بقي بن مخلد بقي بن مخلد بن يزيد، أبو عبد الرحمن، الأندلسي القرطبي: حافظ مفسر محقق، من أهل الأندلس. له (تفسير) قال ابن بشكوال: لم يؤلف مثله في الأسلام، وكتاب في (الحديث) رتبه على أسماء الصحابة، ومصنف في (فتاوي الصحابة والتابعين ومن دونهم) وكان إماما مجتهدا انتشرت كتبه وتداولها القراء والدارسون في أيام حياته
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 60
بقي بن مخلد من أهل قرطبة؛ يكنى: أبا عبد الرحمن.
سمع: من محمد بن عيسى الأعشى، ومن يحيى بن يحيى. ورحل إلى المشرق فلقى جماعة من أئمة المحدثين، وكبار المسندين منهم: إبراهيم بن محمد الشافعي صاحب ابن عيينة، وأبو المصعب الزهري، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، ويحيى ابن عبدالله بن بكير صاحب مالك، وأحمد بن السرح أبو الطاهر، والحارث بن مسكين، وسلمة بن شبيب، وهشام بن عمار، وبكار بن عبد الله، ومحمد بن مصطفى الحمصي، ومحمد بن عبيد بن حسان صاحب حماد بن يزيد، ومحمد بن المثنى أبو موسى الزمن، ومحمد بن بشار بندار، وعبد الله بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ويحيى بن عبد الحميد الحماني، وأحمد بن محمد بن حنبل، وزهير بن عباد، وأحمد بن إبراهيم الدروقي، وهارون بن عبد الله الحمال، وزهير بن حرب أبو خيثمة، وأبو ثور صاحب الشافعي، ومحمد بن عمر العدني صاحب ابن عيينة.
وسمع: بإفريقية: من سحنون بن سعيد، وعون بن يوسف وغيرهم جماعة. أخبرني: أبو محمد عبد الله بن علي الباجي، عن عبدالله بن يونس راوية بقي بن مخلد: أن عدة الرجال الذين لقيهم بقي. وسمع منهم: مائتا رجل وأربع وثمانون رجلا.
أخبرنا سليمان بن أيوب قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: قال لنا ابن أبي خيثمة وذكر بقي بن مخلد: ما كنا نسميه إلا المكنسة، وهل احتاج بلد فيه بقي بن مخلد أن يأتي إلى هنا منه أحد. أو كما قال: أخبرنا أبو عمر بن عبدالبصير قال: حدثنا خالد بن سعد قال: سمعت طاهر ابن عبد العزيز يقول: حملت مع نفسي جزءا من مسند أبي عبد الرحمن بقي ابن مخلد إلى المشرق فأريته محمد بن إسماعيل الصائغ فقال: ما أغترف هذا إلا من بحر علم. وعجب من كثرة علمه. قال: وحدثنا خالد، وسمعت محمد بن إبراهيم بن حيون يقول: سمعت أبا عبد الرحمن يقول: لما قدمت من العراق على يحيى بن بكير أجلسني إلى جنبه وسمع مني سبعة أحاديث.
قال: وحدثنا خالد قال: سمعت طاهر بن عبد العزيز يقول: سمعت أبا عبد الرحمن يقول: قدمت على سحنون؛ فكان آبنه محمد يسمع علي في داخل بيت سحنون بمحضر سحنون. وبقي بن مخلد ملا الأندلس حديثا ورواية، وأنكر عليه أصحابه الأندلسيون: عبد الله بن خالد، ومحمد بن الحارث، وأبو زيد ما أدخله من: كتب الاختلاف وغرائب الحديث وأغروا به السلطان وأخافوه به. ثم ان الله بمنه وفضله أظهره عليهم، وعصمه منهم. فنشر حديثه، وقرأ للناس روايته. فمن يومئذ انتشر الحديث بالأندلس.
ثم تلاه ابن وضاح فصارت الأندلس دار حديث وإسناد؛ وإنما كان الغالب عليها قبل ذلك حفظ رأي مالك وأصحابه.
وكان: مما انفرد به بقي بن مخلد ولم يدخله سواه:) مصنف (: أبي بكر بن أبي شيبة رحمه الله بتمامه. و) كتاب (الفقه: لمحمد بن إدريس الشافعي الكبير بكماله، و) كتاب (: التاريخ لخليفة بن خياط، و) كتابه (: في الطبقات، و) كتاب (: سير عمر بن عبد العزيز رحمه الله، للدروقي.
ولبقي بن مخلد:) تفسير القرآن (و: مسند النبي صلى الله عليه وسلم (. ليس لأحد مثله. وكان بقي ورعا، فاضلا، زاهدا. وقيل: أنه كان مجاب الدعوة، وقد ظهرت له إجابات في غير ما شيء.
وسمع من بقي جماعة منهم: أسلم بن عبد العزيز، ومحمد بن عمر بن لبابة، ومحمد بن وزير. وكان: آخر أصحابه المحدثين عنه: عبدالله بن يونس، والحسن ابن سعد، وكان: المشاهير من أصحاب ابن وضاح لا يسمعون من بقي للذي كان بين بقي وآبن وضاح من الوحشة.
وأخبرني عبدالله بن محمد قال::نا عبد الله بن يونس: أن بقي بن مخلد ولد في شهر رمضان سنة واحد ومائتين؛ ومات رحمه الله ليلة الثلاثاء لليلتين بقيتا من جمادي الآخرة سنة ست وسبعين ومائتين.
قال أحمد: ودفن بقي بن مخلد بمقبرة بني العباس. وصلى عليه محمد بن يزيد ختنه. وحسر محمد بن عبد السلام الخشني في جنازته، وقال: جنازة لا يحسر في مثلها أبدا، وأنكر عليه جدا، وخرج ابن وضاح بابا في إنكار الحسر على الجنائز.
