الصابئ إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون الحراني، أبو اسحاق الصابئ: نابغة كتاب جيله. من اسلافه يعرفون بصناعة الطب، ومال هو إلى الادب، فتقلد دواوين الرسائل والمظالم والمعاون تقليدا سلطانيا في ايام المطيع لله العباسي ثم قلده معز الدولة الديلمي ديوان رسائله سنة 349هـ ، فخدمه وخدم بعده ابنه عز الدولة (بختيار) فكانت تصدر عنه مكاتبات إلى عضد الدولة (ابن عم بختيار) بما يؤلمه فحقد عليه، ولما قتل عز الدولة وملك عضد الدولة بغداد قبض على الصابئ سنة 367 هـ ، وسجنه وامر بأخذ امواله. ولما ولى صمام الدولة (ابن عضد الدولة) اطلقه (سنة 371 هـ) وكان صلبا في دين الصابئة، عرض عليه عز الدولة الوزارة ان اسلم، فأمتنع وكان يحفظ القرآن ويشارك المسلمين في صوم رمضان. واحبه الصاحب ابن عباد فكان يتعصب له ويتعهده بالمنح على بعد الدار. واختلف في التفضيل بين الصاحب والصابئ ايهما احسن انشاءا وقد نشر الامير شكيب ارسلان (رسائل الصابئ - ط) وعلق حواشي نافعة وولصابئ كتاب (التاجي) في أخبار بني بويه، الفه في السجن وكتاب (أخبار أهله) و (ديوان شعر).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 78

الصابئ إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون بن حبون أبو إسحاق الصابئ المشرك الحراني صاحب الرسائل المشهورة، كتب الإنشاء لعز الدولة بختيار ابن بويه وكان متشددا في دينه حرص عليه عز الدولة أن يسلم فلم يفعل، وقيل بذل له ألفا دينار على أن يأكل الفول فلم يفعل، قلت: الصابئون يحرمون الفول والحمام أما الفول فأظنه لما قيل عنه أنه يبلد والحمام يقال إن في دماغه رطوبات فضلية، وكان الصابئ يصوم رمضان ويحفظ القرآن ويستعمله في رسائله وله النظم الرائق، وكان يصدر عنه مكاتبات لعضد الدولة مما يؤلمه فلما تملك سجنه وعزم على قتله فشفع فيه فأطلقه وأمره أن يصنع له كتابا في أخبار الدولة البويهية فعمل كتاب التاجي لعضد الدولة، فيقال إن صديقا دخل عليه فوجده في شغل شاغل من التعاليق والتسويد فسأله عن ذلك فقال: أباطيل أنمقها وأكاذيب ألفقها، فبلغت عضد الدولة فهاجت ساكن غضبه ولم يزل مبعدا حتى توفي سنة أربع وثمانين وثلاث مائة وقيل الثمانين ببغداذ ودفن بالشونيزية، ورثاه الشريف الرضي بقصيدته المشهورة التي أولها:

ومنها:
وهي طويلة فوق الثمانين، وقد عتب على الشريف الرضي كونه رثاه بمثل ذلك فقال: إنما رثيت فضله لا دينه، ويقال: إنه أنشدها يوما فقال أولها: أرأيت من حملوا على الأعواد، فقال بعض الحاضرين: كلب بن كلب، ويقال إنه لما زار قبره نزل عن مركوبه أول ما وقع عليه، وبينه وبين الصابئ مراجعات ومكاتبات وكان الصابئ كبير القدر في أيام مخدومه وله محل كبير في الصدور، وكان الصاحب ابن عباد يقول: ما بقي لي أمل إلا أنني أداخل العراق وأستكتب أبا إسحاق الصابئ، وهذا دليل على عظمة الصابئ، من شعره:
ومنه أيضا:
ومنه أيضا:
ومنه أيضا:
ومنه وقد عبت على بعض ولده:
ومنه يلتمس بعض الرؤساء إشغال ولده:
ومنه يهنئ عضد الدولة بالأضحى:
ومنه يهجو:
ومنه:
أخذه الرفاء فقال:
وقال الصابئ أيضا في غلامه يمن وكان أسود:
ومنه:
ولد الصابئ سنة نيف وعشرين وثلاث مائة وهو كبير بيته، وأهل بيته جماعة فضلاء نبلاء يأتي ذكر كل واحد منهم في مكانه.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 6- ص: 0

