الكفعمي إبراهيم بن علي بن الحسن الحارثي العاملي الكفعمي، تقي الدين: اديب، من فضلاء الإمامية. نسبته إلى قرية (كفر عيما) بناحية الشقيف، بجبل عامل، ومولده ووفاته فيها. أقام مدة في كربلاء. له نظم ونثر وصنف 49 كتابا ورسالة، بينها مختصرات لبعض كتب المتقدمين. من تأليفه (الجنة الواقية - ط) يعرف بمصباح الكفعمي، و (حياة الأرواح ومشكاة المصباح - خ) أدب ومواعظ، و (نهاية الإرب في أمثال العرب) مجلدان، و (مجموع الغرائب وموضوع الرغائب - خ) على نمط الكشكول، و (تاريخ الوفيات العلماء).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 53
الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن ابن محمد بن صالح
ابن إسماعيل الحارثي العاملي الكفعمي وفي آخر المصباح إبراهيم بن علي بن حسن بن صالح وفي آخر حياة الأرواح إبراهيم بن علي بن حسن بن محمد بن إسماعيل.
ولادته ووفاته ومدفنه
ولد سنة 840 كما استفيد من أرجوزة له في علم البديع ذكر فيها أنه نظمها وهو في سن الثلاثين وكان الفراغ من الأرجوزة سنة 870 وكانت ولادته بقرية كفرعيما من جبل عامل وتوفي في القرية المذكورة ودفن بها وتاريخ وفاته مجهول وفي بعض أنه توفي سنة 900 ولم يذكر مأخذه فهو إلى الحدس أقرب منه إلى الحس لكنه كان حيا سنة 895 فإنه فرغ من تأليف المصباح في ذلك التاريخ وليس في تواريخ مؤلفاته ما هو أزيد من هذا وفي الطليعة أنه توفي سنة900 بكربلا ودفن بها وظهر له قبر بجبشيت من جبل عامل وعليه صخرة مكتوب فيها اسمه والله أعلم حيث دفن ’’انتهى’’ (أقول) قد سكن كربلاء مدة وعمل لنفسه أزج بها بأرض تسمى عقير وأوصى أن يدفن فيه كما يظهر مما يأتي ثم عاد إلى جبل عامل وتوفي فيها ولم يذكر أحد ممن ترجمه من الأوائل تاريخ ولادته ووفاته على عادة أصحابنا في التهاون بتاريخ المولد والوفاة ومعرفة الطبقات بل مطلق التاريخ مع محافظة غيرهم على ذلك ومع ما فيه من الفوائد ثم خرجت القرية ويقال إن سبب خرابها كثرة النمل فيها الذي لا تزال آثاره فيها إلى اليوم فنزح أهلها منها وأصبحت محرثا وهذا بعيد فكثرة النمل لا توجب خرابها وإنما خربت بالأسباب التي خرب بها غيرها من القرى والبلدان في كل صقع ومكان فلما خربت اختفى قبره بما تراكم عليه من التراب ولم يزل مستورا بالتراب إلى ما بعد المائة الحادية عشرة لا يعرفه أحد فظهر عند حرث تلك الأرض، وعرف بما كتب عليه هو: هذا قبر الشيخ إبراهيم بن علي الكفعمي رحمه الله. وعمر وصار مزورا يتبرك به وبعض الناس يروي لظهوره حديثا لا يصح وهو أن رجلا كان يحرث فعلقت جاريته بصخرة فانقلعت فظهر من تحتها الكفعمي من تحتها بكفنه غضا طريا فرفع رأسه من القبر كالمدهوش والتفت يمينا وشمالا وقال: هل قامت القيامة ثم سقط فأغمي على الحارث فلما أفاق أخبر أهل القرية فوجوده قبر الكفعمي وعمروه. وقد سرى تصديق هذه القصة إلى بعض مشاهير علماء العراق والحقيقة ما ذكرناه ويمكن أن يكون الحارث الذي عثر على القبر زاد هذه الزيادة من نفسه فصدقوه عليها.
