معز الدولة أحمد بن بويه بن فناخسرو بن تمام، من سلالة سابور ذى الاكتاف الساسانى، أبو الحسن، معز الدولة: من ملوك بنى بويه في العراق. فارسى الاصل، مستعرب. كان فى اول امره يحمل الحطب على رأسه، ثم ملك هو واخوه (عماد الدولة) و (ركن الدولة) البلاد. وكان اصغر منهما سنا. ويقال له الاقطع لان يده اليسرى قطعت قى معركة مع الاكراد (في خبر طويل) تولى فى صباه كرمان وسجستان و الاهواز، تبعالاخيه عماد الدولة، ثم امتلك بغداد سنة 334هـ ، فى خلافة المستكفى، ودام ملكه فى العراق 22 سنة الا شهرا. وتوفى فى بغداد، ودفن فى مقابر قريش. قال مسكويه: كان حديدا سريع الغضب، بذى اللسان، يكثر سب وزرائه والمحتشمين من حشمه ويفترى عليهم.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 105
معز الدولة أبو الحسن أحمد بن بويه الديلمي ولد سنة 303 ه وتوفي سنة 356 بعلة الذرب ودفن بباب التبن في مقابر قريش مدفن الإمامين الكاظميين عليهما السلام ومدة إمارته 21 سنة و11 شهرا ويومان.
نسبه
هو أحمد ابن أبي شجاع بويه بن فناخسرو بن يمام أو تمام ابن كوهى ابن شيروين أو شيرويل الأصغر ابن شيركوه شيرويه أو شيرسر بن سثنان شاه بن سيس أو سنش بن قرو أو فيروز بن شيروزيل أو شيرو بن سنباد أو غيلان ابن بهرام جور الملك بن يزدجر الملك ابن هرمز الملك ابن شابور الملك ابن شابور ذي الأكتاف هكذا عن ابن ماكولا وفي كتاب نسمة السحر فيمن تشيع وشعر للشريف يوسف ابن يحيى الحسيني الصنعائي اليمني نقلا عن كتاب التاجي لأبي إسحاق الصابي الذي وضعه في آل بويه وهكذا: بويه ابن فناخسروا ابن يمام بن كوهى بن شيرين الأصغر ابن شيركوه ابن شيرين الأكبر ابن ميرشاه ابن شيرسر بن شاهنشاه ابن سش بن فروين بن شيرد بن غيلاد بن بهرام جور الحكيم ابن يزدجرد بن بهرام بن لوماشاه بن سابور ذي الأكتاف الساساني الديلمي وفي تاريخ طبرستان للسيد ظهير الدين ابن نصير الدين المرعشي عند ذكر أولاد بويه عماد الدولة وركن الدولة حسن ومعز الدولة قال:
(نسب بويه بهذا النحو)
بويه بن فناخسرو بن تمام بن كوهى بن شيره زيل ابن شيرانشاه ابن سيستان بن سيس جرد بن شيره زيل بن سنباد ابن بهرام كور وعن ابن مسكويه أنهم يزعمون أنهم من ولد يزدجرد بن شهريار آخر ملوك الفرس (أه) وكيف كان فنسبهم عريق في الفرس وإنما نسبوا إلى الديلم لطول مقامهم ببلادهم وفي القاموس الديلم جيل وفي معجم البلدان الديلم جيل سموا بأرضهم في قول بعض أهل الأثر وليس باسم لأب لهم (أه) وبلاد الديلم هي جيلان وما والاها من بلاد فارس وكان اسم الديلم يقال قديما لقسم من البلاد الواقعة على ساحل بحر الخزر يفصل بينها وبين العراق العجمي جبل البورز وعرف ساكنو تلك البلاد بالديلم وبقوازمانا بعد انقراض الساسانية يدينون بدين زردشت وقاوموا الجيوش الإسلامية غير مرة كما فعل أهل طبرستان وكان الديلم لمناعته الطبيعية مأمنا لمناوئي الخلفاء العباسية خاصة العلويين دعاة التشيع وفيها ظهر حسن بن زيد العلوي الداعي الكبير سنة 250 وشكل الدولة العلوية في طبرستان.
(ابتداء دولة بني بويه)
كان أبو شجاع بويه والد صاحب الترجمة فقير الحال يتكسب باصطياد السمك في بحيرات الديلم فماتت زوجته وخلفت له ثلاثة أولاد بنين- وهم عماد الدولة علي وركن الدولة الحسن ومعز الدولة أحمد وصاروا كلهم بعد ذلك ملوكا- فاشتد حزنه عليها قال شهريار بن رستم الديلمي كنت صديقا له فعذلته على حزنه وسلليته وأدخلته مع أولاده داري وصنعت لهم طعاما فاجتاز بنا رجل يقول عن نفسه أنه منجم ومعزم ومعبر للمنامات ويكتب الرقى والطلاسم فقال له أبو شجاع رأيت في منامي كأني أبول فخرج من ذكري نار عظيمة حتى كادت تبلغ السماء ثم صارت ثلاث شعب وتولد من تلك الشعب عدة شعب فأضاءت الدنيا بتلك النيران ورأيت البلاد والعباد خاضعين لها فقال المنجم هذا منام عظيم لا أفسره إلا بخلعة وفرس فقال أبو شجاع لست أملك إلا الثياب التي على جسدي قال فعشرة دنانير فقال ما أملك دينارا فأعطاه شيئا فقال إنه يكون لك ثلاثة أولاد يملكون الأرض ويعلو ذكرهم في الآفاق كما علت تلك النار ويولد لهم جماعة ملوك بعدد تلك الشعب فقال أبو شجاع أما تستحي تسخر منا فقال أخبرني بوقت ميلادهم فأخبره فجعل يحسب ثم قبض على يد أبي الحسن علي فقبلها وقال هذا والله لا يملك البلاد ثم هذا فاغتاظ منه أبو شجاع وقال لأولاده اصفعوه فقد أفرط في السخرية بنا فصفعوه وهو يستغيث ونحن نضحك منه فقال لهم اذكروا لي هذا إذا قصدتكم وأنتم ملوك.
