أشجع السلمي اشجع بن عمرو السلمي، أبو الوليد، من بني سليم، من قيس عيلان: شاعر فحل، كان معاصرا لبشار. ولد باليمامة ونشأ في البصرة، وانتقل إلى الرقة واستقر ببغداد. مدح البرامكة وانقطع إلى جعفر ابن يحيى فقربه من الرشيد، فاعجب الرشيد به، فاثرى وحسنت حاله، وعاش إلى ما بعد وفاة الرشيد ورثاه. واخباره كثيرة.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 331

أشجع بن عمرو السلمي أبو الوليد وأبو عمرو

من ولد الشريد ابن مطرود السلمي

(السلمي) في أنساب السمعاني بضم السين المهملة وفتح اللام نسبة إلى سليم وهم قبيله من العرب مشهورة يقال لها سليم بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان بن مصر تفرقت في البلاد.

أقوال العلماء فيه

كان شاعرا مفلقا مكثرا سائر الشعر معدودا في فحول الشعراء في طبقة أبي نواس وأبي العتاهية وبشار وأمثالهم. مدح الخلفاء وولاة العهود والوزراء والأمراء وغيرهم وأخذ جوائزهم السنية وحظي عندهم فمدح الرشيد وأولاده فأعجب به الرشيد ومدح البرامكة فأعجبوا به ومدح غيرهم. ودخل على الصادقعليه السلام فمدحه وأجازه ورثى الرضاعليه السلام وسيأتي ذكر ذلك كله مفصلا. وفي الأغاني: أشجع بن عمرو السلمي يكنى أبا الوليد من ولد الشريد بن مطرود السلمي قال الشعر وأجاد. وعد في الفحول وكان الشعر يومئذ في ربيعة واليمن ولم يكن لقيس شاعر معدود فلما نجم أشجع وقال الشعر افتخرت به قيس. وقال في ترجمة أبي العتاهية إسماعيل بن القاسم: كان أشجع يأخذ عن بشار ويعظمه وفي كتاب الأوراق لأبي بكر محمد بن يحيى الصولي: أخبار أبي الوليد أشجع بن عمرو السلمي ومختار شعره: وقيل أنه كان يكنى أبا عمرو من ولد الشريد بن مطرود السلمي. ثم قال كان أشجع شاعر قيس عيلان في وقته لم يكن فيهم غيره فصححوا نسبه وتعصبوا له إلا ترى إن الشعراء أيام الرشيد ليس فيهم من قيس عيلان أحد ولا مذ أول هذه الدولة إلا بشار بن برد مولى بني عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس وكان يفخر بقيس فلما مات لم يجدوا غير أشجع وأكثر الشعراء أيام هارون الرشيد من اليمن وربيعة (انتهى) فبشار لم يكن من قيس عيلان وإنما كان من مواليهم. وفي تاريخ بغداد: أشجع بن عمرو أبو الوليد وقيل أبو عمرو السلمي الشاعر إلى إن قال كان أشجع حلوا ظريفا سائر الشعر وله كلام جزل ومدح رصين. وفي تاريخ دمشق لابن عساكر: أشجع بن عمرو أبو الوليد السلمي هو شاعر من ولد الشريد بن المطرود مشهور.

