أمير كاتب أمير كاتب بن أمير عمر بن أمير غازي الفارابي الإتقاني العميدي، أبو حنفية، قوام الدين: فقيه حنفي. ولد في إتقان (بفاراب) وورد مصر وبغداد، وسكن دمشق ودرس بها، ثم عاد إلى القاهرة فاستوطنها إلى أن مات. وكان كثير الإعجاب بنفسه، شديد التعصب لمذهبه من كتبه شرح على الهداية في فقه الحنفية سماه (غاية البيان - خ) ست مجلدات منه.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 14

أمير كاتب بن أمير عمر الأتقاني أمير كاتب بن أمير عمر، العميد ابن العميد أمير غازي، أبو حنيفة
الفارابي، الأتقاني.
ولي تدريس مشهد الإمام بظاهر بغداد.
وقدم دمشق مرتين:
اجتمع في الأولى بالأمير يلبغا نائب السلطنة، واختص به، وتكلم عنده في مسألة رفع اليدين، وأراد إبطاله، فدفعه الشيخ تقي الدين السبكي.
ثم قدم ثانيا في العاشر من رجب سنة سبع وأربعين وسبعمائة.
ثم حضر إلى مصر في صفر سنة إحدى وخمسين، فعظمه الأمير صيرغتمش الناصري، ودرس بالجامع المارداني. فلما عمر الأمير صيرغتمش مدرسته المجاورة لجامع ابن طولون، أجلسه بها مدرسا.
قال ابن حبيب: كان رأسا في مذهب الحنفية، بارعا في الفقه واللغة العربية، كثير الإعجاب بنفسه، شديد التعصب على من خالف المسطور في طرسه.
قلت: يدل على ذلك قوله في آخر شرح الاخسيكثي: فلو كان الأسلاف بالحياة لقال أبو حنيفة: اجتهدت.
ولقال أبو يوسف: نار البيان أوقدت.
ولقال محمد: أحسنت.
ولقال زفر: أتقنت.
ولقال الحسن: أمعنت
ولقال أبو حف أنعمت فيما نظرت.
ولقال أبو منصور: حققت.
ولقال الطحاوي: صدقت.
ولقال الكرخي: بورك فيما نطقت.
ولقال الجصا أحكمت.
ولقال القاضي أبو زيد: أصبت.
ولقال شمس الأئمة: وجدت ما طلبت
ولقال فخر الإسلام: مهرت.
ولقال نجم الدين النسفي: بهرت.
ولقال صاحب الهداية: يا غواص البحر عبرت.
ولقال صاحب المحيط: فقت فيما أسررت وأعلنت.
إلى غير ذلك من كبرائنا الذين لا يحصى عددهم رحمة الله عليهم.
ولقال المتنبي: أنت من فصحاء الأغاريب.

وقال في بعض مباحثه:
وهذا مما لا تجده في كتب المتقدمين ولا المتأخرين.
صنف شرح الهداية وسماه ’’غاية البيان ونادرة الأقران في آخر الزمان’’ وشرح الأخسيكثي وسماه ’’التبيين’’. وله رسالة في مسألة رفع اليدين، وأخرى في عدم صحة الجمعة في موضعين من البلد.
ولد بأتقان ليلة السبت، التاسع عشر من شهر شوال سنة خمس وثمانين وستمائة كما وجد في خطه.
وتوفي يوم السبت، حادي عشر شوال سنة ثمان وخمسين وسبعمائة.