إبراهيم بن هلال بن زهرون أبو إسحاق الحراني

أوحد الدنيا في إنشاء الرسائل والاشتمال على جهات الفضائل، مات يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وثمانين وثلاثمائة عن إحدى وسبعين سنة، ومولده في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، كذا ذكره حفيده أبو الحسين هلال بن المحسن بن إبراهيم في تاريخه. وكان قد خدم الخلفاء والأمراء من بني بويه والوزراء، وتقلد أعمالا جليلة، ومدحه الشعراء، وعرض عليه عز الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه الوزارة إن أسلم فامتنع، وكان حسن العشرة للمسلمين عفيفا في مذهبه، وكان ينوب أولا عن الوزير أبي محمد المهلبي في ديوان الإنشاء وأمور الوزارة. ولما ورد عضد الدولة بغداد في سنة سبع وستين وثلاثمائة نقم عليه أشياء من مكتوباته عن الخليفة وعن عز الدولة بختيار فحبسه، فسئل فيه وعرف فضله، وقيل له: مثل مولانا لا ينقم على مثله ما كان منه، فإنه كان في خدمة قوم لا يمكنه إلا المبالغة في نصحهم، ولو أمره مولانا بمثل ذلك إذا استخدمه في ابنه ما أمكنه المخالفة، فقال عضد الدولة: قد سوغته نفسه فإن عمل كتابا في مآثرنا وتاريخنا أطلقته، فشرع في محبسه في «كتاب التاجي» في أخبار بني بويه. وقيل إن بعض أصدقائه دخل عليه الحبس وهو في تبييض وتسويد في هذا الكتاب، فسأله عما يعمله فقال: أباطيل أنمقها وأكاذيب ألفقها، فخرج الرجل وأنهى ذلك إلى عضد الدولة فأمر بإلقائه تحت أرجل الفيلة، فأكب أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف ونصر بن هارون على الأرض يقبلانها ويشفعان إليه في أمره حتى أمر باستحيائه، وأخذ أمواله واستصفائه، وتخليق السجن بدمائه، فبقي في السجن بضع سنين إلى أن تخلص في أيام صمصام الدولة ابن عضد الدولة. وكان بينه وبين الصاحب أبي القاسم إسماعيل بن عباد مراسلات ومواصلات ومتاحفات، وكذلك بينه وبين الرضي أبي الحسن محمد بن الحسين الموسوي مودة ومكاتبات- أذكر منها ما يليق باختصارنا هذا - مع اختلاف الملل وتباين النحل، وإنما كان ينظمهم سلك الأدب، مع تبدد الدين والنسب.

وذكر أبو منصور الثعالبي في كتابه أنه بلغ من العمر تسعين سنة، والذي أوردته من تاريخ حفيده وهو أعلم به، فأما بلاغته وحسن ألفاظه فقد أغنتنا شهرتها عن صفتها، وذكرتها الشعراء فقال بعض أهل عصره:

ولآخر فيه:

قال أبو منصور: وكان يصوم شهر رمضان مساعدة وموافقة للمسلمين وحسن عشرة منه لهم، ويحفظ القرآن حفظا يدور على طرف لسانه، وبرهان ذلك في رسائله. قال: وكان أبو إسحاق في عنفوان شبابه أحسن حالا منه في أيام اكتهاله، وفي ذلك يقول:

من قصيدة في فنها فريدة، كتبها إلى الصاحب يشكو فيها عجره وبجره، ويستمطر سحبه ودرره، بعد أن كان يخاطبه بالكاف، ولا يرفعه عن رتبة الأكفاء.

وكان المهلبي لا يرى إلا به الدنيا، ويحن إلى براعته ويصطنعه لنفسه، ويستدعيه في أوقات أنسه، وتوفي المهلبي وأبو إسحاق يلي ديوان الرسائل والخلافة على ديوان الوزارة لأن المهلبي مات بعمان، وكان قد مضى لافتتاحها، واستخلف أبا إسحاق على ديوان الوزارة فاعتقل في جملة عمال المهلبي وأصحابه، فقال وهو معتقل:

قال الثعالبي: وكانت الرسالة التي نقمها عليه عضد الدولة كتابا أنشأه عن الخليفة في شأن عز الدولة بختيار وهو: «وقد جدد له أمير المؤمنين مع هذه المساعي السوابق، والمعالي السوامق، التي يلزم كل دان وقاص، وعام وخاص، أن يعرف له حق ما كرم به منها، ويتزحزح له عن رتبة المماثلة فيها» فإن عضد الدولة أنكر هذه اللفظة أشد الإنكار وأسرها في نفسه إلى أن ملك العراق فحبسه كما تقدم ذكره.

وقال حفيده هلال بن المحسن في «أخبار الوزراء»: حدثني أبو إسحاق جدي قال: لما توفي أبو الحسين هلال أبي جاءني أبو محمد المهلبي معزيا به، فحين عرفت خبره في تعديته إلى مشرعة داري الشاطئة بالزاهر بادرت لتلقيه واستعفائه من الصعود فامتنع من الإجابة الى ذلك، وصعد وجلس ساعة يخاطبني فيها بكل ما يقوي النفس ويشرح الصدر، ويصف والدي ويقرظه لي ويقول: ما مات من كنت له خلفا، ولا فقد من كنت منه عوضا، ولقد قرت عين أبيك بك في حياته، وسكنت مضاجعه الى مكانك بعد وفاته، فقبلت يده ورجله، وأكثرت من الثناء عليه والدعاء له، وحضرتني في الحال ثلاثة أبيات أنشدته إياها وهي:

ثم نهض، وأقسم علينا ألا يتبعه أحد منا، وأنفذ إلي في بقية ذلك اليوم خمسة آلاف درهم وقال: استعن بها على أمرك. ولم يبق أحد من أهل الدولة إلا جاءني بعده معزيا. ثم اجتاز بي من الغد في طياره ووقف واستدعاني وأمرني بالنزول معه، فبعد جهد ما تركني بقية اليوم.

حدث أبو منصور قال، حكى أبو إسحاق الصابئ قال: طلب مني رسول سيف الدولة ابن حمدان عند قدومه الحضرة شيئا من شعري وذكر أن صاحبه رسم له ذلك فدافعته أياما ثم ألح علي وقت الخروج فأعطيته هذه الثلاثة الأبيات:

فلما عاد الرسول إلى الحضرة ودخلت عليه مسلما أخرج لي كيسا بختم سيف الدولة مكتوبا عليه اسمي وفيه ثلاثمائة دينار.

ووجدت بخط أبي علي بن أبي إسحاق قال: لما غني ابن حمدان بهذا الشعر سأله عن قائله فعرفه، قال والدي رحمه الله: فأنفذ إلي في الوقت عشرة دنانير من دنانير الصلة وزنها خمسمائة مثقال، وأضاف إلى ذلك رسما كان ينفذه إلي في كل سنة إلى أن مات رحمه الله.