نشأته

روى أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني بسنده إن أبا أشجع تزوج امرأة من أهل اليمامة فشخص معها إلى بلدها فولدت له هناك أشجع ونشا باليمامة ثم مات أبوه فقدمت به أمه البصرة تطلب ميراث أبيه وكان له هناك مال فمات بها فربي أشجع ونشا بالبصرة فكان من لا يعرفه يدفع نسبه ثم لما كبر وقال الشعر وأجاد وعد في الفحول افتخرت به قيس وأثبتت نسبه. ثم خرج إلى الرقة والرشيد بها فنزل على بني سليم فتقبلوه وأكرموه ومدح البرامكة وانقطع إلى جعفر خاصة واصفاه مدحه فأعجب به وأوصله إلى الرشيد فأعجب به أيضا فأثرى وحسنت حاله في أيامه وتقدم عنده (انتهى) وروى أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق بأسانيده أنه كان يماميا ثم تأدب بالبصرة و ربي بها ثم ادعي إلى سليم بن منصور بن عكرمة بن حصفة بن قيس عيلان ثم شخص إلى الرقة. ولما كان شاعر قيس عيلان في وقته لم يكن فيهم غيره صححوا نسبه وتعصبوا له وأنه تزوج أبوه بامرأة من أهل اليمامة فشخص معها فولد له أشجع ثم قدم إلى البصرة فتربى بها وتأدب ثم خرج إلى الرقة فنزل على بني سليم فقبلوه وأكرموه (انتهى) وفي تاريخ بغداد للخطيب أنه من أهل الرقة قدم البصرة فتأدب بها ثم ورد بغداد فنزلها واتصل بالبرامكة وغلب من بينهم على جعفر بن يحيى فحباه واصطفاه وآثره وأدناه فمدح جعفر بقصائد كثيرة ووصله بهارون الرشيد فمدحه وهو بالرقة بقصيدة تمكنت بها حاله عند الرشيد وأولها:

ويقال أنه لما أنشده هذه القصيدة أعطاه هارون مائة ألف درهم (انتهى) وفي تاريخ دمشق: ولد باليمامة ونشا بالبصرة وتأدب بها وقال الشعر ثم قصد الرشيد بالرقة وامتدحه ومدح البرامكة واختص بجعفر بن يحيى وخرج معه إلى دمشق حين انتدبه الرشيد للإصلاح بين أهلها. ثم نقل قول الخطيب السابق. ولا يخفى إن الظاهر من الأغاني إن أصل أبيه من البصرة ولكنه حيث تزوج امرأة من أهل اليمامة فولدت أشجع هناك ومات أبوه باليمامة فجاءت به إلى البصرة تطلب ميراث أبيه لأنه كان بصريا وله مال بالبصرة وهو ينافي قول الخطيب أنه من أهل الرقة قدم البصرة فتأدب بها مع أنه لم يذكر أحد إن أشجع من أهل الرقة وإنما ذكروا أنه قدم الرقة على الرشيد وكان قدومه من البصرة كما عرفت فهو بصري الأصل يمامي المولد والمنشأ بصري المنشأ والتربية ثانيا نزل بغداد وقدم الرقة فالصواب أبدال الرقة باليمامة في عبارة الخطيب ولعل ذلك من سهو القلم أو من النساخ.

تشيعه

عده ابن شهراشوب في شعراء أهل البيت المتكلفين وذلك أنه عدهم أربع طبقات: المجاهرون والمقتصدون والمتقون والمتكلفون وعد من المتكلفين أشجع السلمي ويكفى في تشيعه مدحه الإمام الصادق جعفر بن محمد ورثاؤه حفيده الإمام الرضاعليه السلام في ذلك الزمان الذي كان لا يعاقب فيه مادحهم بأقل من القتل وقطع اللسان ونبش قبره بعد الموت وإحراقه. روى الشيخ في الأمالي بسنده أنه دخل الأشجع السلمي على الصادقعليه السلام يمدحه فوجده عليلا فجلس وأمسك فقال له الصادق عد عن العلة واذكر ما جئت له فقا:

فقال يا غلام أيش معك قال أربعمائة درهم قال أعطها الأشجع فأخذها وشكر وولى فقال ردوه فقال يا سيدي سالت فأعطيت وأغنيت فلم رددتني قال حدثني أبي عن آبائه عن النبي أنه قال خير العطاء ما أبقى نعمة باقية وأن الذي أعطيتك لا يبقى لك نعمة باقية وهذا خاتمي فإن أعطيت به عشرة آلاف وإلا فعد إلي وقت كذا أوفك إياها فقال يا سيدي قد أغنيتني.