مكتبة الخانجي - القاهرة-ط 2( 1988) , ج: 1- ص: 107
بقي بن مخلد القرطبي بقي بن مخلد بن يزيد، أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي الحافظ؛ أحد الأعلام وصاحب التفسير والمسند. أخذ عن يحيى بن يحيى الليثي ومحمد بن عيسى الأعشى، وارتحل إلى المشرق ولقي الكبار، وسمع بالحجاز مصعبا والزهري وإبراهيم بن المنذر الحرامي وطبقتهما؛ وبمصر يحيى بن بكير وزهير بن عباد وأبا الطاهر ابن السرح وطائفة، وبدمشق إبراهيم بن هشام الغساني وصفوان بن صالح وهشام بن عمار وجماعة؛ وببغداد أحمد بن حنبل وطبقته. وبالكوفة يحيى بن عبد الحميد الجماني ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبا بكر بن أبي شيبة وطائفة؛ وبالبصرة من أصحاب حماد بن زيد. وعني بالأثر عناية عظيمة لا مزيد عليها. وعدد شيوخه مائتان وأربعة وثمانون رجلا، وكان إماما صواما زاهدا صادقا كثير التهجد مجاب الدعوة قليل المثل، مجتهدا لا يقلد أحدا بل يفتي بالأثر. ولد في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين، ومات لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وسبعين ومائتين. قال ابن حزم: أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره ولا تفسير محمد بن جرير ولا غيره. وكان محمد بن عبد الرحمن الأموي صاحب الأندلس محبا للعلوم عارفا، فلما دخل ابن بقي الأندلس بمصنف ابن أبي شيبة وقرئ عليه، أنكر جماعة من أهل الرأي ما فيه من الخلاف واستبشعوه ونشطوا العامة عليه ومنعوه من قراءته، فاستحضره الأمير محمد وإياهم وتصفح الكتاب جزءا جزءا حتى أتى على آخره، ثم قال لخازن كتبه: هذا كتاب لا تستغني خزانتنا عنه، فانظر في نسخة لنا، وقال لبقي: انشر علمك وارو ما عندك، ونهاهم أن يتعرضوا له وقال ابن حزم: مسند بقي روى فيه عن ألف وثلاث مائة صاحب ونيف، ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه، فهو مسند ومصنف، وما أعلم بهذه المرتبة لأحد قبله من ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله في الحديث؛ وله مصنف في فتاوى الصحابة والتابعين فمن دونهم، الذي أربى فيه على مصنف أبي بكر بن أبي شيبة وعلى مصنف عبد الرزاق ومصنف سعيد بن منصور. ثم ذكر تفسيره فقال: فصارت تصانيف هذا الإمام الفاضل قواعد الإسلام لا نظير لها. وكان متخيرا لا يقلد أحدا، وكان ذا خاصة في أحمد بن حنبل وجاريا في مضمار البخاري ومسلم والنسائي.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 10- ص: 0
بقي بن مخلد الأندلسي أبو عبد الرحمن ذكره الحميدي وقال: مات بالأندلس سنة ست وسبعين ومائتين في قول أبي سعيد ابن يونس، وقال الدارقطني:
مات سنة ثلاث وسبعين والأول أصح.
قال الحميدي: وبقي من حفاظ المحدثين، وأئمة الدين، والزهاد الصالحين، رحل إلى المشرق فروى عن الأئمة وأعلام السنة، منهم الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة وأحمد بن إبراهيم الدورقي
وخليفة بن خياط وجماعة أعلام يزيدون على المائتين، وكتب المصنفات الكبار والمنثور الكثير، وبالغ في الجمع والرواية، ورجع إلى الأندلس فملأها علما جما، وألف كتبا حسانا تدل على احتفاله واستكثاره؛ قال لنا أبو محمد علي بن أحمد:
فمن مصنفات بقي بن مخلد «كتاب تفسير القرآن» وهو الكتاب الذي أقطع قطعا لا أستثني فيه أنه لم يؤلف في الاسلام مثله، ولا تصنيف محمد بن جرير الطبري ولا غيره؛ ومنها في الحديث كتاب مصنفه الكبير الذي رتبه على أسماء الصحابة، فروى فيه عن ألف وثلاثمائة صاحب ونيف، ثم رتب حديث كل صاحب على أسماء الفقه وأبواب الأحكام، فهو مصنف ومسند، وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله، مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله فيه في الحديث وجودة شيوخه، فإنه روى عن مائة رجل وأربعة وثمانين رجلا ليس فيهم عشرة ضعفاء وسائرهم أعلام مشاهير؛ ومنها كتاب في فتاوى الصحابة والتابعين ومن دونهم الذي أربى فيه على مصنف أبي بكر ابن أبي شيبة وغيره، فصارت تصانيفه قواعد الاسلام لا نظير لها، وكان متخيرا لا يقلد أحدا، وكان خاصا بأحمد بن حنبل وجاريا في مضمار البخاري ومسلم- كل هذا من كتاب الحميدي. وإنما ذكرته لتصنيفه كتابا في تفسير القرآن.
وذكر له ترجمة أخرى فقال فيها: ولد بقي بن مخلد الأندلسي في رمضان سنة إحدى وثمانين وتوفي ليلة الثلاثاء لتسع وعشرين ليلة مضت من جمادى الآخرة سنة ست وسبعين ومائتين، ودفن في المقبرة المنسوبة إلى بني العباس، وكانت له رحلتان: أقام في إحداهما نحو العشرين عاما، وفي الثانية نحو الأربعة عشر عاما، فأخبرني أبي أنه كان يطوف في الأمصار على أهل الحديث، فإذا أتى وقت الحج أتى
إلى مكة فحج، هذا كان فعله كل عام في رحلتيه جميعا. وكان يلتزم صيام الدهر، فإذا أتى يوم جمعة أفطر، وكانت له عبادات كثيرة من قراءة القرآن وغيرها من الصلوات ونشر العلم.
قال: مشايخه الذين سمع منهم فكانوا مائتي رجل وأربعة وثمانين رجلا (هكذا ذكر في هذه الترجمة فما أدري أيهما الصحيح) أخبرني أسلم بن عبد العزيز، أخبرني أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد قال: لما وضعت مسندي أتاني عبيد الله بن يحيى بن يحيى ومعه أخوه إسحاق فقالا لي: بلغنا أنك وضعت مسندا قدمت فيه أبا مصعب وابن بكير وأخرت أبانا، فقال بقي: أما تقديمي لأبي مصعب فإني قدمته لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قدموا قريشا ولا تقدموها»، وأما ابن بكير فإني قدمته لسنه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كبر كبر»، مع أنه سمع «الموطأ» من مالك سبع عشرة مرة ولم يسمع أبو كما إلا مرة واحدة؛ قال بقي: فخرجا عني ولم يعودا إلي بعد ذلك، وخرجا إلى حد العداوة.