ثم خرج من بلاد الديلم جماعة لتملك البلاد منهم ما كان بن كالي ومرادويج بن زيار وار ابن شيرويه وغيرهم ولما استولى ما كان على طبرستان انتظم بويه وابناه عماد الدولة وركن الدولة في قواده ثم توفي بويه وانفرد ولداه عن ما كان وعظم أمرهما ونبغ من آل بويه نوابغ عظام أمثال عماد الدولة وابنه عضد الدولة وأخويه ركن الدولة ومعز الدولة وغيرهم كما يأتي في تراجمهم إنش’’.
(أحوال معز الدولة أحمد بن بويه صاحب الترجمة)
قال ابن الأثير في الكامل: كان حليما كريما عاقلا ولما أحس بالموت أظهر التوبة وتصدق بأكثر ماله وأعتق مماليكه ورد شيئا كثيرا على أصحابه وعهد إلى ابنه عز الدولة بختيار وأوصاه بوصايا خالفها بختيار فندم وهو أول من أحدث أمر السعاة وأعطاهم عليه الجرايات الكثيرة ونشأ في أيامه فضل ومرعوش وفاقا جميع السعاة وكان كل واحد منهما يسير في اليوم نيفا وأربعين فرسخا وتعصب لهما الناس وكان أحدهما ساعي السنة والآخر ساعي الشيعة ’’أه’’ وقال غيره: كان بعد تملكه البلاد يعترف بنعمة الله عليه ويقول: كنت أحتطب الحطب على رأسي نظرا لما كانوا عليه قبل الملك كما مر.
وكان متصلبا في التشيع ذكر ابن الأثير في حوادث سنة 351 أنه كتب عامة الشيعة ببغداد بأمر معز الدولة على المساجد الحط على معاوية بن أبي سفيان ومن غصب فاطمة فدكا ومن منع من أن يدفن الحسن عند جده عليه السلام ومن نفى أبا ذر الغفاري ومن أخرج العباس من الشورى فلما كان الليل حكه بعض الناس فأراد معز الدولة إعادته فأشار عليه الوزير المهلبي بأن يكتب مكانه: الظالمين لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يذكر احدا إلا معاوية ففعل ’’أه’’.
وهو أول من أمر بإقامة المآتم للحسين الشهيد عليه السلام في العشرة الأولى من المحرم على النحو المعروف اليوم واستمرت عليه الشيعة من ذلك الحين. وليس المراد أنه أول من أقام المآتم وأنها لم تكن تقام على الحسين عليه السلام قبل ذلك فقد ذكرنا في إقناع اللائم أن المآتم أقيمت على الحسين عليه السلام قبل قتله وأن أول مأتم أقيم عليه هو الذي أقامه جده صلى الله عليه وسلم بمحضر الصحابة حين أخبره جبرائيل بأنه سيقتل كما رواه الماوردي الشافعي في أعلام النبوة وغيره وروته الشيعة عن أئمة أهل البيت عليه السلام وقد تظافرت الأخبار بأن زين العابدين بكى على أبيه عليهما السلام مدة حياته وما وضع بين يديه طعام ولا شراب إلى بكى وقال: قتل ابن رسول الله جائعا قتل ابن رسول الله عطشان وأقام جابر بن عبد الله الأنصاري المأتم على الحسين عليه السلام حين زار قبره الشريف أول من زاره وأقام أئمة أهل البيت عليه السلام هذه المآتم في كل عصر وزمان بأنحاء مختلفة واتبعهم شيعتهم على ذلك حتى روي عن الإمام الرضا عليه السلام أنه كان إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا وكانت الكآبة تغلب عليه فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه ولا تزيد إقامة المآتم المتعارفة عن هذا في المعنى وإن خالفته في الشكل بل لا تصل إلى هذا الحد بأن لا يرى ضاحكا ولا متبسما والكآبة غالبة عليه في عشر المحرم كله بل المراد أنه أول من أمر بإقامة المآتم على هذا النحو المتعارف.
ذكر ابن الأثير في حوادث سنة 352 أنه في عاشر المحرم أمر معز الدولة الناس أن يغلقوا دكاكينهم ويبطلوا البيع والشراء وأن يظهروا النياحة ويلبسوا قبابا عملوها بالمسوح وأن يخرج النساء منشرات الشعور مسودات الوجوه قد شققن ثيابهن يدرن في البلد بالنوائح ويلطمن وجوههن على الحسين ففعل الناس ذلك ولم يكن للسنية قدرة على المنع منه لكثرة الشيعة ولأن السلطان معهم وذكر نحو ذلك سنة 353 (أه).