وفي مجموعة ورام المسماة تنبيه الخواطر إن أشجع دخل على الإمام الصادقعليه السلام فقال: يا سيدي أنا كثير الأسفار وأحصل في المواضع المفزعة فعلمني ما آمن به على نفسي، فعلمه الصادقعليه السلام آية. وله يرثي الرضا ع، قال أبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبيين قال أشجع بن عمرو السلمي يرثي الرضاعليه السلام هكذا أنشدنيها علي بن الحسين بن علي بن حمزة عن عمه محمد بن علي بن حمزة العلوي وذكر أنها لما شاعت غير أشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد:

وأورد أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق أبياتا من هذه القصيدة وقال أنها في رثاء الرشيد ولم يذكر له شيئا في رثاء الرضاعليه السلام وهذا يؤيد ما مر من أنها لما شاعت غير أشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد والظاهر أنه بسبب ذلك وقع اشتباه في بعض أبياتها فادخل شيء من رثاء الرشيد في رثاء الرضاعليه السلام مثل قوله: ودونه عسكر جم الكراديس وقوله: أوفى عليه الردى في خيس أشبله فان هذا يناسب إن يكون في رثاء الرشيد. قال أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق وقال أشجع يرثي الرشيد:

ومن غريب ما وقع لنا في هذا المقام أننا وجدنا في كتاب لبعض المعاصرين ممن لا يوثق بنقله أنه حكى عن الكتاب الكبير لأبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني ولا شك إن مراده به الأغاني أبياتا لأشجع السلمي قال أنها صريحة في موالاته من جملتها:

إلى نهاية أربعة أبيات وكنت قبل ذلك استقرأت شعر أشجع في الأغاني فلم أعثر عليها فقلت لعله زاع عنها بصري فاستقرأته ثانيا فلم أجدها فعلمت أنه اشتبه عليه الحال برجل آخر فتتبعت فهرست القوافي للأغاني فوجدتها بعد جهد شديد لمحمد بن وهيب الحميري. وقال أشجع يرثي الرشيد ويمدح الأمين كما في كتاب الأوراق:

اتصاله بجعفر بن المنصور

في الأغاني والأوراق بالإسناد أول أمر أشجع اتصاله بجعفر بن أبي جعفر المنصور في آخر أيام المنصور وهو حدث ومن أول شعره في جعفر بن المنصور:

اتصاله بالرشيد وأخباره معه

يظهر أنه بعد ما تأدب بالبصرة وقال الشعر وبرع فيه طلب سوقا تنفق فيه بضاعته فقصد حضرة الرشيد لأنها كانت محط رحال الشعراء والخليفة يمنحهم الجوائز الجليلة والبرامكة هناك ممدحون مشهورون بالجود والعطاء وكانت بيوت أموال المسلمين في تلك الأعصار ينفق قسم عظيم منها على المغنين والقيان ومن ساعده الحظ من الشعراء فنزل أشجع بغداد واتصل بالبرامكة ومدحهم فاعجبوا به وأجازوه وأوصلوه إلى الرشيد فمدحه وأعجب به وأجازه وأتى الرقة ومدح الرشيد بها فأجازه وفضله على غيره من الشعراء وكانت الرقة مصيف الرشيد وكان يقيم بها كثيرا وله فيها قصر مشيد يسمى القصر الأبيض لكن لا يعلم إن اتصاله بالبرامكة كان في بغداد أو في الرقة ففي الأغاني وكتاب الأوراق كما ستعرف التصريح بان أشجع قدم من البصرة إلى الرقة فيكون أول اتصاله بالرشيد في الرقة لا في بغداد ولا يظهر من ذلك الخبر أنه اتصل بالبرامكة قبل اتصاله بالرشيد ولا أنهم هم الذين أوصلوه إلى الرشيد بل ظاهر قوله الآتي ونالتني خلة أنه لم يكن اتصل بهم بعد وإلا لسدوا خلته على إن المروي كما سبق أنه نزل بالرقة على بني سليم فتقبلوه وأكرموه وأزالوا خلته ولا يبعد إن يكون اتصل بالبرامكة في الرقة ومدحهم قبل اتصاله بالرشيد وإن لم يذكر في الخبر، وأن الخلة التي نالته كانت قبل نزوله على بني سليم وقبل اتصاله بالبرامكة وان البرامكة هم الذين جعلوه في جملة الشعراء الثمانية الذين تقدموا لمدح الرشيد كما يأتي وإن نزوله بغداد كان بعد ذهابه للرقة فإنه جاء من البصرة إلى الرقة ثم جاء من الرقة إلى بغداد ونزلها ولكن يظهر من بعض ما يأتي إن اتصاله بالبرامكة كان في بغداد وأن اتصاله بالرشيد كان في الرقة بسبب الفضل بن الربيع لا بسبب البرامكة ويدل عليه قول أشجع في الدالية الآتية التي يمدح بها الفضل بن الربيع:

وبالجملة فالأخبار في ذلك غير متفقة والله أعلم. ونحن ننقل أخباره مع الرشيد من الأغاني وكتاب الأوراق لأبي بكر الصولي محمد بن يحيى وهو معاصر لصاحب الأغاني ويروي صاحب الأغاني عنه وقد ننقل من غيرهما. في الأغاني وكتاب الأوراق: حدث أشجع قال شخصت من البصرة إلى الرقة فوجدت الرشيد غازيا ونالتني خلة فخرجت حتى لقيته منصرفا من الغزو فصاح صائح ببابه من كان هاهنا من الشعراء فليحضر يوم الخميس فحضرنا سبعة وأنا ثامنهم وأمرنا بالبكور في يوم الجمعة فبكرنا وأدخلنا وقدم واحد واحد منا ينشد على الأسنان وكنت أحدث القوم سنا وأرثهم حالا فما بلغ إلي حتى كادت الصلاة إن تجب فقدمت والرشيد على كرسي وأصحاب الأعمدة بين يديه سماطان فقال لي أنشدني فخفت إن أبتدئ من قصيدتي التي أولها:

فابتدأت قولي في المديح:

فضحك الرشيد وقال لي خفت إن يفوت وقت الصلاة فينقطع المديح عليك فبدأت به وتركت التشبيب وأمرني بان أنشده التشبيب فأنشدته إياه فأمر لكل واحد من الشعراء بعشرة آلاف درهم وأمر لي بضعفها عشرين ألف درهم وقال ابن عساكر قيل أنه لما أنشده هذه القصيدة أعطاه مائة ألف درهم.

وفي الأغاني والأوراق وتاريخ ابن عساكر واللفظ مأخوذ من المجموع بالإسناد عن أحمد بن سيار الجرجاني وكان راوية شاعرا: قال دخلت أنا وأشجع والتيمي أبو محمد وابن رزين الخراساني على الرشيد بالرقة وقد فرع من قصره الأبيض وكان قد ضرب أعناق قوم في تلك الساعة فجعلنا نتخلل الدماء حتى وصلنا إليه فأنشده أبو محمد التيمي قصيدة له يذكر فيها تغفور وقعته ببلاد الروم فنثر مثل الدر من جودة شعره وأنشده أشجع قوله:

وكان الرشيد متكئا فاستوى جالسا وقال أحسن الله هكذا تمدح الملوك ودنوت أنا فأنشدته بعد أشجع:

ومضيت في القصيدة حتى أتممتها فأعجب بها وقال قل للمغنين يعملوا ألحانا في تشبيب هذه القصيدة فوجه إلي الفضل بن الربيع أنفذ إلي قصيدتك فاني أريد إن أنشدها الجواري. وفي رواية الأغاني إن الذي أوصل أشجع إلى الرشيد هو الفضل بن الربيع وقال له هو أشعر شعراء هذا الزمان وقد اقتطعته عنك البرامكة فأمر بإحضاره وإيصاله مع الشعراء فأنشده قصر عليه تحية وسلام القصيدة فاستحسنها الرشيد وأمر له بعشرين ألف درهم. وركب الرشيد يوما في قبة ومعه سعيد بن سالم الباهلي فاستدعى رجلا حسن الصوت ينشد الشعر فيطرب بحسن صوته أشد من أطراب الغناء فقال أنشدني قصيدة الجرجاني فأنشده فقال: الشعر في ربيعة سائر اليوم فقال له سعيد بن سالم يا أمير المؤمنين استنشده قصيدة أشجع فابي فلم يزل به حتى أجاب إلى استماعها فلما بلغ إلى قوله وعلى عدوك والذي بعده قال له سعيد والله يا أمير المؤمنين لو خرس بعد هذين البيتين لكان أشعر الناس. وقال سعيد بن سليم الباهلي كنت عند الرشيد فدخل عليه أشجع ومنصور النمري فأنشده أشجع: قصر عليه تحية وسلام فجلست أرفع منه وتعصبت للقيسية فلما بلغ قوله: وعلى عدوك يا بن عم محمد البيتين. استحسن ذلك الرشيد وأومأت إلى أشجع إن يقطع الشعر وعلمت أنه لا يأتي بمثلهما فلم يفعل ومر في شعره ففتر الرشيد بعد البيتين وكان عالما بالشعر ثم ضرب بمخصرة كانت بيده الأرض فأنشده النمري قوله:

فمر والله في قصيدة قلما تقول العرب مثلها فجعل الرشيد يضرب بمخصرته الأرض ويقول الشعر في ربيعة سائر اليوم فلما خرجنا قلت لأشجع غمزتك إن تقطع فلم تفعل ويلك ولم تأت بشيء فهلا مت بعد البيتين أو خرست فكنت تكون أشعر الناس. وفي الأوراق قال الرشيد لأشجع من أين أخذت قولك وعلى عدوك البيتين فقلت لا أكذب والله من قول النابغة:

فقال صه هو عندي من كلام الأخطل لعبد الملك بن مروان وقد قال له أنا مجيرك من الجحاف فقال من يجيرني منه إذا نمت. ودخل أشجع على الرشيد وقد مات ابن ابن له والناس يعزونه فأنشده:

فقال الرشيد ما عزاني اليوم أحد أحسن من تعزية أشجع وأمر له بصلة. وكتب أشجع إلى الرشيد وقد أبطا عنه شيء أمر له به:

فضحك الرشيد وقال لن يخرس لسان شعرك وأمر بتعجيل صلته وفي الأغاني والأوراق: لما انصرف الرشيد من غزوته التي فتح بها هرقلة قدم الرقة في آخر شهر رمضان فلما عيد جلس للشعراء فدخلوا عليه وفيهم أشجع فبدرهم وأنشأ يقول:

فأمر له بألف دينار وقال لا ينشدني أحد بعده، فقال أشجع والله لأمره بان لا ينشده أحد بعدي أحب إلي من صلته. ودخل أشجع على الرشيد ثاني يوم الفطر فأنشده:

فوصله بعشرة آلاف درهم. ودخل أشجع على الرشيد حين قدم من الحج وقد مطر الناس يوم قدومه فأنشده:

وفي الأوراق: بسنده لما عقد الرشيد البيعة لابنيه وكتب بينهما كتابا علقه في سقف الكعبة ما كان شيء أعجب إليه يسمعه من استصابة رأيه في ذلك وتوكيده من شعر أنشده أشجع:

وأمر الرشيد بحفر نهر لبعض أهل السواد كان قد خرب وبطل ما عليه فقال أشجع:

وقال يرثي الرشيد:

مدحه الأمين صغيرا

في الأغاني عن أشجع: دخلت على محمد الأمين حين أجلس مجلس الأدب للتعليم هو ابن أربع سنين وكان يجلس فيه ساعة ثم يقوم فأنشدته وذكر منها بيتين وفي الأوراق قال يمدح محمد الأمين بقصيدة أولها:

فأمرت له زبيدة بمائة ألف درهم قال أبو الفرج ولم يملك الخلافة أحد أبوه وأمه من بني هاشم إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ص) ومحمد بن زبيدة (انتهى).

