برناز أحمد برناز الحنفي، أبو العباس: مدرس تركي الأصل، تونسي، له علم بالتراجم كان كثير الحفظ والرواية. أخذ عن علماء تونس والجزائر ومصر وعاد إلى تونس يدرس ويصنف. وتوفي بها. من كتبه (الشهب المحرقة لمن ادعى الاجتهاد لولا انقطاعه من أهل المخرقة - خ) في الأحمدية (الرقم 4745) بتونس، وكتاب (في تربية العبيد والصبيان) و (حاشية على المنار) و (حاشية على الدرة في القراآت) و (قصيدة طويلة بائية) نظمها في الأربعين من أصحاب الإمام الشاذلي، قال ناشر الحلل السندسية: رثى صاحب الترجمة عدد كبير من الشعراء وجمعت المرائي في كتاب بالأحمدية (رقم 5093).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 103

برناز أحمد بن مصطفى ابن الشيخ محمد بن مصطفى الشهير بقاره خوجة، المعروف ببرناز من سلالة الأتراك المستقرين بتونس، الحنفي المذهب، الجوال في الأقطار للقاء علماء عصره والأخذ عنهم، والمنكود في حظه ودنياه.
جده كان درويشا صحب جيش سنان باشا واستقر بعد الفتح التركي، وتولى الإمامة بمقام الشيخ علي بن زياد.
وجده محمد، تعلم على المفتي الحنفي بتونس أحمد الشريف، وبعد أن مارس حرفة الجندية ببنزرت عدة سنوات اتخذه الداي أحمد خوجة إماما له في المدرسة العنقية القريبة من داره ودرس بالمدرسة الشماعية التي أصبحت مدرسة حنفية كغيرها من المدارس، سعيا من الأتراك في نشر المذهب الحنفي، ومضايقة المذهب المالكي في مؤسساته، ومعاكسة أتباعه في مورد رزقهم.
وتولى لمدة قصيرة إمامة جامع يوسف داي، كما تولى الإمامة مدة من الزمن في الجامع الجديد الذي أنشأه جمودة باشا المرادي سنة 1066/ 1656 وتولى القضاء، وهو أول قاض حنفي بتونس من مواليد البلاد إذ أن السلطنة العثمانية بعد فتح البلاد كانت ترسل قاضيا تركيا يبقى في خطته ثلاث سنوات ثم يبدل بغيره، وفي عهد علي باشا الأول فوضت له السلطنة العثمانية اختيار القاضي الحنفي من أبناء البلاد. وكان فقيرا في بداية أمره وأصبح ثريا في آخر حياته وقدرت ثروته بعشرين ألف ريال، وملك مكتبة نفيسة قدرت بأربعة آلاف ريال. ويبدو أنه تمتع بثقة كاملة من الداي أحمد خوجة (1050 - 1057/ 1640 - 1647) ولعب دورا في تسمية أخلافه. وهذه الحظوة والقوة عرضتاه لحقد بعض أعضاء الجيش فقتلوه هو ابنه مصطفى في ولاية الداي مامي جمل في 8 صفر سنة 1084/ 25 ماي 1673 ونهب ما في داره من أثاث وكتب.
نشأ المترجم له في بيت علم، ولفح جده محمدا شواظ من ظلم الجند أودى بحياته.
حضر مجالس جده هذا في الحديث وهو صغير، وقرأ على كثير من علماء عصره كالمحدث الشيخ سعيد المحجوز وعلي الصوفي، ومصطفى بن عبد الكريم، وابراهيم الأندلسي، والمقرئ النحوي الكفيف إبراهيم الجمل الصفاقسي، والمفتي الحنفي محمد المحجوب ومحمد فتاتة، ثم رحل إلى مصر للقاء علماء الأزهر، فأخذ عن الشيخ محمد الخرشي قطعة من صحيح البخاري، وأخذ عن المشايخ: عبد الباقي الزرقاني، وابراهيم الشيرخيتي، ويحيى الشاوي الجزائري، والمقرئ أحمد البقري، وأحمد الشرفي الصفاقسي نزيل مصر، وعبد الحي
الشرنبلالي، ثم رحل إلى مكة حاجا وأخذ بها عن الشيخ حسن بن مراد التونسي وعن الشيخ أحمد البشبيشي والشيخ أحمد القطان، والشيخ المرحومي وغيرهم.
