جحظة البرمكي أحمد بن جعفر بن موسى بن الوزير يحيى بن خالد بن برمك، أبو الحسن: نديم اديب مغن، من بقايا البرامكة، من أهل بغداد. كان في عينيه نتوء فلقبه ابن المعتز بجحظة فلزمه اللقب. وكان كثير الرواية للاخبار متصرفا في فنون من العلم كاللغة والنجوم، مليح الشعر، حاضر النادرة عارفا بالموسيقى، لم يكن احد يتقدمه في صناعة الغناء. نادم ابن المعتز والمعتمد العباسيين وصنف كتبا قليلة منها ’’المشاهدات’’ في الاخبار واللطائف و (ما صح مما جربه علماء النجوم) و (اخبار الطنبوريين’’ وله ديوان شعر واخباره كثيرة. ولادته في بغداد ووفاته في جبل (قرية من اعمال بغداد) ولابي الفرج الاصبهاني كتاب ’’اخبار جحظة البرمكي’’.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 107
جحظة البرمكي أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد بن برمك هو أبو الحسن جحظة البرمكي النديم، لقيه ابن المعتز فقال له: ما حيوان إذا قلب صار آلة للبحرية؟ فقال: علق إذا عكس صار قلعا، فقال: أحسنت يا جحظة، فلزمه هذا اللقب، وكان في عينيه نتو جدا وكان قبيح المنظر، وكان المعتمد يلقبه خنياكر، وكان حسن الأدب كثير الرواية للأخبار متصرفا في فنون من النحو واللغة والنجوم مليح الشعر مقبول الألفاظ حاضر النادرة وكان طنبوريا فائقا، له من التصانيف: كتاب الطبيخ. كتاب ما جمعه مما جربه المنجمون فصح من الأحكام. كتاب الطنبوريين. فضائل السكباج. كتاب ما شهده من المعتمد. ديوان شعره. كتاب الترنم. كتاب المشاهدات. وكان جحظة وسخا قذرا دني النفس قليل الدين، قيل عنه كان لا يصوم شهر رمضان، قال أبو القاسم الحسين ابن علي البغداذي: كان جحظة عند أبي يوما في شهر رمضان فاحتبسه فلما كان نصف النهار سرق من الدار رغيفا ودخل المستراح وجلس على المقعدة يأكل واتفق أن دخل أبي فرآه فاستعظم ذلك وقال: ما هذا؟ قال أفت لبنات وردان ما يأكلون فقد رحمتهم من الجوع. وقال أبو الحسن أحمد بن يوسف التنوخي: حدثني أبو علي ابن الأعرابي الشاعر قال: كنت في دعوة جحظة فأكلت وجلسنا نشرب وهو يغني إذ دخل رجل فقدم إليه جحظة زلة كان زلها من طعامه ونحن نأكل وكان بخيلا على الطعام وكأن الرجل كان طاويا فأتى على الزلة ورفع الطيفورية فارغة وجحظة يزرقه ونحن نلمح جحظة ونضحك، فلما فرغ قال له جحظة: تلعب معي بالنرد، قال: نعم، فوضعاه بينهما ولعبا فتوالى الغلب على جحظة فأخرج جحظة رأسه من قبة الخيش ورفعه إلى السماء وقال كأنه يخاطب الله تعالى: وإني أستحق هذا لأني أشبعت من أجعته. وحدث جحظة في أماليه قال: كنت أشرب عند بعض إخواني في ناعورة ثابت الرصاصي في يوم مطر ومعنا شيخ خضيب حسن البزة متصدر فتجارينا ذكر المطر وما جاء فيه من الخبر فقال ذلك الشيخ: حدثونا يا سيدي عن النبي صلى الله عليه وعلى أصحابه با بكر وبا حفص وعلى النبيين السريين منكر ونكير وعلى عمر بن العاص قاتل الكفار يوم غدير خم وصاحب راية النبي يوم القطائف - يريد يوم الطائف- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومحا ملك يتبحا حتى يضحا في موضحا ثم يصعد ويدحا، فقلت: يا شيخ فالقطر يقع من الكنيف فالملك ينزل معه، قال: نعم يا سيدي فيهم ما في الناس من الدناءة والخسة، قلت: يريد ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومعها ملك يتبعها حتى يضعها في موضعها ثم يصعد ويدعها فأبدل العين حاء مهملة. ومن شعره:
لي صديق مغرى بقربي وشدوي | وله عند ذلك وجه صفيق |
قوله إن شدوت: أحسنت زدني | وبأحسنت لا يباع الدقيق |
ومن كلفي إياه أمطر ناظري | إذا هو أبدي من ثناياه لي برقا |
كأن دموعي تبصر الوصل هاربا | فمن أجل ذا تجري لتدركه سبقا |
إذا ما ظمئت إلى ريقه | جعلت المدامة منه بديلا |
وأين المدامة من ريقه! | ولكن أعلل قلبي قليلا |
أقول لها والصبح قد لاح ضوءه | كما لاح ضوء البارق المتألق |
شبيهك قد وافى وآن افتراقنا | فهل لك في صوت وكأس مروق |
فقلت شفائي في الذي قد ذكرته | وإن كنت قد نغصته بالتفرق |
أي شيء رأيت أعجب من ذا | إن تفكرت ساعة في الزمان |
كل شيء من السرور بوزن | والبلايا تكال بالقفزان |
وليل في كواكبه حران | فليس لطول مدته انقضاء |
عدمت مطالع الإصباح فيه | كأن الصبح جود أو وفاء |
رحلتم فكم من أنة بعد أنة | مبينة للناس شوقي إليكم |
وقد كنت أعتقت الجفون من البكا | وقد ردها في الرق حزني عليكم |
إليك أبا إسحاق عني رسالة | تزين الفتى إن كان يعشق زينه |
لقد كنت غضبانا على الدهر زاريا | عليه فقد أصحلت بيني وبينه |
دعاني صديق لي لأكل قطائف | فأمعنت فيها آمنا غير خائف |
فقال وقد أنضجت بالأكل قلبه: | ترفق قليلا فهي إحدى المتالف |
فقلت له ما إن سمعنا بميت | يناح عليه: يا قتيل القطائف |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 6- ص: 0
جحظة البرمكي اسمه: أحمد بن جعفر بن موسى.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 11- ص: 0
أحمد بن جعفر جحظة هو أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد بن برمك البرمكي النديم. قال أبو عبد الله الحسن بن علي بن مقلة: سألت جحظة عمن لقبه بهذا اللقب فقال: ابن المعتز لقبني به، فإنه لقبني يوما فقال لي: ما حيوان إذا قلب صار آلة للبحرية؟ فقلت: علق إذا عكس صار قلعا، فقال: أحسنت يا جحظة، فلزمني هذا اللقب، وهو من في عينيه نتوء جدا؛ وكان قبيح المنظر وكان له لقب آخر يلقبه به المعتمد، وهو خنياكر، وما أدري أي شيء معناه.
كان حسن الأدب كثير الرواية للأخبار متصرفا في فنون من العلم كالنحو واللغة والنجوم، مليح الشعر مقبول الألفاظ حاضر النادرة، وكان طنبوريا حاذقا فيه فائقا، مات في شعبان سنة أربع وعشرين وثلاثمائة بجبل ومولده سنة أربع وعشرين ومائتين.
ذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: ولجحظة من التصانيف: كتاب الطبيخ، لطيف. كتاب الطنبوريين. كتاب فضائل السكباج. كتاب الترنم. كتاب المشاهدات. كتاب ما شاهده من أمر المعتمد على الله. كتاب ما جمعه مما جربه المنجمون فصح من الأحكام. كتاب ديوان شعره.