  • دار القلم - دمشق-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 138

أمير كاتب ابن أمير عمر العميد بن العميد أمير غازي، الشيخ الإمام العلامة قوام الدين أبو حنيفة الفارابي الأتقاني - بهمزة مفتوحة وتاء ثالثة الحروف ساكنة وقاف بعدها ألف ونون - الحنفي.
كان قيما بمذهب أبي حنيفة شديد التعصب على الشافعية، متظاهرا بالغض منهم وبالطعن عليهم، يود لو حكم فيهم أو حكم في تلافهم دون تلافيهم، لا تأخذه فيهم لومة لائم، ويتمنى لو ناحت على مدارسهم الحمائم، واجتهد في ذلك بالشام وما أفاد ودخل مصر وهو مصر على ما عنده من العناد، وعمل على قذفهم وقلعهم بالقلع والمقذاف وطاف عليهم بكؤوس خمر خمرها بالسم وداف، فكفاهم الله محذوره، وجهل الله واقعتهم معه على مر الأيام مأثوره، وبدل بغيظه فيهم سروره، وعكس ما دبره فيهم، ’’والله متم نوره’’.
وكان شديد الإعجاب بنفسه، يجيء بالتعظيم من حسه وبسه، يظن أن إمامه رضي الله عنه لو رآه لجعله أمامه، وأن أبا يوسف كان يتأسف إذا سمع كلامه، وأن زفر له زفرات على لقيه وأن محمد بن الحسن ما يحسن الوصول إلى رقيه، إلا أنه شرح الأخسيكثي وعمره دون الثلاثين شرحا جيدا يثني عليه فقهاء مذهبه ويعظمونه، وكان عارفا بالعربية واللغة، قال في آخر شرح الأخسيكثي إنه فرغ منه بتستر سنة ست عشرة وسبع مئة، وقال قبل هذا: فلو كان الأسلاف في حياة لقال أبو حنيفة: اجتهدت، ولقال أبو يوسف: نار البيان أوقدت، ولقال محمد: أحسنت، ولقال زفر: أتقنت، ولقال الحسن: أمعنت، ولقال أبو حفص: أنعمت فيما نظرت، ولقال أبو منصور: حققت، ولقال الطحاوي: صدقت، ولقال الكرخي: بورك فيما نطقت، ولقال الجصاص: أحكمت. ولقال القاضي أبو زيد: أصبت. ولقال شمس الأئمة: وجدت ما طلبت، ولقال فخر الإسلام: مهرت، ولقال نجم الدين النسفي: بهرت. ولقال صاحب الهداية: يا غواص، البحر عبرت، ولقال صاحب المحيط: فقت فيما أعلنت وأسررت: إلى غير ذلك من كبرائنا الذين لا يحصى عددهم. ولقال المتنبي: أنت من فصحاء عبارتهم:

ثم ما قاله.
ولم يزل القوام إلى أن مال عليه الحين بكلكله، وأصبح الأتقاني وقد تهدم من الحفر منزله.
وتوفي بالقاهرة رحمه الله تعالى يوم السبت حادي عشري شوال سنة ثمان وخمسين وسبع مئة.
وكان لما قدم دمشق اجتمع بنائبها الأمير سيف الدين يلبغا - رحمه الله تعالى - وداخله واختص به وذكر له مسألة رفع اليدين في الصلاة، وادعى بظلام الصلاة، فقام في دفاعه قاضي القضاة تقي الدين السبكي - رحمه الله تعالى - وهى ما قاله وأفسده، واستدل على بطلان دعواه، فرجع الأمير سيف الدين يلبغا بعد ما كان قد شربت أعضاؤه ذلك، ثم إنه طلب إلى مصر وراح، فراج عند الأمير سيف الدين صرغتمش وعظمه، وبنى له مدرسته بالقاهرة، وولاه تدريسها، وكان قد قام في أيام الملك الصالح على الشافعية، وسعى في إبطال المذهب من رأس، وكاد ذلك يتم، إلا أن الله تعالى أعان بلطفه، ومن بإخماد ناره.
وأخبرني من أثق أنه كان يأكل في كل يوم أوقية فوم، وكان يأكل من الزنجبيل شيئا كثيرا إلى الغاية.
ونقلت من خطه ما صورته: تاريخ قدومنا دمشق في الكرة الثانية في العاشر من شهر رجب سبع وأربعين وسبع مئة، ثم لبثنا ثمة إلى أن خرجنا منها في ثامن صفر يوم السبت من سنة إحدى وخمسين وسبع مئة، وقدمنا مصر يوم الاثنين ثاني شهر ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وسبع مئة، قال العبد الفقير إلى الله تعالى أمير كاتب بن أمير عمر المدعو بقوام الفارابي الأتقاني: كان تاريخ ولادتي بأتقان ليلة السبت التاسع عشر من شوال سنة خمس وثمانين وست مئة، وفاراب مدينة عظيمة من مدائن الترك تسمى بلسان العوام: أوتراد، وأتقان اسم لقصبة من قصباتها، هذا ما أنشأ في أيام دولة السلطان مالك رقاب الأمم مولى ملوك العرب والعجم قاهر الكفرة والمشركين، ناصر الإسلام والمسلمين، سلطان ابن السلطان ابن السلطان الملك الناصر بن الناصر ابن الملك المنصور حسن بن محمد بن قلاوون، خلد الله ملكه ونور مرقد آبائه السلاطين في مدح المقر العالي المجاهد المؤيد المظفر ذي اليمن والبركات، والخير والمبرات، فريد الدهر وحيد العصر سيف الدين سيرغتمش أدامه الله في عافية وافية حين تم بناء مدرسته المخصوصة بالحنفية بالقاهرة المعزية في جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وسبع مئة، وكان ابتداء العمارة في خامس رمضان سنة ست وخمسين وسبع مئة، الضعيف أبو حنيفة قوام الدين أمير كاتب بن أمير عمر العميد بن العميد أمير غازي الفارابي الأتقاني يوم أجلس فيها مدرسا بحضور القضاة الأربعة وجميع أمراء الدولة مثل المقر العالي شيخو، وحاجب الحجاب طشتمر القاسمي. وتوقاي الدوادار وغيرهم في الساعة الثالثة من يوم الثلاثاء التاسع من جمادى الأولى من السنة المذكورة، والقمر في السنبلة، والزهرة في الأوج، وكان تثليث المشتري والقمر:
وأعطاني المقر العالي سيرغتمش أيده الله جائزة هذه القصيدة يوم أنشدتها عشرة آلاف درهم، وملأ يوم الدرس بركة المدرسة بالسكر وماء وماء الليمون فسقى بذلك الناس أجمعين، وخلع علي بعد الدرس خلعتين إحداهما فرو السنجاب، ظهارته صوف أبيض وكفته قندز، والأخرى فرجي من صوف زيتي، وخلع على ابني همام الدين أيضا، ثم لما خرجت من المدرسة حملني على بغلة شهباء مشتراها ثلاثة آلاف درهم من السرج المفصص واللجام، كان اليوم يوما يؤرخ، فيا لها قصة في شرجها طول.
تم ما نقلته من خطه رحمه الله تعالى، وتوفي في التاريخ المذكور، وما أفاده الطالع الذي تخيره لجلوس الدرس شيئا، بل كانت المدة ستة عشر شهرا.

  • دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 1- ص: 622

أمير كاتب بن أمير عمر بن العميد أمير أمير كاتب بن أمير عمر بن العميد أمير غازي أبو حنيفة الاتقاني الحنفي وسماه الحسيني في ذيله لطف الله ولد باتقان في شوال سنة 685 واشتغل ببلاده ومهر وتقدم إلى أن شرح الأخسيكثى وذكر أنه فرغ منه بتستر سنة 716 وقدم دمشق في سنة 720 ودرس وناظر وظهرت فضائله - قاله ابن كثير ودخل مصر ثم رجع فدخل بغداد وولي قضاءها ثم قدم دمشق ثانيا في شهر رجب سنة 747 وولي بها تدريس دار الحديث الظاهرية بعد وفاة الذهبي وتدريس الكنحية ثم نزل عنهما وتكلم في رفع اليدين عند الركوع والرفع وادعى بطلان الصلاة من فعل ذلك وصنف فيه مصنفا فرد عليه السبكي وغيره حتى أن بعض الحنفية ... وفارق دمشق ودخل الديار المصرية في صفر سنة 751 فأقبل عليه صرغتمش وعظمه وجعله شيخ المدرسة التي بناها ونظم في ذلك قصيدة مدحه بها وكان ذلك في جمادى الأولى سنة 757 وذكر أن ابتداء عمارتها في رمضان سنة 56 واختار لحضوره الدرس طالعا قال والقمر في السنبلة والزهرة في الأوج وكان تثليث المشتري والقمر فدرس ذلك اليوم وأقبل عليه صرغتمش إقبالا عظيما وقدر أنه لم يعش بعد ذلك سوى سنة ونصف بل أقل من ذلك وكان لما قدم دمشق صلى مع النائب وهو يلبغا فرأى إمامه يرفع يديه عند الركوع والرفع منه فأعلم الاتقاني يلبغا أن صلاته باطلة على مذهب أبي حنيفة فبلغ ذلك القاضي تقي الدين السبكي فصنف رسالة في الرد عليه فوقف عليها فجمع جزءا في تبيين ما قال وأسند ذلك عن مكحول النسفي أنه حكاه عن أبي حنيفة وبالغ في ذلك إلى أن أصغى إليه النائب فلم يزل السبكي إلى أن بين بطلان كلامه ووهاه فرجع الأمير عنه ثم دخل القاهرة فاستمر في معاداة الشافعية واختص بصرغتمش حتى شرط في مدرسته قصرها على الحنفية دون غيرهم وكان كثير الباو شديد التعاظم متعصبا لنفسه جدا قال في شرحه للأخسيكثى لو كان الأسلاف في الحياة لقال أبو حنيفة اجتهدت ولقال أبو يوسف نار البيان أوقدت ولقال محمد أحسنت ولقال زفر أتقنت ولقال الحسن أمعنت واستمر هكذا حتى ذكر غالب أعيان الحنفية وقال الصفدي في ترجمته كان متعصبا على الشافعية متظاهرا بالغض منهم يتمنى تلافهم واجتهد في ذلك بالشام فما أفاد ودخل مصر وهو مصر على العناد وكان شديد الإعجاب - انتهى وشرح الهداية شرحا حافلا وحدث بالموطأ رواية محمد بن الحسن بإسناد نازل جدا وذاكره عز الدين ابن جماعة أن بينه وبين الزمخشري اثنين فأنكر ذلك وقال أنا أسن منك وبيني وبينه أربعة أو خمسة وكان يكثر أكل الثوم الني والزنجبيل الأخضر - أخبرني بذلك الشيخ محب الدين ابن الوحدية وكان قد لازمه وأخذ عنه وقال الحسيني كان أحد الدهاة وقال ابن حبيب كان رأسا في مذهب أبي حنيفة بارعا في اللغة والعربية كثير الإعجاب بنفسه شديد التعصب على من خالفه وقرأت بخط القطب فقيه فاضل صاحب فنون من العلم وله معرفة بالأدب والمعقول درس بمشهد أبي حنيفة ببغداد وقدم دمشق في مضان سنة 721 ثم دخل إلى العراق سنة 722 وقرأت بخط غيره ثم قدم دمشق من العراق سنة 747 وكان إماما متفننا علامة مناظرا وقدم مصر سنة ثمان وأربعين 748 ثم رجع إلى دمشق فأقام بها قلت ثم قدم مصر واستوطنها إلى أن مات في حادي عشرى شوال سنة 758