حدثنا قاسم بن أصبغ قال: خرجت من الأندلس ولم أرو عن بقي شيئا، فلما دخلت العراق وغيره من البلدان سمعت من فضائله وتعظيمه ما أندمني على ترك الرواية عنه وقلت: إذا رجعت لزمته حتى أروي جميع ما عنده، فأتانا نعيه ونحن بأطرابلس.
وحدثنا قاسم بن أصبغ قال: سمعت أحمد بن أبي خيثمة يقول، وذكر بقي بن مخلد، فقال: ما كنا نسميه إلا المكنسة، وهل احتاج بلد فيه بقي أن يأتي إلى هاهنا منه أحد؟ فقلنا له: ولا أنت تحدثنا عن رجال ابن أبي شيبة؟ فقال: ولا أنا.
وذكر بقي أنه أدرك جماعة من أصحاب سفيان الثوري فلم يرو عنهم، وروى عن رجلين عن سفيان الثوري.
قال: وحدثت عن بقي أنه قال يوما لطلبته: أنتم تطلبون العلم، أهكذا يطلب العلم؟ إنما أحدكم إذا لم يكن عليه شغل يقول: أمضي أسمع العلم، إني لأعرف
رجلا تمضي عليه الأيام في وقت طلبه للعلم لا يكون له عيش إلا من ورق الكرنب الذي يلقيه الناس، وإني لأعرف رجلا باع سراويله غير مرة في شرى كاغد حتى يسوق الله عليه من حيث يخلفها.
قال الحميدي: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري في إجازة وصلت إليه، وذكر إسنادا، وقال: جاءت امرأة إلى بقي بن مخلد فقالت: إن ابني قد أسره الروم ولا أقدر على مال أكثر من دويرة، ولا أقدر على بيعها، فلو أشرت إلى من يفديه بشيء فإنه ليس لي ليل ولا نهار ولا نوم ولا قرار، فقال: نعم انصرفي حتى أنظر في أمره إن شاء الله، وأطرق الشيخ وحرك شفتيه، قال: ولبثنا مدة فجاءت المرأة ومعها ابنها، فأخذت تدعو له وتقول: قد رجع سالما، وله حديث يحدثك به، فقال الشاب: كنت في يدي بعض ملوك الروم مع جماعة من الأسارى، وكان له إنسان يستخدمنا كل يوم، يخرجنا إلى الصحراء للخدمة ثم يردنا وعلينا قيودنا، فبينا نحن نجيء من العمل مع صاحبه الذي كان يحفظنا إذ انفتح القيد من رجلي ووقع على الأرض، ووصف اليوم والساعة، فوافق الوقت الذي جاءت المرأة ودعا الشيخ، قال: فنهض إلي الذي كان يحفظني وصاح علي وقال: كسرت القيد فقلت: لا إلا أنه سقط من رجلي، قال: فتحير وأخبر صاحبه وأحضر الحداد وقيدوني فلما مشيت خطوات سقط القيد من رجلي فتحيروا في أمري ودعوا رهبانهم فقالوا لي: ألك والدة؟ قلت لهم: نعم، فقالوا: وافق دعاؤها الإجابة، وقالوا: أطلقك الله ولا يمكننا تقييدك، فزودوني وأصحبوني إلى ناحية المسلمين.
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 2- ص: 750
بقي بن مخلد بن يزيد أبو عبد الرحمن الأندلسي الإمام، القدوة، شيخ الإسلام، أبو عبد الرحمن الأندلسي، القرطبي، الحافظ، صاحب (التفسير) و (المسند) اللذين لا نظير لهما.
ولد: في حدود سنة مائتين، أو قبلها بقليل.
وسمع من: يحيى بن يحيى الليثي، ويحيى بن عبد الله بن بكير، ومحمد بن عيسى الأعشى، وأبي مصعب الزهري، وصفوان بن صالح، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وهشام بن عمار، وزهير بن عباد الرؤاسي، ويحيى بن عبد الحميد الحماني، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وأحمد بن
حنبل - مسائل وفوائد - ولم يرو له شيئا مسندا، لكونه كان قد قطع الحديث.
وسمع من: أبي بكر بن أبي شيبة، فأكثر، ومن: جبارة بن المغلس، ويحيى بن بشر الحريري، وشيبان بن فروخ، وسويد بن سعيد، وهدبة بن خالد، ومحمد بن رمح، وداود بن رشيد، ومحمد بن أبان الواسطي، وحرملة بن يحيى، وإسماعيل بن عبيد الحراني، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وعيسى بن حماد زغبة، وسحنون بن سعيد الفقيه، وهريم بن عبد الأعلى، ومنجاب بن الحارث، وعثمان بن أبي شيبة، وعبيد الله القواريري، وأبي كريب، وبندار، وهناد، والفلاس، وكثير بن عبيد، وخلق.
وعني بهذا الشأن عناية لا مزيد عليها، وأدخل جزيرة الأندلس علما جما، وبه وبمحمد بن وضاح صارت تلك الناحية دار حديث، وعدة مشيخته الذين حمل عنهم مائتان وأربعة وثمانون رجلا.
حدث عنه: ابنه؛ أحمد، وأيوب بن سليمان المري، وأحمد بن عبد الله الأموي، وأسلم بن عبد العزيز، ومحمد بن وزير، ومحمد بن عمر بن لبابة، والحسن بن سعد الكناني، وعبد الله بن يونس المرادي القبري، وعبد الواحد بن حمدون، وهشام بن الوليد الغافقي، وآخرون.
وكان إماما مجتهدا صالحا، ربانيا صادقا مخلصا، رأسا في العلم والعمل، عديم المثل، منقطع القرين، يفتي بالأثر، ولا يقلد أحدا.
وقد تفقه بإفريقية على سحنون بن سعيد.
ذكره أحمد بن أبي خيثمة، فقال: ما كنا نسميه إلا المكنسة، وهل احتاج بلد فيه بقي إلى أن يرحل إلى ها هنا منه أحد ؟! قال طاهر بن عبد العزيز الأندلسي: حملت معي جزءا من (مسند) بقي بن مخلد إلى المشرق، فأريته محمد بن إسماعيل الصائغ، فقال: ما اغترف هذا إلا من بحر، وعجب من كثرة علمه.