قال: وأهدى أبو إسحاق الصابئ إلى عضد الدولة في يوم مهرجان الصطرلابا بقدر الدرهم محكم الصنعة، وكتب إليه (وفي «كتاب الوزراء» لحفيده أنه أهدى الاصطرلاب إلى المطهر بن عبد الله وزير عضد الدولة وكتب إليه) بهذه الأبيات:

ولقابوس أبيات تشبه هذه مذكورة في بابه.

ذكر القبض على أبي إسحاق الصابئ والسبب فيه، وما جرى عليه من أمره إلى أن أطلق: قال هلال بن المحسن: قبض عليه في يوم السبت لأربع بقين من ذي العقدة سنة سبع وستين وثلاثمائة، وأفرج عنه يوم الأربعاء لعشر بقين من جمادى الأولي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، فكان مدة حبسه ثلاث سنين وسبعة أشهر وأربعة عشر يوما. قال: وكان السبب في القبض عليه أنه كان قد خدم عضد الدولة عند كونه بفارس بالشعر والمكاتبة والقيام بما يعرض من أموره بالحضرة، فقبله وأنفق عليه وأرفده في أكثر نكباته بمال حمله إليه. وورد عضد الدولة في سنة أربع وستين وثلاثمائة فزاد قربه منه وخصوصه به وتأكد حاله عنده، فلما أراد العود إلى فارس عمل على الخروج معه إشفاقا من المقام بعده، ثم علم أنه متى فعل ذلك أسلم أهله وولده وتعجل منهم ما عسى الله أن يدفعه عنه، فاستظهر له عضد الدولة بأن ذكره في الاتفاق الذي كتب بينه وبين عز الدولة وعمدتها - أخيه-، واليمين التي حلفا بها، وشرط عليهما حراسته في نفسه وماله، وترك تتبعه في شيء من أحواله، وانحدر عضد الدولة فلم يأمن على نفسه من عز الدولة وأبي طاهر ابن بقية وزيره واستتر وأقام على الاستتار مدة، ثم توسط أبو محمد ابن معروف أمره معهما، وأخذ له العهد عليهما والأمان منهما، واستوثق بغاية ما يستوثق به من مثلهما، وظهر فتركاه مديدة ثم قبضا عليه، وذلك بإغراء ابن السراج لهما به، وتجدد منه في العداوة له أمور تجنى فيها عليه، وجرت له في هذه النكبة خطوب أشفى فيها على ذهاب النفس، ثم كفاه الله بأن فسد أمر ابن السراج مع ابن بقية بما عامله بالعلة التي عرضت له، فقبض عليه ونقل القيد من رجل أبي إسحاق إلى رجله، وعاد إلى خدمة عز الدولة، وكتب عنه في أيام المباينة بينه وبين عضد الدولة الكتب التي تضمنت الوقيعة والاستهتار عليه ومنها: الكتاب عن الطائع لله بتقديم عز الدولة وإنزاله منزلة ركن الدولة، وهو أعظم ما نقمه عليه. فلما ورد عضد الدولة إلى بغداد في الدفعة الثانية وحصل بواسط، استظهر بأن خرج إلى أبي سعد بهرام بن أردشير، وهو يتردد في الرسائل، بما يتخوفه من تشعب رأي عضد الدولة، وسأله إجراء ذكره، وإقامة عذره، والاحتياط له بأمان تسكن إليه نفسه، وكتب على يده كتابا عاد جوابه بما نسخته: «كتابنا، أيدك الله، من المعسكر بجبل يوم الجمعة لست ليال بقين من شهر ربيع الأول عن سلامة ونعمة، والحمد لله رب العالمين، ووصل كتابك، أيدك الله، وفهمناه وعرفنا ما يحمل، واستمعنا من أبي سعد بهرام بن أردشير، أعزه الله، ما أورده عنك، ومن كانت به حاجة إلى إقامة معذرة أو استقالة من عثرة، أو الاستظهار في مثل هذه الأحوال بوثيقة، فأنت مستغن عن ذلك بسابقتك في الخدمة، ومنزلتك من الثقة، وموقعك لدينا من الخصوص والزلفة. وذكر أبو سعد، أعزه الله، التماسك أمانا، فقد بذلناه لك على غناك عنه، وأنت آمن على نفسك ودمك وشعرك وبشرك وأهلك وولدك وسائر ما تحويه يدك، حال في كل حال بكنف الأثرة والخصوص والإحسان والقبول عندنا، محروس في جاهك وموقعك وحالك، فاسكن إلى ذلك واعتمده، ولك علينا في الوفاء به عهد الله وميثاقه. وقد حملنا أبا سعد، أعزه الله، في هذا الباب ما يذكره لك، والله نستعين على النية فيك، وهو حسبنا» والتوقيع بخط عضد الدولة: «اعتمد ذلك واسكن إليه وثق بالله إن شاء الله تعالى» .