وفي كتاب أحسن القصص تأليف القاضي أحمد بن نصر الله الدبيلي التتوي السندي عن تاريخ ابن كثير الشامي أنه قال: في سنة 352 أمر معز الدولة أحمد بن بويه في بغداد في العشر الأول من المحرم بإغلاق جميع أسواق بغداد وأن يلبس الناس السواد ويقيموا مراسم العزاء وحيث لم تكن هذه العادة مرسومة في البلاد لهذا رآها علماء أهل السنة بدعة كبيرة وحيث لم تكن لهم يد على معز الدولة لم يقدروا إلا على التسليم وبعد هذا في كل سنة إلى انقراض دولة الديالمة الشيعة في العشرة الأولى من المحرم من كل سنة يقيمون مراسم العزاء في كل البلاد. وكان هذا في بغداد إلى أوائل سلطنة السلطان طغرل السلجوقي (أه).
قال صاحب الكتاب: أول شخص عمل الشبيه في إقامة العزاء معاوية فإنه لما قتل عثمان أحضر قميصه واصابع زوجته نائلة إلى الشام وكان في كل جمعة يحضرها في الجامع بحضور أهل الشام فوق المنبر (أه).
وقوله: وأن يخرج النساء إلخ. . . . مبالغ فيه قإبراز النساء شعورها أمام الأجانب محرم بضرورة الدين فكيف يقدم عليه معز الدولة وهو إنما يفعل ذلك تدينا وكيف يمكنه أهل الدين منه.
قال ابن الأثير: وفيها في ثامن عشر ذي الحجة أمر معز الدولة بإظهار الزينة في البلد وأشعلت النيران بمجلس الشرطة وأظهر الفرح وفتحت الأسواق بالليل كما يفعل في ليالي الأعياد فعل ذلك فرحا بعيد الغدير- يعني غدير خم- وضربت الدبادب والبوقات وكان يوما مشهودا (قال): وكانت إحدى يديه مقطوعة واختلف في سبب قطعها فقيل قطعت بكرمان في حرب ابن كلويه كما يأتي وقيل غير ذلك.
(شجاعة معز الدولة)
قال ابن الأثير: لما كان أخوه عماد الدولة علي بن بويه يحارب ياقوتا قرب شيزار حتى هزمه وأخذ شيزار كان معز الدولة في ذلك اليوم من أحسن الناس أثرا.
(مسير معز الدولة إلى كرمان وما جرى عليه)
لما تمكن عماد الدولة وأخوه ركن الدولة من بلاد فارس وبلاد الجبل وبقي أخوهما الأصغر معز الدولة بغير ولاية سيراه إلى كرمان سنة 324 في عسكر جرار فلما بلغ السيرجان استولى عليها وجبى أموالها وأنفقها في عسكره وكان إبراهيم الدواتي يحاصر محمد بن إلياس بقلعة هناك فمال بلغه إقبال معز الدولة سار عن كرمان إلى خراسان فتخلص محمد بن إلياس من القلعة وسار إلى مدينة بم وهي على طرف المفازة بين كرمان وسجستان فسار إليه معز الدولة على بم بعض اصحابه وسار إلى جيرفت وهي قصبة كرمان فلما قاربها أتاه رسول علي ابن الزنجي المعروف بعلي بن كلويه وكان هو وأسلافه متغلبين على تلك النواحي فبذل لمعز الدولة مالا ليمتنع عن دخول البلد فلم يقبل فسار علي بن كلويه عنها نحو عشرة فراسخ وتمنع بمكان صعب المسلك ودخل معز الدولة جيرفت واصطلح هو وعلي وأخذ رهائنه وخطب له ثم أشار على معز الدولة بعض أصحابه بكبس ابن كلويه فأصغى إلى ذلك لحداثة سنه وكانت لابن كلويه عيون فأخبروه بحركته فرتب رجاله بمضيق على الطريق فلما اجتاز بهم ثاروا به ليلا فقتلوا في أصحابه وأسروا ولم يفلت منهم إلا اليسير وأصابته ضربات كثيرة ضربة منها بيده اليسرى قطعتها من نصف الذراع وضربة بيده اليمنى اسقطت بعض أصابعه وسقط مثخنا بالجراح بين القتلى وبلغ الخبر إلى أصحابه في جيرفت فهربوا بأجمعهم وفي الصباح تتبع ابن كلويه القتلى فرأى معز الدولة قد أشرف على التلف فأحضر له الأطباء وبالغ في علاجه واعتذر إليه وأنفذ رسله إلى عماد الدولة يعتذر إليه ويعرفه عذر أخيه ويبذل من نفسه الطاعة فقبل طاعته واستقر بينهما الصلح وأطلق على الأسرى وأحسن إليهم ووصل الخبر إلى محمد بن إلياس فسار من سجستان إلى البلد المعروف بجنابه فتوجه إليه معز الدولة ودامت الحرب بينهما عدة ايام فانهزم ابن إلياس وعاد معز الدولة ظافرا وسار نحو ابن كلويه لينتقم منهم فكبس عسكره في ليلة شديدة المطر فقتل ونهب وعاد في الصباح سار نحوهم فقتل كثيرا منهم وهرب علي وكتب معز الدولة إلى أخيه عماد الدولة بما جرى فأمر بالوقوف وأرسل إليه قائدا من قواده بالعودة إليه إلى فارس فعاد إلى أخيه وأقام عنده باصطخر إلى سنة 326.