وقال إبراهيم بن حيون، عن بقي بن مخلد، قال: لما رجعت من العراق، أجلسني يحيى بن بكير إلى جنبه، وسمع مني سبعة أحاديث.
وقال أبو الوليد بن الفرضي في (تاريخه): ملأ بقي بن مخلد الأندلس حديثا، فأنكر عليه أصحابه الأندلسيون: أحمد بن خالد ، ومحمد بن الحارث، وأبو زيد، ما أدخله من كتب الاختلاف، وغرائب الحديث، فأغروا به السلطان وأخافوه به، ثم إن الله أظهره عليهم، وعصمه منهم، فنشر حديثه وقرأ للناس روايته.
ثم تلاه ابن وضاح، فصارت الأندلس دار حديث وإسناد.
ومما انفرد به، ولم يدخله سواه (مصنف) أبي بكر بن أبي شيبة بتمامه، وكتاب (الفقه) للشافعي بكماله -يعني: (الأم) - و (تاريخ) خليفة، و (طبقات) خليفة، وكتاب (سيرة عمر بن عبد العزيز)، لأحمد بن إبراهيم الدورقي.... وليس لأحد مثل (مسنده).
وكان ورعا فاضلا زاهدا... قد ظهرت له إجابات الدعوة في غير ما شيء.
قال: وكان المشاهير من أصحاب ابن وضاح لا يسمعون منه، للذي بينهما من الوحشة....
ولد: في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين.
وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: لم يقع إلي حديث مسند من حديث بقي.
قلت: عمل له ترجمة حسنة في (تاريخه).
قال الإمام أبو محمد بن حزم الظاهري: أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل (تفسير) بقي، لا (تفسير) محمد بن جرير، ولا غيره.
قال: وكان محمد بن عبد الرحمن الأموي صاحب الأندلس محبا للعلوم عارفا، فلما دخل بقي الأندلس (بمصنف) أبي بكر بن أبي شيبة، وقرئ عليه، أنكر جماعة من أهل الرأي ما فيه من الخلاف، واستبشعوه ونشطوا العامة عليه، ومنعوه من قراءته، فاستحضره صاحب الأندلس محمد وإياهم، وتصفح الكتاب كله جزءا جزءا، حتى أتى على آخره، ثم قال لخازن الكتب: هذا كتاب لا تستغني خزانتنا عنه، فانظر في نسخه لنا.
ثم قال لبقي: انشر علمك وارو ما عندك.
ونهاهم أن يتعرضوا له.
قال أسلم بن عبد العزيز: حدثنا بقي بن مخلد، قال:
لما وضعت (مسندي)، جاءني عبيد الله بن يحيى بن يحيى، وأخوه؛ إسحاق، فقالا:
بلغنا أنك وضعت (مسندا)، قدمت فيه أبا مصعب الزهري، ويحيى بن بكير، وأخرت أبانا؟ فقال: أما تقديمي أبا مصعب، فلقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدموا قريشا، ولا تقدموها ).
وأما تقديمي ابن بكير، فلقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كبر كبر ) - يريد السن - ومع أنه سمع (الموطأ) من مالك سبع عشرة مرة، وأبوكما لم يسمعه إلا مرة واحدة.
قلت: وله فيه فوت معروف.
قال: فخرجا ولم يعودا، وخرجا إلى حد العداوة.
وألف أبو عبد الملك أحمد بن محمد بن عبد البر القرطبي، الميت في عام ثمانية وثلاثين وثلاث مائة كتابا في أخبار علماء قرطبة، ذكر فيه بقي بن مخلد، فقال: كان فاضلا تقيا، صواما قواما متبتلا، منقطع القرين في عصره، منفردا عن النظير في مصره، كان أول طلبه عند محمد بن عيسى
الأعشى، ثم رحل، فحمل عن أهل الحرمين، ومصر، والشام، والجزيرة، وخلوان، والبصرة، والكوفة، وواسط، وبغداد، وخراسان - كذا قال، فغلط، لم يصل إلى خراسان، بل ولا إلى همذان، وما أدري هل دخل الجزيرة أم لا؟
ويظهر ذلك لمن تأمل شيوخه - ثم قال: وعدن والقيروان - قلت: وما دخل الرجل إلى اليمن -.
قال: وذكر عبد الرحمن بن أحمد، عن أبيه: أن امرأة جاءت إلى بقي، فقالت: إن ابني في الأسر، ولا حيلة لي، فلو أشرت إلى من يفديه، فإنني والهة.
قال: نعم، انصرفي حتى أنظر في أمره.
ثم أطرق، وحرك شفتيه، ثم بعد مدة جاءت المرأة بابنها، فقال: كنت في يد ملك، فبينا أنا في العمل، سقط قيدي.
قال: فذكر اليوم والساعة، فوافق وقت دعاء الشيخ.
قال: فصاح على المرسم بنا، ثم نظر وتحير، ثم أحضر الحداد وقيدني، فلما فرغه ومشيت سقط القيد، فبهتوا، ودعوا رهبانهم، فقالوا: ألك والدة؟
قلت: نعم.
قالوا: وافق دعاءها الإجابة.
هذه الواقعة حدث بها الحافظ حمزة السهمي، عن أبي الفتح نصر بن أحمد بن عبد الملك، قال: سمعت عبد الرحمن بن أحمد، حدثنا أبي.... فذكرها، وفيها: ثم قالوا: قد أطلقك الله، فلا يمكننا أن نقيدك، فزودوني، وبعثوا بي.
قال: وكان بقي أول من كثر الحديث بالأندلس ونشره، وهاجم به شيوخ الأندلس، فثاروا عليه، لأنهم كان علمهم بالمسائل ومذهب مالك، وكان بقي يفتي بالأثر، فشذ عنهم شذوذا عظيما، فعقدوا عليه الشهادات،
وبدعوه، ونسبوا إليه الزندقة، وأشياء نزهه الله منها.
وكان بقي يقول: لقد غرست لهم بالأندلس غرسا لا يقلع إلا بخروج الدجال.
قال: وقال بقي: أتيت العراق، وقد منع أحمد بن حنبل من الحديث، فسألته أن يحدثني، وكان بيني وبينه خلة، فكان يحدثني بالحديث في زي السؤال، ونحن خلوة، حتى اجتمع لي عنه نحو من ثلاث مائة حديث.
قلت: هذه حكاية منقطعة.
