جعفر الصادق جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط، الهاشمي القرشي، أبو عبد الله، الملقب بالصادق: سادس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. كان من أجلاء التابعين. وله منزلة رفيعة في العلم. أخذ عنه جماعة، منهم الإمامان أبو حنيفة ومالك. ولقب بالصادق أنه لم يعرف عنه الكذب قط. له اخبار مع الخلفاء من بني العباس وكان جريئا عليهم صداعا بالحق. له (رسائل) مجموعة في كتاب، ورد ذكرها في كشف الظنون، يقال إن جابر بن حيان قام بجمعها. مولده ووفاته بالمدينة
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 126
أبو عبد الله جعفر الصادق ابن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)
مولده ووفاته ومدة عمره ومدفنه
ولد بالمدينة يوم الجمعة أو الاثنين عند طلوع الفجر 17 ربيع الأول وقيل غرة رجب سنة 80 من الهجرة عام الجحاف، (وقال المفيد) والكليني والشهيد سنة 83 قال ابن طلحة والأول أصح وقال ابن الخشاب قال لنا الذراع الرواية الأولى هي الصحيحة. وتوفي يوم الاثنين في شوال وعن صاحب جنات الخلود في 25 منه وقيل منتصف رجب سنة 148 وعمره 68 أو 65 سنة، أقام منها مع جده علي بن الحسين 12 سنة وأي أما أو 15 سنة، ومع أبيه بعد جده 19 سنة، وبعد أبيه 34 سنة، وهي مدة خلافته وإمامته وهي بقية ملك هشام بن عبد الملك وملك الوليد بن يزيد بن عبد الملك ويزيد بن الوليد بن عبد الملك الملقب بالناقص وإبراهيم بن الوليد ومروان بن محمد الحمار والسفاح، وتوفي بعد مضي عشر سنين من ملك المنصور العباسي ودفن بالبقيع مع أبيه الباقر وجده زين العابدين وعمه الحسن بن علي (ع).
أمه
أم فروة وقيل أم القاسم واسمها قريبة أو فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر وهذا معنى قول الصادق (ع) إن أبا بكر ولدني مرتين، وفي ذلك يقول الشريف الرضي: وحزنا عتيقا وهو غاية فخركم بمولد بنت القاسم بن محمد وروى الكليني في الكافي بسنده عن عبد الأعلى: رأيت أم فروة تطوف بالكعبة عليها كساء متنكرة فاستلمت الحجر بيدها اليسرى فقال لها رجل ممن يطوف: يا أمة الله أخطأت السنة فقالت أنا لأغنياء عن علمك.
كنيته
أبوعبد الله وهي المعروفة المشهورة وقال محمد بن طلحة وقيل أبو إسماعيل وفي مناقب ابن شهراشوب يكني أبا عبد الله إسماعيل والخاص أبو موسى.
لقبه
له ألقاب أشهرها: الصادق، ومنها الصابر والفاضل والطاهر، لقب بالصادق لصدق حديثه.
نقش خاتمه
الله وليي وعصمتي من خلقه. وروي: ما شاء الله لا قوة إلا بالله أستغفر الله. وروي: الله خالق كل شئ. وروي: أنت ثقتي فاعصمني من خلقك. وروي: يا ثقتي قني شر جميع خلقك. وروي: اللهم أنت ثقتي فقني شر خلقك. وروي: أنت ثقتي فاعصمني من الناس. وروي: الله عوني وعصمتي من الناس. وروي: ربي عصمني من خلقه. وروى: إن الكاظم (ع) اشتراه بسبعة دنانير وفي رواية بسبعين دينارا.
بوابه
المفضل بن عمر كما في الفصول المهمة وفي المناقب بابه محمد بن سنان. شاعره
السيد الحميري وأشجع السلمي والكميت وأبو هريرة الأبار والعبدي وجعفر بن عفان.
أولاده
كان له عشرة أولاد سبعة ذكور وثلاث بنات وقيل أحد عشر ولدا سبعة ذكور وأربع بنات وهم إسماعيل الأعرج ويقال إسماعيل الأمين وعبد الله وأم فروة وهي التي زوجها من ابن عمه الخارج مع زيد بن علي. قال المفيد أمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وقال الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي: أمهم فاطمة بنت الحسين الأثرم بن حسن بن علي بن أبي طالب. وموسى الإمام ومحمد الديباج واسحق لام ولد ثلاثتهم اسمها حميدة البربرية وفاطمة الكبرى أمها حميدة أيضا قال عبد العزيز بن الأخضر تزوجها محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فماتت عنده. والعباس وعلي العريضي وأسماء وفاطمة الصغرى لأمهات أولاد شتى، فمن عدهم عشرة ترك فاطمة الكبرى ومن عدهم أحد عشر ذكرها، ويظهر من المناقب إن أم فروة هي أسماء حيث قال وابنته أسماء أم فروة التي زوجها من ابن عمه الخارج وهذا غير بعيد لأن أم فروة كنية لا اسم فيكون أولاده عشرة بذكر فاطمة الكبرى وجعل أم فروة وأسماء واحدة. صفته في خلقه وحليته قال ابن شهراشوب في المناقب: كان الصادق (ع) ربع القامة أزهر الوجه حالك الشعر جعدا أشم الأنف أنزع رقيق البشرة على خده خال أسود وعلى جسده حبلان. وفي الفصول المهمة: صفته معتدل آدم اللون.
صفته في أخلاقه وأطواره
قال أبو نعيم في حلية الأولياء ومنهم الإمام الناطق ذو الزمام السابق أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق أقبل على العبادة والخضوع وآثر العزلة والخشوع ونهى عن الرئاسة والجموع وقيل إن التصوف انتفاع بالسبب وارتفاع في النسب. وفي مرآة الجنان لليافعي: السيد الجليل سلالة النبوة ومعدن الفتوة أبو عبد الله جعفر الصادق وفي مناقب ابن شهراشوب قال مالك بن أنس ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد فضلا وعلما وورعا وكان لا يخلو من إحدى ثلاث خصال أما صائما وأما قائما وأما ذاكرا وكان من عظماء العباد وأكابر الزهاد الذين يخشون ربهم وكان كثير الحديث طيب المجالسة كثير الفوائد. وروى أبو نعيم في الحلية بسنده عن عمرو بن المقدام كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين وقد كان إذا صلى العشاء وذهب من الليل شطره أخذ جرابا فيه خبز ولحم ودراهم فحمله على عنقه ثم ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة فقسمه فيهم ولا يعرفونه فلما مات وفقدوا ذلك عرفوه.
صفته في لباسه
روى الكليني بسنده عن الصادق (ع) أنه قال إن الله عز وجل يحب الجمال والتجمل ويبغض البؤس والتباؤس (وبسنده) عن الصادق (ع) أنه قال إذا أنعم الله على عبده بنعمة أحب إن يراها عليه لأنه جميل يحب الجمال (وبسنده) عن الصادق (ع) إني لأكره للرجل إن يكون عليه من الله نعمة فلا يظهرها (وبسنده) عن الصادق (ع) في حديث قال إلبس وتجمل فإن الله جميل يحب الجمال وليكن من حلال. وروى الشيخ الطوسي في التهذيب بسنده عن الصادق (ع) قال إن الله يحب الجمال والتجمل ويبغض البؤس والتباؤس فإن الله إذا أنعم على عبده بنعمة أحب إن يرى عليه أثرها، قيل كيف ذلك؟ قال ينظف ثوبه ويطيب ريحه ويجصص داره ويكنس أفنيته. وروى الكليني بسنده عن الصادق (ع) قال بينا أنا في الطواف وإذا رجل يجذب ثوبي وإذا عباد بن كثير البصري فقال يا جعفر تلبس مثل هذه الثياب وأنت في هذا الموضع مع المكان الذي أنت فيه من علي، فقلت فرقبي اشتريته بدينار وقد كان علي في زمان يستقيم له ما ليس فيه ولو لبست مثل ذلك اللباس في زماننا لقال الناس هذا مرائي مثل عباد. وروى الكليني بسنده إن رجلا قال للصادق (ع) أصلحك الله ذكرت إن علي بن أبي طالب كان يلبس الخشن يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ونرى عليك اللباس الجيد فقال له إن علي بن أبي طالب صلى الله عليه وسلم كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر ولو لبس مثل ذلك اليوم لشهر به فخير لباس كل زمان لباس له الحديث. وروى الكليني بسنده إن سفيان الثوري دخل على عبد الله (ع) فرأى عليه ثيابا بيضا كأنها غرقئ البيض فقال له إن هذا اللباس ليس من لباسك، فقال له: إسمع مني وع ما أقول لك فإنه خير لك عاجلا وآجلا إن أنت مت على السنة ولم تمت على بدعة أخبرك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في زمان مقفر جدب فأما إذا أقبلت الدنيا فأحق الناس بها أبرارها لا فجارها ومؤمنوها لا منافقوها ومسلموها لا كفارها فما أنكرت يا ثوري فوالله إني مع ما ترى ما أتى علي منذ عقلت صباح ولا مساء ولله في مالي حق أمرني إن أضعه موضعا إلا وضعته.
مناقبه وفضائله
ومما يجب التنبيه عليه إن ما ذكرناه من مناقب كل واحد منهم (ع) كثيرا ما يختلف عما نذكره للباقي وهذا ليس معناه إن المنقبة التي نذكرها لأحدهم ولا نذكرها للآخر غير موجودة في الآخر بل كلهم مشتركون في جميع المناقب والفضائل وهم من نور واحد وطينة واحدة وهم أكمل أهل زمإنهم في كل صفة فاضلة ولكلما كانت مقتضيات الزمان ومظاهر تلك الصفات فيهم متفاوتة بحسب الأزمان كان ظهور آثارها منهم متفاوتا بحسب مقتضيات الأحوال، مثلا ظهور آثار الشجاعة من أمير المؤمنين وولده الحسين (ع) ليس كظهورها من البقية، فأمير المؤمنين (ع) ظهرت آثار شجاعته بجهاده بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبمحاربته الناكتين والقاسطين والمارقين أيام خلافته، والحسين (ع) ظهرت آثار شجاعته بما أمر به من منابذة الظالمين، والباقون لم تظهر فيهم آثار الشجاعة لما أمروا به من التقية والمداراة والكل مشتركون في إنهم أشجع أهل زمإنهم، والصادق والباقر (ع) ظهرت فيها آثار العلم أكثر من الباقين لقلة الخوف لكونهما في آخر دولة ضعفت وأول أخرى ظهرت والكل مشتركون في إنهم أعلم أهل زمانهم وقد تكون آثار الكرم والسخاء وكثرة الصدقات والعتق في بعضهم أظهر منها في الباقي لسعة ذات يده أو كثرة الفقراء في بلده دون الباقي وكلهم مشتركون في إنهم أكرم أهل زمإنهم وأسخاهم وقد تكون العبادة في بعضهم أظهر منها في غيره لبعض الموجبات كقلة اطلاع الناس على حاله أو قصر مدته في دار الدنيا أو غير ذلك، وكلهم أعبد أهل زمإنهم وقد تكون آثار الحلم في بعضهم أظهر منها في غيره لكثرة ما ابتلي به من أنواع الأذى التي يظهر معها حلم الحليم دون غيره وكلهم أحلم أهل زمإنهم إلى غير ذلك من مقتضيات الأحوال التي تعرض لهم فليتنبه لذلك، ومناقب الصادق (ع) وفضائله كثيرة نقتصر منها على ذكر ما يلي:
(أحدها): العلم روى الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في معالم العثرة الطاهرة عن صالح بن الأسود قال سمعت جعفر بن محمد يقول: سلوني قبل إن تفقدوني فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي. وقال ابن حجر في صواعقه: نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدانوفي مناقب ابن شهراشوب نقل عنه من العلوم ما لم ينقل عن أحد، وقال أيضا: قال نوح بن دراج لابن أبي ليلى أكنت تاركا قولا قلته أو قضاء قضيته لقول أحد قال لا إلا رجلا وأحدا، قال من هو؟ قال: جعفر بن محمد. (وقال المفيد) في الإرشاد: نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر ذكره في البلدان ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه ولا لقي أحد منهم من أهل الآثار ونقلة الأخبار ولا نقلوا عنهم ما نقلوا عن أبي عبد الله (ع) فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف رجلاقول وذلك إن الحافظ بن عقدة الزيدي جمع في كتاب رجاله أربعة آلاف رجل من الثقات الذين رووا عن جعفر بن محمد فضلا عن غيرهم وذكر مصنفاتهم، ومر في المقدمات قول المحقق في المعتبر: انتشر عن جعفر بن محمد من العلوم الجمة ما بهر به العقول. وروى عنه راو واحد وهو أبان بن تغلب ثلاثين ألف حديث، روى الكشي في رجاله بسنده عن الصادق (ع) أنه قال: أبان بن تغلب روى عني ثلاثين ألف حديث، وروى النجاشي في رجاله بسنده عن الحسن بن علي الوشاء في حديث أنه قال أدركت في هذا المسجد يعني مسجد الكوفة تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد: وكان (ع) يقول حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث علي بن أبي طالب وحديث علي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديث رسول الله قول الله عز وجل.
وقال ابن شهراشوب في المناقب: ولا تخلو كتب أحاديث وحكمة وزهد وموعظة من كلامه، يقولون: قال جعفر بن محمد الصادق (ع).
مما حفظ عنه في وجوب المعرفة بالله تعالى
قال المفيد في الإرشاد: ومما حفظ عنه في وجوب المعرفة بالله تعالى وبدينه قوله: وجدت علم الناس كلهم في أربع: (أولها) إن تعرف ربك (والثاني) إن تعرف ما صنع بك (والثالث) إن تعرف ما أراد منك (والرابع) إن تعرف ما يخرجك عن دينك. قال المفيد: وهذه أقسام تحيط بالمفروض من المعارف لأنه أول ما يجب على العبد معرفة ربه جل جلاله فإذا علم إن له إلاها وجب إن يعرف صنيعه إليه فإذا عرف صنيعه إليه عرف به نعمته، فإذا عرف نعمته وجب عليه شكره، فإذا أراد تأدية شكره وجب عليه معرفة مراده ليطيعه بفعله، وإذا وجبت عليه طاعته وجبت عليه معرفة ما يخرجه عن دينه ليجتنبه فيخلص به طاعة ربه وشكر إنعامه.
مما حفظ عنه في التوحيد ونفي التشبيه
في الإرشاد: مما حفظ عنه في التوحيد ونفي التشبيه قوله لهشام بن الحكم: إن الله تعالى لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيءوكلما وقع في الوهم فهو بخلافه.
مما حفظ عنه في نفي الرؤية
ما ذكره المرتضى في ال أما لي قال: روى عن أبي عبد الله الصادق (ع) أنه سأله محمد الحلبي فقال له هل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه فقال نعم رآه بقلبه ف أما ربنا جل جلاله فلا تدركه أبصار الناظرين ولا تحيط به أسماع السامعين.
مما حفظ عنه في العدل
في الإرشاد: ومما حفظ عنه من موجز القول في العدل قوله لزرارة بن أعين: يا زرارة أعطيك جملة في القضاء والقدر، قال له زرارة نعم جعلت فداك، قال له إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلائق عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم. مما حفظ عنه في الحث على النظر في دين الله والمعرفة لأولياء الله
في الإرشاد: ومما حفظ عنه في الحث على النظر في دين الله والمعرفة لأولياء الله قوله: أحسنوا النظر فيما لا يسعكم جهله وانصحوا لأنفسكم وجاهدوا في طلب معرفة ما لا عذر لكم في جهله فإن لدين الله أركانا لا تنفع من جهلها شدة اجتهاده في طلب ظاهر عبادته ولا يضر من عرفها فدان بها حسن اقتصاده ولا سبيل لاحد إلى ذلك إلا بعون من الله.
