إسماعيل بن جعفر اسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر، الهاشمي القرشي: جد الخلفاء الفاطميين. واليه نسبة (الاسماعيلية) وهي من فرق الشيعة في الاصل، وتميزت عن الاثني عشرية بأن قالت بامامته بعد ابيه، والاثنا عشرية تقول بامامة اخيه موسى الكاظم. وليس فيما بين ايدينا من كتب التاريخ مايدل على انه كان في حياته شيئا مذكورا. توفي في حياة والده. وفي الاسماعيلية من يرى ان اباه اظهر موته تقية حتى لا يقصده العباسيون بالقتل. ويقول النوبختي في فرق الشيعة: ان فرقة الاسماعيلية انكرت موت اسماعيل في حياة ابيه وقالوا: كان ذلك على سبيل التلبيس من ابيه على الناس لانه خاف عليه فغيبه عنهم، وزعموا انه (لايموت حتى يملك الارض ويقوم بامر الناس) وقال صاحب (ضوء المكشاة) وهو امامي: صحب اسماعيل اباه وروى عنه ومات في حياته ولم يدع الامامة وانما دعاها قوم له غلطا لمحبة ابيه اياه فظنوا انه الامام ولما مات في حياة ابيه عدل اكثر من ظن ذلك من اصحاب ابيه وبقى بعض من الاباعد واهل الجهالة. وقال ابن خلدون: (توفي قبل ابيه، وكان أبو جعفر المنصور طلبه فشهد له عامل المدينة بأنه مات) وقال صاحب تذهيب الكمال: (اسماعيل: امام مات وهو صغير، ولم يرد عنه شيء من الحديث) ونقل ناشر فرق الشيعة انه (مات بالعريض ودفن بالبقيع سنة 133 هـ) وفي اتعاظ الحنفاء انه مات بعد وفاته وقام ولده (محمد) المعروف بالكتوم، لانهم كانوا يكتمون اسمه كما كتموا بعد ذلك اسناء اخرين، حذرا عليهم من خلفاء بني العباس، لان هؤلاء علموا ان فيهم من يروم الخلافة. وقال ابن خلدون: ان الاسماعيلية تقول في ابنه (محمد) انه السابع التام من الائمة (الظاهرين) وهو اول الائمة (المستورين) عندهم، الذين يستترون ويظهرون الدعاة، وعددهم ثلاثة، ولن تخلو الارض من امام منهم، ؛ اما ظاهر بذاته، او مستور لابد من ظهور حجته وعاته. والائمة يدور عددها عندهم على سبعة، والنقباء على اثني عشر ؛ واول الائمة المستورين عندهم محمد بن اسماعيل وهو محمد (المكتوم) ثم ابنه جعفر (لمصدق) ثم ابنه محمد (الحبيب) ثم ابنه عبيد الله (المهدي) صاحب الدولة بافريقية والمغرب، التي قام بها أبو عبد الله الشيعي في كتامة. وكان من الاسماعيلية القرامطة، ودولتهم بالبحرين. وكان مذهب الاسماعيلية في كتامة من لدن الدعاة الذين بعثهم جعفر الصادق إلى المغرب ؛ فلما جاء أبو عبد الله الشيعي. قادما من اليمن، وجد هذا المذهب في كتامة فقام على بثه واحيائه. ويقول هيوار Cl. Hurat في دائرة المعارف الاسلامية: توفي اسماعيل في المدينة سنة 143 أي قبل وفاة ابيه بخمسة اعوام، ولكن الاسماعيلية يزعمون انه رؤى في سوق البصرة بعد خمس سنوات من موت ابيه، وقد ترك ابناء اسماعيل المدينة لما لحقهم من الاضطهاد السياسي الذي احق بالعلويين، فذهب (محمد) وهو الابن الاكبر إلى اقليم (وماوند) بالقرب من الرى واختفى هناك. واختبأ ابناؤه في خراسان، ثم ذهبوا إلى قندهار فالهند وما زالوا هناك إلى اليوم، فذهب اخوه (علي) إلى الشام فبلاد المغرب، وكان ابناء اسماعيل يبعثون الدعاة الىالعالم الاسلامي من مخابئهم اهـ. وكان من اشهر دعاتهم ميمون القداح الذي اصبح ولده رأس فرقة القرامطة. ومن الاسماعيلية اليوم (النزارية) في الهند، وزعيمها اغاخان، , (السليمانية) في اليمن، ويقال لهم ايضا (المكارمة) و (الداوودية) من بني مرة اليمانيين، يقيمون في عدن والحديدة وبيت الفقيه وجبلي حراز وهمدان، ويسمون ايضا (البهرة).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 311
إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام الهاشمي المدني أبو محمد. توفي سنة 133 في حياة أبيه الصادق عليه السلام بالعريض فحمل على رقاب الرجال إلى البقيع فدفن به وذلك قبل وفاة الصادق عليه السلام بعشرين سنة كذا في عمدة الطالب عن أبي القاسم بن جذاع نسابة المصريين. أقول قبره الآن خارج عن البقيع بينهما الطريق بجانب سور المدينة المنورة ولعله كان داخلا فيه قبل جعل هذا الطريق وهو مشيد معظم عليه قبة عظيمة هدمها الوهابيون في هذا العصر بعد استيلائهم على الحجاز.
