التصنيفات

أم كلثوم بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام زوجة مسلم بن عقيل بن أبي طالب
في عمدة الطالب: محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب أمه حميدة بنت مسلم بن عقيل، أمها أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب (انتهى). فهذا يدل على إن مسلما كان متزوجا بأم كلثوم بنت عمه علي بن أبي طالب وولده له منها بنت اسمها حميدة وحميدة هذه تزوجها ابن عمها عبد الله بن محمد بن عقيل وولدت له محمد بن عبد الله بن محمد عقيل. وأم كلثوم هذه التي هي زوجة مسلم بن عقيل غير أم كلثوم الصغرى الآتية التي كانت متزوجة بأحد أعقابه فلا يمكن إن تكون زوجته، وغير الكبرى الآتية أيضا لأنه لم يقل أحد أنها كانت متزوجة بمسلم. ثم إن بنات أمير المؤمنين علي عليه السلام اللواتي اسمهن أو كنيتهن أم كلثوم هن ثلاث أو أربع: أم كلثوم هذه زوجة مسلم ولعلها الوسطى وأم كلثوم الصغرى الآتية وأم كلثوم الكبرى الآتية زوجة عمر بن الخطاب التي تزوجها بعده عون بن جعفر ثم أخوه محمد ثم أخوهما عبد الله بن جعفر كما ستعرف. وهناك زينب الصغرى المكناة أم كلثوم المنسوب إليها القبر الذي في قرية راوية شرقي دمشق كما نذكره في ترجمتها انش فيمكن إن تكون هي زينب الصغرى وتكون هي وأم كلثوم الصغرى واحدة ويكون المكنيات بأم كلثوم ثلاثا ويمكن إن تكون غيرها فيكن أربعا فيكون لنا زينب الكبرى وزينب الصغرى المكناة بأم كلثوم وأم كلثوم الكبرى وأم كلثوم الصغرى والأخيرة اسمها كنيتها أم كلثوم زوجة مسلم بن عقيل والله أعلم. ثم إن أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السلام التي كانت مع أخيها الحسين عليه السلام بكربلا لا يدري أيهن هي فيمكن إن تكون هي زوجة مسلم بن عقيل فتكون قد خرجت مع أخيها الحسين، كما خرجت معه أختها زينب، وزوجها عبد الله بن جعفر حي بالمدينة، فخرجت معه هي ووالداها عون وجعفر. وهذه كان قد خرج زوجها مسلم إلى الكوفة وخرج أولاده مع الحسين ويمكن إن يكون فيهم من هو من أولادها فهي أحق بالخروج مع أخيها الحسين من كل امرأة ويمكن إن تكون هي الصغرى ويمكن على بعد إن تكون الكبرى جاءت مع أخيها مع وجود زوجها. وأم كلثوم التي كانت بالطف قد خطبت خطبة بالكوفة بعد ورودها من كربلا ذكرها ابن طاوس في كتاب الملهوف وذكرناها في لواعج الأشجان والمجالس السنية برواية ابن طاوس وهي مذكورة في كتاب بلاغات النساء قال: كلام أم كلثوم عليه السلام عن سعيد بن محمد الحميري أبو معاذ عن عبد الله بن عبد الرحمن رجل من أهل الشام عن شعبة عن حزام الأسدي. وقال مرة أخرى حذيم قال قدمت الكوفة سنة إحدى وستين وهي السنة التي قتل فيها الحسين عليه السلام فرأيت نساء أهل الكوفة يومئذ يلتد من مهتكات الجيوب الحديث ثم ذكر الحديث وهو على لفظ هارون بن مسلم وأخبر هارون بن مسلم بن سعدان قال أخبرنا يحيى بن الحجاج عن جعفر بن محمد عن آبائه عليه السلام قال: ورأيت أم كلثوم عليه السلام ولم أر خفرة والله انطلق منها كأنما تنطق وتفزع على لسان أمير المؤمنين عليه السلام وقد ومات إلى الناس إن اسكتوا فلما سكنت الأنفاس وهدأت قالت: أبدا بحمد الله والصلاة والسلام على أبيه أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختر والخذل إلا فلا رقات العبرة ولا هدأت الرنة إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون إيمانكم دخلا بينكم إلا وهل فيكم إلا الصلف والشنف وملق الإماء وغمز الأعداء وهل أنتم إلا كمرعى على دمنة وكفضة على ملحودة إلا ساء ما قدمت لكم أنفسكم إن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون أ تبكون أي والله فابكوا وإنكم والله أحرياء بالبكاء فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا فلقد فزتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شبان أهل الجنة ومنار محجتكم ومدرة حجتكم ومفرخ نازلتكم فتعسا ونكسا لقد خاب السعي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة لقد جئتم شيئا إذا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أ تدرون أي كبد لرسول الله فريتم وأي كريمة له أبرزتم وأي دم له سفكتم لقد جئتم بها شوهاء خرقاء شرها اطلاع الأرض والسماء أ فعجبتم إن قطرت السماء دما ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينظرون فلا يستخفنكم المهل فإنه لا تحفزه المبادرة ولا يخاف عليه فوت الثار كلا إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد. ثم ولت عنهم، قال: فرأيت الناس حيارى وقد ردوا أيديهم إلى أفواههم ورأيت شيخا كبيرا من بني جعفي وقد أخضلت لحيته من دموع عينيه وهو يقول:

ولكن ابن طاوس في الملهوف نسب هذه الخطبة مع بعض التفاوت إلى زينب بنت علي عليه السلام ونسب إلى أم كلثوم خطبة غيرها بالكوفة فقال: وخطبت أم كلثوم بنت علي عليه السلام في ذلك اليوم من وراء كلتها رافعة صوتها بالبكاء فقالت: يا أهل الكوفة! سوءة لكم ما لكم خذلتم حسينا وقتلتموه وانتهبتم أمواله وورثتموه وسبيتم نساءه ونكبتموه فتبا لكم وسحقا، ويلكم أ تدرون أي دواه دهتكم وأي وزر على ظهوركم حملتم وأي دماء سفكتموها وأي كريمة أصبتموها وأي صبية أسلمتموها وأي أموال انتهبتموها قتلتم خير رجالات بعد النبي صلى الله عليه وسلم ونزعت الرحمة من قلوبكم إلا إن حزب الله هم المفلحون وحزب الشيطان هم الخاسرون ثم قالت:
قال الراوي فضج الناس بالبكاء والنوح ونشر النساء شعورهن ووضعن التراب على رؤوسهن وخمشن وجوههن ولطمن خدودهن ودعون بالويل والثبور وبكى الرجال فلم ير باكية وباك أكثر من ذلك اليوم. ومن أخبارها يوم الطف أنه لما أوصى الحسين عليه السلام النساء يوم كربلاء بدأ بأم كلثوم فقال: يا أختاه يا أم كلثوم وأنت يا زينب وأنت يا فاطمة وأنت يا رباب انظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا ولا تخمشن علي وجها ولا تقلن هجرا الحديث وروى ابن طاوس في كتاب الملهوف وغيره أنه لما جلس الحسين عليه السلام يوم الطف وجون مولى أبي ذر يصلح سيفه والحسين يقول: يا دهر أف لك من خليل الأبيات جعلت أم كلثوم تنادي وا محمداه وا علياه وا أماه وا أخاه وا حسيناه وا ضيعتنا بعدك يا أبا عبد الله فعزاها الحسين عليه السلام وقال لها يا أختاه تعزي بعزاء الله فان سكان السماوات يفنون وأهل الأرض كلهم يموتون وجميع البرية يهلكون.
وروى ابن طاوس أيضا: أنه لما قرب الذين معهم السبايا والرؤوس من دمشق دنت أم كلثوم من شمر وكان في جملتهم فقالت له لي إليك حاجة فقال وما حاجتك قالت: إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظارة وتقدم إليهم إن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر إلينا ونحن في هذه الحال. فأمر في جواب سؤلها إن يجعلوا الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغيا منه وكفرا وسلك بهم بين النظارة على تلك الصفة حتى أتى بهم باب دمشق فوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي (انتهى).
استدرك المؤلف على الطبعة الأولى بما يلي: إن أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السلام لها ذكر في خبر وفاة أمها الزهراء عليه السلام ولا يدري أيهن هي من بناته عليه السلام اللواتي تكنى كل منهن بأم كلثوم كما مر. فقد روي إن الزهراء عليه السلام لما توفيت خرجت أم كلثوم وعليها برقعها تجر ذيلها متجللة برداء وهي تقول يا أبتاه يا رسول الله الآن فقدناك فقدا لا لقاء بعده أبدا. وإن أمير المؤمنين عليه السلام لما غسل الزهراء لم يحضرها غيره وغير الحسنين وزينب وأم كلثوم وفضة جاريتها وأسماء بنت عميس، والظاهر إن التي حضرت وفاة أمها الزهراء هي التي حضرت وفاة أبيها أمير المؤمنين عليه السلام. روى الشيخ الطوسي في الأمالي أنه لما ضرب أمير المؤمنين عليه السلام احتمل فادخل داره فقعدت لبابة عند رأسه وجلست أم كلثوم عند رجليه ففتح عينيه فنظر إليهما فقال: الرفيق الأعلى خير مستقرا وأحسن مقيلا. وقال المفيد: فنادت أم كلثوم عبد الرحمن بن ملجم يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين قال: إنما قتلت أباك. قالت يا عدو الله أني لأرجو إن لا يكون عليه باس قال لها فأراك إنما تبكين علي والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم الخبر.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 484