قال: كان جحظة وسخا قذرا دنيء النفس في دينه قلة، وهو القائل:
إذا ما ظمئت إلى ريقه | جعلت المدامة منه بديلا |
وأين المدامة من ريقه | ولكن أعلل قلبا عليلا |
لي صديق مغرى بقربي وشدوي | وله عند ذاك وجه صفيق |
قوله إن شدوت أحسنت زدني | وبأحسنت لا يباع الدقيق |
قد نادت الدنيا على نفسها | لو كان في العالم من يسمع |
كم واثق بالعمر أوثقته | وجامع بددت ما يجمع |
أقول لها والصبح قد لاح ضوءه | كما لاح ضوء البارق المتألق |
شبيهك قد وافى ولاح افتراقنا | فهل لك في صوت وكأس مروق |
فقالت شفائي في الذي قد ذكرته | وان كنت قد نغصته بالتفرق |
إذا كانت صلاتكم رقاعا | تخطط بالأنامل والأكف |
ولم تكن الرقاع تجر نفعا | فها خطي خذوه بألف ألف |
طرقنا بزوغى حين أينع زهرها | وفيها لعمر الله للعين منظر |
وكم من بهار يبهر العين حسنه | ومن جدول بالبارد العذب يزخر |
ومن مستحث بالمدام كأنه | وإن كان ذميا أمير مؤمر |
وفي كفه اليمنى شراب مورد | وفي كفه اليسرى بنان معصفر |
شقائق تندى بالندى فكأنها | خدود عليهن المدامع تقطر |
وكم ساقط سكرا يلوك لسانه | وكم قائل هجرا وما كان يهجر |
وكم منشد بيتا وفيه بقية | من العقل إلا أنه متحير |
«فكان مجني دون من كنت أتقي | ثلاث شخوص كاعبان ومعصر» |
وكم من حسان جس أوتار عوده | فألهب نارا في الحشا تتسعر |
يغني وأسباب الصواب تمده | بصوت جليل ذكره حين يذكر |
أحن حنين الواله الطرب الذي | ثنى شجوه بعد الغداء التذكر |
أجحظة إن تجزع على فقد معشر | فقدت بهم من كان للكسر يجبر |
وأصبحت في قوم كأن عظامهم | إذا جئتهم في حاجة تتكسر |
فصبرا جميلا إن في الصبر مقنعا | على ما جناه الدهر والله أكبر |
يا من بعدت من الكرى ببعاده | الصبر مذ غيبت عني غائب |
أصبحت أجحد أنني لك عاشق | والعين مخبرة بأني كاذب |
قد قلل الإدمان أكلي فما | أطعم زادا قيس إبهام |
فالحمد لله وشكرا له | قد صرت من بابة أقوام |
قوم ترى أولادهم بينهم | للجوع في حلية أيتام |
أرى الأيام ترمز لي بخير | ولكن بعد أيام طوال |
فمن ذا ضامن لدوام عمري | إلى دهر يغير سوء حالي |
هي التسعون قد عطفت قناتي | ونفرت الغواني عن وصالي |
وفيها لو عرفت الحق شغل | عن الأمر الذي أضحى اشتغالي |
كأني بالنوادب قائلات | وجسمي فوق أعناق الرجال |
ألا سقيا لجسمك كيف يبلى | وذكرك في المجالس غير بالي |
أنفق ولا تخش إقلالا فقد قسمت | بين العباد مع الآجال أرزاق |
لا ينفع البخل مع دنيا مولية | ولا يضر مع الإقبال إنفاق |
تعجبت إذ رأتني فوق مكسور | من الحمير عقير الظهر مضرور |
من بعد كل أمين الرسغ معترض | في السير تحسبه إحدى التصاوير |
فقلت لا تعجبي مني ومن زمن | أنحى علي بتضييق وتقتير |
بل فاعجبي من كلاب قد خدمتهم | تسعين عاما بأشعاري وطنبوري |
ولم يكن في تناهي حالهم بهم | حر يعود على حالي بتغيير |
أي شيء رأيت أعجب من ذا | إن تفكرت ساعة في الزمان |
كل شيء من السرور بوزن | والبلايا تكال بالقفزان |
الحمد الله ليس لي كاتب | ولا على باب منزلي حاجب |
ولا حمار إذا عزمت على | ركوبه قيل جحظة راكب |
ولا قميص يكون لي بدلا | مخافة من قميصي الذاهب |
وأجرة البيت فهي مقرحة | أجفان عيني بالوابل الساكب |
إن زارني صاحب عزمت على | بيع كتاب لشبعة الصاحب |
أصبحت في معشر تشمتهم | فرض من الله لازب واجب |
فيهم صديق في عرسه عجب | إذا تأملت أمرها عاجب |
تحسبها حرة وحافرها | أرق من شعر خالد الكاتب |
أحمد الله لم أقل قط يا بد | رويا منصفا ويا كافور |
لا ولا قلت أين أين الشواهين | ووزاننا وأين البدور |
