التصنيفات

نصير الدين أبو الأزهر أحمد بن محمد بن الناقد ولد في شوال سنة 571 وتوفي ليلة الجمعة6 ربيع الأول سنة 642 ودفن في مشهد موسى بن جعفر عليه السلام في تربة اتخذها لنفسه قاله ابن الفوطي في الحوادث. في الحوادث الجامعة: الوزير نصير الدين أبو الأزهر أحمد بن الناقد كان حسن الطريقة متدينا أديبا يقول الشعر وينشئ الرسائل وكان من أولاد التجار المعروفين حفظ القرآن المجيد وأدأب نفسه في تحصيل الأدب وتجويد الخط فلما توفي والده رد إليه ما كان يتولاه وهو وكالة أم الخليفة الناصر في وقوفها، ثم عزل، فلما ولي الظاهر الخلافة احضره ووكله لأولاده العشرة وكان بينهما رضاع وصحبة من الصغر، فلما توفي الظاهر وبويع ولده المستنصر بالله احضره يوم مبايعته وأشهد له بوكالته فبقي على ذلك إلى أن توفي أستاذ الدار بن الضحاك سنة 627 فأضاف إليه أستاذية الدار فلم يزل على ذلك إلى أن قبض على الوزير مؤيد الدين القمي سنة 629 فنقل إلى الوزارة والوكالة باقية عليه وكان يركب في أيام الجمع ويحضر عند الخليفة ويفاوضه في الأمور فعرض له ألم المفاصل فعجز عن الركوب والحركة والكتابة والجري في الكلام ولم تتغير منزلته ولا وهت حرمته ثم عرض عليه إسهال فتوفي في التاريخ المتقدم ووجدوا في خزائنه صندوقا مملوءا ذهبا ورقعة فيها مكتوب بخطه: هذا من فواضل أنعم مولانا وصدقاته وهو من استحقاق بيت المال فأمر بحمله إلى دار التشريفات فذكر أنه كان مائة ألف دينار وقال في حوادث سنة 627 فيها في غرة رجب المبارك فرقت الرسوم من البر على أربابها جاري العادة وابرز من دار الخليفة إلى أستاذ الدار شمس الدين أحمد بن الناقد ما أمر بتفريقه على الفقراء والمحتاجين ببغداد وفي الفخري: استوزر المستنصر بعد القمي نصير الدين أبا الأزهر أحمد بن محمد بن الناقد كان في ابتداء أمره وكيلا للمستنصر فمكث مدة في الوكالة ثم انتقل منها إلى أستاذية الدار، ثم منها إلى الوزارة فنهض بأعبائها نهوضا حسنا وقام بضبط المملكة قياما مرضيا وكان عظيم الأمانة، قوي السياسة، شديد الهيبة على المتصرفين، حاسما لمواد الأطماع والفساد، قيل أنه هجي ببيتين، فلما سمعهما استحسنهما وهما:

وما زالت السعادة تخدمه إلى آخر عمره، فمن جملة سعادته وهو من الاتفاقات العجيبة ما حدث عنه: وهو أنه قبل الوزارة عمل في بعض الأعياد سنبوسجا كثيرا، وأحب أن يداعب بعض أصحابه فأمر أن يحشى سبعون سنبوسجة بحب قطن ونخالة وتجعل مفردة وعمل سنبوسجا كثيرا كجاري العادة وركب إلى دار الخليفة فطلب منه عمل شيء من السنبوسج فذكر أن عنده شيئا مفروغا منه وأمر خادما له بإحضار ما عنده من السنبوسج فمضى الخادم عن غير معرفة بذلك المحشو بحب القطن ومزج الجميع ووضعه في الاطباق ليحمله إلى دار الخليفة. فجاء الجواري والخدم وقالوا: أعطونا حصتنا من هذا فأخذوا منه مائة سنبوسجة. وحمل الخادم الأطباق بما فيها إلى دار الخليفة فلما حمل السنبوسج سال عن المحشو بحب القطن فقالوا له ما عرفنا بشيء من ذلك وفلان الخادم جاء ومزج الجميع وأخذه ومضى، فلم يشك أنه هالك وكادت تسقط قوته خوفا وخجلا فقال:أما تخلف منه شيء قط؟ قالوا: قد اقتطع الجواري والخدم منه حدود مائة سنبوسجة فقال: أحضروها فأحضرت وفتحت بين يديه فوجد السبعين سنبوسجة المحشوة بحب القطن قد حصلت بأيدي الجواري والخدم في جملة ما أخذوه لأنفسهم فلم تشذ منها واحدة إلى دار الخليفة ويمكن استفادة تشيعه من اتخاذه تربة لنفسه في مشهد موسى بن جعفر عليه السلام ودفنه فيها.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 77