الأسفراييني إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، أبو اسحاق:عالم بالفقه و الاصول. كان يلقب بركن الدين، قال ابن تغرى بردى: وهو اول من لقب من الفقهاء. نشأ في أسفرايين (بين نيسابور و جرجان) ثم خرج إلى نيسابور و بنيت له فيها مدرسة عظيمة فدرس فيها، ورحل إلى خراسان وبعض انحاء العراق، فاشتهر له كتاب ’’الجامع’’ في اصول الدين، خمس مجلدات، و (رسالة) في اصول الفقه. وكان ثقة في رواية الحديث. وله مناظرات مع المعتزلة زمات في نيسابور، ودفن في اسفرايين.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 61
أبو إسحاق الإسفراييني الإمام العلامة الأوحد، الأستاذ، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، الإسفراييني الأصولي الشافعي، الملقب ركن الدين. أحد المجتهدين في عصره، وصاحب المصنفات الباهرة.
ارتحل في الحديث، وسمع من: دعلج السجزي، وعبد الخالق بن أبي روبا، وأبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي، ومحمد بن يزداد بن مسعود، وأبي بكر الإسماعيلي، وعدة، وأملى مجالس وقع لي منها.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو الطيب الطبري، وتخرج به في المناظرة، وأبو السنابل هبة الله بن أبي الصهباء، وطائفة.
ومن تصانيفه كتاب جامع الخلي في أصول الدين والرد على الملحدين، في خمس مجلدات.
وبنيت له بنيسابور مدرسة مشهورة. توفي بنيسابور يوم عاشوراء من سنة ثماني عشرة وأربع مائة.
قال الشيخ أبو إسحاق في الطبقات: درس عليه شيخنا أبو الطيب، وعنه أخذ الكلام والأصول عامة شيوخ نيسابور.
وقال غيره: نقل تابوته إلى إسفرايين، ودفن هناك بمشهده.
قال عبد الغافر في ’’تاريخه’’: كان أبو إسحاق طراز ناحية المشرق، فضلا عن نيسابور، ومن المجتهدين في العبادة، المبالغين في الورع، انتخب عليه الحاكم عشرة أجزاء، وذكره في تاريخه لجلالته، وانتقى له الحافظ أحمد بن علي الرازي ألف حديث، وعقد مجلس الإملاء، وكان ثقة ثبتا في الحديث.
وقال الحافظ ابن عساكر: حكى لي من أثق به: أن الصاحب إسماعيل ابن عباد كان إذا انتهى إلى ذكر هؤلاء، يقول: ابن الباقلاني بحر مغرق، وابن فورك صل مطرق، والإسفراييني نار تحرق.
قال الحاكم في ’’تاريخه’’: أبو إسحاق الأصولي الفقيه المتكلم، المتقدم في هذه العلوم، انصرف من العراق وقد أقر له العلماء بالتقدم. إلى أن قال: وبني له بنيسابور المدرسة التي لم يبن بنيسابور مثلها قبلها، فدرس فيها.
ومن كلام هذا الأستاذ قال: القول بأن كل مجتهد مصيب أوله سفسطة وآخره زندقة. فقال أبو القاسم الفقيه: كان شيخنا الأستاذ إذا تكلم في هذه المسألة، قيل: القلم عنه مرفوع حينئذ يعني أبا إسحاق لأنه كان يشتم ويصول، ويفعل أشياء.
وحكى أبو القاسم القشيري عنه أنه كان ينكر كرامات الأولياء ولا يجوزها، وهذه زلة كبيرة.
