الصابوني اسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن اسماعيل، أبو عثمان الصابوني: مقدم أهل الحديث في بلاد خراسان. لقبه أهل السنة فيها بشيخ الاسلام، فلا يعنون - عند اطلاقهم هذه اللفظة - غيره. ولد ومات في نيسابور. وكان فصيح اللهجة، واسع العلم، عارفا بالحديث والتفسير، يجيد الفارسية اجادته العربية. له كتاب (عقيدة السلف - ط) و (الفصول في الاصول).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 317

الصابوني إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عابد أبو عثمان الصابوني. قال الحافظ عبد الغافر: هو الإمام شيخ الإسلام الخطيب المفسر الواعظ أوحد وقته في طريقته، وكان أكثر أهل العصر من المشايخ سماعا وحفظا ونشرا لمسموعاته وتصنيفاته وجمعا وتحريضا على السماع وإقامة مجالس الحديث، سمع بنيسابور من أبي العباس التابوتي وأبي سعيد السمسار وبهراة من أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن الفرات وغيره، وسمع بالشأم والحجاز، ولقي أبا العلاء المعري بمعرة النعمان، وحدث بنيسابور وخراسان ووعظ الناس سبعين سنة. ومولده ببوشنج سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة‎، وتوفي سنة تسع وأربعين وأربعمائة. ومن شعره:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 9- ص: 0

الصابوني إسماعيل بن عبد الرحمن.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 16- ص: 0

إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عابد، أبو عثمان الصابوني: مات في ثالث محرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة. قال عبد الغافر: هو الاستاذ الإمام شيخ الاسلام أبو عثمان الصابوني الخطيب المفسر المحدث الواعظ، أوحد وقته في طريقته، وكان أكثر أهل العصر من المشايخ سماعا وحفظا ونشرا لمسموعاته وتصنيفاته وجمعا وتحريضا على السماع وإقامة لمجالس الحديث. سمع الحديث بنيسابور من أبي العباس البالوني وأبي سعيد محمد بن الحسين بن موسى السمسار، وبهراة من أبي بكر أحمد بن إبراهيم القراب وأبي معاذ شاه بن عبد الرحمن وسمع بالشام والحجاز ودخل معرة النعمان فلقي بها أبا العلاء أحمد بن سليمان، وسمع بالجبال وغيرها من البلاد، وحدث بنيسابور وخراسان إلى غزنة وبلاد الهند وجرجان وآمل وطبرستان وبالشام وبيت المقدس والحجاز. روى عنه أبو عبد الله القارئ وأبو صالح المؤذن.
ومن «تاريخ دمشق» ان الصابوني وعظ للناس ستين سنة، قال: وله شعر منه:

وذكر من فضله كثيرا ثم قال: ومولده ببوشنج للنصف من جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وذكر وفاته كما تقدم.

  • دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 2- ص: 727

الصابوني الإمام العلامة القدوة المفسر المذكر المحدث شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عابد بن عامر النيسابوري الصابوني.
ولد سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة.
وأول مجلس عقده للوعظ إثر قتل أبيه في سنة ثنتين وثمانين وهو ابن تسع سنين.
حدث عن: أبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب وأبي بكر ابن مهران وأبي محمد المخلدي وأبي طاهر بن خزيمة وأبي الحسين الخفاف وعبد الرحمن بن أبي شريح وزاهر بن أحمد الفقيه وطبقتهم ومن بعدهم.
حدث عنه: الكتاني وعلي بن الحسين بن صصرى ونجا بن أحمد وأبو القاسم بن أبي العلاء والبيهقي وابنه عبد الرحمن بن إسماعيل وخلق آخرهم أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي.
قال أبو بكر البيهقي: حدثنا، إمام المسلمين حقا وشيخ الإسلام صدقا أبو عثمان الصابوني. ثم ذكر حكاية.
وقال أبو عبد الله المالكي: أبو عثمان ممن شهدت له أعيان الرجال بالكمال في الحفظ والتفسير.
وقال عبد الغافر في ’’السياق’’: الأستاذ أبو عثمان إسماعيل الصابوني شيخ الإسلام المفسر المحدث الواعظ أوحد وقته في طريقه وعظ المسلمين سبعين سنة وخطب وصلى في الجامع نحوا من عشرين سنة وكان حافظا كثير السماع والتصانيف حريصا على العلم سمع: بنيسابور وهراة وسرخس والحجاز والشام والجبال وحدث بخراسان والهند وجرجان والشام والثغور والحجاز والقدس ورزق العز والجاه في الدين والدنيا وكان جمالا للبلد مقبولا عند الموافق والمخالف مجمع على أنه عديم النظير وسيف السنة ودامغ البدعة وكان أبوه الإمام أبو نصر من كبار الواعظين بنيسابور ففتك به لأجل المذهب وقتل فأقعد ابنه هذا ابن تسع سنين فأقعد بمجلس الوعظ وحضره أئمة الوقت وأخذ الإمام أبو الطيب الصعلوكي في ترتيبه وتهيئة شأنه وكان يحضر مجلسه هو والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني والأستاذ أبو بكر بن فورك ويعجبون من كمال ذكائه وحسن إيراده حتى صار إلى ما صار إليه وكان مشتغلا بكثرة العبادات والطاعات حتى كان يضرب به المثل.
قال الحسين بن محمد الكتبي في ’’تاريخه’’: في المحرم توفي أبو عثمان سنة تسع وأربعين وأربع مائة.
وقال السلفي في ’’معجم السفر’’: سمعت الحسن بن أبي الحر بسلماس يقول: قدم أبو عثمان الصابوني بعد حجه ومعه أخوه أبو يعلى في أتباع ودواب فنزل على جدي أحمد بن يوسف الهلالي فقام بجميع مؤنه وكان يعقد المجلس كل يوم وافتتن الناس به وكان أخوه فيه دعابة فسمعت أبا عثمان يقول وقت أن ودع الناس: يا أهل سلماس! لي عندكم أشهر أعظ وأنا في تفسير آية وما يتعلق بها ولو بقيت عندكم تمام سنة لما تعرضت لغيرها والحمد لله.
قال عبد الغافر في ’’تاريخه’’: حكى الثقات أن أبا عثمان كان يعظ فدفع إليه كتاب ورد من بخارى مشتمل على ذكر وباء عظيم بها ليدعو لهم ووصف في الكتاب أن رجلا خبازا درهما فكان يزن والصانع يخبز والمشتري واقف فمات ثلاثتهم في ساعة.
فلما قرأ الكتاب هاله ذلك واستقرأ من القارئ {أفأمن الذين مكروا السيآت} الآيات ونظائرها وبالغ في التخويف والتحذير وأثر ذلك فيه وتغير وغلبه وجع البطن وأنزل من المنبر يصيح من الوجع فحمل إلى حمام فبقي إلى قريب المغرب يتقلب ظهرا لبطن وبقي أسبوعا لا ينفعه علاج فأوصى وودع أولاده ومات وصلي عليه عقيب عصر الجمعة رابع المحرم وصلى عليه ابنه أبو بكر ثم أخوه أبو يعلى.
وأطنب عبد الغافر في وصفه وأسهب إلى أن قال: وقرأت في كتاب كتبه زين الإسلام من طوس في التعزية لشيخ الإسلام: أليس لم يجسر مفتر أن يكذب على رسول الله في وقته؟ أليست السنة كانت بمكانه منصورة والبدعة لفرط حشمته مقهورة؟ أليس كان داعيا إلى الله هاديا عباد الله شابا لا صبوة له كهلا لا كبوة له شيخا لا هفوة له؟ يا أصحاب المحابر وطؤوا رحالكم قد غيب من كان عليه إلمامكم ويا أرباب المنابر أعظم الله أجوركم فقد مضى سيدكم وإمامكم.
قال الكتاني: ما رأيت شيخا في معنى أبي عثمان زهدا وعلما كان يحفظ من كل فن لا يقعد به شيء وكان يحفظ التفسير من كتب كثيرة وكان من حفاظ الحديث.
قلت: ولقد كان من أئمة الأثر له مصنف في السنة واعتقاد السلف ما رآه منصف إلا واعترف له.
قال معمر بن الفاخر: سمعت عبد الرشيد بن ناصر الواعظ بمكة، سمعت إسماعيل بن عبد الغافر، سمعت الإمام أبا المعالي الجويني يقول: كنت بمكة أتردد في المذاهب فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لي: عليك باعتقاد ابن الصابوني.
قال عبد الغافر: ومما قيل في أبي عثمان قول الإمام أبي الحسن؛ عبد الرحمن بن محمد الداوودي:

الخبازي، عميد الرؤساء:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 13- ص: 299

إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم ابن عامر بن عابد شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني الفقيه المحدث المفسر الخطيب الواعظ المشهور الاسم الملقب بشيخ الإسلام لقبه أهل السنة في بلاد خراسان فلا يعنون عند إطلاقهم هذه اللفظة غيره
وأما المجسمة بمدينة هراة فلما ثارت نفوسهم من هذا اللقب عمدوا إلى أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري صاحب كتاب ذم الكلام فلقبوه بشيخ الإسلام وكان الأنصاري المشار إليه رجلا كثير العبادة محدثا إلا أنه يتظاهر بالتجسيم والتشبيه وينال من أهل السنة وقد بالغ في كتابه ذم الكلام حتى ذكر أن ذبائح الأشعرية لا تحل وكنت أرى الشيخ الإمام يضرب على مواضع من كتاب ذم الكلام وينهى عن النظر فيه
وللأنصاري أيضا كتاب الأربعين سمتها أهل البدعة الأربعون في السنة يقول فيها باب إثبات القدم لله باب إثبات كذا وكذا
وبالجملة كان لا يستحق هذا اللقب وإنما لقب به تعصبا وتشبيها له بأبي عثمان وليس هو هناك
وكان أهل هراة في عصره فئتين فئة تعتقده وتبالغ فيه لما عنده من التقشف والتعبد وفئة تكفره لما يظهره من التشبيه
ومن مصنفاته التي فوقت نحوه سهام أهل الإسلام كتاب ذم الكلام وكتاب الفاروق في الصفات وكتاب الأربعين وهذه الكتب الثلاثة أبان فيها عن اعتقاد التشبيه وأفصح
وله قصيدة في الاعتقاد تنبئ عن العظائم في هذا المعنى وله أيضا كتاب منازل السائرين في التصوف
وكان الشيخ تقي الدين أبو العباس ابن تيمية مع ميله إليه يضع من هذا الكتاب أعني منازل السائرين
قال شيخنا الذهبي وكان يرمي أبا إسماعيل بالعظائم بسبب هذا الكتاب ويقول إنه مشتمل على الاتحاد
قلت والأشاعرة يرمونه بالتشبيه ويقولون إنه كان يلعن شيخ السنة أبا الحسن الأشعري وأنا لا أعتقد فيه أنه يعتقد الاتحاد وإنما أعتقد أنه يعتقد التشبيه وأنه ينال من الأشاعرة وأن ذلك بجهله بعلم الكلام وبعقيدة الأشعرية فقد رأيت أقواما أتوا من ذلك
وكان شديد التعصب للفرق الحنبلية بحيث كان ينشد على المنبر على ما حكى عنه تلميذه محمد بن طاهر