نسبته
وصف نفسه في آخر المصباح وغيره بالكفعي مولدا اللويزي محتدا الجبعي أبا الحارثي نسبا التقي لقبا الإمامي مذهبا وفي آخر حياة الأرواح اللواني الجد الجبعي الأب العيماوي المولد. (والكفعمي) نسبة إلى كفرعيما قرية من ناحية الشقيف في جبل عامل قرب جبشيت واقعة في سفح جبل مشرفة على البحر هي اليوم خراب وآثارها وآثار مسجدها باقية (والكفر) بفتح الكاف وسكون الفاء وراء مهملة في اللغة القرية وقيل أنه كذلك في السريانية ويكثر استعماله في بلاد الشام ومصر وأهل الشام يفتحون فاء كفر عند إضافتها (وعيما) بعين مهملة ومثناة تحتية ساكنة وميم وألف لفظ غير عربي على الظاهر وقياس النسبة إلى كفرعيما كفرعيماوي لكنه خفض كما قيل عبشمي وعبدري وحصكفي في النسبة إلى عبد شمس وعبد الدار وحصن كيفا وعن خط الشيخ البهائي أن الكفر على لغة جبل عامل بمعنى القرية وعيما اسم لقرية هناك وأصلها كفرعيما أي قرية عيماو النسبة إليها كفرعيماوي فحذف ما حذف لشدة الامتزاج وكثرة الاستعمال فصار كفعمي ’’انتهى’’ والصواب أن عيما ليست اسما للقرية كما لا يخفى بل اسم رجل أو نحوه كما أن تسمية القرية كفرا ليس خاصا بجبل عامل بل هي كذلك في اللغة وكأنه حصل تصرف من الناقل فوقع هذا الخلل وغلا فمثل ذلك لم يكن ليخفى على البهائي ويمكن كونه من إضافة العام للخاص. وفي الجزء الرابع من نفح الطيب المطبوع بمصر صفحة 397 أن الكفعمة نسبة إلى كفرعيما قرية من قرى أعمال صفد كما في النسبة إلى عبد الدار عبدري وإلى حصن كيفا حصكفي ’’انتهى’’ وهي من عمل الشقيف في جبل عامل لا من أعمال صفد إلا أن تكون في ذلك العصر من أعمالها لتجاور البلدين ودخول أحدهما في عمل الآخر في بعض الأعصار وما في النسخة المطبعة من نفح الطيب من رسم عيما بتاء فوقانية من تحريف النساخ. وفي معجم البلدان: عما بفتح أوله وتشديد ثانية اسم أعجمي لا أدريه إلا أن يكون تأنيث عم من العمومة وكفر عما صقع في برية خساف بين بالس وحلب عن الحازمي ’’انتهى’’ (واللويزي) نسبة إلى اللويزة بصيغة تصغير لوزة. قرية في جبل عامل من عمل لبنان فأصل آباء الكفعمي من اللويزة وأبوه سكن جبع ثم انتقل إلى كفرعيما فولد ابنه فيها (والجبعي) نسبة إلى جبع بوزن زفر ويقال جباع بالمد. قرية من قرى جبل عامل على رأس جبل عال غاية في عذوبة الماء وصحة الهواء وجودة الثمار نزهة كثيرة المياه والبساتين والثمار (والحارثي) نسبة إلى الحارث الهمداني صاحب أمير المؤمنين عليه السلام فإن المترجم من أقارب البهائي وهما من ذرية الحارث.
أقوال العلماء في حقه
ذكره أحمد المقري في الجزء الرابع من كتابه نفخ الطيب من غصن الأندلس الرطيب صفحة 397 من الطبعة المصرية فقال: الكفعمي هو إبراهيم بن علي بن حسن بن محمد بن صالح وما رأيت مثله في سعة الحفظ والجمع ’’انتهى’’ وحكى الشيخ عبد النبي الكاظمي نزيل جويا من جبل عامل في كتابه تكملة الرجال أنه وجد بخط المجلسي: إبراهيم بن علي بن الحسن من محمد بن صالح الكفعمي من مشاهير الفضلاء والمحدثين والصلحاء المتورعين وكان بين الشهيد الأول والثاني رضي الله عنهما وله تصانيف كثيرة في الدعوات وغيرها ’’انتهى’’.
