ابن حنزابة جعفر بن الفضل بن جعفر، من بني الحسن بن الفرات، أبو الفضل ابن حنزابة: وزير، ابن وزير. من العلماء الباحثين. من أهل بغداد، نزل بمصر. واستوزره بنو الإخشيد بها مدة إمارة كافور. وبعد موت كافور قبض عليه ابن طنج (صاحب الرملة) وصادره وعذبه. ثم أطلق، فنزح إلى الشام سنة 358هـ. وأمنه القائد جوهر فعاد إلى مصر معززا. له تآليف في (أسماء الرجال) و (الأنساب). توفي بمصر، وحمل إلى المدينة - بوصية منه - فدفن فيها. اشتهر بنسبته إلى (حنزابة) وهي أم أبيه الفضل

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 126

أبو الفضل جعفر بن الفضل بن جعفر ابن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات المعروف بابن حنزابة. ولد 3 وقيل 8 ذي الحجة سنة 308 وتوفي يوم الأحد 13 صفر وقيل 13 ربيع الأول 391 بمصر في تذكرة الحفاظ ونقل فدفن بالمدينة النبوية في دار اشتراها قريبة جدا من المسجد وقال المسبحي لما غسل أبو الفضل جعل في فيه ثلاث شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذها بمال عظيم وكانت عنده في درج ذهب مختوم بمسك وقال ابن خلكان توفي بمصر وصلى عليه القاضي حسين بن محمد بن النعمان (قاضي الفاطميين) ودفن بالقرافة الصغرى وتربته بها مشهورة رايتها بالقرافة وعليها مكتوب: هذه تربة أبي الفضل جعفر بن الفرات، ثم حكى عن الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق أنه قال: اشترى المترجم بالمدينة دارا بالقرب من المسجد ليس بينها وبين الضريح النبوي على ساكنه أفضل الصلاة والسلام سوى جدار واحد وأوصى إن يدفن فيها ولما مات حمل تابوته من مصر إلى الحرمين ودفن بالدار المذكورة، قال وهذا خلاف ما ذكرته أولا، ثم حكى عن خط أبي القاسم ابن الصوفي انه دفن في مجلس داره الكبرى ثم نقل إلى المدينة ولو صح قول ابن الصوفي انه دفن في مجلس داره ثم نقل إلى المدينة لأمكن إن يكون دفن بالقرافة أولا ثم نقل إلى المدينة ويمكن إن تكون تربة القرافة لمدفن عشيرته فنسبت إليه والله أعلم.
(وحنزابه): قال ابن خلكان بكسر الحاء المهملة وسكون النون وفتح الزاي وبعد الألف باء موحدة مفتوحة ثم هاء ساكنة وهي أم أبيه الفضل ابن جعفر هكذا ذكره ثابت بن قرة في تاريخه، والحنزابة في اللغة المرأة القصيرة الغليظة هكذا في نسخة ابن خلكان المطبوعة ولكن في تذكرة الحفاظ إن حنزابة هي أم جعفر المترجم كانت أم ولد أبيه الفضل ولعل هذا هو الصواب فان ابن حنزابة لقب له لا لأبيه كما صرح به ابن الأثير نفسه في كلامه الآتي وغيره ومن ذلك قد يستظهر وقوع تحريف في عبارة ابن خلكان من النساخ وإن أصلها وهي أم ولد أبيه أو نحو ذلك والله أعلم وهي أمة رومية.
(وبنو الفرات)، في الفخري: قال الصولي هم من صريفين من أعمال دجيل قال وبنو الفرات من اجل الناس فضلا وكرما ونبلا ووفاء ومروءة وكانوا شيعة وتقلد منهم الوزارة جماعة في العراق ومصر (فمنهم) أبو الحسن علي بن محمد بن موسى بن الحسن ابن الفرات وزر للمقتدر (وأبو الفضل أو أبو الخطاب جعفر بن محمد بن موسى جد المترجم وزر للمقتدر أيضا وقيل عرضت عليه الوزارة فأباها كما يأتي في ترجمته (وأبو الفتح) الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى وزر للمقتدر ثم للراضي (والمترجم) وزر لبني الإخشيد بمصر (وأبو العباس) أحمد بن محمد بن موسى كان من الكتاب، (والعباس) بن محمد بن موسى أخو علي وزير المقتدر كان كاتبا حاسبا متفوقا في ذلك.
أقوال العلماء فيه
قال ابن الأثير في حوادث سنة 391 فيها توفي جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات المعروف بابن حنزابة الوزير ومولده سنة 308 وكان سار إلى مصر فولي وزارة كافور وروى حديثا كثيرا وقال ابن خلكان كان عالما محبا للعلماء وكان يملي الحديث بمصر وهو وزير وقصده الأفاضل من البلدان الشاسعة وبسببه سار الحافظ أبو الحسن علي المعروف بالدارقطني من العراق إلى الديار المصرية وكان يريد إن يصنف مسندا فلم يزل الدارقطني عنده حتى فرع من تأليفه قال وذكره الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق وقال كان كثير الإحسان إلى أهل الحرمين واشترى بالمدينة دارا وأوصى أن يدفن فيها وقرر ذلك مع الأشراف ولما مات حمل تابوته من مصر إلى الحرمين وخرجت الأشراف إلى لقائه وفاء بما أحسن إليهم فحجوا به وطافوا ووقفوا بعرفة ثم ردوه إلى المدينة ودفنوه بالدار لمذكورة (أقول) لم يذكر ذلك في نسخة تاريخ ابن عساكر المطبوعة وهو يدل على نقصانها كما ذكرناه في جعدة بن هبيرة وغيره وذكره ابن شهرآشوب في المعالم فقال أبو الفضل جعفر بن الفرات المعروف بابن حنزابة له الغرر وفي تاريخ بغداد جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات أبو الفضل المعروف بابن حنزابة الوزير نزل مصر وتقلد الوزارة لأميرها كافور وكان أبوه وزير المقتدر بالله وكان يملي الحديث بمصر وبسببه خرج أبو الحسن الدارقطني إلى هناك فإنه كان يريد إن يصنف مسندا فخرج أبو الحسن إليه وأقام عنده مدة يصنف له المسند وحصل له من جهته مال كثير وروى عنه الدارقطني في كتاب المدبج وغيره أحاديث وفي تذكرة الحفاظ: ابن حنزابة الوزير الكامل الحافظ المفيد أبو الفضل جعفر ابن الوزير الكبير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن حسن بن الفرات البغدادي نزيل مصر. وقال السلفي: كان من الحفاظ الثقات المحتجين بصحة الحديث مع جلالة ورياسة يملي ويروي في حال الوزارة، عندي من أماليه ومن كلامه على الحديث وحسن تصرفه الدال على حدة فهمه ووفور علمه وقد روى عنه حمزة الكتاني مع تقدمه.
أخباره
قال ابن خلكان: كان وزير بني الأخشيد بمصر مدة إمارة كافور ثم استقل كافور بملك مصر واستمر على وزارته ولما توفي كافور استقل بالوزارة وتدبير المملكة لأحمد بن علي بن الأخشيد بالديار المصرية والشامية وقبض على جماعة من أرباب الدولة بعد موت كافور وصادرهم وقبض على يعقوب بن كلس وزير العزيز العبيدي الآتي ذكره وصادره على أربعة آلاف دينار وخمسمائة وأخذها منه ثم أخذه من يده أبو جعفر مسلم بن عبيد الله الشريف الحسيني واستتر عنده، ثم هرب مستترا إلى بلاد المغرب ولم يقدر ابن الفرات على رضا الكافورية والأخشيدية والأتراك والعساكر ولم تحمل إليه أموال الضمانات وطلبوا منه ما لا يقدر عليه واضطرب عليه الأمر فاستتر مرتين ونهبت دوره ودور بعض أصحابه ثم قدم إلى مصر أبو محمد الحسين بن عبيد الله بن طغج صاحب الرملة فقبض على الوزير المذكور وصادره وعذبه واستوزر عوضه كاتبه الحسن بن جابر الرياحي ثم أطلق الوزير جعفر بوساطة الشريف أبي جعفر الحسيني وسلم إليه الحسين أمر مصر وسار عنها إلى الشام مستهل ربيع الآخر سنة 358 وقال أيضا: ذكر الخطيب أبو زكريا التبريزي في شرحه ديوان المتنبي إن المتنبي لما قصد مصر ومدح كافورا مدح الوزير أبا الفضل المذكور بقصيدته الرائية التي أولها: (باد هواك صبرت أو لم تصبرا) وجعلها موسومة باسمه فتكون إحدى القوافي جعفرا وكان قد نظم قوله في هذه القصيدة:

(بشرت بابن الفرات) فلما لم يرضه صرفها عنه ولم ينشده إياها فلما توجه إلى عضد الدولة قصد ارجان وبها أبو الفضل بن العميد وزير ركن الدولة بن بويه والد عضد الدولة فحول القصيدة إليه ومدحه بها وبغيرها وهي من غرر القصائد. وذكر الخطيب أيضا في الشرح المذكور إن قول المتنبي في القصيدة المقصورة التي يذكر فيها مسيره إلى الكوفة ويصف منزلا منزلا ويهجو كافورا:
إن المراد بالنبطي أبو الفضل المذكور والأسود كافور، وبالجملة فهذا القدر ما غض منه، فما زالت الأشراف تهجى وتمدح، وذكر الوزير أبو القاسم المغربي في كتاب أدب الخواص: كنت أحادث الوزير أبا الفضل جعفر المذكور وأجاريه شعر المتنبي فيظهر من تفضيله زيادة تنبه على ما في نفسه خوفا إن يرى بصورة من ثناه الغضب الخاص عن قول الصدق في الحكم العام وذلك لأجل الهجاء الذي عرض له به المتنبي وفي تذكرة الحفاظ: قيل إنه وزر بعد موت كافور وصادر وفعل ثم اضطربت عليه الأمور فاختفى ونهبت داره ثم صودر وبرح إلى الشام سنة 358 ثم بعد مدة رجع إلى مصر وروى عنه الحافظ عبد الغني وبلغنا إن أبا الفضل كان يفطر وينام نومة ثم ينهض ويتوضأ ويصلي إلى الغداة وانفق أموالا عظيمة في البر ويرى الأب انستاس ماري الكرملي إن أول متحف للهوام والحشرات هو الذي أنشأه المترجم.
مشايخه
قال الخطيب في تاريخ بغداد حدث أبو الفضل عن محمد بن هارون الحضرمي وطبقته من البغداديين، وعن محمد بن سعيد الترخمي الحمصي ومحمد بن جعفر الخرائطي والحسين بن أحمد بن بسطام ومحمد بن زهير الابليين والحسن بن محمد الداركي ومحمد بن عمارة بن حمزة الأصبهاني، وكان يذكر انه سمع من عبد الله بن محمد البغوي مجلسا ولم يكن عنده فكان يقول: من جاءني به أغنيته مؤلفاته
مر انه ألف مسندا وان الدارقطني لم يزل عنده حتى فرغ من تأليفه، وقال ابن خلكان له تواليف في أسماء الرجال والأنساب وغير ذلك ومر عن ابن شهرآشوب إن له الغرر. ومر عن السلفي إن عنده من أماليه وفي تذكرة الحفاظ قال ابن طاهر المقدسي رأيت عند الحبال كثيرا من الأجزاء التي خرجت لابن حنزابة وفيها الجزء الموفي ألف من مسند كذا والجزء الموفي خمسمائة من مسند كذا شعره
قال ابن خلكان أورد الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق من شعره قوله:
وقال غيره ولا نعلم له غيره.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 4- ص: 134