لا ولا قيل قد أتاك من الضي | عة بر موفر وشعير |
وأتاك العطار بالند لما | قيل ما في الخزانتين بخور |
أنا خلو من المماليك و | الأملاك جلد على البلاء صبور |
ليس إلا كسيرة وقديح | وخليق أتت عليه الدهور |
أنا أهواك بنور الله | فافعل ما بدا لك |
إن تكن تمنعني شخ | صك فابذل لي خيالك |
قد أخذت الدن والطن | بور والكلب فمالك |
قل لمن جنبك القم | عوث من دسك والك |
ولي صاحب زرته للسلام | فقابلني بالحجاب الصراح |
وقالوا تغيب عن داره | لخوف غريم ملح وقاح |
ولو كان عن داره غائبا | لأدخلني أهله للنكاح |
لنا يا أخي زلة وافره | وقدر معجلة حاضره |
وراح تريك إذا صفقت | سنا البرق في الليلة الماطره |
وما شئت من زهر يانع | أطافت به الديمة الماطره |
ومسمعة لم يخنها الصواب | وزامرة أيما زامره |
وما شئت من خبر نادر | ونادرة بعدها نادره |
فايت ولو كنت يا ابن الكرام | وحاشاك من ذاك في الآخره |
ما زارني في الحبس من نادمته | كأسين كاس مودة ومدام |
بخلوا علي وقد طلبت سلامهم | فكأنني طالبتهم بطعام |
وذي جدة طلبت إليه برا | من الجلساء مذموم الخلائق |
فأقسم أنه رجل فقير | أرانيه المهيمن وهو صادق |
كأني بالمنازل عن قليل | خلون من المطرزة النمارق |
وقد ظفر النساء بما تركتم | فصار لماهر بالنيك حاذق |
وقائل قال لي من أنت قلت له | مقال ذي حكمة دانت له الحكم |
لست الذي تعرف البطحاء وطأته | والبيت يعرفه والحل والحرم |
أنا الذي دينه إسعاف سائله | والضر يعرفه والبؤس والعدم |
انا الذي حب أهل البيت أفقره | فالعدل مستعبر والجور مبتسم |
ولى كبد لا يصلح الطب سقمها | من الوجد لا تنفك دامية حرى |
فياليت شعري والظنون كثيرة | أيشعر بي من بت أرعى له الشعرى |
شكري لإحسانك شكر امرئ | يستوهب الإحسان من واهبه |
وكيف لا أشكر من لا أرى | في منزلي إلا الذي جاد به |
حسبي ضجرت من الأدب | ورأيته سبب العطب |
وهجرت إعراب الكلام | وما حفظت من الخطب |
ورهنت ديوان النقا | ئض واسترحت من التعب |
لا تعجبي يا هند من | حالي فما فيها عجب |
إن الزمان بمن تقد | م في النباهة منقلب |
فالجهل يضطهد الحجى | والراس يعلوه الذنب |
إن بالحيرة قسا قد مجن | فتن الرهبان فيها وافتتن |
ترك الإنجيل حينا للصبا | ورأى الدنيا مجونا فركن |
ماذا ترى في جدي | وفي غضار بوارد |
وقهوة ذات لون | يحكي خدود الخرائد |
ومسمع يتغنى | من آل يحيى بن خالد |
إن المضيع لهذا | نزر المروءة بارد |
يا سعد إنك قد خدمت ثلاثة | كل عليه منك وسم لائح |
وأراك تخدم رابعا لتميته | رفقا به فالشيخ شيخ صالح |
يا خادم الوزراء انك عندهم | سعد ولكن أنت سعد الذابح |
ولي صاحب لا قدس الله روحه | وكان من الخيرات غير قريب |
أكلت عصيدا عنده في مضيرة | فيا لك من يوم علي عصيب |
أليس من العجائب أن مثلي | يقام لأحمد بن أبي العلاء |
ولي نفس أبت الا ارتفاعا | فأضحت كالسماء على السماء |
لقد غضب الزمان على أناس | فأبلاهم بأولاد الزناء |
دعاني صديق لي لأكل القطائف | فأمعنت فيها آمنا غير خائف |
فقال: وقد أوجعت بالأكل قلبه | رويدك مهلا فهي إحدى المتالف |
فقلت له: ما إن سمعنا بهالك | ينادى عليه يا قتيل القطائف |
وليل في جوانبه حران | فليس لطول مدته انقضاء |
عدمت مطالع الإصباح فيه | كأن الصبح جود أو وفاء |
رحلتم فكم من أنة بعد زفرة | مبينة للناس شوقي إليكم |
وقد كنت أعتقت الجفون من البكا | فقد ردها في الرق حزني عليكم |
مالي وللشار وأولاده | لا قدس الوالد والوالده |
قد حفظوا القرآن واستعملوا | ما فيه إلا سورة المائده |