وفي أمل الآمل: كان ثقة فاضلا أديبا شاعرا عابدا زاهدا ورعا ’’انتهى’’ ويحكى في كثرة عبادته أنه كان يقوم بجميع العبادات المذكورة في مصباحه وتقوم زوجته بما لا يتسع له وقته منها وفي رياض العلماء: الشيخ الأجل العالم الفاضل الكامل الفقيه المعروف بالكفعمي من أجلة علماء الأصحاب وكان عصره متصلا بزمن ظهور الغازي في سبيل الله الشاه إسماعيل الماضي (الأول) الصفوي وله اليد الطولى في أنواع العلوم لا سيما العربية والأدب جامع حافل كثير التتبع وكان عنده كتب كثيرة جدا وأكثرها من الكتب الغريبة اللطيفة المعتبرة وسمعت أنه ورد المشهد الغروي على مشرفه السلام وأقام به مدة وطالع في كتب خزانة الحضرة الغروية ومن تلك الكتب ألف كتبه الكثيرة في أنواع العلوم المشتملة على غرائب الأخبار وبذلك صرح في بعض مجاميعه التي رأيتها بخطه وأنه كان معاصرا للشيخ زين الدين البياضي العاملي صاحب كتاب الصراط المستقيم بل كان من تلامذته ’’انتهى’’ وكان واسع الاطلاع طويل الباع في الأدب سريع البديهة في الشعر والنثر كما يظهر من مصنفاته خصوصا من شرح بديعته حسن الخط وجد بخطه كتاب دروس الشهيد قدس سره فرغ من كتابته سنة 850 وعليه قراءته وبعض الحواشي الدالة على فضله. ورأيت بعض الكتب بخطه في بعض خزائن الكتب في كربلا سنة 1353.
مشائخه
في رياض العلماء: يروي إجازة عن جماعة عديدة منهم والده ’’انتهى’’ (أقول) ومنهم السيد الفاضل الشريف الجليل حسين بن مساعد الحسيني الحائري صاحب تحفة الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار وعن رياض العلماء أن مشائخه في الإجازة على الظاهر السيد علي بن عبد الحسين بن سلطان الموسوي الحسيني صاحب كتاب رفع الملامة عن علي عليه السلام في ترك الإمامة (وقال) وكانت بينهما مكاتبات ومراسلات بالنظم والنثر ومدحه الكفعمي في بعض رسائله ومدح كتابه المذكور ونقل عنه كثيرا ودعا له بلفظ دام ظلها انتهى (أقول) وليس ذلك في القطعة التي نقلها الشيخ يوسف البحراني في كشكوله ونسبها إلى بعض تلاميذه المجلس والحقيقة أنها قطعة من الرياض.
مؤلفاته
(1) الجنة الواقية والجنة الباقية المعروف بمصباح الكفعمي لسبقه بمصباح المتهجد للشيخ أبي جعفر الطوسي الذي كان مشتهرا بينهم وعلى منواله نسج الكفعمي فاستعروا له اسمه الذي كان مألوفا بينهم لخفته على ألسنتهم وتشابه الكتابين فرغ منه سنة 895 وقد رزق هذا الكتاب حظا عظيما ونسخ مصباح المتهجد وكتبت منه نسخ عديدة بالخطوط الفاخرة على الورق الفاخر في جميع بلاد الشيعة وطبع مرتين في بمبئ وثالثة في إيران (2) مختصر منه لطيف نسبه إليه في أمل الآمل ونسب إليه صاحب البلغة (الجنة الواقية) مختصر لطيف في الأدعية والأوراد عندي منه نسخة والظاهر أنه المختصر الذي نسبه إليه في الأمل وربما شك في كونه له (3) البلد الأمين والدرع الحصين صنفه قبل المصباح وضمنه مضافا إلى الأدعية والعوذ والأحراز والزيارات والسنن والآداب وغيرها جميع أدعية الصحيفة السجادية (4) شرح الصحيفة المسمى بالفوائد الطريفة أو الشريفة في شرح الصحيفة قال في آخرها نقلت هذه الصحيفة من صحيفة عليها إجازة عميد الرؤساء ونقلت من خط علي بن السكون وقوبلت بخط الشيخ محمد بن إدريس واستخرجت ما على هامشها من كتب معتمد على صحتها:
كتب كمثل الشمس يكتب ضوؤها | ومحلها فوق الرفيع الأرفع |
عظمت وجلت إذ حوت لمفاخر | أبدا سواها في الورى لم يجمع |
مولى له الأنعام والأعراف والأ | نفال والحكم التي لا تجهل |
يا نور يا فرقان يا من مدحه | نطقت به الشعراء وهو المرسل |
ودنا له القمر المنير وشقه الر | حمن واقعة له لا تجهل |
وله لدى الحشر العظيم شفاعة | في أمة بالامتحان تسربلوا |
يا من به شرع الطلاق ومن له التـ | ـحريم والملك العظيم الأجمل |
يا من تزول المرسلات ببعثه | يا أيها النبأ العظيم الأكمل |
يا من ليالي القدر بينه له | وعداه بالزلزال منه تزلزلوا |
هو صاحب الإيلاف والدين الذي | يسقى غدا من كوثر يتسلسل |
يا خاتما فلق الصباح كوجهه | والناس منه مكبر ومهلل |
أبياتها ميقات موسى عدة | والكفعمي بمدحه يتعجل |
يا طريق النجاة بحر فلاح | أنت دفع الهموم والأحزان |
أنت أنس التوحيد عدة داع | ثم روح الأحياء فلك المعاني |
نهج حق ونثر در نبيه | ورياض الآداب ذكرى البيان |
فائق رائع مسرة راض | منتهى السؤل جامع للأماني |
نزهة عدة ظرائف لطف | روضة منهج جنان الجنان |
فصحاح الألفاظ فيه تلقى | وشذور العقود والمرجان |
وهو قوت القلوب نهج جنان | وكنوز النجاح والبرهان |
سلام محب لو بدا عشر شوقه | لطبق ما بين السماوات والأرض |
تراه لكم بالأمن والسعد داعيا | وهذا الدعا لا شك من لازم الفرض |
وأنجاك في دنياك من كل شدة | وأرضاك في يوم القيامة والعرض |
كما أنت لي عون وغوث وعدة | ووفرت لي مالي ووفرت لي عرضي |
وينهي إلى قاضي القضاة بأن ذا | علي بن فخر الين في أمركم مرضي |
ومدحكم فرض يراه لسانه | وحبكم إياه شاهده يقضي |
حديث سواكم لا يمر بقلبه | وإن مر لا يحلو وحكمكم يمضي |
يتيه به من في القبيبات عزة | لخدمته إياك يا قاضي الأرض |
فإن يك في أفعاله أو مقاله | عصاكم فعين العفو عن ذنبه تغضي |
سلام عليكم كلما ذر شارق | وسبحت الأملاك في الطول والعرض |
سألتكم بالله أن تدفنونني | إذا مت في قبر بأرض عقير |
فإني به جار الشهيد بكربلا | سليل رسول الله خير مجير |
فإني به في حفرتي غير خائف | بلا مرية من منكر ونكير |
آمنت به في موقفي وقيامتي | إذا الناس خافوا من لظى وسعير |
فإني رأيت العرب تحمي نزيلها | وتمنعه من أن يصاب بضير |
فكيف بسيط المصطفى أن يرد من | بحائره ثاو بغير نصير |
وعار على حامي الحمى وهو في الحمى | إذا ضل في البيدا عقال بعير |
الحمد لله الذي هداني | إلى طريق الرشد والإيمان |
ثم صلاة الله ذي الجلال | عمل النبي المصطفى والآل |
وبعد فالمولى الفقيه الأمجد | الكامل المفضل المؤيد |
العالم البحر الفتى العلامه | البابلي صاحب الكرامه |
أعني به الحسين عز الدين | ومن رقى في درج اليقين |
ذاك ابن موسى وسمي جده | وذاك في الزهد نسيج وحده |
أشار أن أنظم ما قد ندبا | من الصيام دون ما قد وجبا |
هنيئا هنيئا ليوم الغدير | ويوم الحبور ويوم السرور |
ويوم الكمال لدين الإله | وإتمام نعمة رب غفور |
ويوم العقود ويوم الشهود | ويوم المدود لصنو البشير |
ويوم الفلاح ويوم النجاح | ويوم الصلاح بكل الأمور |
ويوم الإمارة للمرتضى | أبي الحسنين الإمام الأمير |