الإسماعيلية أو السبعية
وإليه تنسب الإسماعيلية حتى اليوم وهم القائلون بإمامة إسماعيل هذا. ويدل كلام المفيد الآتي على إن هذا القول كان موجودا من عصر الصادق عليه السلام وأن شرذمة اعتقدوا حياته أو بعد موت أبيه بقي بعضهم على القول بحياة إسماعيل وبعضهم قال بإمامة ابنه محمد بن إسماعيل ولقب الإسماعيلية يعم الفريقين وأن الموجود منهم في عصر المفيد من يزعم إن الإمامة بعد إسماعيل في ولده وولد ولده إلى آخر الزمان (انتهى) ويقال الإسماعيلية: السبعية أيضا باعتبار مخالفتهم للاثني عشرية في الإمام السابع. وفرقة من الإسماعيلية تدعى الباطنية كان لها ذكر مستفيض في التاريخ وصارت لها قوة وشدة ووقائع عدة مع الملوك والأمراء كما فصلته كتب التاريخ. وفي أنساب السمعاني الفرقة الإسماعيلية جماعة من الباطنية ينتسبون إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق لانتساب زعيمهم المغربي إلى محمد بن إسماعيل. وفي كتاب الشجرة أنه لم يعقب (انتهى) والإسماعيلية اليوم فرقتان أحداهما:
الآغاخانية
يسوقون الإمامة في ذرية إسماعيل ويعدون فيهم جملة من خلفاء مصر حتى ينتهوا إلى محمد شاه الموجود اليوم في بمبئ ويبعثون إليه بخمس أموالهم ومنهم الذين بسلمية من بلاد حماه. والفرقة الثانية:
البهرة
بضم الباء وسكون الهاء وفتح الراء لفظ هندي معناه الجد والعمل وهم يسوقون الإمامة في ولد إسماعيل حتى ينتهوا إلى شخص يقولون أنه المهدي المنتظر وأنه غائب أما الذي يطلقون عليه اسم سلطان البهرة فالظاهر أنه من قبيل النائب عن الإمام الغائب ويبلغ عدد البهرة في الهند واليمن وغيرهما نحو أربعمائة ألف وهم أهل جد وكسب ولا يوجد بينهم فقير والفقير منهم يوجدون له عملا من تجارة أو غيرها يكتفي به ولهم ملاجئ وتكايا عامة في البلاد التي يقصدونها للحج والزيارة في مكة والمدينة والنجف وكربلاء وغيرها وهي مبان تامة المرافق ينزلونها ولا يحتاجون إلى النزول في فندق أو خلافه وهم متمسكون بشرائع الدين. وكان خلفاء مصر الفاطميون على مذهب الإسماعيلية القائلين بانتقال الإمامة من الصادق عليه السلام إلى ولده إسماعيل ثم في أولاده وكانوا يقيمون شعائر الإسلام ويحافظون على أحكامه وما كان يذمهم أو بعضهم بعض المؤرخين إلا للعداوة المذهبية ولا يمكن التصديق بما ينسبه بعض المؤرخين إلى بعضهم بعد تأصل العداوة المذهبية في النفوس كما إن جماعة من أهل هذا العصر يخلطون بين الفريقين جهلا أو تجاهلا ويأتي بعض ما له تعلق بالإسماعيلية عند ذكر أقوال العلماء فيه في كلام المفيد.