ودخل عضد الدولة إلى بغداد فأجراه على رسمه، ووقع بإقرار إقطاعه وإمضاء تقريراته. فلما حصل بالموصل كتب إلى أبي القاسم المطهر بالقبض عليه؛ فحدثني أبو الحسن فهد بن عبد الله،

قال: وحدثني جدي قال: كنت جالسا بحضرة أبي القاسم المطهر بن عبد الله وزير عضد الدولة في يوم القبض علي إذ وردت النوبة ففضت بين يديه، وبدأ منها بقراءة كتاب عضد الدولة، فلما انتهى إلى فصل منه وجم وجوما بان في وجهه، فقال لي أبو العلاء صاعد بن ثابت: أظن في هذا الكتاب ما ضاق صدرا به. وقمت من مجلسه لأنصرف فتبعني بعض حجابه وعدل بي إلى بيت من داره، ووكل بي، وراسلني يقول: «لعلك قد عرفت مني الانزعاج عند الوقوف على الكتاب الوارد من الحضرة اليوم، وكان ذلك لما تضمن من القبض عليك وأخذ مائة ألف درهم منك، وينبغي أن تكتب خطك بهذا المال، ولا تراجع فيه، فوالله لا تركت ممكنا في معونتك وتخليصك إلا بذلته، وقد جعلت اعتقالك في داري، ومقامك في ضيافتي، فطب نفسا بقولي، وثق بما يتبعه من فعلي». وقبض على ولديه أبي علي المحسن والدي وأبي سعيد سنان عمي، فلما تقدم عضد الدولة إلى أبي القاسم المطهر بالانحدار لقتال صاحب البطيحة سأل عضد الدولة إطلاقه والإذن له في استخلافه بحضرته فقال له: أما العفو فقد شفعناك فيه، وينبغي أن تعرفه ذلك وتقول له: إننا قد غفرنا لك عن ذنب لم نعف عما دونه لأهلنا- يعني عز الدولة والديلم- ولأولاد نبينا- يعني أبا الحسن محمد بن عمر وأبا أحمد الموسوي، ولكنا وهبنا إساءتك لخدمتك وغلبنا المحافظة فيك على الحفيظة منك؛ وأما استخلافك إياه بحضرتنا فكيف يجوز أن ننقله من السخط والنكبة إلى النظر في الوزارة، ولنا في أمره تدبير. وبالعاجل فتحمل إليه من عندك ثيابا ونفقة، وتطلق ولديه، وتقدم إليه عنا بعمل كتاب في مفاخرنا. فحمل إليه المطهر ثيابا ونفقة، وأطلق ولديه والدي وعمي، ورسم له تأليف الكتاب في الدولة الديلمية. وانحدر المطهر وبقي أبو إسحاق في محبسه، وعمل الكتاب، فكان إذا ارتفع جزء منه حمل إلى الحضرة العضدية حتى يقرأه ويتصفحه ويزيد فيه وينقص منه، فلما تكامل على ما أراده حرر وحمل كلاما محررا فيقال إنه قرئ عليه في أسبوع، وتركه في الحبس بعد ذلك سنة، واتفق أن خرج إلى الزيارة وعاد، فعمل فيه قصيدة يهنئه فيها بمقدمه ويذكره بأمره، منها:

قال: قد كان أبو إسحاق يكاتب عضد الدولة في الحبس بالأشعار ويرققه، فما رققه شيء كقصيدته القافية، ومنها:

قال: وسمعت أبا الريان حامد بن محمد الوزير يقول لجدي، وهما في مجلس أنس وأنا حاضر معهما، لما أنفذت القصيدة اللامية بالتهنئة عند قدوم عضد الدولة من الزيارة عرضتها عليه في وقت كان عبد العزيز بن يوسف غير حاضر فيه، فقرأها ثم رفع رأسه إلي وإلى أبي عبد الله ابن سعدان، وكنت آمنه عليك وأعلم أن اعتقاده يوافق اعتقادي فيك، فقال: قد طال حبس هذا المسكين ومحنته، فقبلت أنا وهو الأرض عند ذلك، فقال لنا: كأنكما تؤثران إطلاقه، قلنا: إن من أعظم حقوقه علينا وذرائعه عندنا أن عرفناه في خدمتك وخالطناه في أيامك، قال: فإذا كان هذا رأيكما فيه فانفذا وأفرجا عنه، وتقدما إليه عنا بملازمة منزله إلى أن يرسم له ما يليق بمثله. قال أبو الريان، فخرجت مبادرا وأنفذت لشكرستان صاحبي، وأنفذ ابن سعدان محمدا لاواتيه ؟ وانتظرت عودهما بما فعلاه من صرفك إلى دارك، فأبطا علي، وكنت أعرف من عادة عضد الدولة أنه يتقدم بالأمر ثم يسأل عنه، فإن كان قد فعل أمضاه ولم يرجع، وإن تأخر فربما بدا له رأي مستأنف في التوقف عنه، فدخلت إلى عضد الدولة في عرض ما أطالعه به وقلت: سمع الله في مولانا ما دعي له، فقال: ما تجدد؟ قلت: شاهد الناس أبا إسحاق الصابئ وقد أخرج من محبسه ومضى إلى داره فأكثروا من الدعاء والشكر، فسكت. وشغلت عضد الدولة علته وما أفضى إليه من منيته عن النظر في أمره إلا أنه وصل إلى حضرته فيما بين الإطلاق واشتداد العلة في أيام متفرقة فتفقده بثياب ونفقات عدة دفعات.