قال ابن حزم: و (مسند) بقي روى فيه عن ألف وثلاث مائة صاحب ونيف، ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه، فهو مسند ومصنف، وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله، مع ثقته وضبطه، وإتقانه واحتفاله في الحديث.
وله مصنف في فتاوى الصحابة والتابعين فمن دونهم، الذي قد أربى فيه على (مصنف) ابن أبي شيبة، وعلى (مصنف) عبد الرزاق، وعلى (مصنف) سعيد بن منصور... ثم إنه نوه بذكر (تفسيره)، وقال: فصارت تصانيف هذا الإمام الفاضل قواعد الإسلام، لا نظير لها، وكان متخيرا لا يقلد أحدا، وكان ذا خاصة من أحمد بن حنبل، وجاريا في مضمار البخاري، ومسلم، والنسائي.
وقال أبو عبد الملك المذكور في (تاريخه): كان بقي طوالا أقنى ، ذا لحية مضبرا قويا جلدا على المشي، لم ير راكبا دابة قط،
وكان ملازما لحضور الجنائز، متواضعا، وكان يقول: إني لأعرف رجلا، كان تمضي عليه الأيام في وقت طلبه العلم، ليس له عيش إلا ورق الكرنب الذي يرمى، وسمعت من كل من سمعت منه في البلدان ماشيا إليهم على قدمي.
قال ابن لبابة الحافظ: كان بقي من عقلاء الناس وأفاضلهم، وكان أسلم بن عبد العزيز يقدمه على جميع من لقيه بالمشرق، ويصف زهده، ويقول: ربما كنت أمشي معه في أزقة قرطبة، فإذا نظر في موضع خال إلى ضعيف محتاج أعطاه أحد ثوبيه.
وذكر أبو عبيدة صاحب القبلة ، قال: كان بقي يختم القرآن كل ليلة، في ثلاث عشرة ركعة، وكان يصلي بالنهار مائة ركعة، ويصوم الدهر.
وكان كثير الجهاد، فاضلا، يذكر عنه أنه رابط اثنتين وسبعين غزوة.
ونقل بعض العلماء من كتاب لحفيد بقي؛ عبد الرحمن بن أحمد: سمعت أبي يقول:
رحل أبي من مكة إلى بغداد، وكان رجلا بغيته ملاقاة أحمد بن حنبل.
قال: فلما قربت بلغتني المحنة، وأنه ممنوع، فاغتممت غما شديدا، فاحتللت بغداد، واكتريت بيتا في فندق، ثم أتيت الجامع وأنا أريد أن أجلس إلى الناس، فدفعت إلى حلقة نبيلة، فإذا برجل يتكلم في الرجال، فقيل لي: هذا يحيى بن معين.
ففرجت لي فرجة، فقمت إليه، فقلت: يا أبا زكريا: - رحمك الله - رجل غريب ناء عن وطنه، يحب السؤال، فلا تستجفني.
فقال: قل.
فسألت عن بعض من لقيته، فبعضا زكى، وبعضا جرح، فسألته عن هشام بن عمار.
فقال لي: أبو الوليد، صاحب صلاة دمشق، ثقة، وفوق الثقة، لو كان تحت ردائه كبر، أو متقلدا كبرا، ما ضره شيئا لخيره وفضله، فصاح أصحاب الحلقة: يكفيك - رحمك الله - غيرك له سؤال.
فقلت: وأنا واقف على قدم: اكشف عن رجل واحد: أحمد بن حنبل، فنظر إلي كالمتعجب، فقال لي: ومثلنا، نحن نكشف عن أحمد؟! ذاك إمام المسلمين، وخيرهم وفاضلهم.
فخرجت أستدل على منزل أحمد بن حنبل، فدللت عليه، فقرعت بابه، فخرج إلي، فقلت: يا أبا عبد الله رجل غريب، نائي الدار، هذا أول دخولي هذا البلد، وأنا طالب حديث، ومقيد سنة، ولم تكن رحلتي إلا إليك.
فقال: ادخل الأصطوان ولا يقع عليك عين.
فدخلت، فقال لي: وأين موضعك؟
قلت: المغرب الأقصى.
فقال: إفريقية؟
قلت: أبعد من إفريقية، أجوز من بلدي البحر إلى إفريقية، بلدي الأندلس.
قال: إن موضعك لبعيد، وما كان شيء أحب إلي من أن أحسن عون مثلك، غير أني ممتحن بما لعله قد بلغك.
فقلت: بلى، قد بلغني، وهذا أول دخولي، وأنا مجهول العين عندكم، فإن أذنت لي أن آتي كل يوم في زي السؤال، فأقول عند الباب ما يقوله السؤال، فتخرج إلى هذا الموضع، فلو لم تحدثني كل يوم إلا بحديث واحد، لكان لي فيه كفاية.
فقال لي: نعم، على شرط أن لا تظهر في الخلق، ولا عند المحدثين.
فقلت: لك شرطك، فكنت آخذ عصا بيدي، وألف رأسي بخرقة مدنسة، وآتي بابه فأصيح: الأجر - رحمك الله - والسؤال هناك كذلك، فيخرج إلي، ويغلق،
ويحدثني بالحديثين والثلاثة والأكثر، فالتزمت ذلك حتى مات الممتحن له، وولي بعده من كان على مذهب السنة، فظهر أحمد، وعلت إمامته، وكانت تضرب إليه آباط الإبل، فكان يعرف لي حق صبري، فكنت إذا أتيت حلقته فسح لي، ويقص على أصحاب الحديث قصتي معه، فكان يناولني الحديث مناولة ، ويقرؤه علي، وأقرؤه عليه، واعتللت في خلق معه. ذكر الحكاية بطولها.
نقلها القاسم بن بشكوال في بعض تآليفه، ونقلتها أنا من خط شيخنا؛ أبي الوليد بن الحاج، وهي منكرة، وما وصل ابن مخلد إلى الإمام أحمد إلا بعد الثلاثين ومائتين، وكان قد قطع الحديث من أثناء سنة ثمان وعشرين، وما روى بعد ذلك ولا حديثا واحدا، إلى أن مات، ولما زالت المحنة سنة اثنتين وثلاثين، وهلك الواثق، واستخلف المتوكل، وأمر المحدثين بنشر أحاديث الرؤية وغيرها، امتنع الإمام أحمد من التحديث، وصمم على ذلك، ما عمل شيئا غير أنه كان يذاكر بالعلم والأثر، وأسماء الرجال والفقه، ثم لو كان بقي سمع منه ثلاث مائة حديث، لكان طرز بها (مسنده) وافتخر بالرواية عنه.