احتجاجه على الصوفية فيما ينهون عنه من طلب الرزق
روى الحسن بن علي بن شعبة الحلبي في تحف العقول خبر دخول سفيان الثوري على الصادق (ع) الذي مر في صفته في لباسه (ع) ثم قال: ثم أتاه قوم ممن يظهرون التزهد ويدعون الناس إن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف فقالوا إن صاحبنا حصر عن كلامك ولم تحضره حجة فقال لهم هاتوا حججكم فقالوا إن حجتنا من كتاب الله قال لهم فادلوا بها فإنها أحق ما اتبع وعمل به، قالوا يقول الله تبارك وتعالى يخبر عن قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} فمدح فعلهم وقال في موضع آخر{ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} فنحن نكتفي بهذا، فقال أبو عبد الله (ع): أخبروني أيها النفر ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخه ومحكمه من متشابهه الذي في مثله ضل من ضل وهلك من هلك من هذه الأمة؟ فقالوا أوبعضه فأما كله فلا، فقال لهم من ها هنا أتيتم وكذلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ما ذكرتم من أخبار الله إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم بحسن فعالهم فقد كان مباحا جائزا ولم يكونوا نهوا عنه وثوابهم منه على الله وذلك إن الله جل وتقدس أمر بخلاف ما عملوا به فصار أمره ناسخا لفعلهم وكان نهى تبارك وتعالى رحمة للمؤمنين ونظرا لكي لا يضروا بأنفسهم وعيالاتهم منهم الضعفة الصغار والولدان والشيخ الفان والعجوز الكبيرة الذين لا يصبرون على الجوع فإن تصدقت برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعا فمن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو دراهم يملكها الإنسان وهو يريد إن يمضيها فأفضلها ما أنفقه الإنسان على والديه ثم الثانية على نفسه وعياله ثم الثالثة على القرابة واخوانه المؤمنين ثم الرابعة على جيرانه الفقراء ثم الخامسة في سبيل الله وهو أخسها أجرا ثم قال حدثني أبي إن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبدا بمن تعول الأدنى فالأدنى ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم ونهيا عنه مفروض من الله العزيز الحكيم قال {والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما} أفلا ترون إن الله تبارك تعالى عير ما أراكم تدعون إليه والمسرفين في غير آية من كتاب الله يقول: {إنه لا يحب المسرفين} فنهاهم عن الاسراف ونهاهم عن التقتير لكن أمر بين أمرين لا يعطي جميع ما عنده ثم يدعو الله إن يرزقه فلا يستجيب له للحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم إن أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعاؤهم: رجل يدعو على والديه ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال ولم يشهد عليه ورجل يدعو على امرأته وقد جعل الله تخلية سبيلها بيده ورجل يقعد في البيت ويقول يا رب ارزقني ولا يخرج يطلب الرزق فيقول الله جل وعز عبدي أولم أجعل لك السبيل إلى الطلب والضرب في الأرض بجوارح صحيحة فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لأتباع أمري ولكيلا تكون كلا على لك فإن شئت رزقتك وإن شئت قترت عليك وأنت معذور عندي، ورجل رزقه الله مالا كثيرا فانفقه ثم أقبل يدعو يا رب ارزقني فيقول الله ألم أرزقك رزقا واسعا أفلا اقتصدت فيه كما أمرتك ولم تسرف وقد نهيتك ورجل يدعو في قطيعة رحم. ثم علم الله نبيه كيف ينفق وذلك أنه كان عنده أوقية من ذهب فكره إن تبيت عنده فتصدق بها وأصبح ليس عنده شيء وجاءه من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه فلامه السائل واغتم هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه وكان رحيما رفيقا فأدب الله نبيه بأمره إياه فقال {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا}، يقول إن الناس قد يسألونك ولا يعذرونك فإذا أعطيت جميع ما عندك كنت قد حسرت من المال.
فهذه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يصدقها الكتاب، والكتاب يصدقه له من المؤمنين ثم من قد علمتم في فضله وزهده سلمان وأبو ذر فأما سلمان فكان إذا أخذ عطاءه رفع منه قوته لسنته حتى يحضره عطاؤه من قابل فقيل له يا أبا عبد الله أنت في زهدك تصنع هذا وأنك لا تدري لعلك تموت اليوم أو غدا فكان جوابه إن قال: ما لكم لا ترجون لي البقاء كما خفتم علي الفناء أوما علمتم يا جهلة إن النفس قد تلتاث على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت.
و أما أبو ذر فكانت له نويقات وشويهات يحلبها ويذبح منها إذا اشتهى له اللحم أو نزل به ضيف أو رأى بأهل الماء الذين هم معه خصاصة نحر لهم الجزور أو من الشاء على قدر ما يذهب عنهم قرم اللحم فيقسمه بينهم ويأخذ كنصيب أحدهم لا يفضل عليهم، ومن أزهد من هؤلاء وقد قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال ولم يبلغ من أمرهما إن صارا لا يملكان شيئا البتة كما تأمرون الناس بالقاء أمتعتهم وشيئهم ويؤثرون به على أنفسهم وعيالاتهم، وأخبروني عن القضاة، أجور منهم حيث يفرضون على الرجل منكم نفقة امرأته إذا قال أنا زاهد وأنه لا شيءلي؟ فإن قلتم جور ظلمتم أهل الإسلام وإن قلتم بل عدل خصمتم أنفسكم.
أخبروني لو كان الناس كلهم كما تريدون زهادا لا حاجة لهم في متاع غيرهم فعلى من كان يتصدق بكفارات الإيمان والنذور والصدقات من فرض الزكاة إذا كان الأمر كما تقولون لا ينبغي لأحد إن يحبس شيئا من عرض الدنيا إلا قدمه وإن كان به خصاصة فبئس ما ذهبتم إليه وحملتم الناس عليه من الجهل بكتاب الله وسنة نبيه وأحاديثه التي يصدقها الكتاب المنزل أوردكم إياها بجهالتكم وترككم النظر في غرائب القرآن من التفسير بالناسخ من المنسوخ والمحكم والمتشابه والأمر والنهي. وأخبروني أنتم أعلم أم سليمان ابن داود (ع) حيث سال الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه الله ذلك وكان يقول الحق ويعمل به ثم لم نجد الله عاب ذلك عليه ولا أحد من المؤمنين وداود قبله في ملكه وشدة سلطانه ثم يوسف النبي حيث قال لملك مصر اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم فكان من أمره الذي كان إن أختار مملكة الملك وما حولها إلى اليمن فكانوا يمتارون الطعام من عنده لمجاعة أصابتهم وكان يقول الحق ويعمل به ثم لم نجد أحدا عاب ذلك عليه ثم ذو القرنين عبد أحب الله فأحبه طوى له الأسباب وملكه مشارق الأرض ومغاربها وكان يقول بالحق ويعمل به ثم لم نجد أحدا عاب ذلك عليه فتأدبوا أيها النفر بآداب الله للمؤمنين واقتصروا على أمر الله ونهيه ودعوا عنكم ما اشتبه عليكم مما لا علم لكم به وردوا العلم إلى له تؤجروا وتعذروا عند الله وكونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخه ومحكمه من متشابهه وما أحل الله فيه مما حرم فإنه أقرب لكم من الله وأبعد لكم من الجهل ودعوا الجهالة لأهلها فإن أهل الجهل كثير وأهل العلم قليل وقد قال الله عز وجل وفوق كل ذي علم عليم.
ما جاء عنه في أجوبة المسائل
روى الكليني في الكافي بسنده إن ابن أبي العوجاء سال هشام بن الحكم فقال أليس الله حكيما قال بلى هو أحكم الحاكمين قال فأخبرني عن قول الله عز وجل {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم إلا تعدلوا فواحدة} أليس هذا فرض قال بلى قال فأخبرني عن قوله عز وجل {ولن تستطيعوا إن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كما الميل} أي حكيم يتكلم بهذا فلم يكن عنده جواب فرحل إلى المدينة إلى أبي عبد الله (ع) فقال يا هشام في غير وقت حج ولا عمرة قال نعم جعلت فداك لأمر مني إن ابن أبي العوجاء سألني عن مسالة لم يكن عندي فيها شيء قال وما هي فأخبرته بالقصة فقال أبو عبد الله (ع) أما قوله عز وجل {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم إن لا تعدلوا فواحدة} يعني في النفقة وأما قوله {ولن تستطيعوا إن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل} فتذروها كالمعلقة يعني في المودة فلما قدم عليه هشام بهذا الجواب قال والله ما هذا من عندك.
وفي مناقب ابن شهراشوب: دخل عمرو بن عبيد على الصادق (ع) وقرأ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه وقال أحب إن أعرف الكبائر من كتاب الله فقال نعم يا عمرو ثم فصلها بان الكبائر:
(الشرك بالله) إن الله لا يغفر إن يشرك به.
(والياس من روح الله) ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
(وعقوق الوالدين) لان العاق جبار شقي. وبرا بوالدتي ولم تجعلني جبارا شقيا. (وقتل النفس) ومن يقتل غنيا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما.
(وقذف المحصنات) إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم.
(وأكل مال اليتيم) إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا.
(والفرار من الزحف) ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير.
(وأكل الربا) الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس.
(والزنا) ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا. ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق إثاما.
(واليمين الغموس) إن الذين يشترون بعهد الله وأيمإنهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
(والغلول) ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة.
(ومنع الزكاة) والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون.
(وشهادة الزور) والذين لا يشهدون الزور.
(وكتمان الشهادة) ومن يكتمها فإنه آثم قلبه.
(وشرب الخمر) لقوله (ع) شارب الخمر كعابد وثن.
(وترك الصلاة) لقوله صلى الله عليه وسلم من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله.
(ونقض العهد وقطيعة الرحم) الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به إن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون.
(وقول الزور) واجتنبوا قول الزور.
(والجرأة على الله) أفامنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.
(وكفران النعمة) ولئن كفرتم إن عذابي لشديد.
(وبخس الكيل والوزن) ويل للمطففين.
(واللواط) الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش.
(والبدعة) لقوله (ع) من تبسم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم دينه.
قال المفيد: والأخبار فيما حفظ عنه من الحكمة والبيان والحجة والزهد والموعظة وفنون العلم كله أكثر من إن تحصى بالخطاب أو تحوى بالكتاب وفيما أثبتناه منها كفاية في الغرض الذي قصدناه.
(ثانيها): الحلم قال الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في كتاب معالم العترة: وقع بين جعفر بن محمد وعبد الله بن حسن كلام في صدر يوم فاغلظ له في القول عبد الله بن حسن ثم افترقا وراحا إلى المسجد فالتقيا على باب المسجد فقال أبو عبد الله جعفر بن محمد لعبد الله بن حسن كيف أمسيت يا أبا محمد؟ فقال بخير كما يقول المغضب! فقال يا أبا محمد أما علمت إن صلة الرحم تخفف الحساب؟ فقال لا تزال تجئ بالشيءلا نعرفه؟ فقال إني أتلو عليك به قرآنا؟ قال وذلك أيضا؟ قال نعم؟ قال فهاته؟ قال قول الله عز وجل: {والذين يصلون ما أمر الله به إن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب} قال: فلا تراني بعدها قاطعا رحما. وعن المناقب عن كتاب الروضة أنه دخل سفيان الثوري على الصادق (ع) فرآه متغير اللون فسأله عن ذلك فقال كنت نهيت إن يصعدوا فوق البيت فدخلت فإذا جارية من جواري ممن تربي بعض ولدي قد صعدت في سلم والصبي معها فلما بصرت بي ارتعدت وتحيزت وسقط الصبي إلى الأرض فمات فما تغير لوني لموت الصبي وإنما تغير لوني لما أدخلت عليها من الرعب وكان (ع) قال لها أنت حرة لوجه الله لا باس عليك مرتين. ورواه صاحب غاية الاختصار صلى الله عليه وسلم 62 بسنده إلى سفيان الثوري نحوه. وروى الكليني في الكافي بسنده إن أبا عبد الله (ع) بعث غل أما له في حاجة فأبطأ أبو عبد الله (ع) على أثره لما أبطا عليه فوجده نائما فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه فلما انتبه قال له أبو عبد الله (ع) يا فلان والله ما ذاك لك تنام الليل والنهار لك الليل ولنا منك النهار.
(ثالثها): الصبر وروى الصدوق في العيون بسنده عن أبي محمد عن آبائه عن موسى بن جعفر (ع) قال: نعى إلى الصادق جعفر بن محمد (ع) ابنه إسماعيل بن جعفر وهو أكبر أولاده وهو يريد إن يأكل وقد اجتمع ندماؤه فتبسم ثم دعا بطعامه وقعد مع ندمائه وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام ويحدث ندماءه ويضع بين أيديهم ويعجبون منه إن لا يرون للحزن عليه أثرا فلما فرع قالوا يا ابن رسول الله لقد رأينا عجبا أصببت بمثل هذا الابن وأنت كما نرى، قال وما لي لا أكون كما ترون وقد جاءني خبر أصدق الصادقين إني ميت وإياكم إن قوما عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم ولم ينكروا من يخطفه الموت منهم وسلموا لأمر خالقهم عز وجل.
وروى الكليني في الكافي باسناده عن قتيبة الأعشى قال: أتيت أبا عبد الله (ع) أعود أبنا له فوجدته على الباب فإذا هو مهتم حزين فقلت جعلت فداك كيف الصبي؟ فقال إنه لما به ثم دخل فمكث ساعة ثم خرج إلينا وقد أسفر وجهه وذهب التغير والحزن فطمعت إن يكون قد صلح الصبي فقلت كيف الصبي جعلت فداك؟ فقال قد مضى الصبي لسبيله، فقلت جعلت فداك لقد كنت وهو حي مغتما حزينا وقد رأيت حالك الساعة وقد مات غير تلك الحال فكيف هذا؟ فقال أنا أهل البيت إنما نجزع قبل المصيبة فإذا وقع أمر الله رضينا بقضائه وسلمنا لأمره.
(وبسنده) ن العلاء بن كامل قال: كنت جالسا عند أبي عبد الله (ع) فصرخت الصارخة من الدار فقام أبو عبد الله (ع) ثم جلس فاسترجع وعاد في حديثه حتى فرع منه ثم قال أنا لنحب إن نعافى في أنفسنا وأولادنا وأموالنا فإذا وقع القضاء فليس لنا إن نحب ما لم يحب الله لنا.
(رابعها) العبادة وكثرة ذكر الله روى الكليني في الكافي باسناده أنه أحصى على الصادق (ع) في سجوده خمسمائة تسبيحة. (وبسنده) عن إبان بن تغلب: دخلت على الصادق (ع) فعددت له في الركوع والسجود ستين تسبيحة. وروى الراوندي في الخرائج عن منصور الصيقل أنه رأى أبا عبد الله (ع) ساجدا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قال فجلست حتى أطلت ثم قلت لأسبحن ما دام ساجدا فقلت سبحان ربي وبحمده استغفر ربي وأتوب إليه ثلثمائة ونيفا وستين مرة فرفع رأسه الحديث.
(خامسها): مكارم الأخلاق روى الزمخشري في ربيع الأبرار عن الشقراني مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خرج العطاء أيام المنصور وما لي شفيع فوقفت على الباب متحيرا وإذا بجعفر بن محمد قد أقبل فذكرت له حاجتي فدخل وخرج وإذا بعطائي في كمه فناولني إياه وقال إن الحسن من كل أحد حسن وانه منك أحسن لمكانك منا، وأن القبيح من كل أحد قبيح وأنه منك أقبح لمكانك منا. قال سبط ابن الجوزي: وإنما قال له ذلك لأنه كان يشرب الشراب فوعظه على وجه التعريض وهذا من أخلاق الأنبياء.
(سادسها): الكرم والسخاء في حلية الأولياء بسنده عن الهياج بن بسطام: كان جعفر بن محمد (ع) يطعم حتى لا يبقى لعياله شئ. وفي مطالب السؤول: كان (ع) يقول لا يتم المعروف إلا بثلاثة: تعجيله وتصغيره وستره، ويأتي نظيره في حكمه وآدابه.
(سابعها) كثرة الصدقة روى الكليني في الكافي بسنده عن هشام بن سالم قال: كان أبو عبد الله (ع) إذا أعتم وذهب من الليل شطره أخذ جرابا فيه خبز ولحم ودراهم فحمله على عنقه ثم ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة فقسمه فيهم ولا يعرفونه فلما مضى أبو عبد الله (ع) فقدوا ذلك فعلموا أنه كان أبا عبد الله ع. ويأتي برواية أخرى في حكمه وآدابه.
مميزات القرن الثاني في عصر الإمام الصادق (ع)
ولد (ع) سنة 80 أو 83 للهجرة وتوفي سنة 148 فمدة حياته 68 سنة، أدرك فيها ملك هشام بن عبد الملك إلى آخر دولة بني أمية، وأدرك من دولة بني العباس ملك السفاح وعشر سنين من ملك المنصور.
ومن مميزات هذا العصر انتشار العلوم الاسلامية فيه من التفسير والفقه والحديث وعلم الكلام والجدل والأنساب واللغة والشعر والأدب والكتابة والتاريخ والنجوم وغيرها.
وكان الإمام الصادق أشهر أهل زمانه علما وفضلا، قال مالك بن أنس أما م المذهب: ما رأت عيني أو ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد فضلا وعلما وعبادة وورعا وكان كثير الحديث طيب المجالسة كثير الفوائد.
وقال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة وقد سئل عن أفقه من رأيت قال جعفر بن محمد.
وقال ابن أبي ليلى: ما كنت تاركا قولا قلته أو قضاء قضيته لقول أحد إلا رجلا وأحدا هو جعفر بن محمد.