وترك الرواية عن شيخه القاضي أبي بكر الحيري لكونه أشعريا وكل هذا تعصب زائد برأنا الله من الأهواء
وذكر أبي إسماعيل خارج عن غرض هذا الكتاب فإنما أردنا أن ننبه على الفرق بينه وبين شيخ الإسلام على الحقيقة أبي عثمان نترجمه الآن فلنعد إلى ترجمته فنقول ذكره عبد الغافر في السياق فقال هو الأستاذ الإمام شيخ الإسلام أبو عثمان الخطيب المفسر المحدث الواعظ أوحد وقته في طريقته وعظ المسلمين في مجالس التذكير سبعين سنة وخطب وصلى في الجامع يعني بنيسابور نحوا من عشرين سنة
ثم قال ورزق العز والجاه في الدين والدنيا وكان جمالا للبلد زينا للمحافل والمجالس مقبولا عند الموافق والمخالف مجمعا على أنه عديم النظير وسيف السنة ودافع البدعة
وهو النسيب المعم المخول المدلي من جهة الأمومة إلى الحنفية والفضلية والشيبانية والقرشية والتميمية والمزنية والضبية من الشعب النازلة إلى الشيخ أبي سعد يحيى بن منصور بن حسنويه السلمي الزاهد الأكبر على ما هو مشهور من أنسابهم عند جماعة من العارفين بالأنساب لأنه أبو عثمان إسماعيل بن زين البيت ابنة الشيخ أبي سعد الزاهد بن أحمد بن مريم بنت أبي سعد الأكبر الزاهد
وأما من جهة الأب فهو الأصل الذي لا يحتاج نسبه إلى زيادة فقال وكان أبوه أبو نصر من كبار الواعظين بنيسابور ففتك به لأجل التعصب والمذهب وقلد الأمة صبيا بعد حول سبع سنين فاستدعى أن يذكر صبيا دعي للختم على رأس قبر أبيه كل يوم وأقعد بمجلس الوعظ مقام أبيه وحضر أئمة الوقت مجالسه
وأخذ الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان الصعلوكي في تربيته وتهيئة أسبابه وترتيب حشمته ونوبه وكان يحضر مجالسه ويثني عليه مع تكبره في نفسه وكذلك سائر الأئمة كالأستاذ الإمام أبي إسحاق الإسفرايني والأستاذ أبي بكر بن فورك وسائر الأئمة كانوا يحضرون مجلس تذكيره ويتعجبون من كمال ذكائه وعقله وحسن إيراده الكلام عربيه وفارسيه وحفظه الأحاديث حتى كبر وبلغ مبلغ الرجال وقام مقام أسلافه في جميع ما كان إليهم من النوب
ولم يزل يرتفع شأنه حتى صار إلى ما صار إليه من الحشمة التامة والجاه العريض وهو في جميع أوقاته مشتغل بكثرة العبادات ووظائف الطاعات بالغ في العفاف والسداد وصيانة النفس معروف بحسن الصلاة وطول القنوت واستشعار الهيبة حتى كان يضرب به المثل في ذلك
وكان محترما للحديث ولثبت الكتب
قرأت من خط الفقيه أبي سعيد السكري أنه حكى عن بعض من يوثق بقوله من الصالحين أن شيخ الإسلام قال ما رويت خبرا ولا أثرا في المجلس إلا وعندي إسناده وما دخلت بيت الكتب قط إلا على طهارة وما رويت الحديث ولا عقدت المجلس ولا قعدت للتدريس قط إلا على الطهارة
وقال منذ صح عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسورة الجمعة والمنافقين في ركعتي صلاة العشاء ليلة الجمعة ما تركت قراءتهما فيهما
قال وقد كنت في بعض الأسفار المخوفة وكان أصحابي يفرقون من اللصوص وقطاع الطريق وينكرون على في التطويل بقراءة السورتين وغير ذلك فلم أمتنع عن ذلك ولم أنقص شيئا مما كنت أواظب عليه في الحضر فتولانا الله بحفظه ولم تلحقنا آفة
وقرأت من خط السكري أيضا قال قرأت في كتاب كتبه الإمام سهل الصعلوكي إلى زاهر بن أحمد الإمام بسرخس حين قصد الأستاذ الإمام إسماعيل أن يرحل إليه لسماع الحديث في صباه بعد ما قتل أبوه شهيدا وفي الكتاب بعد الخطاب وإذا عدت الأحداث التي كانت في هذه السنين الخالية قطارا أرسالا ومتصلة اتصالا ومتوالية حالا فحالا كان أعظمها نكاية في الدين وجناية عليه ما جرى من الفتك بأبي نصر الصابوني رحمه الله نهارا والمكر الذي مكر به كبارا كما إذا عدت غرائب الوقت وعجائبه في الحسن كان بولده الولد الفقيه أبي عثمان إسماعيل أدام الله بقاه وسلامته الابتداء وبذكره الافتتاح فإنه بلغ ولم يبلغ بالسن ما تقصر عنه الأمنية والاقتراح من التدبر والتعلم والوجاهة والتقدم على التحفظ
والتورع والتيقظ وقد كان في نفسه لذكائه وكيسه وفطنته وهدايته وعقله الرحلة إلى الشيخ فذكر فصلا فيه ثم قال ولا نشك أنه يصادف منه في الإكرام والتقديم والتعظيم ما يليق بصفاته وإنجابه ودرجاته وأنا شريك في الامتنان لذلك كله وراغب في تعجيل إصداره إلى موضعه ومكانه في عمارة العلم بقعوده للتذكير والتبصير وما يحصل به من النفع الكثير فإن الرجوع لغيبته شديد والاقتضاء بالعموم لعوده أكيد والسلام
وذكر عن الشيخ أحمد البيهقي أنه قال عهدي بالحاكم الإمام أبي عبد الله مع تقدمه في السن والحفظ والإتقان أنه يقوم للأستاذ عند دخوله إليه ويخاطبه بالأستاذ الأوحد وينشر علمه وفضله ويعيد كلامه في وعظه متعجبا من حسنه معتدا بكونه من أصحابه
قال السكري ورأيت كتاب الأستاذ الإمام أبي إسحاق الإسفرايني الذي كتبه بخطه وخاطبه بالأستاذ الجليل سيف السنة وفي كتاب آخر غيظ أهل الزيغ
وحكى الأستاذ أبو القاسم الصيرفي المتكلم أن الإمام أبا بكر بن فورك كان رجع عن مجلسه يوما فقال تعجبت اليوم من كلام هذا الشاب تكلم بكلام مهذب عذب بالعربية والفارسية
وحكى عن الشيخ الإمام سهل أيضا أنه كان يقول له بالفارسية أبي سرايخ براتيش است بيش است
قرأت بخط السكري أن الأستاذ أبا عثمان كان يتكلم بين يدي الإمام سهل
الصعلوكي وكان ينحرف بوجهه عن جانبه فصاح به الإمام سهل استقبلني واترك الانحراف عني
فقال إني أستحيي أن أتكلم في حر وجهك