مدحه المأمون

في الأغاني: قال الرشيد للعباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس: يا عم إن الشعراء قد أكثروا في مدح محمد بسببي وبسبب أم جعفر ولم يقل أحد منهم في المأمون شيئا وأنا أحب إن أقع على شاعر فطن ذكي يقول فيه فأمر العباس أشجع إن يقول فيه وكان أشجع منقطعا إلى العباس فقال:

فأتى بها العباس الرشيد وادعى أنها له فاستحسنها الرشيد وقال قد سررتني مرتين بإصابتك ما في نفسي وبأنها لك وأمر له بثلاثين ألف دينار فأعطى أشجع منها خمسة آلاف درهم وأخذ الباقي.

اتصاله بالبرامكة وأخباره معهم

ونأخذ ذلك من الأغاني وكتاب الأوراق دون غيرهما. في الأغاني:

حدث أشجع السلمي أنه كان في مجلس بعض أخوانه يتحدث وينشد فدخل انس بن أبي شيخ النصري فقام القوم له غيره لأنه لم يعرفه فسال عنه فقيل له أشجع الشاعر فاستنشده فقال إنك لشاعر فما يمنعك من جعفر بن يحيى قال ومن لي به قال أنا فقل أبياتا ولا تطل قال وتقدمني إلى الباب وجاء فدخل فخرج الحاجب فقال أشجع فقمت فقال ادخل فدخلت واستنشدني فأنشدته:

فأمر له بعشرة آلاف درهم قال ثم لقيت المبارك مؤدب الفضل بن يحيى فقال لي أنشد ما قلته في جعفر فأنشدته فقال ما يمنعك من الفضل فقلت ومن لي به فقال أنا فأدخلني عليه فأنشدته:

فقال لي كم أعطاك جعفر فقلت عشرة آلاف درهم فقال أعطوه عشرين ألفا.

وفي الأغاني والأوراق: جلس جعفر بن يحيى في الصالحية على مستشرف له فجاء أعرابي من بني هلال بن عامر فشكى خلة واستماح بأحسن لفظ وأصح لسان فقال له جعفر أتقول الشعر يا هلالي؟ فقال قد كنت أقوله وأنا حدث أتملح به ثم تركته لما صرت شيخا قال فأنشدنا لشاعركم حميد بن ثور فأنشد:

حتى أتى على آخرها فاندفع أشجع فأنشده مديحا فيه قاله لوقته على وزنها وقافيتها:

فاستحسن جعفر ذلك منه، وقال صف موضعنا هذا، فقال:

فقال جعفر للأعرابي كيف ترى صاحبنا يا هلالي فقال أرى خاطره طوع لسانه وبيان الناس تحت بيانه وقد جعلت له ما تصلني به فقال بل نقرك يا اعرابي ونرضيه وأمر للأعرابي بمائة دينار ولأشجع بمائتين. واشترى جعفر بن يحيى المرغاب من آل الرشيد بعشرين ألف ألف درهم ورده على أصحابه فقال أشجع يمدحه:

ولما خرج جعفر بن يحيى ليصلح أمر الشام نزل في مضربه وأمر بإطعام الناس فقام أشجع فأنشده:

فأمر له بمائة دينار وقال دائم القليل خير من منقطع الكثير فقال له ونزر الوزير أكثر من جزيل غيره فأمر له بمثلها وكان يجري عليه كل جمعة مائة دينار مدة مقامه ببابه. وكان الناس بباب جعفر بن يحيى وهو عليل فقيل لهم أنه لا أذن عليه فكتب إليه أشجع:

فأدخل أشجع وحده وانصرف سائر الناس.