وأين الضباب وأين السحاب | وليس الكواكب مثل البدور |
علي الوصي وصي النبي | وغوث الولي وحتف الكفور |
وغيث المحول وزوج البتول | وصنو الرسول السراج المنير |
أمان البلاد وساقي العباد | بيوم المعاد بعذب نمير |
همام الصفوف ومقري الضيوف | وعند الزحوف كليث هصور |
ومن قد هوى النجم في داره | ومن قاتل الجن في قعر بير |
وسل عنه بدرا واحدا ترى | له سطوات شجاع جسور |
وسل عنه عمرا وسل مرحبا | وفي يوم صفين ليل الهرير |
وكم نصر الدين في معرك | بسيف صقيل وعزم مرير |
وستا وعشرين حربا رأى | مع الهاشمي البشير النذير |
أمير السرايا بأمر النبي | وليس عليه بها من أمير |
وردت له الشمس في بابل | وآثر بالقرص قبل الفطور |
ترى ألف عبد له معتقا | ويختار في القوت قرص الشعير |
وفي مدحه نزلت هل أتى | وفي ابنيه والأم ذات الطهور |
جزاهم بما صبروا جنة | وملكا كبيرا ولبس الحرير |
وحلوا أساور من فضة | ويسقيهم من شراب طهور |
وآي التباهل دلت على | مقام عظيم ومجد كبير |
وأولاده الغر سفن النجاة | هداة الأنام إلى كل نور |
ومن كتب الله أسماءهم | على عرشه قبل خلق الدهور |
هم الطيبون هم الطاهرون | هم الأكرمون ورفد الفقير |
هم العالمون هم العاملون | هم الصائمون نهار الهجير |
هم الحافظون حدود الإله | وكهف الأرامل والمستجير |
لهم رتب علت النيرين | وفضلهم كسحاب مطير |
مناقبهم كنجوم السماء | فكيف يترجم عنها ظهير |
ترى البحر يقصر عن وجودهم | وليس لهم في الورى من نظير |
فدونكم يا إمام الورى | من الكفعمي العبيد الفقير |
أتيت الإمام الحسين الشهيد | بقلب حزين ودمع غزير |
شكروا وما نكثت لهم ذمم | ستروا وما هتكت لهم حرم |
صبروا وما كلت لهم قمم | وهنوا وما نصرت لهم همم |
نكثوا وما شكرت لهم ذمم | هتكوا وما سترت لهم حرم |
كلوا وما صبرت لهم قمم | وهنوا وما نصرت لهم همم |
وقائلة ما الحال قلت لها ارحمي | قتيل الهوى فالوجه أصفر فاقع |
فقالت وصالي لا يليق بناقص | فهل لك فضل كالشمس شائع |
فقالت وعلم قلت كالبدر ظاهر | فقال وذكر قلت كالمسك ذائع |
فقالت وعز قلت كالحصن مانع | فقالت ومال قلت كالبحر واسع |
فقالت وفكر قلت كالسهم صائب | فقالت وسيف قلت كالبيت قاطع |
فقالت وجند (كذا) قلت أي وهو آفل | فقالت وجد قلت بالسعد طالع |
فأضحت تفديني وبت منعما | بحيي وعيشي باللذاذة جامع |
هذا الكتاب كتاب لا نظير له | في بحث أمثاله في سائر الكتب |
فكان كالروض ضاهى عرفها أبدا | عرف الغواني معان فيه كالضرب |
وكان تحسر عنه العين إن نظرت | ولا شبيه له في العجم والعرب |
تخاله نور روض قد بدا نضرا | أو ناصع الورق يعلو قاني المذهب |
يميس مثل عروس في غلائلها | يمسى أبو قلمون منه في تعب |
وكم من يد قبلتها عن كريهة | وقد كان ودي قطعها لو أمكن |
جنة الوصل لا تنال لصب | أن يكن عند صبه مذكورا |
فلقاكم يعد جنة عدن | وجفاكم سلاسلا وسعيرا |
أولني الوصل يا حبيب فؤادي | إنني شاكر ولست كفورا |
إن يوم الفراق يوم عصيب | كان حقا بشره مستطيرا |
عيني الآن إن نظرت تراها | فجرت من نواكم تفجيرا |
أنا مسكينكم قتيل هواكم | صرت من فقدكم يتيما أسيرا |
ما تخافون شر يوم شديد | قد دعي مع عبوسه قمطريرا |
ليس ينجو سوى ولي هداة | من أذاه ينال ملكا كبيرا |