فعندي مجلدان من (مسنده)، وما فيهما عن أحمد كلمة.
ثم بعدها حكاية أنكر منها، فقال: نقلت من خط حفيده؛ عبد الرحمن بن أحمد بن بقي، حدثني أبي، أخبرتني أمي أنها رأت أبي مع رجل طوال جدا، فسألته عنه، فقال: أرجو أن تكوني امرأة صالحة، ذاك الخضر -عليه السلام-.
ونقل عبد الرحمن هذا عن جده أشياء، الله أعلم بصحتها، ثم قال: كان جدي قد قسم أيامه على أعمال البر: فكان إذا صلى الصبح قرأ حزبه من القرآن في المصحف، سدس القرآن، وكان أيضا يختم القرآن في الصلاة في كل يوم وليلة، ويخرج كل ليلة في الثلث الأخير إلى مسجده، فيختم قرب انصداع الفجر، وكان يصلي بعد حزبه من المصحف صلاة طويلة جدا، ثم ينقلب إلى داره - وقد اجتمع في مسجده الطلبة - فيجدد الوضوء، ويخرج إليهم، فإذا انقضت الدول، صار إلى صومعة المسجد، فيصلي إلى الظهر، ثم يكون هو المبتدئ بالأذان، ثم يهبط ثم يسمع إلى العصر، ويصلي ويسمع، وربما خرج في بقية النهار، فيقعد بين القبور يبكي ويعتبر، فإذا غربت الشمس أتى مسجده، ثم يصلي، ويرجع إلى بيته فيفطر، وكان يسرد الصوم إلا يوم الجمعة، ويخرج إلى المسجد، فيخرج إليه جيرانه، فيتكلم معهم في دينهم ودنياهم، ثم يصلي العشاء، ويدخل بيته، فيحدث أهله، ثم ينام نومة قد أخذتها نفسه، ثم يقوم، هذا دأبه إلى أن توفي.
وكان جلدا، قويا على المشي، قد مشى مع ضعيف في مظلمة إلى إشبيلية، ومشى مع آخر إلى إلبيرة، ومع امرأة ضعيفة إلى جيان.
قلت: وهم بعض الناس، وقال: مات سنة ثلاث وسبعين ومائتين.
بل الصواب أنه توفي: لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة، سنة ست وسبعين ومائتين.
ورخه: عبد الله بن يونس، وغيره.
ومن مناقبه أنه كان من كبار المجاهدين في سبيل الله، يقال: شهد سبعين غزوة.
ومن حديثه: أخبرني محمد بن عطاء الله بالإسكندرية، أخبرنا عبد الرحمن بن مكي في سنة ست وأربعين وست مائة، أنبأنا خلف بن عبد الملك الحافظ، أخبرنا أبو محمد بن عتاب، أخبرنا الحافظ أبو عمر النمري، أخبرنا محمد بن عبد الملك، حدثنا عبد الله بن يونس، حدثنا بقي بن مخلد، حدثنا هانئ بن المتوكل، عن معاوية بن صالح، عن رجل، عن مجاهد، عن علي -رضي الله عنه- قال: لولا أني أنسى ذكر الله، ما تقربت إلى الله إلا بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (قال جبريل: يا محمد! إن الله يقول: من صلى عليك عشر مرات استوجب الأمان من سخطه).
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 10- ص: 378
بقي بن مخلد بن يزيد أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي الحافظ. أحد الأعلام وصاحب «التفسير» و «المسند»، أخذ عن يحيى بن يحيى الليثي ورحل إلى المشرق، ولقي الكبار، فسمع بالحجاز أبا مصعب الزهري، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وبمصر يحيى بن بكير، وأبا الطاهر بن السرح، وبدمشق هشام بن عمار، وببغداد أحمد بن حنبل، وبالكوفة يحيى ابن عبد الحميد الحماني، وأبا بكر بن أبي شيبة، وخلائق، وعدد شيوخه
مائتان وأربعة وثمانون رجلا، وعني بالأثر وكان إماما زاهدا صواما صادقا كثير التهجد مجاب الدعوة، قليل المثل، بحرا في العلم، مجتهدا، لا يقلد أحدا، بل يفتي بالأثر، وهو الذي نشر الحديث بالأندلس وكثره، وليس لأحد مثل مسنده ولا تفسيره.
قال ابن حزم أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره ولا تفسير ابن جرير ولا غيره، قال: وقد روى في مسنده عن ألف وثلاثمائة صحابي ونيف، ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه. فهو مسند ومصنف.
قال: وله تواليف في «فتاوى الصحابة والتابعين» فمن دونهم، أربى فيه على مصنف عبد الرزاق، وابن أبي شيبة.
قال: فصارت تصانيف هذا الإمام قواعد للإسلام لا نظير لها، وكان لا يقلد أحدا، وكان جاريا في مضمار البخاري ومسلم والنسائي، انتهى.
وقال غيره: كان بقي متواضعا، ضيق العيش، كانت تمضي عليه الأيام في وقت طلبه ليس له عيش إلا ورق الكرنب الذي يرمى.
روى عنه ابنه أحمد، وأيوب بن سليمان المري، وأسلم بن عبد العزيز الغافقي، وآخرون. ولد في رمضان سنة إحدى ومائتين، ومات في جمادى الآخرة سنة ست وسبعين.
