الرقيق القيرواني إبراهيم بن القاسم، أبو اسحاق، المعروف بالرقيق او ابن الرقيق: مؤرخ اديب من أهل القيروان. كان تلى كتابة الحضرة في الدولة الطنهاجية، واستمر فيها زهاء نصف قرن. ورحل إلى مصر سنة 388 هـ ، يحمل هدية من باديس بن زيري إلى الحاكم، وعاد إلى وطنه فتوفي فيه على الارجح. وصفه ابن رشيق (صاحب العمدة) بانه: شاعر سهل الكلام محكمه، لطيف الطبع، غلب عليه اسم الكتابة وعلم التاريخ وتاليف الاخبار وهو بذلك احكم الناس ا هـ. وقال ابن خلدون (في المقدمة): ابن الرقيق، مؤرخ افريقية واالدول التي كانت بالقيروان ولم يات من بعده الا مقلد. ونعته ياقوت (في معجم الادباء) بالكاتب وارد اسماء كتبه، ومنها، (تاريخ افريقيا والمغرب) عدة مجلدات، و (كتاب النساء) و (نظم السلوك في مسامرة الملوك) وله (قطب السرور في مصف الانبذة والخمور - خ).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 57

الرقيق إبراهيم بن القاسم المعروف بالرقيق القيرواني، أبو إسحاق، الكاتب الأديب الشاعر المؤرخ.
ولد بالقيروان ومات بها وتاريخ ميلاده ووفاته غير معروفين، كما أن تفاصيل حياته غير معروفة بدقة.
تولى الكتابة الخاصة لثلاثة أمراء صنهاجيين زيريين: المنصور (96 - 984/ 86 - 374) وباديس (386 - 406/ 996 - 1016)، والمعز (بداية من 406/ 1016). ذكر ابن رشيق في «أنموذج الزمان» وهو مصدر أولي لتعيين وتحديد زمن وظائفه وكذلك اشارة نفس المؤلف إلى مهمة الرقيق في القاهرة في 388/ 998، وعبارة ابن خلدون في رفوف سنة 417/ 1026 - 27 عن خبر الرقيق عن تاريخ بني خزرون بطرابلس، استخدمتها الدراسات الحديثة في محاولات غير منزهة من الضعف لتعيين بعض نقط الاستدلال في حياة الرقيق التي بقيت مع ذلك غير تامة المعرفة وقليلة الوضوح.
قال ابن رشيق من جملة كلام له عن الرقيق: «وكاتب الحضرة منذ نيف وعشرين سنة إلى الآن».وذكر المؤرخ المرحوم ح. ح. عبد الوهاب أن كلمة «الآن» الواردة في كلام ابن رشيق تعني حدود عام 425 هـ‍ وهو الوقت الذي ألف فيه ابن رشيق كتاب «الأنموذج» ومما سبق يتضح أن وفاة الرقيق كانت حوالي سنة 425 هـ‍ أو بعدها بقليل، وهذا غاية ما يمكننا ترجيحه.
ويرى أنه ولد بالقيروان في منتصف القرن الرابع للهجرة حوالي الوقت الذي انتقل فيه الفاطميون من افريقية إلى مصر (362/ 972) عقب تأسيس القاهرة المعزية.
ووظائف كاتب الأمير أسندت له القيام بمهمات تشريفاتية أكثر منها ديبلوماسية وسافر مع مخدوميه في حروبهم مع قبائل المغرب الأوسط أو بني عمهم الحماديين أمراء القلعة.
أرسله باديس بن المنصور سنة 386/ 996 ثم في سنة 388/ 998 إلى القاهرة لتهنئة الحاكم بأمر الله الفاطمي، مع هدية لتقديمها له، وأنشد الحاكم قصيدة طالعها:

وهي طويلة ثم عاد إلى وطنه.
وخدمته للأمراء الثلاثة جعلته نديما لهم ومقدرين فيه آداب السلوك وميله إلى حياة السرور، ولثقافته وصفات الأديب الماهر، سمي الكاتب النديم.
وابن رشيق يثني على شعره مع قلته، ويرى أنه غلب عليه اسم الكتابة وعلم التاريخ، فقد قال عنه في الأنموذج: «هو شاعر، سهل الكلام محكمه، لطيف الطبع قويه، تلوح الكتابة على ألفاظه قليل صنعة الشعر، غلب عليه اسم الكتابة وعلم التاريخ وتأليف الأخبار، وهو بذلك أحذق الناس».
وقال ابن خلدون في أوائل «المقدمة» مثنيا على موهبته التاريخية ومهارته فيها: «ابن الرقيق مؤرخ افريقية والدول التي كانت بالقيروان، ولم يأت من بعده إلا مقلد».
وكان يعيش عيشة الأدباء من معاقرة الخمر مع أصحابه، وله شعر أجاب به عن أبيات كتبها إليه عمار بن جميل وقد انقطع عن مجالس الشراب، ولذلك تحامى الفقهاء رواياته الشاذة التي ينفرد بها والتي يحوم الشك حول صحتها ولعل ولوعه بإيراد الحكايات سعيا وراء تخفيف جفاف السرد الأخباري جعله لا يتحرى، ولا يستخدم النقد في غربلة ما ينقله.
قال بروكلمان في «ملحقه»: «وذكر دوسلان أن للرقيق كتابا في تاريخ البربر تحدث عنه في «المجلة الآسيوية» الفرنسية ج 4 م 4 سنة 1844 ص 347»
وقد ألف تاريخا لافريقيا الشمالية (تاريخ افريقية والمغرب في عدة مجلدات) وتاريخ انساب البربر، وديوانا شعريا توجد منه نسخة بمكتبة باريس.
وذكره الرحالة الاسباني مرمول (ابن الرقيق) وهو الذي ذكره محمد الوزاني (ليون الافريقي) في رحلته أيضا. وفي خلال القرن السابع عشر أي عند ما مر مرمول (Marmol) بتونس كانت لا تزال توجد عدة نسخ من تاريخ ابن الرقيق بتونس. ثم إن دوسلان تحدث بعد ذلك عن المؤرخين الذين اعتمدهم النويري في الجزء من كتابه «نهاية الأرب» عند ما تعرض لتاريخ افريقية فقال: «هؤلاء هم المؤرخون الذين اعتمدهم النويري في
الجزء من كتابه «نهاية الأرب» ولكنه اعتمد بالخصوص على تاريخ إبراهيم الرقيق وابن شداد وهذان المؤرخان هما اللذان أمداه بالقصص الطويلة المتعلقة بأمراء العرب الذين حكموا افريقية وخصوصا ملوك الأغالبة وأمراء بني زيري الصنهاجيين. وهذه القصص المطولة هي التي أكسبت تاريخ افريقية كل هذه الأهمية. ومع ذلك فإن ابن خلدون لا يمنح الرقيق دائما ثقته التامة، بل لقد رفض روايته في كثير من المواطن، وإني أميل إلى الاعتقاد بأن قصة بنت البطريق جرجير مع عبد الله بن الزبير في أول فتح عربي للديار الافريقية إنما هي من وضع إبراهيم الرقيق «انتهى ما كتبه البارون دوسلان في «المجلة الآسيوية» عن الرقيق».
ويرى كراشكوفسكي في «تاريخ الأدب الجغرافي العربي» أن فيما يتعلق بنقل الوزان (ليون الافريقي) عنه فإنه قلما يشير إلى مصادره، وهو حين يفعل ذلك يوردها من الذاكرة ... ومن الجلي أن معرفته بالمؤلفين المغاربة كانت أقرب، وهو أمر طبيعي، وأكثر نقوله عن ابن الرقيق، وإليه يدين ليون الافريقي بتصنيفه الأصل للقبائل العربية والبربرية وبقدر كبير من المعطيات المختلفة بل الاطار العام لمصنفه وذلك من الناحيتين التاريخية والاثنوغرافية.
مؤلفاته:
1) الأغاني، نحا فيه منحى أبي الفرج الاصبهاني، مجلد ضخم.
2) الاختصار البارع للتاريخ الجامع، عدة مجلدات.
ولعله اختصار لتاريخه الكبير عن افريقية والمغرب، وكثير من المؤلفين القدامى يستخرجون من كتابهم الكبير في التاريخ مختصرا ومؤلفات أخرى في التراجم عامة أو لطبقات معينة مثل الحافظ الذهبي اختصر تاريخه الكبير، واستخرج منه مؤلفات أخرى كالنبلاء، وتذكرة
الحفاظ، ومعرفة القراء الكبار، ومثل صلاح الدين الصفدي وتأليفه الكبير «الوافي بالوفيات» فقد استخرج منه «نكت الهميان بنكت العميان» وتراجم معاصريه في «أعوان النصر بأعيان العصر» وكذلك فعل غيرهما مما يطول سرده.
3) أخبار بني زيري الصنهاجيين، يشمل أخبار الأمراء الثلاثة الأول منهم وهم: زيري بن مناد وابنه أبو الفتوح يوسف، وابنه المنصور، وقد أشار إليه عند الكلام عن دولة المنصور (من سنة 374 الى 386/ 984 - 996) حيث قال: «وقد ذكرت سيرته وحروبه وعطاياه في كتاب مفرد لأخبار جده وأبيه وأخباره».
(نقل ذلك ابن عذاري في «البيان المغرب») وهو مفقود. ولعله استخرجه من كتابه الكبير.
4) كتاب انساب البربر، مفقود.
5) تاريخ افريقية والمغرب، في عشر مجلدات ابتدأ فيه بأخبار الفتح العربي إلى نهاية سنة 417 ولعله هو الذي سماه ابن الفوطي في «تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب «بالمغرب في أخبار المغرب» وهو تاريخه الكبير المفقود.