فقال الإمام سهل انظروا إلى عقله
ولقد أكثر الأئمة الثناء عليه ولذلك مدحه الشعراء في صباه إلى وقت شبابه ومشيبه بما يطول ذكره فمن ذلك ما قال فيه بعض من ذكر من أئمة الأصحاب
وكتب أبو المظفر الجمحي إليه بعد أن سمع خطبته بهذه الأبيات
وقال فيه البارع الزوزني
ولقد عاش عيشا حميدا بعد ما قتل أبوه شهيدا إلى آخر عمره فكان من قضاء الله تعالى أنه كان يعقد المجلس فيما حكاه الأثبات والثقات يوم الجمعة في جانب
الحسين على العادة المألوفة منذ نيف وستين سنة ويعظ الناس فبالغ فيه ودفع إليه كتاب ورد من بخارى مشتمل على ذكر وباء عظيم وقع بها واستدعي فيه أغنياء المسلمين بالدعاء على رءوس الأملاء في كشف ذلك البلاء عنهم ووصف فيه أن واحدا تقدم إلى خباز يشتري الخبز فدفع الدراهم إلى صاحب الحانوت فكان يزنها والخباز يخبز والمشتري واقف فمات الثلاثة في الحال فاشتد الأمر على عامة الناس
فلما قرأ الكتاب هاله ذلك واستقرأ من القارئ قوله تعالى {أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض} ونظائرها وبالغ في التخويف والتحذير وأثر فيه ذلك وتغير في الحال وغلبه وجع البطن من ساعته وأنزل من المنبر فكان يصيح من الوجع وحمل إلى الحمام إلى قريب من غروب الشمس فكان يتقلب ظهرا لبطن ويصيح ويئن فلم يسكن ما به فحمل إلى بيته وبقي فيه ستة أيام لم ينفعه علاج
فلما كان يوم الخميس سابع مرضه ظهرت آثار سكر الموت عليه وودع أولاده وأوصاهم بالخير ونهاهم عن لطم الخدود وشق الجيوب والنياحة ورفع الصوت بالبكاء
ثم دعا بالمقرئ أبي عبد الله خاصته حتى قرأ سورة يس وتغير حاله وطاب وقته وكان يعالج سكرات الموت إلى أن قرأ إسنادا فيه ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) ثم توفي من ساعته عصر يوم الخميس وحملت جنازته من الغد عصر يوم الجمعة إلى ميدان الحسين الرابع من المحرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة واجتمع من الخلائق ما الله أعلم بعددهم وصلى عليه ابنه أبو بكر ثم أخوه أبو يعلى ثم نقل إلى مشهد أبيه في سكة حرب ودفن بين يدي أبيه
وكان مولده سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وكان وفاته طاعنا في سنة سبع وسبعين من سنته
وسمعت الإمام خالي أبا سعيد يذكر مجلسه في موسم من ذلك العام على ملأ عظيم من الخلق وأنه يصيح بصوت عال مرارا ويقول لنفسه يا إسماعيل هفتا دوهفت هفتا دو هفت بالفارسية فلم يأت عليه إلا أيام قلائل ثم توفي لأنه كان يذكر المشايخ الذين ماتوا في هذه السن من أعمارهم
ثم قرأت في المنامات التي رؤيت له في حياته وبعد مماته أجزاء لو حكيتها لطال النفس فيها فأقتصر على شيء من ذلك ومن جملته ما حكاه الفقيه أبو المحاسن بن الشيخ أبي الحسن القطان في عزاء شيخ الإسلام أنه رأى في النوم كأنه في خان الحسن وشيخ الإسلام على المنبر مستقبل القبلة يذكر الناس إذ نعس نعسة ثم انتبه وقال نعست نعسة فلقيت ربي ورحمني ورحم أهلي ورحم من شيعني
وحكى الثقات عن المقرئ أبي عبد الله المخصوص به أنه رأى قبيل مرض شيخ الإسلام كأن منبره خال عنه وقد أحدق الناس بالمقرئ ينتظرون قراءته فجاء على لسانه {وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم} الآية
قال فانتبهت ولم أر أحدا فما مضت إلا أيام قلائل حتى بدأ مرضه وتوفي منه
وحكى بعض الصالحين أنه رأى أبا بكر بن أبي نصر المفسر الحنفي جالسا على كرسي وبيده جزء يقرؤه فسأله عما فيه فقال إذا احتاج الملائكة إلى الحج وزيارة بيت الله العتيق جاءوا إلى زيارة قبر إسماعيل الصابوني
وقرأت من خط الفقيه أبي سعد السكري أنه حكى عن السيد أبي إبراهيم بن أبي الحسن بن ظفر الحسيني أنه قال رأيت في النوم السيد النقيب زيد بن أبي الحسن بن الحسين بن محمد بن الحسين وبين يديه طبق عليه من الجواهر ما شاء الله فسألته فقال أتحفت بهذا مما نثر على روح إسماعيل الصابوني
وحكى المقرئ محمد بن عبد الحميد الأبيوردي الرجل الصالح عن الإمام فخر الإسلام أبي المعالي الجويني أنه رأى في المنام كأنه قيل له عد عقائد أهل الحق
قال فكنت أذكرها إذ سمعت نداء كان مفهومي منه أنى أسمعه من الحق تبارك وتعالى يقول ألم نقل إن ابن الصابوني رجل مسلم
وقرأت أيضا من خط السكري حكاية رؤيا رآها الشيخ أبو العباس الشقاني واستدعى منه شيخ الإسلام أن يكتبها فكتب يقول أحمد بن محمد الحسنوي لولا امتناع خروجي عن طاعة الأستاذ الإمام شيخ الإسلام لوجوبها علي لم أكن لأحكي شيئا من هذه الرؤيا هيبة لها لما فيها مما لا أستجيز ذكرها فرقا منها ثم ذكر زيارته لتربة الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة يوما وأنه طاب وقته عندها فرجع إلى بيته ونام وقت الهاجرة فرأى الحق تبارك وتعالى في منامه ذكر الإمام بما قال ولم يحك ذلك ثم عقب ذلك بحديث الأستاذ الإمام وذكر أشياء نسيت بعضها والذي أذكر منها أنه قال وأما ابن ذلك المظلوم فإن له عندنا قرى ونعمى وزلفى
إلى آخر ما كان منه
ثم قال أبو العباس كتبته وحق الحق لحرمته وطاعة لأمره
وقرأت من خط قديم معروف أنه حكي عن يهودي أنه قال اغتممت لوفاة أبي نصر الصابوني وقتله فاستغفرت له ونمت فرأيته في المنام وعليه ثياب خضر ما رأيت مثلها قط وهو جالس على كرسي بين يديه جماعة كثيرة من الملائكة وعليهم ثياب خضر فقلت يا أستاذ أليس قد قتلوك قال فعلوا بي ما رأيت
فقلت ما فعل بك ربك
