التصنيفات

السيد أبو الحسن موسى بن حيدر ابن أحمد أحد أجداد المؤلف لأبيه
(نسبه الشريف)
ينتهي نسبه إلى الإمام السبط الحسين الشهيد ولكنه يعبر عن نفسه في بعض مؤلفاته بالحسيني الحسني فالظاهر أن انتسابه إلى الإمام الحسن السبط عليه السلام من طرف الأمهات كما وقع لصاحب مفتاح الكرامة وصف نفسه بالحسيني الحسني الموسوي.
(مولده ووفاته)
ولد بقرية شقرا سنة 1138 وتوفي بها ليلة الأحد 16 المحرم سنة 1194 فيكون عمره نحوا من ست وخمسين سنة.
وأرخ بعضهم عام وفاته بقوله (بكت الخلائق) وبعضهم بقوله:

ورثاه السيد صادق الفحام العراقي العالم الأديب المشهور بقصيدة أولها:
وفي الشطر الأول تاريخ وفاته وختم السيد صادق به القصيدة وجعله تاريخا وجميع هذه التواريخ متوافقة لأن الهمزة في الخلائق تكتب بياء والمدار في التاريخ على رسم الكتابة لا على النطق. ولما توفي حزن عليه ناصيف النصار حزنا شديدا وأمر ببناء قبة مشيدة على قبره ثم قتل ناصيف سنة 1195 في أثناء بنائها قبل أن تكمل فقطع العملة البناء وكانت قد قاربت التمام فلما بلغ ذلك الجزار أمر بنقل بعض ما أعد للبناء من رخام ونحوه إلى عكا وبقيت على حالها إلى هذا العصر فلما دفن فيها ابن عمنا السيد علي ابن السيد محمود بني ما بقي منه بقصد إكمالها ثم حالت الحواجز دون إكمالها.
(صفاته وجملة من أحواله)
كان عالما فاضلا جيد الخط جدا محققا مدققا فقيها محدثا متقنا رئيسا جليلا مطاعا عالي الشأن بعيد الهمة انتهت إليه الرياسة في البلاد العاملية دينا ودنيا وآثاره تدل على إتقانه في كل شيء بنى المساجد والمدارس ونشر العلم وتوافدت عليه الطلاب من كل حدب وصوب وكان يقيم صلاة الجمعة ويجتمع للصلاة خلفه كل يوم جمعة جميع أهل القرى المجاورة له وفيهم أمير البلاد الشيخ ناصيف بن نصار الشهير وكان في محل إقامته شقراء جامع صغير فبنى فيها جامعا كبيرا ليسع المجتمعين لصلاة الجمعة بناه في أحسن بقعة وله صحن محيط به من جوانبه وقد دفن أرضه بالتراب حتى صار عاليا عما يجاوره مشرفا وبنى له مأذنة لا تزيد عن حائطه حسب الاستحباب الشرعي ووقف له ما يقوم بإسراجه وعمارته وهو باق إلى اليوم وقال تلميذه الشيخ إبراهيم بن يحيى الطيبي مؤرخا عام بنائه:
سنة 1182.
ولآخر في تاريخ بنائه أيضا:
سنة 1181.
وهو ينقص سنة عن التاريخ الأول كما ترى ولعل ناظم الأول لم يحسب ألف اتقوا والمعروف أنه محسوبة وأن العبرة بما يكتب لا بما يلفظ.
(مدرسته وطلابها)
بنى في قرية شقرا في أنزه بقعة منها قريبا من داره الجميلة الباقية آثارها لليوم مدرسة فسيحة تحتوي على نحو من ثلاثين حجرة باقية لليوم تحيط بها الحجر من جميع جوانبها عدا الجهة الشمالية التي تطل على البرية وحفر في وسطها بئرا يكفي ماؤه الطلاب مهما بلغوا ووقف لها وقفا في وادي الحجير باق لليوم ونقل أنه كان يوجد في مدرسته نحو من ثلثمائة طالب ويحضر حلقة درسه منهم نحو من مائتين.
(بعض تلامذته المعروفين)
من تلامذته السيد جواد صاحب مفتاح الكرامة ومنهم ولده السيد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى ومنهم الشيخ إبراهيم بن يحيى وهؤلاء سافروا بعد وفاته إلى العراق ومنهم السيد نصر الله الحسني العينائي من آل فضل الله ومنهم الشيخ نصر الله حدرج وغيرهم.
(مؤلفاته)
له (1) تعليقات بخطه الجميل على هامش نسخة من شرح ألفية ابن مالك لابن الناظم أفردتها في جزء لطيف (2) كتاب في النحو ويظهر من قصيدة الشيخ نصر الله حدرج الآتية أنه يسمى الوسيلة (3) رسالة في المنطق رأيتها ويظهر من القصيدة المشار إليه أنها تسمى الوافي ويمكن كونه اسما لمؤلف في الصرف فتأمل في بيت القصيدة (4) مؤلفه في التوحيد وهو الذي رد عليه الشيخ عبد الحليم الشويكي ففي سلك الدرر أن الشويكي ألف رسالة في الكلام رد بها على معاصره الشيخ أبي الحسن العاملي الرافضي في تأليف له أودعه بعض الدسائس الرافضية ’’اه’’.
(ما ذكره السبيتي)
