جوبان القواس جوبان بن مسعود بن سعد الله القواس الدنيسري: شاعر، كان نادرة في الذكاء، لله النظم الجيد، ولم يكن يعرف النحو. توفي في دمشق
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 143
جوبان أمين الدين القواس جوبان بن مسعود بن سعد الله، أمين الدنيسري القواس التوزي الشاعر. كان من أذكياء بني آدم وله النظم الجيد. كتب عبد الرحمن السبتي وغيره.
وقال شمس الدين الجزري: اسمه رمضان والجوبان وقال: لم لم يكن يعرف الخط ولا النحو.
قال القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله قال شيخنا شهاب الدين محمود: ابن جوبان كان يدعي الأمية وكان بخلاف ذلك، قرأ وكتب وحفظ المفصل وكانت كتابته من هة التتوير في غاية القوة بحيث أنه استعار من القاضي عماد الدين محمد بن الشيرازي درجا بخط ابن البواب، ونقل ما فيه إلى درج بورق التوز وألزق التوز على خشب وأوقف عليه ابن الشيرازي فأعجبه وشهد له أن في بعض ذلك شيئا أقوى من خط ابن البواب واشتهر ذلك بدمشق وبقي الناس يقصدونه يتفرجون عليه. وكان له ذهن خارق، وتوفي في حدود الثمانين وستمئة. ومن شعره:
إذا افتر جنح الليل عن مبسم الفجر | ولاح به ثغر من الأنجم الزهر |
وفاحت له من عابق الروض نفحة | رشفنا به برد الرضاب من الخمر |
وعهدي بوجه الأرض مبتسما فلم | تغرغر فيها الدمع في مقل العذر |
إذا رجف الماء النسيم لوقته | كساه شعاع الشمس درعا من التبر |
وبحر الرياض الخضر بالزهد مزبد | كأنا في فلك مجلسنا نسري |
ومن شهب الكاسات بالنجم نهتدي | إذا تاه ساري العقل في لجة السكر |
نصون الحميا في القناني وإنما | نصون القناني بالحميا ولا ندري |
ولما حكى الراووق في العين شكله | وقد علق العنقود في سالف الدهر |
تذكر عهدا بالكروم فكله | عيون على أيام عصر الصبا تجري |
عجبت له والراح تبكي به فلم | غدت بحباب الكأس باسمة الثغر |
إذا ما أتاني كأسها غير مترع | تحققت عين الشمس في هالة البدر |
يناولنيها فاتر اللحظ أغيد | فلله ذاك الأغيد المخطف الخصر |
ينادمنا نظما ونثرا ولفظه | ومبسمه يغني عن النظم والنثر |
فلم يسقني كأس المدامة دون أن | سقاني بعينيه كوؤسا من السحر |
وقال وفرط السكر يثني لسانه | إلى غير ما يرضي التقى وهو لا يدري |
ردوا من رضابي ما ينوب عن الطلا | إذا كان وجهي فيه مغن عن الزهر |
ومن كان لا تحوي ذراعاه مئزري | فدون الذي تحوي أنامله خصري |
كأن نضيد الفحم خوف شراره | إذا النار مست جلده فتلونا |
تذكر أيام السحاب الذي جرى | بمنبته لما تأود أغصنا |
فأنبت منه الآبنوس بنفسجا | وأثمر عنابا وأورق سوسنا |
جاءت سحرا تشق بحر الغلس | كالطيف توارت في ظلال الخلس |
ما أطيب ما سمعت من منطقها | لاتسأل ما لاقيته من حرسي |
يمشي مرحا بتيهه والعجب | كالريم إذا رام لحاق السرب |
ما يسرع في المشية إلا حذرا | أن ترسم عيني شخصه في قلبي |
زارت سحرا تراقب السمارا | رعيا وتراعى بالبيوت النارا |
بالمهجة أفدي خاطرا عن لها | حتى ركبت من أجلي الأخطارا |
لا أستمع الحديث من غيركم | من لذه فكري واشتغالي بكم |
ألوي نظري كأنني أفهمه | من قائله وخاطري عندكم |
في وجنته من مهج العشاق | ما قام دليله على الإهراق |
والسالف قد دب على جمرتها | فالورد يرى من خلل الأوراق |
أنا عون على بلوغ المرام | ولي اسم بالعون والنفع سام |
أنا بي يتقى الحرير من اللـ | ـبس ولبسي في غاية الابهام |
يعبث عجبا بقلوب الورى | في الشح بالوصل وبذل السماح |
يؤيس بالنرجس من يجتني | فإن لوى أطعمه بالإقاح |
مظاهر الحق لا تعد | والحق فيها فلا يحد |
فباطن لا يكاد يخفى | وظاهر لا يكاد يبدو |
إن بطن العبد فهو رب | أو ظهر الرب فهو عبد |
فعين كل عين زل وجودا | قبض وبسط أخذ ورد |
سار مذموم ركبهم | وهو عني مجنب |
فأنا اليوم بعدهم | بالمغاني أشبب |
أنا عون على هلاك عداكا | زادك الله نصرة وحماكا |
فادعني في الوغى تجدني صبورا | نافذ السهم في العدى فتاكا |
بي في الحرب نلت مطلبك الأقـ | ـصى وما بي من قدرة لولاكا |
قطعت العمر منعكفا | على تضييع أوقاتي |
فمن أسف على الماضي | ومن حرص على الآتي |
لما بدا الشعر على سالفيه | سعى به من كان يسعى إليه |
ما عاينت من قبله مقلتي | بدرا عراه النقص من جانبيه |
أقصد حانوته فيغمرني | أن لا تقف عندنا لتهتكنا |
فإن هذا معلمي رجل | قد لاط قسطا من عمره وزنى |
لا جمل الله من معلمه | بالستر عرقا إن عاش أو دفنا |
علمه صنعة يعيش بها | معه وأخرى بها أموت أنا |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 11- ص: 0