ولم يقل أحد سلوني قبل إن تفقدوني إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وولده جعفر بن محمد. روى الجنابذي في معالم العترة الطاهرة عن صالح بن الأسود: سمعت جعفر بن محمد يقول: سلوني قبل إن تفقدوني فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي. وكان (ع) يقول: حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث علي بن أبي طالب وحديث علي حديث رسول الله.
وانتشر عنه من العلوم الجمة ما بهر به العقول، ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه ولا لقي أحدا منهم من أهل الآثار ونقلة الأخبار ولا نقلوا عنهم ما نقلوا عنه فقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف رجل ذكرهم الحافظ ابن عقدة الزيدي في كتاب رجاله وذكر مصنفاتهم فضلا عن غيرهم، واستدرك ابن الغضائري على ابن عقدة فزاد عليهم، وروى عنه راو واحد وهو أبان بن تغلب ثلاثين ألف حديث. وقال الحسن بن علي الوشاء: أدركت في هذا المسجد أي مسجد الكوفة تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد. وبرز بتعليمه من الفقهاء والأفاضل جم غفير كزرارة بن أعين وأخويه بكر وحمران وجميل بن صالح وجميل بن دراج ومحمد بن مسلم الطائفي وبريد بن معوية وهشام بن الحكم وهشام بن سالم وأبي بصير وعبيد الله ومحمد وعمران الحلبيين وعبد الله بن سنان وأبي الصباح الكناني وغيرهم من أعيان الفضلاء. ونقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعات غير هؤلاء الأربعة الآلاف من أعيان الأئمة وأعلامهم مثل يحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريح ومالك بن انس والثوري وابن عيينة وأبي حنيفة وشعبة وأيوب السختياني وجابر بن حيان الكوفي وأبان بن تغلب وأبو عمرو بن العلاء وعمرو بن دينار وآخرين غيرهم، ومن غلمانه أبو يزيد البسطامي وإبراهيم بن أدهم ومالك بن دينار. وكان السبب في انتشار علومه وكثرة الآخذين عنه أنه أدرك أواخر الدولة الأموية وأوائل الدولة العباسية، فأدرك الأولى في أيام ضعفها فتمكن من نشر علوم أجداده لقلة الخوف، وكانت الثانية في أولها لم تنجم فيها ناجمة الحسد لآل أبي طالب وهي دولة هاشمية ترى إن مثل جعفر الصادق من مفاخرها. وقد روي عنه في التفسير الشيءالكثير وكذلك في علم الكلام ورد الدهرية وحسبك من ذلك بتوحيد المفضل. ودون من أجوبة مسائله في الفقه وغيره كتب جمة وأخذت عنه مهمات علم أصول الفقه وكتب من أجوبة مسائله أربعمائة مصنف لأربعمائة مصنف تعرف بالأصول الأربعمائة بالتفسير.
وممن اشتهر بالتفسير والنسب في ذلك العصر محمد بن السائب الكلبي والسدي الكبير إسماعيل بن عبد الرحمن وأبو حمزة الثمالي. وبالفقه والحديث في ذلك العصر غير الإمام الصادق الإمام أبو حنيفة إمام المذهب وتلميذه أبو يوسف ومالك بن أنس إمام المذهب ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهم وابن جريح وعروة بن الزبير وابن سيرين المعروف بالتفسير والحسن البصري والشغبي. وفي التاريخ والمغازي محمد بن إسحاق بن يسار. وفي العربية معاذ بن مسلم الهراء الكوفي واضع علم الصرف. وفي النجوم نوبخت وبنوه. وفي الكتابة عبد الحميد أحد كتاب الدنيا كاتب مروان الحمار آخر ملوك بني أمية.
ومن الكتاب من أصحاب الصادق (ع) أبو حامد إسماعيل الكاتب الكوفي. وممن اشتهر من الشعراء في عصره وبعضهم كان من مادحيه السيد الحميري وأشجع السلمي والكميت وابنه المستهل وأخوه الورد وأبو هريرة الأبار وأبو هريرة العجلي والعبدي وجعفر بن عفان وسليمان بن قتة العدوي وسديف وإبراهيم بن هرمة ومنصور النمري.
أخباره وأحواله
عن كتاب نثر الدرر للآبي: وقف أهل مكة وأهل المدينة بباب المنصور فإذن الربيع لأهل مكة قبل أهل المدينة فقال جعفر (ع): أتأذن لأهل مكة قبل أهل المدينة؟ فقال الربيع: مكة العش فقال جعفر عش والله طار خياره وبقي شراره. قال: وقيل له إن أبا جعفر المنصور لا يلبس مذ صارت الخلافة إليه إلا الخشن ولا يأكل إلا الجشب فقال يا ويحه مع ما قد مكن الله له من السلطان وجبي إليه من الأموال، فقيل له إنما يفعل ذلك بخلا وجمعا للأموال فقال الحمد لله الذي حرمه من دنياه ماله وترك دينه.
وفي مطالب السؤول: نقل أنه كان رجل من أهل السواد يلزم جعفرا ففقده فسال عنه فقال له رجل يريد إن يستنقص به: إنه نبطي فقال جعفر (ع) أصل الرجل عقله وحسبه دينه وكرمه تقواه والناس في آدم مستوون فاستحى ذلك القائل. وقال الآبي في نثر الدرر: مر به رجل وهو يتغدى فلم يسلم فدعاه إلى الطعام فقيل له السنة إن يسلم ثم يدعى وقد ترك السلام على عمد فقال هذا فقه فيه بخلأقول إذا صح حديث أنه لا يدعى إلى الطعام إذا لم يسلم يمكن توجيه هذا الحديث باختلاف الجهات في الاستحباب وعدمه كما يشير إليه قوله (ع) فيه بخل.
وفي حلية الأولياء بسنده قال جعفر بن محمد (ع): قال موسى (ع) يا رب أسألك إن لا يذكرني أحد إلا بخير قال ما فعلت ذلك لنفسي. وفي حلية الأولياء بسنده عن عبد الله بن أبي يعفور عن جعفر بن محمد قال: بني الإنسان على خصال فمهما بني عليه فإنه لا يبني على الخيانة والكذب أقول المراد والله العالم أنه يطبع على بعض الأخلاق السيئة ولكنه لا يطبع على الخيانة والكذب كما في حديث آخر بل يكون ذلك اكتسابا لا من طبعه الأصلي. (وبسنده) عن جعفر بن محمد: الفقهاء أمناء الرسل فإذا رأيتم الفقهاء قد ركبوا إلى السلاطين فاتهموهم.
علة النهي عن جذاذ الليل وحصاده
روى الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في كتابه معالم العترة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن جذاذ الليل وحصاده قال جعفر بن محمد إنما كره ذلك لأنه لا يحضره الفقراء والمساكين.
كن لأخيك كما تكون لنفسك
روى الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في معالم العترة عن جعفر بن محمد: من لم يكن لأخيه كما يكون لنفسه لم يعط الاخوة حقها ألا ترى كيف حكى الله تعالى في كتابه أنه يفر المرء من أبيه والأخ من أخيه ثم ذكر في ذلك الموقف شفقة الأصدقاء يقول فما لنا من شافعين ولا صديق حميم.
الذليل هو الظالم
وروى صاحب معالم العترة أيضا عن جابر بن عون أنه قال رجل لجعفر بن محمد إنه وقع بيني وبين قوم منازعة في أمر وأني أريد إن أتركه فيقال لي إن تركك له ذل فقال له جعفر بن محمد إن الذليل هو الظالم.
أخباره مع دعاة بني العباس
في أمالي المرتضى روي إن دعاة خراسان صاروا إلى أبي عبد الله الصادق (ع) فقالوا له أردنا ولد محمد بن علي فقال أولئك بالسراة ولست بصاحبكم فقالوا لو أراد الله بنا خيرا كنت صاحبنا فقال المنصور بعد ذلك لأبي عبد الله أردت الخروج علينا فقال نحن ندل عليكم في دولة غيركم فكيف نخرج عليكم في دولتكم. خبره مع أبي سلمة الخلال
حفص بن سليمان الهمذاني وعبد الله بن الحسن المثنى
في عمدة الطالب: لما قدم أبو العباس السفاح وأهله سرا على أبي سلمة الخلال الكوفي ستر أمرهم وعزم إن يجعلها شورى بين ولد علي والعباس حتى يختاروا هم من أرادوا ثم قال أخاف إن لا يتفقوا ثم عزم إن يعزل الأمر إلى ولد علي من الحسن والحسين فكتب إلى ثلاثة نفر منهم، جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، وعمر بن علي بن الحسين، وعبد الله ابن الحسن بن الحسن، فبدأ الرسول بجعفر بن محمد فلقيه ليلا وأعلمه إن معه كتابا إليه من أبي سلمة فقال وما أنا وأبو سلمة هو شيعة لغيري فقال تقرأ الكتاب وتجيب عليه بما رأيت فقال جعفر لخادمه قدم مني السراج فقدمه فوضع عليه كتاب أبي سلمة فاحرقه فقال ألا تجيبه فقال قد رأيت الجواب، فخرج من عنده وأتى عبد الله بن الحسن المثنى فقبل كتابه وركب إلى جعفر بن محمد فقال أي أمر جاء بك يا أبا محمد لو أعلمتني لجئتك فقال أمر يجل عن الوصف قال وما هو يا أبا محمد قال هذا كتاب أبي سلمة يدعوني للأمر ويرى إني أحق الناس به وقد جاءته شيعتنا من خراسان فقال له جعفر الصادق (ع) ومتى صاروا شيعتك؟ أأنت وجهت أبا مسلم إلى خراسان وأمرته بلبس السواد؟ هل تعرف أحدا منهم باسمه ونسبه كيف يكونون من شيعتك وأنت لا تعرفهم ولا يعرفونك؟ فقال له عبد الله إن كان هذا الكلام منك لشيء فقال جعفر قد علم الله إني أوجب على نفسي النصح لكل مسلم فكيف أدخره عنك فلا تمنين نفسك الأباطيل فإن هذه الدولة ستتم لهؤلاء القوم وقد جاءني مثل ما جاءك. فانصرف غير راض بما قاله. وأما عمر بن علي بن الحسين فرد الكاتب وقال ما أعرف كاتبه فأجيبه. فهذا الذي صدر من الصادق (ع) يدل على عظم قدره وإصابة رأيه على الأقل وعلى قصور نظر عبد الله في اغتراره بذلك وعدم قبوله النصح من الصادق واتهامه إياه بعد ما أقام له الحجة الواضحة على صحة ما أشار به، ولله أمر هو بالغه. وفي قوله لو أعلمتني لجئتك دليل على كرم أخلاقه ومحافظته على حق الرحم مع مزاحمة عبد الله له فيما ليس له بأهل، وايصائه إلى خمسة أحدهم المنصور الباقون محمد بن سليمان والي المدينة وولداه عبد الله وموسى وحميدة جاريته أدل دليل على بعد نظره بتخليص وصيه الحقيقي من القتل باشراكه في الوصية مع جماعة أحدهم فرعون بني العباس.
ما فعله حين حمل المنصور بني حسن إلى العراق
روى أبو الفرج الأصبهاني باسناده إلى الحسين بن زيد بن علي قال إني لواقف القبر والمنبر إذ رأيت بني حسن يخرج بهم من دار مروان يراد بهم الربذة فأرسل إلي جعفر بن محمد ما وراءك قلت رأيت بني حسن يخرج بهم في محامل فقال إجلس فدعا غلاما له ثم دعا ربه كثيرا ثم قال لغلامه اذهب فإذا حملوا فائت فأخبرني فأتاه الرسول فقال قد أقبل بهم فقام جعفر فقام وراء ستر شعر أبيض فطلع بعبد الله بن حسن وإبراهيم بن حسن وجميع لهم كل واحد منهم معادله مسود فلما نظر إليهم جعفر بن محمد هملت عيناه حتى جرت دموعه على لحيته ثم أقبل علي فقال يا أبا عبد الله والله لا تحفظ لله حرمة بعد هذا والله ما وفت الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما أعطوه من البيعة على العقبة على إن يمنعوه وذريته بما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم فوالله ما وفوا له حتى خرج من بين أظهرهم.
أخباره مع المنصور
في مطالب السؤول: حدث عبد الله بن الفضل بن الربيع عن أبيه قال حج المنصور سنة 147 فقدم المدينة وقال للربيع ابعث إلى جعفر بن محمد من يأتينا به متعبا قتلني الله إن لم اقتله فتغافل الربيع عنه لينساه ثم أعاد ذكره للربيع وقال ابعث من يأتينا به متعبا فتغافل عنه ثم أرسل إلى الربيع رسالة قبيحة أغلظ له فيها وأمره إن يبعث من يحضر جعفرا ففعل فلما أتاه قال له الربيع يا أبا عبد الله أذكر الله فإنه قد أرسل إليك بما لا دافع له غير الله. فقال جعفر: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم إن الربيع أعلم المنصور بحضوره فلما دخل جعفر عليه أوعده وأغلظ له وقال: أي عدو الله أتخذك أهل العراق أما ما يجبون إليك زكاة أموالهم وتلحد في سلطاني وتبغيه الغوائل قتلني الله إن لم أقتلك، فقال له يا أمير المؤمنين إن سليمان (ع) أعطي فشكر وإن أيوب ابتلي فصبر وإن يوسف ظلم فغفر وأنت من ذلك السنخ، فلما سمع ذلك المنصور منه قال له إلي وعندي أبا عبد الله أنت البرئ الساحة السليم الناحية القليل الغائلة جزاك الله من ذي رحم أفضل ما جزى ذوي الأرحام عن أرحامهم ثم تناول يده فأجلسه معه على فراشه ثم قال علي بالطيب فأتى بالغالية فجعل يغلف لحية جعفر بيده حتى تركها تقطر ثم قال قم في حفظ الله وكلاءته ثم قال يا ربيع الحق أبا عبد الله جائزته وكسوته. انصرف أبا عبد الله في حفظه وكنفه فانصرف. قال الربيع ولحقته فقلت له إني قد رأيت قبلك مالم تره ورأيت بعدك مالا رأيته فما قلت يا أبا عبد الله حين دخلت قال قلت:
دعاء لدفع الظالم
اللهم احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام واغفر لي بقدرتك علي ولا لك وأنت رجائي اللهم أنت أكبر وأجل مما أخاف وأحذر اللهم بك أدفع في نحره واستعيذ بك من شره وفي رواية واكنفني بكنفك الذي لا يرام ولا يضام أحاديث في حلية الأولياء من طريق الصادق (ع)
في حلية الأولياء: حدثنا محمد بن عمر بن سالم حدثنا القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن عمر بن علي بن أبي طالب (ع) حدثني أبي عن أبيه عن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن علي بن الحسين بن علي عن أمير المؤمنين علي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نقله الله عز وجل من ذل المعاصي إلى عز التقوى أغناه بلا مال وأعزه بلا عشيرة وآنسه بلا أنيس ومن خاف الله أخاف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله أخافه الله تعالى من كل شيءومن رضي من الله تعالى باليسير من الرزق رضي الله تعالى منه باليسير من العمل ومن لم يستح من طلب المعيشة خفت مؤونته ورحي باله ونعم عياله ومن زهد في الدنيا ثبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وأخرجه من الدنيا سالما إلى دار القرار".
(وبسنده) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ياعلي اتق دعوة المظلوم فإنما يسأل الله حقه وإن الله لم يمنع ذا حق حقه".
حدثنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن سلم أملأ حدثنا القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب حدثني أبي عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبا على أصحابه فقال: "أيها الناس كان الموت فيها على غيرنا كتب وكان الحق فيها على غيرنا وجب وكان الذي نشيع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون نأكل تراثهم كأننا مخلدون بعدهم قد نسينا كل واعظة وأمنا كل جائحة طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس طوبى لمن طاب مكسبه وصلحت سريرته وحسنت علانيته واستقامت طريقته طوبى لمن تواضع لله من غير منقصة وأنفق مما جمعه من غير معصية وخالط أهل الفقه والحكمة ورحم أهل الذل والمسكنة وطوبى لمن أنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله ووسعته السنة ولم يعدل عنها إلى بدعة".