وكان الصاحب ابن عباد يحبه أشد الحب ويتعصب له ويتعاهده على بعد الدار بالمنح، وكان الصابئ منذ حبسه عضد الدولة متعطلا إلى أن مات، فكان يواصل حضرة الصاحب بالمدح؛ قال أبو منصور: فقرأت له فصلا من كتاب في ذكر صلة وصلت منه إليه استطرفته جدا وهو: «ورد- أطال الله بقاء سيدنا- أبو العباس أحمد بن الحسن وأبو محمد جعفر بن شعيب حاجين، فعرجا إلي ملمين، وعاجا علي مسلمين، فحين عرفتهما وقبل أن أرد السلام عليهما مددت اليد إلى ما معهما، كما مدها حسان بن ثابت إلى رسول جبلة بن الأيهم، ثقة مني بصلته، وتشوقا إلى تكرمته، واعتيادا لإحسانه، وإلفا لموارد إنعامه، وتيقنا أن الخطرة مني على باله مقرونة بالنصيب من ماله، وأن ذكراه لي مشفوعة بجدواه علي، وقمت عند ذلك قائما، وقبلت الأرض ساجدا، وكررت الدعاء والثناء مجتهدا، وسألت الله أن يطيل له البقاء كطول يده بالعطاء، ويمد له في العمر كامتداد يده على الحر، وأن يحرس على هذا البدد القليل العدد من مشيخة الكتاب ومنتحلي الآداب ما كنفهم به من ذراه، وأفاءه عليهم من نداه، وأسامهم فيه من مراتعه، وأعذبه لهم من شرائعه التي هم محلأون إلا عنها ومحرومون إلا منها» .

وكان الصاحب يتمنى انحياز أبي إسحاق إلى جنبته، وقدومه إلى حضرته، ويضمن له الرغائب على ذلك إما تشوقا وإما تشرفا. وكان أبو إسحاق يحتمل ثقل الخلة وسوء أثر العطلة ولا يتواضع للاتصال بجملة الصاحب بعد كونه من نظرائه وتحليه بالرياسة في أيامه. قال وأخبرني ثقات منهم أبو القاسم علي بن محمد الكرخي، وكان شديد الاختصاص بالصاحب أنه كثيرا ما كان يقول: كتاب الدنيا وبلغاء العصر أربعة: الأستاذ ابن العميد وأبو القاسم عبد العزيز بن يوسف وأبو إسحاق الصابئ، ولو شئت لذكرت الرابع، يعني نفسه. فأما الترجيح بين هذين الصدرين، أعني الصاحب والصابئ، في الكتابة فقد خاض فيه الخائضون وأطنب المحصلون ؛ ومن أشفى ما سمعته في ذلك أن الصاحب كان يكتب كما يريد، وأبو إسحاق يكتب كما يؤمر، وبين الحالين بون بعيد. وكيف جرى الأمر فهما هما، ولقد وقف فلك البلاغة بعدهما.

ومما يدل على إناخة كلكل الزمان عليه، وصرف صروفه بعد النباهة إليه، فصل كتبه إلى صديق له يستميحه وهو: «ولما صارت صروف الدهر تتوغل بعد التطرف، وتجحف بعد التحيف، وصادف ما تجدد علي في هذا الوقت منها أشلاء مني منهوكة، وعظاما مبرية، وحشاشة مشفية، وبقية مودية، جعلت أختار الجهات، وأعتام الجنبات، لأنحو منها ما لا يعاب سائله إذا سأل، ولا يخيب آمله إذا أمل، وكان سيدي أولها إذا عددت وأولاها إذا اعتمدت، وكتبت كتابي هذا بيد يكاد وجهي، يتظلم منها إذ تخطه، إشفاقا على مائه مما يريقه، لولا الثقة بأنه يحقن مياه الوجوه ويحميها، ويجمها ولا يقذيها» .

فصل من كتاب إلى عضد الدولة في تهنئة بتحويل سنته: «أسأل الله مبتهلا لديه، مادا يدي إليه، أن يحيل على مولانا هذه السنة وما يتلوها من أخواتها بالصالحات الباقيات، والزيادات الغامرات، ليكون كل دهر يستقبله وأمد يستأنفه موفيا على المتقدم له، قاصرا عن المتأخر عنه، ويوفيه من العمر أطوله وأبعده، ومن العيش أعذبه وأرغده، عزيزا منصورا، محميا موفورا باسطا يده فلا يقبضها إلا على نواصي أعداء وحساد، ساميا طرفه فلا يغضه إلا على لذة غمض ورقاد، مستريحة ركابه فلا يعملها إلا لاستضافة عز وملك، فائزة قداحه فلا يجيلها إلا لحيازة مال وملك، حتى ينال أقصى ما تتوجه إليه أمنيته جامحة، وتسمو له همته طامحة» .

وحدث هلال بن المحسن، حدثني جدي أبو إسحاق- ثم وجدت هذا الخبر بخط المحسن بن ابراهيم- قال حدثني والدي أبو إسحاق قال: كان والدي أبو الحسن يلزمني في الحداثة والصبا قراءة كتب الطب والتحلي بصناعته، وينهاني عن التعرض لغير ذلك، فقويت فيها قوة شديدة، وجعل لي برسم الخدمة في البيمارستان عشرون دينارا في كل شهر، وكنت أتردد إلى جماعة من الرؤساء خلافة له ونيابة عنه، وأنا مع ذلك كاره للطب ومائل إلى قراءة كتب الأدب كاللغة والشعر والنحو والرسائل والأدب، وكان إذا أحس بهذا مني يعاتبني عليه وينهاني عنه، ويقول: يا بني لا تعدل عن صناعة أسلافك. فلما كان في بعض الأيام ورد عليه كتاب من بعض وزراء خراسان يتضمن أشياء كثيرة كلفه إياها ومسائل في الطب وغيره سأله عنها، وكان الكتاب طويلا بليغا قد تأنق فيه منشئه وتغارب. فأجاب عن تلك المسائل، وعمل جملا لما يريده، وأنفذها على يدي إلى كاتب لم يكن في ذلك العصر أبلغ منه، وسأله إنشاء الجواب عنه، قال: فمضيت وأنشأت أنا الجواب وأطلته وحررته وجئت به إليه، فلما قرأه قال: يا بني سبحان الله ما أفضل هذا الرجل وأبلغه، قلت له: هذا من إنشائي، فكاد يطير فرحا وضمني إليه وقبل بين عيني وقال: قد أذنت لك الآن فامض فكن كاتبا.