(استيلاء معز الدولة على الأهواز)
وكان رجل يسمى محمد بن رائق قد استولى على أمر العراق ولم يبق للخليفة معه أمر وكان يدعى أبا عبد الله البريدي قد استولى على خوزستان ووقعت الوحشة بينه وبين ابن رائق فجهز ابن رائق قائدا لحرب البريدي اسمه بجكم وأصله مملوك فجرت حروب بين البريدي وابن رائق وفي آخرها انهزم البريدي وأتى إلى عماد الدولة واستجار به وأطعمه في ملك العراق وهون عليه أمر الخليفة وابن رائق فسير معه أخاه معز الدولة إلى الأهواز وترك البريدي ولديه رهينة عند عماد الدولة فبلغ بجكما نزولهم أرجان فسار لحربهم فانهزم بجكم وأقام بالأهواز وجعل بعض عسكره بعسكر مكرم فقاتلوا معز الدولة بها ثلاثة عشر يوما ثم انهزموا إلى تستر فاستولى معز الدولة على عسكر مكرم ثم ساروا إلى الأهواز ثم هرب البريدي من معز الدولة واستولى على جميع كور الأهواز سوى عسكر مكرم وأرسل إلى معز الدولة أن ينتقل إلى السوس لأن البريدي كان قد ضمن الأهواز والبصرة من عماد الدولة كل سنة بثمانية عشر ألف ألف درهم فامتنع معز الدولة من ذلك فأنفذ بجكم جماعة من أصحابه فاستولى على السوس وجنديسابور وبقيت الأهواز بيد البريدي ولم يبق بيد معز الدولة سوى عسكر مكرم فضاق به الحال وأراد بعض جنده مفارقته فكتب إلى أخيه عماد الدولة بذلك فأنفذ له جيشا استعاد به كور الأهواز وانهزم البريدي إلى البصرة وأقام بجكم بواسط طامعا في الاستيلاء على بغداد.
وفي سنة 331 وصل معز الدولة إلى البصرة فحارب البريديين وأقام عليهم مدة ثم استأمن جماعة من قواده إلى البريديين فاستوحش من الباقين فانصرف عنهم.
وفي سنة 332 سار الخليفة المتقي لله من بغداد إلى الموصل خوفا من المتغلبين على بغداد وكان قد تزوج ابنة ناصر الدولة الحمداني صاحب الموصل وكان رجل من الأتراك يقال له تورون قد جعله المتقي أمير الأمراء وكانت واسط في يده لما سار المتقي إلى الموصل جرت حروب بين تورون وسيف الدولة ابن حمدان انهزم فيها سيف الدولة ودخل تورون الموصل.
فلما بلغ معز الدولة مسير تورون إلى الموصل سار هو إلى واسط لميعاد من البريديين أو يمدوه بعسكر في الماء فأخلفوا وعاد تورون من الموصل والتقى مع معز الدولة بموضع يقال له (قباب حميد) وطالت الحرب بينهما بضعة عشر يوما وأصحاب تورون يتأخرون والديلم يتقدمون إلى أن عبر تورون نهر (ديالى) وهو نهر يأتي من بلاد العجم ويصب في دجلة ووقف عليه ومنع الديلم من العبور وكان مع تورون مقاتلة في الماء في دجلة فأصعد معز الدولة على ديالى ليبعد عن دجلة ويعبر فسير تورون جماعة عبروا ديالى وكمنوا فلما حاذاهم معز الدولة خرجوا عليه وحالوا بينه وبين عسكره وثقله ووقعوا في العسكر وهو على غير تعبية وعبر إليهم أكثر أصحاب تورون سباحة فجعلوا يقتلون ويأسرون وهرب ابن بويه ووزيره الصميري إلى السوس ولحق به من سلم من عسكره وأسر من قواده أربعة عضشر قائدا منهم ابن الداعي العلوي ثم إن تورون عاوده ما كان يأخذه من الصراع فشغل بنفسه عن معز الدولة وعاد إلى بغداد.
وفي سنة 333 وصل معز الدولة إلى مدينة واسط فسار إليه تورون والخليفة المستكفي ففارقها فعادا إلى بغداد.
(استيلاء معز الدولة على بغداد)
وفي سنة 334 مات تورون وتولى الإمارة ابن شيرزاد فاستعمل على واسط بنال كوشة بنال معز الدولة وهو في واسط ودخل في طاعته واستقدمه فسار معز الدولة نحوه فاضطرب الناس ببغداد فلما وصل باجسرى اختفى المستكفي وابن شيرزاد وسار الأتراك إلى الموصل فظهر المستكفي وقدم أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي صاحب معز الدولة إلى بغداد وكان كاتبا لمعز الدولة فلما مات وزيره الصيمري قلده الوزارة وكان شيعيا فاجتمع بابن شيرزاد بالمكان الذي استتر فيه ثم اجتمع بالمستكفي فأظهر السرور بقدوم معز الدولة ووصل معز الدولة إلى بغداد ودخل على المستكفي وبايعه وحلف له المستكفي وخلع عليه ولقبه ذلك اليوم معز الدولة ولقب أخاه عليا عماد الدولة وآخاه الحسن ركن الدولة وأمر أن تضرب ألقابهم وكناهم على الدنانير والدراهم وسأله معز الدولة أن يأذن لابن شيرزاد بالظهور ويأذن له أن يستكتبه فأذن بذلك فظهر ابن شيرزاد وولاه معز الدولة الخراج ونزل أصحاب معز الدولة في دور الناس فلحقهم من ذلك شدة عظيمة وصار رسما عليهم ولم يكن قبل ذلك وأقيم للمستكفي كل يوم خمسة آلاف درهم لنفقاته وكانت ربما تأخرت عنه فأقرت له مع ذلك ضياع سلمت إليه تولاها كاتبه أبو أحمد الشيرازي.