ومات معه في سنة ثماني عشرة أبو علي أحمد بن إبراهيم بن يزداد الأصبهاني غلام محسن، والوزير العلامة أبو القاسم الحسين بن علي بن المغربي بميافارقين. وقد قتل الحاكم أباه وعمه وإخوته. وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد النيسابوري السراج صاحب الأصم، والمحدث أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني الناسخ، والفقيه محمد بن زهير النسائي الشافعي الخطيب -سمع الأصم- وأبو الحسن محمد بن محمد بن أحمد الروز بهان البغدادي الراوي عن الستوري، وشيخ الصوفية معمر بن أحمد بن محمد بن زياد الأصبهاني، ومكي بن محمد بن الغمر الدمشقي مستملي الميانجي، والحافظ هبة الله بن الحسن اللالكائي.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 13- ص: 101
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني أحد أئمة الدين كلاما وأصولا وفروعا
جمع أشتات العلوم
واتفقت الأئمة على تبجيله وتعظيمه وجمعه شرائط الإمامة
قال الحاكم انصرف من العراق بعد المقام بها وقد أقر له أهل العلم بالعراق وخراسان بالتقدم والفضل فاختار الوطن إلى أن خرج بعد الجهد إلى نيسابور وبنى له المدرسة التي لم يبن قبلها بنيسابور مثلها ودرس فيها وحدث
سمع بخراسان الشيخ أبا بكر الإسماعيلي
وبالعراق أبا بكر محمد بن عبد الله الشافعي ودعلج بن أحمد وأقرانهما
روى عنه أبو بكر البيهقي وأبو القاسم القشيري وأبو السنابل هبة الله بن أبي الصهباء ومحمد بن الحسن البالوي وجماعة
قيل وكان يلقب ركن الدين
وله التصانيف الفائقة منها كتاب الجامع في أصول الدين والرد على الملحدين ومسائل الدور وتعليقة في أصول الفقه وغير ذلك
قال عبد الغافر كان أبو إسحاق طراز ناحية المشرق فضلا عن نيسابور ونواحيها ثم كان من المجتهدين في العبادة المبالغين في الورع انتخب عليه أبو عبد الله الحاكم عشرة أجزاء
وذكره في تاريخه لجلالته
قال وكان ثقة ثبتا في الحديث
وقال الحافظ ابن عساكر حكى لي من أثق به أن الصاحب بن عباد كان إذا انتهى إلى ذكر ابن الباقلاني وابن فورك والإسفرايني وكانوا متعاصرين من أصحاب أبي الحسن الأشعري قال لأصحابه ابن الباقلاني بحر مغرق وابن فورك صل مطرق
والإسفرايني نار تحرق
وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي درس عليه شيخنا القاضي أبو الطيب وعنه أخذ الكلام والأصول عامة شيوخ نيسابور
وقال أبو صالح المؤذن سمعت أبا حازم العبدوي يقول كان الأستاذ يقول لي بعد ما رجع من أسفراين أشتهي أن يكون موتى بنيسابور حتى يصلي على جميع أهل
نيسابور فتوفي بعد هذا الكلام بنحو من خمسة أشهر يوم عاشوراء سنة ثمان عشرة وأربعمائة
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز قراءة عليه وأنا أسمع قال أنبأنا الشيخان أبو بكر محمد ورقية ابنا إسماعيل الأنماطي حضورا وغيرهما قالوا حدثنا أبو بكر بن أبي سعد الصفار كتابة أنبأنا أبو منصور عبد الخالق بن زاهر الشحامي سماعا أنبأنا الشيخ أبو إبراهيم محمد بن الحسن بن محمد ابن أحمد بن محمد البالوي أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الإسفرايني أنبأنا أبو محمد دعلج ابن أحمد السجزي ببغداد حدثنا علي بن عبد العزيز المكي حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن ابن كعب بن مالك عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع يميلها الرياح مرة هكذا ومرة هكذا ومثل المنافق كمثل الأرزة المجذية على الأرض حتى يكون انجعافها
أخبرنا الحافظ أبو العباس بن المظفر بقراءتي عليه أخبرنا أحمد بن هبة الله الدمشقي عن أبي بكر القاسم بن أبي سعد عبد الله بن عمر الصفار وأبي المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد عبد الكريم بن السمعاني قالا أنبأتنا عائشة ابنة أبي نصر أحمد بن منصور بن الصفار قراءة عليها ونحن نسمع قالت أنبأنا الشريف أبو السنابل هبة الله ابن أبي الصهباء محمد بن حيدر القرشي قراءة عليه وأنا أسمع حدثنا الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم المهرجاني الإسفرايني إملاء في مسجد عقيل
