا والله لا أقاتل أحدا قال لا إله إلا الله بعد ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا أبو عوانة عن سليمان الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: قال ذو البطن أسامة بن زيد: لا أقاتل رجلا يقول لا إله إلا الله أبدا. فقال سعد بن مالك: وأنا والله لا أقاتل رجلا يقول لا إله إلا الله أبدا.
فقال لهما رجل: ألم يقل الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله؟ فقالا: قد قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله.
[قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: كان أسامة يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشيء فيشفعه فيه فأتاه مرة في حد فقال: يا أسامة لا تشفع في حد].
قال: أخبرنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا ليث بن سعد عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن قريشا أهمهم شأن المرأة التي سرقت فقالوا:
من يكلم فيها رسول الله. ص؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله. ص؟ فكلمه أسامة [فقال رسول الله. ص: لم تشفع في حد من حدود الله؟] ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فاختطب فقال: [إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها!].
قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب فضل المهاجرين الأولين وأعطى أبناءهم دون ذلك. وفضل أسامة بن زيد على عبد الله بن عمر. فقال عبد الله بن عمر: فقال لي رجل فضل عليك أمير المؤمنين من ليس بأقدم منك سنا ولا أفضل منك هجرة ولا شهد من المشاهد ما لم تشهد. قال عبد الله: وكلمته فقلت يا أمير المؤمنين فضلت علي من ليس هو بأقدم مني سنا ولا أفضل مني هجرة ولا شهد من المشاهد ما لم أشهد. قال: ومن هو؟
قلت: أسامة بن زيد. قال: صدقت لعمر الله! فعلت ذلك لأن زيد بن حارثة كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عمر. وأسامة بن زيد كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
من عبد الله بن عمر فلذلك فعلت.
قال: أخبرنا خالد بن مخلد البجلي قال: حدثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: فرض عمر بن الخطاب لأسامة بن زيد كما فرض للبدريين أربعة آلاف. وفرض لي ثلاثة آلاف وخمس مائة فقلت: لم فرضت لأسامة أكثر مما فرضت لي ولم يشهد مشهدا وقد شهدته؟ فقال: إنه كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منك وكان أبوه أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أبيك.
قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا قرة بن خالد قال: حدثنا محمد بن سيرين قال: بلغت النخلة على عهد عثمان بن عفان ألف درهم. قال: فعمد أسامة إلى نخلة فنقرها وأخرج جمارها فأطعمها أمه. فقالوا له: ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟ قال: إن أمي سألتنيه ولا تسألني شيئا أقدر عليه إلا أعطيتها.
قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: حدثنا جعفر بن برقان قال: سمعت يزيد بن
الأصم يقول: كان لميمونة قريب فرأته وقد أرخى إزارة بطنه فلامته في ذلك ملامة شديدة فقال لها: إني قد رأيت أسامة بن زيد يرخي إزاره. قالت: كذبت ولكن كان ذا بطن فلعل إزاره كان يسترخي إلى أسفل بطنه.
قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عمر بن الحكم بن ثوبان أن مولى لقدامة بن مظعون حدثه أن مولى لأسامة بن زيد حدثه قال: كان أسامة يركب إلى مال له بوادي القرى فيصوم يوم الاثنين ويوم الخميس فقلت له: أتصوم في السفر وقد كبرت ورفعت؟ قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس وقال إن الأعمال تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس.
[قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمر قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي قال: حدثني حرملة مولى أسامة. قال عمر وقد رأيت حرملة قال: أرسلني أسامة إلى علي فقال: اقرأه السلام وقل له إنك لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أدخل معك فيه ولكن هذا أمر لم أره. قال فأتيت عليا فلم يعطني شيئا. فأتيت الحسن وابن جعفر فأوقروا لي راحلتي].
قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه قال: تزوج أسامة بن زيد هند بنت الفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ودرة بنت عدي بن قيس بن حذافة بن سعد بن سهم فولدت له محمدا وهند. وتزوج أيضا فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس الفهري فولدت له جبيرا وزيدا وعائشة. وتزوج أم الحكم بنت عتبة بن أبي وقاص وبنت أبي حمدان السهمي. وتزوج برزة بنت ربعي من بني عذرة ثم من بني رزاح فولدت له حسنا وحسينا.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا يعقوب بن عمر عن نافع العدوي عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهم قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أسامة بن زيد فلما بلغ وهو ابن أربع عشرة سنة تزوج امرأة يقال لها زينب بنت حنظلة بن قسامة فطلقها أسامة فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[يقول: من أدله على الوضيئة الغنين وأنا صهره؟ فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلى نعيم بن عبد الله النحام فقال نعيم: كأنك تريدني يا رسول الله. قال: أجل. فتزوجها فولدت له إبراهيم بن نعيم فقتل إبراهيم يوم الحرة.]
قال محمد: والغنين القليلة الأكل. قال محمد بن عمر: لم يبلغ أولاد أسامة من الرجال والنساء في كل دهر أكثر من عشرين إنسانا. قال محمد بن عمر: وقبض النبي - صلى الله عليه وسلم - وأسامة ابن عشرين سنة. وكان قد سكن وادي القرى بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -
ثم نزل إلى المدينة فمات بالجرف في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان.
قال: أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال:
حمل أسامة بن زيد حين مات من الجرف إلى المدينة.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 4- ص: 45