أقوال العلماء فيه
ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق عليه السلام فقال إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني. وفي عمدة الطالب: إسماعيل بن جعفر الصادق ويكنى أبا محمد وأمه فاطمة بنت الحسين الأثرم بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ويعرف بإسماعيل الأعرج وكان أكبر ولد أبيه وأحبهم إليه كان يحبه حبا شديد وتوفي في حياة أبيه بالعريض بلفظ المصغر موضع بقرب المدينة فحمل على رقاب الرجال إلى البقيع فدفن به (انتهى) وفي إرشادهم المفيد كان لأبي عبد الله عليه السلام عشرة أولاد منهم إسماعيل وعبد الله وأم فروة أمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وكان إسماعيل أكبر الإخوة وكان أبو عبد الله شديد المحبة له والبر به والإشفاق عليه وكان قوم من الشيعة يظنون أنه القائم بعد أبيه والخليفة له من بعده إذ كان أكبر أخوته سنا ولميل أبيه إليه وإكرامه له فمات في حياة أبيه بالعريض وحمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة حتى دفن بالبقيع وروي إن أبا عبد الله جزع عليه جزعا شديدا وحزن عليه حزنا عظيما وتقدم سريره بغير حذاء ولا رداء وأمر بوضع سريره على الأرض قبل دفنه مرارا كثيرة وكان يكشف عن وجهه وينظر إليه يريد بذلك تحقيق أمر وفاته عند الظانين خلافته له من بعده وإزالة الشبهة عنهم في حياته. ولما مات إسماعيل انصرف عن القول بإمامته بعد أبيه من كان يظن ذلك ويعتقده من أصحاب أبيه وأقام على حياته شرذمة لم تكن من خاصة أبيه ولا من الرواة عنه وكانوا من الأباعد والأطراف فلما مات الصادق عليه السلام انتقل فريق منهم إلى القول بإمامة موسى بن جعفر الصادق بعد أبيه وافترق الباقون فريقين منهم رجعوا عن حياة إسماعيل وقالوا بإمامة ابنه محمد بن إسماعيل لظنهم إن الإمامة كانت في أبيه وان الابن أحق بمقام الإمامة من الأخ وفريق ثبتوا على حياة إسماعيل وهم اليوم شذاذ لا يعرف منهم أحد يومئ إليه وهذان الفريقان يسميان بالإسماعيلية والمعروف منهم الآن من يزعم إن الإمامة بعد إسماعيل في ولده وولد ولده إلى آخر الزمان (انتهى) وعن الفاضل الصالح وكأنه في حاشية الكافي: كان إسماعيل رجلا صالحا فظن أبو بصير وغيره من الشيعة أنه وصي أبيه بعده فلذلك قال الصادق عليه السلام بعد موته ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل (انتهى) وقيل في معناه أنه ما أظهر الله أمرا كما أظهره فيه حيث أماته قبله ليعلم أنه ليس بإمام فالبداء إظهار بعد إخفاء لا ظهور بعد خفاء لأن ذلك محال عليه تعالى والبداء نسخ في التكوين كما إن النسخ نسخ في التشريع. وقال المفيد: إنما أراد عليه السلام ما أظهر الله فيه من دفاع القتل عنه وقد كان مخوفا عليه من ذلك مظنونا به فلطف له في دفعه عنه وقد جاء بذلك الخبر عن الصادق عليه السلام فروي عنه أنه كان القتل قد كتب على إسماعيل مرتين فسالت الله تعالى في دفعه عنه فدفعه (انتهى) والحاصل أنه إذا ورد في الشرع ما لا يمكن إبقاؤه على ظاهره وجب تأويله كتأويل يد الله فوق أيديهم وجاء ربك. الله يستهزئ بهم. سخر الله منهم. إن الله لا يمل حتى تملوا وأمثاله مما لا يحصى كثرة. وفي المناقب: كان الصادق عليه السلام قد نص على ابنه موسى عليه السلام وأشهد على ذلك ابنيه إسحاق وعليا وعد جماعة من أصحابه وكان عليه السلام أخبر بهذه الفتنة بعده وأظهر موت إسماعيل وغسله وتجهيزه ودفنه وشيع جنازته بلا حذاء وأمر بالحج عنه بعد وفاته، قال وروى زرارة بن أعين قال: دعا الصادق عليه السلام داود بن كثير الرقي وحمران بن أعين وأبا بصير ودخل عليه المفضل بن عمر وأتى بجماعة حتى صاروا ثلاثين رجلا فقال: يا داود أكشف عن وجه إسماعيل فكشف عن وجهه فقال: تأمله يا داود أحي هو أم ميت؟ فقال: بل هو ميت. فجعل يعرض على رجل رجل حتى أتى على آخرهم فقال عليه السلام اللهم اشهد ثم أمر بغسله وتجهيزه ثم قال: يا مفضل احسر عن وجهه فحسر عن وجهه فقال: حي هو أم ميت أنظروه أجمعكم فقال بل هو يا سيدنا ميت فقال شهدتم بذلك وتحققتموه فقالوا نعم وقد تعجبوا من فعله فقال: اللهم اشهد عليهم ثم حمل إلى قبره فلما وضع في لحده قال: يا مفضل أكشف عن وجهه فكشف فقال للجماعة أنظروا أحي هو أم ميت فقالوا بل ميت يا ولي الله فقال اللهم اشهد فإنه سيرتاب المبطلون يريدون إطفاء نور الله ثم أومأ إلى موسى عليه السلام وقال والله متم نوره ولو كره الكافرون ثم حثوا عليه التراب ثم أعاد علينا القول فقال: الميت المكفن المحنط المدفون في هذا اللحد من هو؟ قلنا: إسماعيل ولدك فقال: اللهم اشهد ثم أخذ بيد موسى فقال هو حق والحق معه ومنه إلى إن يرث الله الأرض ومن عليها (انتهى) ومع كل هذا التأكيد الذي ليس عليه من مزيد فقد بقي ناس على اعتقاد إمامته ذلك لأنهم لم يكونوا من أصحاب أبيه ولا من الرواة عنه وكانوا بعيدين عنه كما ذكره المفيد في كلامه السابق فلم يشاهدوا ذلك ولم يسمعوه أو سمعوا به ولم يتحقق عندهم لغيبتهم. وفي المناقب عن عنبسة العابد قال: لما توفي إسماعيل بن جعفر قال الصادق ع: أيها الناس إن هذه الدنيا دار فراق وداء التواء لا دار استواء في كلام له ثم تمثل بقول أبي خراش:
فلا تحسبن أني تناسيت عهده | ولكن صبري يا أميم جميل |
لما انبرى لي سائل لأجيبه | موسى أحق بها أم إسماعيل |
قلت الدليل معي عليك وما على | ما تدعيه للامام دليل |
موسى أطيل لها البقاء فحازها | إرثا ونصا والرواة تقول |
أن الإمام الصادق بن محمد | عزي بإسماعيل وهو جديل |
وأتى الصلاة عليه يمشي راجلا | أفجعفر في وقته معزول |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 316
الذي تنسب إليه الإسماعيلية إسماعيل بن جعفر الصادق رضي الله عنه، وهو ابنه الأكبر وإليه تنسب الفرقة الإسماعيلية. قالت الإسماعيلية: هو المنصوص عليه في بدء الأمر، ولم يتزوج الصادق على أمه بواحدة من النساء ولا اشترى جارية كسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق خديجة وكسنة علي في فاطمة. واختلف في موته، فقالوا: إنه مات في حياة أبيه. وقالوا: إنما فائدة النص عليه وإن كان قد مات في حياة أبيه لانتقال الإمامة منه إلى أولاده خاصة كما نص موسى على هارون ثم مات هارون قبل موسى لانتقال الإمامة منه إلى الأولاد، فإن النص لا يرجع القهقري والقول بالبداء محال، ولا ينص الإمام على واحد من ولده إلا بعد السماع من آبائه، والتعيين لا يجوز على الإبهام والجهالة. ومنهم من قال: إنه لم يمت لكنه أظهر موته تقية عليه حتى لا يقصد بالقتل، ولهذا القول دلالات: منها أن محمدا كان صغيرا -وهو أخوه لأمه- مضى إلى السرير الذي كان إسماعيل نائما ورفع الملاءة فأبصره وقد فتح عينه، عدا إلى أبيه وقال: عاش أخي، عاش أخي. قال والده: إن أولاد الرسول عليه السلام كذا يكون حالهم في الآخرة. قالوا: وما السبب في الإشهاد على موته وكتب المحضر عليه ولم يعهد ميت سجل على موته؟ وعن هذا: لما رفع إلى المنصور أن إسماعيل بن جعفر رؤي بالبصرة مر على مقعد فدعا له فمشى بإذن الله تعالى بعث المنصور إلى الصادق: إن إسماعيل في الأحياء وإنه رؤي بالبصرة! فأنفذ السجل إليه وعليه شهادة عامله بالمدينة. قالوا: وبعد إسماعيل محمد بن إسماعيل السابع التام وإنما تم دور السبعة به، ثم ابتدئ منه بالأئمة المستورين الذين كانوا يسترون في البلاد سترا ويظهرون الدعاة جهرا. قالوا: ولن تخلو الأرض قط عن إمام حي قائم إما ظاهر مكشوف وإما باطن مستور، وإذا كان الإمام ظاهرا يجب أن تكون حجته مستورة، وإذا كان الإمام مستورا يجب أن تكون حجته ودعاته ظاهرين. وقالوا: إنما الأئمة تدور أحكامهم على سبعة سبعة كأيام الأسبوع والسموات والكواكب، والنقباء تدور أحكامهم على اثني عشر. قالوا: وعن هذا وقعت الشبهة للإمامية القطعية حيث قرروا عدد النقباء للأئمة. ثم بعد الأئمة المستورين كان ظهور المهدي القائم بأمر الله، وأولادهم نصا بعد نص على إمام بعد إمام. ومذهبهم أن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، وكذلك من مات ولم يكن في عنقه بيعة إمام مات ميتة جاهلية، وكانت لهم دعوة في كل زمان ومقالة جديدة بكل لسان. والذاهبون منهم إلى إمامة محمد بن إسماعيل يسمون المباركية، ونقل عن بعضهم أنهم ذهبوا إلى أنه نبي وأنها تستمر في نسله وعقبه، فإن صح ذلك عنهم فهؤلاء كفار حقا.
وهؤلاء الإسماعيلية متقدمون ومتأخرون ومتوسطون: فالمتقدمون تقدم ذكرهم، وأما المتوسطون فقال العلماء بأرباب الملل والنحل: لما انقضت دعوة الإسماعيلية المتقدمين ظهر جماعة وانتسبوا إلى هذه الفرقة تسترا بالانتماء إلى الشيعة وتقية من السيف ويلقبون بالباطنية والقرامطة والبابكية والسبعية والخرمية والمحمرة، وسيأتي ذكر كل فرقة من هؤلاء في ترجمة من انتسبوا إليه. وأما الإسماعيلية المتأخرون فهم الطائفة المتأخرون، فهم الذين يعتقدون إمامة إسماعيل صاحب هذه الترجمة وأن الإمامة لا تخرج عنهم ولا يجوز أن يكون للناس إمام سواهم وأنهم معرضون عن الرذائل والذنوب مطهرون من الدنايا والنقائص حجج الله تعالى على عباده، وقاعدة مذهبهم القول بوجوب الإمام المعصوم وأنه حجة الله على خلقه وأن عصمته واجبة وتقليده متعين وأن الرأي في الدين والقياس باطل فلا يصدرون إلا عن رأي إمامهم المعصوم ولا يدينون إلا بما يأمرهم به لاعتقادهم وجوب عصمته وأنه لا يجوز خلو عصر من الأعصار عن الإمام المعصوم، فمن أطاعه سلم ومن عصاه هلك، وأنه يكون ظاهرا إذا أمن على نفسه من أعدائه وأن دعاته مأمورون بدعاء الناس إلى طاعته إلى أن يتهيأ له النصر على أعدائه. هذا عين مذهبهم على ما ذكره ابن أبي الدم قاضي حماة المذكور في ’’الإبارة في الفرق الإسلامية’’ قال: ولم ينقل عنهم أمر آخر في الاعتقاد مخالف قواعد الدين كما نقل عن الباطنية وغيرهم. وكان الحسن بن محمد الصباح النزاري صعد قلعة ألموت في شعبان سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة بعد أن كان هاجر إلى بلاد إمامه وتلقى منه كيفية الدعوة، وسأذكر فصلا يتعلق بذلك في ترجمة الحسن بن محمد الصباح إن شاء الله تعالى.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 9- ص: 0