ثم اتهم معز الدولة المستكفي بأنه يريد استمالة الديلم والأتراك وإزالة معز الدولة وأكد ذلك عنده أن علم القهرمانة صنعت دعوة عظيمة لقواد الديلم والأتراك وأخبره خاله أسفهد فوست من أكابر قواده بأن الخليفة راسله في أن يلقاه سرا وكان بين المستكفي والمطيع عداوة لأجل الخلافة فلما ولي المستكفي استتر المطيع فلما قدم معز الدولة استتر عنده وأغراه بالمستكفي فحضر معز الدولة والناس عند الخليفة وحضر رسول صاحب خراسان وحضر رجلان من نقباء الديلم يصيحان فتناولا يد المستكفي فظن أنهما يريدان تقبيلها فجذباه عن سريره وجعلا عمامته في عنقه وأخذاه إلى دار معز الدولة فاعتقل بها وبويع للمطيع وسلم إليه المستكفي فتسلمه وأعماه بعدما سلم عليه بالخلافة وخلع نفسه وأخذت علم القهرمانة وقطع لسانها وقبض على الشيرازي كاتب المستكفي وتسلم معز الدولة العراق بأسره ولم يبق بيد الخليفة منه شيء سوى ما أقطعه معز الدولة مما يقوم بعض حاجته ولم يبق له وزير بل كاتب فقط والوزارة لمعز الدولة وكان أمر الخلافة قد انحل قبل ذلك.
(الحرب بين معز الدولة وناصر الدولة بن حمدان)
فيها سير معز الدولة عسكرا إلى الموصل وهي لناصر الدولة الحمداني وكان قد خرج منها نحو العراق ووصل سامراء فوقعت الحرب بينه وبين عسكر معز الدولة بعكبرا ثم سار معز الدولة مع المطيع إلى عكبرا فلحق ابن شيرزاد بناصر الدولة وعاد بعسكر لناصر الدولة إلى بغداد فاستولى عليها ودبر الأمور نيابة عن ناصر الدولة من سامراء إلى بغداد ونزل الجانب الشرقي فنهب معز الدولة معز الدولة تكريت لأنها لناصر الدولة ورجع هو والخليفة إلى بغداد فنزلوا بالجانب الغربي ووقعت الحرب بينهم ببغداد ومنع أعراب ناصر الدولة عسكر معز الدولة من الميرة والعلف فغلت الأسعار عليهم ومنع ناصر الدولة من التعامل بالدنانير والدراهم التي عليها اسم المطيع وضرب دراهم ودنانير عليها اسم المتقي لله وعبر ناصر الدولة ليلة في ألف فارس لكبس معز الدولة فلقيهم أسفهدوست وكان من أعظم الناس شجاعة فهزمهم وضاق الأمر بالديلم فاحتال معز الدولة وأظهر أنه يعبر في قطربل فأمر وزيره الصيمري وأسفهدوست بالعبور وسار ليلا ومعه المشاعل على شاطئ دجلة فأسر أكثر عسكر ناصر الدولة بأزائه ليمنعوه من العبور فعبر الصيمري والقائد وأصحابهم وعاد معز الدولة إلى موضعه فعملوا بحيلته وحارب أصحاب ناصر الدولة أصحاب الصيمري فهزمهم الصيمريون وملكوا الجانب الشرقي وأعيد الخليفة داره في محرم سنة 335 ونهب الديلم بغداد فأمرهم معز الدولة بالكف فلم ينتهوا فأمر وزيره الصيمري فركب وقتل وصلب جماعة ثم استقر الصلح بينه وبين ناصر الدولة بغير علم من الأتراك التورونية فلما علموا بذلك ثاروا بناصر الدولة وهو نازل شرقي تكريت فهرب منهم فأمروا عليهم تكين الشيرازي وكتب ناصر الدولة إلى معز الدولة يستصرخه فسير جيوش إليه مع وزيره الصيمري فالتقوا مع تكين في الحديثة واقتتلوا فهرب تكين والأتراك وتبعهم العرب فقتلوا فيهم وأسر تكين وحمل إلى ناصر الدولة فسلمه.
وفيها اختلف معز الدولة وأبو القاسم البريدي والي البصرة فأرسل معز الدولة جيشا إلى واسط فسير إليه البريدي جيشا من البصرة فاقتتلوا وانهزم أصحاب البريدي من أعيانهم جماعة.
(استيلاء معز الدولة على البصرة)
وفيها اختلف معز الدولة وأبو القاسم البريدي والي البصرة فأرسل معز الدولة جيشا إلى واسط فسير إليه البريدي جيشا من البصرة فاقتتلوا وانهزم أصحاب البريدي وأسر من أعيانهم جماعة.
وفي سنة 336 سار معز الدولة ومعه المطيع إلى البصرة لأخذها من أبي القاسم عبد الله ابن أبي عبد الله البريدي وسلكوا البرية إليها فأرسل إليه القرامطة ينكرون عليه مسيره إلى البرية بغير أمرهم وهي لهم فقال للرسول: قل لهم من أنتم حتى تستأمروا وليس قصدي من أخذ البصرة غيركم فلما وصل الدرهمية استأمن إليه عساكر البريدي وهرب هو إلى القرامطة وملك معز الدولة البصرة.
وخالف كوركين من أكابر القواد على معز الدولة فسير إليه الصيمري فقاتله فانهزم كوركين وأخذ أسيرا وحبس.
وأبقى معز الدولة الخليفة والصيمري بالصرة ولقي أخاه عماد الدولة بأرجان وقبل الأرض بين يديه وكان يقف دائما عنده فيأمره بالجلوس فلا يفعل ثم عاد مع الخليفة إلى بغداد وأظهر أنه يريد الذهاب إلى الموصل فترددت الرسل بينه وبين ناصر الدولة واستقر الصلح وحمل إليه المال فسكت عنه.