من أسند عنهم الصادق
عليه السلام
في حلية الأولياء أسند جعفر بن محمد عن أبيه وعن عطاء بن أبي رباح وعكرمة وعبيد الله بن أبي رافع وعبد الرحمن بن القاسم وغيرهم أقول اسناده عمن ذكر غير أبيه إنما كان لبعض المصالح وإلا فهو ليس بحاجة إن يسند عن أحد. الراوون عن الصادق
عليه السلام
مر في مناقبه إن الرواة عنه من الثقات أربعة آلاف رجل ومر في المقدمات قول الطبرسي في إعلام الورى أنه تضافر النقل بان الذين رووا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان. وقول المحقق في المعتبر روى عنه ما يقارب أربعة آلاف رجل وبرز بتعليمه من الفقهاء الأفاضل جم غفير كزرارة بن أعين وأخويه بكير وحمران وجميل بن صالح وجميل بن دراج ومحمد بن مسلم وبريد بن معوية والهاشمين وأبي بصير وعبيد الله ومحمد وعمران الحلبيين وعبد الله بن سنان وأبي الصباح الكناني وغيرهم من أعيان الفضلاء وقول الشهيد في الذكرى دون من رجاله المعروفين أربعة آلاف رجل من أهل العراق والحجاز وخراسان والشام. واستدرك ابن الغضائري علي ابن عقدة الذي جمع من أصحابه أربعة آلاف إنسان فزاد عليهم. وفي مطالب السؤول لمحمد بن طلحة الشافعي: نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من أعيان الأئمة وأعلامهم مثل يحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريج ومالك بن أنس والثوري وابن عيينة وأبي حنيفة وشعبة وأيوب السختياني وغيرهم وعدوا أخذهم منه منقبة شرفوا بها وفضيلة اكتسبوها. ومن تلاميذه جابر بن حيان.
وفي حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني روى عن جعفر عدة من التابعين منهم يحيى بن سعيد الأنصاري وأيوب السختياني وإبان بن تغلب وأبو عمرو بن العلاء ويزيد بن عبد الله بن الهاد وحدث عنه من الأئمة والأعلام مالك بن أنس وشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري وابن جريج وعبد الله بن عمرو وروح بن القاسم وسفيان بن عيينة وسليمان بن بلال وإسماعيل بن جعفر وحاتم بن إسماعيل وعبد العزيز بن المختار ووهب بن خالد وإبراهيم بن طهمان في آخرين وأخرج عنه مسلم بن الحجاج في صحيحه محتجا بحديثه ثم أورد حديثا في طريقه جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر ثم قال هذا حديث صحيح ثابت أخرجه مسلم في صحيحه أم أورد أحاديث كثيرة في طريقها جعفر بن محمد الصادق (ع) ذكرنا بعضها في المحل المناسب له من سيرة الصادق (ع) وتركنا أكثرها خوف الإطالة.
وقال ابن شهراشوب في المناقب قال غير أبي نعيم روى عنه مالك والشافعي والحسن بن صالح وأبو أيوب السجستاني وعمرو بن دينار وأحمد بن حنبل قال وسال سيف الدولة عبد الحميد المالكي قاضي الكوفة عن مالك فوصفه وقال كان جربند الصادق أي الربيب قال وكان مالك كثيرا ما يدعي سماعه وربما قال حدثني الثقة بعينه جعفر بن محمد قال وقال أبو عبد الله المحدث في رامش أقرى إن أبا حنيفة من تلامذته وأن امه كانت في حبالة الصادق (ع) قال وكان محمد بن الحسن يعني الشيباني أيضا من تلامذته ولأجل ذلك كانت بنو العباس لا تحترمهما قال وكان أبو يزيد البسطامي طيفور السقا من خدمه وسقاه ثلاث عشرة سنة وقال أبو جعفر الطوسي كان إبراهيم بن أدهم ومالك بن دينار من غلمانه.
وقال ابن حجر في الصواعق: روى عنه الأئمة الأكابر كيحيى بن سعيد وابن جريج ومالك والسفيانين وأبي حنيفة وشعبة وأيوب السختياني.
وفي النصائح الكافية: احتج الستة في صحاحهم بجعفر الصادق إلا البخاري على أنه احتج بمن قدمنا ذكرهم يعني مروان بن الحكم وعمران بن حطان وحريز بن عثمان الرحبي وغيرهم فقد ذكر قبل ذلك إن من رواة الصحاح مروان بن الحكم القائل للحسن بن علي أنكم أهل بيت ملعونون وعمران بن حطان الخارجي القائل الأبيات المشهورة يثني بها على ابن ملجم ويثلب الإمام علي بن أبي طالب وحريز بن عثمان الرحبي الذي نقل صاحب التهذيب انه كان ينتق صلى الله عليه وسلم عليا وينال منه. ثم قال: وأمثال هؤلاء الرواة كثيرون ولكن هؤلاء الثلاثة مروان وعمران وحريز عنوان ومثال لإنهم من رواة صحيح البخاري الذي قالوا عنه إنه أصح كتب الحديث، قال: وقد قيل في هذا المعنى شعر:
قضية أشبه بالمرزئه | هذا البخاري إمام الفئة |
بالصادق الصديق ما احتج في | صحيحه واحتج بالمرجئه |
ومثل عمران بن حطان أو | مروان وابن المرأة المخطئه |
مشكلة ذات عوار إلى | حيرة أرباب النهى ملجئه |
وحق بيت يممته الورى | مغذة في السير أو مبطئه |
إن الإمام الصادق المجتبى | بفضله الآي أتت منبئه |
أجل من في عصره رتبة | لم يقترف في عمره سيئه |
قلامة من ظفر إبهامه | تعدل من مثل. . . مئه |
عود لسانك قول الخير تحظ به | إن اللسان لما عودت معتاد |
موكل بتقاضي ما سننت له | في الخير والشر فانظر كيف تعتاد |
فينا يقينا يعد الوفاء | وفينا تفرخ أفراخه |
رأيت الوفاء يزين الرجال | كما يزين العذق شمراخه |
إذا ما طلبت خصال الندى | وقد عضك الدهر من جهده |
فلا تطلبن إلى كالح | أصاب اليسارة من كده |
ولكن عليك بأهل العلى | ومن ورث المجد عن جده |
فذاك إذا جئته طالبا | ستحبى اليسارة من جده |
تعصي الاله وأنت تظهر حبه | هذا لعمرك في الفعال بديع |
لو كان حبك صادقا لأطعته | إن المحب لمن أحب مطيع |
علم المحجة واضح لمريده | وأرى القلوب عن المحجة في عمى |
ولقد عجبت لهالك ونجاته | موجودة ولقد عجبت لمن نجا |
أ ثامن بالنفس النفيسة ربها | فليس لها في الخلق كلهم ثمن |
بها يشتري الجنات إن أنا بعتها | بشيءسواها إن ذلكم غبن |
إذا ذهبت نفسي بدنيا أصبتها | فقد ذهبت نفسي وقد ذهب الثمن |
لا اليسر يطرؤنا يوما فيبطرنا | ولا لازمة دهر نظهر الجزعا |
إن سرنا الدهر لم نبهج لصحته | أو ساءنا لم نظهر له الهلعا |
مثل النجوم على مضمار أولنا | إذا تغيب نجم آخر طلعا |
اعمل على مهل فإنك ميت | واختر لنفسك أيها الإنسان |
فكان ما قد كان لم يك إذ مضى | وكأنما هو كائن قد كان |
في الأصل كنا نجوما يستضاء بنا | وللبرية نحن اليوم برهان |
نحن البحور التي فيها لغائصكم | در ثمين وياقوت ومرجان |
مساكن القدس والفردوس نملكها | ونحن للقدس والفردوس خزان |
فلا تجزع وان أعسرت يوما | فقد أيسرت في زمن طويل |
ولا تيأس فإن الياس كفر | لعل الله يغني عن قليل |
ولا تظنن بربك ظن سوء | فان الله أولي بالجميل |
ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب | والناس بين مخاتل وموارب |
يفشون بينهم المودة والصفا | وقلوبهم محشوة بعقارب |
لا تجزعن من المداد فإنه | عطر الرجال وحلية الآداب |
أنت يا جعفر فوق الـ | ـمدح والمدح عناء |
إنما الأشراف أرض | ولهم أنت سماء |
جاز حد المدح من قد | ولدته الأنبياء |
والله أكرم بالخلافة | جعفر بن محمد |
أيا راكبا نحو المدينة جسرة | عذافر يطوي بها كل سبسب |
إذا ما هداك الله عاينت جعفرا | فقل لولي الله وابن المهذب |
إلا يا ولي الله وابن وليه | أتوب إلى الرحمن ثم تأوبي |
إليك من الذنب الذي كنت مطنبا | أجاهد فيه دائبا كل معرب |
وما كان قولي في ابن خولة دائنا | معاندة مني لنسل المطيب |
ولكن روينا عن وصي محمد | ولم يك في ما قاله بالمكذب |
بان ولي الأمر يفقد لا يرى | سنين كفعل الخائف المترقب |
فيقسم أموال الفقيد كأنما | تغيبه بين الصفيح المنصب |
فان قلت لا فالحق قولك والذي | تقول فحتم غير ما متعصب |
وأشهد ربي إن قولك حجة | على الخلق طرا من مطيع ومذنب |
بان ولي الأمر والقائم الذي | تطلع نفسي نحوه وتطربي |
له غيبة لا بد إن سيغيبها | فصلى عليه الله من متغيب |
فيمكث حينا ثم يظهر أمره | فيملأ عدلا كل شرق ومغرب |
أقول وقد راحوا به يحملونه | على كاهل من حامليه وعاتق |
أ تدرون ما ذا تحملون إلى الثرى! | ثبيرا ثوى من رأس علياء شاهق |
غداة حثا الحاثون فوق ضريحه | ترابا وأولى كان فوق المفارق |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 1- ص: 660
جعفر بن محمد الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.
هو المعروف بالصادق الإمام العلم المدني وهو سبط القاسم بن محمد فإن أمه فروة ابنة القاسم وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ولهذا كان يقول جعفر الصادق ولدني الصديق مرتين.
مولده سنة ثمانين والظاهر أنه رأى سهل بن سعد وغيره من الصحابة روى عن جده القاسم بن محمد قال الشيخ شمس الدين: ولم أر له عن جده زين العابدين شيئا وقد أدركه وهو مراهق وروى عن أبيه بن وعروة بن الزبير وعطاء ونافع والزهري وابن المنكدر وله أيضا عن عبيد الله بن أبي رافع.
وحدث عنه أبو حنيفة وابن جريج وشعبة والسفيانان ومالك ووهيب وحاتم بن إسماعيل ويحيى القطان وخلق غيرهم كثيرون آخرهم وفاة أبو عاصم النبيل، وثقة يحيى بن معين والشافعي وجماعة.
وقال أبو حاتم: ثقة لا يسأل عن مثله.
قال أبو حنيفة: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد وكان يقول: سلوني قبل تفقدوني فإنه لا يحدثكم بعدي بمثل حديثي.
وروى علي بن الجعد عن زهير بن محمد قال: قال أبي لجعفر بن محمد: إن لي جارا يزعم أنك تبرأ من أبي بكر وعمر فقال: برئ الله من جارك، والله إني لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر، ولقد اشتكيت شكاية فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم.
وله مناقب كثيرة وكان أهلا للخلافة لسؤدده وشرفه وقد كذبت عليه الرافضة أشياء لم يسمع بها كمثل كتاب الجفر، وكتاب اختلاج الأعضاء ونسخ موضوعة.
ومحاسنه جمة، تغمده الله برحمته وروى له مسلم وأبو داود والترميزي والنسائي وابن ماجة.
وتوفي سنة ثمان وأربعين ومئة ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه محمد الباقر وجده علي زين العابدين وعم جده الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.
فلله دره من قبر ما أكرمه وأشرفه.
ولقب بالصادق لصدقه في مقاله.
وحكى كشاجم في كتاب المصايد والمطارد أب جعفرا الصادق سأل أبا حنيفة رضي الله عنه فقال: ما تقول في محرم كسر رباعية ظبي؟ فقال: يا بن رسول الله ما أعلم فيه شيئا فقال له أنت تداهي، أو لا تعلم أن الظبي لا تكون له رباعية، وهو ثني أبدا.
وقال أبو جعفر المنصور لعمرو بن عبيد: يا أبا عثمان ما عندك عن النبي صلى الله عليه وسلم في اتخاذ الكلب؟ فقال عمرو: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من اتخذ كلبا لغير حراسة زرع أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان.
قال ولم ذلك؟ قال لا أدري هكذا جاء الحديث.
فأقبل أبو جعفر على أبي عبد الله جعفر الصادق فقال: يا أبا عبد الله ما عندك في هذا؟ فقال أبو عبد الله: يا أمير المؤمنين خذ العلم بحقه من معدنه، إنما ذلك لأنه ينبح على الضيف ويرد السائل، فقال جعفر: اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، رأيت البارحة فيما يرى النائم كأني دخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل جالس في ناحية المسجد عليه السكينة والوقار والناس قد حفوا به يسألونه وهو يجيبهم، فسألته عن هذا السؤال فأجابني بهذا الجواب.
فقلت من هذا؟ قالوا أبو جعفر محمد بن علي.
واستأذن أهل مكة والمدينة على المنصور وعنده أبو عبد الله فأذن لأهل مكة قبل أهل المدينة.
فقال أبو عبد الله أتأذن لأهل مكة قبل أهل المدينة؟ فقال المنصور: يا أبا عبد الله إن مكة العش.
قال: صدقت يا أمير المؤمنين إلا أنه عش طار خياره وبقي شراره. فقال: صدقت والله وفقهت، وأمر برد أهل مكة وأن يقدم أهل المدينة، وقضى حوائجهم وأسنى جوائزهم.
ثم أذن لأهل مكة.
وقيل أن الذباب وقع على المنصور فذبه عنه فعاد فذبه حتى أضجره فدخل جعفر بن محمد فقال له المنصور: يا أبا عبد الله لم خلق الله الذباب؟ فقال: ليذل به الجبابرة.
وقال جعفر الصادق: لا تكون الصداقة إلا بحدودها فمن كان فيه شيء من هذه الخصال أو بعضها فانسبه إلى الصداقة، ثم حدها فقال: أول حدودها أن تكون سريرته وعلانيته لك سواء.
والثانية أن يرى شينك شينه وزينك زينه.
و الثالثة لا يغيره مال ولا ولاية.
الرابعة لا يمنعك شيئا تناله يده.
والخامسة وهي تجمع هذه الخصال وهي أن لا يسلمك عند النكبات.
وقال جعفر الصادق: كان جدي علي بن حسين رحمة الله عليه يقول: من خاف من سلطان ظلامة أو تغطرسا فليقل: أللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بكنفك الذي لا يرام واغفر لي بقدرتك علي، ولا أهلكن وأنت رجائي، فكم من نعمة قد أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني، ويا ذا النعماء التي لا تحصى، ويا ذا الأيادي التي لا تنقضي، بك أستدفع مكروه ما أنا فيه وأعوذ بك من شره يا أرحم الراحمين.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 11- ص: 0
جعفر بن محمد ابن علي بن الشهيد أبي عبد الله ريحانة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسبطه ومحبوبه الحسين بن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب عبد مناف بن شيبة، وهو عبد المطلب ابن هاشم، واسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي الإمام الصادق شيخ بني هاشم أبو عبد الله القرشي الهاشمي العلوي النبوي المدني أحد الأعلام.
وأمه هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر التيمي وأمها هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ولهذا كان يقول: ولدني أبو بكر الصديق مرتين.
وكان يغضب من الرافضة، ويمقتهم إذا علم أنهم يتعرضون لجده أبي بكر ظاهرا وباطنا، هذا لا ريب فيه، ولكن الرافضة قوم جهلة قد هوى بهم الهوى في الهاوية فبعدا لهم.
ولد سنة ثمانين. ورأى بعض الصحابة أحسبه رأى أنس بن مالك وسهل بن سعد.
حدث عن: أبيه، أبي جعفر الباقر، وعبيد الله بن أبي رافع، وعروة بن الزبير، وعطاء بن أبي رباح -وروايته عنه في ’’مسلم’’- وجده؛ القاسم بن محمد، ونافع العمري، ومحمد بن المنكدر، والزهري، ومسلم بن أبي مريم، وغيرهم، وليس هو بالمكثر إلا عن أبيه، وكانا من جلة علماء المدينة.
حدث عنه: ابنه، موسى الكاظم، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ويزيد بن عبد الله بن الهاد -وهما أكبر منه- وأبو حنيفة، وأبان بن تغلب، وابن جريج، ومعاوية ابن عمار الدهني، وابن إسحاق -في طائفة من أقرانه- وسفيان، وشعبة، ومالك، وإسماعيل بن جعفر، ووهب بن خالد، وحاتم بن إسماعيل، وسليمان بن بلال، وسفيان بن عيينة، والحسن بن
صالح، والحسن بن عياش -أخو أبي بكر- وزهير بن محمد، وحفص بن غياث، وزيد بن حسن الأنماطي، وسعيد بن سفيان الأسلمي، وعبد الله بن ميمون، وعبد العزيز بن عمران الزهري، وعبد العزيز الدراوردي، وعبد الوهاب الثقفي، وعثمان بن فرقد، ومحمد بن ثابت البناني، ومحمد بن ميمون الزعفراني، ومسلم الزنجي، ويحيى القطان، وأبو عاصم النبيل، وآخرون.