جعفر بن الفضل الوزير ابن حنزابه جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات، الوزير المحدث أبو الفضل، ابن الوزير أبي الفتح ابن حنزابة.
بكسر الحاء المهملة وسكون النون وبعدها زاي وبعد الألف باء ثانية الحروف وهي المرأة القصيرة الغليظة - البغدادي، نزيل مصر وزر أبوه للمقتدر في السنة التي قتل فيها المقتدر، وتقلد أبو الفضل وزارة كافور الأخشيدي بمصر.
وحدث عن محمد بن هارون الحضرمي والحسن بن محمد الداركي الأصبهاني ومحمد بن زهير الأبلي ومحمد بن حمزة بن عمارة وأبي بكر محمد بن جعفر الخرائطي ومحمد بن سعيد الحمصي وجماعة.
قال الخطيب: كان يذكر أنه سمع من أبي القاسم البغوي مجلسا ولم يكن عنده وكان يقول: من جاءني به أغنيته وكان يملي الحديث بمصر.
وبسببه خرج الدارقطني إلى هناك فإن ابن حنزابة كان يريد أن يصنف مسندا فأقام عنده مدة وحصل له منه مال كثير وروى عنه الدارقطني أحاديث.
وولد ابن حنزابة في ذي الحجة سنة ثمان وثلاثمئة وتوفي سنة إحدى وتسعين وثلاثمئة ومن شعره:

قلت: مأخوذ من قول أبي تمام الطائي:
ورأى جعفر سيبويه الموسوس الوزير أبا الفضل بن حنزابة بعد موت كافور وقد ركب في موكب عظيم فقال: ما بال أبي الفضل قد جمع كتابه، ولفق أصحابه، وحشد بين يديه حجابه وشمر أنفه وساق العساكر خلفه؟ أبلغه أن الإسلام طرق أو أن ركن الكعبة سرق؟ فقال له رجل: هو اليوم صاحب الأمر ومدبر الدولة.
فقال: يا عجبا أليس بالأمس نهب الأتراك داره، ودكدكوا آثاره، وأظهروا عواره.
وهم اليوم يدعونه وزيرا، ثم قد صيروه أميرا، ما عجبي منهم كيف نصبوه، بل عجبي كيف تولى أمر عدوهم ورضوه.
قال السلفي: كان ابن حنزابة من الحفاظ الثقات المتبجحين بصحبة أصحاب الحديث مع جلالة ورئاسة، يروي ويملي بمصر في حال الوزارة ولا يختار على العلم وصحبة أهله شيئا، وعندي من أماليه فوائد ومن كلامه على الحديث وتصرفه الدال على حدة فهمه ووفور علمه.
وقد روى عنه حمزة الكناني الحافظ مع تقدمه.
وقال غيره: إن ابن حنزابة بعد موت كافور وزر لأبي الفوارس أحمد بن علي الأخشيذ فقبض على جماعة من أرباب الدولة وصادر يعقوب بن كلس وأخذ منه أربعة آلاف دينار فهرب إلى المغرب وآل أمره إلى أن وزر لبني عبيد.
ثم إن ابن حنزابة لم يقدر على رضى الأخشيدية فاختفى مرتين ونهبت داره ثم قدم أمير الرملة أبو محمد الحسن بن عبيد الله بن طغج وغلب على الأمور فصادر الوزير ابن حنزابة وعذبه فنزح إلى الشام سنة ثمان وخمسين، ثم أنه بعد ذلك رجع إلى مصر.
وممن روى عنه: الحافظ وعبد الغني بن سعيد، قال الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي: قدم علينا الوزير أبو الفضل جعفر إلى حلب فتلقاه الناس فكنت فيهم فعرف أني محدث فقال لي: تعرف إسنادا فيه أربعة من الصحابة كل واحد يروي عن صاحبه قلت نعم، وذكرت له حديث السائب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزى عن عبد الله بن السعدي عن عمر رضي الله عنهم في العمالة.
فعرف لي ذلك وصار به لي عنده منزلة.
وقال بعضهم: خرج الدارقطني له المسند.
وقد رأيت عند أبي إسحاق الحبال من الأجزاء التي خرجت له جملة كثيرة جدا وفي بعضها الموفي ألفا من مسند كذا والموفي خمسمئة من مسند كذا.
وكان الوزير يعقوب به كلس قد زوج أبا العباس ابن الوزير أبي الفضل بن حنزابة بابنته فدخل إليه يوما فأكرمه وأجله وقال: يا أبا العباس يا سيدي ما أنا بأجل من أبيك ولا بأفضل، أتدري ما أقعد أباك خلف الناس؟ شيل أنفه بأبيه، يا أبا العباس لا تشل أنفك بأبيك، أتدري ما الأقبال؟ نشاط وتواضع، وتدري ما الإدبار؟ كسل وترافع.
وكان ابن حنزابة يفطر وينام نومة ثم ينهض في الليل فيتوضأ ويدخل بيت مصلاه ويصف قدميه إلى الغداة وقال محمد بن طاهر المقدسي: سمعت أبا إسحاق الحبال يقول: لما قصد هؤلاء مصر ونزلوا قريبا منها لم يبق أحد من الدولة العباسية إلا خرج لتلقيهم إلا الوزير ابن حنزابة فدخل إليه مشايخ البلد وعاتبوه في فعله وقالوا له: إنك تغري بدماء أهل السنة ويجعلون تأخرك عنهم سببا للانتقام.
فقال: الآن أخرج فخرج للسلام فلما دخل عليه أكرمه وأجله وأجلسه وفي قلبه شيء.
وكان إلى جنبه ابنه وولي عهده فغفل الوزير عن السلام عليه فأراد أن يمتحنه بسبب يكون إلى الوقيعة به فقال له: حج الشيخ؟ فقال نعم يا أمير المؤمنين، قال وزرت الشيخين؟ فقال شغلت بالنبي صلى الله عليه وسلم عنهما كما شغلت بأمير المؤمنين عن ولي عهده.
السلام عليك يا ولي عهد المسلمين ورحمة الله وبركاته.
فأعجب من فطانته وتداركه فأغفل عنه.
وعرض عليه الوزارة فامتنع فقال: إذا لم تل لنا شغلا فنحب ألا تخرج عن بلادنا فإنا لا نستغني عن أن يكون في دولتنا مثلك.
فأقام بها.
وكان الوزير في أيامه ينفق على أهل الحرمين من الأشراف وغيرهم إلى أن تم له أن اشترى دارا إلى جانب المسجد من أقرب الدور إلى القبر، ليس بينه وبين القبر إلا حائط وطريق، وأوصى أن يدفن فيها وقرر عند الأشراف ذلك فأجابوه.
فلما مات حمل تابوته من مصر إلى الحرمين وخرج الأشراف من مكة لتلقيه والنيابة في حمله إلى أن حجوا به وطافوا به ووقفوا به بعرفة ثم ردوه إلى المدينة ودفنوه في الدار التي اشتراها.
وحضر جنازته القاضي الحسين بن علي بن النعمان وقائد القواد وسائر الأكابر ودفن في مجلس بداره المعروفة بدار العامة.
وقال المسجي أنه لما غسل جعل في فيه ثلاث شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم كان ابتاعها بمال عظيم وكانت عنده في درج ذهب مختومة الأطراف بالمسك، وأوصى بأن تجعل في فيه إن هو مات ففعل به ذلك.
وقال الشريف محمد بن أسعد بن علي الجواني المعروف بابن النحوي: كان الوزير يهوى النظر إلى الحشرات من الأفاعي والحيات والعقارب وأم أربعة وأربعين وما يجري هذا المجرى وكان في داره التي تقابل دار الشنكاتي قبل قاعة لطيفة مرخمة فيها سلل الحيات ولها قيم وفراش وحاو من الحواة مستخدمون برسم الحيات ونقل سلل الحيات وحطها وكان كل حاو في مصر وأعمالها يصيد له ما يقدر عليه من الحيات ويتباهون في ذوات العجب من أجناسها وفي الكبار وفي الغريبة منها وكان يثيبهم على ذلك أجل ثواب ويبذل لهم الجزيل حتى يجتهدوا في تحصيلها وكان له وقت يجلس فيه على دكة مرتفعة ويدخل المستخدمون والحواة فيخرجون ما في السلل ويطرحونه على ذلك الرخام ويحرشون بين الهوام وهو يتعجب من ذلك ويستحسنه فلما كان ذات يوم أنفذ إلى ابن المدبر الكاتب.
وكان من كتاب أيامه ودولته وهو عزيز عنده ويسكن في جواره يقول له في رقعة إنه لما كان البارحة وعرض الحواة الحشرات الجاري بها العادات انساب إلى داره منها الحية وذات القرنين الكبرى والعقربان الكبير وأبو صوفة وما حصلوا لنا بعد عناء ومشقة وجملة بذلناها للحواة نحن نأمر الشيخ وفقه الله بالتوقيع إلى حاشيته وصبيته بصون ما وجد منها إلى أن ننفذ الحواة لأخذها وردها إلى سللها.
فلما وقف ابن المدبر عليها قلب بالرقعة وكتب: أتاني أمر سيدنا الوزير أدام الله نعمته وحرس مدته بما أشار إليه من أمر الحشرات والذي اعتمد عليه في ذلك أن الطلاق يلزمه ثلاثة إن بات هو أو أحد من أولاده في الدار والسلام.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 11- ص: 0

وزير مصر جعفر بن الفضل.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0

جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات، أبو الفضل المعروف بابن حنزابة، وحنزابة اسم أمهم، كانت جارية، وكانت حنزابة حماة المحسن بن الفرات بمصر: كان وزيرا فاضلا بارعا كاملا، وزر بمصر لأنوجور بن أبي بكر الأخشيد ثم لأخيه أبي الحسن علي ثم لكافور إلى أن انقضت دولة الاخشيدية، وإليه رحل أبو الحسن الدارقطني حتى صنف له ما صنف في مصر. مات في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ومولده سنة ثمان وثلاثمائة.
وفي تاريخ أبي محمد أحمد بن الحسين بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الروذباري أن ابن حنزابة مات في ثالث عشر صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة في أيام الحاكم، وفي سنة تسع وتسعين قتل الحاكم ابنه أبا الحسين ابن جعفر بن الفضل بن الفرات، وكان يلقب بسيدوك، وفي سنة خمس وأربعمائة ولي وزارة الحاكم أبو العباس الفضل بن جعفر بن الفضل بن الفرات ابنه الآخر، وضمن ما لم يعرفه فقتل بعد خمسة أيام من ولايته. ويروى لأبي الفضل جعفر هذان البيتان، ولا يعرف له شعر غيرهما:

قال يحيى بن منده: قدم أبو الفضل ابن حنزابة أصفهان، وسمع من عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ومحمد بن عمارة بن حمزة والحسن بن محمد الداركي، وسمع ببغداد من محمد بن هارون الحضرمي ومن في طبقته. وهو أحد الحفاظ، حسن العقل كثير السماع مائل إلى أهل العلم والفضل، نزل مصر وتقلد الوزارة لأميرها كافور، وكان أبوه وزير المقتدر بالله، وبلغني أنه كان يذكر أنه سمع من عبد الله بن محمد البغوي مجلسا، ولم يكن عنده، وكان يقول: من جاءني به أغنيته، وكان يملي الحديث بمصر، وإليه خرج أبو الحسن الدارقطني إلى هناك، فإنه كان يريد أن يصنف مسندا، فخرج الدارقطني إليه وأقام عنده مدة فصنف له المسند، وحصل له من جهته مال كثير، وروى عنه الدارقطني في «كتاب المدبج» .
قال ابن منده: سمعت أبا القاسم إسماعيل بن مسعدة الجرجاني قال، قال
حمزة بن يوسف السهمي: سألت أبا الحسن علي بن عمر الحافظ الدارقطني عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، فحكى عن الوزير أبي الفضل ابن الفرات المعروف بابن حنزابة حكاية، قال الشيخ حمزة: ثم دخلت مصر وسألت الوزير أبا الفضل جعفر بن الفضل عن الباغندي، وحكيت له ما كنت سمعته من الدارقطني، فقال لي الوزير: لحقت الباغندي محمد بن محمد بن سليمان وأنا ابن خمس سنين، ولم أكن سمعت منه شيئا، وكان للوزير الماضي رحمه الله يعني أباه حجرتان إحداهما للباغندي يجيئه يوما ويقرأ له والأخرى لليزيدي. قال أبو الفضل، سمعت أبي رحمه الله يقول: كنت يوما مع الباغندي في الحجرة يقرأ لي كتب أبي بكر ابن أبي شيبة، فقام الباغندي إلى الطهارة، فمددت يدي إلى جزء معه من حديث أبي بكر، فإذا على ظهره مكتوب «مربع» والباقي محكوك، فرجع الباغندي فرأى الجزء في يدي فتغير وجهه، وسألته وقلت: أيش هذا مربع؟ فغير ذلك ولم أفطن له، لأني أول ما كنت دخلت في كتبة الحديث، ثم سألت عنه فإذا الكتاب لمحمد بن إبراهيم مربع سمعه من أبي بكر ابن أبي شيبة.
قرأت في تاريخ لابن زولاق الحسن بن إبراهيم في «أخبار سيبويه الموسوس» قال: ورأى سيبويه جعفر بن الفضل بن الفرات بعد موت كافور، وقد ركب في موكب عظيم، فقال: ما بال أبي الفضل قد جمع كتابه، ولفق أصحابه، وحشد بين يديه حجابه، وأشم أنفه، وساق العساكر خلفه؟! أبلغه أن الإسلام طرق، أو أن ركن الكعبة سرق فخرج لهذا الأمر ينكره ؟ فقال له رجل: هو اليوم صاحب الأمر ومدبر الدولة، فقال: يا عجبا أليس بالأمس نهب الأتراك داره، ودكدكوا آثاره، وأظهروا عواره، وهم اليوم يدعونه وزيرا، ثم صيروه أميرا، ما عجبي منهم
كيف نصبوه، بل عجبي منه كيف تولى أمرهم وأمن غدرهم .
قال الحافظ أبو القاسم: ذكر بعض أهل العلم، وأظنه محمد بن أبي نصر الحميدي، أن الوزير أبا الفضل ابن حنزابة حدث بمصر سنة سبع وثمانين وثلاثمائة مجالس إملاء خرجها الدارقطني وعبد الغني بن سعيد، وكانا كاتبيه ومخرجيه، وكان كثير الحديث جم السماع، مكرما لأهل العلم مطعما لأهل الحديث، استجلب الدارقطني من بغداد وبر إليه وخرج له المسند، وقد رأيت عند أبي إسحاق الحبال من الأجزاء التي خرجت له جملة كثيرة جدا، في بعضها الموفي ألفا من مسند كذا، والموفي خمسمائة من مسند كذا، وهكذا هي سائر المسندات. وقد أعطى الدارقطني مالا كثيرا، وأنفق عليه نفقة واسعة، ولم يزل في أيام عمره يصنع أشياء من المعروف عظيمة، وينفق نفقات كثيرة على أهل الحرمين من أصناف الأشراف وغيرهم إلى أن تم له أن اشترى بالمدينة دارا إلى جانب المسجد من أقرب الدور إلى القبر، ليس بينها وبين القبر إلا حائط وطريق في المسجد، وأوصى أن يدفن فيها، وقرر عند الأشراف ذلك فسمحوا له بذلك وأجابوه اليه، فلما مات حمل تابوته من مصر إلى الحرمين، فخرجت الأشراف من مكة والمدينة لتلقيه والنيابة في حمله، إلى أن حجوا به وطافوا ووقفوا بعرفة، ثم ردوه إلى المدينة ودفنوه في الدار التي أعدها لذلك.
قرأت بخط الشريف النسابة محمد بن أسعد بن علي الجواني المعروف بابن النحوي: كان الوزير جعفر بن الفضل بن الفرات المعروف بابن حنزابة يهوى النظر الى الحشرات من الأفاعي والحيات والعقارب وأم أربعة وأربعين وما يجري هذا المجرى، وكان في داره التي تقابل دار الشنتكاني ومسجد ورش، وكانت للماذرائي قبل ذلك قاعة لطيفة مرخمة فيها سلل الحيات، ولها قيم فراش حاو
