ابن ظهيرة إبراهيم بن علي بن محمد ابن ظهيرة القرشي المخزومي، أبو اسحاق، برهان الدين: قاضي مكة. ولي قضاءها نحو 30 سنة. ومولده ووفاته فيها. كان شافعيا، انتهت اليه رياسة العلم في الحجاز. رحل إلى مصر مرتين.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 52

ابن ظهيرة، برهان الدين قاضي مكة إبراهيم بن علي بن محمد بن محمد بن حسين بن علي بن أحمد بن عطية بن ظهيرة بن مرزوق بن محمد بن علي بن عطيان بن هاشم بن حرام بن علي بن راجح بن سليمان بن عبد الرحمن بن حرب بن إدريس بن سالم بن جعفر بن هاشم بن الوليد بن جندب بن عبد الله بن الحارث بن عبد الله بن الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، القرشي المخزومي المكي، برهان الدين أبو إسحاق الشافعي، قاضي مكة المشرفة بن القاضي نور الدين، بن قاضي القضاة كمال الدين أبي البركات ابن القاضي جمال الدين أبي السعود. جده الوليد بن الوليد بن المغيرة صحابي رضي الله تعالى عنه. وهو أخو خالد ابن الوليد سيف الله رضي الله عنه. وأخوهما هشام بن الوليد صحابي أيضا من الموءلفة قلوبهم رضي الله عن الثلاثة. وكان إسلام الوليد قبل إسلام أخويه.
روى ابن سعد في ’’ الطبقات ’’ قال: أخبرنا محمد بن عمر ’’ قال ’’ حدثنا إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال، أسر الوليد يوم بدر أسره عبد الله بن جحش ويقال سليط بن قيس المازني فقدم في فداية أخواه خالد وهشام ابنا الوليد بن المغيرة. فتمنع عبد الله بن جحش حتى إفتكاه بأربعة آلاف فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة فافلت منهما فأتى
النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم. فقال له خالد: هلا كان هذا قبل أن تفدى قال: كرهت أن تقول قريش إنما أتبع محمدا فرارا من الفدا. ثم أخرجاه إلى مكة وهو آمن لهما، فحبساه بمكة مع نفر كانوا قد اسلموا، منهم عياش بن أبي ربيعة، وسلمة ابن هشام، فدعا لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر، ودعا بعد بدر، للوليد بن الوليد معهما. فدعا ثلاث سنين لهوءلاء الثلاثة. ثم أفلت الوليد من الوثاق فقدم المدينة. فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عياش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشام، فقال تركتهما في ضيق وشدة. فقال له: انطلق حتى تنزل بمكة على القين فإنه قد أسلم، فتغيب عنده وأطلب الوصول إلى عياش وسلمة فأخبرهما أنك رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم بان تأمرهما بأن ينطلقا حتى يخرجا. قال الوليد: ففعلت ذلك فخرجا وخرجت معهما. فكنت اسري بهما مخافة الطلب والفتنة، حتى انتهينا إلى ظهر حرة المدينة.
وقال ابن سعد: أنبأنا محمد بن عمر، حدثني محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن عروة قال: خرج سلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والوليد بن أبي ربيعة، والوليد بن الوليد مهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلبهم ناس من قريش ليردوهم فلم يقدروا عليهم. فلما كانوا بظهر الحرة قطعت إصبع الوليد بن الوليد، فقال:

قال: وانقطع فوآده فمات بالمدينة، فبكته أم سلمة بنت أبي أمية رضي الله عنها فقالت:
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’ لا تقولي هكذا يا أم سلمة، ولكن قولي: وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد وروى ابن سعد من وجه آخر إن الوليد بن الوليد بن المغيرة لما كان بظهر الحرة عثر فانقطعت أصبعه فربطها وهو يقول:
دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي غلام من آل المغيرة اسمه الوليد، فقال: من هذا؟ قلت الوليد، فقال: ’’ قد اتخذتم الوليد حنانا. غيروا اسمه، سيكون في هذه الأمة فرعون يقال له الوليد ’’. انتهت هذه الفائدة الحديثية.
ولد صاحب الترجمة في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثمانمائة. وأخذ العلم عن عمه القاضي أبي السعادات وغيره، ولازم والدي بمكة وبالقاهرة، فأخذ عنه الفقه والأصول والعربية، والمعاني والبيان، وبه تخرج في الفقه والأصول. وانتفع بالشيخ أبي الفضل المغربي في سائر الفنون. وأخذ أيضا عن الحافظ بن حجر، والكمال ابن الهمام، وشيخنا التقي الشمني، وشيخنا الشرف المناوي، وشيخنا الكافيجي وبرع ومهر في الفنون. وولي قضاء مكة المشرفة نحو ثلاثين سنة. وانتهت إليه رياسة الحجاز على الإطلاق. مات في ليلة الجمعة سادس ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثمانمائة.
ولما جاورت بمكة المشرفة اتفقت لي معه قضية أوجبت بعض النفور، لما كنت أرى أنه لا يصدر منه ذلك، لأنه نشو والدي، وغرس نعمته، وتربية بيته، لأنه كان في أول أمره فقيرا مملقا خاملا. فكان والدي هو الذي يوءويه ويقوم بموءنته، ويعلمه العلم، ويعرف به الأكابر، ويسعى له بالمرتبات. فلما صار إلى ما صار إليه، ورحت إلى هناك رام أن أكون في كنفه وتحت لوائه، كما كان هو عند والدي، وكما يكون أهل مصر عنده، رغبة في ماله. وأنا لست هناك، انما أراه واحدا من جماعة أبي كان يحملني وأنا صغير على كتفه. فلم يبلغ مني ما رامه. فكان لا يزال
يعتبني على ذلك، ويرسل إلي من يعتبني، فلا ازداد إلا شهامة. ثم إني حضرت عنده ختم البخاري، فأخذ يتكلم في فضل التواضع وذم المتكبرين خصوصا في الحرم. ففطنت أنه يعرض بي. فالتفت إليه وأوردت عليه عدة أسئلة في الحديث الذي كان يتكلم فيه، فأجاب عنها بما لا يرضي. فبحثت معه إلى أن انقطع، واعترف بالإستفادة مني، ونقلت له نقلا عن ’’ الإرتشاف ’’ فأنكره. ثم أرسل أحضره من البيت، فوجد النقل فيه كما ذكرت. فخضع وصار في نفسه ما فيها. ثم مشت الأعداء، واشتد الشقاق، بحيث خرجت من مكة ولم أودعه. ثم قدم القاهرة بعد سنين، فسألني بعض الأمراء أن يجمع بيني وبينه للصلح، فما أجبت. ثم بعد سنين أخرى أرسل إليه الشيخ عبد القادر بن شعبان الفرضي، وهو رفيقه في القراءة على والدي، كتابا يسأله فيه أن يجيء إلي ويقرأني السلام ويطلب له مني عدة كتب من تصانيفي ليستنسخها له. فجاءني وذكر لي ذلك فأجبته إلى ما سال، وأعطيته الكتب التي سالها، وهي: ’’ الإتقان ’’، و ’’ الأشباه والنظائر ’’، و ’’ تكملة تفسير الجلال المحلي ’’ و ’’ شرح ألفية الحديث ’’، و ’’ شرح ألفية بن مالك ’’، و ’’ الجزء الأول من الدر المنثور في التفسير المأثور ’’. ثم كتبت له كتابا بالصفاء، وهذه صورته: بسم الله الرحمن الرحيم:
كان بعضه قد وقع فقد استدرك بالمحو ولم يقف عليه أعجم ولا فصيح. ومن نقل ما نقل إنما أعتمد على التوهم، وقصد بذلك أغراضا أدناها التوسم. ولست كواحد من هوءلاء، فإن الواحد منهم عبد بطنه، إن أعطي مدح وأثنى، وإن منع ذم وهجا. وأما أنا فإني أصحب الإنسان على الحالين حق الصحبة، واحفظ له في حضوره وغيبته رفيع الرتبة لكن مع حفظ الأدب، والوقوف عند الحق المحض الخالص من شبه الريب. وقد كان لكم في قلبي من قبل أن أحج الحجة الأولى وقبل أن أراكم من المحبة ما لا يقدر قدرها، ولا يستطاع حصرها. وكنت أضمر للمخدوم في قلبي أن أكون له من الناصرين، وعلى أعدائه من الثائرين. فلما حصل الاجتماع بالمخدوم رأيته يراني بغير العين التي أراه، ويسوقني مساق الطغام الجفاة وربما قدم علي من ليس كشكلي، ولست ممن يرضى بالذل ولا يرضى بذلك من كان مثلي:
فهنالك حصل ما حصل، وفرح به العدو وافترى فيما نقل. وعلى كل تقدير فقد زال الجفا، وحصل الصفا، ومحي ما كتب كما أشرتم في سنة ثلاث وسبعين، وبدل بغاية الإحسان. وكتبت لكم التراجم الفائقة، في أعيان العصر فإنكم للأعيان أعيان، مع أن الأصول بحمد الله تعالى لم تزل محفوظة، والإحساب بعين التعظيم والتبجيل ملحوظة، وما زلت أعرف لكم حقكم، ومقامكم بذلك حقيق. فمتى يسمح الزمان برئيس يكون له في الرياسة أصل عريق، ويتمسك من العلم بحبل وثيق. وانتم
بحمد الله تعالى في روءساء عصركم كالشامة، لما اجتمع لكم من الصفات العلية فحسيب، ورئيس، وعالم، وعلامة.

  • المطبعة السورية الأمريكية - نيويورك / المكتبة العلمية - بيروت-ط 0( 1927) , ج: 1- ص: 17