كان أبو إسحاق الصابئ واقفا بين يدي عضد الدولة وبين يديه كتب قد وردت عليه من ابن سمجور صاحب خراسان، وعلى رأسه غلام تركي حسن الوجه جميل الخلقة، وكان مائلا إليه، ورأيت الشمس إذا وجبت عليه حجبها عنه إلى أن استتم قراءة ما كان في يده، ثم التفت إليه فقال له: هل قلت شيئا يا إبراهيم؟ فقال:

فسر بذلك وطوى الكتب، وجعله مجلسا للشرب، وألقى على الجواري الستائر يغنونه به في ذلك اليوم، وهو الخامس من شوال سنة إحدى وستين وثلاثمائة.

وكتب إلى بعض أصدقائه: «ولو حملت نفسي على الاستشفاع والسؤال، لضاق علي فيه المرتكض والمجال، لأن الناس عندنا- ما خلا الأعيان الشواذ الذين أنت بحمد الله أولهم- طائفتان: مجاملة ترى أنها قد وفتك خيرها إذا كفتك شرها، وأجزلت لك رفدها إذا جنبتك كيدها، ومكاشفة تنزو إلى القبيح نزو الجنادب، أو تدب دبيب العقارب، فإن عوتبوا حسروا قناع الشقاق، وإن غولظوا تلثموا بلثام النفاق، والفريقان في ذاك كما قلت منذ أيام:

ومن خط أبي علي المحسن بن إبراهيم بن هلال: حدثني والدي رحمه الله قال: وصفت وأنا حدث للوزير أبي محمد المهلبي، وهو يومئذ يخاطب بالأستاذ، فاستدعى عمي أبا الحسن ثابت بن إبراهيم وسأله عني، والتمس منه إلحاقي به ووعده في بكل جميل، فخاطبني عمي في ذلك وأشار علي به، فامتنعت لانقطاعي إلى النظر في العلوم. وكنت مع هذه الحال شديد الحاجة إلى التصرف لقرب العهد بالنكبة من توزون التي أتت على أموالنا، فلم يزل بي أبي حتى حملني إليه، فلما رآني تقبلني وأقبل علي ورسم لي الملازمة، وبحضرته في ذلك الوقت جماعة من شيوخ الكتاب، فلما كان في بعض الأيام وردت عليه عدة كتب من جهات مختلفة، فاستدعاني وسلمها إلي، وذكر لي المعاني التي تتضمنها الأجوبة، وأطال القول، فمضيت وأجبت عن جميعها من غير أن أخل بشيء من المعاني التي ذكرها، فقرأها حتى أتى على آخرها، وتقدم إلي في الحال بإحضار دواتي والجلوس بين يديه متقدما على الجماعة، فلزم بعضهم منزله وجدا وغضبا، وأظهر بعضهم التعالل، فلم أزل أتلطف وأداري وأغضي على قوارص تبلغني حتى صارت الجماعة إخواني وأصدقائي.

وقرأت بخطه أيضا، وفي «كتاب الوزراء» لابنه- قال المحسن: حدثني والدي، وقال هلال: حدثني جدي، واللفظ والمعنى يزيد وينقص، والاعتماد على ما في كتاب هلال لأنه أتم- قال أبو إسحاق: كنت في مجلس الوزير أبي محمد المهلبي في بعض أيام الحداثة جالسا في مجلس أنسه، وبين يديه أبو الفضل العباس ابن الحسين وأبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن وأبو علي الحسين بن محمد الأنباري وأبو الفرج ابن أبي هشام وغيرهم من خلفائه وكتابه، وقد أخذ الشراب من الجماعة، وزاد بهم على حد النشوة، وكانت لي في ذلك مزية لأنني شربت معه أرطالا عدة، إذ حضر رسول الأمير معز الدولة يذكر أن معه مهما، فقال أبو محمد: يدخل، فدخل وقال: الأمير يقول: تكتب عني الساعة كتابا إلى محمد بن إلياس صاحب كرمان تخطب فيه ابنته لبختيار، فقال الوزير: هذا كتاب يحتاج إلى تأمل وتثبت، وما في الكتاب من فيه مع السكر فضل له، ثم التفت إلى أبي علي ابن الأنباري فقال له: تتمكن يا أبا علي من كتبه؟ فقال: أما الليلة وعلى مثل هذه الحالة والصورة فلا، ورآني الوزير مصغيا إلى القول متشوفا لما يرسمه لي في ذلك فقال: تكتبه يا أبا إسحاق؟ قلت: نعم، قال: افعل، فقمت إلى صفة يشاهدني فيها واستدعيت دواتي ودرجا منصوريا وكتبت كتابا اقتضبته بغير روية ولا نسخة، والوزير والحاضرون يلاحظوني، ويعجبون من إقدامي ثم اقتضابي و عدم إطالتي، فلما فرغت منه أصلحته وعنونته وحملته إليه، فوقف عليه ووجهه متهلل في أثناء القراءة والتأمل، ورمى به إلى أبي علي ابن الأنباري ثم قال للجماعة: هذا كتاب حسن دال على الكفاية المبرزة، ولو كتبه صاحيا مرويا لكان عجبا، فكيف إذ يكتبه منتشيا مقتضبا، ولكنه كاتبي وصنيعتي، قم يا أبا إسحاق من موضعك واجلس هاهنا حيث أجلستك الكفاية، وأومأ إلى جانب أبي الغنائم ابنه، فقبلت يده ورجله وشكرته ودعوت له، وجلست بحيث أجلسني، وشرب لي سارا، ثم استدعى حاجبه وقال: تقدم دابته إلى حيث تقدم دواب خلفائي، ويوفى من الإكبار والإكرام ما يوفونه؛ فحسدني على ذلك كل من كان حاضرا، ووفوني من الغد حكم المساواة في المخاطبة والمعاملة، واستشعروا عندها أسباب العداوة والمنافسة. ثم قلدني دواوين الرسائل والمظالم والمعاون تقليدا سلطانيا كتب به عن المطيع لله إلى أصحاب الأطراف.