قال ابن عساكر: لم يقع إلي حديث مسند من حديثه.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 1- ص: 118
بقي بن مخلد بن يزيد أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي الحافظ أحد الأعلام وصاحب التفسير والمسند ولد في رمضان سنة إحدى ومائتين وأخذ عن يحيى بن يحيى الليثي ورحل إلى المشرق ولقي الكبار فسمع بالحجاز أبا مصعب الزهري وإبراهيم بن المنذر الحزامي وبمصر
يحيى بن بكير وأبي الطاهر بن السرح وبدمشق هشام ابن عمار وببغداد أحمد بن حنبل وبالكوفة يحيى بن عبد الحميد الحماني وأبا بكر بن أبي شيبة وخلائق
وعدد شيوخه مائتان وأربعة وثمانون رجلا وعني بالأثر وكان إماما زاهدا صواما صادقا كثير التهجد مجاب الدعوة قليل المثل بحرا في العلم مجتهدا لا يقلد أحدا بل يفتي بالأثر وهو الذي نشر الحديث بالأندلس وكثره
وليس لأحد مثل مسنده ولا تفسيره قال ابن حزم أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره ولا تفسير ابن جرير ولا غيره
قال وقد روى في مسنده عن ألف وثلاثمائة صحابي ونيف ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه فهو مسند ومصنف قال وله تواليف في فتاوى الصحابة والتابعين فمن بعدهم أربى فيه على مصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة
قال فصارت تصانيف هذا الإمام قواعد الإسلام لا نظير لها وكان جاريا في مضمار البخاري ومسلم والنسائي
أه
وقال غيره كان بقي متواضعا ضيق العيش كان تمضي عليه الأيام في وقت طلبه ليس له عيش إلا ورق الكرنب الذي يرمى
روى عنه ابنه أحمد وأيوب بن سليمان المري
وقد كانت وفاته في جمادي الآخر سنة ست وسبعين ومائتين
قال ابن عساكر لم يقع إلي حديث مسند من حديثه كذا في تاريخ مرآة الجنان
مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 36
بقي بن مخلد
الإمام شيخ الإسلام أبو عبد الرحمن القرطبي الحافظ
صاحب التفسير الجليل والمسند الكبير
ولد في رمضان سنة إحدى ومائتين وكان إمامًا عالما قدوة مجتهدا لا يقلد أحدا ثقة حجة صالحا عابداً أواهاً منيباً عديم النظير في زمانه
قال ابن حزم كان ذا خاصة من أحمد بن حنبل وجارياً في مضمار البخاري ومسلم والنسائي مجاب الدعوة مات في جمادى الآخرة سنة ست وسبعين ومائتين
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 281
وحافظ الأندلس أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد صاحب المسند والتفسير
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 103
بقي بن مخلد
الإمام، شيخ الإسلام، أبو عبد الرحمن القرطبي الحافظ، صاحب ’’المسند’’ الكبير و ’’التفسير’’ الجليل الذي قال فيه ابن حزم: ما صنف تفسير مثله أصلاً.
مولده في رمضان سنة إحدى ومئتين.
وسمع: يحيى بن يحيى الليثي القرطبي، وأبا مصعب الزهري، ويحيى بن بكير، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وزهير بن عباد، وصفوان بن صالح، ويحيى بن عبد الحميد، وابن نمير، وابن أبي شيبة. وطوف الشرق والغرب، وشيوخه مئتان ونيف وثمانون.
روى عنه: ابنه أحمد، وأحمد بن عبد الله الأموي، وأسلم بن عبد العزيز، ومحمد بن عمر بن لبابة، والحسن بن سعد، وعبد الله بن يونس القبري، وغيرهم.
وكان إماما، قدوة، مجتهدا لا يقلد أحدا، ثبتا، حجة، عابدا، متهجدا، أوابا، منيبا، عديم النظير في زمانه.
قال أحمد بن أبي خيثمة: ما كنا نسميه إلا المكنسة، وهل يحتاج بلد فيه بقي أن يأتي منه إلينا أحد؟ !
وقال أبو الوليد الفرضي: ملأ بقي الأندلس حديثا.
وقال أبو عبد الملك القرطبي في ’’تاريخه’’: كان بقي متواضعا، ملازما لحضور الجنائز. وكان يقول: إني لأعرف رجلا كان تمضي عليه الأيام في وقت طلبه ليس له عيش إلا ورق الكرنب.
وعن بقي قال: لما رجعت من العراق أجلسني يحيى بن بكير إلى جنبه، وسمع مني سبعة أحاديث.
وقد تعصبوا على بقي لإظهاره مذهب أهل الأثر، فدفعهم عنه أمير الأندلس محمد بن عبد الرحمن المرواني، واستنسخ كتبه، وقال لبقي: انشر علمك.
وعن بقي قال: لقد غرست للمسلمين غرسا بالأندلس لا يقلع إلا بخروج الدجال.
وقال ابن حزم: كان بقي ذا خاصة من أحمد بن حنبل، وجاريا في مضمار البخاري ومسلم والنسائي.
وعن بقي قال: كل من رحلت إليه فماشيا على قدمي.
وذكر عن بقي خير، ونسك، وإيثار حتى بثوبه. وكان مجاب الدعوة. وقيل: إنه كان يختم القرآن كل ليلة في ثلاث عشرة ركعة، ويسرد الصوم، وحضر سبعين غزوة.
مات في جمادى الآخرة سنة ست وسبعين ومئتين. رحمه الله.
وفيها مات: العلامة أبو محمد عبد الله بن [مسلم بن قتيبة الدينوري صاحب التصانيف، ومحدث مكة] محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ، ومحدث دمشق يزيد بن محمد بن عبد الصمد أبو محمد الدمشقي، والمسند أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي العوام بن يزيد الرياحي. رحمهم الله تعالى.
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 2- ص: 1
بقي بن مخلد بن يزيد أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي الحافظ
أحد الأعلام، وصاحب التفسير والمسند.
أخذ عن يحيى بن يحيى الليثي، ورحل إلى المشرق، ولقى الكبار
فسمع بالحجاز أبا مصعب الزهري، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وبمصر يحيى ابن بكير، وأبا الطاهر بن السرح، وبدمشق هشام بن عمار، وببغداد أحمد بن حنبل، وبالكوفة يحيى بن عبد الحميد الحماني، وأبا بكر بن أبي شيبة، وخلائق.
وعدد شيوخه مائتان وأربعة وثمانون رجلاً، وعنى بالأثر، وكان إماماً زاهداً صواماً صادقاً، كثير النذر، مجاب الدعوة، قليل المثل، بحراً في العلم، مجتهداً، لا يقلد أحداً، بل يفتي بالأثر، وهو الذي نشر الحديث بالأندلس وكثره وليس لأحد مثل مسنده ولا تفسيره.
قال ابن حزم: أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره، ولا تفسير ابن جرير ولا غيره.
قال: وقد روى في مسنده عن ألف وثلاثمائة صحابي ونيف، ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه، فهو مسند ومصنف.