بعد صلاة العصر يوم الخميس في المحرم سنة إحدى عشرة وأربعمائة وهو أول إملاء عقد له أخبرنا الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي حدثنا محمد بن عثمان ابن أبي شيبة حدثنا أحمد بن طارق حدثنا مسلم بن خالد حدثنا زياد بن سعد عن محمد بن المنكدر عن صفوان بن سليم عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بعثت على أثر ثمانية آلاف نبي منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل
ذكر نخب وفوائد عنه
تكلم الأستاذ الإسفرايني في كتاب الحلي في أصول الدين على قول الشافعي رضي الله عنه الإيمان لا يشركه الشرك والشرك يشركه الشرك بما حاصله أن الإيمان لو قارنه اعتقاد قدم العالم أو نحوه من الكفران ارتفع بجملته والكفر كالتثليث مثلا لو قارنه اعتقاد خروج الشيطان على الرحمن ومغالبته كما يقول المجوس لم يرتفع شركه بالنصرانية بل ازداد شركا بالمجوسية
وأطال في ذلك
قلت فيؤخذ منه أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص وأن الكفر يزيد وينقص فتأمل ذلك
ومن المسائل الحديثية التي سألها الحافظ أبو سعد عبد الرحمن بن الحسن ابن عليك النيسابوري من الأستاذ أبي إسحاق إذا روى عن الشيخ الأحاديث الطوال وقال فيه وذكر الحديث بطوله ثم أحب هذا أن يروي الحديث بطوله ولا يختصر هل له ذلك أجاب الأستاذ أن ذلك لا يجوز
قلت وهذا الذي أراه وقد قدمته في الطبقة الثانية في ترجمة داود الظاهري وذكرت ما فيه عن أبي بكر الإسماعيلي وأبي علي الزجاجي
وفيها أنه لا يرجح الذكورة عن الأنوثة في الرواية بل هما سواء
وأنه إذا سقط من الأسناد رجل يعلم أنه غلط من الكاتب لم يجز أن يثبت اسم ذلك الرجل وقال الأستاذ ومن فعله سقط في جميع أحاديثه
وأنه إذا قلب الأسناد والمتن على حاله فجعل بدل شعبة سعيدا وما أشبهه يريد أن يجعل الحديث مرغوبا فيه غريبا يصير دجالا كذابا تسقط به جميع أحاديثه وإن رواها على وجهها
نقل الرافعي عن الأستاذ أبي إسحاق أن الأم تعتق إذا أعتق حملها مالكها كما يعتق هو بعتقها وهذا مشكل فإنه لا تتخيل فيه السراية فإن السراية في الأشقاص لا في الأشخاص والحمل إنما يتبع الأم إذا أعتقها مالكها لأن الحمل تابع للأم لا للسراية لما ذكرناه وكيف تتبع الأم الحمل والتابع كيف ينقلب متبوعا
مناظرة بين الأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني والقاضي عبد الجبار المعتزلي
قال عبد الجبار في ابتداء جلوسه للمناظرة سبحان من تنزه عن الفحشاء
فقال الأستاذ مجيبا سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء
فقال عبد الجبار أفيشاء ربنا أن يعصى
فقال الأستاذ أيعصى ربنا قهرا
فقال عبد الجبار أفرأيت إن منعني الهدى وقضى علي بالردى أحسن إلي أم أسا فقال الأستاذ إن كان منعك ما هو لك فقد أسا وإن منعك ما هو له فيختص برحمته من يشا
فانقطع عبد الجبار
دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 4- ص: 256
ذكره الحاكم أبو عبد الله في ’’تاريخه’’ فقال: الفقيه، الأصولي، المتكلم، المقدم في هذه العلوم، أبو إسحاق الإسفراييني الزاهد، انصرف من العراق بعد المقام بها، وقد أقر له أهل العلم بالعراق وخراسان بالتقدم والفضل، واجتاز الوطن إلى أن جر بعد الجهد إلى نيسابور، وبني له المدرسة التي لم يبن بنيسابور قبلها مثلها، ودرس فيها، وحدث.
سمع بنيسابور الشيخ أبا بكر الإسماعيلي وأقرانه
وبالعراق: أبا بكر الشافعي، ودعلج بن أحمد السجزي، وأقرانهما.
وقال أبو بكر السمعاني: حدث عنه المتقدمون من العلماء.
وذكره الإمام أبو بكر محمد بن منصور المروزي فقال: الأستاذ، الإمام، الفقيه على مذهب الشافعي، المتكلم على مذهب الأشعري، أقام بنيسابور مدة يدرس ويعلم، ثم رجع إلى إسفرايين، وتوفي بها سنة ثماني عشرة وأربع مئة.
وليس كما قال، بل توفي بنيسابور، وحمل إلى إسفرايين، كذلك ذكره الحافظ أبو صالح المؤذن.
وكان الأستاذ أبو إسحاق رحمه الله نصارا لطريقة الفقهاء في أصول الفقه، ومضطلعا بتأييد مذهب الشافعي فيها في مسائل منها أشكلت على كثير من شافعية المتكلمين حتى جبنوا عن موافقته فيها، كمسألة نسخ القرآن بالسنة، ومسألة أن المصيب واحد حتى كان يقول: القول بأن كل مجتهد مصيب؛ أوله سفسطة، وآخره زندقة، ولم يكن يصحح الحكاية عن الشافعي رضي الله عنه في أن ذلك قول له.