وبعد أداء فريضة الحج مر بمصر وعاد إلى وطنه واستقر به مدة ثم خرج منه مغاضبا متوجها إلى القطر الجزائري فأخذ بعنابة عن الشيخ أحمد بن ساسي ومفتيها الشيخ الصديقي، وأخذ بقسنطينة عن مفتيها الشيخ بركات بن باديس شارح القصيدة الخزرجية في العروض، والشيخ علي الكماد، ثم ارتحل إلى مدينة الجزائر فأخذ عن المشايخ: رمضان بن مصطفى العنابي، وعلي بن خليل ومحمد بن سعيد قدورة (بالقاف المعقدة) وخاتمة تطوافه بالقطر الجزائري هي زواوة ببلاد القبائل وقرأ هناك على الشيخ محمد الفاسي، وأحمد بن عبد العظيم، وقرأ القرآن بالسبع على محمد بن صولة وقرأ على غيرهم.
وبعد هذه الجولة الواسعة عاد إلى تونس، وواصل التلقي على علماء عصره، فقرأ على الشيخ سعيد الشريف، والشيخ عبد القادر العيسي المطماطي وقرأ على الشيخ أحمد عزوز القرآن بالقراءات العشر من طريق الدرة لابن الجزري وبعد تخرجه سمي مدرسا بالمدرسة الشماعية التي درس بها جده محمد من قبل، وعزل بعد مدة قليلة فاتخذه شيخه محمد المحجوب المفتي الحنفي معيدا أو معاونا له في دروسه بمدرسة يوسف داي، وفي الصلاة وخطبة الجمعة في الجامع المواجه لمقام سيدي محرز بن خلف، وهذه النيابة عن شيخه ابتدأ القيام بها من شعبان /1108 فيفري - مارس 1697 وفي أول ذي الحجة /1116 آخر مارس 1705 صار إماما وخطيبا بهذا الجامع أصالة على أثر تخلي شيخه محمد المحجوب عن ممارسة هذه الخطة لفائدته وفيما بين ذلك سمي مدرسا بالمدرسة العنقية، ودرس بجامع الزيتونة وبأماكن أخرى وأسند إليه بالخصوص تدريس الحديث في إحدى المدرستين اللتين أسسهما حسين بن علي باي، وهي مدرسة الجامع الجديد في حومة سوق البلاط.
وكان المترجم له من ألمع فقهاء الحنفية في عصره، مشاركا في عدة علوم، مجيدا للغتين:
التركية والفارسية، ولوعا بالتدوين والتأليف، ولم تحمه معارفه والوظائف التي شغلها من الاضطهاد والإهانة ففي 6 محرم /1114 جوان 1702 أمر مراد بوبالة الثالث آخر ملوك المراديين بضربه مع كثير من فقهاء الحنفية إهانة لهم بعد أن قطع عنهم مرتباتهم بوصفهم من أفراد الجيش، وبعد أسبوع طيف برأس مراد بوبالة بتونس بعد قتله. وهكذا المترجم له كان من بين آخر الأشخاص الذين تأذوا من غضب مراد بوبالة وظلمه. وبعد زوال الدولة المرادية، وتقلب الأحداث في الدولة الحسينية وانتزاء علي باشا على الحكم بعد ثورته وقتل عمه مؤسس الدولة الحسينية حسين بن علي باي كانت نهاية المترجم له مؤلمة: أمر بسجنه علي باشا، وبعد مدة طويلة خنق في السجن على ما ذكره محمد الصغير بن يوسف الباجي في كتابه «المشرع الملكي» وذلك في 18 ذي القعدة 1138/ 18 جويلية 1726.وعلي باشا قد فتك بكل من له صلة قريبة أو بعيدة بعمه لشهوته إلى سفك الدماء في غير تورع، ولظنه أن ذلك مما يوطد أركان دولته.