وفي سنة 337 سار إلى الموصل فلما سمع ناصر الدولة بذلك سار إلى نصيبين فملك معز الدولة الموصل فجاءه الخبر من أخيه ركن الدولة أن عساكر خراسان قصدت جرجان والري ويستمده فاضطر إلى مصالحة ناصر الدولة فاستقر الصلح بينهما على أن يؤدي ناصر الدولة عن الموصل وديار الجزيرة والشام كل سنة ثمانية آلاف ألف درهم ويخطب في بلاده لعماد الدولة وأخويه فعاد إلى بغداد.
وفيها قبض معز الدولة على خاله اسفهدوست وسجنه في رامهرمز- وكان من أكابر قواده- لأنه كان يكثر الدالة عليه ويعيبه وبلغه أنه كان يراسل المطيع في القبض عليه.
واستأمن إليه أبو القاسم البريدي فأحسن إليه وقطعه.
(عصيان عمران بن شاهين على معز الدولة)
وفي سنة 338 استفحل أمر عمران بن شاهين وكان من أهل الجامدة فجبى جبايات وهرب إلى البطيحة خوفا من السلطان وأقام بين القصب والآجام يقتات بما يصيده من السمك وطيور الماء ثم صار يقطع الطريق واجتمع إليه جماعة من الصيادين واللصوص فقوي بهم ثم استأمن إلى أبي القاسم البريدي فقلده حماية الجامدة والبطائح فكثر جمعه وغلب على تلك النواحي فأرسل معز الدولة وزيره الصيمري لمحاربته فحاربه مرارا واستأسر أهله وعياله واستتر هو فكاد أن يهلك فاتفق موت عماد الدولة واضطراب جيشه بفارس فأرسل معز الدولة إلى الصيمري بالمبادرة إلى شيراز لإصلاح أمرها ففعل فظهر ابن شاهين وعاد إلى حاله.
وأرسل ركن الدولة بعد موت عماد الدولة إلى أخيه معز الدولة شيئا كثيرا من المال والسلاح من شيراز.
وفيها مات محمد بن أحمد الصيمري وزير معز الدولة فاستوزر الحسن بن محمد المهلبي.
وأنفذ معز الدولة روزبهان من أعيان عسكره لحرب عمران بن شاهين فاستظهر عليه عمران وهزمه فكتب إلى المهلبي بحربه وأمده بالقواد فضيق على عمران وانتهى إلى مضائق لا يعرفها إلا عمران فأشار روزبهان على المهلبي بالهجوم عليه ليصيب المهلبي ما أصابه من الهزيمة فلم يقبل فكتب إلى معز الدولة بعجز المهلبي فكتب معز الدولة إلى المهلبي بالمناجزة فترك الحزم وهجم بعسكره على عمران فخرج عليه الكمناء ووضعوا فيهم السيف وألقى المهلبي نفسه في الماء فنجا سباحة فتأخر روزبهان وأصحابه ليسلموا عند الهزيمة فسلموا وأسر عمران القواد فاضطر معز الدولة لمصالحته.
وفي سنة 341 سار يوسف بن وجيه صاحب عمان إلى البصرة وحصرها واستمد القرامطة لعلمه باستيحاشهم من معز الدولة لما أجابهم به كما مر فسار إليه الوزير المهلبي بالعساكر وأمده معز الدولة فدخلها قبل وصول يوسف فتحارب هو ويوسف اياما ثم انهزم يوسف.
وفيها ضرب معز الدولة وزيره المهلبي بالمقارع لأمور نقمها عليه ولم يعزله من الوزارة.
وفي سنة 342 أرسل الخليفة المطيع رسلا إلى خراسان للإصلاح بين نوح بن أحمد الساماني صاحب خراسان وركن الدولة ابن بويه فلما وصلوا حلوان خرج عليهم ابن أبي الشوك الكدري وقومه فنهبوهم وقافلتهم وأسروهم ثم أطلقوهم فأرسل معز الدولة عسكرا إلى حلوان فأوقع بالأكراد.
وفيها سير مع الحاج رجلين من العلويين فجرى بينهما وبين عساكر المصريين من أصحاب ابن طغج حرب كان الظفر فيها لهما فخطب بمكة لمعز الدولة.
وفي سنة 343 وقعت الحرب بمكة بين أصحاب معز الدولة وأصحاب ابن طغج من المصريين فكانت الغلبة لأصحاب معز الدولة فخطب بمكة والحجاز لركن الدولة ومعز الدولة وولده وبعدهم لابن طغج.
وفيها أرسل معز الدولة سبكتكين في جيش إلى شهرزور (السليمانية) لفتحها ومعه المنجنيقات فلم يمكنه فعاد إلى بغداد.
وفي سنة 344 مرض معز الدولة وارجف بموته وبلغ عمران بن شاهين أنه مات فمر عليه مال لمعز الدولة فأخذه فلما عوفي رده.