أسامة بن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه كنيته أبو يزيد وقد قيل أبو محمد ويقال أبو زيد توفي بعد أن قتل عثمان بن عفان بالمدينة وكان نقش خاتمه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم

  • دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 30

أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى، أبو زيد، المدني.
مولى النبي صلى الله عليه وسلم.
ويقال: إنه من كلب، من اليمن.
قال شعبة، عن سعد بن إبراهيم: عاش أسامة بعد عثمان.
قال لي يحيى بن بكير: حدثنا عبد الله بن سويد، عن عياش بن عباس، عن عيسى بن موسى بن محمد بن إياس بن البكير، عن أسامة بن زيدٍ، قال: سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوةً، فكان إذا فاء الفيء، إن كان بيده عملٌ ألقاه، وأقبل على الصلاة.
حدثنا موسى، حدثنا حماد، عن هشامٍ، عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الإفاضة بعض التأخير، من أجل أسامة بن زيدٍ، ذهب يقضي حاجته، فلما جاء، جاء غلامٌ أفطس، أسود، فقال أهل اليمن: ما حبسنا بالإفاضة اليوم إلا من أجل هذا؟،.
قال عروة: إنما كفرت اليمن، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، من أجل أسامة.

  • دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 2- ص: 1

أسامة بن زيد بن حارثة
حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه عنه كريب وأبو ظبيان وخلق مات 54 ع

  • دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 1

أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى
بن يزيد بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن امرئ القيس بن النعمان بن عمر بن عبدعوف بن كنانة بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن وبرة بن كلب بن وبرة القرشي الهاشمي المديني حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه يعرف بالكلبي يقال إنه من كلب اليمن وأمه أم أيمن واسمها بركة وكانت حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم كنيته أبو زيد ويقال أبو محمد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن عشرين سنة وكان قد نزل وادي القرى ومات بالمدينة
روى عنه أبو ظبيان وأبو عثمان النهدي وكريب وعطاء مولى سباع وعروة بن الزبير وعمرو بن عثمان بن عفان وعامر بن سعد وإبراهيم بن سعد بن أبي وقاص وأبو وائل
توفي سنة ثلاث وخمسين قال الواقدي توفي آخر خلافة معاوية

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 1

أسامة بن زيد الحب

  • دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 19

(ع) أسامة بن زيد الحب ابن الحب رضي الله عنهما.
قال الشاعر - وهو أعور كلب، يذكر المزة التي احتلها أسامة:

وقال أبو زكريا بن منده: كان من الأرداف.
وقال أبو حاتم ابن حبان في «معرفة الصحابة» تأليفه: مات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وله عشرون سنة.
وكذا ذكره ابن سعد.
وفي «تاريخ» أبي عبد الرحمن العتكي: ولد في السنة الرابعة من نبوته صلى الله عليه وسلم.
وفي «تاريخ المزة» لابن عساكر: كان ينزل المزة، ولم يلقه عمر قط إلا قال:
السلام عليك أيها الأمير، أمير أمره النبي صلى الله عليه وسلم ثم لم ينزعه حتى مات.
ولما وُلي أبو بكر قال أسامة: عليك بالبوادي، فكان كذلك إلى أن صار إلى عشيرته، فكانت تحت لوائه إلى أن قدم الشام على معاوية، فاختار لنفسه المزة فاقتطع فيها هو وعشيرته، وتوفي بوادي القرى وخلف ابنة له يقال لها: فاطمة.
وقيل: توفي النبي وله ثماني عشرة فيما ذكر ابن أبي خيثمة في «تاريخه الأوسط» - رواية أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن خلف.
وفي «أمالي أبي بكر بن السمعاني»: توفي سنة أربعين بعد قتل علي.
وفي «معرفة الصحابة» للبغوي عن مصعب توفي آخر أيام معاوية بن أبي سفيان وكذا ذكره الواقدي.
وفي كتاب «الاستيعاب» لأبي عمر بن عبد البر توفي سنة ثمان أو تسع وخمسين، وقيل: بعد قتل عثمان بن عفان رضي الله عنهم بالجرف وحمل إلى المدينة.
وفي كتاب «الطبقات» لابن سعد: ولد بمكة ولم يعرف إلا الإسلام لله، ولم يدن بغيره، وهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم - وفي نسخة - وهو الصواب: هاجر مع أبيه.
ولو أردنا أن نكتب فضائله وأخباره لجاءت جملة كثيرة.
وفي قول المزي روى عنه الحسن على خلاف فيه، فيه نظر، لأن ابن المديني وأبا حاتم أنكرا سماعه منه، ولا أعلم مثبته حتى يكون خلافاً، ومطلق روايته عنه إذا جاءت وكانت بغير صيغة التحديث لا تقتضي سماعا حتى ينص عليها إمام معتمد.
وقوله: روى عنه الزبرقان بن عمرو، وقيل: لم يلقه، غمط لحق قائله، وهو أبو القاسم بن عساكر في كتاب «الأطراف»، والشيخ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي في كتاب «الأحكام» تأليفه.
وأما إنكار المزي رواية أبان عنه فلا أعلم له سلفاً، والله تعالى أعلم.
وفي «الألقاب» للشيرازي: كان يلقب ذا البطين، قاله له النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي «الكامل»: حدثت أن أسامة قاول عمرو بن عثمان في أمر ضيعة، فقال عمرو: يا أسامة أتأنف أن تكون مولاي؟ فقال أسامة: والله ما يسرني مولاي من النبي صلى الله عليه وسلم نسبك.
ثم احتكما إلى معاوية، فتقدم سعيد بن العاص إلى جانب عمرو يلقنه الحجة، فتقدم الحسن بن علي إلي جانب أسامة، يلقنه الحجة، فوثب عنه ابن أبي سفيان، فصار مع عمرو، ووثب الحسين فصار مع أسامة، فقام عبد الرحمن بن أم الحكم يجلس مع عمرو، فقام عبد الله بن عباس فجلس مع أسامة، فقام الوليد بن عتبة فجلس مع عمرو، فقام ابن جعفر فجلس مع أسامة، فقال معاوية: حضرت النبي صلى الله عليه وسلم وقد أقطع هذه الضيعة لأسامة، فقضى للهاشميين بها.

  • الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 2- ص: 1

أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن يزيد بن امرئ القيس
بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن كنانة بن عوف بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كنيته أبو زيد وقد قيل أبو محمد ويقال أبو زيد توفي بعد أن قتل عثمان بن عفان ونقش خاتمه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن عشرين سنة وكان قد نزل وادي القرى وأمه أم أيمن اسمها بركة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 3- ص: 1

أسامة بن زيد بن حارثة
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

  • دار الباز-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 1

أسامة بن زيد بن حارثة بن شرحبيل بن كعب بن عبد الله
بن يزيد بن امرئ القيس بن النعمان بن عامر بن امرئ القيس بن زيد بن اللات بن ثور بن وبرة مولى النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا محمد بن مسلمة الواسطي، نا يزيد بن هارون، نا سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وقفت على باب الجنة فرأيت أكثر من يدخلها الفقراء ورأيت أصحاب الجد محبوسين، ووقفت على باب النار فإذا أكثر من يدخلها النساء»
حدثنا بشر بن موسى، ومحمد بن شاذان الجوهري قالا: نا هوذة قال: نا سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء»
حدثنا علي بن محمد، نا مسددٌ، نا عبد الوارث، عن عامر الأحول، عن عطاء، عن ابن عباس، عن أسامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الربا في النسيئة»
حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي، نا أبو حذيفة، نا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن إبراهيم بن سعد، عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الوجع بقية عذاب عذب به من كان قبلكم فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها وإذا وقع بأرض فلا تأتوها»

  • مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1

أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل - وقيل ابن شرحبيل، قاله ابن إسحاق، وخالفه الناس في ذلك - الكلبي، أبو محمد. ويقال أبو زيد، وأبو يزيد، وأبو حارثة، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال له: الحب ابن الحب:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذه، والحسن بن علي، فيقول: «اللهم أحبهما فإني أحبهما» أو كما قال، كذا في صحيح البخاري.
وفى الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قصة حديث تأمير النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، على البعث الذي بعثه، وطعن الناس في إمارته. وفيها: وإن هذا - يعنى أسامة - لمن أحب الناس إلى.
وفى رواية لمسلم: وأوصيكم به، فإنه من صالحيكم .
وفى الترمذي: أن النبي صلى الله عليه وسلم، أراد أن ينحى مخاط أسامة، وذلك من حديث عائشة رضي الله عنها - بإسناد حسنه الترمذي، ويروى من حديثها - قالت: عثر اسامة بسكة الباب فشج في وجهه، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أميطى عنه، فكأنى تقذرته. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمصه ثم يمجه، قال: ولو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى ينفقه. وهذا الحديث أخرجه ابن الأثير مسندا إلى عائشة رضي الله عنها، وهو في مسند ابن حنبل بمعناه مختصرا .
ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم، أخر الإفاضة من عرفة من أجل أسامة بن زيد ينتظره. ذكر هذا الخبر ابن سعد بإسناده إلى عروة بن الزبير أطول من هذا.
ولأسامة مناقب أخر معروفة، منها: تأمير النبي صلى الله عليه وسلم له على جيش إلى الشام، فيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وعرض للنبى صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه قبل أن يسير أسامة، فأوصى بتسيير جيشه، فتم ذلك بعد موته صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن الأثير: ذكر ابن مندة: أن النبي صلى الله عليه وسلم، أمر أسامة بن زيد رضي الله عنه على الجيش الذي سيره إلى موته في علته التي توفى فيها. قال ابن الأثير: وهذا ليس بشيء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم، استعمل على الجيش الذي صار إلى مؤتة، أباه زيد بن حارثة، ثم ذكر ما سبق من تأمير النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بالمعنى.
وروى عن ابن عبد البر بسنده إلى علي بن خشرم، قال: قلت لو كيع بن سلم: من سلم الفتنة؟، قال: أما المعروفون من أصحاب صلى الله عليه وسلم فأربعة: سعد بن مالك، وعبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة، وأسامة بن زيد، واختلط سائرهم. انتهى.
وقال ابن عبد البر أيضا: سكن بعد النبي صلى الله عليه وسلم وادى القرى، ثم رجع إلى المدينة. فمات بالجرف، وقيل في موضع وفاته غير ذلك؛ لأن النووي قال: توفى أسامة رضي الله عنه بالمدينة، وقيل بوادى القرى، وحمل إلى المدينة سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة تسع أو ثمان وخمسين، وقيل: سنة أربعين، بعد على رضي الله عنه بقليل.
قال ابن عبد البر وغيره: الصحيح سنة أربع وخمسين.
ونقل عن تاريخ دمشق لابن عساكر ما يشهد للقول بأنه توفى بوادى القرى. وجزم بذلك الذهبي في التهذيب. وكان أسامة بن زيد أسود أفطس، على ما ذكر ابن سعد وغيره، وكان أسامة - حين مات النبي صلى الله عليه وسلم - ابن عشرين سنة، وقيل: إنه كان ابن تسع عشرة، وقيل ابن ثمانى عشرة. حكى هذه الأقوال النووي، وسبقه إلى ذلك ابن عبد البر، ومقتضى هذه الأقوال أن يكون ولد بمكة، وأقام بها نحو عشر سنين؛ لأن أبويه كانا مع النبي صلى الله عليه وسلم يخدمانه، وأمه هي أم أيمن واسمها بركة، حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكر المزي في التهذيب، الخلاف في موضع وفاته، وأنها في سنة أربع وخمسين، وهو ابن خمس وسبعين سنة، قال: وقيل غير ذلك في مبلغ سنة وتاريخ وفاته. انتهى.
وفى كون أسامة مات وهو ابن خمس وسبعين سنة، نظر قوى؛ لأن غاية ما عاش أسامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم تسعا وأربعين سنة، على القول بأنه مات سنة تسع وخمسين. وهذا أقصى ما قيل في حياته بعد النبي صلى الله عليه وسلم. وأقصى ما قيل في حياته في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، عشرون سنة، فإذا ضم ذلك إلى حياته بعد النبي صلى الله عليه وسلم، صار مبلغ عمره تسعا وستين سنة، بتقديم التاء على السين.
وأما على القول بأنه مات سنة أربع وخمسين، وأنه عاش في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثمانى عشرة سنة، أو تسع عشرة سنة. فيكون مبلغ عمره نحو خمس وستين، أو أربع وستين. وهذا واضح لا ريب فيه، والله أعلم.
وذكر النووي أنه روى لأسامة بن زيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مائة حديث وثمانية وعشرون حديثا.
وروى عنه من الصحابة: أبو هريرة وابن عباس رضي الله عنهم، وجماعة من التابعين. وهو معدود في أهل المدينة.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 3- ص: 1

أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى أبو زيد المديني
يقال: أنه من كلب من اليمن له صحبة روى عنه أبو عثمان النهدي وعياض بن صبري ختن أسامة سمعت أبي يقول ذلك.

  • طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 2- ص: 1