قال يا أبا حوايمرد كلمة بالفارسية لمثلي يقال هذا غفر لي وغفر لمن صلى علي كبيرهم وصغيرهم ومن يكون على طريقي
قلت أما أنا فلم أصل عليك
قال لأنك لم تكن على طريقي
فقلت إيش أفعل لأكون على طريقك فقال قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
فقلت ذلك ثم قلت أنا مولاك
قال لا أنت مولى الله
قال فانتبهت فجاء من عنده إلى قبره وذكر ما رأى في المنام وقال أنا مولاه وأسلم عند قبره ولم يأخذ شيئا من أحد وقال إني غني أسلمت لوجه الله لا لوجه المال
وحكى أبو سهل بن هارون قال قال أبو بكر الصيدلاني وكان من الصالحين كنت حاضرا قبره حين جاء اليهودي فأسلم
وقرأت من مضمون كتاب كتبه الإمام زين الإسلام من طوس في تعزية شيخ الإسلام أبي عثمان فصولا كتبت منها هذه الكلمات اختصارا يا ليلة فترة الشريعة ليتك ترى الإصباح ويا محنة أهل السنة أنخت بكلكلك لعله لا براح ويا معراج السماء ليت شعري كيف حالك وقد خلوت من صواعد دعوات مجلس شيخ الإسلام ويا ضلة الإسلام لولا أنك محكوم لك بالدوام لقلنا فنيت عن كل النظام ويا أصحاب المحابر حطوا رحالكم فقد استتر بخلال التراب من كان عليه إلمامكم ويا أرباب المنابر أعظم الله أجوركم
فلقد مضى سيدكم وإمامكم
وفيه في فصل آخر أليس لم يجسر مفتر أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقته أليست السنة كانت بمكانة منصورة والبدعة لفرط حشمته مقهورة أليس كان داعيا إلى الله هاديا عباد الله شابا لا صبوة له ثم كهلا لا كبوة له ثم شيخا لا هفوة له أليس دموع ألوف من المسلمين كل مجلس بذكره كانت تتبرج وقلوبهم بتأثير وعظة كانت تتوهج ترى أن الملائكة لم يؤمروا باستقباله والأنبياء والصديقين لم يستبشروا بقدومه عليهم وإقباله
قلت ولما انقلب إلى رحمة الله كثرت فيه المرائي والأشعار وكانت حاله كما قيل
ومن أحسن ما قيل فيه ما كتبته بهراة في مرثيته للإمام جمال الإسلام أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي البوشنجي حيث يقول
هذا كلام عبد الغافر وقد اشتمل من ترجمة شيخ الإسلام على ما فيه مقنع وبلاغ
ذكره أبو سعد السمعاني أيضا وأطنب في وصفه وقال زرت قبره ما لا أحصيه كثرة ورأيت أثر الإجابة لكل دعاء دعوته ثم
وذكره الإمام الرافعي في كتاب الأمالي
وقال نشر العلم إملاء وتصنيفا وتذكيرا واستفاد منه الناس على اختلاف طبقاتهم
قلت وبالجملة كان مجمعا على دينه وسيادته وعلمه لا يختلف عليه أحد من الفرق
وقد حدث عنه البيهقي وهو من أقرانه وقال فيه إنه إمام المسلمين حقا وشيخ الإسلام صدقا وأهل عصره كلهم مذعنون لعلو شأنه في الدين والسيادة وحسن الاعتقاد وكثرة العلم ولزوم طريقة السلف
وقال أبو عبد الله المالكي أبو عثمان الصابوني ممن شهدت له أعيان الرجال بالكمال في الحفظ والتفسير وغيرهما حدث عن زاهر بن أحمد
السرخسي وأبي سعيد عبد الله بن محمد الرازي والحسن بن أحمد المخلدي وأبي بكر ابن مهران المقرئ وأبي طاهر بن خزيمة وأبي الحسين الخفاف وعبد الرحمن بن أبي شريخ والحاكم أبي عبد الله الحافظ وأبي بكر محمد بن عبد الله الجوزقي وغيرهم
قال ابن السمعاني وسمع منه عالم لا يحصون
قلت منهم عبد العزيز الكتاني وعلي بن الحسن بن صصرى وأبو القاسم المصيصي ونصر الله الخشنامي وأبو بكر البيهقي وخلق آخرهم أبو عبد الله الفراوي
وتقدم في كلام عبد الغافر أنه توفي لأربع ليال مضين من المحرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة
ولو لم يكن في ترجمة هذا الرجل إلا ما حكيناه من قول البيهقي فيه إنه إمام المسلمين حقا وشيخ الإسلام صدقا لكفى في الدلالة على علو شأنه فما ظنك بما تقدم من كلام أئمة عصره
وبه قال زين الإسلام وكتبه من طوس
وزين الإسلام المشار إليه ليس هو فيما أظن بالغزالي فإن الغزالي لم يكن ولد هذا الزمان ويبعد أن يكون كتب كتابا للتعزية فيه
مع وفاته قبل ميلاده ولعله أبو القاسم القشيري كان بنيسابور فإنه كان وقت وفاة أبي عثمان كان بطوس وليس ببعيد
والله أعلم
ومن الفوائد عنه
قال عبد الغافر الفارسي من فضائله نظم الشعر على ما يليق بالعلماء ومن غير مبالغة في تعمق يلحقه بالمنهي وقد أنشد له الثعالبي في تتمة اليتيمة
وهذه وصيته وقد وجدت بها بدمشق عند دخوله إليها حاجا
هذا ما أوصى به إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل أبو عثمان الصابوني الواعظ غير المتعظ الموقظ غير المتيقظ الآمر غير المؤتمر الزاجر غير المنزجر المتعلم المعترف المنذر المخوف المخلط المفرط المسرف المقترف للسيئات المغترف الواثق مع ذلك برحمة ربه الراجي لمغفرته المحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشيعته الداعي الناس إلى التمسك بسنته وشريعته صلى الله عليه وسلم
أوصى وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يشرك في حكمه أحدا الأول الآخر الظاهر الباطن الحي القيوم الباقي بعد فناء خلقه المطلع على عباده العالم بخفيات الغيوب الخبير بضمائر القلوب المبدئ المعيد الغفور الودود ذو العرش المجيد الفعال لما يريد {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} هو مولانا فنعم
المولى ونعم النصير يشهد بذلك كله مع الشاهدين مقرا بلسانه عن صحة اعتقاد وصدق يقين ويتحملها عن المنكرين الجاحدين ويعدها ليوم الدين {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم}
ويشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون
ويشهد أن الجنة حق وجملة ما أعد الله تبارك وتعالى فيها لأوليائه حق
ويسأل مولاه الكريم جل جلاله أن يجعلها مأواه ومثواه فضلا منه وكرما
ويشهد أن النار وما أعد الله فيها لأعدائه حق ويسأل الله مولاه أن يجيره منها ويزحزحه عنها ويجعله من الفائزين قال الله عز وجل {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}
ويشهد أن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمر وهو من المسلمين والحمد لله رب العالمين
وأنه رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما على ذلك يحيي وعليه يموت إن شاء الله عز وجل
ويشهد أن الملائكة حق وأن النبيين حق وأن الساعة لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور
ويشهد أن الله سبحانه وتعالى قدر الخير وأمر به ورضيه وأحبه وأراد كونه من فاعله ووعد حسن الثواب على فعله وقدر الشر وزجر عنه ولم يرضه ولم يحبه
وأراد كونه من مرتكبه غير راض به ولا محب له تعالى ربنا عما يقول الظالمون علوا كبيرا وتقدس أن يأمر بالمعصية أو يحبها ويرضاها وجل أن يقدر العبد على فعل شيء لم يقدره عليه أو يحدث من العبد ما لا يريده ولا يشاؤه
ويشهد أن القرآن كتاب الله وكلامه ووحيه وتنزيله غير مخلوق وهو الذي في المصاحف مكتوب وبالألسنة مقروء وفي الصدور محفوظ وبالآذان مسموع
قال الله تعالى {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} وقال {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} وقال {إن الذين يتلون كتاب الله} وقال {إن هو إلا ذكر وقرآن مبين}
ويشهد أن الإيمان تصديق بالقلب بما أمر الله أن يصدق به وإقرار باللسان بما أمر الله أن يقر به وعمل بالجوارح بما أمر الله أن يعمل به وانزجار عما زجر عنه من كسب قلب وقول لسان وعمل جوارح وأركان
ويشهد أن الله سبحانه وتعالى مستو على عرشه استوى عليه كما بينه في كتابه في قوله تعالى {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش} وقوله {استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا} في آيات أخر والرسول صلى الله عليه وسلم تسليما ذكره فيما نقل عنه من غير أن يكيف استواءه عليه أو يجعله لفعله وفهمه أو وهمه سبيلا إلى إثبات كيفيته إذ الكيفية عن صفات ربنا منفية
قال إمام المسلمين في عصره أبو عبد الله مالك بن أنس رضي الله عنه في جواب من سأله عن كيفية الاستواء الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب
والسؤال عنه بدعة وأظنك زنديقا أخرجوه من المسجد
ويشهد أن الله تعالى موصوف بصفات العلى التي وصف بها نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا لا ينفي شيئا منها ولا يعتقد شبها له بصفات خلقه بل يقول إن صفاته لا تشبه صفات المربوبين كما لا تشبه ذاته ذوات المحدثين تعالى الله عما يقول المعطلة والمشبهة علوا كبيرا
ويسلك في الآيات التي وردت في ذكر صفات البارئ جل جلاله والأخبار التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بابها كآيات مجيء الرب يوم القيامة وإتيان الله في ظلل من الغمام وخلق آدم بيده
واستوائه على عرشه وكأخبار نزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا والضحك والنجوى ووضع الكنف على من يناجيه يوم القيامة وغيرها مسلك السلف الصالح وأئمة الدين من قبولها وروايتها على وجهها بعد صحة سندها وإيرادها على ظاهرها والتصديق بها والتسليم لها واتقاء اعتقاد التكييف والتشبيه فيها واجتناب ما يؤدي إلى القول بردها وترك قبولها أو تحريفها بتأويل يستنكر ولم ينزل الله به سلطانا ولم يجر به للصحابة والتابعين والسلف الصالحين لسان
وينهى في الجملة عن الخوض في الكلام والتعمق فيه وفي الاشتغال بما كره السلف رحمهم الله الاشتغال به ونهوا وزجروا عنه فإن الجدال فيه والتعمق في دقائقه والتخبط في ظلماته كل ذلك يفسد القلب ويسقط منه هيبة الرب جل جلاله ويوقع الشبه الكبيرة فيه ويسلب البركة في الحال ويهدي إلى الباطل والمحال والخصومة في الدين والجدال وكثرة القيل والقال في الرب ذي الجلال الكبير المتعال سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا والحمد لله على ما هدانا من دينه وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه حمدا كثيرا
ويشهد أن القيامة حق وكل ما ورد به الكتاب والأخبار الصحاح من أشراطها وأهوالها وما وعدنا به وأوعدنا به فيها فهو حق نؤمن به ونصدق الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به عنه كالحوض والميزان والصراط وقراءة الكتب والحساب والسؤال والعرض والوقوف والصدر عن المحشر إلى جنة أو إلى نار مع الشفاعة الموعودة لأهل التوحيد وغير ذلك مما هو مبين في الكتاب ومدون في الكتب الجامعة لصحاح الأخبار
ويشهد بذلك كله في الشاهدين ويستعين بالله تبارك وتعالى في الثبات على هذه الشهادات إلى الممات حتى يتوفى عليها في جملة المسلمين المؤمنين الموقنين الموحدين
ويشهد أن الله تبارك وتعالى يمن على أوليائه بوجوه ناضرة إلى ربها ناظرة ويرونه عيانا في دار البقاء لا يضارون في رؤيته ولا يمارون ولا يضامون ويسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل وجهه من تلك الوجوه ويقيه كل بلاء وسوء ومكروه ويبلغه كل ما يؤمله من فضله ويرجوه بمنه