وهو الذي وصله ابن شرف ثم ابنه جعفر بن شرف، وأبو الصلت أمية بن أبي الصلت الداني نزيل المهدية (ت سنة 537/ 1142)، والكتاب وذيوله نقل عنهما من أتى بعدهما من المؤرخين كابن عذاري، والتجاني في رحلته، والوزير السراج في الحلل السندسية، وغيرهم، وذيول الكتاب مفقودة أيضا.
والقطعة الغفل المبتورة الأول في تاريخ المغرب عن حكومة عقبة بن نافع إلى حكومة إبراهيم الأول الأغلبي التي اكتشفها بالرباط الشيخ محمد المنوني المكناسي، والتي نشرها بتونس الأستاذ المنجي الكعبي سنة 1968 مشكوك في نسبتها إلى الرقيق.
6) فتوح افريقية، ذكره الأبي في شرحه على مسلم 1/ 71 ولعله منتزع من تاريخه الكبير.
7) ديوان شعر، منه نسخة في مكتبة باريس.
8) قطب السرور في وصف الأنبذة والخمور، في جزءين، وهو الكتاب الذي وصل إلينا كاملا من مؤلفاته. يوجد الجزء الأول منه مخطوطا في باريس، والثاني في الاسكوريال وكاملا في برلين وقد نشر الأستاذ أحمد الجندي القسم الأخير منه، وهو يظن أنه الكتاب كله، من منشورات مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1969 واختصره في جزء نور الدين علي المسعودي، حققه الأستاذ عبد الحفيظ منصور (تونس 1976) قال المؤلف في مقدمة الكتاب: «وأودعته من أمثال الحكماء ومنثور البلغاء، ومنظوم الشعراء، وأخبار الأدباء والظرفاء ما لا يستغني عنه شريف، ولا يجوز أن يخلو منه ظريف وليس في الأمور التي وقع فيها الحظر والاطلاق شيء اختلف الناس فيه اختلافهم في الأشربة، وما يحل منها وما يحرم، على قدم الأيام ومع قرب العهد بالرسول عليه السلام وخيار الصحابة وكثرة العلماء الذين يؤخذ عنهم ويقتدى بهم ... وإن شيئا وقع فيه الاختلاف في ذلك العصر بين أولئك الأئمة لحري أن يشكل على من بعدهم، وتختلف فيه آراؤهم ويكثر تنازعهم»، إلى أن يقول: «وجمعت لك في الخمرة رأي العرب وشعرائها، وشيئا من علم الفلاسفة وحكمائها، وإلى الله عز وجل الرغبة في الهداية إلى صالح الأعمال، وبه المعاذ من الزلل في مقال وفعال، ونستغفره من فعل لا يرضيه، وقول يحث على معاصيه » وذكر في هذا الكتاب الخلفاء والكبراء من عظماء الإسلام الذين كانوا مولعين بالخمر، وأورد كثيرا من النوادر النثرية والشعرية المتعلقة بهم. فالكتاب فيه لغة وأدب وجمع لما يتعلق بالخمر مما يدل على أن المؤلف كان شريبا مدمنا.
9) الروح والارتياح، منه نسخة في خزانة الأستاذ صادق كمونة المحامي في بغداد .. ولهذا الكتاب صلة بأمور الخمر.
10) معاقرة الشراب، نقل منه فقرات في نفح الطيب 4/ 128 - 129.
11) الصبوح والغبوق.
12) كتاب المتيمين.
13) النساء خصصه بأخبار الشاعرات المشهورات.
14) كتاب نظم السلوك في مسايرة الملوك في مجلدات، توجد منه نحو كراس من القطع الكبير بالمكتبة الوطنية بتونس رقم 19383 (وأصلها من مكتبة الشيخ علي النوري بصفاقس) وتشتمل هذه القطعة على حكايات عجيبة غريبة وبعضها لا يكاد يصدقها العقل، مما يصلح أن يثير انتباه المستمع وتعجبه.
المصادر والمراجع:
- الاعلام 1/ 51 - 52.
- تاريخ الأدب العربي لبروكلمان (الترجمة العربية) 3/ 81.
- تاريخ الأدب الجغرافي العربي 1/ 453.
- تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب لعبد الرزاق بن أحمد المعروف بابن الفوطي الشيباني الحنبلي، تحقيق المرحوم الدكتور مصطفى جواد (المط الهاشمية بدمشق 1962) ق 1 ج 4/ 213 في ترجمة عز الدين أبي العرب بن شداد بن تميم الحميري القيرواني عند ذكره لانتخاب التواريخ التي تقدمته «وأبي إسحاق إبراهيم المعروف بالرقيق صاحب كتاب المغرب عن أخبار المغرب».
- إيضاح المكنون 1/ 47.
- الحياة الأدبية بافريقية في عهد الزيريين (بالفرنسية) للشاذلي بو يحيى ص 138 - 144 رقم 138.
- بلاد البربر الشرقية في عهد الزيريين (بالفرنسية) 2/ 781 - 782.
- دائرة المعارف الإسلامية (بالفرنسية الطبعة الجديدة) بقلم محمد الطالبي 3/ 927.
- مجمل تاريخ الأدب التونسي 121 - 124.
- معجم الأدباء 1/ 216 - 226.
- معجم المؤلفين 1/ 76.
- نزهة الأنظار لمقديش 1/ 30.
- هدية العارفين 1/ 67.
- الترجمة المنقولة عن كتاب «العمر» في تقديم المختار من قطب السرور ص 11 - 18.
- ورقات ... 2/ 219 - 20، 438 - 447.
- ح. ح. عبد الوهاب: «مجلة البدر» ج 76 من المجلد الثاني 2 رجب 1340 ص 995 - 400.
عثمان الكعاك تاريخ الأدب التونسي نقلا عن بروكلمان (ترجم ما في الأصل والملحق) «مجلة الثريا» ع 12 س 1 ذو الحجة 1363، ديسمبر 1944 ع 1 س 2 صفر 1364 جانفي 1945 ص 9.

  • دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان-ط 2( 1994) , ج: 2- ص: 379

الرقيق الكاتب القيرواني إبراهيم بن القاسم الكاتب المعروف بالرقيق -بقافين بينهما ياء آخر الحروف فعيل من الرقة- القيرواني، رجل فاضل له تصانيف كثيرة منها كتاب تاريخ إفريقية والمغرب عدة مجلدات. كتاب النساء كبير. كتاب الراح والارتياح. نظم السلوك في مسامرة الملوك أربع مجلدات. الاختصار البارع للتاريخ الجامع عدة مجلدات. كتاب الأغاني مجلد. كتاب قطب السرور مجلدان كبيران فضح العالمين فيه وله غير ذلك. قال ابن رشيق: شاعر سهل الكلام محكمه لطيف الطبع قويه تلوح الكتابة على ألفاظه قليل صنعة الشعر غلب عليه اسم الكتابة وعلم التاريخ وتأليف الأخبار وهو بذلك أحذق الناس وكاتب الحضرة مذ نيف وعشرين سنة إلى الآن. وكان قدم مصر سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة بهدية من نصير الدولة باديس بن زيري إلى الحاكم فقال قصيدة يذكر فيها المناهل ثم قال:

ومن شعره أيضا:
ومنه أيضا:

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 6- ص: 0

الرقيق الكاتب إبراهيم بن القاسم.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 14- ص: 0