  • مجلس دائرة المعارف العثمانية - صيدر اباد/ الهند-ط 2( 1972) , ج: 1- ص: 0

أمير كاتب بن أمير عمر العميد، ابن العميد أمير غازي الشيخ، الإمام، العلامة، قوام الدين، أبو حنيفة
الفارابي، الإتقاني
وسماه الحسيني في ’’ ذبيله ’’ لطف الله.
قال في: ’’ الدرر ’’: ولد بإتقان، في شوال، سنة خمس وثمانين وستمائة، واشتغل ببلاده، ومهر، إلى أن شرح ’’ الأخسيكثي ’’ وذكر أنه فرغ منه بتستر، سنة سبعمائة وسبع عشرة.
وقدم دمشق، في سنة عشرين، وناظر، وظهرت فضائله. قاله ابن كثير.
ودخل مصر، ثم رحل فدخل بغداد، وولي قضاءها.
ثم قدم دمشق ثانيا في شهر رجب، سنة سبع وأربعين، وولي بها دار الحديث الظاهرية بعد وفاة الذهبي، وتدريس الكنجية، ثم نزل عنهما.
ولما دخل مصر، المرة الثانية، أقبل عليه صرغتمش، وعظمه، وجعله شيخ المدرسة التي بناها، واختار لحضوره الدرس طالعا، وذلك حين كان القمر في السنبلة، والزهرة في الأوج وكان تثليث المشتري والقمر، فدرس ذلك اليوم، وأقبل عليه صرغتمش إقبالا عظيما، فقدر أنه لم يعش بعد ذلك سوى سنة ونصف، بل أقل من ذلك.
قال ابن حجر: وكان لما قدم دمشق صلى مع النائب، وهو يلبغا، فرأى إمامه رفع يديه عند الركوع والرفع منه، فاعلم الإتقاني يلبغا، أن صلاته باطلة على مذهب أبي حنيفة، فبلغ ذلك القاضي تقي الدين السبكي، فصنف ’’ رسالة في الرد عليه ’’، فوقف عليها، فجمع ’’ جزءا ’’، في إثبات ما قاله، وأسند ذلك عن مكحول النسفي أنه حكاه عن أبي حنيفة، وبالغ في ذلك، إلى أن أصغى إليه النائب، وعمل بقوله.
قال: واختص بصرغتمش، وأشار عليه بأن فصر مدرسته على الحنفية دون غيرهم، وكان شديد التعاظم، متعصبا لنفسه جدا، حتى قال في ’’ شرحه ’’ للأخسيكثي: لو كان الأسلاف في الحياة، لقال أبو حنيفة: اجتهدت. ولقال أبو يوسف: نار البيان أوقدت. ولقال محمد: أحسنت. ولقال زفر: أتقنت. ولقال [الحسن]: أمعنت. واستمر هكذا، حتى ذكر أعيان الحنفية.
وقال الصفدي، في ترجمته: كان متعصبا على الشافعية، متظاهرا بالغض منهم، يتمنى تلافهم، واجتهد في ذلك بالشام، فما أفاد، ودخل مصر، وهو مصر على العناد، وكان شديد الإعجاب.
وشرح ’’ الهداية ’’ شرحا حافلا، وحدث ب ’’ الموطأ ’’ رواية محمد بن الحسن، بإسناد نازل.
وقال ابن حبيب: كان رأسا في مذهب أبي حنيفة، بارعا في اللغة والعربية، كثير الإعجاب بنفسه، شديد التعصب على من خالفه.
قلت: لا يخفى على من عنده أدنى تأمل، ووقف على مؤلفات الإتقاني، أن ما ذكره ابن حجر، ونقله عن الصفدي وغيره، في حق الشيخ، أنه كان من المجمع على علمه، وفضله، وتحقيقه، وبراعته، ومن كان هذا الوصف وصفه، فبعيد أن يصدر منه ما لا يليق بمثله، ولا يحسن بعمله وفضله، مما أضربنا عن ذكره، من التعصبات التي تؤدي إلى وصف الإنسان بما لا ليس فيه، والجواب في الجميع سهل، والأقران قلما تخلو من مثل ذلك.