مؤلفاته:
1 - أعلام الأعيان بتخفيفات الشرع على العبيد والصبيان، وهو كتاب مطول تضمن فوائد فيما يتعلق بأحكام الصبيان وتأديبهم واستخدامهم وحقوقهم وفضل الأولاد والبرور باليتامى، وحكم شهادات المعلمين والصبيان، وحكم شهاداتهم بعضهم لبعض، ووقت بلوغهم وكيفية وجوب الإيمان عليهم حال بلوغهم، ثم ذكر خاتمة تضمنت أن أقل الأشياء وجودا ما تقل الحاجة إليه، وأكثرها وجودا ما تكثر الحاجة إليه، وتكلم عن الرفق بالعبيد، وعن قوله صلى الله عليه وسلم: «العبيد إخوانكم فأطعموهم مما تأكلون» أتم تبييضه سنة 1113/ 1701 توجد منه نسختان بالمكتبة الوطنية بتونس.
2 - تزيين الغرة بمحاسن الدرة في القراءات الثلاث الزائدة على السبع (أبي جعفر، ويعقوب، وخلف) حذا فيها حذو ابن غازي على الشاطبية.
3 - حاشية على شرح المنار لابن فرشتا (فقه حنفي) منها نسخة بالمكتبة الوطنية بتونس رقم 4411.
4 - حواشي على المرادي شارح ألفية ابن مالك.
5 - شرح على الطريقة المحمدية.
6 - الشهب المخرقة في من ادعى الاجتهاد لولا انقطاعه عن المخرقة ألفه سنة 1124/ 1712 إلا أنه نقحه وأدخل عليه تحويرا سنة 1129/ 1717 والنسخة المنقحة منها نسختان بالمكتبة الوطنية رقم 18584 ورقم 12364.
وللكتاب صلة بالتاريخ والتراجم، ترجم فيه لكثير من علماء عصره، فعند ما تثار مشكلة من المشاكل العلمية يستغل الفرصة ليترجم لصاحب الرأي ترجمة مفصلة، وهذه التراجم لعلماء تونسيين وغير تونسيين عرفهم في رحلاته ويذكر حكايات ونصوصا أسطورية دونها أثناء رحلاته أو مطالعاته وفيه معلومات عن المراديين، والدايات المعاصرين لهم.
7 - قصيدة بائية طويلة نظمها في أصحاب أبي الحسن الشاذلي الأربعين.
8 - قطعة من حاشية على شرح الجاربردي لشافية ابن الحاجب في الصرف.
9 - كتابات متفرقة على صحيح البخاري.
10 - نبذة على مقامات الحريري.
11 - نكت على الخزرجية في العروض، لم يبيضه.
المصادر والمراجع:
- الأعلام 1/ 241 - 242.
- برنامج العبدلية 4/ 53 - 54.
- تاريخ معالم التوحيد 11 - 12، 103 - 104.
- معجم المؤلفين 2/ 179 تحت عنوان «قرة خوجة» نقلا عن بروكلمان الملحق 2/ 692.
- تقديم كتاب «الحلل السندسية» لمحققه د. محمد الحبيب الهيلة ص 78 - 79.
- ذيل بشائر أهل الإيمان ص 230 - 234 [رقم 121] والمقدمة لمحقق الكتاب الأستاذ الطاهر المعموري ص 52 - 54
- فهرس مخطوطات المكتبة الأحمدية 436 - 437.
- المؤرخون التونسيون ... (بالفرنسية) ص 183 - 192.
* * *

  • دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان-ط 2( 1994) , ج: 1- ص: 92