من الحواة، ومعه مستخدمون برسم الخدمة ونقل السلل وحطها، وكان كل حاو في مصر وأعمالها يصيد له ما يقدر عليه من الحيات، ويتباهون في ذوات العجب من أجناسها وفي الكبار وفي الغريبة المنظر، وكان الوزير يثيبهم في ذلك أوفى الثواب ويبذل لهم الجزيل حتى يجتهدوا في تحصيلها، وكان له وقت يجلس فيه على دكة مرتفعة ويدخل المستخدمون والحواة، فيخرجون ما في السلل، ويطرحونه في ذلك الرخام، ويحرشون بين الهوام، وهو يتعجب من ذلك ويستحسنه، فلما كان ذات يوم أنفذ رقعة إلى الشيخ الجليل ابن المدبر الكاتب، وكان من أعيان كتاب أيامه ودولته، وكان عزيزا عنده، وكان يسكن في جوار دار ابن الفرات، يقول له فيها:
نشعر الشيخ الجليل- أدام الله سلامته- أنه لما كان البارحة وعرض علينا الحواة الحشرات، الجاري بها العادات، انسابت الى داره منها الحية البتراء وذات القرنين الكبرى والعقربان الكبير وأبو صوفة، وما حصلوا لنا بعد عناء ومشقة، وبجعلة بذلناها للحواة، ونحن نأمر الشيخ- وفقه الله تعالى- بالتقدم إلى حاشيته وصبيته بصون ما وجد منها إلى أن ننفذ الحواة لأخذها وردها إلى سللها. فلما وقف ابن المدبر على الرقعة قلبها وكتب في ذيلها: أتاني أمر سيدنا الوزير- أدام الله نعمته وحرس مدته- بما أشار إليه في أمر الحشرات، والذي يعتمد عليه في ذلك أن الطلاق يلزمه ثلاثا إن بات هو أو واحد من أهله في الدار، والسلام.
أنشدني أبو بكر ابن البر القيرواني التميمي لصالح بن مؤنس المصري يمدح بعض آل الفرات:
يا من له عدد المجد كلها والعديد
قال ابن الأكفاني: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن الحسين بن النحاس، حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن نصر من لفظه قال: حضرت عند أبي الحسين المهلبي في داره بالقاهرة فقال لي: كنت منذ أيام حاضرا دار الوزير- يعني أبا الفرج ابن كلس- فدخل عليه أبو العباس الفضل بن أبي الفضل الوزير ابن حنزابة، وكان قد زوجه ابنته وأكرمه وأجله، فقال له: يا أبا العباس يا سيدي ما أنا بأرجل من أبيك ولا بأعلم ولا بأفضل، وزاد في وصفه وإكرامه، ثم قال: أتدري ما أقعد أباك خلف الباب ؟
شيل أنفه بأبيه وأخرج يده فعلا بها رأسه، وشال أنفه إلى فوق وقال له: بالله يا أبا العباس لا تشل أنفك بأبيك تدري ما الإقبال؟ نشاط وتواضع، تدري ما الإدبار؟
كسل وترافع.
قرأت فيما جمعه أبو علي صالح بن رشدين قال: كان أبو الفضل جعفر بن الفضل الوزير قد خرج إلى بستانه بالمقس، فكتب إليه أبو نصر ابن كشاجم على تفاحة بماء الذهب، وأنفذها إليه:
قال محمد بن طاهر المقدسي: سمعت أبا اسحاق الحبال يقول: لما قصد
هؤلاء مصر ونزلوا قريبا منها لم يبق أحد من الدولة العباسية إلا خرج للاستقبال والخدمة، غير الوزير أبي الفضل ابن حنزابة، فإنه لم يخرج، فلما كان في الليلة التي صبيحتها الدخول اجتمع إليه مشايخ البلد وعاتبوه في فعله، وقيل له: إنك تغري بدماء أهل السنة، ويجعلون تأخرك عنهم سببا للانتقام، قال: الآن أخرج، فخرج للسلام، فلما دخل عليه أكرمه وبجله وأجلسه وفي قلبه منه شيء، وكان إلى جنبه ابنه وولي عهده، وغفل الوزير عن التسليم عليه، فأراد أن يمتحنه بسبب يكون إلى الوقيعة به، فقال له: حج الشيخ؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: وزرت الشيخين؟
فقال: شغلت بالنبي صلى الله عليه وسلم عنهما، كما شغلت بأمير المؤمنين عن ولي عهده، السلام عليك يا ولي عهد المسلمين ورحمة الله وبركاته، فأعجب من فطنته وتداركه ما أغفله، وعرض عليه الوزارة فامتنع، فقال: إذا لم تل لنا شغلا فيجب أن لا تخرج عن بلادنا فإنا لا نستغني أن يكون في دولتنا مثلك، فأقام بها ولم يرجع إلى بغداد.
قال وسمعت أبا إسحاق الحبال يقول: كان يستعمل للوزير أبي الفضل الكاغد بسمرقند، ويحمل إليه إلى مصر في كل سنة، وكان في خزانته عدة من الوراقين، فاستعفى بعضهم فأمر بأن يحاسب ويصرف، فكمل عليه مائة دينار، فعاد إلى الوراقة وترك ما كان عزم عليه من الاستعفاء.
قال: وسمعت أبا إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال يقول: خرج أبو نصر السجزي الحافظ على أكثر من مائة شيخ لم يبق منهم غيري، وكان قد خرج له عشرين جزءا في وقت الطلب، وكتبها في كاغد عتيق، فسألت الحبال عن الكاغد فقال: هذا من الكاغد الذي كان يحمل للوزير من سمرقند، وقعت إلي من كتبه قطعة، فكنت إذا رأيت فيها ورقة بيضاء قطعتها إلى أن اجتمع هذا، فكتبت فيه هذه الفوائد.

  • دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 2- ص: 788

ابن حنزابة الإمام الحافظ الثقة، الوزير الأكمل، أبو الفضل، جعفر ابن الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات البغدادي، نزيل مصر.
ولد ببغداد في ذي الحجة سنة ثمان وثلاث مائة.
ووزر أبوه للمقتدر عام مصرعه، ووزر عم أبيه الوزير الكبير أبو الحسن علي بن محمد للمقتدر غير مرة. فقتل في سنة 332، ووزر أبو الفضل بمصر لكافور.
وحدث عن: أبي حامد محمد بن هارون الحضرمي، والحسن بن محمد الداركي الأصبهاني، وأبي يعلى محمد بن زهير الأبلي، ومحمد بن حمزة بن عمارة الأصبهاني، وأبي بكر محمد بن جعفر الخرائطي، ومحمد بن سعيد الحمصي، وعدة.
قال الخطيب: وكان يذكر أنه سمع مجلسا من أبي القاسم البغوي، ويقول: من جاءني به أغنيته. وكان يملي الحديث بمصر، وبسببه خرج الدارقطني إليها، فإن ابن حنزابة كان يريد أن يصنف مسندا، فخرج الدارقطني إلى مصر، وأقام عنده مدة، وحصل له منه مال كثير.
حدث عنه: الدارقطني، والحافظ أبو محمد عبد الغني المصري، وطائفة.
ويعسر وقوع حديثه لنا، فإنه -حال أوان الراوية، كان علمه كاسدا بمصر لمكان الدولة الإسماعيلية. وقيل: هو الذي كاتبهم وجسرهم على المجيء لأخذ مصر، ثم ندم.
قال السلفي: كان ابن حنزابة من الحفاظ الثقات المتبجحين بصحبة أصحاب الحديث، مع جلالة ورياسة يروي ويملي بمصر في حال وزارته، ولا يختار على العلم وصحبة أهله شيئا، وعندي من أماليه ومن كلامه على الحديث، وتصرفه الدال على حدة فهمه، ووفور علمه.
وقد روى عنه حمزة بن محمد الكناني الحافظ مع تقدمه.
ونقل بعضهم أن ابن حنزابة بعد موت كافور وزر للملك أبي الفوارس أحمد بن علي بن الإخشيذ، فقبض على جماعة من أرباب الدولة وصادرهم، وصادر يعقوب بن كلس الذي وزر، فأخذ منه أربعة آلاف دينار، فهرب إلى المغرب، وتوصل وعظم قدره، ثم إن ابن حنزابة لم يقدر على إرضاء الإخشيذية، وماجت الأمور، فاختفى مرتين، ونهبت داره، ثم قدم أمير الرملة الحسن بن عبيد الله بن طغج وتملك، وصادر ابن حنزابة وعذبه، فنزح إلى الشام سنة ثمان وخمسين، ثم رجع.
قال الحسن بن أحمد السبيعي: قدم علينا الوزير جعفر بن الفضل إلى حلب، فتلقاه الناس، فكنت فيهم، فعرف أني محدث، فقال لي: تعرف إسنادا فيه أربعة من الصحابة، قلت: نعم. حديث السائب بن يزيد، عن حويطب، عن عبد الله بن السعدي، عن عمر -رضي الله عنهم- في العمالة، فعرف لي ذلك، وصار لي عنده منزلة.
قيل: كان الوزير عند عدة وراقين، وكان يستعمل بسمرقند الكاغد، ويحمل إليه.
قلت: كاتب ابن حنزابة وعدة من الكبراء القائد جوهرا، يطلبون الأمان فأمنهم، ودخل في دست عظيم، فاستوزر ابن حنزابة مرة.
قال عبد الله بن يوسف: كنت عند ابن المهلبي بمصر، فقال: كنت حاضرا في دار الوزير ابن كلس فدخل عليه أبو العباس ولد الوزير أبي الفضل بن حنزابة، وكان قد زوجه بابنته، فقال له: يا سيدي، ما أنا بأجل من أبيك، ولا بأفضل، أتدري ما أقعده خلف الناس؟ شيل أنفه بأبيه، فلا تشل -يا أبا العباس- أنفك بأبيك. تدري ما الإقبال؟ نشاط وتواضع، والإدبار كسل وترفع.
قيل: كان ابن حنزابة متعبدا، ثم يفطر ثم ينام، ثم ينهض في الليل، ويدخل بيت مصلاه فيصف قدميه إلى الفجر.
قال المسبحي: لما غسل ابن حنزابة جعل فيه ثلاث شعرات من شعر النبي -صلى الله عليه وسلم، كان أخذها بمال عظيم.
وحنزابة: جارية، هي والدة الفضل الوزير، وفي اللغة: الحنزابة: هي القصيرة السمينة.
قال ابن طاهر: رأيت عند الحبال كثيرا من الأجزاء التي خرجت لابن حنزابة، وفي بعضها الجزء الموفي ألفا من مسند كذا، والجزء الموفي خمس مئة من مسند كذا، وكذا سائر المسندات. ولم يزل ينفق في البر والمعروف الأموال، وأنفق كثيرا على أهل الحرمين، إلى أن اشترى دارا أقرب شيء إلى الحجرة النبوية، وأوصى أن يدفن فيها، وأرضى الأشراف بالذهب، فلما حمل تابوته من مصر تلقوه، ودفن في تلك الدار.
توفي في ثالث عشر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة.
ولم أظفر بحديث من رواية ابن حنزابة بعد.
وفيها مات أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن زريق بمصر، وأبو بكر أحمد بن يوسف بن واضح الخشاب بأصبهان، وأبو علي بن حاجب الكشاني، وأبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحجاج الشاعر، وأبو الحسن عبد العزيز بن أحمد الخرزي شيخ الظاهرية ببغداد، وأبو القاسم عيسى بن علي الوزير، وصاحب الموصل حسام الدولة مقلد بن المسيب العقيلي، والمؤمل بن أحمد الشيباني.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 436