وفي سنة 345 عصى روزبهان بن وندان خرشيد الديلمي على معز الدولة وخرج أخوه بلكا بشيراز وخرج أخوهما أسفار بالأهواز ومال الديلم إلى رزبهان وشغبوا على معز الدولة فسار إليه وبلغ ذلك ناصر الدولة فسير عسكرا مع ولده جابر للاستيلاء على بغداد فخاف الخليفة ولحق بمعز الدولة فأعاد سبكتكين الحاجب وغيره من ثقاته إلى بغداد فشغب من بها من الديلم فوعدوا بأرزاقهم فسكنوا وبلغ معز الدولة قنطرة أربق فنزل وجعل على الطرق من يحفظ الديلم من الاستئمان إلى روزبهان لأنهم كانوا يأخذون العطاء منه ويهربون عنه ثم أراد العبور بثقاته فطلب منه الديلم أن يعبروا معه وقالوا له لا صبر لنا على القعود مع الغلمان فإن ظفرت كان الاسم لغيرنا وإن ظفر عدوك لحقنا العار وكان ذلك خديعة منهم فقال أريد أن أجربهم وفي الغد نلقاهم بأجمعنا ثم عبر ووقع الحرب إلى الغروب ففني نشاب الأتراك وتعبوا وقالوا نستريح الليلة ونعود غدا فعلم أنه إن رجع زحف إليه روزبهان وثار به الديلم ولا يمكنه الهرب فبكى بين يدي أصحابه وطلب منهم أن يحملوا بأجمعهم وهو أمامهم فإما أن يظفروا أو يكون أول من يقتل فطالبوه بالنشاب وكان قد بقي جماعة صالحة من الغلمان الصغار ومعهم نشاب وتحتهم الخيل الجياد فأشار إليهم ليحضروا ويسلموا النشاب فظنوا أنه يأمرهم بالحملة فحملوا وهم مستريحون فخرقوا صفوف روزبهان حتى صاروا وراءها وحمل معز الدولة بمن معه فكانت الهزيمة وأخذ روزبهان أسيرا وجماعة من قواده وعاد معز الدولة إلى بغداد ومعه روزبهان ليراه الناس وسار سبكتكين إلى أبي المرجا جابر ابن ناصر الدولة فلم يلحقه وسجن روزبهان فبلغه أن الديلم يريدون إخراجه قهرا فأخرجه ليلا وأغرقه وظفر أبو الفضل ابن العميد ببلكا أخو روزبهان وقبض معز الدولة على جماعة من الديلم واستطال الأتراك عليهم.
وفي سنة 346 سار معز الدولة نحو الموصل بسبب ما فعله ناصر الدولة فراسله وضمن منه البلاد كل سنة بألفي ألف درهم وحمل إليه مثلها فعاد.
وفي سنة 347 أخر ناصر الدولة حمل المال فسار معز الدولة إلى الموصل ومعه وزيره المهلبي فخرج ناصر الدولة إلى نصيبين وملك معز الدولة الموصل وكانت عادة ناصر الدولة إذا قصده أحد سار عن الموصل واستصحب معه الكتاب والوكلاء ومن يعرف أبواب المال ففعل هذه المرة كذلك فضاقت الأقوات على معز الدولة وعسكره وبلغه أن في نصيبين من الغلات السلطانية فسار إليها فبلغه أن ناصر الدولة بسنجار في عسكر فسير إليهم عسكرا فانهزموا ثم عادوا إليهم وهم غارون فقتلوا وأسروا وسار معز الدولة إلى نصيبين ففارقها ناصر الدولة إلى ميا فارقين واستأمن أصحابه إلى معز الدولة فسار ناصر الدولة إلى أخيه سيف الدولة بحلب فراسل معز الدولة في الصلح وضمن هو البلاد منه بألفي ألف وتسعمائة ألف درهم وإطلاق من أسر من أصحابه فقبل وعاد إلى بغداد ورجع ناصر الدولة إلى الموصل وذلك في المحرم سنة 348.
وفيها توفي أبو الحسن محمد بن أحمد المافروخي كاتب معز الدولة وكتب له بعده أبو بكر ابن أبي سعيد.
وفي سنة 349 استأمن أبو الفتح أخو عمران بن شاهين إلى معز الدولة فأكرمه وأحسن إليه.
وفي سنة 350 مرض معز الدولة مرضا شديدا بعسر البول والحصى والرمل ثم عوفي فعزم على الانتقال من بغداد إلى الأهواز لأنه اعتقد أن ما يعتريه من الأمراض بسبب مقامه ببغداد فانحدر إلى كلواذي فأشار عليه أصحابه بالتريث لأنهم خافوا على بغداد أن تخرب بانتقال دار الملك عنها ثم أشاروا عليه أن يبني دارا في أعلى بغداد لتكون أرق هواء وأصفى ماء ففعل وبنى داره في موضع المسناة المعزية وأنفق عليها ثلاثة عشر ألف ألف درهم فاحتاج إلى مصادرة جماعة من أصحابه.
وفي سنة 352 توفي الوزير المهلبي وزير معز الدولة فقبض معز الدولة أمواله وذخائره قال ابن الأثير: وكان كريما فاضلا ذا عقل ومروءة فمات بموته الكرم ونظر في الأمور بعده أبو الفضل العباس بن الحسين الشيرازي وأبو الفرج محمد بن العباس بن فسانجس من غير تسمية لأحدهما بوزارة.