ولما ولى الرشيد جعفر بن يحيى خراسان جلس للناس فدخلوا عليه يهنئونه ثم دخل الشعراء فأنشدوه فقام أشجع آخرهم فقال أتأذن لي في إنشاد شعر قضيت به حق سؤددك وكمالك وخففت به ثقل أياديك عندي فقال هات يا أبا الوليد فإنك أكثر شعرائنا برا بنا فأنشده هذه القصيدة وذكر في الأغاني والأوراق أبياتا منها وذكرها ابن عساكر في تاريخ دمشق بتمامها ونحن ذكرنا أكثر ما ذكره ابن عساكر وتركنا بعضه لغلط النسخة:

فأقبل عليه جعفر ضاحكا واستحسن شعره وجعل يخاطبه مخاطبة الأخ أخاه بنثر أحسن من نظمه ثم أمر له بألف دينار وكان جعفر يقول ما مدحت بشعر أحب إلي من عينية أشجع يعني هذه ثم بدا للرشيد فعزله عن خراسان فوجم لذلك جعفر فدخل عليه أشجع فأنشده:

فضحك جعفر وقال لقد هونت علي العزل وقمت لأمير المؤمنين بالعذر فسلني ما شئت فقال قد كفاني جودك ذل السؤال فأمر له بألف دينار آخر. وأعطي جعفر بن يحيى مروان بن أبي حفصة وقد مدحه ثلاثين ألف درهم وأعطى أشجع وقد مدحه معهما ثلاثة آلاف وكان ذلك في أول اتصاله فكتب إليه أشجع:

فأمر له بعشرين ألف درهم أخرى. ووعد يحيى بن خالد أشجع السلمي وعدا فاخره عنه فقال له:

فلم يتعجل ما أراد فكتب إليه:

فبلغ قوله جعفرا فقال ويلك هذا تهديد فلا تعد لمثله وكلم أباه فقضى حاجته فقال:

وفي الأوراق والأغاني: اعتل يحيى بن خالد ثم صلح فدخل إليه الناس يهنئونه بالعافية ودخل أشجع فأنشده:

وما أذن لأحد في النشيد ذلك اليوم سواه.

وفي الأوراق: جعل جعفر بن يحيى لأشجع ناحية فكان بها فرفع عليه قوم فقبل قولهم فيه فكتب إليه:

أخباره مع محمد بن منصور أحد قواد الرشيد

أقبل أشجع إلى باب محمد بن منصور بن زياد وكان أمر عسكر الرشيد يدور عليه فرأى ازدحام الناس عليه فقال:

وفي رواية أنه لما بلغه بيتاه وهما على باب ابن منصور البيت والذي بعده قال هما والله أحب مدائحه إلي.

وشرب محمد بن منصور دواء فكتب إليه أشجع:

فقال محمد بن منصور ما جاءتنا اليوم هدية أحسن من هدية أشجع وأجازه.

أشجع وأخواه

وكان لأشجع أخوان أحمد والحارث وكان أحمد شاعرا ولم يكن الحارث كذلك. وفي الأغاني قيل لأحمد ما لك لا تمدح الملوك كما يمدحهم أخوك فقال إن أخي بلاء علي وإن كان فخرا لأني لا أمدح أحدا ممن يرضيه دون شعري إلا قال أين هذا من قول أشجع. وكان أحمد بن عمر مدح أحمد بن جميل بشعر ودفعه إلى أخيه أشجع وسأله إيصاله إليه فتوانى عن ذلك فقال أحمد يهجوه:

وفي بعض أخبار الأغاني إن أخويه اسمهما أحمد ويزيد قال: مر أشجع وأخواه أحمد ويزيد بقبر الوليد بن عقبة وإلى جانبه قبر أبي زبيد الطائي وكان نصرانيا والقبران كل متوجه إلى قبلة ملته وكان أبو زبيد أوصى لما احتضر إن يدفن إلى جنب الوليد بالبليخ فأنشأ أشجع يقول:

أشعاره

في كتاب الأوراق: أنشدنا المبرد يوما أبياتا ولم يسم شاعرها وقال لا أعرف في وصف أصحاب المعارف أحسن منها فكتبوها ولم أكتبها فقال لي لم لا تكتبها فقلت أنا أحفظ القصيدة فقال لمن هي قلت لأشجع السلمي قال فيمن قلت في إبراهيم وعثمان ابني نهيك وفي مسودة الكتاب في إبراهيم بن عثمان بن نهيك صاحب شرطة الرشيد وكان إبراهيم هذا جبارا عنيدا قال فأنشدنيها فأنشدته إياها فضحك وقال حسبك أنت مفروع منك أقول وهذا يدلنا على شدة عنايتهم بالأدب فإذا مر بهم ما يستحسن من شعره وغيره كتبوه جميعا وعلى فضل صاحب الأوراق أبي بكر الصولي وحفظه وأول القصيدة:

وقد أورد صاحب الأوراق شيئا كثيرا من مختار شعر أشجع ورتب قسما منه على الحروف وقسما لم يرتبه. قال يمدح جعفر بن يحيى:

وقال يمدح جعفر بن يحيى أيضا:

وقال:

وقال في آل برمك كما في مروج الذهب:

وقال فيهم أيضا:

وقال يرثي أخاه كما في الأوراق:

وقال في الرثاء كما في الأوراق:

وقال يرثي أحمد بن يزيد بن أسيد السلمي:

وقال يمدح الفضل بن الربيع:

وله في محمد بن منصور بن زياد:

وله يمدح طاهر بن الحسين:

وقال يمدح القاسم بن الرشيد كما في الأوراق:

وقال يمدح جعفر بن يحيى بن خالد كما في الأوراق:

وقال في رئيسين من قومه تعاديا كما في الأوراق من أبيات:

وقال يمدح جعفر بن يحيى كما في الأوراق من قصيدة:

وقال يمدحه أيضا كما في الأوراق من قصيدة:

وقال يمدح جعفر بن يحيى كما في الأوراق من قصيدة:

وقال أيضا كما في الأوراق من قصيدة:

وقال في جعفر بن يحيى كما في الأوراق:

وقال يمدحه أيضا كما في الأوراق:

وقال يمدحه أيضا من قصيدة كما في الأوراق:

وقال يمدح محمد بن جميل كما في الأوراق:

وقال يمدحه من أبيات أيضا كما في الأوراق:

وقال يمدح جعفر بن يحيى ويصف كاتبه انس بن أبي شيخ من قصيد كما في الأوراق:

وقال يمدحه أيضا من قصيدة كما في الأوراق:

وقال يمدح محمد بن منصور كما في الأوراق:

وقال يمدح جعفر بن يحيى كما في الأوراق:

وقال يتشوق بغداد كما في الأوراق:

وقال يفتخر بقيس ويصف الدنيا كما في الأوراق:

وقال يرثي محمد بن المنصور بن زياد كما في الأوراق:

وقال لأحمد بن يزيد بن أسيد السلمي في علته كما عن الأوراق:

وقال كما في مجموعة الأمثال:

وله كما في المجموعة:

وله كما في المجموعة:

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 447

أشجع السلمي الشاعر أشجع بن عمرو السلمي من ولد الشريد بن مطرود، ربي ونشأ بالبصرة ثم خرج إلى الرقة والرشيد بها، فمدح البرامكة وانقطع إلى جعفر خاصة وأصفاه مدحه، ووصله الرشيد وأعجبه وأثرت حاله في أيامه وتقدم عنده، وهو القائل يصف الخمر:

قال عبد الله بن العباس الربيعي: إن أول من أدخل أشجع على الرشيد أنه خدم الفضل بن الربيع وأنه وصفه للرشيد وقال: هو أشعر أهل هذا الزمان وقد اقتطعه عنك البرامكة. فأمر بإحضاره وإيصاله مع الشعراء، فلما وصل إليه أنشده وذكر القصر الذي بناه:
فاستحسنها الرشيد وأمر له بعشرين ألف درهم. وكان جعفر بن يحيى البرمكي يجري عليه في كل جمعة مائة دينار. وتوفي أشجع تقريبا في حدود المائتين. وشعره وأخباره في كتاب الأغاني كثيرة.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 9- ص: 0