قال مصعب بن عبد الله: سمعت الدراوردي يقول: لم يرو مالك، عن جعفر حتى ظهر أمر بني العباس.
قال مصعب: كان مالك يضمه إلى آخر. وقال علي: عن يحيى بن سعيد، قال: أملى علي جعفر بن محمد الحديث الطويل -يعني: في الحج، ثم قال: وفي نفسي منه شيء، مجالد أحب إلي منه.
قلت: هذه من زلقات يحيى القطان، بل أجمع أئمة هذا الشأن على أن جعفرا أوثق من مجالد، ولم يلتفتوا إلى قول يحيى. وقال إسحاق بن حكيم: قال يحيى القطان جعفر ما كان كذوبا وقال إسحاق بن راهويه قلت للشافعي: في مناظرة جرت كيف جعفر بن محمد عندك؟ قال: ثقة وروى عباس، عن يحيى ابن معين جعفر بن محمد ثقة مأمون، وروى أحمد بن زهير والدارمي، وأحمد ابن أبي مريم، عن يحيى ثقة وزاد ابن أبي مريم، عن يحيى كنت لا أسأل يحيى ابن سعيد، عن حديثه فقال: لم لا تسألني عن حديث جعفر قلت: لا أريده فقال: إن كان يحفظ فحديث أبيه المسند يعني حديث جابر في الحج ثم قال يحيى بن معين وخرج حفص بن غياث إلى عبادان وهو موضع رباط فاجتمع إليه البصريون فقالوا لا تحدثنا، عن ثلاثة أشعث بن عبد الملك وعمرو بن عبيد وجعفر بن محمد فقال: أما أشعث فهو لكم وأما عمرو فأنتم أعلم به وأما جعفر فلو كنتم بالكوفة، لأخذتكم النعال المطرقة.
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة وسئل، عن جعفر بن محمد عن أبيه وسهيل عن أبيه والعلاء عن أبيه أيها أصح؟ قال لا يقرن جعفر إلى هؤلاء. وسمعت أبا حاتم يقول جعفر لا يسأل عن مثله.
قلت: جعفر: ثقة، صدوق، ما هو في الثبت كشعبة، وهو أوثق من سهيل وابن إسحاق وهو في وزن ابن أبي ذئب ونحوه. وغالب رواياته عن أبيه مراسيل.
قال أبو أحمد بن عدي: له حديث كثير عن أبيه عن جابر وعن آبائه ونسخ لأهل البيت، وقد حدث عنه الأئمة وهو من ثقات الناس كما قال ابن معين.
وعن عمرو بن أبي المقدام، قال: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد، علمت أنه من سلالة النبيين، قد رأيته واقفا عند الجمرة يقول سلوني، سلوني.
وعن صالح بن أبي الأسود: سمعت جعفر بن محمد، يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي.
ابن عقدة الحافظ: حدثنا جعفر بن محمد بن حسين بن حازم، حدثني إبراهيم بن محمد الرماني أبو نجيح، سمعت حسن بن زياد، سمعت أبا حنيفة، وسئل من أفقه من رأيت؟ قال: ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور الحيرة بعث إلي فقال: يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر ابن محمد فهيىء له من مسائلك الصعاب فهيأت له أربعين مسألة ثم أتيت أبا جعفر وجعفر جالس، عن يمينه فلما بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لا يدخلني لأبي جعفر فسلمت وأذن لي فجلست ثم التفت إلي جعفر فقال: يا أبا عبد الله تعرف هذا قال: نعم هذا أبو حنيفة ثم أتبعها قد أتانا ثم قال: يا أبا حنيفة هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله فابتدأت أسأله فكان يقول في المسألة: أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن نقول كذا وكذا فربما تابعنا وربما تابع أهل المدينة وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرم منها مسألة ثم قال أبو حنيفة: أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس؟.
علي بن الجعد، عن زهير بن معاوية، قال: قال أبي لجعفر بن محمد: إن لي جارا يزعم أنك تبرأ من أبي بكر وعمر. فقال جعفر: برىء الله من جارك، والله إني لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر، ولقد اشتكيت شكاية، فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم.
قال ابن عيينة: حدثونا عن جعفر بن محمد، ولم أسمعه منه، قال: كان آل أبي بكر يدعون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وروى: ابن أبي عمر العدني، وغيره، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، نحو ذلك.
محمد بن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة، قال: سألت أبا جعفر وابنه جعفرا، عن أبي بكر وعمر، فقال: يا سالم! تولهما، وابرأ من عدوهما، فإنهما كانا إمامي هدى. ثم قال جعفر: يا سالم أيسب الرجل جده أبو بكر جدي، لا نالتني شفاعة محمد -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما، وأبرأ من عدوهما.
وقال حفص بن غياث: سمعت جعفر بن محمد، يقول: ما أرجو من شفاعة علي شيئا إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله لقد ولدني مرتين.
كتب إلي عبد المنعم بن يحيى الزهري، وطائفة قالوا، أنبأنا داود بن أحمد، أنبأنا محمد بن عمر القاضي، أنبأنا عبد الصمد بن علي، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني، حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي، حدثنا محمد بن الحسين الحنيني، حدثنا مخلد بن أبي قريش الطحان، حدثنا عبد الجبار بن العباس الهمداني أن جعفر بن محمد أتاهم وهم يريدون أن يرتحلوا من المدينة فقال: إنكم إن شاء الله من صالحي أهل مصركم فأبلغوهم عني من زعم أني إمام معصوم مفترض الطاعة، فأنا منه بريء ومن زعم أني أبرأ من أبي بكر وعمر فأنا منه بريء.
وبه، عن الدارقطني، حدثنا إسماعيل الصفار، حدثنا أبو يحيى جعفر بن محمد الرازي، حدثنا علي بن محمد الطنافسي، حدثنا حنان بن سدير سمعت جعفر بن محمد وسئل، عن أبي بكر وعمر فقال: إنك تسألني، عن رجلين قد أكلا من ثمار الجنة.
وبه، حدثنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا محمود بن خداش، حدثنا أسباط بن محمد، حدثنا عمرو بن قيس الملائي سمعت جعفر بن محمد يقول برىء الله ممن تبرأ من أبي بكر وعمر.
قلت: هذا القول متواتر، عن جعفر الصادق وأشهد بالله إنه لبار في قوله غير منافق لأحد فقبح الله الرافضة.
وروى معبد بن راشد، عن معاوية بن عمار سألت جعفر بن محمد، عن القرآن فقال: ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الله.
حماد بن زيد، عن أيوب سمعت جعفرا يقول: إنا -والله- لا نعلم كل ما يسألوننا عنه، ولغيرنا أعلم منا.
محمد بن عمران بن أبي ليلى، عن مسلمة بن جعفر الأحمسي: قلت لجعفر بن محمد:
إن قوما يزعمون أن من طلق ثلاثا بجهالة، رد إلى السنة تجعلونها واحدة، يروونها عنكم قال: معاذ الله، ما هذا من قولنا، من طلق ثلاثا، فهو كما قال.
سويد بن سعيد، عن معاوية بن عمار، عن جعفر بن محمد، قال: من صلى على محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى أهل بيته مائة مرة قضى الله له مائة حاجة.
أجاز لنا أحمد بن سلامة، عن أبي المكارم اللبان، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا محمد بن العباس حدثني محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، حدثنا مالك بن أنس، عن جعفر بن محمد قال: لما قال له سفيان: لا أقوم حتى تحدثني قال: أما إني أحدثك وما كثرة الحديث لك بخير يا سفيان إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها فإن الله قال في كتابه {لئن شكرتم لأزيدنكم} وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار فإن الله قال في كتابه {استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال}،. يا سفيان إذا حزبك أمر من السلطان أو غيره فأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنز الجنة فعقد سفيان بيده وقال ثلاث وأي ثلاث قال جعفر عقلها والله أبو عبد الله ولينفعنه الله بها.
قلت: حكاية حسنة إن لم يكن ابن غزوان وضعها، فإنه كذاب.
وبه قال أبو نعيم، حدثنا أبو أحمد الغطريفي، حدثنا محمد بن أحمد بن مكرم الضبي، حدثنا علي بن عبد الحميد، حدثنا موسى بن مسعود، حدثنا سفيان، قال دخلت على جعفر بن محمد، وعليه جبة خز دكناء وكساء خز أيدجاني، فجعلت أنظر إليه تعجبا فقال: ما لك يا ثوري قلت: يا ابن رسول الله! ليس هذا من لباسك ولا لباس آبائك فقال: كان ذاك زمانا مقترا، وكانوا يعملون على قدر إقتاره وإفقاره، وهذا زمان قد أسبل كل شيء فيه عزاليه. ثم حسر، عن ردن جبته، فإذا فيها جبة صوف بيضاء، يقصر الذيل عن الذيل، وقال: لبسنا هذا لله، وهذا لكم، فما كان لله أخفيناه وما كان لكم أبديناه.
وقيل: كان جعفر يقول: كيف أعتذر وقد احتججت، وكيف أحتج وقد علمت؟
روى يحيى بن أبي بكير، عن هياج بن بسطام، قال: كان جعفر بن محمد يطعم، حتى لا يبقى لعياله شيء.
عن بعض أصحاب جعفر بن محمد، عن جعفر، وسئل: لم حرم الله الربا؟ قال: لئلا يتمانع الناس المعروف.
وعن هشام بن عباد، سمعت جعفر بن محمد يقول: الفقهاء أمناء الرسل، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى السلاطين فاتهموهم.
وبه حدثنا الطبراني، حدثنا أحمد بن زيد بن الجريش، حدثنا الرياشي، حدثنا الأصمعي، قال: قال جعفر بن محمد: الصلاة قربان كل تقي، والحج جهاد كل ضعيف، وزكاة البدن الصيام، والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر، واستنزلوا الرزق بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة، وما عال من اقتصد، والتقدير نصف العيش، وقلة العيال أحد اليسارين، ومن أحزن والديه فقد عقهما، ومن ضرب بيده على فخذه عند مصيبة فقد حبط أجره والصنيعة لا تكون صنيعة إلا عند ذي حسب أو دين، والله ينزل الصبر على قدر المصيبة، وينزل الرزق على قدر المؤنة، ومن قدر معيشته رزقه الله، ومن بذر معيشته حرمه الله.
وعن رجل، عن بعض أصحاب جعفر بن محمد قال: رأيت جعفرا يوصي موسى يعني ابنه يا بني من قنع بما قسم له استغنى ومن مد عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيرا، ومن لم يرض بما قسم له اتهم الله في قضائه، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه، ومن كشف حجاب غيره انكشفت عورته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن احتفر بئرا لأخيه أوقعه الله فيه، ومن داخل السفهاء حقر، ومن خالط العلماء، وقر ومن دخل مداخل السوء اتهم يا بني إياك أن تزري بالرجال فيزرى بك، وإياك والدخول فيما لا يعنيك فتذل لذلك، يا بني قل الحق لك وعليك تستشار من بين أقربائك، كن للقرآن تاليا، وللإسلام فاشيا، وللمعروف آمرا، وعن المنكر ناهيا، ولمن قطعك واصلا، ولمن سكت عنك مبتدئا، ولمن سألك معطيا، وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في القلوب، وإياك والتعرض لعيوب الناس فمنزلة المتعرض لعيوب الناس كمنزلة الهدف، إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه، فإن للجود معادن، وللمعادن أصولا، وللأصول فروعا، وللفروع ثمرا، ولا يطيب ثمر إلا بفرع، ولا فرع إلا بأصل، ولا أصل إلا بمعدن طيب زر الأخيار، ولا تزر الفجار، فإنهم صخرة لا يتفجر ماؤها وشجرة لا يخضر ورقها وأرض لا يظهر عشبها.
وعن عائذ بن حبيب: قال جعفر بن محمد: لا زاد أفضل من التقوى، ولا شيء أحسن من الصمت ولا عدو أضر من الجهل، ولا داء أدوأ من الكذب.
وعن يحيى بن الفرات: أن جعفرا الصادق، قال: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: بتعجيله، وتصغيره وستره.
كتب إلي أحمد بن أبي الخير، عن أبي المكارم اللبان، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، حدثنا أحمد بن علي الأبار، حدثنا منصور ابن أبي مزاحم، حدثنا عنبسة الخثعمي وكان من الأخيار سمعت جعفر بن محمد يقول: إياكم والخصومة في الدين، فإنها تشغل القلب، وتورث النفاق.
ويروى أن أبا جعفر المنصور وقع عليه ذباب، فذبه عنه، فألح، فقال لجعفر: لم خلق الله الذباب؟ قال: ليذل به الجبابرة.
وعن جعفر بن محمد: إذا بلغك، عن أخيك ما يسوؤك، فلا تغتم، فإنه إن كان كما يقول كانت عقوبة عجلت وإن كان على غير ما يقول كانت حسنة لم تعملها.
قال موسى عليه السلام-: يا رب! أسألك إلا يذكرني أحد إلا بخير. قال: ما فعلت ذلك بنفسي.
أخبرنا وحدثنا، عن سعيد بن محمد بن محمد بن عطاف، أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي حدثني الحميدي، أنبأنا الحسين بن محمد المالكي القيسي بمصر، أنبأنا عبد الكريم بن أحمد بن أبي جدار أخبرنا أبو علي الحسن بن رخيم، حدثنا هارون بن أبي الهيذام، أنبأنا سويد بن سعيد قال قال الخليل بن أحمد سمعت سفيان الثوري يقول قدمت مكة فإذا أنا بأبي عبد الله جعفر بن محمد قد أناخ بالأبطح فقلت: يا ابن رسول الله لم جعل الموقف من وراء الحرم ولم يصير في المشعر الحرام فقال: الكعبة بيت الله والحرم حجابه والموقف بابه فلما قصده الوافدون أوقفهم بالباب يتضرعون فلما أذن لهم في الدخول أدناهم من الباب الثاني وهو المزدلفة فلما نظر إلى كثرة تضرعهم وطول اجتهادهم رحمهم فلما رحمهم أمرهم بتقريب قربانهم فلما قربوا قربانهم وقضوا تفثهم وتطهروا من الذنوب التي كانت حجابا بينه وبينهم أمرهم بزيارة بيته على طهارة قال فلم كره الصوم أيام التشريق قال لأنهم في ضيافة الله ولا يجب على الضيف أن يصوم عند من أضافه قلت: جعلت فداك، فما بال الناس يتعلقون بأستار الكعبة وهي
خرق لا تنقع شيئا؟ قال: ذاك مثل رجل بينه وبين رجل جرم، فهو يتعلق به، ويطوف حوله، رجاء أن يهب له ذلك، ذاك الجرم.
ومن بليغ قول جعفر، وذكر له بخل المنصور، فقال: الحمد لله الذي حرمه من دنياه ما بذل لأجله دينه.
أخبرنا علي بن أحمد في كتابه، أنبأنا عمر بن محمد، أنبأنا محمد بن عبد الباقي الأنصاري، أنبأنا أبو الحسين بن المهتدي بالله، أنبأنا عبيد الله بن أحمد الصيدلاني، حدثنا أبو طالب علي بن أحمد الكاتب، حدثنا عيسى بن أبي حرب الصفار، عن الفضل بن الربيع، عن أبيه قال: دعاني المنصور فقال: إن جعفر ابن محمد يلحد في سلطاني، قتلني الله إن لم أقتله فأتيته فقلت: أجب أمير المؤمنين فتطهر، ولبس ثيابا -أحسبه قال: جددا فأقبلت به فاستأذنت له فقال: أدخله قتلني الله إن لم أقتله فلما نظر إليه مقبلا قام من مجلسه فتلقاه وقال: مرحبا بالنقي الساحة البريء من الدغل والخيانة أخي وابن عمي فأقعده معه على سريره وأقبل عليه بوجهه وسأله، عن حاله ثم قال: سلني، عن حاجتك فقال: أهل مكة والمدينة قد تأخر عطاؤهم فتأمر لهم به قال: أفعل ثم قال: يا جارية ائتني بالتحفة فأتته بمدهن زجاج فيه غالية فغلفه بيده، وانصرف فاتبعته فقلت: يا ابن رسول الله أتيت بك ولا أشك أنه قاتلك فكان منه ما رأيت وقد رأيتك تحرك شفتيك بشيء عند الدخول فما هو قال قلت: اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، واحفظني بقدرتك علي، ولا تهلكني، وأنت رجائي رب كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قل لها عندك صبري، فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني، وياذا النعم التي لا تحصى أبدا، وياذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا أعني على ديني بدنيا، وعلى آخرتي بتقوى، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي فيما خطرت يا من لا تضره الذنوب، ولا تنقصه المغفرة اغفر لي ما لا يضرك وأعطني ما لا ينقصك يا وهاب أسألك فرجا قريبا وصبرا جميلا، والعافية من جميع البلايا، وشكر العافية.