ويشهد أن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ويترحم على جميع الصحابة ويتولاهم ويستغفر لهم وكذلك ذريته وأزواجه أمهات المؤمنين ويسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله معهم ويرجو أن يفعله به فإنه قد صح عنده من طرق شتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (المرء مع من أحب
ويوصي إلى من يخلفه من ولد وأخ وأهل وقريب وصديق وجميع من يقبل وصيته من المسلمين عامة أن يشهدوا بجميع ما شهد به وأن يتقوا الله حق تقاته وألا يموتوا إلا وهم مسلمون {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}
ويوصيهم بصلاح ذات البين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجيران والأقارب والإخوان ومعرفة حق الأكابر والرحمة على الأصاغر
وينهاهم عن التدابر والتباغض والتقاطع والتحاسد
ويأمرهم أن يكونوا إخوانا على الخيرات أعوانا وأن يعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا ويتبعوا الكتاب والسنة وما كان عليه علماء الأمة
وأئمة الملة كمالك بن أنس والشافعي وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم ويحيى بن يحيى وغيرهم من أئمة المسلمين وعلماء الدين رضي الله عنهم أجمعين وجمع بيننا وبينهم في ظل طوبى ومستراح العابدين
أوصى بهذا كله إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني إلى أولاده وأهله وأصحابه
ومختلفة مجالسه
وأوصى أنه إذا نزلت به المنية التي لا شك أنها نازلة والله يسأل خير ذلك اليوم الذي تنزل المنية به فيه وخير تلك الليلة التي تنزل به فيه وخير تلك الساعة وخير ما قبلها وخير ما بعدها أن يلبس لباسا طيبا حسنا طاهرا نقيا ويوضع على رأسه العمامة التي كان يشدها في حال حياته وضعا على الهيئة التي كان يضعها على رأسه أيام حياته ويوضع الرداء على عاتقيه ويضجع مستلقيا على قفاه موجها إلى القبلة وتجلس أولاده عند رأسه ويضعوا المصاحف على حجورهم ويقرءوا القرآن جهرا وحرج عليهم ألا يمكنوا امرأة لا قرابة بينه وبينها ولا نسب ولا سبب من طريق الزوجية تقرب من مضجعه تلك الساعة أو تدخل بيتا يكون فيه وكذلك يحرج عليهم أن يأذنوا لأحد من الرجال في الدخول عليه في تلك الساعة بل يأمرون الأخ والأحباب وغيرهم أن يجلسوا في المدرسة ولا يدخلوا الدار وليساعدوا الأصحاب في قراءة القرآن وإمداده بالدعاء فلعل الله سبحانه وتعالى أن يهون عليه سكرات الموت ويسهل
له اقتحام عقبة الموت على الإسلام والسنة في سلامة وعافية
وأوصى إذا قضى نحبه وأجاب ربه وفارقت روحه جسده أن يشد ذقنه وتغمض عيناه
وتمد أعضاؤه ويسجى بثوب ولا يكشف عن وجهه لينظر إليه إلا أن يأتيه غاسله فيحمله إلى مغتسله جعل الله ذلك الحمل مباركا عليه ونظر بعين الرحمة إليه وغفر له ما قدمه من الأعمال السيئة بين يديه
وأوصى ألا يناح عليه وأن يمنع أولياؤه وأقرباؤه وأحباؤه وجميع الناس من الرجال والنساء أنفسهم عن الشق والحلق والتخريق للثياب والتمزيق وألا يبكوا عليه إلا بكاء حزن قلب ودموع عين لا يقدرون على ردهما ودفعهما وأما دعاء بويل ورن شيطان وخمش وجوه وحلق شعر ونتفه وتخريق ثوب وتمزيقه وفتقه فلا وهو بريء ممن فعل شيئا من ذلك كما برئ النبي صلى الله عليه وسلم منهم
وأوصى أن يعجل تجهيزه وغسله وتكفينه وحمله إلى حفرته ولا يحبس ولا يبطأ به وإن مات ضحوة النهار أو وقت الزوال أو بكرة فإنه لا يؤخر تجهيزه إلى الغد ولا يترك ميتا بين أهله بالليل أصلا بل يعجل أمره فينقل إلى حفرته نقلا بعد أن يغسل وترا ويجعل في آخر غسله من غسلاته كافور ويكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية إن وجدت فإن لم توجد سحولية كفن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ويجمر كفنه وترا لا شفعا قبل أن يلف عليه ويسرع بالسير بجنازته كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحمل للصلاة عليه إلى ميدان الحسين ويصلي عليه ولده أبو نصر إن كان حاضرا فإن عجز عن القيام بالصلاة عليه فأمر الصلاة عليه إلى أخيه أبي يعلى ثم يرد إلى المدرسة فيدفن فيها بين يدي والده الشهيد رضي الله تعالى عنه ويلحد له لحد وينصب عليه اللبن نصبا
ولا يشق له شق ولا يتخذ له تابوت أصلا ولا يوضع في التابوت للحمل إلى المصلى وليوضع على الجنازة ملفوفا في الكفن مسجى بثوب أبيض ليس فيه إبريسم بحال ولا يطين قبره ولا يجصص ويرش عليه الماء ويوضع عليه الحصا ويمكث عند قبره مقدار ما ينحر جزور ويقسم لحمه حتى يعلم ما يراجع به رسل ربه جل وعلا ويسأل الله تعالى على رأس قبره له التثبيت الموعود لجملة المؤمنين في قوله تعالى {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} ويستغفر له ولوالديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ولا ينسى بل يذكر بالدعاء فإن المؤمن إذا قبر كان كالغريق المغتوت ينتظر دعوة صالحة تلحقه ولا يمكن أحد من الجواري والنسوان أن يكشفن رءوسهن وأن يندبنه في ذلك الوقت بل يشتغل الكل بالدعاء والاستغفار لعل الله سبحانه وتعالى يهون عليه الأمر في ذلك الوقت وييسر خروج منكر ونكير من قبره على الرضا منه وينصرفان عنه وقد قالا له نم نومة العروس فلا روعة عليك
ويفتحان في قبره بابا من الجنة فضلا من الله ومنة فيفوز فوزا عظيما ويحوز ثوابا كريما ويلقى روحا وريحانا وربا كريما رحيما
آخر الوصية

  • دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 4- ص: 271

إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل أبو عثمان الصابوني النيسابوري. الواعظ، المفسر، المحدث، الأستاذ شيخ الإسلام إمام المسلمين، أوحد وقته شهدت له أعيان الرجال بالكمال في الحفظ، والتفسير؛ وغيرهما، حدث عن زاهر السرخسي، وأبي طاهر بن خزيمة، وعبد الرحمن بن أبي شريح.
وعنه أبو بكر البيهقي، وعبد العزيز الكتاني، وطائفة. وكان كثير السماع والتصنيف وممن رزق العز، والجاه، في الدين، والدنيا، عديم النظير، وثق السنة، ودافع أهل البدع، يضرب به المثل في كثرة العبادة والعلم والذكاء والزهد والحفظ، أقام أشهرا في تفسير آية. ولد سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، ومات يوم الجمعة رابع محرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
ورثاه الإمام أبو الحسن الداودي بقوله:

ومن نظمه:

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 1- ص: 109

إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل أبو عثمان الصابوني النيسابوري الواعظ المفسر المحدث الأستاذ شيخ الإسلام إمام الإسلام والمسلمين أوحد وقته شهدت له أعيان الرجال بالكمال في الحفظ والتفسير وغيرهما
حدث عن زاهر السرخسي وأبي طاهر بن خزيمة وعبد الرحمن بن أبي شريح وعنه أبو بكر البيهقي وعبد العزيز الكتاني وطائفة
وكان كثير السماع والتصنيف وممن رزق أفخر العز والجاه في الدين والدنيا عديم النظير وسيف السنة ودافع أهل البدعة يضرب به المثل في كثرة العبادة والعلم والذكاء والزهد والحفظ وأقام شهرا في تفسير آية وكان مؤلفا في التفسير
ولد سنة ثلاث وسبعين
وثلاثمائة وكانت وفاته في يوم الجمعة رابع شهر المحرم في سنة سبع وأربعين وأربعمائة

  • مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 117

وشيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن ابن الصابوني الواعظ بنيسابور

  • دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 130

إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل أبو عثمان الصابوني النيسابوري.
الواعظ، المفسر، المحدث، الأستاذ شيخ الإسلام إمام المسلمين، أوحد وقته شهدت له أعيان الرجال بالكمال في الحفظ، والتفسير، وغيرهما، حدث عن زاهر السرخسي، وأبي طاهر بن خزيمة، وعبد الرحمن بن أبي شريح.
وعنه أبو بكر البيهقي، وعبد العزيز الكتاني، وطائفة.
وكان كثير السماع والتصنيف وممن رزق العز، والجاه، في الدين، والدنيا، عديم النظير، وسيف السنة، ودافع أهل البدعة، يضرب به المثل في كثرة العبادة والعلم والذكاء والزهد والحفظ، أقام شهرا في تفسير آية.
ولد سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، ومات يوم الجمعة رابع محرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
ورثاه أبو الحسن الداودي
بقوله:

في أبيات أخرى.

  • مكتبة وهبة - القاهرة-ط 1( 1976) , ج: 1- ص: 36

إسماعيل بن عبد الرحمن أبو عثمان الصابوني
شيخ الإسلام ذو الفنون، ولد سنة ثلاث وسبعين وثلثمائة، وكان أبوه أبو نصر من أئمة الوعظ بنيسابور فقتل ولولده هذا تسع سنين فأجلس مكانه، وحضر إلى مجلسه أئمة الوقت في بلده في بلدة الشيخ أبي الطيب الصعلوكى وابن فورك وأبى إسحاق الإسفرائينى، ثم كانوا يلازمون مجلسه، ويتعجبون من فصاحته وذكائه إلى أن صار إلى ما صار إليه، وعظ المسلمين سبعين سنة، قال أبو المعالى الجويني: كنت بمكة أتردد في المذاهب فرأيت النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: عليك بإعتقادِ ابن الصابونى، مات سنة تسع وأربعين وأربعمائة. وله ولد تولى قضاء أذربيجان، وسمع، وأسمع، وأملى، ومات بأصبهان في حدود سنة خمسمائة. ذكره التفليسي

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1