قال الشيخ علي السبيتي فيما يحكى عن كتابه الجوهر المجرد في شرح قصيدة علي بك الأسعد: من قرى جبل عاملة شقراء نبغ فيها آل قشاقش أولهم السيد أبو الحسن ابن السيد حيدر أتى أبوه من العراق وسكن مجدل سلم ثم هاجر ولده إلى شقراء وسكن بها وانقطع إلى الدرس والتدريس ولازم العلم مدة عمره فوفد عليه الطالبون للعلم من سائر الأقطار وكثرت تلامذته حتى بلغت ثلاثمائة رجل وتخرج على يده عالم كثير لكن لم يمهر منهم سوى ابن أخيه السيد جواد الحافظ صاحب مفتاح الكرامة في الفقه والسيد حسين ابن أخيه الثاني والشيخ إبراهيم بن يحيى الشاعر فهؤلاء الثلاثة تصدروا في العلم حتى فضلهم من رآهم على أستاذهم والثلاثة هاجروا إلى العراق بعد وفاة السيد أبي الحسن وقرأوا على بحر العلوم السيد مهدي الطباطبائي ومهر كل منهم في فن أما السيد جواد فمهر في الأخبار والأحاديث والفقه (وأما السيد حسين) فكان أصوليا محققا (وأما الشيخ إبراهيم) فأمره في الشعر وكثرة النظم أشهر من أن يذكر وصنف السيد أبو الحسن في النحو والمنطق وكان ناصيف النصار له ميل عظيم والتفات كبير إليه وعمر له المسجد الكبير في شقراء وكان السيد يميل إلى طريقة الإخبارية ’’اه’’ (يقول المؤلف) أن أول من هاجر إلى شقراء هو والد السيد أبي الحسن السيد حيدر المتوفى سنة 1158 والمدفون بشقراء أو جده السيد أحمد، والسيد حسين الذي كان أصوليا محققا هو ابن السيد أبي الحسن لصلبه لا ابن أخيه.
(مدائحه ومراثيه)
قال تلميذه الشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي الطيبي الشاعر المشهور يمدحه:
وقال يمدحه أيضا وذكر في مقدمتها ما مثاله نقلا عن خط يده:
الحمد لله الذي شعرت بعظمته قلوب العارفين وغرقت في بحار نعمته أفئدة العالمين وصلى الله على محمد وعترته الطاهرين ما نظم عقود الشعر ناظم أو رقم برود الشكر والمدح راقم (وبعد) فلما ثبت عند أولي الألباب الواردين حياض السنة والكتاب أن شكر المنعم واجب لا جرم رأيت مدح مولانا الشريف ضربة لازب فإني غرس نعمته وربيب جود راحته وهو الذي طوقني الفضل وقد كنت عاطلا وقلدني قلائد العلم وقد كنت جاهلا وهو الأستاذ الجليل الأعظم محيي الفرائض والسنن سيدنا ومولانا السيد أبو الحسن رضي الله عنه، فبادرت على اسم الله مناظرا في ذلك الفذ اللبيب الماهر الشيخ أحمد الشاعر (المعروف بالنحوي) في لاميته التي امتدح بها السيد السند المؤيد بألطاف الله المرحوم المبرور السيد نصر الله (المعروف بالحائري) طيب الله ثراه ورضي عنه وأرضا فقلت:
ووجدت في بعض المجاميع ما مثاله مع بعض اختصار وإصلاح:
حكى عبد الله بن مسلم قال: إني منذ أميطت عني التمائم وطلع نوري من أوعية الكمائم. طفقت أجول في مهامه الغبرا وأنتقل من بلد لأخرى:
إلا أنني لم أشهد ناديا ولم أقطع واديا إلا في اكتساب الفضل والأدب ومعي أصحاب ونحن ننقب عن الفضل وأهله. فقال لنا قائل أين أنتم من بدر سماء الفضل والمعارف من امتد في البلاغة باعه وشق على من رام أن يشق غباره اتباعه. ذو الصفات التي ما تحدثت بها نفس إلا صدها العجز وثناها وقال لها لسان الحال من المحال حصر ما لا يتناهى. من تحج إليه قلوب الأفاضل على نجائب الأشواق وتطوف به أرواح الأماثل من سائر الآفاق الذي رقى من المكارم ذراها وتمسك من المحامد بأوثق عراها. ابن الفضل وأبوه المذعن بفضله أعداؤه ومحبوه. الذي شاد مدارس العلم بعد دروسها وأقام أعلام الدين بعد طموسها. فخر العلماء الراسخين وأعلم العلماء المتبحرين الحاوي فضائل المتقدمين والمتأخرين علامة الزمن المطوق أعناق الأنام بالمنن الأمين المؤتمن سيدنا ومولانا السيد أبو الحسن. فقلنا وأين هو قال ببلدة شقرا التي تتلو عليك السنة مكارمها إنك لا تجوع فيها ولا تعرى. فأرقنا كاسات الكرى وحثثنا نجائب السرى يساورنا الوجوم وتسامرنا النجوم. فلما قربنا منها أرسلت رائدي فقال أبشر لقد نزلتم على بحر زاخر وعريف ماهر. فأقمنا مدة نتفيأ ظلال أفيائه وعن لي أن آتى بأثقالي إليه واقرأ مدة عمري عليه فثنيت عنان السفر ثانيا وجئت بأهلي وثقلي فلما وصلت سألت أحد تلامذته عنه فتنفس الصعداء مرارا وأرسل مع الدمع صوبا مدرارا وقال قد فارق الأحبة ولقي ربه فعرتني الأحزان والهموم وقمت إلى المدارس مغموما وأنشدت قول الشاعر:
فقال لي طب نفسا فإن نجله الأمين قد تأدب بآدابه الصالحة حتى قيل ما أشبه الليلة بالبارحة فقلت وإن اقتدى بفعله فهيهات أن يأتي الزمان بمثله ثم قمت إليه وعولت في أموري بعد الله عليه ورثيت أباه بهذه القصيدة:
وقال تلميذه الشاعر المشهور الشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي الطيبي يرثيه بهذه القصيدة ويعزي ولديه السيد محمد الأمين والسيد حسين:

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 182