يطول علي الليل حتى أمله | فأجلس والنوام في غفلة عني |
فلا أنا بالراضي من الدهر فعله | ولا الدهر يرضى بالذي ناله مني |
إن كنت ترغب في الزيا | رة عند أوقات الزياره |
فدع الشتيمة للغلا | م إذا دنوت من الغضاره |
وإذا جفاني صاحب | لم أستجز ما عشت قطعه |
وتركته مثل القبو | ر أزورها في كل جمعه |
دعيني من العذل أين الكبير | بحرمة معبودك الأكبر |
فلست بباك على ظاعن | ولا طلل محول مقفر |
ولكن بكائي على ماجد | أراد نوالا فلم يقدر |
مرضت فلم يعدني في شكاتي | من الإخوان ذو كرم وخير |
فإن مرضوا وللأيام حكم | سينفذ في الكبير وفي الصغير |
غدوت على المدامة والملاهي | وإن ماتوا خريت على القبور |
يا راقدا ونسيم الورد منتبه | في رقة القفص والأطيار تنتحب |
الورد ضيف فلا تجهل كرامته | وهاتها قهوة في الكاس تلتهب |
سقيا له زائرا تحيا النفوس به | يجود بالوصل حينا ثم يجتنب |
تبا لحر رآه وهو ذو جدة | لم يقض من حقه بالشرب ما يجب |
ناديت عمرا وقد مالت بجانبه | مدامة أخذت بالرأس والقدم |
قد لاح في الدير نار الراهبين وقد | ناداك بالصبح ناقوساهما فقم |
فقام يعثر في أثواب نعسته | لبزل صافية كالنجم في الظلم |
فاستلها وشدا والكأس في يده | «سلم على الربع من سلمى بذي سلم» |
لو دام لي في الورى خل وعاتقة | لما حفلت بذي قربى ولا رحم |
ولا بكرت إلى جلف لنائله | ولا التفت إلى شيء من النعم |
إليك أبا اسحاق مني رسالة | تزين الفتى إن كان يعشق زينه |
لقد كنت غضبانا على الدهر زاريا | عليه فقد أصلحت بيني وبينه |
ألاطف من أجله أهله | وكل إلي حبيب قريب |
وأسأل عن غيره قبله | لأبطل ظن الذي يستريب |
قد نلتم صحة ما نالها بشر | وحزتم نعمة ما نالها ملك |
فليت شعري أمقدار تعمدكم | بما أتاكم به أم وسوس الفلك |
يا من دعاني وفر مني | أخلفت والله حسن ظني |
قد كنت أرضى بخبز رز | ومالح أو قليل بن |
وسكرة من نبيذ دبس | أقام يوما بقعر دن |
فكيف يغلو بما ذكرنا | مساعد شاعر مغني |
قالت غلالته القصب | لما تثنى واضطرب |
أترى جنيت جناية | حتى صلبت على الخشب |
أحاجيك ما قبر عديم ترابه | به معشر موتى وإن لم يكفنوا |
سلوت عن التبيان مدة قبرهم | فإن نبشوا يوما من الدهر بينوا |
أنا في منزلي وقد رزق الله | نديما ومسمعا وعقارا |
فاعذروني بأن تخلفت عنكم | «شغل الحلي أهله أن يعارا» |
حي طيفا من الأحبة زارا | بعد أن نوم الكرى السمارا |
داعيا في الوصال تحت دجى | الليل عيونا عن الوصال سهارى |
قلت ما بالنا جفينا وكنا | قبل ذاك الأسماع والأبصارا |
قال إنا كما عهدت ولكن | «شغل الحلي أهله أن يعارا» |
يقول لي مالكي والدمع منحدر | لا خفف الله رب العرش بلواكا |
وإن دعوت عليه عند معتبة | يقول قلبي له في السر حاشاكا |
ما أنصفتني يد الزمان ولا | أدركني غير حرفة الأدب |
لا حفظ الله حيثما سلكت | أمي وأير الحمار في است أبي |
ما تركا درهما أصون به | وجهي يوما عن ذلة الطلب |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 1- ص: 207
جحظة الأخباري النديم البارع، أبو الحسن، أحمد بن جعفر بن موسى بن الوزير يحيى بن خالد بن برمك البرمكي البغدادي الشاعر.
كان ذا فنون ونوادر وآداب. وهو القائل:
أنا ابن أناس مول الناس جودهم | فأضحوا حديثا للنوال المشهر |
فلم يخل من إحسانهم لفظ مخبر | ولم يخل من تقريظهم بطن دفتر |
ورق الجو حتى قيل هذا | عتاب بين جحظة والزمان |
وارحمتا لمنادميه تحملوا | ألم العيون للذة الآذان |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 11- ص: 458