قال ابن حجر: وقرأت بخط القطب: فقيه، فاضل، صاحب فنون من العلم، وله معرفة بالأدب، والمعقول، درس بمشهد أبي حنيفة ببغداد، وقدم دمشق في رمضان، سنة إحدى وعشرين، ثم دخل العراق، سنة اثنتين.
وكانت وفاته بمصر، سنة ثمان وخمسين وسبعمائة.
قال ابن الشحنة، في أوائل ’’ شرح الهداية ’’ في ترجمة الإتقاني: وقد أخبرنا شيخنا الحافظ أبو الوفاء أن الأمير صرغتمش الناصري، كان قصد أن يبني مدرسة، ويقرر في تدريسها الشيخ علاء الدين الأقرب الحنفي، فقدرت وفاته، [فكانت] ولاية الشيخ قوام الدين بها على أكمل وجوه التعظيم، حتى إنه يوم ألقى الدرس، حضر الأمير صرغتمش إلى منزل الشيخ بقناطر السباع، واستدعاه للحضور، فلما ركب الشيخ أخذ الأمير صرغتمش بركابه، واستمر ماشيا في ركابه إلى المدرسة، ومعه جماعة من الأمراء مشاة، فقال له: يا أمير صرغتمش، لا تأخذ في نفسك من مشيك آخذا بركابي، فقد أخذ بركابي سلطان من بني سلجوق. وكان يوما مشهودا.
وذكره الصفدي في ’’ أعيان العصر، وأعوان النصر ’’، قال: ونقلت من خطه - يعني صاحب الترجمة - ما صورته: تاريخ قدومنا دمشق في الكرة الثانية، في العاشر من شهر رجب، سنة سبع وأربعين وسبعمائة، ثم لبثنا ثمة إلى أن خرجنا منها، في ثامن صفر، يوم السبت، من سنة إحدى وخمسين وسبعمائة.
قال العبد الفقير إلى الله تعالى أمير كاتب ابن أمير عمر، المدعو بقوام الفارابي الإتقاني: كان تاريخ ولادتي بإتقان، ليلة السبت، التاسع عشر من شوال، سنة خمس وثمانين وستمائة، وفاراب: مدينة عظيمة من مدائن الترك تسمى بلسان العوام أوترار، وإتقان: اسم لقصبة من قصباتها.
ثم قال: هذا ما أنشأ في دولة السلطان مالك رقاب الأمم، مولى ملوك العرب والعجم، قاهر الكفرة والمشركين، ناصر الإسلام والمسلمين، الملك الناصر فلان، في مدح المقر العالي، سيف الدين صرغتمش، رحمه الله تعالى:

وساق القصيدة بتمامها، ثم قال: وأعطاني المقر العالي صرغتمش، أيده الله تعالى، جائزة هذه القصيدة، يوم أنشدتها، عشرة ألف درهم، وملأ يوم الدرس بركة المدرسة بالسكر وماء الليمون، فسقى بذلك الناس أجمعين، وخلع على بعد الدرس خلعتين، وخلع على ابني همام الدين أيضا، ثم لما خرجت حملني على بغلة شهباء، مع السرج. المفضض واللجام، وكان اليوم يوما يؤرخ، فيا لها قصة في شرحها طول.
انتهى ما نقلته عن الصفدي، مع حذف ما ليس في ذكره كبير فائدة، وأما هو فقد نقله بحروفه.
قلت: أما علم الشيخ، وفضله، وإتقانه، فما لا يشك فيه، وأما إنشاؤه نثرا ونظما، فالذي يظهر من كلامه، وعقود نظامه، أن العربية وإن كان يعرف دقائقها، فليست له بسجية، تغمده الله تعالى برحمته، وأباحه بحبوحة جنته، آمين.

  • دار الرفاعي - الرياض-ط 0( 1983) , ج: 1- ص: 185