وقرأت بخط أبي سريج - بالجيم - الشاشي أنه سمع الشيخ أبا القاسم - وهو عندي أبو القاسم عبد الجبار بن علي صاحب الأستاذ أبي إسحاق - قال: كان الأستاذ إذا تكلم في هذه المسألة قيل: العلم عنه مرفوع في ذلك الوقت، لأنه كان يشتم ويصول ويفعل أشياء.
وبخط هذا المعلق أنه سمع من يخبر أن الأستاذ كان يقول: أنا أحتاج إلى من هو أعلم مني حتى يمكنني أن ألقي عليه شيئا بالطبع.
قال الشيخ رحمه الله: قوله: بالطبع، أي: بنشاط وانشراح، كذا رأيتهم بخراسان يستعملون هذه اللفظة.
ومما تفرد به الأستاذ أبو إسحاق عن أصحابنا أنه كان لا يجوز الكرامات، حكى عنه الأستاذ أبو القاسم القشيري وغيره.
وهي زلة كبيرة.
دار البشائر الإسلامية - بيروت-ط 1( 1992) , ج: 1- ص: 312
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، أبو إسحاق الإسفرايني، الأصولي، المتكلم، الشافعي، أحد الأعلام وصاحب التصانيف.
روى عن دعلج وطبقته، وأملى مجالس، وكان شيخ خراسان في زمنه.
توفي يوم عاشوراء سنة ثمان عشرة وأربعمائة، وقد نيف على الثمانين.
مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة صنعاء، اليمن-ط 1( 2011) , ج: 2- ص: 1
والعلامة أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الإسفرائني الأصولي
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 123
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، أبو إسحاق، الأستاذ، الإسفراييني المهرجاني، ركن الدين، الفقيه الشافعي.
حدث عن: أبي بكر الإسماعيلي، وأبي بكر الشافعي، ودعلج بن أحمد، وغيرهم.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو بكر البيهقي - وأكثر عنه - وأبو القاسم القشيري، وأبو السائب هبة الله بن أبي الصهباء - وذكر أنه حدثه إملاء في مسجد عقيل، بعد صلاة العصر، يوم الخميس في المحرم سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وهو أول إملاء عقد له، وغيرهم.
قال الحاكم في ’’تاريخه’’: الفقيه، الأصولي، المتكلم، المقدم في هذه العلوم، الزاهد، انصرف من العراق بعد المقام بها، وقد أقر له أهل العلم بالعراق وخراسان بالتقدم والفضل، واجتاز الوطن إلى أن جر بعد الجهد إلى نيسابور، وبني له المدرسة التي لم يبن بنيسابور قبلها مثلها، ودرس فيها وحدث. قال أبو إسحاق الشيرازي: كان فقيهاً متكلماً أصولياً وعليه درس شيخنا القاضي أبو الطيب أصول الفقه بإسفراين، وعنه أخذ الكلام والأصول عامة شيوخ نيسابور. وقال أبو بكر المروزي: الأستاذ الإمام، الفقيه على مذهب الشافعي، المتكلم على مذهب الأشعري، أقام بنيسابور مدة يدرس ويعلم، ثم رجع إلى إسفرايين. وقال عبد الغفار الفارسي: أحد من بلغ حد الاجتهاد، لتبحره في العلوم، واستجماعه شرائط الإمامة من العربية والفقه والكلام والأصول ومعرفة الكتاب والسنة، رحل إلى العراق في طلب العلم، وحصل ما لم يحصل غيره، وأخذ في التدريس والتصنيف والإفادة، وكان ذا فنون، بالغاً في كل فن درجة الإمامة، وكان طراز ناحية المشرق، فضلاً عن نيسابور ونواحيها، ثم كان من المجتهدين في العبادة، المبالغين في الورع والتحرج، انتخب عليه أبو عبد الله الحاكم عشرة أجزاء، وذكره في ’’تاريخه’’ لعلو منزلته، وكمال فضله، وعقد له مجلس الإملاء بنيسابور، وحضر له الحفاظ والمشايخ في الصدور، وأهل العلم، وأملى سنين؛ أعصار الخميس مدة، وأعصار الجمعة مدة، وكان ثقة ثبتاً في الحديث، وحكى لي من أثق به أن الصاحب ابن عباد كان إذا انتهى إلى ذكر ابن الباقلاني، وابن فورك، والإسفراييني، قال لأصحابه: ابن الباقلاني بحر مغرق، وابن فورك صلٌ مطرق، والإسفراييني نار تحرق. وقال ابن الصلاح: كان نصاراً لطريقة الفقهاء في أصول الفقه، ومضطلعاً بتأييد مذهب الشافعي فيها في مسائل منها أشكلت على كثير من شافعية المتكلمين حتى جبنوا عن موافقته فيها. وقال الذهبي: الإمام العلامة الأوحد، أحد المجتهدين في عصره، وصاحب التصانيف الباهرة. وقال ابن السبكي: أحد أئمة الدين؛ كلاماً، وأصولاً، وفروعاً، جمع أشتات العلوم، واتفقت الأئمة على تبجليه وتعظيمه وجمعه شرائط الإمامة.
