جوهر جوهر بن عبد الله الرومي، أبو الحسن: القائد، بانى مدينة (القاهرة) والجامع (الأزهر) كان من موالي المعز العبيدي (صاحب إفريقية) وسيره من القيروان إلى مصر، بعد موت كافور الإخشيدي، فدخلها سنة 358هـ. وأرسل الجيوش لفتح بلاد الشام وضمها إليها. ومكث بها حاكما مطلقا إلى أن قدم مولاه المعز (سنة 362هـ) فحل المعز محله؛ وصار هو من عظماء القواد في دولته وما بعدها، إلى أن توفي، بالقاهرة. وكان إلا رثاه. وكان بناؤه القاهرة سنة 358هـ ، وسماها (المنصورية) حتى قدم المعز فسماها (القاهرة) وفرغ من بناء (الأزهر) في رمضان 361هـ ، ولعلى إبراهيم حسن (تاريخ جوهر الصقلى قائد المعز لدين الله الفاطمي)
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 148
جوهر القائد باني القاهرة جوهر، أبو الحسن، القائد الرومي المعروف بالكاتب، مولى المعز أبي تميم قدم من المغرب، جهزه المعز إلى ديار مصر في الجيوش والأهبة الوافرة في سنة ثمان وخمسين وثلاثمئة فاستولى على إقليم مصر وبنى القاهرة، وكان عالي الأمر، نافذ الكلمة، وكان بعد موت كافور قد انخرم النظام وأقيم في الملك أحمد بن علي بن الأخشيد وهو صغير. وكان ينوب عنه ابن عم والده الحسن بن عبيد الله بن طغج والوزير جعفر بن حنزابة فقلت الأموال على الجند، فكتب جماعة إلى المعز يطلبون منه عسكرا ليسلموا إليه مصر، فنفذ جوهرا في نحو مئة ألف فارس وأكثر، فنزل بتروجة فراسله أهل مصر في طلب الأمان وتقرير أملاكهم لهم، فأجابهم إلى ذلك وكتب العهد، فعلم الأخشيدية بذلك فتأهبوا للقتال فجاءتهم الكتب والعهود فاختلفت كلمتهم ثم أمروا عليهم ابن الشويزاني وتوجهوا للقتال نحو الجزيرة وحفظوا الجسور فوصل جوهر إلى الجزيرة ووقع بينهم القتال في حادي عشر شعبان. ثم سار جوهر إلى منية الصيادين وأخذ مخاضة شلقان ووصل إلى جوهرطائفة من العسكر في مراكب وحفظ أهل مصر البلد فقال جوهر للأمير جعفر بن فلاح لهذا اليوم خبأك المعز، فعبر عريانا بسراويل وهو في مركب ومعه الرجال خوضا، فوصلوا إليهم ووقع القتال بينهم فقتل خلق كثير من الأخشيذية وانهزم الباقون ثم أرسلوا يطلبون الأمان فأمنهم جوهر وحضر رسوله ومعه بند أبيض وطاف بالأمان ومنع من النهب وفتحت الأسواق ودخل جوهر من الغد في طبوله وبنوده وعليه ثوب ديباج مذهب.
ونزل موضع القاهرة اليوم واختطها وحفر أساس القصر لليلته وأرسل إلى مولاه المعز يبشره بالفتح وبعث إليه برؤوس القتلى وقطع خطبة بني العباس ولبس السواد، وألبس الخطباء البياض وأمرهم أن يقولوا في الخطبة: اللهم صلى على محمد المصطفى، وعلى علي المرتضى، وعلى فاطمة البتول، وعلى الحسن والحسين سبطي الرسول، وصلى الله على الأئمة آباء أمير المؤمنين المعز بالله. ثم في ربيع الآخر سنة تسع وخمسين أذنوا في مصر بحي على خير العمل، واشتهر ذلك وكتب إلى المعز يبشره بذلك، وفرغ من بناء جامع القاهرة في رمضان سنة إحدى وستين، والظاهر أنه الجامع الأزهر.
وكان جوهر حسن السيرة في الرعية، ولما مات رثاه جماعة من الشعراء. وتوفي سنة إحدى وثمانين وثلاثمئة. وكان عبيدي العقيدة.
ولما خرج المعز لوداعه من الغرب وقف جوهر بين يدي المعز متكئا على قوسه يحدثه زمانا طويلا، ثم قال لأولاده: انزلوا لوداعه، فنزلوا عن خيولهم ونزل أهل الدولة ثم قبل جوهر يد المعز وحافر فرسه، فقال له: اركب، وسار بالعساكر، ولما رجع المعز إلى قصره أنفذ لجوهر ملبوسه وكل ما كان عليه وفرسه سوى خاتمه وسراويله. وكتب المعز إلى عبده أفلح صاحب برقة أن يترجل للقائه ويقبل يده عند لقائه فبذل أفلح مئة ألف دينار على أن يعفى من ذلك فلم يعفه وفعل ما أمر به.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 11- ص: 0
جوهر الأمير الكبير، قائد الجيوش، أبو الحسن جوهر الرومي المعزي، من نجباء الموالي.
قدم من جهة مولاه المعز في جيش عظيم في سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة، فاستولى على إقليم مصر، وأكثر الشام، واختط القاهرة، وبنى بها دار الملك، وكان عالي الهمة، نافذ الأمر، وتهيأ له أخذ البلاد بمكاتبة من أمراء مصر، قلت عليهم الأموال، ولما وصلت كتائب العبيدية، وكانوا نحوا من مائة ألف، بعث إلى جوهر وجوه المصريين يطلبون الأمان، وتقرير أملاكهم، فأجابهم، وكتب بذلك عهدا، واختلفت كلمة الإخشذية، ووقع حرب يسير. وقيل: بل قتل خلق من الإخشيذية وانهزم الباقون، ثم نفذوا يطلبون أمانا فأمنهم جوهر، ومنع جيشه من نهب الرعية، وفتحت أسواق مصر، ثم دخل في هيئة الملوك وعليه قباء ديباج، فحفر لليلته أساس قصر الخلافة، وبعث إلى المعز برءوس القتلى، وقطعت الخطبة العباسية، وألبس الخطباء البياض، وأذنوا بحي على خير العمل.
وكان جوهر هذا حسن السيرة في الرعايا، عاقلا أديبا، شجاعا مهيبا، لكنه على نحلة بني عبيد التي ظاهرها الرفض، وباطنها الانحلال، وعموم جيوشهم بربر، وأهل زعارة وشر لا سيما من تزندق منهم، فكانوا في معنى الكفرة، فيا ما ذاق المسلمون منهم من القتل والنهب وسبي الحريم، ولا سيما في أوائل دولتهم، حتى إن أهل صور قاموا عليهم، وقتلوا فيهم فهربوا، حتى إن أهل صور استنجدوا بنصارى الروم فجاءوا في المراكب، وكان أهل صور قد لحقهم من المغاربة من الظلم والجور وأخذ الحريم من الحمامات والطرق أمر كبير.
وقد خرج على جوهر هفتكين التركي، فالتقاه، فانهزم جوهر وتحصن بعسقلان، فحاصره سبعة عشر شهرا، ثم طلب الأمان فأمنه، فذهب إلى مصر، ودخل وبين يديه من أحمال المال ألف ومئتا صندوق.
ولقد كان المعز في زمانه أعظم بكثير من خلفاء بني العباس.
مات في سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 425