سادة هل أتي أتت في علاهم | لفظها جاء لؤلؤا منثورا |
يا هنيئا لهم بدار نعيم | سوف يلقون نضرة وسرورا |
سوف يلقون سلسبيلا أعدت | في كؤوس مزاجها كافورا |
سوف نعطيهم نعيما مقيما | ثم نسيقهم شرابا طهورا |
يا ولاة الهداة بشرا فأنتم | سوف تجزون جنة وحريرا |
كم لكم مكن آرائك في جنان | ليس شمسا ترى ولا زمهريرا |
كم قوارير فضة قد أبيحت | قدروها لأجلكم تقديرا |
كان هذا جزاؤكم إن صبرتم | في رضاه وسعيكم مشكورا |
وكف له بابان للناس واحد | وللاعتفا ثان يرى غير مغلق |
فداخل باب الناس ليس بسالم | وداخل باب الاعتفا غير مخفق |
وإن لسان الكفعمي بوصفه | تراه حقيقا صادقا غير كاذب |
هو البحر إلا أنه كل ساعة | أنامله تهمي بخمس سحائب |
لك كف يقضي لكل ولي | بالعطايا وللعدى بالدحور |
فهو يقضي علي الولي بوبل | ووبال لكل ضد كفور |
وزلال له إذا زيد زايا | للأعادي وفقدها للشكور |
لك قس الكتاب حاتم طي | برمكي العطاء بحر البحور |
وإذا السعادة ألبستك قشيبها | فاهجم فإن لظى الجحيم جنان |
فاصرع بها الأعداء فهي ذوابل | واقطع بها البيداء فهي حصان |
وإذا السعادة لفعتك ثيابها | ثم فالتعازي كلهن هناء |
فاذبح بها الأعداء فهي مهند | وامتح بها الآبار فهي رشاء |
وإذا السعادة لاحظتك عيونها | نم فالمخاوف كلهن أمان |
فاصطد بها العنقاء فهي حبالة | واقتد بها الجوزاء فهي عنان |
وافى كتابك بالسعادة مخبرا | ففضته فإذا السماع عيان |
لا زلت مشتملا بضافي بردها | ما سار في أعلى العلى كيوان |
يا كتابي إليه بالرسول | وعلي الوصي بعد البتول |
قبل الأرض في حمى ابن علي | والثم الترب عن سمي الخليل |
إذا هذا رجاي وهو حري | بزوال الجوى وري الغليل |
ثم سله بأن يجهز تسعا | بعد تسع ومائة بالأصيل |
شكوت إلى المولى أو أمي وإنني | ببحر جداه العد أصبحت راكبا |
فقال وقد أبديت فرط تعجبي | ألم تر أن البحر يبدي العجائبا |
صد الحبيب ومنعي عن مجالسه | مران مران أو مران مران |
ولثمه ولماه القند طعمهما | حلوان حلوان أو حلوان حلوان |
أتاني كتاب كالربيع وزهره | من الحلة الفيحاء من خير كاتب |
فقلت له أهلا وسهلا ومرحبا | وصرت به في أوج أعلى المراتب |
سررت به حتى كأني لقيته | كتاب بمنثور الجنان مكاتب (كذا) |
قالت لجارتها والقول توضحه | قرنت زوجك والقرنان تفضحه |
قالت أخليه حملا لا قرون له | يلقاه زوجك بعض الدرب ينطحه |
أتاني كتاب من سليل ابن حمزة | يخال كسلوى أو كتصحيف جده |
كتاب أمان في يمين وعكسه | يقطع أعناق الشناة بحده |
وناري في الوفاء لها انتساب | إلى نار الخليل وليس تخفى |
ويشهد بالوفاء كتاب ربي | ففيه أن إبراهيم وفى |
يا أيها المولى الذي أفضاله | كالقطر منهلا على الفقراء |
أنت المؤمل والرجاء أميرنا | أبقاك رب الخلق في النعماء |
وقائلة عظ خلف سوء أجبتها | فكيف وأنى ينجح الوعظ في الخلف |
جماعات سوء قد وقفن بلا خفا | على السبع والخمسين من سورة الكهف |
لا تلمني إذا وقيت الأواقي | فالأواقي لماء وجهي أواقي |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 184
الكفعمي اسمه إبراهيم بن علي بن حسن بن محمد.
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 9- ص: 32