وحدث هلال بن المحسن، قال حدثني جدي أبو إسحاق قال: كان أبو طاهر ابن بقية واقفا بين يدي عضد الدولة في سنة أربع وستين وثلاثمائة التي ورد فيها للمعاونة على الأتراك، فقال لي عضد الدولة: لو عرضت علينا أبياتك إلى أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف التي هي- وأنشدها وكانت-:

قال: فلما استتمها قال لأبي طاهر: ما قصد أبو إسحاق في هذه الأبيات؟

وسمعها أبو طاهر صفحا، وقد كان شرب أقداحا ولم يعلق بذكره من الأمر إلا ذكر المجلس، واشتهر خبرها عند كل أحد، فلما عاد عضد الدولة إلى شيراز سألني أبو طاهر ابن بقية عنها، وطالبني بإنشادها إياه فلم يمكني إنكارها فغيرتها في الحال على هذا الوجه:

ثم سعي بأبي إسحاق إلى عز الدولة حتى قبض عليه بعد أن أعطانا أمانا كتبه ابن

بقية بيده، ولم يستقص ابن بقية عليه لحق كان قد أوجبه عليه أيام كون عضد الدولة ببغداد، فكتب أبو إسحاق إلى ابن بقية من الحبس:

وكتب أبو إسحاق إلى المطهر بن عبد الله وزير عضد الدولة، وقد عرضت له شكاة:

قرأت بخط أبي علي ابن إبراهيم الصابئ، كتب والدي إلى بعض إخوانه:

«كانت رقعتك يا سيدي وصلت إلي مشتملة من لطيف تفضلك وبرك، وأنيق نظمك ونثرك، على ما شغلني الاستحسان له، والاسترواح إليه، وتكرير الطرف في مبانيه، والفكر في معانيه، عن الشروع في الإجابة عنه، ثم تعاطيتها فوجدتني بين حالين:

إما أوجزت إيجازا يظن معه التقصير، أو أطلت إطالة يظهر فيها القصور، فرأيت أولى الأمرين بذل الممكن واستنفاد الجمهود، بعد تقديم الإقرار والاعتراف بفضلك:

ومن خطه: حدثني والدي أبو إسحاق قال: راسلت أبا الطيب المتنبي رحمه الله في أن يمدحني بقصيدتين وأعطيه خمسة آلاف درهم، ووسطت بيني وبينه رجلا من وجوه التجار، فقال: قل له والله ما رأيت بالعراق من يستحق المدح غيرك، ولا أوجب علي في هذه البلاد أحد من الحق ما أوجبت، وإن أنا مدحتك تنكر لك الوزير- يعني أبا محمد المهلبي- وتغير عليك. لأنني لم أمدحه، فإن كنت لا تبالي بهذه الحالة فأنا أجيبك إلى ما التمست، وما أريد منك منالا ولا عن شعري عوضا، قال والدي: فتنبهت على موضع الغلط، وعلمت أنه قد نصح، فلم أعاوده.

ومن شعر أبي إسحاق قوله:

وله أيضا:

وله أيضا وهو في غاية الجودة:

وله أيضا:

وله أيضا:

وله أيضا:

وله أيضا:

وله أيضا:

وكتب أبو إسحاق إلى الوزير أبي نصر سابور بن أردشير جوابا عن كتاب إليه:

وقال في غلام له اسمه رشد أسود:

وله فيه أيضا:

وله في البق:

وقال يذم البصرة وكان قد خرج إليها لاستيفاء مال السلطان:

وقال عند رحيله عنها:

وقال وقد عتب على بعض ولده:

وكتب إلى بعض الرؤساء يلتمس منه إشغال بعض ولده وإجراء رزق عليه:

وكتب إليه أبو علي المحسن ابنه تسلية في إحدى نكباته:

وأجابه أبو إسحاق:

وقال يمدح المهلبي:

وله فيه وقد فصد من غير علة:

وله أيضا فيه:

وله في ابن سعدان:

عكس قول المهلبي:

وله إلى الصاحب:

وقال لأبي القاسم عبد العزيز بن يوسف:

وله تهنئة بالعيد:

وله أيضا يهنئ عضد الدولة بالأضحى:

وله أيضا:

وكتب إلى الوزير أبي نصر سابور بن أردشير وقد أعيد إلى الوزارة:

وله يهجو:

وله يهجو:

وله يهجو:

وله يصف الشعر:

وله أيضا:

وله أيضا:

قرأت بخط أبي على المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابئ، حدثني أبو الحسن محمد بن عبد الله بن سكرة الهاشمي الشاعر قال: أعانني والدك أبو إسحاق إبراهيم بن هلال في هجائي خمرة المجنونة بالشيء الكثير فمن ذلك:

ومن ذلك أيضا:

ومن ذلك أيضا:

ومن خط أبي علي المحسن، حدثني السري بن أحمد الشاعر الرفاء قال:

أنشدني والدك لنفسه:

وأخذت هذا المعنى فقلت:

ومن خطه لأبي الحسن ابن سكرة الهاشمي من قصيدة إلى والدي وعمي أبي العلاء رحمهما الله:

وكتب من الحبس إلى ابنه المحسن وهو أكثر من هذا في ترجمة أبيه:

وكتب إلى صديق له من الحبس:

وقال في الحبس:

كان أبو الحسن محمد بن عبد الله بن سكرة ملازما لأبي إسحاق، فتأخر عنه فكتب إليه أبو إسحاق يتعرف خبره ويستبطئ حضوره، فأجابه:

وقال في الشيب:

أخذه من ابن الرومي:

وله أيضا:

حدث الرئيس أبو الحسن هلال قال: قلت لجدي أبي إسحاق- تجاوز الله عنه- وهو يشكو زمانه: يا سيدي ما نحن بحمد الله تعالى إلا في خير وعافية، ونعمة كافية، فما معنى هذه الشكوى التي تواصلها، ويضيق صدرك بها، ويتنغص عيشك معها؟ فضحك وقال: يا بني نحن كدود العسل قد نقلنا منه إلى الخل، فهوذا نحس بحموضته ونأسى ونحزن على ما كنا فيه من العسل ولذته، وأنتم كدود الخل ما ذقتم حلاوة غيره، ولا رأيتم طلاوة ضده.

ولأبي إسحاق من التصانيف: كتاب رسائله وهو مشهور نحو ألف ورقة. كتاب التاجي في أخبار آل بويه. كتاب أخبار أهله. كتاب اختيار شعر المهلبي. كتاب ديوان شعره.

  • دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 1- ص: 131

الصابئ الأديب البليغ، صاحب الترسل البديع، أبو إسحاق، إبراهيم بن هلال الصابئ الحراني المشرك.
حرصوا عليه أن يسلم فأبى، وكان يصوم رمضان ويحفظ القرآن، ويحتاج إليه في الإنشاء.
كتب لعز الدولة بختيار.
وله نظم رائق.
ولما تملك عضد الدولة هم بقتله وسجنه، ثم أطلقه في سنة 317، فألف له كتاب ’’التاجي في أخبار بني بويه’’.
مات في سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، وله إحدى وسبعون سنة، ويقال: قتله؛ لأنه أمره بعمل ’’التاريخ التاجي’’ فدخل عليه رجل فسأله ما تؤلف؟ فقال: أباطيل ألفقها، وأكاذيب أنمقها، فتحرك عليه عضد الدولة وطرده، ومات، فرثاه الشريف الرضي، فليم في ذلك، فقال: إنما رثيت فضله، وهذا عذر بارد.
وكان مكثرا من الآداب.
وكذلك مات على كفره ابنه المحسن، وكان محتشما أديبا.
ثم خلفه ابنه الصدر الأوحد هلال بن المحسن الصابئ، الذي أسلم وعاش كثيرا، وبقي إلى سنة 448.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 460

إبراهيم بن هلال بن زهرون الصابي، أبو إسحاق الحرّانيّ.
أوحد الدّنيا في إنشاء الرسائل، والاشتمال على جهات الفضائل. مات في يوم الخميس ثاني عشر شوال من سنة أربع وثمانين وثلاث مائة عن إحدى وسبعين سنة. وكان قد خدم الخلفاء والأمراء من بني بويه والوزراء، وتقلّد أعمالا جليلة، وعرض عليه عزّ الدولة بختيار بن معزّ الدّولة بن بويه الوزارة على أن يسلم فامتنع، وكان حسن العشرة للمسلمين، عفيفا في مذهبه. ثم ناب أولا عن الوزير أبي محمد المهلّبيّ في ديوان الإنشاء وأمور الوزارة.
ولمّا ورد عضد الدولة بغداد في سنة سبع وستين وثلاث مائة نقم عليه أشياء من مكتوباته عن الخليفة وعن عزّ الدولة بختيار فحبسه، فسئل وقد عرّف فضله، وقيل له: مثل مولانا لا ينقم على مثله ما كان منه، فإنه كان في خدمة قوم لا يمكنه إلاّ المبالغة في نصحهم، ولو أمره مولانا إذا استخدمه بمثل ذلك في أبيه ما أمكنه المخالفة، فقال عضد الدولة: قد سوّغته نفسه، فإن عمل كتابا في مآثرنا وتاريخنا أطلقه، فشرع في محبسه في كتاب التاجيّ في أخبار بني بويه، وكاد حاله يفضي إلى صلاح، فنقل عنه بعض أعدائه إلى عضد الدولة أنه قد قال لمن سأله في حبسه عمّا يكتب فقال: أباطيل ألفّقها، وأكاذيب أزوّقها. فأمر عضد الدولة عند سماع ذلك بأن يلقى تحت أرجل الفيلة. فأكبّ عبد العزيز بن يوسف ونصر بن هارون على الأرض يقبّلانها يسألان عضد الدولة في أمره، فوفّر عليه نفسه، بعد أن أخذ جميع أمواله.
واستدام حبسه إلى أن أخرجه صمصام الدولة بن عضد الدولة.
وأما بلاغة الصابي فقد استغني بشهرتها عن ذكرها، وقد مدحه الشّعراء، وأثنى عليه البلغاء، وكان يحفظ القرآن المجيد حفظا يدور على طرف لسانه، وبرهان ذلك في رسائله.
ومن تصانيفه: كتاب التاجيّ في أخبار آل بويه، وكتاب رسائله: نحو ألف ورقة، وكتاب أخبار أهله، وكتاب أخبار شعر المهلّبي، وكتاب ديوان شعره.

  • دار الغرب الإسلامي - تونس-ط 1( 2009) , ج: 1- ص: 246