(ملك معز الدولة الموصل وعوده عنها)
كان قد استقر الصلح بين معز الدولة وناصر الدولة على ألف ألف درهم يحملها ناصر الدولة كل سنة ثم بذل زيادة ليكون اليمين أيضا لوالده أبي تغلب فضل الله الغضنفر معه فيحلف معز الدولة لهما فلم يجب إلى ذلك وسار معز الدولة سنة 353 إلى الموصل فلما قاربها سار ناصر الدولة إلى نصيبين فلما قاربها سار عنها ناصر الدولة فدخلها وملكها وخاف أن يخالفه ناصر الدولة إلى الموصل فعاد إليها وكان أبو تغلب ابن ناصر الدولة قد قصد الموصل وحارب من بها فكانت الدائرة عليه فحرق سفن معز الدولة وانصرف ولما بلغ معز الدولة ظفر أصحابه أقام ببر قعيدة فبلغه أن ناصر الدولة بجزيرة ابن عمر فرحل إليها فلم يجده بها واجتمع ناصر الدولة وأولاده وعساكره وقصدوا الموصل فقتلوا وأسروا كثيرا من أصحاب معز الدولة وقواده وملكوا جميع ما خلفه من مال وسلاح وحمل الجميع إلى قلعة كواشي فقصده معز الدولة فسار إلى سنجار فعاد معز الدولة إلى نصيبين فسار أبو تغلب بن ناصر الدولة فنزل بظاهر الموصل فسار معز الدولة إلى الموصل ففارقها أبو تغلب وقصد الزاب وراسل معز الدولة في الصلح فأجابه لأنه علم أنه متى فارق الموصل عادوا وملكوها ومتى أقام بها أغاروا على النواحي فعقد عليه ضمان الموصل وديار ربيعة والرحبة وما كان في يد أبيه وإطلاق من عندهم من الأسرى وعاد إلى بغداد.
وفي سنة 354 سير معز الدولة عسكرا إلى عمان فدخل أميرها نافع في طاعته وخطب له وضرب اسمه على الدينار والدرهم فلما عاد العسكر عنه وثب به أهل عمان فأخرجوه وسلموا البلد إلى القرامطة وهرب نافع إلى معز الدولة فلقيه بواسط وهو يحارب عمران بن شاهين فجهز الجيش والمراكب إلى عمان وساروا سنة 355 وانضم إليهم بسيراف الجيش الذي جهزه عضد الدولة نجدة لعمه معز الدولة فاجتمعوا ودخلوا عمان وخطب لمعز الدولة فيها وقتل من أهلها مقتلة عظيمة وأحرقت مراكبهم وهي 89 مركبا.
ثم مرض معز الدولة وهو يحارب عمران بن شاهين فأصعد إلى بغداد وخلف العسكر بواسط ووعدهم العود فلما وصل بغداد اشتد مرضه وتوفي سنة 356.
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 484
معز الدولة ابن بويه الديلمي اسمه أبو الحسن أحمد بن بويه
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 131
معز الدولة أحمد بن بويه الديلمي السلطان معز الدولة أبو الحسين، قدم إلى بغداذ سنة أربع وثلاثين ومات بالبطن سنة ست وخمسين وثلاث مائة، وعهد إلى ولده عز الدولة أبي منصور بختيار وقيل إنه لما احتضر أحضر بعض العلماء وتاب على يده وسأله عن الصحابة فذكر له سوابقهم وأن عليا زوج بنته من فاطمة بعمر رضي الله عنهم فاستعظم ذلك وقال: ما علمت بهذا، وتصدق بأموال عظيمة وأعتق غلمانه وأراق الخمور ورد كثيرا من المظالم، وكان الرفض في آخر أيامه ظاهرا ببغداذ، ويقال إنه بكى حتى أغمي عليه وندم على الظلم، وتوفي سابع عشرين شهر ربيع الآخر عن ثلاث وخمسين سنة بعلة الذرب وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة، وكان قد رد المواريث إلى ذوي الأرحام، وكان يقال له الأقطع لأنه وقعت فيه عدة ضربات من الأكراد وطارت يده اليسرى وبعض أصابع اليمنى وسقط بين القتلى ثم سلم بعد ذلك وملك ببغداذ بغير كلفة، ودفن بمشهد بني له في مقابر قريش، وذكر أبو الفرج ابن الجوزي في شذور العقود أن معز الدولة كان يبيع الحطب على رأسه في أول أمره ثم ملك هو وإخوته البلاد وآل أمرهم إلى ما آل وكان أصغر إخوته، قال أبو الحسين أحمد العلوي: بينا أنا في داري على دجلة بمشرعة القصب في ليلة ذات غيم ورعد وبرق سمعت صوتا من هاتف يقول:
لما بلغت أبا الحسـ | ـن مراد نفسك في الطلب |
وأمنت من حدث الليا | لي واحتجبت عن النوب |
مدت إليك يد الردى | وأخذت من بيت الذهب |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 6- ص: 0
معز الدولة أحمد بن بويه
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 10- ص: 0
معز الدولة السلطان أبو الحسين، أحمد بن بويه بن فنا خسرو بن تمام بن كوهي الديلمي الفارسي، قد ساق نسبه ابن خلكان إلى كسرى بهرام جور، فالله أعلم.
كان أبوه سماكا، وهذا ربما احتطب. تملك العراق نيفا وعشرين سنة، وكان الخليفة مقهورا معه، ومات مبطونا، فعهد إلى ابنه عز الدولة بختيار وكان يتشيع، فقيل: تاب في مرضه وترضى عن الصحابة، وتصدق، وأعتق، وأراق الخمور، وندم على ما ظلم، ورد المواريث إلى ذوي الأرحام، وكان يقال له: الأقطع، طارت يساره في حرب، وطارت بعض اليمنى، وسقط بين القتلى ثم نجا، وتملك بغداد بلا كلفة، ودانت له الأمم، وكان في الابتداء تبعا لأخيه الملك عماد الدولة.
مات في ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلاث مائة، وله ثلاث وخمسون سنة.
وقد أنشأ دارا غرم عليها أربعين ألف ألف درهم، فبقيت إلى بعد الأربع مائة ونقضت، فاشتروا جرد ما في سقوفها من الذهب بثمانية آلاف دينار.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 248