قال: وله تواليف في فتاوى الصحابة والتابعين فمن بعدهم، أربى فيه على مصنف عبد الرزاق، وابن أبي شيبة.
قال: فصارت تصانيف هذا الإمام قواعد الإسلام لا نظير لها، وكان لا يقلد أحداً، وكان جارياً في مضمار البخاري، ومسلم، والنسائي، انتهى.
وقال غيره: كان بقي متواضعاً، ضيق العيش، كان يمضي عليه الأيام في وقت طلبه ليس له عيش الكرنب الذي يرمى.
روى عنه ابنه أحمد، وأيوب بن سليمان المري، وأسلم بن عبد العزيز، وهشام بن الوليد الغافقي، وآخرون.
ولد في رمضان سنة إحدى ومائتين، ومات في جمادى الآخرة سنة ست وسبعين.
قال ابن عساكر: لم يقع إلي حديث مسند من حديثه.
مكتبة وهبة - القاهرة-ط 1( 1976) , ج: 1- ص: 40
بقى بن مخلد، أبو عبد الرحمن
من حفاظ المحدثين، وأئمة الدين، والزهاد الصالحين.
رحل إلى المشرق فروى عن الأئمة، وأعلام السنة منهم الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وجماعات أعلام يزيدون على المائتين، وكتب المصنفات الكبار، والمنثور الكثير وبالغ في الجمع والرواية، ورجع إلى الأندلس فملأها علماً جما وألف كتباً حسانا تدل على احتفاله واستكثاره.
قال أبو محمد علي بن أحمد فمن مصنفات أبي عبد الرحمن بقى بن مخلد كتابه في تفسير القرآن فهو الكتاب الذي أقطع قطعاً لا أستثني فيه أنه لم يؤلف في الإسلام مثله، ولا تفسير محمد بن جرير الطبري ولا غيره.
ومنها في الحديث مصنفه الكبير الذي رتبه على أسماء الصحابة رضي الله عنهم فروى فيه عن ثلاثمائة وألف صاحب ونيف، ثم رتب حديث كل صاحب على أسماء الفقه، وأبواب الأحكام، فهو مصنف ومسند وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله فيه في الحديث وجودة شيوخه فإنه روى عن مائتي رجل وأربعة وثمانين رجلاً ليس فيهم عشرة ضعفاء وسائرهم أعلام مشاهير.
ومنها مصنفه في فتاوى الصحابة والتابعين ومن دونهم أربى فيه على مصنف أبي بكر بن أبي شيبه، ومصنف عبد الرزاق بن همام، ومصنف سعيد بن منصور وغيرها وانتظم علماً عظيماً لم يقع في شيء من هذه فصارت تواليف هذا الإمام الفاضل قواعد للإسلام ولا نظير.
وكان مخيراً لا يقلد أحداً، وكان ذا خاصة من أحمد بن حنبل، وجارياً في مضمار أبي عبد الله البخاري، وأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، وأبي الرحمن النسائي رحمه الله عليهم هذا آخر كلام أبي محمد.
قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: إن بقى بن مخلد، مات بالأندلس سنة ست وسبعين ومائتين، وقال أبو الحسن الدارقطني في المختلف: إنه مات سنة ثلاث وسبعين. وقد تقدم في اسم محمد بن عبد الله بن قاسم الزاهد أن الأمير عبد الله بن محمد شاور الفقهاء وفيهم بقى بن مخلد في قتل الزنديق، فصح كونه حياً في أيام عبد الله، وكانت ولايته في سنة خمسة وسبعين وتمادت إلى الثلاثمائة هكذا أخيراً أبو محمد فيما جمعه من ذكر أوقات الأمراء وأيامهم بالأندلس، وهذا شاهد لصحة قول أبي سعيد والله أعلم.
روى عن بقى بن مخلد جماعة منهم أسلم بن عبد العزيز بن هاشم القاضي. وأحمد بن خالد بن يزيد ومحمد بن قاسم بن محمد والحسن بن سعد بن إدريس بن رزين البربري الكتامي من أهل المغرب، وعلي بن عبد القادر بن أبي شيبة الأندلسي، وعبد الله بن يونس المرادي، وكان مختصاً به مكثراً عنه، وعنه انتشرت كتبه الكبار ولعله آخر من حدث عنه من أصحابه.
أخبرني أبو الثناء حماد بن هبة الله عن بن خيرون عن الحافظ أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: سمعت همزة بن يوسف إلهي يقول: سمعت أبا الفتح نصر بن أحمد بن عبد الملك يقول: سمعت عبد الرحمن بن أحمد يقول: سمعت أبي يقول: جاءت امرأة إلى بقى بن مخلد فقالت له: إن ابني قد أسره الروم ولا أقدر على مال أكثر من دويرة، ولا أقدر على بيعها فلو أشرت إلى من يفديه بشيء فإنه ليس لي ليل ولا نهار ولا نوم ولا قرار فقال: نعم انصرفي حتى أنظر في أمره إن شاء الله.
قال: وأطرق الشيخ وحرك شفتيه، قال: فلبثنا مدة فجاءت المرأة وابنها معها وأخذت تدعو له وتقول: قد رجع سالماً، وله حديث يحدثك به فقال الشاب: كنت في يدي بعض ملوك الروم مع جماعة من الأسارى، وكان له إنسان يستخدمنا كل يوم فيخرجنا إلى الصحراء للخدمة، ثم يردنا وعلينا قيودنا، فبينما نحن نجيء من العمل مع صاحبه الذي كان يحفظنا فانفتح القيد من رجلي ووقع على الأرض ووصف اليوم والساعة فوافق والوقت الذي جاءت المرأة، ودعا الشيخ، فنهض الذي كان يحفظني وصاح علي وقال: كسرت القيد فقلت: لا إلا أنه سقط من رجلي، قال: وأخبر صاحبه فأحضر الحداد وقيدوني فلما مشيت خطوات سقط القيد من رجلي، فتحيروا في أمري فدعوا هناك رهبانهم فقالوا لي: ألك والدة قلت نعم: فقالوا: وافي دعاؤها الإجابة.
وقالوا: أطلقك الله فلا يمكننا تقييدك فزودوني وأصحبوني إلى ناحية المسلمين.
دار الكاتب المصري - القاهرة - دار الكتاب اللبناني - بيروت - لبنان-ط 1( 1989) , ج: 1- ص: 1