وكان يقول - رحمه الله -: أنا أحتاج إلى من هو أعلم مني حتى يمكنني أن ألقي عليه شيئاً بالطبع - أي بنشاط وانشراح -. وقال ابن عساكر: وفوائد هذا الإمام وفضائله وأحاديثه وتصانيفه أكثر وأشهر من أن تستوعب في مجلدات، فضلاً عن أطباق وأوراق.
مات بنيسابور - وقيل: باسفرايين، وهو بعيد - يوم عاشوراء سنة ثماني عشرة وأربعمائة، وكان يوماً مطيراً، وصلى عليه الإمام الموفق، وحمل إلى مقبرة الحيرة، ودفن بها، ثم نقل بعد ثلاث، وصلي عليه في ميدان الحسين، وحمل إلى إسفرايين، ودفن هناك في مشهدة.
قلت: [ثقة مكثر، مجتهد في العبادة، واعظ على ستر وصيانة].
’’مختصر تاريخ نيسابور’’ (40/ ب)، ’’طبقات الشيرازي’’ ص (134)، ’’المنتخب من السياق’’ برقم (269)، ’’الإنساب’’ (1/ 149)، ’’تبيين كذب المفتري’’ ص (243)، ’’طبقات ابن الصلاح’’ (1/ 312)، ’’تهذيب الأسماء واللغات’’ (1/ 660)، ’’وفيات الأعيان’’ (1/ 28)، ’’المختصر في أخبار البشر’’ (1/ 156)، ’’النبلاء’’ (17/ 353)، ’’تاريخ الإسلام’’ (28/ 436)، ’’العبر’’ (2/ 234)، ’’الإشارة’’ (210)، ’’الإعلام’’ (1/ 282)، ’’دول الإسلام’’ (1/ 249)، ’’المعين في طبقات المحدثين’’ (1372)، ’’طبقات الشافعية’’ لابن السبكي (4/ 256)، ولابن كثير (1/ 367)، ’’البداية’’ (15/ 619)، ’’طبقات الأسنوي’’ (1/ 40)، ’’العقد المذهب’’ (167)، ’’طبقات ابن قاضي شهبة’’ (1/ 170)، ’’النجوم الزاهرة’’ (4/ 267)، ’’طبقات ابن هداية’’ (135)، ’’الشذرات’’ (5/ 90)، وغيرها من المصادر الكثير.
دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية-ط 1( 2011) , ج: 1- ص: 1
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني
المتكلم الأصولى، يقال إنه بلغ رتبة الاجتهاد. صاحب التصانيف في أصول الفقه والدين، عقد له مجلس الإملاء، وترجم له الحاكم ومات قبله، توفي سنة ثمان عشرة وأربعمائة نقل عنه أبو القاسم القشيري: أنه كان ينكر كرامات الأولياء. ومن مفرداته: أنَّ الصائم لو ظنَّ غروبَ الشمس باجتهاده لم يجز له الإفطار حتى يتيقق ذلك. وعنه إنكار النحاة في اللغة قال إمام الحرمين: في مختصر التقريب والإرشاد: والظن إنه لا يصح عنه، واختار أنه لا صغيرة في الذنوب، وأنَّ الأنبياء لا يصدر عنهم ذنب مطلقا وأنه يمتنع عنهم النسيان. وأفتى بأنه لا يجوز الكتابة وقت السماع، ولا يحل السماع ممن نسب إلى فسق
واختلاط بالسلطان، ولا الاحتجاج به إلَّا لغرض التعريف به، وأنه إذا سمع كتابا وكتبه ولم يعارضه فله الرواية منه وإن لم يعارضه، وأنه لا يجوز رواية الحديث بالمعنى، وإذا سقط من الإسناد رجل يعلم أنه غلط من الكاتب فلا يجوز أن يكتب فيه اسم ذلك الرجل، ومن فعل ذلك سقط في جميع أحاديثه، وكان يقول: القول بأنَّ كلَّ مجتهد مصيب أوله سقطة وآخره زندقة.
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1