فأعلى ما يقع لنا من حديث جعفر الصادق: ما أنبأنا الإمام أبو محمد بن قدامة الحاكم، وطائفة قالوا: أنبأنا عمر بن محمد، أنبأنا أحمد بن الحسن، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو بكر القطيعي، حدثنا أبو مسلم الكجي، حدثنا أبو عاصم، عن جعفر بن محمد حدثني
أبي قال عمر بن الخطاب ما أدري ما أصنع بالمجوس فقام عبد الرحمن بن عوف قائما فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ’’سنوا بهم سنة أهل الكتاب’’.
هذا حديث عال في إسناده انقطاع.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن المؤيد، أنبأنا زكريا بن علي بن حسان ’’ح’’ وأنبأنا أحمد بن محمد ومحمد بن إبراهيم وعلي بن محمد وجماعة قالوا: أنبأنا أبو المنجى عبد الله بن عمر قالا، أنبأنا عبد الأول بن عيسى قال: أخبرتنا أم الفضل بيبى بنت عبد الصمد الهرثمية، أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري، أنبأنا عبد الله بن محمد، حدثنا مصعب بن عبد الله حدثني مالك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا وقف على الصفا كبر ثلاثا ويقول: ’’لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير’’ يصنع ذلك ثلاث مرات ويصنع على المروة مثل ذلك وكان إذا نزل من الصفا مشى حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى يخرج منه رواه مسلم.
وبه إلى عبد الرحمن بن أحمد، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا عبد الوهاب بن فليح المقرىء بمكة، حدثنا عبد الله بن ميمون القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ’’لا يؤمن مؤمن حتى يؤمن بالقدر كله، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه’’.
هذا حديث غريب، فيه نكارة، تفرد به: القداح. وقد قال البخاري: ذاهب الحديث. أخرجه: أبو عيسى، عن زياد بن يحيى عنه، فوقع بدلا بعلو درجة.
قال المدائني، وشباب العصفري، وعدة: مات جعفر الصادق في سنة ثمان وأربعين ومائة. وقد مر أن مولده سنة ثمانين. أرخه: الجعابي وأبو بكر بن منجويه، وأبو القاسم اللالكائي فيكون عمره ثمانيا وستين سنة -رحمه الله-.
لم يخرج له البخاري في ’’الصحيح’’ بل في كتاب ’’الأدب’’، وغيره.
وله عدة أولاد: أقدمهم إسماعيل بن جعفر: ومات شابا في حياة أبيه، سنة ثمان وثلاثين ومائة، وخلف محمدا، وعليا، وفاطمة فكان لمحمد من الولد جعفر، وإسماعيل فقط فولد جعفر محمدا وأحمد درج، ولم يعقب فولد لمحمد بن جعفر جعفر وإسماعيل
وأحمد، وحسن. فولد لحسن: جعفر الذي مات بمصر، سنة ثلاث وتسعين ومائتين، وخلف ابنه محمدا، فجاءه خمسة بنين. وولد لإسماعيل بن محمد: أحمد ويحيى ومحمد وعلي درج، ولم يعقب. فولد لأحمد جماعة بنين: منهم إسماعيل بن أحمد، المتوفى بمصر سنة خمس وعشرين وثلاث مائة فبنو محمد بن إسماعيل بن جعفر عدد كثير كانوا بمصر وبدمشق قد استوعبهم الشريف العابد أبو الحسين محمد بن علي بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ويعرف هذا بأخي محسن كان يسكن بباب توما، مات قبل الأربع مائة، وذكر منهم قوما بالكوفة، وبالغ في نفي عبيد الله المهدي من أن يكون من هذا النسب الشريف، وألف كتابا في أنه دعي، وأن نحلته خبيثة، مدارها على المخرقة والزندقة.
رجعنا إلى تتمة آل جعفر الصادق، فأجلهم وأشرفهم ابنه:
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 6- ص: 362
جعفر بن محمد الصادق ومنهم الإمام الناطق، ذو الزمام، السابق، أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق، أقبل على العبادة، والخضوع، وآثر العزلة والخشوع، ونهى عن الرئاسة والجموع، وقيل: إن التصوف انتفاع بالسبب، وارتفاع في النسب
حدثنا علي بن محمد بن محمود بن مالك، ثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثني جعفر بن محمد بن هشام، ثنا محمد بن حفص بن راشد، حدثني أبي، عن عمرو بن المقدام قال: «كنت إذا نظرت إلى أبي جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين»
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن العباس، حدثني محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، حدثني مالك بن أنس، عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، قال: " لما قال سفيان الثوري: لا أقوم حتى تحدثني، قال له: أنا أحدثك، وما كثرة الحديث لك بخير يا سفيان إذا أنعم الله عليك بنعمة , فأحببت بقاءها ودوامها، فأكثر من الحمد والشكر عليها، فإن الله عز وجل قال في كتابه {لئن شكرتم لأزيدنكم} [إبراهيم: 7] وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار، فإن الله تعالى قال في كتابه {استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا} [نوح: 11]، يا سفيان إذا حزبك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها مفتاح الفرج، وكنز من كنوز الجنة، فعقد سفيان بيده، وقال: ثلاث وأي ثلاث، قال جعفر: عقلها والله أبو عبد الله، ولينفعنه الله بها "
حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي، ثنا محمد بن أحمد بن مكرم الضبي، ثنا علي بن عبد الحميد، ثنا موسى بن مسعود، ثنا سفيان الثوري، قال: " دخلت على جعفر بن محمد وعليه جبة خز دكناء، وكساء خز إيرجاني، فجعلت أنظر إليه معجبا، فقال لي: يا ثوري ما لك تنظر إلينا؟ لعلك تعجب مما رأيت؟ قال: قلت: يا ابن رسول الله ليس هذا من لباسك ولا لباس آبائك، فقال لي: يا ثوري، كان ذلك زمانا مقفرا مقترا، وكانوا يعملون على قدر إقفاره وإقتاره، وهذا زمان قد أقبل كل شيء فيه عز إليه، ثم حسر عن ردن جبته، وإذا تحتها جبة صوف بيضاء يقصر الذيل عن الذيل، والردن، عن الردن، فقال لي: يا ثوري لبسنا هذا لله، وهذا لكم، فما كان لله أخفيناه، وما كان لكم أبديناه "
حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا محمد بن العباس، ثنا الحسين بن عبد الرحمن بن أبي عباد، ثنا محمد بن بشر، عن جعفر بن محمد قال: «أوحى الله تعالى إلى الدنيا أن اخدمي من خدمني، وأتعبي من خدمك»
حدثنا محمد بن عمر بن سلم، ثنا محمد بن أحمد بن ثابت، ثنا محمد بن إسحاق بن أبي عمارة، ثنا حسين بن معاذ، عن عمران بن أبان، عن جعفر بن محمد: " في قوله تعالى {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} [الحجر: 75] قال: للمتفرسين "
حدثنا أبي، ثنا أحمد بن محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن إدريس، ثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن القاسم، قال: كان جعفر بن محمد يقول: «كيف أعتذر وقد احتججت، وكيف أحتج وقد علمت بالذي صنعت»
حدثنا أبي، ثنا أبو الحسن بن أبان، ثنا أبو بكر بن عبيد، ثنا محمد بن الحسن البرجلاني، ثنا يحيى بن أبي بكير، عن الهياج بن بسطام، قال: «كان جعفر بن محمد يطعم حتى لا يبقى لعياله شيء»
حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم ثنا أبو الحسن العاقولي الكاتب، ثنا عيسى بن صاحب الديوان، حدثنا بعض أصحاب جعفر، قال: " سئل جعفر بن محمد: " لم حرم الله الربا؟ قال: «لئلا يتمانع الناس المعروف»
حدثنا محمد بن عمر بن سلم، ثنا محمد بن القاسم، ثنا عباد، يعني ابن يعقوب، حدثنا يونس بن أبي يعفور، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن جعفر بن محمد قال: «بني الإنسان على خصال، فمما بني عليه أنه لا يبنى على الخيانة والكذب»
حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن العباس، ثنا أحمد بن بديل، ثنا عمر اليامي، ثنا هشام بن عباد قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: «الفقهاء أمناء الرسل، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركبوا إلى السلاطين فاتهموهم»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن زيد بن الجريش، ثنا عباس بن الفرج الرياشي، ثنا الأصمعي قال: قال جعفر بن محمد: «الصلاة قربان كل تقي، والحج [ص:195] جهاد كل ضعيف، وزكاة البدن الصيام، والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر، واستنزلوا الرزق بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة، وما عال من اقتصد، والتدبير نصف العيش، والتودد نصف العقل، وقلة العيال أحد اليسارين، ومن أحزن والديه فقد عقهما، ومن ضرب يده على فخذه عند مصيبته فقد حبط أجره، والصنيعة لا تكونن صنيعة إلا عند ذي حسب ودين، والله تعالى منزل الصبر على قدر المصيبة، ومنزل الرزق على قدر المؤونة، ومن قدر معيشته رزقه الله تعالى، ومن بذر معيشته حرمه الله تعالى»
حدثنا أحمد بن محمد بن مقسم، حدثني أبو الحسين علي بن الحسن الكاتب حدثني أبي، حدثني الهيثم، حدثني بعض أصحاب جعفر بن محمد الصادق، قال: " دخلت على جعفر وموسى بين يديه، وهو يوصيه بهذه الوصية، فكان مما حفظت منها أن قال: يا بني اقبل وصيتي، واحفظ مقالتي، فإنك إن حفظتها تعش سعيدا وتمت حميدا، يا بني من رضي بما قسم له استغنى، ومن مد عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرا، ومن لم يرض بما قسمه الله له اتهم الله في قضائه، ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه، يا بني من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن احتفر لأخيه بئرا سقط فيها، ومن داخل السفهاء حقر، ومن خالط العلماء وقر، ومن دخل مداخل السوء اتهم، يا بني إياك أن تزري بالرجال فيزرى بك، وإياك والدخول فيما لا يعنيك فتذل لذلك، يا بني قل الحق لك أو عليك تستشان بين أقرانك، يا بني كن لكتاب الله تاليا، وللسلام فاشيا، وبالمعروف آمرا، وعن المنكر ناهيا، ولمن قطعك واصلا، ولمن سكت عنك مبتدئا، ولمن سألك معطيا، وإياك والنميمة؛ فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال، وإياك والتعرض لعيوب الناس فمنزلة التعرض لعيوب الناس بمنزلة الهدف، يا بني إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه فإن للجود معادن، وللمعادن أصولا، وللأصول فروعا، وللفروع ثمرا، ولا يطيب ثمر
إلا بأصول، ولا أصل ثابت إلا بمعدن طيب، يا بني إن زرت فزر الأخيار، ولا تزر الفجار، فإنهم صخرة لا يتفجر ماؤها، وشجرة لا يخضر ورقها، وأرض لا يظهر عشبها، قال علي بن موسى: فما ترك هذه الوصية إلى أن توفي "
حدثنا محمد بن عمر بن سلم حدثني أحمد بن زياد، حدثنا الحسن بن بزيغ، عن الحسن بن علي الكلبي، عن عائذ بن حبيب قال: قال جعفر بن محمد: «لا زاد أفضل من التقوى، ولا شيء أحسن من الصمت، ولا عدو أضر من الجهل، ولا داء أدوى من الكذب»
حدثنا أبي، ثنا أبو الحسن العبدي، ثنا أبو بكر القرشي، ثنا الفضل بن غسان، عن أبيه، عن شيخ من أهل المدينة قال: كان من دعاء جعفر بن محمد: «اللهم أعزني بطاعتك، ولا تخزني بمعصيتك، اللهم ارزقني مواساة من قترت عليه رزقه بما وسعت علي فضلك» فقال أبو معاوية، يعني غسان، فحدثت بذلك سعيد بن سلم فقال: هذا دعاء الأشراف "
حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني ثنا إسحاق بن إبراهيم النحوي، ثنا جعفر بن الصائغ، ثنا عبيد بن إسحاق، ثنا نصر بن كثير، قال: " دخلت أنا وسفيان الثوري على جعفر بن محمد فقلت: " إني أريد البيت الحرام، فعلمني شيئا أدعو به، فقال: إذا بلغت البيت الحرام فضع يدك على الحائط، ثم قل: يا سابق الفوت، يا سامع الصوت، ويا كاسي العظام لحما بعد الموت، ثم ادع بما شئت، فقال له سفيان شيئا لم أفهمه، فقال له: يا سفيان إذا جاءك ما تحب فأكثر من: الحمد لله، وإذا جاءك ما تكره فأكثر من: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار "
حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا الحسن بن محمد، ثنا سعيد بن عنبسة، ثنا عمرو بن جميع قال: " دخلت على جعفر بن محمد أنا وابن أبي ليلى، وأبو حنيفة، وحدثنا محمد بن علي بن حبيش، حدثنا أحمد بن زنجويه، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا محمد بن عبد الله القرشي بمصر , ثنا عبد الله بن شبرمة قال: " دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد قال لابن أبي ليلى: من هذا معك؟ قال: [ص:197] هذا رجل له بصر ونفاذ في أمر الدين، قال: لعله يقيس أمر الدين برأيه؟ قال: نعم، قال: فقال جعفر لأبي حنيفة: ما اسمك؟ قال: نعمان قال: يا نعمان هل قست رأسك بعد؟ قال: كيف أقيس رأسي؟ قال: ما أراك تحسن شيئا، هل علمت ما الملوحة في العينين، والمرارة في الأذنين، والحرارة في المنخرين، والعذوبة في الشفتين؟ قال: لا. قال: ما أراك تحسن شيئا، قال: فهل علمت كلمة أولها كفر وآخرها إيمان؟ فقال ابن أبي ليلى: يا ابن رسول الله أخبرنا بهذه الأشياء التي سألته عنها، فقال: أخبرني أبي عن جدي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى بمنه وفضله جعل لابن آدم الملوحة في العينين؛ لأنهما شحمتان ولولا ذلك لذابتا، وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل المرارة في الأذنين حجابا من الدواب، فإن دخلت الرأس دابة والتمست إلى الدماغ فإذا ذاقت المرارة التمست الخروج، وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل الحرارة في المنخرين يستنشق بهما الريح، ولولا ذلك لأنتن الدماغ، وإن الله تعالى بمنه وكرمه ورحمته لابن آدم جعل العذوبة في الشفتين يجد بهما استطعام كل شيء ويسمع الناس بها حلاوة منطقه»، قال: فأخبرني عن الكلمة التي أولها كفر وآخرها إيمان، فقال: إذا قال العبد لا إله فقد كفر، فإذا قال: إلا الله فهو إيمان، ثم أقبل على أبي حنيفة فقال: يا نعمان حدثني أبي، عن جدي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس، قال الله تعالى له: اسجد لآدم، فقال {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} [الأعراف: 12] فمن قاس الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس؛ لأنه اتبعه بالقياس "، زاد ابن شبرمة في حديثه: ثم قال جعفر: أيهما أعظم: قتل النفس أو الزنا؟ قال: قتل النفس، قال: فإن الله عز وجل قبل في قتل النفس شاهدين، ولم يقبل في الزنا إلا أربعة، ثم قال: أيهما أعظم: الصلاة أم الصوم؟ قال: الصلاة، قال: فما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة، فكيف؟ ويحك يقوم لك قياسك اتق الله ولا تقس الدين برأيك
حدثنا محمد بن عمر بن سلم، ثنا الحسين بن عصمة، ثنا أحمد بن عمرو بن المقدام الرازي قال: " وقع الذباب على المنصور فذبه عنه، فعاد فذبه حتى أضجره، فدخل جعفر بن محمد عليه، فقال له المنصور: يا أبا عبد الله لم خلق الله الذباب؟ قال: ليذل به الجبابرة "
حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، ثنا أحمد بن علي الأبار، ثنا منصور بن أبي مزاحم، ثنا عنبسة الخثعمي، فكان من الأخيار، قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: «إياكم والخصومة في الدين، فإنها تشغل القلب، وتورث النفاق»
حدثنا محمد بن أحمد بن محمد، ثنا الحسن بن محمد، ثنا أبو زرعة، ثنا عبد الرحيم بن مطرف، ثنا عمرو بن محمد، عن شيخ لهم يكنى أبا عبد الله عن جعفر بن محمد، قال: " لما دخل معها البيت، يعني يوسف عليه السلام، كان في البيت صنم من ذهب، أو من غيره، فقالت: كما أنت حتى أغطي الصنم فإني أستحي منه، فقال يوسف: هذه تستحي من الصنم فأنا أحق أن أستحي من الله تعالى. قال: فكف عنها وتركها "
حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا علي بن رستم قال: سمعت أبا مسعود يقول: قال جعفر بن محمد: " إذا بلغك عن أخيك شيء يسوءك، فلا تغتم، فإنه إن كان كما يقول كانت عقوبة عجلت، وإن كان على غير ما يقول كانت حسنة لم يعملها، قال: وقال موسى: يا رب , أسألك أن لا يذكرني أحد إلا بخير، قال: ما فعلت ذلك لنفسك "
حدثنا أبي، ثنا أحمد بن محمد بن عمر، ثنا أبو بكر بن عبد الله، ثنا الوليد بن شجاع، ثنا إبراهيم بن أعين، عن يحيى بن الفرات قال: قال جعفر بن محمد لسفيان الثوري: " لا يتم المعروف إلا بثلاثة: بتعجيله وتصغيره وستره " أسند جعفر بن محمد رضي الله عنه , عن أبيه، وعن عطاء بن أبي رباح، وعكرمة، وعبيد الله بن أبي رافع وعبد الرحمن بن القاسم وغيرهم. وروى عن جعفر عدة من التابعين، منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري
وأيوب السختياني وأبان بن تغلب وأبو عمرو بن العلاء ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وحدث عنه من الأئمة والأعلام مالك بن أنس وشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري وابن جريج وعبد الله بن عمر وروح بن القاسم وسفيان بن عيينة، وسليمان بن بلال وإسماعيل بن جعفر وحاتم بن إسماعيل وعبد العزيز بن المختار ووهب بن خالد وإبراهيم بن طهمان في آخرين، وأخرج عنه مسلم بن الحجاج في صحيحه محتجا بحديثه