ابن حنزابة الوزير الكامل الحافظ الإمام أبو الفضل جعفر بن الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن حسن بن الفرات البغدادي نزيل مصر
وزر لصاحب مصر كافور الخادم
وحدث عن محمد بن هارون الحضرمي وغيره وعزم على عمل المسند ولذلك رحل إليه الدارقطني وأقام عنده مدة وأعطاه جملة وروى عنه أحاديث في المديح
ولد سنة ثمان وثلاثمائة
قال السلفي كان من الحفاظ الثقات المتبجحين بصحبة المحدثين مع جلالة ورياسة يملي ويروي في حال الوزارة عندي من أماليه ومن كلامه على الحديث الدال على حدة فهمه ووفور علمه
والخنزابة أمه كانت أم ولد والده الفضل وهي لغة الغليظة مات في ثالث عشر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 405

جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات، أبو الفضل الوزير، ابن خنزابة، البغدادي، المصري.
مترجم في ’’شيوخ الدارقطني’’.
قلت: [أحد الحفاظ، الوزير الأكمل، صاحب إحسان إلى العلماء].

  • دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية-ط 1( 2011) , ج: 1- ص: 1

أبو الفضل السلمي الوزير
أبو الفضل السلمي الوزير = جعفر بن الفضل بن جعفر

  • دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية-ط 1( 2011) , ج: 2- ص: 1

ابن حنزابة
الوزير، الحافظ، الإمام، أبو الفضل، جعفر بن الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن حسن بن الفرات، البغدادي، نزيل مصر.
وزر أبوه للمقتدر في آخر دولته، ووزر الحافظ أبو الفضل لصاحب مصر كافور الخادم.
وحدث عن: محمد بن هارون الحضرمي، ومحمد بن زهير الأبلي، والحسن بن محمد الداركي، ومحمد بن سعيد الحمصي، ومحمد بن جعفر الخرائطي، وغيرهم.
وكان يذكر أنه سمع من أبي القاسم البغوي مجلساً، ولم يكن عنده، فكان يقول: من جاءني به أغنيته. وكان يملي الحديث بمصر وبسببه خرج الدارقطني إلى هناك، فإنه كان يريد أن يصنف مسنداً، فخرج أبو الحسن إليه وأقام عنده مدة يصنف له، وحصل له منه مال كثير.
روى عنه: الدارقطني في كتاب ’’المدبج’’ وغيره أحاديث، والحافظ حمزة بن محمد الكناني مع تقدمه، وعبد الغني بن سعيد، وطائفة:
وله:

قال السلفي: كان من الحفاظ الثقات، المتبجحين بصحبة المحدثين، مع جلالةٍ ورياسة. يملي ويروي في حال الوزارة، عندي من أماليه، ومن كلامه على الحديث وحسن تصرفه الدال على حدة فهمه ووفور علمه. وقيل: إنه كان يفطر وينام نومة، ثم ينهض ويتوضأ، ويصلي إلى الغداة.
وقال المسبحي: لما غسل أبو الفضل جعلوا في فيه ثلاث شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أخذها بمالٍ عظيم، وكانت عنده في درج ذهب مختوم بمسك.
وقال ابن طاهر المقدسي: رأيت عند الحبال كثيراً من الأجزاء التي خرجت لابن حنزابة، وفي بعضها الجزء الموفي ألفاً من مسند كذا، والجزء الموفي خمس مئة من مسند كذا، أنفق أموالاً عظيمة في البر.
وحنزابة أمةٌ كانت أم والدة أبيه الفضل. والحنزابة في اللغة: القصيرة الغليظة.
ولد سنة ثمانٍ وثلاث مئة.
وتوفي في ربيعٍ الأول سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة. ونقل إلى المدينة النبوية فدفن بها.
وفيها مات: أبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الكشاني، آخر من روى ’’الصحيح’’ عن الفربري. وبمصر: أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن حميد بن رزيق، البغدادي الدلال في البر، يروي عن المحاملي، وابن مخلد. وشاعر العراق أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحجاج البغدادي، صاحب المجون. وفقيه الظاهرية العلامة
أبو الحسن عبد العزيز بن أحمد، الخرزي البغدادي. قال الصيمري: ما رأيت فقيهاً أنظر منه ومن الشيخ أبي حامد.
ومسند بغداد أبو القاسم عيسى بن علي، ابن الوزير، صاحب الأمالي. ومسند مصر المؤمل بن أحمد بن محمد، أبو القاسم الشيباني البغدادي البزاز، وله أربع وتسعون سنة. سمع البغوي وطبقته. وقال الخطيب: كان ثقةً.

  • مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 3- ص: 1