المتوكل العباسي جعفر (المتوكل على الله) بن محمد (المعتصم بالله) بن هارون الرشيد، أبو الفضل: خليفة عباسي. ولد ببغداد وبويع بعد وفاة أخيه الواثق (سنة 232 هـ) وكان جوادا ممدحا محبا للعمران، من آثاره (المتوكلية) ببغداد، أنفق عليها أموالا كثيرة، وسكنها. ولكا اتخلف كتب إلى أهل بغداد كتابا قرئ على المنبر بترك الجدل في القآن، وأن الذمة بريئة ممن يقول بحقه أو غير خلقه. ونقل مقر الخلافة من بغداد إلى دمشق، فأقام بهذه شهرين، فلم يطب له مناخها، فعاد وأقام في سامراء، إلى أن لغتيل فيها ليلا، باغراء ابنه (المنتصر) ولبعض الشرعاء هجاء في المتوكل لهدمه قبر الحسين وما حوله، سنة 236هـ. وكثرت الزلازل في أيامه فعمر بعض ما خربت. وكان يلبس في زمن الورد الثياب الحمر، ويأمر بالفرش الأحمر، ولا يرى الورد إلا في مجلسه، وكان يقول: أنا ملك السلاطين والورد ملك الرياحين وكل منا أولى بصاحبه!
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 127
المتوكل على الله جعفر بن محمد، أبو الفضل المتوكل على الله، ابن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور.
بويع له بالخلافة بعد موت أخيه هارون الواثق بمشاورة في ذلك في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومئتين.
وولد سنة سبع ومئتين وقتل سنة سبع وأربعين ومئتين.
وكان أسمر مليح العين، نحيف الجسم، خفيف العارضين إلى القصر أقرب.
وأمه أم ولد اسمها شجاع.
ولما استخلف أظهر السنة وتكلم بها في مجلسه وكتب إلى الآفاق برفع المحنة وإظهار السنة وبسط أهلها ونصرهم.
وأقام الحج للناس سنة سبع وعشرين قبل الخلافة.
وقال إبراهيم بن محمد التيمي قاضي البصرة: الخلفاء ثلاثة، أبو بكر الصديق قاتل أهل الردة حتى استجابوا، وعمر بن عبد العزيز رد مظالم بني أمية، والمتوكل محا البدع وأظهر السنة.
وقال محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب: إني جعلت دعائي في المشاهد كلها للمتوكل وذلك أن صاحبنا عمر بن عبد العزيز جاء الله به يرد المظالم، وجاء الله بالمتوكل يرد الدين.
وقال يزيد المهلبي: قال لي المتوكل يوما: يا مهلبي، إن الخلفاء كانت تتعصب على الرعية لتطيعها وأنا ألين لهم ليحبوني ويطيعوني.
يقال أنه سلم عليه بالخلافة ثمانية كل منهم ابن خليفة: منصور بن المهدي والعباس بن الهادي وأبو أحمد بن الرشيد وعبد الله بن الأمين وموسى بن المأمون وأحمد بن المعتصم ومحمد بن الواثق وابنه المنتصر بن المتوكل.
وكان جوادا ممدحا يقال: ما أعطى خليفة ما أعطى المتوكل.
وبايع بولاية العهد لولده المنتصر، ثم أراد عزله وتولية أخيه المعتز لمحبته لأمه، وكان يحضر مجالس العامة ومحط منزلته.
ويتهدده ويشتمه لأنه سأله النزول فأبى.
واتفق أن الترك انحرفوا عن المتوكل لأنه صادر وصيفا وبغا فاتفقوا مع المنتصر على قتل أبيه فدخلوا عليه في مجلس لهوه في الليل وقتلوه.
رآه بعضهم في النوم فقيل له ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بقليل من السنة أحييتها.
ورؤي أيضا كأنه بين يدي الله تعالى فقيل له: ما تصنع ههنا؟ قال أنتظر محمدا ابني أخاصمه إلى الله الحليم الكريم العظيم.
ولم يصح عنه النصب.
وقيل أنه كان له أربعة آلاف سرية وطئ الجميع. ولم يعلم أحد متقدم في هزل أو جد إلا حظي في دولته.
ودخل دمشق وعزم على المقام بها لأنها أعجبته ونقل دواوين الملك إليها وأمر بالبناء بها ثم استوبل البلد لأن الهواء بها بارد ندي والماء ثقيل والريح يهب فيها مع العصر فلا يزال يشتد حتى تمضي عامة الليل، وهي كثيرة البراغيث.
وغلت عليه الأسعار وحال الثلج بين السابلة والميرة فأقام بها شهرين وأياما ثم رجع إلى سر من رأى وكان قد بنى بأرض داريا قصرا عظيما ووقعت من قلبه بالموافقة.