حدثنا أبي رحمه الله، ثنا صهبان بن أحمد، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير، عن يحيى بن سعيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر: " في حديث أسماء بنت عميس حين نفست بذي الحليفة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر يأمرها أن تغتسل وتهل ". هذا حديث صحيح ثابت أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي غسان محمد بن عمرو عن جرير ويحيى بن سعيد الأنصاري من تابعي أهل المدينة
حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا عبد الله بن محمد بن صبيح، ثنا محمد بن عمر بن وليد، ثنا إسحاق بن منصور، عن سلام بن أبي مطيع، وأثنى عليه، عن أيوب السختياني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: لما طعن عمر رضي الله عنه بعث إلى حلقة من أهل بدر كانوا يجلسون بين القبر والمنبر، فقال: يقول لكم عمر: " أنشدكم الله أكان ذلك عن رضا منكم؟ فتلكأ القوم، فقام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، فقال: لا، وددنا أنا زدنا في عمره من أعمارنا ". هذا حديث غريب من حديث أيوب وجعفر، وأيوب هو من تابعي البصرة
حدثنا محمد بن إبراهيم، وتميم العزوي الربيعي، ثنا محمد بن خلف القاضي وكيع، ثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر، حدثني عمي أبي الحسين بن موسى، عن عمه، علي بن جعفر عن أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن [ص:200] الله عز وجل يحب أبناء السبعين، ويستحي من أبناء الثمانين». هذا حديث غريب من حديث جعفر وأبان، لم نكتبه إلا بهذا الإسناد، وأبان بن تغلب هو من تابعي الكوفة
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن يوسف الفريابي، ثنا سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: " كانت تلبية النبي صلى الله عليه وسلم: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك». هذا حديث صحيح من حديث جعفر والثوري
حدثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا محمد بن يونس، ثنا روح بن عبادة، ثنا شعبة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث مخول، عن أبي جعفر عن جابر قال: " ذكر الغسل من الجنابة عند النبي صلى الله عليه وسلم , فقال: «أما أنا فأحفن على رأسي ثلاثا». هذا حديث غريب من حديث جعفر عن أبيه، عن جابر، لم نكتبه عاليا من حديث شعبة إلا من حديث روح
حدثنا فاروق الخطابي، ثنا أبو مسلم الكشي، ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك بن أنس عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من المسجد وهو يريد الصفا، وهو يقول: «نبدأ بما بدأ الله عز وجل به» فبدأ بالصفا ". هذا حديث صحيح ثابت من حديث جعفر، رواه عنه الجم الغفير، منهم من طوله ومنهم من اختصره
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن علي الأبار، ثنا أمية بن بسطام، ثنا يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: 125] ". هذا حديث صحيح ثابت من حديث جعفر، مستخرج من حديث الحج، رواه عنه الناس، لم نكتبه من حديث روح إلا من حديث يزيد بن زريع
حدثنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود الطيالسي، ثنا محمد بن ثابت، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «[ص:201] شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي». قال: فقال لي جابر: من لم يكن من أهل الكبائر، فما له وللشفاعة. هذا حديث غريب من حديث جعفر، ومحمد بن ثابت، لم يروه عنه إلا أبو داود رواه عن أبي داود عمرو بن علي والمتقدمون من طبقته
حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن مخلد، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عبادة بن زياد، ثنا يحيى بن العلاء، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: " جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال: يا محمد، اعرض علي الإسلام، فقال: «تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأن محمدا عبده ورسوله» قال: تسألني عليه أجرا، قال: «لا، إلا المودة في القربى»، قال: قرباي أو قرباك؟ قال: «قرباي»، قال: هات أبايعك، فعلى من لا يحبك ولا يحب قرباك لعنة الله، قال صلى الله عليه وسلم: «آمين». هذا حديث غريب من حديث جعفر بن محمد، لم نكتبه إلا من حديث يحيى بن العلاء، كوفي ولي قضاء الري
حدثنا أبو بكر بن خلاد، وأبو بحر محمد بن الحسن قالا: ثنا محمد بن يونس الشامي، ثنا حماد بن عيسى الجهني قال: ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: «سلام عليك أبا الريحانتين، أوصيك بريحانتي من الدنيا خيرا، فعن قليل ينهد ركناك، والله خليفتي عليك». قال: فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم قال علي: هذا أحد الركنين الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ماتت فاطمة رضي الله تعالى عنها، قال رضي الله عنه: هذا الركن الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم ". هذا حديث غريب من حديث جعفر، تفرد به عنه حماد بن عيسى، ويعرف بغريق الجحفة، لم نكتبه إلا من حديث محمد بن يونس عاليا
حدثنا أبي رحمه الله قال: ثنا أحمد بن الحسن الأنصاري، ثنا إبراهيم بن حبيب بن سلام المكي، ثنا ابن أبي فديك، ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النظر إلى [ص:202] وجه المرأة الحسناء والخضرة يزيدان في البصر». هذا حديث غريب من حديث جعفر تفرد به عنه ابن أبي فديك متصلا مرفوعا
حدثنا عمر بن أحمد بن عمر القاضي القصباني، ثنا علي بن سراج المصري، ثنا عبيد الله بن محمد الفريابي، ثنا عبد الله بن ميمون القداح، ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس من البر الصيام في السفر» هذا حديث غريب من حديث جعفر، لم يروه عنه إلا القداح
حدثنا فاروق الخطابي، ثنا عباس بن الفضل الأسفاطي، وحدثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، وحدثنا عبد الله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبد الله قالوا: أخبرنا سعيد بن سليمان، ثنا منصور بن أبي الأسود، ثنا صالح بن حسان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي رضي الله تعالى عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا علي اتق دعوة المظلوم؛ فإنما يسأل الله حقه، وإن الله لم يمنع ذا حق حقه». هذا حديث غريب من حديث جعفر بن محمد عن آبائه، متصلا، تفرد به منصور عن صالح، عنه
حدثنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن سلم الحافظ، ثنا محمد بن الحسين بن حفص، وعلي بن الوليد بن جابر، قالا: ثنا علي بن حفص بن عمر، ثنا الحسن بن الحسين، عن زيد بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال لي جبريل عليه السلام: يا محمد أحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه، وعش ما شئت فإنك ميت " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد أوجز لي جبريل في الخطبة». هذا حديث غريب من حديث جعفر عن أسلافه، متصلا لم نكتبه إلا من هذا الوجه
حدثنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن سلم إملاء حدثنا القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، حدثني أبي، عن أبيه، جعفر بن محمد عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبا على أصحابه فقال: «أيها
الناس كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن الذي نشيع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون، نأكل تراثهم كأننا مخلدون بعدهم، قد نسينا كل واعظة، وأمنا كل جائحة، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، طوبى لمن طاب مكسبه، وصلحت سريرته، وحسنت علانيته، واستقامت طريقته، طوبى لمن تواضع لله من غير منقصة، وأنفق مما جمعه من غير معصية، وخالط أهل الفقه والحكمة، ورحم أهل الذل والمسكنة، وطوبى لمن أنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوته، ووسعته السنة ولم يعدل عنها إلى بدعة» ثم نزل، هذا حديث غريب من حديث العترة الطيبة، لم نسمعه إلا من القاضي الحافظ، وروى هذا الحديث من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا محمد بن عمر بن سلم، ثنا محمد بن الحسين بن حفص، ثنا علي بن حفص العبسي، ثنا الحسن بن الحسن، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضوان الله تعالى عليهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأس العقل بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس» هذا حديث غريب من حديث جعفر لم نكتبه إلا من هذا الوجه
قال الشيخ رحمه الله: أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد القزويني ببغداد قال: أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني محمد بن أحمد بن عبد الله بن قضاعة قال: أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني القاسم بن العلاء الهمداني، قال: أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني أبو الحسن بن محمد بن علي الرضا، قال: أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني أبو جعفر بن محمد، قال ابن محمد: أشهد بالله، وأشهد لله لقد حدثني أبي محمد بن علي، قال: أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني أبي علي بن الحسين، قال: أشهد بالله وأشهد لله لقد
حدثني أبي الحسين بن علي، قال: أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني أبي علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم قال: أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أشهد بالله وأشهد لله لقد قال لي جبريل عليه السلام: يا محمد إن مدمن الخمر كعابد الأوثان " هذا حديث صحيح ثابت روته العترة الطيبة ولم نكتبه على هذا الشرط بالشهادة بالله ولله إلا عن هذا الشيخ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير طريق، ومدمن الخمر عندنا من يستحله، ولو لم يشربه في طول عمره إلا سقية واحدة
حدثنا أبو بحر محمد بن الحسن بن كوثر، ثنا محمد بن يونس السام، ثنا إبراهيم بن الحسن العلاف بصري، ثنا عمر بن حفص المازني، عن بشر بن عبد الله، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي، رضوان الله عليهم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «فضل البنفسج على الأدهان كفضل الإسلام على سائر الأديان، وما من ورقة من ورق الهندبا إلا عليها قطرة من ماء الجنة» قال الشيخ رحمه الله: هذا حديث غريب من حديث جعفر لم نكتبه إلا بهذا الإسناد، أفادناه الشيخ الحافظ أبو الحسن الدارقطني عن هذا الشيخ
حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، وحدثنا أبو بكر أحمد بن محمد السعدي ثنا موسى بن هارون الحافظ، ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: أخبرنا ابن أبي فديك، ثنا سعيد بن سفيان، مولى الأسلميين عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله تعالى» قال: فكان عبد الله بن جعفر يقول لخازنه: اذهب فخذ لي بدين فإني أكره أن أبيت ليلة إلا والله معي بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا حديث غريب من حديث جعفر وأبيه وعبد الله [ص:205] بن جعفر لم يروه عنه إلا سعيد ولا عنه إلا ابن أبي فديك
حدثنا عبد الله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبد الله، ثنا عمر بن حفص بن غياث، ثنا أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، قال: «ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن أسود فحيل يأكل في سواد، ويشرب في سواد، وينظر في سواد، ويمشي في سواد» هذا حديث غريب من حديث جعفر عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، لم نكتبه إلا من حديث حفص
حدثنا عبد الله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبد الله، وحدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا معاذ بن المثنى، قالا: ثنا القعنبي، وحدثنا جعفر بن محمد بن عمرو، ثنا أبو حصين الوادعي، ثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: أخبرنا سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن عطاء بن أبي رباح، أنه سمع عائشة، تقول: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم الريح والغيم عرف ذلك في وجهه، فأقبل وأدبر، فإذا مطر سر به وذهب عنه ذلك، قالت عائشة: فسألته فقال: «إني خشيت أن يكون عذابا سلط على أمتي» هذا حديث صحيح متفق عليه من حديث عطاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها أخرجه البخاري من حديث ابن جريج عن عطاء، ومسلم، من حديث القعنبي عن سليمان بن بلال
حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا علي بن عبد العزيز عن القعنبي، حدثنا سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن يزيد بن هرمز: أن نجدة، كتب إلى ابن عباس يسأله: " عن خمس خصال فقال ابن عباس: لولا أن أكتم، علما لما كتبت إليه، فكتب إليه نجدة أما بعد: فأخبرني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء؟ وهل كان يضرب لهن بسهم؟ وهل كان يقتل الصبيان؟ ومتى ينقضي يتم اليتيم؟ وعن الخمس لمن هو؟ فكتب إليه ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء فيداوين الجرحى فيجزين من الغنيمة، فأما السهم فلم يضرب لهن، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ص:206] لم يقتل الصبيان، وكتبت تسألني متى ينقضي يتم اليتيم ولعمري إن الرجل ليشيب وإنه لضعيف الأخذ لنفسه ضعيف الإعطاء منها، فإذا أخذ لنفسه من أصلح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم، وكتبت تسألني عن الخمس، وإنا نقول: هو لنا وأبى علينا قومنا ذلك " هذا حديث صحيح رواه مسلم عن القعنبي ورواه حاتم بن إسماعيل عن جعفر، نحوه. وممن رواه عن يزيد بن هرمز، غير محمد الزهري وقيس بن سعد وسعيد المقبري والمختار بن صيفي، ورواه ابن إسحاق عن أبي جعفر محمد بن علي عن يزيد
حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن أيوب السختياني، ثنا إسحاق القروي، ثنا عبد الله بن جعفر المخرمي، عن جعفر بن محمد، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور بن مخرمة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها» هذا حديث متفق عليه من حديث علي بن الحسين وابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة ورواه عن علي الزهري، وعن ابن أبي مليكة الليث بن سعد
حدثنا القاضي محمد بن عمر بن سلم حدثني محمد بن أحمد بن إسماعيل العسكري، من أصل كتابه، ثنا أحمد بن الجارود العسكري، ثنا أبو عامر إسماعيل بن محمد الأنصاري، ثنا إبراهيم بن محمد الأسلمي، عن جعفر بن محمد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، رضي الله تعالى عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح عن أزواجه بقرة» هذا حديث صحيح ثابت متفق عليه من حديث القاسم عن عائشة، غريب من حديث جعفر لم نكتبه متصلا إلا بهذا الإسناد
حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن رشدين، ثنا هاني بن المتوكل، ثنا معاوية بن أبي صالح عن جعفر بن محمد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال جزى الله عنا محمدا صلى الله عليه وسلم بما هو أهله أتعب سبعين كاتبا ألف صباح» هذا حديث غريب من حديث عكرمة وجعفر ومعاوية، تفرد به هاني بن المتوكل الإسكندراني
دار الكتاب العربي - بيروت-ط 0( 1985) , ج: 3- ص: 192
السعادة -ط 1( 1974) , ج: 3- ص: 192
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب مدني يكنى أبا عبد الله حدثنا أحمد بن علي بن الحسين المدائني، حدثنا محمد بن عمرو بن نافع، حدثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم، عن أبي بكر بن عياش أنه قيل له مالك لم تسمع من جعفر بن محمد وقد أدركته فقال سألناه عن ما يتحدث به من الأحاديث أشيئا سمعته قال، ولا ولكنها رواية رويناها عن آبائنا.
حدثنا ابن حماد، حدثني صالح بن أحمد، حدثنا علي بن المديني سئل يحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد فقال في نفسي منه شيء فقلت فمجالد قال مجالد أحب إلي منه.
حدثنا محمد بن خلف بن المرزبان، ومحمد بن أحمد بن حماد، قالا: حدثنا أحمد بن زهير بن حرب سمعت مصعب بن عبد الله الزبيري يقول: سمعت الدراوردي يقول لم يرو مالك عن جعفر بن محمد حتى ظهر أمر بني العباس زاد بن حماد وسمعت مصعب يقول كان مالك بن أنس لا يروي عن جعفر بن محمد حتى يضمه إلى آخر من أولئك الرفعاء ثم يجعله بعده.
حدثنا علي بن أحمد بن سليمان، حدثنا أحمد بن سعد بن أبي مريم، قال: سمعت يحيى بن معين يقول جعفر بن محمد كنت لا أسأل يحيى بن سعيد عن حديثه؟ فقال: لا تسألني عن جعفر بن محمد قلت لا أريده فقال لي إن كان يحفظ فحديث أبيه المسند قال يحيى بن معين، وهو ثقة.
قال يحيى وخرج حفص بن غياث إلى عبادان، وهو موضع رباض فاجتمع إليه البصريون فقالوا له لا تحدثنا عن ثلاثة أشعث بن عبد الملك، وعمرو بن عبيد وجعفر بن محمد فقال أما أشعث فهو لكم وأنا أتركه لكم وأما عمرو بن عبيد فأنتم أعلم به وأما جعفر بن محمد فلو كنتم بالكوفة لأخذتكم النعال المطرقة.
حدثنا ابن أبي بكر، حدثنا عباس سمعت يحيى بن معين يقول جعفر بن محمد مأمون ثقة.
حدثنا محمد بن علي، حدثنا عثمان بن سعيد، قال: سألت يعني يحيى بن معين عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين؟ فقال: ثقة.
حدثنا علي بن أحمد بن سليمان، حدثنا أحمد بن سعد بن أبي مريم، قال: سمعت يحيى بن معين يقول جعفر بن محمد ثقة.
حدثنا علي بن إسحاق بن رداء، حدثنا محمد بن يزيد المستملي، حدثنا إسحاق بن حكيم، قال: قال يحيى القطان وذكر جعفر بن محمد فقال ما كان كذوبا.
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا جعفر بن محمد بن هشام، حدثنا محمد بن حفص بن راشد، حدثنا أبي عن عمرو بن أبي المقدام قال: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن
محمد علمت أنه من سلالة النبيين.
حدثنا ابن سعيد، قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة، حدثنا محمد بن حماد بن زيد الحارثي، حدثنا عمرو بن ثابت، قال: رأيت جعفر بن محمد واقفا عند الجمرة العظمى، وهو يقول سلوني سلوني.
حدثنا ابن سعيد، حدثنا جعفر بن محمد بن حسين بن حازم، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الرماني أبو نجيح، قال: سمعت حسن بن زياد يقول: سمعت أبا حنيفة وسئل من أفقه من رأيت فقال ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور الحيرة بعث إلي، فقال، يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيء له من مسائلك تلك الصعاب فقال فهيأت له أربعين مسألة ثم بعث إلي أبو جعفر فأتيته بالحيرة فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه فلما بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر فسلمت وأذن لي أبو جعفر فجلست ثم التفت إلى جعفر، فقال، يا أبا عبد الله تعرف هذا؟ قال: نعم هذا أبو حنيفة ثم أتبعها قد أتانا ثم قال يا أبا حنيفة هات من مسائلك سل أبا عبد الله فابتدأت أسأله قال فكان يقول في المسألة أنتم تقولون فيها كذا وكذا وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا فربما تابعنا، وربما تابع أهل المدينة، وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرج منها مسألة ثم قال أبو حنيفة أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس.
أخبرنا أبو يعلى، حدثنا علي بن الجعد، حدثنا زهير، قال: قال أبي لجعفر بن محمد إن لي جارا يزعم أنك تبرأ من أبي بكر وعمر فقال جعفر برئ الله من جارك والله إني لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر ولقد اشتكيت شكاة فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم
أخبرنا محمد بن الحسين بن حفص، حدثنا هشام بن يونس، حدثنا سفيان بن عيينة قال حدثونا عن جعفر بن محمد ولم أسمعه منه، قال: كان آل أبي بكر يدعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم آل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا ابن حماد، حدثني صالح بن أحمد، حدثنا علي بن المديني قال يحيى بن سعيد أملى علي جعفر بن محمد الحديث الطويل يعني حديث جابر في الحج.
حدثنا الفضل بن الحباب، حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حدثنا سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد وقضى علي بن أبي طالب.
حدثنا الفضل، حدثنا القعنبي، حدثنا سليمان عن جعفر بن محمد عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم ذو ريح أو غيم عرف ذلك في وجهه وأقبل وأدبر فإذا مطر سر به وذهب ذلك عنه فسألته فقال إني خشيت أن يكون عذابا سلط على أمتي.
حدثنا الفضل، حدثنا القعنبي، حدثنا سليمان عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جابر قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة تسع سنين ثم حج قال الفضل لم أضبطه وذكر الحديث عن القعنبي.
قال الشيخ: وهذا الحديث حدث به عن جعفر جماعة من الأئمة لم يرو هذا الحديث عنه أطول مما رواه عنه حاتم بن إسماعيل وبعده يحيى بن سعيد القطان.
وروي عن الثوري عن جعفر وليس بالطويل وحدث عنه مالك في الموطأ بأحرف من هذا الحديث وحدث عنه غيرهم مقدار عشرين نفسا أو أقل
حدثنا محمد بن جعفر الإمام، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن يحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جابر بن عبد الله في حديث أسماء بنت عميس حين نفست بذي الحليفة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يأمرها أن تغتسل وتهل.
حدثنا أبو يعلى، حدثنا إبراهيم بن أبي الليث، حدثنا الأشجعي عن سفيان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع، قال: قلت لأبي هريرة، إن عليا يقرأ في الجمعة سورة الجمعة، وإذا جاءك المنافقون فقال هما السورتان قرأ بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا العباس بن أحمد بن أبي شحمة، حدثنا الوليد بن شجاع، حدثنا أبو الحسين العكلي يعني زيد بن الحباب، حدثنا سفيان الثوري عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن علي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين وشاهد وقال أبو جعفر للحكم قضى به علي بين أظهركم.
حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان، حدثنا الحسن بن يزيد الحصاص، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن ابن عباس عن معاوية بن أبي سفيان، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر بمشقص.
حدثنا، حدثنا محمد بن الحسين بن حفص، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا يحيى بن سالم عن الحسن بن صالح قال دخلت على جعفر بن محمد وقد احتجم فقلت كيف تصنع قال أغسل أثر المحاجم.
قال الشيخ: ولجعفر بن محمد حديث كبير، عن أبيه عن جابر وعن أبيه عن آبائه ونسخا لأهل البيت برواية جعفر بن محمد وقد حدث عنه من الأئمة مثل بن جريج، وشعبة بن الحجاج وغيرهم ممن ذكرت بعضهم ولم أذكر بعضا وجعفر من ثقات الناس كما قال يحيى بن معين
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 5( 1997) , ج: 2- ص: 356
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي يقال له الصادق كنيته أبو عبد الله من سادات أهل البيت وعباد أتباع التابعين وعلماء أهل المدينة كان مولده سنة ثمانين سنة سيل الجحاف ومات سنة ثمان وأربعين ومائة وهو ابن ثمان وستين سنة
دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 205
جعفر بن محمد [م، عو] بن علي بن الحسين الهاشمي، أبو عبد الله أحد الائمة الاعلام، بر صادق كبير الشأن، لم يحتج به البخاري.
قال يحيى بن سعيد: مجالد أحب إلى منه، في نفسي منه شئ.
وقال مصعب، عن الدراوردي قال: لم يرو مالك عن جعفر حتى ظهر أمر بنى العباس.
قال مصعب ابن عبد الله: كان مالك لا يروى عن جعفر حتى يضمه إلى أحد.
وقال أحمد بن سعد بن أبي مريم: سمعت يحيى يقول: كنت لا أسأل يحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد، فقال لي: لم لا تسألني عن حديث جعفر؟ قلت: لا أريده.
فقال لي: إن كان يحفظ فحديث أبيه المسدد.
وقال ابن معين: هو ثقة، ثم قال: خرج حفص بن غياث إلى عبادان، وهو موضع رباط، فاجتمع إليه البصريون، فقالوا: لا تحدثنا عن ثلاثة: أشعث بن عبد الملك، وعمرو بن عبيد، وجعفر بن محمد.
فقال: أما أشعث فهو لكم وأنا أتركه
لكم.
وأما عمرو فأنتم أعلم.
وأما جعفر فلو كنتم بالكوفة لاخذتكم النعال المطرقة.
وروى عباس عن يحيى قال: جعفر ثقة مأمون.
وقال أبو حاتم: ثقة لا يسأل عن مثله.
دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان-ط 1( 1963) , ج: 1- ص: 414
جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، الهاشمي، المدني، أبو عبد الله، الهاشمي.
سمع أباه، والقاسم، وعطاء، سمع منه مالك، والثوري، وشعبة.
قال أبو نعيم: مات سنة ثمان وأربعين ومئة.
وقال لي عياش بن المغيرة: ولد سنة الجحاف، سنة ثمانين.
وقال لي عبد الله بن أبي الأسود، عن يحيى بن سعيد: كان جعفر إذا أخذت منه العفو، لم يكن به بأسٌ، وإذا حملته حمل على نفسه.
دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 2- ص: 1
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو عبد الله المدني الصادق
أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ولذلك كان يقول ولدني أبو بكر مرتين
روى عن أبيه والزهري ونافع وابن المنكدر
وعنه الثوري وابن عيينة وشعبة ويحيى القطان ومالك وابنه موسى الكاظم وآخرون ولد سنة ثمانين ومات سنة ثمان وأربعين ومائة
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 79
جعفر بن محمد الصادق أبو عبد الله
وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر فكان يقول ولدني الصديق مرتين سمع أباه والقاسم وعطاء وعنه شعبة والقطان وقال في نفسي منه شيء وقال بن معين ثقة وقال أبو حنيفة ما رأيت أفقه منه وقد دخلني له من الهيبة ما لم يدخلني للمنصور مات 148 وله ثمان وستون سنة م 4
دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 1
جعفر بن محمد الصادق
وهو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي المديني كنيته أبو عبد الله أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وأم أم فروة أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وكان من سادات أهل البيت فقها وعلما وفضلا
كان مولده سنة ثمانين ومات سنة ثمان وأربعين ومائة في آخر السنة وهو ابن ثمان وستين سنة
روى عن أبيه في الوضوء والصلاة والصوم والحج والجهاد والزهد ومحمد بن المنكدر في الصلاة وعطاء بن أبي رباح في الصلاة
روى عنه عبد الوهاب الثقفي وحاتم بن إسماعيل ووهيب بن خالد والحسن بن عياش وسليمان بن بلال والثوري والدراوردي ويحيى بن سعيد الأنصاري في الحج وحفص بن غياث في الحج ومالك بن انس وابن جريج
دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 1- ص: 1
جعفر بن محمد الصادق
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 52
(ع) جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم المدني الصادق.
ذكره البستي في «جملة الثقات» وقال: كان من سادات أهل البيت فقها وعلما وفضلا، يحتج بروايته ما كان من غير رواية أولاده عنه؛ لأن في حديث ولده عنه مناكير كثيرة، وإنما مرض القول فيه من مرض من أئمتنا لما رأوا في حديثه من رواية أولاده، وقد اعتبرت حديثه من حديث الثقات عنه مثل: ابن جريج والثوري ومالك وشعبة وابن عيينة ووهب بن خالد وذويهم فرأيت أحاديث مستقيمة ليس فيها شيء يخالف حديث الأثبات، ورأيت في رواية ولده عنه أشياء ليس من حديثه ولا من حديث أبيه ولا من حديث جده، ومن المحال أن يلصق به ما جنت يدا غيره.
وفي كتاب أبي الشيخ ابن حيان المسمى «بالأقران»: روى جعفر بن محمد عن سفيان بن سعيد الثوري.
وفي كتاب «المقالات» لأبي المظفر طاهر بن محمد الإسفرائيني: الناووسية يزعمون أن جعفر بن محمد لم يمت وأنه المهدي المنتظر، وجماعة من السبائية يوافقونهم في هذا القول، ويزعمون أنه كان يعلم كل ما يحتاج إلى شيء من دين أو دنيا عقلي أو شرعي ويقلدونه في جملة أبواب الدين، حتى لو سئل واحد منهم عن جواز الرؤبة على الله تعالى أو غيره مما يناسبه؟ كان جوابه أن يقول: فيه يقول جعفر.
قال أبو المظفر: وقد كذبوا على ذلك السيد الصادق.
وفي «كتاب» ابن عساكر: لما قيل له: إن حكيما الكلبي ينشد الناس بالكوفة هجاءكم. قال وما قال؟ قال:
صلبينا لكم زيدا أعلى جذع نخلة | ولم ير زيدا بأعلى النخل يصلب |
وقسيم لعثمان عليا سفاحه | عثمان خير من علي وأطيب |
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 3- ص: 1
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم كنيته أبو عبد الله
يروي عن أبيه وكان من سادات أهل البيت فقها وعلما وفضلا روى عنه الثوري ومالك وشعبة والناس وكان مولده سنة ثمانين سنة سيل الجحاف الذي ذهب بالحاج من مكة ومات سنة ثمان وأربعين ومائة وهو بن ثمان وستين سنة يحتج بروايته ما كان من غير رواية أولاده عنه لأن في حديث ولده عنه مناكير كثيرة وإنما مرض القول فيه من مرض من أئمتنا لما رأوا في حديثه من رواية أولاده وقد اعتبرت حديثه من الثقات عنه مثل بن جريج والثوري ومالك وشعبة وابن عيينة ووهب بن خالد ودونهم فرأيت أحاديث مستقيمة ليس فيها شيء يخالف حديث الأثبات ورأيت في رواية ولده عنه أشياء ليس من حديثه ولا من حديث أبيه ولا من حديث جده ومن المحال أن يلزق به ما جنت يدا غيره وأم جعفر بن محمد أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه
دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 6- ص: 1
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب
رضي الله عنهم أجمعين ولهم شيء ليس لغيرهم خمسة أئمة جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب حدثنا أبو مسلم حدثني أبي حدثني حسين الجعفي عن حفص بن غياث قال قدمت البصرة فقالوا لا تحدثنا عن ثلاثة جعفر بن محمد وأشعث بن سوار وأشعث بن عبد الملك فقلت أما جعفر بن محمد فلم أكن لأدع الحديث عنه لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفضله وأما أشعث بن سوار فهو رجل منا من أهل الكوفة فلم أكن لأدع الحديث عنه وأما أشعث بن عبد الملك فهو رجل من أهل البصرة فأنا أدعه لكم
دار الباز-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 1
جعفر بن محمد(م، 4)
ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الإمام، أبو عبد الله، العلوي، المدني الصادق، أحد السادة الأعلام، وابن بنت القاسم بن محمد، وأم أمه هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، فلذلك كان يقول: ولدني أبو بكر الصديق مرتين.
حدث عن: جده القاسم، وعن أبيه أبي جعفر الباقر، وعبيد الله بن أبي رافع، وعروة بن الزبير، وعطاء، ونافع، وعدة.
وعه: مالك، والسفيانان، وحاتم بن إسماعيل، ويحيى القطان، وأبو عاصم النبيل، وخلق.
قيل: مولده سنة ثمانين، فيحتمل أن يكون رأى سهل بن سعد.
وثقه الشافعي، وابن معين، وغيرهما.
وقال أبو حاتم: ثقة، لا تسأل عن مثله.
وقال ابن حبان: هو من سادات أهل البيت، وعباد أتباع التابعين، وعلماء أهل المدينة.
وعن أبي حنيفة قال: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد.
وقال هياج بن بسطام: كان جعفر الصادق يطعم حتى لا يبقى لعياله شيء.
ومناقبه وفضائله كثيرة، منها أنه كان يقول: ما أرجو من شفاعة علي شيئاً إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكرٍ مثله، لقد ولدني مرتين.
توفي سنة ثمانٍ وأربعين ومئة.
لم يحتج به البخاري، واحتج به سائر الأئمة. رضي الله عنه.
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 1- ص: 1
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو عبد الله كرم الله وجهه
روى عن أبيه والقاسم ونافع والزهري ومحمد بن المنكدر ومسلم بن أبي مريم روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريج والثوري وشعبة ومالك وابن إسحاق وسليمان بن بلال وابن عيينة وحاتم وحفص سمعت أبي يقول ذلك. حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة قال سمعت إسحاق بن إبراهيم بن راهويه يقول قلت: للشافعي كيف جعفر بن محمد عندك قال ثقة. في مناظرة جرت بينهما. حدثنا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين قال: جعفر بن محمد ثقة. حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول جعفر بن محمد ثقة. لا يسأل عن مثله حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة وسئل عن جعفر بن محمد عن أبيه وسهيل بن أبي صالح عن أبيه والعلاء عن أبيه أيما أصح؟ قال: لا يقرن جعفر إلى هؤلاء يريد جعفر أرفع من هؤلاء في كل معنى.
طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 2- ص: 1