وقال يزيد بن المهلب يمدحه لما عزم على المقام بدمشق بأبيات منها:
أظن الشام تشمت بالعراق | إذا عزم الإمام على انطلاق |
فإن تدع العراق وساكنيها | فقد تمنى المليحة بالطلاق |
كم آمن متحصن في جوسق | قد بات منه بليلة المتوكل |
بالله إن كانت أمية قد أتت | قتل ابن بنت نبيها مظلوما |
فلقد أتاه بنو أبيه بمثله | هذا لعمرك قبره مهدوما |
أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا | في قتله فتتبعوه رميما |
صبرت على ذل الهوى لمغاضب | فزاد لذلي عزة وتجنبا |
أقلب طرفي في الجميع فلا أرى | نظيرا لمن أهوى وإن كان مذنبا |
هم سمنوا كلبا ليأكل بعضهم | ولو أخذوا بالحزم ما سمنوا الكلبا |
إني وجدت اليوم حـ | ـقا فوق وجد العالمينا |
رحم الله عجوزا | تركت شخصا حزينا |
تصبرت لما فرق الدهر بيننا | وعزيت نفسي بالنبي محمد |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 11- ص: 0
المتوكل أمير المؤمنين جعفر بن محمد.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 25- ص: 0
المتوكل على الله الخليفة، أبو الفضل، جعفر بن المعتصم بالله محمد بن الرشيد هارون بن المهدي بن المنصور، القرشي العباسي البغدادي.
ولد سنة خمس ومائتين.
وبويع عند موت أخيه الواثق في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين:
حكى عن: أبيه، ويحيى بن أكثم.
وكان أسمر جميلا، مليح العينين، نحيف الجسم، خفيف العارضين، ربعة وأمه اسمها شجاع.
قال خليفة بن خياط: استخلف المتوكل، فأظهر السنة، وتكلم بها في مجلسه، وكتب إلى الآفاق برفع المحنة، وبسط السنة، ونصر أهلها. وقد قدم المتوكل دمشق، في صفر سنة، فأعجبته وعزم على المقام بها، ونقل دواوين الملك إليها، وأمر بالبناء بها، وأمر للأتراك بمال رضوا به، وأنشأ قصرا كبيرا بداريا مما يلي المزة.
قال علي بن الجهم: كانت للمتوكل جمة إلى شحمة أذنيه مثل أبيه، والمأمون.
وقال الفسوي: رجع من دمشق بعد شهرين إلى سامراء. وقيل: نعتت له دمشق، وأنها توافق مزاجه، وتذهب علله التي تعرض له بالعراق.
قال خليفة: وحج بالناس قبل الخلافة.
وكان قاضي البصرة إبراهيم بن محمد التيمي يقول: الخلفاء ثلاثة: أبو بكر يوم الردة، وعمر بن عبد العزيز، في رد المظالم من بني أمية، والمتوكل في محو البدع، وإظهار السنة.
وقال يزيد بن محمد المهلبي: قال لي المتوكل: إن الخلفاء كانت تتصعب على الناس ليطيعوهم، وأنا ألين لهم ليحبوني ويطيعوني.
وحكى الأعسم أن علي بن الجهم دخل على المتوكل، وبيده درتان يقلبهما، فأنشده قصيدة له، فدحا إليه بالواحدة فقلبتها، فقال: تستنقص بها؟ هي والله خير من مائة ألف. فقلت: لا والله، لكني فكرت في أبيات آخذ بها الأخرى. وأنشأت أقول:
بسر من رأى إمام عدل | تغرف من بحره البحار |
يرجى ويخشى لكل خطب | كأنه جنة ونار |
الملك فيه وفي بنيه | ما اختلف الليل والنهار |
لم تأت منه اليمين شيئا | إلا أتت مثلها اليسار |
وكاتبة بالمسك في الخد جعفرا | بنفسي محط المسك من حيث أثرا |
لئن أودعت سطرا من المسك خدها | لقد أودعت قلبي من الحب أسطرا |
أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا | في قتله فتتبعوه رميما |
جاءت منيته والعين هاجعة | هلا أتته المنايا والقنا قصد |
خليفة لم ينل من ماله أحد | ولم يصغ مثله روح ولا جسد |
أي عيش يلذ لي | لا أرى فيه جعفرا |
ملك قد رأيته | في نجيع معفرا |
كل من كان ذا خبا | ل وسقم فقد برا |
غير محبوبة التي | لو ترى الموت يشترى |
لاشترته بما حوتـ | ـه يداها لتقبرا |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 9- ص: 444